17-09-09, 10:24 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو راقي |
|
البيانات |
التسجيل: |
Jun 2007 |
العضوية: |
31657 |
المشاركات: |
2,630 |
الجنس |
أنثى |
معدل التقييم: |
|
نقاط التقييم: |
41 |
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الحوادث , جرائم , قتل , فضائح , أخبار , مشاكل وقضايا
ذكرى مجزره صبرا وشتيلا
لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها
نادر عزالدين
مرّت الذكرى السابعة والعشرون على واحدة من أروع وأبشع الإبداعات في القتل والهمجية، على لوحة لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها. رغم القهر، رغم المعاناة، ورغم الألم مازالت صبرا وشاتيلا على قيد الحياة وها هي المجزرة رغم السنون لا تزال شاهدة لم تستطع النسيان.
مجزرة صبرا وشاتيلا، الجرح النازف، جرح شعب مازال يجمع أشلاءه، جرح أرض ما زالت تئنّ وتصرخ كما هي الحال في دير ياسين والحرم الإبراهيمي وصولاً إلى جنين وشفاعمرو، فمجزرة صبرا وشاتيلا متواصلة، ولم تتوقف، من شارون بطل المجازر وقتل الأطفال والنساء إلى نتياهو الذي يصول ويجول ويتحدى العالم بعدم وقفه أو تجميده للاستيطان. كل زعماء كيان الاحتلال سابقاً ولاحقاً لم يتعلموا من التاريخ وما حصل مع الذين احتلوا أرضا ليست لهم، كل الاحتلالات في التاريخ كان مصيرها مزابل التاريخ وهو ما ينتظر نتياهو ولو بعد حين.
تبدأ قصة مجزرة صبرا وشاتيلا بعد ساعات قليلة من دخول جيش الإحتلال الإسرائيلي إلى مناطق بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان برفقة الحليف الذي كان هذه المرة ليس كغيرها من المرات عربيا لبنانيا يتمثل بحزب الكتائب. وبعد إعلان الحليفين ضرورة تطهير المخيمات من الإرهابيين (الفدائيين) وفق خطة وضعت مسبقاُ، بدأت عملية
الإبادة يوم الخميس في 16 أيلول 1982 لتنتهي يوم السبت في 18 أيلول 1982.
والجدير بالذكر أن تسمية المجزرة بمجزرة مخيم صبرا وشاتيلا هو خاطئ ورغم أنها التسمية الوحيدة ولكنها لم تسمَّ هكذا عبثاُ. مخيم صبرا لم يوجد يوماُ بل هي منطقة مجاورة خارج حدود المخيم ومتاخمة لمنطقة الطريق الجديدة. ذات غالبية سكان لبنانية عكس مخيم شاتيلا الذي تغلب فيه أكثرية اللاجئين الفلسطينيين، والأرجح أنها سميت كذلك لامتزاج الدم اللبناني بالدم الفلسطيني الذي أبيح في هذه المجزرة ونظراُ أيضاٌ لفقر المنطقتين الشديد، وقد شملت المجزرة منطقة بئر حسن ومنطقة صبرا ومخيم شاتيلا ومحيطه.
وبعد الإتفاق بين الحليفين على مجريات الخطة أبقي على حصار المخيم من قبل الجيش الإسرائيلي ومنع الدخول أو الخروج منه، أي قام فعلياُ بعزله عن الجوار ومن ثم توقف القصف المدفعي على المخيم وتوقفت أيضاُ رصاصات القناصة الإسرائيليين مفسحة المجال لرجال الكتائب بتنفيذ مهامهم. وكان شعارهم كما صرح أحد ضباطهم "بدون عواطف، الله يرحمه" وكانت كلمة السر ـ أخضر ـ وتعني أن طريق الدم مفتوح. هذه الكلمات تلخّص مهام هؤلاء الرجال.
لم يدخلوا المخيم بحثاُ عن إرهابيين (كما زعموا) وإن وجدوا فلماذا لم نسمع عن أي محاولة لردع هذا الهجوم ولو حتى برصاصة واحدة؟ دخلوا المخيم واستخدموا جميع أنواع الأسلحة: الرشاشات، البنادق والسلاح الأبيض مفترسين كل ما في طريقهم، فلم ينجُ لا الفلسطينيون ولا اللبنانيون من سخط وجنون العدو، لم يفرّقوا بين رجل وامرأة أو شيخ وطفل، كان للجميع نصيب من هذه المجزرة، حتى الحوامل بُقرت بطونهم وهدمت البيوت فوق رؤوس ساكنيها.
