مرت ثلاث اسابيع مشحونة بالاضطراب زار فيها غوردن دانتون المخرج المسرحي قصر بكلاند مرتين. وبالرغم من انها لم تدر كيف حدث هذا الا انها وجدت نفسها تقوم بدور المضيفة لضيف هاري (المقصود هنا هو انها اصبحت بمثابة سيدة القصر) الذي استقبل وجود كارولا بدماثة خلق اثارت اعجابها واحترامها.
منتديات ليلاس
كان رجلا طويلا في الاربعينات نحيلا قليلا شعره الاسود اخذ يتلون بالرمادي بسرعة عند الصدغين مميزا مما سهل امر تعارفهما... كان صاحب سلطة قائمة بذاتها في عالم المسرح. رجلا يعرف تماما كيف يحصل على الافضل من النساء والرجال الذين يمرون تحت يده. لكن بالرغم من مظهره الموحي بالرهبة كان رجلا دافئا جدا ومتعاطفا. هذا ما اكتشفته بعد زيارتها الثانية للقصر.
في احدى الامسيات قدمت كارولا القهوة على الشرفة دون ان يكون في نيتها البقاء طويلا لكن الانوار انطفأت فجأة لتحيط بهم العتمة الكاملة. وظهر جاكسون يحمل مصباحين وكأنه كان يتوقع ما حصل . بعد وضعه احدهما على طاولة صغيرة اختفى مع هاري داخل المنزل لإصلاح علبة الموصلات الكهربائية فبقيت كارولا لوحدها مع غوردن الذي طرح عليها سؤلا دون سابق انذار:
- انت تحبينه. اليس كذلك؟
ارتجف الفنجان الفارغ في يدها مهددا بالوقوع لكن غوردن سارع الى تهدئة يدها بمهارة مدهشة. ارسلت اللون الاحمر الى وجنتيها وقال بهدوء:
- لا فائدة من الانكار عزيزتي. لك عينان معبرتان اخبرتاني بأكثر مما قد ترغبين في قوله
فتنهدت يائسة وقد تلاشت منها الرغبة في انكار الحقيقة.
- اوه يا عزيزي غوردن... هل انا شفافة الى هذه الدرجة؟
- بالنسبة لي اجل... فعملي يرتكز على معرفة الناس لكن مشاكل هاري تشغله كثيرا عن ملاحظة ما حوله وما عنده واقع انك امرأة جميلة. احيانا اعتقد انه يلزمه هزة ارضية لتدمير الجدار الذي اقامه حول نفسه. انت لم تلتق بزوجته الاولى... أليس كذلك؟
- لا لكنني رأيتها على المسرح مرة او مرتين.. كيف كانت؟
- على المسرح كانت ابرع الممثلات اللواتي ساعدني الحظ ان التقي بهن. خارج المسرح كانت مدمرة كالافعى التي قتلت كليوباترا. ما من رجل متزوجا كان ام لا يمكنه مقاومتها وفي السنوات الاخيرة من حياتها ادمنت على شرب الخمرة والمخدارت.
تملكت كارولا قشعريرة الصدمة. وسألت :
- أكان هاري يعرف هذا؟
- انا متأكد انه كان يعرف. لكن لا فرق فألاثنان معا لم يخفيا واقع فشلهما الزوجي. زواجهما لم يعد واقعا منذ عرفت انها حامل بروزي.
- لكن لماذا؟
- هذا هو السؤال المحرق – كما يقولون – كانا يبدوان سعيدان خلال السنوات الاولى فجأة لم يعودا للظهور معا. ولم تعد هي تخفي واقع انها تتمتع بصحبة غيره من الرجال. جاهد هاري كثيرا ليحرق نفسه الى ان اصبح هذا الرجل القاسي المرير الذي ترينه اليوم
- الم يكن هناك امرأة غيرها في حياته؟
- العديد قبل زواجه.... لكن فيما بعد؟... لا
اضيئت اساريره الرائعة بإبتسامة جعلتها تفهم شفافية سؤالها واكمل:
- وصلت الى استنتاج انه فقد اهتمامه بالنساء تماما.... او ربما...... ليس تماما
تردده البسيط جلب فكرة ملحة اخرى الى ذهنها:
- واين موقع دوريس ستفينز في هذه الصورة؟
لوح بيده وكأنه يجد ذكر اسمها مكروها:
- دوريس ستيفنز لسنوات عاشت في ظل اختها آملة ان تكتسب قدراتها المسرحية. لكنها لم تكن تمتلك موهبة تسمح لها بأكثر من ادوار صغيرة. وبموت شقيقتها الان الصقت نفسها بهاري بنفس الطريقة آملة كما اعتقد ان تنجح في التوصل الى ان تكون السيدة هاري موريل الثانية.
وصفه لعاهات دوريس كان قاسيا لكن شخص في مثل مركزه يجيب عليه ان يكون قاسيا. وسألته:
- تجعل امرها يبدو متعمدا ومثيرا للشفقة؟
- الحياة هكذا عادة
- اجل اعتقد هذا
فكرة ان تحل دوريس مكان شقيقتها كزوجة لهاري كانت مؤلمة لها فالامكانية ليست بعيدة نظرا لما تهدده به. فتأوهت في سرها وتفوهت بما يخيفها:
- أتظنها قد تنجح في ان تصبح زوجته؟
- اتمنى العكس.
لحظتها عادت الانوار ثانية... وتابع :
- سيكون بمثابة كارثة فوق كارثة.
- وما هو الذي سيكون كارثة فوق كارثة؟