كاتب الموضوع :
dede77
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل السادسوقفت `انجريد´ تتنفس بعمق امام الصخور التي تنحدر بطريقة شديدة حتى تصل إلى البحر وكان المكان خاليأ ويائسأ .
وكما لو كان لا يمكن لاي شىء ان يوقفها او يمنعها ، تسللت `انجريد` نحو الخليج حيث تختفي الصخور اسفل النباتات الكثيفة القصيرة فتعطي اشكالا والوانا رائعة تميل إلى الاحمر والبنفسجي . كادت انفاسها تتوقف وتترقرق في عينيها الدموع ، صعدت الفتاة على الحافة الخشبية فوق الامواج ووصلت إلى حرفها وجلست تتامل الافق وهي تحاول ان تجد تسلسلا منطقيا لهذه الاحداث الاخيرة وتمني نفسها بالأمل مرة ثانية . . كان كل شيء مشوشا في راسها وفي قلبها وكانت كلمات ´يانيس ´ الاخيرة اشبه بالضربة القاضية . لقد وافقت على كل شيء حتى الآن وتحملت العذاب دون تمرد والأن يبدو لها الموقف واضحا وجلي .
كيف عجزت عن ان تفهم نواياه ! وفجاة ، بدا لها كحقيقة جلية ان `يانيس ´ لم يكن ينوي ابدأ الاعتراف بها كامراته .
اغمضت عينيها وهي ترتجف ورفعت يدها نحو فمها لتكتم نحيبها ، وفجاة وجدت نفسها وحيدة فوق هذه الحافة الخشبية التي تشبه الجسر العائم حيث الهواء شديد وكانت قدماها عاريتين وعيناها
زائغتين ووجهها احمر وهي ترتدي هذا الثوب البالي ، بينما كان شعرها يتناثر حول وجهها ... رات نفسها وكانها تائهة ومجنونة .
لابد لها من التفكير والمواجهة وتخفيف حدة هذه الماساة .
واهم شيء الأن ان تحتفظ ببرود اعصابها والا تترك الفرصة لمشاعرها ان تتحدث بدلا منها .
ومن المؤكد ان `يانيس ´ سيمل هذه اللعبة القاسية التي يلعبها معها اجلا ام عاجلا وسيتركها ترحل بعد ذلك .
فالمسالة مسالة وقت وصبر وقوة تحمل ليس اكثر وعلى الرغم منها ، تحسست ´انجريد´ خاتم الزواج فشعرت انه اكثر ثقلا من اثقل هلب في العالم . ..
وظلت ساهمة بعض الوقت كانها تحلم وهي ترى احد الزوارق يمر
امامها .. تقلصت يداها ، كلا إنها لا تحلم وليس ذلك سرابا ، إنه شراع ابيض يسير ببطء فوق المياه على الطرف الأخر من الجزيرة .
اغمضت ´انجريد` عينيها بعض الشيء حتى تستطيع مواجهة ضوء الشمس المبهر فلاحظت وجود رجل على مقدم الزورق . من المؤكد ان احدأ لا يقيم في جزيرة ´ليناكاريا` ولكن الجزر المجاورة ماهولة
بالسكان .
لو كانت تنجح فقط في تاكيد وجودها فسياتي الزورق لنجدتها :
وسيتم إنقاذها !
لوحت ´انجريد´ بذراعيها في كل الاتجاهات وهي تصيح بصوت عال .
- توقفوا ! ارجوكم .. هنا !
ولكن صوت الرياح اشتد وغطى صوتها بينما اختفى الزورق في الأفق .
فقالت ´انجريد´ لنفسها في رعب .
` ياإلهي ، لقد انتهيت حقا هذه المرة ´ .
نادت الفتاة بصوت عال للمرة الثانية وهي تلوح بيديها بقوة فاندفعت إلى الوراء بشدة وعندئذ صرخت ولكن الوقت تاخر ! فقد ارتخى الخشب فجاة محدثا صوتا شديدأ .. ووجدت `انجريد´ نفسها
في الهواء ، فحاولت الإمساك بالحافة او المرسى الخشبي وهو ينكسر ولكن هيهات . اغمضت الفتاة عينيها وغطست في الماء براسها ...
