من اجل افتتاح المسرحية التي حددت في اول اسبوع من اخر شهر في السنة . وقبل بضعة ايام سافر الجميع الى لوس انجلوس لهذا الغرض وللاقامة في منزل غوردن دانتون. وشرح هاري الامر فيما بعد والسيارة تعبر ابواب فيلا غوردن:
- لقد رتبت امر بقاءت و وروزي مع غوردن و زوجته اما انا فسأبقى في شقتي
لم تناقش كارولا الامر فالمنزل الهولندي الطراز وسقفه المثلث الابيض المنزلق المنخفض جذب اهتمامها وعلمت انها في يوم من الايام لو سنحت لها الفرصة ستعيش في منزل مشابه وسط المروج والاشجار وقال هاري بصوت مسترخ لطيف:
- انه مكان جميل كلما اتيت اليه احس بجماله وسحره. وسوزان هي من افضل النساء اللواتي اعرفهن. ولها الفضل في استمرار الهدوء والامان في منزلها الرائع.
هذا تصريح غريب من فم هاري لكنها لحظة شاهدت سوزان دانتون تنزل الدرجات المنخفضة للمنزل لتستقبلهم فهمت ما كان يعنيه بكلامه عن هذه المرأة
منتديات ليلاس
رحب سوزان بكارولا وكأنها واحدة من العائلة. ثم ادخلتهم الى برودة المنزل بغرفه الواسعة واثاثه الاثري المنتقى بعناية والممتزج بدقة مع اثاث اكثر حداثة. اول انطباع لكارولا كان هو ذلك التناسق في الاثاث والالوان فقد اختارت سوزان الالوان الخريفية المريحة لغرفة الجلوس . والصفراء الشاحبة للغرفة التي ستحتلها كارولا مع روزي.
صينية الشاي كانت تنتظر عودتهما من الجولة في المنزل و روزي الضائعة دون جروها خرجت الى الحديقة قالت سوزان لهاري بصوتها الموسيقي العذب:
- غوردن ينتظرك في المسرح وتأكد من عودتكما الى المنزل قبل السابعة هذا المساء فانت تعرف مدى انجرافه في عمله وليلة الافتتاح اصبحت قريبة
فأبتسم هاري:
- سأبذل جهدي. لكن اتمنى ان لا ننجرف جميعا في هذا الوقت؟
فتمتمت سوزان :
- يا الهي ارى منذ الان ان العشا سيفسد
- لكنني لن اتخلى عن عشائك اللذيذ بارادتي سوزان
احنى رأسه لكارولا وقال لها:
- اراك فيما بعد
فضحكت سوزان :
- ليس بعد السابعة
التفتت الى كارولا بعد مغادرة هاري:
- استرخي عزيزتي لن يصيب روزي ضرر في الحديقة و ارجو ان تتناولي معي فنجان شاي اخر.
بعد ظهر ذلك اليوم الذي قضته مع سوزان كان الوقت الوحيد الهادئ الذي شعرت به كارولا خلال اقامتها في لوس انجلوس.. بطريقة او باخرى انجرف الجميع في التحضيرات والتصاعد المتزايد للتوتر ليلة الافتتاح. اكثر لحظات الاحراج لكارولا كانت عندما استراح الجميع في غرفة الجلوس بعد العشاء في اخر امسية قبل الافتتاح.
النقاش طبعا دار بالتزام حول المسرحية. وبالرغم من معايشتهما التدريبات لفترة طويلة فقد ظلل تفكير الرجلين عنصر الشك فسارعت سوزان تحذرهما.
- لا تتركا المجال للخوف والشكوك بالسيطرة على الوضع. سيكون النجاح حليفكما. وبعد ليلة الغد سأعطيكما انا وكارولا رأينا الثمين. الن نفعل هذا كارولا؟
ردت كارولا بهدوء:
- اخشى ان يكونا مضطرين للاعتماد على رأيك لوحدك سوزان. فأنا سأبقى مع روزي.
انفجرت سوزان بعد صمت متوتر:
- هراء. واحدة من الخادمات بإمكانها البقاء معها، ولن يعود لديك سبب ليفوتك العرض الاول.
فقال هاري بكسل:
- كارولا لا تقدر عملي حق تقديره سوزان... لذا لا تريد الذهاب.
قالت كارولا وهي تنظر الى سوزان:
- اود الذهاب لكنني ظننتك لا تريدني ترك روزي.
سارعت سوزان تقول بسعادة:
- سوي الامر اذن
لكن كارولا قالت وخداها محمرين:
- لم يسوّ تماما. لا احمل في حقيبتي زيا.
لكن سوزان لم يصدها هذا التصريح:
- غدا سأذهب معك لشراء ما هو مناسب واظنني اعرف محلا محترما يعرض ازياء جملية.
قال هاري:
- انا في مزاج فائق الكرم الليلة لذا اشتري اي شيء تريدينه كارولا وارسلي لي الفاتورة.
صاحت سوزان بفرح:
- هاك الان لا تتلقى امرأة عادة عرضا كهذا. فوافقتي بسرعة كارولا قبل ان يغير رأيه.
