كاتب الموضوع :
Books_king
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
كانت السماء ملبدة بالغيوم والطقس باردا عندما وصلت كارولا الى قصر "بكلاند" في اليوم التالي. هدير البحر الهائج حمل معه الهواء القوي الذي كان يلوح تنورتها ليلصقها فوق ساقيها...منتديات ليلاس
صعدت مسرعة فوق الدرج العريض واتجهت نحو الباب وضربت المقبض النحاسي. استقبلها الرجل نفسه صاحب البزة الرسمية، وسألها بأدب عن مفاتيح سيارتها، ثم قال:
- السيد في المكتبة.
الرسالة واضحة السيد موريل ينتظر وصولها فأحست كأنها الفراشة المدعوة لدخول شباك العنكبوت.
- اذن لقد وصلت آنسة وارندر.
وقف هاري موريل خلف طاولته الأبنوسية السوداء ثم تقدم نحوها مصافحا. يده غمرت يدها لفترة قصيرة ثم اشار اليها بالجلوس.
- بصراحة، شككت في امكانية عودتك. توقعت مكالمة هاتفية منك تنبئني بتغيير رأيك.
- لا أتخذ عادة قرارات فورية كي اتراجع عنها في اخر لحظة.
- تعنين ان قرارك هذا كان مستعجلا وان كبريائك يمنعك من التراجع؟
- لا اعني شيئا من هذا.
- لكن الشك ساورني في حكمة قرارك.
- الشك رد فعل طبيعي، اليس كذلك؟
- طبيعي ومنطقي عندما تفكرين بما تورطين نفسك به.
التوت شفتاه المستقيمتان فيما يشبه ابتسامة لم تصل مطلقا الى عينيه. حدقت به كارولا فترة اطول مما يجب حتى احست بنبضات غريبة في عنقها فمالت بنظرها عنه قائلة:
- سيد موريل. لدي احساس غريب انك تحاول دفعي الى تغيير رأيي.
اعجبه تعليها فابتسم ابتسامة عريضة اظهرت اسناسنة البيضاء اللامعة واضحة في تقاسيم وجهه السمراء وكان متكئا على طاولته مكتفا ذراعيه على صدره.
- ربما.
- لماذا؟
- لانك صغيرة السن، وستكونين عرضة للاذي لان سيرتك ستصبح على لسان النمامين في القرية.
- لكنك لم تكن مهتما لهذا الامر ليلة امس.
امسك بعلبة السجائر. مد يده مقدما لها واحدة لكنها رفضت. اشعل سيجارة لنفسه وقال:
- لا. لكنني كنت اشك في صحة قراري. فانا لم ابلغ بعد سن الشيخوخة، لا زلت في الخامسة والثلاثين وهو سن صغير يكفي لان أعجب بفتاة جميلة... فتاة لها جمال كلاسيكي مثل جمالك. هل تفهمين ما احاول قوله؟
واشتد احمرار وجنتهيا :
- اجل. والقرية ستظن بنا الأسوأ
- بالضبط.
تحرك مبتعدا عنها ليقف امام النافذه يحدق الى الخارج فاحست كارولا وكأن يدا تضغط على قلبها فسألته:
- هل يزعجك هذا؟
فتقدم ثانية ليقف اما كرسيها:
- لقد قيل الكثير عني في الماضي آنسة وارندر. فما الفرق في زيادة اتهام او اتهامين الى اللائحة السوداء الطويلة التي اكتسبتها؟
- اذن فالمسألة قد سويت, اليس كذلك؟
- فلتتحملي انت وحدك وزرها وتذكري انني حذرتك.
وساد صمت بينهما قطعه طرق خفيف على الباب.
- ادخل.
فدخلت امرأة شابة مبهرجة شعرها الاسود الناعم ينسدل مغطيا ظهرها ترتدي ميلة شديدة النظافة ناصعة البياض. اتجهت عيناها اللوزيتان نحو كارولا. حدقت بها للحظات قبل ان تستدير بغنج نحو السيد الواقف مقطبا جبينه عابسا فيها:
- اسفة سيد موريل الانسة روزي ليست في غرفتها.
حبست كارولا انفاسها دون وعي منها بينما قال هاري:
- اين هي اذن بحق الله؟
- لست ادري سيدي. فتشت عنها في كل الغرف. جاكسون وسالي مشغولان الان بالتفتيش عنها في الحديقة.
- هل فتشتم البرج؟
- اجل سيدي. تركتها عشرة دقائق تلعب في غرفتها وعندما عدت لم اجدها.
- أتساءل بمن تظن هذه الطفلة انها تلعب. انها تعرف انني سآخذك لمقابلتها.
- ربما هذا هو سبب اختفاؤها, فالاطفال ميالون للقلق والخجل من الغرباء.
- انها تتعمد عصيان اوامري. شيلا، اذهبي وساعدي في التفتيش خارجا ينما افتش في المنزل مرة اخرى.
هزت شيلا رأسها وغادرت الغرفة بقلق امومي. فالتفتت كارولا لتقول بسرعة:
- سيد موريل. ارجوك ان لا تكون قاسيا مع روزي سيجعلها هذا تكرهني اكثر حتى قبل مقابلتي.
لكن القساوة ظهرت جليا في حركات فمه المشدودة فرد بحدة:
- انها تستحق العقاب.
- اطلب من العفو هذه المرة فقط. ارجوك سيد موريل؟
توقعت ردا حادا، الان ان قسمات وجهه دلت على الهدوء والسكينة
- يبدو ان روزي قد وجدت فيك بطلا يدافع عنها آنسة وارندر.
تغافلت عن سخريته لتيجب:
- معاقبتها الان ستسيئ الى علاقتنا وستجعل من مهمتي اكثر صعوبة لا بد انك تدرك هذا؟
- حسنا انسة وارندر. هذه المرة فقط سأتجاهل تصرفها. لكن ان استمر عصيانها فلن اتردد في معاقبتها كما تستحق.
تنفست كارولا الصعداء بحذر مدركة كم كانت متوترة بانتظار رده
- شكرا.
انفتح الباب فجأة ودخلت شيلا تجر طفلة صغيرة الجسم في يدها:
- وجدناها مختبئة في سقيفة الحديقة القديمة سيدي.
- شكرا لك شيلا. بإمكانك الذهاب.
قفز قلب كارولا بالشفقة على الطفلة التي استندت الى الجدار.
- تعالي الى هنا روزي.
ارتجفت شفتها الزهرية اللون لكنها اطاعت لتقف امام والدها ورأسها منخفض
- اريدك ان تقابلي مربيتك الجديدة الآنسة وارندر. هذه ابنتي روزالي... قولي لها ((كيف حالك)) روزي.
ودفعها بيده الى الامام. فتلعثمت الصغيرة في التحية الرسمية مما سبب اختناقا في حنجرة كارولا وهي تمسك اليد الصغيرة الممدودة اليها لتحس بإرتجافها. وتحدثت بنعومة:
- مرحبا روزي. كنت متشوقة لـ رؤيتك.
سألت روزي بصوت رفيع متوتر:
- هل استطيع الذهاب الى غرفتي الان؟
فرفع اصبعه محذرا:
- اجل يمكنك الذهاب ولا تعاودي الخداع. فهمت؟
هزت الطفلة رأسها وغادرت المكتبة بأقصى سرعة. التفت هاري موريل الى كارولا وهو يتقدم الى الباب:
- كنت سأبحث معك تفاصيل عملك، لكنني اظن من الافضل ان اريك جناحك لأتركك تستقرين اولا. حديثنا سيتأخر الى ما بعد العشاء.
|