وفي هذه اللحظة بالضبط ، امسكت يدان قويتان بها ورفعتاها إلى اعلى وكانت الصدمة شديدة على ´انجريد´ مما جعلها عاجزة عن إدراك الموقف ولكنها شعرت بقدميها عاجزتين بينما وجدت نفسها فجاة فوق المرسى من جديد وهنا تنفست بعمق .
ومع ذلك كاد قلبها يقفز من صدرها من جديد عندما رفعت عينيها ورات الرجل الذي يقف بجانبها ... وكان `يانيس ` لا يزال يمسك بها حتى يساعدها على الاحتفاظ بتوازنها .
تمتمت الفتاة بصوت ضعيف :انا .. اتركني ..
- هيا اهدئي ! إياك وان تفعلي ذلك ثانية !
كان يبدو حقا مهتما بها وكان صوته يدل على قلقه المتحفظ ثم تركها وعندئذ ارتجفت الفتاة بشدة وتارجحت وهنا امسك بها ´يانيس من جديد والتصق بها ، فاغمضت `انجريد` عينيها وشعرت بان جسده يشع قوة ودفئأ لاول مرة تشعر بهما منذ زمن بعيد ، فهدات بعض الشىء . وبينما كان قلباهما يدقان بعنف حاولت `انجريد´ ترتيب افكارها حتى تستطيع السيطرة على نفسها .
هل هي حقا بين ذراعي الرجل الذي كان يحتقرها منذ اقل من ساعة ؟
لابد لها من ان تكون حذرة .
سالها برفق :
- هل انت على مايرام ؟ ما الذي جعلك .. جعلك تقفزين ؟ نظرت إليه في دهشة :
- اقفز ؟ انا كنت اريد فقط السباحة كما انني اعشق الغطس ، ولم اكن اعرف ان ذلك ممنوع ولا ان المرسى الخشبي يمكن ان ينكسر .
قالت `انجريد´ جملتها الاخيرة في تهكم ملحوظ ، فاجابها بصوت اجش .
- اعتقد ان هناك تفسيرأ اخر ، انظري إلى نفسك ... إنني اشك في انك كنت تنوين السباحة بكامل ملابسك .
- ولم لا ؟ فملابسي التي اتيت بها إلي تجعلني اكره ارتداء ملابس البحر !
- وهل اخترت السباحة والغطس فوق هذه الصخور ايضا اعتقد ان الشاطئ اكثر ملاءمة وهو على بعد ..2متر فقط من هنا حيث الرمال الناعمة ...
هزت الفتاة راسها في تحد :
- هذه مسالة تخصني وحدي 0
قال لها وهو يضبط شعرها المتناثر إثر شدة الرياح :
- يبدو انك تفضلين الحياة في ماساة .
- اعتقد ان هذا التشبية يليق بك اكثرمنى ايها الجبار العزيز ! وضع ´يانيس يده على رقبتها ليعيد راسها إلى الوراء وكانت عيناه تبرقان بالشرر .
- انت تكذبين كثيرأ منذ ان حضرت إلى هنا ! فعندما وصلت إلى هنا ، كنت على وشك دك راسك فوق الصخور خفض ´يانيس ` صوته ، ثم تابع حديثه بحزن واضح :
- كاد يكون الفرق فى التوقيت اقل من ثانية ، ولا اعرف هل حقا كنت سانجح فى إنقاذك فى عدم وجود هذا المرسى الخشبى ...
كان `يانيس ´ شاحب الوجة يحاول إخفاء اضطرابه ، ولكن ´انجريد كانت كانها تتحداه فى هذه المرة .
