كاتب الموضوع :
Books_king
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
ارتدت كارولا ملابسها بعناية ذلك المساء تهيؤا للزيارة الموعودة. فبدت جميلة انيقة بلمسة صغيرة من الزينة على وجهها. لقد انعم الله عليها بـ بشرة صافية لا تحتاج الى عناية، ما عدا في أشهر الصيف عندما تتلاعب الشمس بـ بياض بشرتها.
كانت العمة ايما تيحك الصوف امام النار فـ ابتسمت معجبة عندما اطلت كارولا بـ طلعتها الجميلة.
منتديات ليلاس
- انت صورة عن امك عزيزتي. كنت اظنها اجمل امرأة عندما جاء بها اخي لـ أول مرة الى منزلنا لـ لقاء والدي.
- كانا سعيدين معا... اليس كذلك عمتي؟
- اجل يا طفلتي. وانت اكملت عليهما سعادتهما. مع انهما كانا يضطران لـ تركك بـ استمرار بسبب سفرهما المتواصل والذي كان يتعارض مع تعليمك وتوجيهك.
ورحلت بـ ذكرياتها الى ايام الطفولة. كانت ليالي الشتاء قرب الموقد ممتعة والعمة ايما تصب ما عندها من قصص مخزونة كانت تسليها.
طرق مارك كيندي الباب الامامي قاطعا على كارولا حبل افكارها فوقفت على الفور تفتح له الباب. لم يجهد نفسه بـ اخفاء إعجابه.. ومع انها كانت معتادة على كلمات الاعجاب من الرجال الا انها احمرت قليلا وسحبت يدها من يده لـ تتقدمه ىل غرفة الجلوس حيث رحبت به العمة :
- مارك يا فتاي الطيب. تعال واجلس بقربي هنا اقيس طول ذراعك.
فرد بـ حرارة وهما ينضمان اليها قرب النار :
- لطف كبير منك سيدة نورد ان تحيكي لي هذه الكنزة. علمت أن ليالي الشتاء هنا باردة. لكن الطقس ما زال معتدلا بشكل مدهش.
واستمرا بالحديث لكن كارولا لم تعد تصغي لهما ركزت اهتمامها بما تحيكه عمتها. اذن لقد التقطت عمتها شخصا هائما آخر لتعتني به. وتشبع هوايتها في تبني الناس كبارا كانوا ام صغارا انها هواية اعتادت عليها كارولا ومن الطبيعي ان يحظى د.كيندي الذي يعيش وحيدا دون زوجة بعطفها الامومي. خاصة ان في سيماء وجهه نظرة "الولد الصغير الضائع".
رفعت نظرها فجأة لتلاحظه يحدق بها... ابتسم بـ حياء وقال :
- عمتك تدللني من وصلت الى القرية منذ اربعة اشهر.
- عمتي ايما مدللة كبيرة. لكنها تصبح مستأسدة رهيبة في بعض الاعيان لانها تؤمن ان من واجبها التأثير على من تهتم بأمره.
فتمتمت العمة دون اهتمام :
- هراء. انا لا ادلل الناس ولست مستأسدة كذلك لكن عندما يدفن احدهم رأسه في الرمال غالبا كالنعامة فهناك امر واحد يجب فعله وهو ان اسحبه له
فعلق مارك ببراءة :
- من المذهل كيف يتصرف الناس هكذا
فنظرت العمة الى كارولا :
- اجل ... امر مذهل.
وعادت للحياكة ثانية فاخذت السنارتان تلاسلان رسالة اشعلت روح المرح عند كارولا. وقد قال مارك بعد انفجارها بالضحك :
- اقلت شيئا مضحكا؟
- لا
وتساءلت في نفسها عن موقفه فيما لو عرف هذه الالغاز واكملت :
- عمتي كانت تقرصني في اذني قليلا .. وسجلت علامات مؤكدة.
لم يتظاهر مارك بانه فهم سبب ولم يضغط ليحصل على تفسير وهذا ما جعلها تشعر بالارتياح والشكر وبعد انسحاب العمة طلبا للنوم قال لها مارك :
- اخبرتني عمتك هذا الصباح انك تفكرين بتقديم طلب للعمل في قصر "بكلاند".
