كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
قال ادي مبتسما:
-لا شك في أنه معجب بك. . . ولو لم أكن رجلا عجوزا و متزوجا. لأعجبت أنا بك كذلك.
أمام هذا التصريح الجريء, مدت زوجته يدها لتشده من شعره.
كانت النباتات الاستوائية تزين فناء المدخل في هذا الفندق الضخم الذي صمم خير تصميم. عندما دخلوا المطعم لتناول العشاء تلك الليلة تقدمتها فيرا باتجاه طاولتهم التي اعتادو الجلوس عليها.
واجهت كاثي في جلستها باب المطعمو كانت تصغي بعض الاصغاء إلى حديث رفيقها, تضحك احيانا, على أمل أن لا يلاحظا توجه نظراتها إلى أي ضيف جديد يفد إلى المطعم.
الرجل الذي كانت تترقب رؤيته, لم يدخل المطعم وحده, بل برفقة ثلاثة رجال كانوا جميعا يرتدون الملابس الرسمية. ووجدت كاثي نفسها تمعن النظر أكثر فأكثر إلى هذا المظهر الجديد للغريب الذي لم تتركها عيناه لحظة, و ها هو الآن يبدو اكثر غرابة لأنها لم تجد لشخصيته الأولى أي أثر.
ألقى نظرة سريعة إلى ما يحتويه المطعم ثم و كأنه قد علم ما يريده بعد ذلك مرت عيناه بكاثي و كأنها شجرة في غابة مليئة بالأشجار. أحست كاثي بالتوتر لأنه بدا و كانه لم يتعرف إلى الفتاة التي حدق بقسمات و جهها وقتا كافيا لأن تطبع في ذهنه قسماتها جيدا, ولعل هذا ما أغضبها في نفسها إذ كان عليها ألا تعطي هذا الامر كل هذه الأهمية.
أبعدت الرجل عن تفكيرها ثم أعادت انتباهها إلى رفيقيها, فعرفت من استغراقهما في الحديث معا أنهما لم يلاحظا ابتعادها عنهما. فسألت:
-ما هو برنامجكما الليلة؟
فاجابت فيرا:
-كنا نتجادل بشأن هذا. . . أريد الجلوس في قاعة الاستراحة للقراءة.
سارع زوجها للقول:
-وأنا اريد ان ارقص. . . هيا. . . انظري إلى الامر من وجهة نظري, بامكانك القراءة في اي وقت.
-اتعني أن أدعك تنفذ ما تريد. . . حسنا. . . هذه المرة فقط.
التفتت إلى كاثي:
-سنرقص, ولكن علي تبديل ثوبي.
-ليس مجددا؟
فارتفعت يد فيرا تلمس شعره بحنان.
-ولماذا تظنني أحضرت كل هذه الفساتين إن لم يكن فرتدائها لك يا حبيبي.
فابتسم في وجه زوجته, ثم التفت إلى كاثي قائلا:
-أنت تعرفين متى تبدين أكثر جمالا؟
فصاحت فيرا مدعية الفزع:
-ادي. . . !
فضحكت كاثي , وأرجعت رأسها إلى الوراء, ثم قالت بخبث:
-لا. . . لست أعرف يا ادي. . . اخبرني.
فرد عليها بنظرة تحمل الحرج, ثم مد يده لزوجته:
-هيا بنا فيرا. . . أنتما المرأتان ستسيطران علي!
نظر إلى زوجته نظرة مغزى, فصاحت واعدة:
-سنعود بعد نصف ساعة يا كاثي. و إذا لم يكن الرقص قد بدأ سنتناول شرابا. احجزي لنا طاولة في الزاوية إذا وصلت قبلنا.
نظرة إلى ساعتها أعلمتها أن النصف ساعة التي قدرتها فيرا لتغيير ملابسها قد انقضت. قصدت قاعة الرقص وهي تأمل أن تجدهما بانتظارها هناك لكن أملها لم يتحقق فهي دائما تصل قبلهما. . . أينما كان موعد اللقاء. لقد اعتادت على الانتظار. لكن الانتظار اليوم ملأها قلقا. . .
بينما كانت تقف في الممر انتقلت عيناها إلى قاعة الرقص و إلى الطاولات التي رأت أن بعضها مشغول وبعضها الآخر فارغ وقد سرها أنها وجدت إحداها تقع في زاوية معتمة.