- لانك تعرف انني اريد وضع حد لحياتي بسببك ، بسبب كل ما تفعله منذ ان اصبحت تحت رحمتك ! يالها من اوهام ياعزيزي ، ولكن مهما فعلت ومهما قلت ، فلن تدفعني إلى العنف ثانية
ظل ´يانيس ` صامتا ولكنه دهش جدأ فقد قالت ´انجريد´ هذه الكلمات بحدة كانها تعيش اهم لحظات حياتها و تتخذ اهم قراراتها ، وهنا خفف ´يانيس ´ قبضته عليها وخطا عدة خطوات على المرسى وهو يولي ظهره لـ ´انجريد´ ، ثم اغمض عينيه وقال كانه يوجه حديثه إلى السماء .
- ´انجريد´ يجب ان تعرفي انني كنت قلقا جدا عليك عندما اختفيت في التيار ...
- اه لكنني لم اشك في ذلك دقيقة واحدة ، فالسيد غالبا ما يشعر بالقلق على خادمه اذا هرب منه !
- كلا . لم ارد قول ذلك ، عندما تحدثت الأن . كنت اقصد ... لم تترك له الفرصة ليكمل جملته وقالت .
- اسمعني ! اعترف انني فوجئت بتصرفك وقولك ، ولكن الشيء الوحيد الحقيقي هنا هو ذلك الكلام الذي قلته لي عندما تزوجتنى !
توقفت قليلا لتأخذ أنفاسها وتتمالك اعصابها وكان يانيس قد اقترب منها وهو لا يزال صامتا .
- انا لا احتمل هذا الفراغ الذي أعيش فيه وأريد ان أعود كما كنت , اريد ان اعرف ما هذا الذي يحدث بيننا وما الذي تشعر به نحوي ... اذا كنت حقا قادرا على ان تشعر بأحساس ما ؟
- احساس ما ؟
امسك ´يانيس´ بقبضة يدها ، ثم جذبها نحوه بعنف ، وفي هذه اللحظة سيطرت على ´انجريد´ الرغبة في معرفة الحقيقة ومعرفة المستقبل اكثر . من رغبتها فيه شخصيا ، فابتعد عنها ´يانيس´ . ومن الطبيعي ان تستخدم ´انجريد´ جاذبيتها كالعاده لتثنيه عن عزمه وتهدئ من حقده ولكن الآن هاهو ذا يقرأ التحدي في عينيها ويقرأ مطالبها ايضا ، لقد اضعف من نفسه امامها عندما تركها تشعر بتمسكه بها .
ومن الآن فصاعدا ، ستمتلك انجريد السلاح الذي يجعلها تنجح في تغيير مسار المعركة ، وستنجح ايضا في جعله يتولى الدفاع عن نفسه .
وبدا `يانيس ´ يشعر بذلك ولكنه يرفض الاعتراف به ، وهنا استخدم كل قوته ليلصق ´انجريد´ بجسده وهو يعلم جيدأ مدى خطورة هذه اللعبة .
حاولت ´انجريد` الخلاص من قبضته فمجرد لمسه لجسدها النحيل كاف لان يفقدها اعصابها
وعندئذ قبلها ´يانيس ´ بحرارة كانه يحارب نفسه , وعندما لمست شفتاه شفتيها شعر بمدى قوة الرباط الذي يجمع بينهما . وان هذا الرباط اقوى من انجذابه لها واقوى من الماضي واقوى من الحقد .
شعرت ´انجريد´ انها تكاد تفقد إرادتها وان غضبها يتحول إلى رغبة جامحة ، فعجزت عن المقاومة والتصقت به وكان من السهل جدأ ان تنسى كل شيء فيما عدا إحساساتها المجنونة التي تولدت بداخلها ...
وعندما شعر ´يانيس ` برد فعلها ، كاد يفقد رشده وكادت شفتا ´انجريد´ تجعلانه ينسى جميع قراراته .
ثم قال بهدوء وهو ينظر إلى عينيها اللتين تكشفان عن رغبتها والى خصلات شعرها المتناثرة :
- إحساس ما ؟ هل اقنعتك هذه الإجابة ؟
- نعم ولا ... فانا لن اعرف الإجابة إلا إذا اصبحنا عشيقين .