- الامر ليس مجرد فكرة بل نويت فعلا
- لا ارغب في التدخل كارولا... لكن أتظنين انه قرار حيكم
- اخبرني مارك... لماذا يصر الجميع على نصحي بأن لا افعل؟
- الجميع؟
- نعم... عمتي ثم موظفة البريد والآن انت.
- انا لا انصحك بان لا تفعلي. لكنني اتساءل عما اذا كنت تدركين ان حصولك على الوظيفة يعني الاقامة في القصر.
- وما الامر الفظيع في هذا؟
فأحمر وجهه قليلا :
- ستعيشين لوحد، دون مرافقة، مع هاري موريل وابنته روزي.
- انا لست ممن يمزج العمل بالمرح يا مارك. وانا متأكدة ان السيد موريل ايضا لا يبحث عن علاقة حب بعد موت زوجته خاصة وانه لم يمض على وفاتها زمنا ليسمح لنفسه بذلك.
فقال بهدوء :
- انت فتاة جميلة يا كارولا. جميلة لدرجة تغيرين بها رأي أعند العزاب.
هل يشير بكلامه هذا الى نفسه؟ وتسارعت دقات قلبها قليلا فحاولت تغيير الموضوع بسؤاله :
- هل قابلت السيد موريل؟
- لوقت قصير عندما استدعاني لفحص ابنته.
- كيف يبدو؟
صمت الطبيب مفكرا ثم رد بهدوء :
- اظن من الافضل ان ادعك تعرفين بنفسك... وسنتبادل الملاحظات عنه فيما بعد.
- لست متأكدة انه سيعتبر طلبي مهما
- مما عرفته انه يائس من امكانية تركيز الدروس في ذهن ابنته ولن ينجح كثيرا في ذلك الا اذا غير من تصرفاته مع الطفلة.
- تصرفاته؟
- روزي غير مسموح لها بحرية الانخراط واللعب مع الاطفال، فأصبحت مكبوتة منزوية. وتعليمات والدها حول تربيتها هي السبب الحقيقي للخلاف القائم بينه وبين المربيات السابقات... اسمعي دعينا نتكلم عن انفسنا قليلا وننسى مشاكل قصر "بكلاند". هناك مطعم صغير جميل عند الخيلج يقدم افضل الاسماك في المنطقة ما رأيك فيما لو دعوتك على العشاء مساء الاسبوع القادم؟
امسك بيديها يضغط بلطف محاولا اقناعها وهي تحدق به مفكرة غير قادرة على نزع صورة السيد موريل والحديث عنه من افكارها.
- انني سعيدة بدعوتك كثيرا، مارك.
عندما رافقته الى الباب التفتت دون شعور الى ناحية القصر... ماذا يجري حقا خلف هذه الجدارن الحجرية؟ هل الأب والإبنة لا يزالان يعانيان من آثار الحادثة التي دمرت حياتهما، ام ان هناك تفسير آخر لتصرفاتهما؟
اختفت أنوار سيارته الخلفية فتنهدت كارولا... قد يكون مارك صديقا محترما. وأملها ان لا يطلب اكثر من الصداقة. فهي لا تستطيع تصور نفسها زوجة لطبيب بالرغم مما تفكر به عمتها. ثم يجب ان يكون الرجل الذي سيعيد ايقاظ قلبها بعد الحب الذي عرفه لـ ديفد باتون، يجب ان يكون شخصا مميزا.
اصبح الوقت الان متأخرا لسحب طلبها ولا شيء يمكن ان تفعله سوى الانتظار, ولا يستطيع احد اجبارها على القبول بوظيفة لا تعجبها ولديها مطلق الحرية برفضها.
هذه الفكرة اراحت نفسها وهي تطفئ الانوار وتتجه الى غرفتها. لكنها حلمت بالقصر تلك الليلة. لساكنيه صور مظلمة مظللة بقيت دون وجه... ولدقائق لا متناهية اتلقت في الظلمة تحاول تركيز تفكيرها في امور اكثر استساغة. الى ان عادت الى نوم دون احلام.
|