ثلاثة أيام والمجزرة مستمرة على مدى ساعات اليوم الأربع والعشرون، ولم تعلم وسائل الإعلام بخبر المجزرة إلا بعد انتهائها. فرغم ما تسرب من أخبار عن مجزرة تدور في المنطقة لم يستطع أحد إستيعاب الأحداث وما يجري إلا بعد انقضاء الأمر، ليدخل الصحافيون من بعدها إلى المخيم أو كومة الرماد ليتفاجأوا بأحد ضباط الجيش الكتائبي يصرح أن "سيوفهم وبنادقهم ستلاحق الفلسطينيين في كل مكان وسيقضون عليهم نهائياً". وتناقلت الصحافة صور أشلاء وأجزاء بشرية في الطرقات والزواريب.. شلالات الدماء غطت المخيم وفاضت فوق القبور الجماعية التي ضمت آلاف الفلسطينيين واللبنانيين، وحاول الجيش الإسرائيلي جاهداً إخفاء آثار المذبحة ومعالم الجريمة مستخدماً الجرافات والآليات لكنه فشل.
وفي غمرة الأحداث وتسارعها دخل الصليب الأحمر إلى المخيم بعد صعوبات وممنوعات فرضها الجيش الإسرائيلي، لكن في النهاية كانت الحصيلة 3297 شهيدا من سكان مخيم شاتيلا ال20000 ومنهم 136 شهيداُ لبنانياُ موزعين على شوارع وزواريب مخيم شاتيلا (1800 شهيد), مستشفى عكا في بئر حسن (400 شهيد) ومستشفى غزة في أرض جلول (1097 شهيد).
وكما هي الحال في الماضي والحاضر سارع حكام العرب إلى الإعراب عن أسفهم لما حدث واصفين ما حصل بجريمة حرب وهنا يقف خطابهم.
ودعا المجتمع الدولي إلى تأليف لجان للتحقيق في الجريمة لكن هذه اللجان لم تصل لأي نتيجة أو حتى لم تدخل حيز الوجود أصلاُ لاصطدامها بحائط الردع الأميركي.
وتشكلت لجنة تحقيق إسرائيلية بقيادة القاضي كيهان التي سميت لاحقاُ هذه اللجنة بإسمه، فتوصلت هذه اللجنة إلى عدة أمور منها أن الجيش الإسرائيلي لا يتحمّل المسؤولية المباشرة عن المجزرة وألقت المسؤولية كاملة على ضباط حزب الكتائب.
عزل شارون من منصبه بعد أن كان وزير الحرب وقائد الوحدة الخاصة 101 في جيش الإحتلال الإسرائيلي التي حاصرت المخيم. وبعد اعتبار ما حصل جريمة شنعاء أقيمت محكمة عسكرية كنتيجة أخرى للتحقيقات غرّمت لواء الجيش الإسرائيلي ب10 قروش = 14 سنتاُ أميركياُ لأنه أساء فهم أوامره وتم توبيخه وقد سمي الحكم بقرش شدمي لشدة ما به من سخف واستخفاف بمفهوم القضاء.
كانت هذه ردة فعل المجتمع الدولي، فجريمة حرب تهز شعوب العالم أجمع لا تهز حكومات الغرب والشرق قيد أنملة. مع أن اتفاقية جنيف عام 1949 والبروتوكول المتعلق بها عام 1977 ينصان على أن تقوم الدول بمحاكمة الأشخاص المرتكبين لهذه الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم.
وبعدما اضطر شارون للاستقالة من منصبه وتوارى عن المسرح السياسي لسنوات، عاد مطلع عام 2001 أقوى مما كان عندما فاز حزبه في الانتخابات ليصبح رئيسا للحكومة. غير أن مسؤولية شارون الأخلاقية عن المجزرة بقيت تطارده خارج "إسرائيل"، فبعد أن بثت هيئة الإذاعة البريطانية في حزيران 2001 برنامجا تناول احتمال محاكمته كمجرم حرب، قام محامون متضامنون مع ضحايا المجزرة بتحرك في بلجيكا استنادا إلى قانون "الاختصاص العالمي" المُقر عام 1993 الذي يسمح بملاحقة مجرمي الحرب، ورفعت ناجية من المجزرة تدعى سعاد سرور المرعي وأسر 28 من الضحايا دعوى أمام إحدى محاكم بلجيكا لمحاكمة شارون، وبادرت الأخيرة إلى فتح تحقيق في القضية وسط ضغوط إعلامية على المتهمين، مما دفع إيلي حبيقة إلى إبداء الاستعداد للإدلاء بشهادته أمام المحققين البلجيكيين، بعد أن أعلن أن لديه من المعطيات ما سيغير مسار الرواية التي أشاعتها تحقيقات لجنة كهان.
لكن حبيقة ما لبث أن اغتيل مع أربعة من مرافقيه في كانون الثاني 2002 في عملية تحمل بصمات الاستخبارات الإسرائيلية. وتعرضت المحاكمة لاحقا للإجهاض بعد ضغوط إسرائيلية وأميركية على بلجيكا، مما دفع الأخيرة لاحقا لتعديل قانون الاختصاص العالمي، طاوية بذلك واحداً من أكثر الملفات الإجرامية على مرّ التاريخ.. ولكن إلى حين.
16-09-2009
منقول
|
|
|