كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
لقد انتصف الظهر, وهاهي مستلقية إلى جانب صديقيها. تراقب, بشيء من الحسد, مراكب سيارات السياح المنطلقة بهم نحو التلال.
دون أن تعي راحت عيناها تبحثان عن جريج باركو مع علمها بأنها لن تجده. فكيف لرجل له تلك الجاذبية أن يزعج نفسه ثانية بالسعي إلى فتاة رفضت صخبته باسلوب فج كما فعلت هي؟
لما بدا لها أن فيرا و ادي نائمان. وقفت كاثي ببطء وهدوء لتربط شعرها الذي ما زال مبللا من جراء سباختها الأخيرة. اتجهت نحو الصخور التي أخست بها خشنة تحت قدميها ويديها. اثناء تسلقها كانت تتساءل عن الحكمة في تسلق مثل هذه الصخور الخادة الخشنة.
بعد أن وجدت مكانا مريحا, نوعا ما, للجلوس, غطست قدميها في بركة ماء صغيرة, ممتعة النفس ببرودة الماء على قدميها و بحرارة الشمس على ظهرها. بينما كانت هناك سارحة صاح بها أحدهم فالتفتت تنظر إلى صاحب الصيحة. كان رجلا يقف على مقربة منها على الرمال اشقر الشعر مرتديا قميصا أبيض قصير, وسروالا قصيرا, حافي القدمين, باسم الوجه وكأنه يعرفها.
سرعان ما عرفت كاثي الرجل فابتسمت له ثم استدارت لتعيد بصرها إلى المياه الصافية. فهذا الرجل لسبب ما تجهله وجدت نفسها ترغب في تجاهله لئلا يلاحقها لكنها في هذه اللحظة رأت ان تفكيرها السليم يخبرها بأنها على خطأ في ما تفعل. بعد قليل سمعت وقع خطوات تخطو خلفها تبعها صوت رجل مال ليجلس قربها:
-وحدك؟
بقيت صامتة.
-اتتمتعين بإجازتك؟
فهزت رأسها وهي تراه مصرا على محادثتها, لكن ألا يصر كل الرجال على ملاحقة الأنثى؟ فتابع:
-يا لحسن حظك. . . أنا هنا للعمل.
كان عليها أن ترد بعد ان تأملته مليا:
-لا يبدو عليك ذلك.
فضحك, وقد سره أنه انتزع منها الكلمات:
-ألا نحتاج جميعا إلى المرح؟
ولم يتلق ردا, فتابع:
-لا تبدين و كأنك تمرحين كثيرا. بإمكاننا المرح معا؟
لمس ذراعها. . . فابتسمت كاثي لنفسها وقد راته يسعى إلى معرفة اخلاقها. ممتحنا بذلك استعدادها و استجابتها له. فما كان منها إلا أن انسلت إلى المياه مبتعدة عنه فصاح الرجل:
-هاي. . . لا تتركيني هكذا ونحن لم نتعارف جيدا!
أخذت تراقب الآثار التي تتركها قدماها على الشاطئ, وصاحت من فوق كتفها:
-أشكرك على ما تقدمه من تسلية لكني أحب أن أكون وحدي, مع صديقاي.
وصل إليها ليسير إلى جانبها فتابعت وهي تبتسم:
-لا أبحث عن علاقة عرضية. . . آسفة.
بحثت عن رفيقيها فوجدتهما قد ذهبا, احسبا أنهما يتصرفان بذكاء الآن؟ أطلق الرجل تنهيدة:
-آه. . . حسنا. لا يمكن للمرء الربح الدائم.
رفع يده محييا ثم انطلق في حال سبيله.
التقطت كاثي منشفة لتجفف قدميها وساقيها. ثم دون قصد منها التفتت إلى الوراء فإذا بها تجد رجلا يشير بإبهامه إلى الأسفل, علامة الفشل, إلى رجل , أطول منهو أنحف, ذي جسد أسمر أدكن و لحية طويلة تغطي جزءا كبيرا من وجهه.
كان ينظران إليها ويتحدثان. وكان جريج باركو يهز رأسه بينما الرجل يكمل كلامه عندها شعرت بالغضب يجتاح نفسها فهو كما يبدو واضحا بها كل الوضوح إن ذاك الرجل كان يمتحنها مستخدما زميلا له طعما لها!
