المنتدى :
المنتدى الطبي - Medical Forum
حاسة الشم إنذار بحدوث الحالات الطارئة
حاسة الشم إنذار بحدوث الحالات الطارئة
يعكف عدد من الباحثين على إجراء دراسات لكشف أسرار حاسة الشم والتي لا يزال هناك الكثير من الأسرار التي يسعى الباحثون لكشفها حتى يتمكنوا من الفهم الكامل لآلية عمل حاسة الشم، والتعرف على سبب امتلاك الكثير من الحيوانات لحاسة شم قوية تعادل 20 ? 50 ضعف قوة حاسة الشم عند الإنسان الطبيعي، بالإضافة إلى محاولة علاج المرضى الذين يعانون من اضطراب أو فقدان حاسة الشم، وأخيراً اختراع أجهزة تحاكي الأنف في قدراته على الشم وتميز الروائح.
وأكد العلماء أن حاسة الشم تبقى الإنذار الأول في الكثير من الحالات الطارئة كتسرب غاز سام أو في حالة وجود دخان صادر عن حريق. وفي بعض الأحيان يعتبر فقدان حاسة الشم دليل على الإصابة بمرض خطير كمرض الزهايمر أو أحد أنواع الأورام الخبيثة أو سوء تغذية أو حالة نفسية معينة. كما لوحظ أن فقدان حاسة الشم أدى إلى إصابة عدد كبير من المرضى بحالة اكتئاب، إضافة إلى فقدان جزء كبير من حاسة التذوق.
وتؤكد الدراسات أن عملية الشم تبدأ مع دخول الجزيئات المتطايرة الدقيقة جدا (أقل من 300 حجم جزيئي) إلى فتحة الأنف، ثم وصولها إلى منطقة تدعى المنطقة الشمية، حيث تذوب هذه الجزيئات في الطبقة المخاطية الرقيقة المحيطة بهذه المنطقة والتي تفرز من قبل غدد بومان، ثم تقوم بروتينات خاصة موجودة في المنطقة المخاطية بنقلها إلى المستقبلات الشمية، التي يقدر عددها بحوالي عشرة ملايين مستقبل.
والتي تقع على سطوح بروزات دقيقة جداً تدعى الأهداب، وتتصل هذه المستقبلات بدورها بالأعصاب الشمية التي تتجمع في منطقة واحدة تدعى البصلة الشمية، التي ترسل هذه الأعصاب إلى منطقة الاميكلاندا في الدماغ حيث يتم تحليل الرائحة والتعرف عليها. يدخل ضمن عملية الشم هذه عدد كبير من العمليات الكيميائية والجينية التي ما زال العلم الحديث عاجزا معرفة أسرارها.
وأشارت الدراسات إلى أن مساحة المنطقة الشمية عند الإنسان والموجودة في كل منخار لا يتعدى 5 سم مربع بينما عند القطط تصل إلى 25 سم مربع وعند الكلاب إلى 50 سم مربع. ولون هذه المنطقة عند الإنسان يميل إلى اللون الأصفر بينما يكون لونها بني عند الكلاب. ويرجع العلماء ذلك إلى كثافة المستقبلات والأعصاب عند الكلاب في هذه المنطقة. يضاف إلى ذلك امتلاك الأعصاب الشمية لصفة تميزها عن جميع أنواع الأعصاب الأخرى وهي وجود خلايا جذعية تحتها تجعلها تتجدد كل 40 يوماً.
واكتشف عدد من العلماء في السنوات الأخيرة بروتينات توجد في المنطقة المخاطية تلعب دوراً مهماً في عملية الشم حيث تعمل على:
* نقل الجزيئات الذائبة في السائل المخاطي إلى المستقبلات .
* الارتباط بالمستقبلات التي تنقل الرائحة بشكل إشارات عصبية إلى الدماغ.
* تخليص المنطقة الشمية من الجزيئات القديمة عن طريق تحطيمها، لكي تعطي فرصة للجزيئات الجديدة للوصول إلى المستقبلات.
* وقاية المستقبلات من زيادة تركيز جزيئات الرائحة عن الحد الطبيعي.
وأكدت الأبحاث العلمية أن الأطباء لازالوا يعانون من عدم قدرتهم على معالجة فاقدي حاسة الشم، وعلى الرغم من كون هذه الحالة غير مؤثرة بشكل كبير على الحياة، إلا أن الباحثين لاحظوا أن فاقدي القدرة على الشم يصابون بحالة من الاكتئاب وتغير في طبيعة حياتهم. وذلك بسبب وجود علاقة كبيرة بين حاسة الشم والعواطف، والمزاج، والذاكرة، وجهاز المناعة، والهرمونات في الجسم، ووصل البعض إلى القول أن هناك علاقة بين حاسة الشم والعلاقات الاجتماعية.
وأكد عالم الأعصاب لوردس كاتز في كلية الطب بجامعة ديوك في ولاية كارولينا الأميركية أن الاختلافات في حاسة الشم تأتي من التباين في المستقبلات الشمية، التي هي عبارة عن بروتينات موجودة على سطح الأعصاب الحسية التي تحدد طبيعة الرائحة الكيميائية المتطايرة التي تصل إلى مجارينا التنفسية. يوجد لدى الإنسان عدد كبير من هذه المستقبلات المميزة، والتي من خلالها نستطيع تمييز عدد كبير من الروائح والتي قد يصل عددها إلى 10000 نوع مختلف.
كما أكدت الأبحاث أن المعرفة الكاملة في كيفية إنتاج مستقبل فعال من قبل الخلايا الحسية المفردة سيبقى منطقة مظلمة لبعض الباحثين لتفسير كيف تقوم هذه الخلايا بالتعرف على الروائح. للمساعدة في كسر هذه الشفرة، يجب على الباحثين أولا دراسة التفاعلات بين المستقبلات ومختلف الروائح لكل خلية مفردة. لكن من الصعب جدا تنمية وعزل هذه الخلايا عن محيطها، وهذا ما ولد مشكلة كبيرة للباحثين الذين حاولوا اختراق شفرة الشم، كما أن الخلايا المجاورة لها تحتوي على مستقبلات مختلفة.
|