في الظلمه الحالكه تقبع حكاية لم تروى بعد ..حكاية قد عفى عليها الزمن وتوارى طيفها خلف سراب العصور الغابره .
نعود الحكاية بنا الى الوراء الى حيث بدءت احداث القصه حول خرافة قديمه كثيرا ما رددتها السنة اهالي قرية شيمدو حتى اصبحت حكاية تسرد على مسامع الاطفال وقت منامهم , وهذا ما كانت تفعله دائما اوكارا بعد ان يسدل الليل ستاره تجلس بالقرب من مرقد طفلتها الصغيره ذات السبع سنوات تسرد لها حكاية تلك الخرافه المرعبه حول شاب حلت عليه اللعنه فمسخ الى مخلوق لاحم لا يسد جوعه المفترس سوى لحم البشر اورثيميوس هو اسم ذلك الشاب سيء الطالع .
في تلك الليلة الموحشه لم تستطع كيامي ان يغمض لها جفن فبعد ان ستسلمت والدتها للنوم بالقرب منها ظلت تتقلب بفراشها كما لو كانت ترقد على بساط من شوك وليس فراء, نهضت عن فراشها ووقفت تنظر من خلف زجاج النافذه الى اغصان الاشجار المتراقصه فقد كانت ليلة بارده تهب فيها رياح الشمال القارصة البروده ويغيب عنها ضوء القمر , ظلت عيناها الناعستان تسبر المدار المحيط بكوخهم الصغير وكانها تبحث عن طيف زائر غريب لسبب ما ظل فكرها مشغول بسيرة ذلك الشاب الملعون الذي بين ليلة وضحايا تجرد من لباس البشريه وغدى واحد من مخلوقات الغاب الضاريه .
في اعماق قلبها الصغير تكمن رغبة شديده برؤية ذلك المدعو اورثيميوس فبالرغم من الرعب الكبير الذي يسكن قلبها الا ان الرغبه برؤيته تزداد يوما بعد يوم حتى اصبحت هاجسا يقض مضجعها ويلهب تفكيرها ليلا ونهارا , لا يمر يوم دون ان تردد اسمه بصوت خافت عند نبع النهر عله يسمع نداءها فيهرع اليها فمنذ نعومة اظافرها واسم اورثيميوس ملازم لها بحكايات ما قبل النوم لم تدرك اوكارا ان حديثها المستمر عن اورثيميوس قد يزرع شعور الالفة في قلب هذه الصغيره الوحيده هكذا كانت كيامي فتاة وحيده تحب العزله والصمت وكثيرا ما تقضي وقتها بالجلوس عند نبع النهر على صخرة تدلي ساقيها الصغيرتان فوقها وتغمسها بماء النهر الرقراق , وبينما كانت تسامر نفسها بهمهمة طفوليه تحركت اوراق الشجر امامها مصدرة صوت حشرجة مزعجه وتنبىء حتما عن زائر متطفل , توقفت كيامي عن الهمهمه وتسمرت ساقاها بالماء فاوتار قلبها الصغير قد تيبست من شدة الخوف الذي انتابها حتى كادت دقاته السريعة تخرق صدرها الصغير لما احست كيامي بان من يقبع خلف ساتر تلك الشجيرات المتشابكه ماهو الا اورثيميوس نفسه وبانه يحدجها بنظرات عينيه المتعطشتين لبريق جسدها اليافع وبالرغم من هلعها الا انها كانت تمعن النظر بين اوراق الشجر علها تلمح طيفه الوحشي وتقتل تلك الرغبه الحارقه في نفسها الولوعة
ام انه قدرها المحتوم بان تسير على طريق الموت بلا رجعه؟
بيديها الصغيرتين احكمت القبضة على فستانها الابيض القطني وعيناها تتابع حركة وسكون الاغصان كم تمنت لو ان تطلق صرخة استغاثه وتنقذ نفسها من مصير محتوم الا انها وجدت نفسها تتلفظ باسم اورثيميوس وكانها تنشد الزائر المتطفل عن هويته تسارعت حركة الاغصان واعتلى صوت زمجرة مرعبه تصم الاذان وما كادت كيامي تعود الى رشدها لتطلق ساقيها للريح حتى اندفعت قوة مزلزله من بين الاشجار والتقطتها بقسوة لتنغرز تلك الانياب الحادة برقبتها الصغيره وتتناثر حبات دمها الطاهر على سطح الماء واطراف الصخور ..
لما انطفىء نور الصباح بعيني وغرقت بظلمة العتمة ؟
لما اشعر بالحرارة تتدفق مني وبرائحة الموت تزكم انفي ؟
امي .. المكان مظلم وموحش ورائحة العفونه تملأ زواياه الرطبه .. ها انا اسمع انشودة الفراق تعزف على اوتار قلبي العليل .. اني لا ابصر شيئا امامي ولكني اشعر بدنوه مني ..
في عتمة ذلك الكهف الموحش يرقد جسد هزيل منهك القوى يجاهد بصعوبة التقاط انفاسه المضطربه جسد سرعان ما اطبق عليه فك الموت بلا رحمة ليرقد ساكنا ابدا ..