أدارت لهما ظهرها, وهي تشد على شعرها أكثر من الحد المفروض لتجفبفه. . . لكنها فجأة أحست بيدين تستقران على يديها, تثبتهما وتضغطهما على قمة رأسها. فوقفت بسرعة متصلبة وهي لا تكاد تقوى على التنفس. مضمومة الشفتين. . . يالوقاحته! كيف يجرؤ على العودة لمتابعة علاقتهما من حبث توقفت ليلة أمس!
دون سابق إنذار استدارت مبتعدة عنه لتحدق فيه مخاطبة:
-الآن. بعد أن امتحنتني بواسطة ذاك الرجل الذي تسيره كما تريد وجدت أخلاقي رفيعة فقررت منحي السعادة برفقتك ثانية!
انزلت المنشفة عن رأسها لينسدل شعرها إلى كتفيها, ثم أردفت قائلة:
-اسمع يا هذا أنا لا أرغب فيك رفيقا. . . لذا الخير لك أن تنصرف لتعرض صحبتك على امرأة أخرى وهن كثيرات كما تعرف.
بدت عيناه باردتين و كأنهما تأخذان برودة الريح, ثم استدار على عقبيه وصعد المنحدر الرملي, مستوي الظهر معتدل القوام.
هاهو يبتعد. . . وعليها أن تواجه أمر خروجه من حياتها نهائيا. في هذه اللحظة شعرت بالانزعاج من فكرة خسارته بسبب كبريائها الغبي, لكنها رأت أنها أكثر غباء لأنها سمحت له بأن يصبح, في وقت قصير, مهما إلى هذا الحد في حياتها.
-جريج. . . لا تذهب. . .
خرج منها الرجاء دون أن تعي فكان أن لعنت نفسها مئات المرات لأنها كشفت عن ضعفها أمامه. هذا الضعف الذي سيكون له سلاحا لا شك في أنه سيستخدمه.
وقف في مكانه مسمرا دون أن يلتفت. أما هي فحبست أنفاسها تنتظر منه متابعة الطريق, لكنه فاجأها بالتفاتة إليها لكنه بقي بعيدا عنها وهو يسأل:
-لماذا؟ أأفيدك حارسا لك أم رجلا يتم عددكم إلى أربعة؟ . . . أم لعلك قررت أن نكون ثنائيا منفصلا معا؟
جردتها تصرفاته الباردة و هجومه الساخر من القدرة على الرد فها هو شهر في وجهها السلاح الذي زودته به! وبعد لحظات سوف يطلقه نحوها.
-أنت تعجبني يا جريج. . . لقد قلت لك هذا . . . و تعجبني صداقتك.
لكن قلبها اخبرها بأنها تشعر أكثر من الصداقة بكثير. إلى أين سيوصلها غباءها الذي جعلها تتعلق بأذيال رجل للمرة الثانية وبهذه السهولة؟ ألم تحفظ أمثولتها جيدا عن عدم مصداقية الرجال بعد ما فعل مايك بها؟
لكم هذا الرجل يختلفعن مايك في كثير من الوجوه. وما عليها سوى الوقوف على مقربة منه لتشعر بموجات القوة المنبعثة منه, إنه كالصخرة التي تحافظ على حرارة الشمس وقتا طويلا بعد أن تغرب.
تقدم منها, فأحست به, وبقوته, دون أن يلمسها حتى ابتسم لها, فعمت السعادة قلبها وشعرت بأن الحواجز كلها تزول بينهما.
عندها فتح ذراعيه فرمت نفسها بينهما, حتى استراح خدها على صدره. راحت لحيته تغرق جبهتها. دفعتها جانبا ثم ابتسمت له قائلة:
-إنها تعيق طريقي. . . لماذا لا تحلقها؟
نظر إلى البحر, ثم , إليها:
-هذا ما لن أفعله!
-لكنني أريد رؤية الرجل المختبئ خلفها.
ملأت الابتسامة وجهه:
-قد لا يعجبك ذلك الرجل.
-بل ربما (أحبه).
تلوت على وجهه لمحة عزلة, ثم ذهبت:
-وهذا ما لن يكون يا فتاتي الطيبة الصغيرة لأنك على الأرجح ستكرهين ذلك الرجل.
ضمها إليه بشغف, ثم أبعدها قائلا:
|