زاد الاحراج من سرعة نبضات قلب كارولا وهي تلتقي بنظراته الساخرة:
- شكرا لك هاري.
وقف غوردن الذي كان يراقب ما دار بتحفظ قائلا:
- والان بعد ان رتب سوزان وهاري مستقبلك القريب اتودين بعض الشراب؟
- شكرا لك.
- وانت عزيزتي؟
فهزت زوجته رأسها موافقة:
- تعال ساعدني هاري.
وهو يمر من ورائها امسك بشعرها ليرفع وجهها اليه:
- سأترقب منك رأيا صريحا صادقا في الغد لا تنسي
تفحصت كارولا نفسها في المرآة مرتدية الثوب الحريري المتعدد الالوان الذي اشرته بعد الحاح سوزان واصرارها. وكان عليها ان تعترف انها قامت بالاختيار الموفق. كان الثوب يكشف عن الكتفين اللذين اكتسبا اللون الذهبي من جراء ساعات قضتها مع روزي عند الشاطئ والقماش الناعم التصق بنعومة عند حنايا صدرها وخصرها الناعم الرقيق. وتركت شعرها منسدلا كغيمة رقيقة فوق كتفيها. واعتنت اكثر من المعتاد بمكياجها.
ارادت ان تبدو في احسن حالاتها امام هاري لكنها كانت تشك في ان يؤثر به مظهرها فقلبه متحجر مع النساء. كما ان وجود دوريس في حياته يشغله عن رؤية جمالها.
دق باب غرفتها بينما كانت سوزان معها تشرف على اخر اللمسات ليدخل هاري:
- سننطلق انا وغوردن... هل ستتمكنان من الذهاب لوحدكما؟
فردت سوزان بصوت مطمئن:
- طبعا هاري سنصل المسرح قبل رفع الستارة بكثير.
قبل ان ينسحب هاري لمعت عيناه بغرابة وهو ينظر الى كارولا. فقالت سوزان بعد خروجه:
- ها قد ذهب رجل اخرى صعب المراس والطباع بحاجة ماسة ليد امرأة لتطفئ النار الغاضبة في نفسه.
- رجل اخر صعب الطباع؟
- اجل عزيزتي في طريقة ما هاري وغوردن متشابهان طباعا واخلاقا. التقيت غوردن عندما كان ينتج مسرحية كنت بطلتها... واصطدمنا منذ لحظة وقعت عيوننا على بعضنا. واذكر انني اعتبرته رجل مستحيل الطباع ودون قلب. لن للقلب تفكير خاص به. وانتهى بي الامر واقعة في حبه. وعشت بشقاء لا يوصف الى ان اكتشفت بأعجوبة انه يحبني ايضا.
ضحكت محرجة لما كشفته لكارولا من اسرارها ثم اكملت:
- لم اتعرف على غوردن دانتون الانسان الا بعد ان فتح لي ذراعيه وقلبه. عندها اكتشفت انه حساس جدا ورجل رائع.
- اتظنين هاري سيسمح لأية امرأة ان تقترب منه لتحقق مثل هذه المعجرة؟
- اجل. اذا كانت المرأة المناسبة. لقد اخبرني غوردن الكثير عنك. وهو حكم ممتاز على الشخصيات لكنني بعد مقابلتك شخصيا عرفت انه محق. لقد فعلت المعجزات مع روزي. واعرف تماما انك قادرة على فعل الشيء نفسه مع هاري.
- هذا اذا سمح لي. لو انه... رائع منك ان تقولي هذا لكنني اظن بانه مصمم على الزواج من دوريس.
فشحب لون سوزان:
- لو فعل هذا فسيسقط من تقديري لكنه ليس بالغبي
- لا لكن قد لا يكون امامه خيار
ساد صمت مميز قبل ان تقول سوزان بهدوء
- حسنا لست واثقة مما تعنينه لكنني شخصيا لا اظن ان امام دوريس اية فرصة.
لم يعد امامهما وقت بعد القاء نظرة اخيرة على روزي في فراشها قادت سوزان سيارتها برفقة كارولا الى المسرح حيث احست كارولا بانها غريبة وهي تجلس على افخم مقاعد امامية بدلا ن تلك التي لا يتمكن الناس العاديون امثالها من الجلوس على غيرها في المؤخرة وهمست لسوزان:
- هل سينضم غوردن وهاري لنا؟
- لا. فانا اعرفهما فسيختبئان خلف المسرح ليمارسا قلقهما وهما يراقبان المسرحية ويلتقطان كل ردة فعل عند الجمهور.
عندما خفت الانوار للدلالة على قرب بدء المسرحية اشتد توتر اعصاب كارولا حتى ان كراس البرنامج اهتز في يدها فابتمست سوزان لها مشجعة لكن كارولا لاحظت ان سوزان كذلك ترتجف وسرت همهمة بين الحضور والستارة ترتفع ومنذ تلك اللحظة لم تع كارولا سوى الاحداث الدرامية الجارية فوق المسرح.