بينما كانت تتجه إلى تلك الطاولة لمحت مجموعة من الرجال يجلسون إلى احدى الطاولات. كانوا أربعة, ولكن أحدهم بدا مميزا بطوله الفارع و ببذلته الأنيقة. . . و بلحيته السوداء. . .
جلست إلى طاولة معدة لأربعة أشخاص ثم راحت تشغل نفسها في ترتيب محتويات حقيبة يدها. ولكنها بعد أن استنفذت كل الأسباب التي تحول دون أن تلتفت إلى ما حولها, ادارت رأسها إلى حيث الطاولة الطويلة في الزاوية. املها في ان يكون الرجال الأربعة قد ذهبوا, خاب. فهم ما زالوا حيث هم في مكانهم لكن أحدهم كا نيحدق فيها الآن فسبب لها حرجا شديدا جعلها تشيح بوجهها عنه وهي تتوسل بصمت أن يصل صديقاها ليريحاها من هذا الشعور الفظيع بالعزلة وسط حشد من الغرباء.
انجذبت عيناها من جديد غلى المجموعة التي بدا الآن انهم جميعا ينظرون إليها. فبعد أن حدثهم ذو اللحية بما تجهله التفت الآخرون إليها وهم يكملون الاصغاء إليه, وكان يحدثهم بأسلوب آمر محركا يده بحسم متما كلامه وهم يهزون رؤوسهم مذعنين. فهل يستخف بها امامهم؟ هل هذا سبب ابتساماتهم الساخرة؟ أحست بوجنتيها تحترقان. . . ايضحكون عليها لأنها تجلس وحيدة. . .
عندما شاهدته يدنو منها تحركت لتقف هاربة. لكنها ادركت أن هذه الحركة خالية من اللياقة أمام هذا الرجل ذي العينين الساخرتين والابتسامة الهازئة. عادت لتغرق في مكانها. وهي تضم يديها لتترك نظرها يطوف عبر النافذة سعيا إلى منظر البحر المعتم وراءها.
صوت جر الكرسي من مكانه أجفلها من شرودها الزائف. فلما شاهدته ينظر إليها رافعا حاجبيه سارعت إلى القول:
-أنا آسفة هذه الطاولة محجوزة.
-وهل تنتظرين صديقيك؟
كان صوته خفيضا وعميقا ولغته الانكليزية المفهومة أعلمتها انها لغته الأم. وهذا يجيب عن سؤال تبادر إلى ذهنها بشأن أصله. لكن ثمة اسئلة كثيرة تحتاج ردود. فماذا يفعل هو هنا, في هذه الجزيرة الجميلة الواقعة في جزر البهاما, على أرض قيل عنها أنها جزء من القمر.
كما أن هناك سؤال آخر. . . لن تعرف رده. . . لماذا اختفى الرجال الثلاثة الذين معه بعد إشارة منه. . . إنهم اصدقاء. . . أي انهم متساوون مكانة.
-أجل, أنا بانتظار صديقي. . . لذلك أنا آسفة, فهذه الطاولة محجوزة.
-وهل لديك صديقان؟
جلس على احد المقاعد ثم أشار إلى ما تبقى و أكمل:
-لكن المقاعد أربعة.
-أجل . . . صديقان, لكننا نحب أن نبقى ثلاثة, لا أربعة.
عاودها الغضب الذي اعتراها بعد الظهر عندما حدق إليها. ابتسم وهو يسند ظهره غلى ظهر المقعد مخللا يده في لحيته:
-لكن في هذه اللحظات, أنت وحدك فقط. وإلى أن يصل رفيقاك, لا أظك تمانعين لو رافقتك. . .
كيف لها أن ترفض وله الحق في الجلوس حيث شاء. فهزت رأسها ثم لاذت إلى الصمت مترقبة بيأس الوافدين زوجا زوجا لكنهم جميعهم ما كانوا الزوج الذي تترقبه.
-هل لي أن أقدم لك شرابا؟
سؤاله شد تفكيرها إلى وجوده. فردت عليه بصوت حاد أكثر من اللزوم.
-لا. . . شكرا لك.
وعادت لتهذيب الرد بإضافة:
-سانتظر إلى أن يحضر صديقاي. ولكن أرجوك أطلب ما تريد لنفسك.
رفع رأسه بسخرية ثم رفع يده طالبا الساقي و أعطى طلبه, متكلما بإسبانية طلقة أدهشتها. فهل كانت مخطئة بشان هويته؟
|