بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الدبدوب و الحب و بنات حواء...!!!!
على الرغم من أن "الدبدوب" يعتبر اللعبة الأكثر شيوعا على وجه المعمور إلا أنه جديد نسبيا في عالم الدمى....
ففي بداية القرن العشرين أراد "رتشارد ستيف" أن تكون هناك لعبة لينة و قادرة على تحريك مفاصيلها بسهولة و يسر ، و كان " الدبدوب " هو أول تجاربه و قد كشف عنه في معرض " لايبزغ " للعب و الدمى في ألمانيا في مارس 1903 و أطلق عليه لقب " تيدي TEDDY " نسبة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك " تيدي روزفلت " الذي كان في إحدى رحلات الصيد حيث لم يصادف طريدة يصطادها ، إلى أن جاؤوه بدب صغير فقاموا بربطه ليطلق عليه الرئيس المبجل النار، و لكنه على ما يبدو رفض قائلا بأن ذلك يعد قتلا لا صيدا،....
و سرعان ما انتشرت الدمية الدب في " نيويورك " من خلال محل يملكه " موريس و روز ميتشوم " ، و انتقل بعد ذلك إلى جميع دول العالم .
ظل شكل الدمية " الدب " ذات الرأس المثلث لعدة عقود و مع تعدد الشركات المصنعة لها حول العالم بدأ إدخال بعض التغييرات على شكل و ألوان و كذلك أحجام " الدببة "
و من أسباب إنتشار هذه اللعبة و نجاحها في سلب ألباب الأطفال و إرتباطهم بها .. يمكننا أن نوجزها في:
- أهمية اللعب على العموم في تنمية مدارك الأطفال الفكرية و السلوكية و مهاراتهم الذهنية و الحركية و العاطفية....
- مميزات الدبدوب التركيبية و التكوينية من حيث الشكل و اللون و الملمس...
* فهي من ناحية الشكل.. فملامح الدبدوب تقترب أكثر فأكثر من ملامح الطفل: كل شيء فيه مستدير و قد تم تغييب كل ما يوحي إلى الوحشية من أنياب و مخالب التي تميز الدب الحقيقي....
* و من ناحية الألوان ، فهي موحدة و متنوعة... فهي غير مرقطة و لا مبرقعة و لا مخططة .. لكون الرقع و الخطوط مع حركة الضوء تخلف في دهن الطفل توهمات و خيالات و إيحاءات مزعجة و منفرة.....
* و من ناحية الملمس فهي لينة و ناعمة ... يستطيع الطفل تحريكها كيفما شاء... يجعلها مخاطبا طيعا في حواراته و إيماءاته المنولوجية و يقمصه من الشخوص ما يريد..
.... فضلا عن فرائها الناعمة التي يتحسسها الطفل في ظلمة الليل و عند النوم ، فتشعره بالدفء و الأنس و الأمان......
و من خلال هذه المعطيات يكون الطفل عالمه الخيالي الخاص به .. حيث يلعب " الدبدوب " دورا هاما في حياته العاطفية و النفسية... فهو الصديق و الجليس و الأنيس عند الخلوة... و هو أيضا رفيقه في رحلته نحو العالم الجديد ..عالم الرشد و المسؤولية....
و أثناء الرحلة يبدأ الطفل يميز بين الأشياء و يفرق بين ما هو واقعي و بين ما هو خيالي .. و يعوض هذا بذاك ..حتى يتخلى نهائيا عن عالمه السابق ليستقبل عالمه الجديد....
و في كثير من الأحيان و لسبب ما.. يصعب على القادم إلى هذا العالم الجديد الإندماج فيه كلية ... فتراه ينكفىء على نفسه فتزداد روابطه بالماضي الطفولي.. زمن الفرحة و اللعب و اللامبالاة .. ليستعيد ما افتقده من لحظات الهناء و السعادة و البسمة التي فارقت المحيا.......
أو قد يخلق لنفسه عالما خياليا آخر .. هامشيا أو موازيا.. يناسب سن المراهقة و الشباب ...تطغى عليه أحلام الرومانسية و أحلام البطولة و الفروسية التي يستقيها غالبا من بطون الكتب و صدور الشعراء و الروائيين..
و سأقتصر هنا على إثارة - بشكل مقتضب- قضية العلاقة الظاهرة بين الصبايا و " الدبدوب " و عن الدوافع النفسية التي تؤطرها و رمزيتها...
"دبدوب" البنات .. الحب الأول في حياة حواء!!
بين حواء و دبدوبها علاقة عاطفية متينة الأواصر.. يفسرها البعض على أنها عادة نفسية ..فيما يعتبرها البعض الآخر حاجة نفسية ..و بين الأمرين فرق كبير.
فهذه الدباديب تدخل غرف البنات بأذن منهن على أساس أنها قطع لتزيين المكان وكسر جمود الأثاث الذي يحتويه.. لكنها لا تلبث طويلاً قبل أن تتحول إلى شريك عاطفي لايمكن التخلي عنه أو النوم دون أن يكون مستقراً في أحضان فتاته.
ولعل وجود دبدوب على الأقل في غرف نوم الإناث المراهقات أو غير المتزوجات وعلى أسرتهن تحديداً صار أمراً ضرورياً وحاجة ملحة لا غنى لأغلبية المنتميات لقبيلة حواء عنه.
وحتماً هناك مشاعر خاصة تكنها حواء لهذه الدباديب ..مشاعر الحب و الأمومة على سبيل المثال لا الحصر.. ولهذه المشاعر دوافع خاصة أيضاً.....
ففي دراسة أجرتها إحدى المجلات.. تبين أن بعض النساء يعتبرن دوبدوبها هو ملاذها الوحيد حين تنتابها لحظات بكاء حاد.. وصديقها الذي تفرغ فيه كل شحناتها العاطفية, فيما تعتبرنه الأخريات صديقاً صامتاً لا يغضب ولا يخاصم ولا يهجر.. كما أن فيه طاقة حب كبيرة, وأنه حنون وطيب القلب ومصدر رئيسي من مصادر الدفء العاطفي.
ولعل الطب النفسي يشرح هذا الارتباط على أنه عادة نفسية تغذيها رغبة المراهقات في صنع محيط عاطفي ليس عليه رقيب ولا يمر بأزمات تهدد بقاءه....
وفيما يتعلق بغير المتزوجات فإنه يمنحهن شعوراً بأنهن مازلن في دائرة الحظ العاطفي و شكل من أشكال الرفض لتقدم العمر وظهور علامات العنوسة المبكرة فيما يشكل عند المراهقات شكلاً من أشكال التعبير عن الأنوثة أما المتزوجات فلا يأبهن به غالباً....
يتبع إن شاء الله