وبانكشاف عقدة القصة عبر الشخصيات ادركت كارولا ان المسرحية قد تكون قصة هاري شخصيا. الحب الكراهية والتحرر النهائي من الوهم مفاهيم حركت مشاعر كارولا ونقلتها من حالة الصدمة الى البكاء دون خجل. وعندما ماتت اخيرا البطلة الظالمة على يد عاشق سريع الغضب انهار الجمهور جميعا بتنهيدة ارتياح. لكن هذه لم تكن النهاية فزوج البطلة استعاد حريته التي كان يرغبها ليكتشف انه اصبح اسير سلاسل المرارة التي تحيط به حيث لا مهرب منها ما عدا بين ذراعي امرأة مجهولة سيطرت على الفصل الاخير بتقديمها القدرة على الحب والدفء اللذين بديا حتى تلك اللحظة حكمان مستحيلان.
بهبوط ستارة النهاية احست كارولا وكأنها خالية من كل مشاعر وقفت على قدميها كما فعل الجميع ظهر هاري على المسرح ليحيي الجمهور الراعد بالتصفيق لكنها احست بانقباض رهيب عند رأس معدتها جعلها تتمنى لو تجد مكانا تختبئ فيه الى الابد
الفكرة الوحيدة التي بقيت واضحة في ذهنها كانت قول هاري لغوردن تلك الليلة في القصر " انها ستكون رائعة لدور البطلة في عدة طرق"
اهكذا يراها؟ امرأة لا قلب لها، لا يوقفها شيء لتسكب ما تريد من الحياة بغض النظر عن التعاسة التي قد تسببها للآخرين؟
لا... لا... هذا مستحيل. لا يمكن ان يفكر بها هكذا بعد الاشهر التي عاشت فيها معه تحت سقف واحد. صحيح انهما تناقشا حول امور محدودة وغازلها قليلا مرتين وبالتأكيد لم تمتلىء نفسه بهذه السرعة بالمرارة التي تدفعه للتفكير بها هكذا؟
احست كارولا بيد سوزان على ذراعها:
- كارولا انهما بانتظارنا خلف المسرح اتحسين بالتعب عزيزتي؟
- لا... لا. انا بخير
- مسرحية هاري مؤثر اليس كذلك؟
- اجل...... كثيرا
وشقتا طريقهما عبر باب جانبي الى البهو برز غوردن من بين حشد يسعى لتهنئته نظرة واحدة لقسمات وجهه الرائعة اظهرت انه اكثر من راض عن العرض والترحيب الذي لاقاه.
- هاري وانا مشغولان الان مع الصحافة لماذا لا تعودان الى المنزل لانتظار ضيوفنا. سنلحق بكما في اسرع وقت.
ارتياح كارولا لعدم اضطرارها لمواجهة هاري في تلك اللحظات كان لا يوصف ستجد بذهابها الى المنزل الوقت الكافي لتستجمع نفسها وتقرر مذا ستقول عندما يطلب رأيها سوزان كانت صامتة مثلها في طريق عودتهما وتصورت كارولا انها لا زالت تفكر بالمسرحية كما جميع من شاهدها لمدة ثلاث ساعات. فما من شك انها كانت ناجحة وستستمر هكذا طالما تدفق الجمهور لرؤيتها. لكن بالنسبة لكارولا هذه التحفة التي ابتدعها هاري افسدها باتهاماته واتهامته صارخة تعرفها تماما
تهربت كارولا الى غرفتها لتختلي بنفسها. بعد قليل سمعت سيارة هاري تقترب لكنها لم تكن راغبة في مواجهته وسمعت دقا خفيا على باب غرفتها بعد دقيقة. فنادت :
- ادخلي سوازن
لكن الداخل لم يكن سوزان بل كان هاري على الفور حاولت الهرب من الغضب الصامت في عينيه محاولة التفكير بسبب غضبه وقال لها بخشونة وقد لوى شفتيه بوحشية:
- الم يكن في المسرحية شيء كان له معنى لك؟ الهذا السبب تختبئين في غرفتك لانك لم تستطيعي مواجهتي بالحقيقة؟
- لم اكن اهرب منك هاري
- حقا؟ لماذا لم تكوني اذن في الطابق السفلي عندما وصلنا؟
- صعدت القي نظرة على روزي ثم اردت البقاء وحيدة للحظات
- لماذا
- لافكر بالمسرحية
- و؟
- كانت رائعة؟
- اهذا كل شيء؟
- امن المفروض ان يكون هناك شيء اخر؟
فرد بحدة :
- لا. اذا لم تجدي في المسرحية شيئا له ميزة خاصة لك فأنا أسأت تقديرك تماما.
- لا اظن ان فهمت
- لا. لن تفهمي.... قد تفهمين هذا.
امسكها بخشونة مثبتا ذراعيها الى جانبيها ليضمها اليه بقوة جعلتها تبكي ذراعاه كانتا وكأنهما تعاقبانها حتى انها اصبحت على شفا الاغماء لكنه اخيرا تركها. ولم تفتح عينيها الا بعد ان سمعت الباب يصفق خلفه فأراحت ساقيها من حملهما بالجلوس على كرسي ورائها.