كاتب الموضوع :
Books_king
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
فتحت روزي الباب المقابل لغرفتها
- في هذه الغرفة احب ان اتلقى دروسي
- كم هي جميلة
كانت الغرفة واسعة غرفة صف مصغرة فيها طاولة وكرسي للمدرسة وطاولة وكرسي اصغر. لوح اسود مثبت الى الجدار خلف طاولته ورفوف للكتب تحوي ما يكفي من مواد لتدريس صفا باكمله. النافذه الواسعة تطل على منظر رائع للتلة الواقعة خلف القصر والمليئة باشجار الصنوبر، في هذا الوقت بدأت شمس الصباح ترسل اشعتها الذهبية لتعطي الغرفة الدفء الناعم فقالت كارولا:
- من الرائع العمل في غرفة جميلة كهذه.
- لا احب المدرسة.
- لماذا؟
- تجعلني اتعب.
نظرت كارولا بعطف اليها وقررت ان لا تفرض على الصغيرة ما يرهقها في البداية.
- لنذهب للتنزه في الحديقة الان.
التزمت كارولا الممرات المرصوفة بين النباتات الكثيفة التي تشكل جزءا من حديقة القصر وارضه الواسعة. فسلوك طريق اخر نوع من الغباء بعد حولت العاصفة التراب المليء بأوراق الشجر الى سجادة اسفنجية لا يمكن السير فوقها قبل بضعة ايام.
ابدت روزي عدم الاهتمام في البداية لكن حماس كارولا الطبيعي الى ما يحيط بها ايقظ الاهتمام في نفس الفتاة. خاصة بعد ان قاما باعمال عديدة منها جمع اوراق شجر من عدة الوان واشكال واحجام. وحالفهما الحظ في اكتشاف عش حمام بري على غصن منخفض لشجرة "أكاسيا" فرفعت كارولا الصغيرة لتلقي نظرة اليه فصرخت من البهجة لاكتشافها حمامتين صغيرتين حديثتي الولادة ملتصقتين داخل العش. فسألت روزي حين حاولت كارولا اعادتها الى الارض:
- هل يمكننا العودة غدا لنلقي نظرة اخرى عليهما؟
- اجل... طبعا.
- صباح الغد؟
- سنلقي نظرة عليهما بعد ظهر الغد بعد ان تستفيقي من نومك وهذا وعد مني.
سارتا معا الى شجرة صمغية كانت تنزف صمغها فسألت الصغيرة بعد ان نزعت قطعة لحاء:
- هل هذه الاشجار قديمة؟
تفحصت كارولا قطعة اللحاء في يد روزي:
- بعضها اقدم عهدا من القصر نفسه.
- لماذا يسمى منزلنا قصر "بكلاند"؟
- حسنا لانه كالقصر ببرجيه المرتفعين على جانبيه... احدهما لمجرد الزينة كما تعملين اما الاخر فيمكنك التسلق فوقه لتطلي على البحر والتلال.
- كيف تعرفين هذا؟
- زرت القصر منذ زمن بعيد واذكر ان احدا اخذني الى البرج. لكن الاسم قصر "بكلاند" حصل عليه المنزل منذ زمن بعيد جدا اتحبين سماع القصة؟
- نعم.
جلست كارولا الى جذع شجرة مقطوعة فانضمت اليها روزي تحتضن مجموعة اوراق الشجر بين يديها. فقالت كارولا:
- السيد والسيدة بكلاند جاءا الى هذه المنطقة الساحلية من تكساس منذ سنوات بعيدة. فالسيد بكلاند كان مريضا وبحاجة للسكن في مكان صحي ينعم بوجود الشمس والهواء البحري المنعش. واخذ الناس في القرية يطلقون على المنزل اسم قصر السيد والسيدة بكلاند. وبالتدريج اصبح قصر "بكلاند". عاش في القصر اخرون بعد السيد والسيدة بكلاند انما بقي اللقب معروفا باسمهما وقد كرسه فعليا احد المالكين الجدد عندما نحته على لوحة نحاسية ثبتها عند الابواب.
- قصة مثيرة للاهتمام لم اكن اعرفها. كم عمر القصر في ظنك؟
قفزت كارولا و روزي فزعا لصوت مالك القصر. وتوقف تفكير كارولا للحظات تحدق بمخدومها وتحاول السيطرة على دقات قلبها. بنطلونه الجينز الاجرد اللون، كان مندسا تحت حذاء موحل عالي الساقين, ابهاماه معلقان في حزامه الجلدي العريض فوق خصره النحيل. وردت عليه:
- أظنه بني منذ ما يقارب الثمانين سنة.
فقال ساخرا:
- واستطيع القول ان قصة اصله تناقلتها الألسن الى ان اصبحت بعيدة عن الحقيقة.
روزي التي جلست بصمت قرب كارولا منذ وصول ابيها نزلت عن جذع الشجرة لتتاعب بحثها عن الاوراق غير مبالية بالحديث العدائي المتبادل. سارعت كارولا بالقول:
- السيد بيركنز صاحب المخبر اخبرني القصة بنفسه فوالده شارك في البناء في ذلك الوقت. وقدم معظم المواد... وكما ترى القصر مبني من حجارة غير موجودة الا محليا.
- اذن فالقصة فيها شيء من الحقيقة طالما رواها السيد بيركنز.
- انا لست من النوع المشكك الذي يشك في كلام من اعرفهم واثق بهم منذ طفولتي.
نظر اليها متجهما، لتتعمق الخطوط حول وجهه:
- اذن انت لست أمرأة غير عادية فسحب آنسة وارندر ولكنك ساذجة كذلك. لو كنت مكانك لكنت حذرا أكثر لا يمكن الثقة باي انسان هكذا.
ردت عليه بسرعة ودون تفكير:
- وهل يشمل رأيك هذا نفسك؟
كادت تعض لسانها ندما عندما لاحظت النظرة الغاضبة التي رمقها بها، نظرة توحي بأنها انسان لا ميزة له، وليس له الحق أو الجرأة في مناقشة شخص مثله. واجابها بصوت متحفظ:
- اجل. عندما يناسب الموقف وجهة نظري
حاولت اللحاق بـ روزي المتجهمة الى المنزل لكنه امسك بذراعها:
- دعيها تتقدمنا.
نظرت بسرعة الى الاصابع القوية الملتفة على ذراعها واحست شعورا غريبا من الضياع عندما تركها. وقال بلهجة طبيعية:
- انا مسرور لرؤية روزي مرتاحة لك وبهذه السرعة.
- أكنت تظن انها لن تفعل؟
- من الصعب القول كيف يمكن لها ان تتصرف. حتى في سنها المبكر هذا تمتلك صفات المرأة الكاملة.
اذا كانت نيبته ان يغضبها فقد نجح لكنها كبحت ردا حادا وسارعت خطاها. فتابع دون اكتراث:
- حول ما جرى ليلة امس، اشكرك على ما فعلت. لكنني لا اريدها ان تعتاد على مثل هذه الحوادث الطبيعية. يجب ان تتعلم ان لا شيء يخيف في العاصفة.
- خوفها سيزول مع الزمن. لكن حتى ذلك الوقت، لا استطيع الوقوف متفرجة دون مساعدتها. ليلة امس...
- ليلة امس كانت استثنائية. ومعذورة.
|