همست ´انجريد` بهذه الكلمات الصريحة وهي ترتجف بشدة .
- هل انت متاكدة من ذلك ؟ هل تريدين ذلك حقا ؟
- نعم يا `يانيس ´ والآن ...
وفجاة عادت جميع الصور التي يحاول طردها من ذاكرته إلى مخيلته ، نعم إنه لايزال يرغبها كما كان يرغبها منذ ان راها اول مرة .. رغبة مجنونة , إنه يريدها بين ذراعيه .. يريد ان يحبها .. ان يذوب
بين ذراعيها ، وكانت `انجريد´ ترى هذه الرغبة واضحة في عينيه ، فشعرت بالانتصار لمدة دقيقة ولكن ´يانيس ` دفعها فجاة بعيدأ عنه .
- لا تحاولي جعل الموقف اكثر تعقيدأ مما هو عليه ...
ثم ارتسمت ملامح غريبة على وجهه وهو يهمس قائلا كانه يتحدث إلى نفسه :
- نفس الطبيعة ، متهورة وقاسية كما عرفتك ، نفس القدرة على البحث عن العيب في الأخرين حتى تتمكنى من السيطرة عليهم .
- ´يانيس ` !
امسكت ´انجريد´ يده بعنف ، فبدا كانه عاد إلى الواقع واخذ ينظر إليها فقالت له .
- `يانيس ` ، الهذه الدرجة تكرهنى ؟
- انا لا اكرهك حتى لو كنت اريد ذلك ، ولكنني اطلب منك الصبر فقط والانتظارقليلا .
- حسن ... وخلال هذه الفترة لا تنتظر مني شيئا غير ان اكون خادمة مطيعة .؟
- اطمئني .. انا لا انوي غير ذلك ...
اجابها وهو ساهم وعيناه مسلطتان على إحدى يدي الفتاة ، ثم سالها وهو يقترب منها ليرى اكثر وضوحا :
- لقد جرحت يدك !
- اعتقد انه لا خطورة في ذلك ولن يعوقني اي شيء عن القيام بعملي .. لقد جرحت في الخشب الذي يحتاج إلى أصلاح هو الأخر .
- ربما ولكن من الضروري الأن تطهير الجرح لنعد إلى المنزل ،
اعتقد انني احضرت معي بعض الضمادات والمطهرات ... عادا معا إلى المنزل وهما يسيران جنبا إلى جنب في صمت خلال الطرقات الضيقة للجزيرة المهملة ، وكانت ´انجريد` تجري بجانبه حتى
تلاحق خطواته الواسعة ولكن عندما لاحظت ان المسافة تطول بينهما قالت له في ضيق :
- الا يمكننا ان نسير بهدوء بعض الشىء ؟
وهنا لاحظ ´يانيس ` الامر واستدار نحوها وهو يبتسم في سخرية . ثم مد ذراعه نحوها ليساعدها ، لكن ´انجريد´ تجاهلت هذه الدعوة لعلمها ان مجرد لمس جسده يسبب لها تدميرا كاملا ثم سارا معا ببطء قليل وفي صمت تام . وضعت ´انجريد´ يدها على مائدة المطبخ واخذت تفحصها .
- هل تؤلمك ؟
هزت الفتاة راسها :
- كلا دعني اهتم بنفسي ، فيمكنني عمل ذلك وحدي .
ابتسم `يانيس ´ قائلا : استطع ايضا ان اكون رقيقا !
امسك يانيس يدها واخذ ينظر إلى الجرح ، فهو عميق حقا ، ثم بدا يطهره بهدوء ووضع عليه ضمادة بطريقة محترفة .
وعندئذ لم تستطع ´انجريد` ان تمسك نفسها عن التأثر بهذه الرقة غير المتوقعة ، ياله من شخصية متناقضة هذا الرجل احيانا مزعج واحيانا قاس ، واحيانا لطيف ، واحيانا عاشق ، إنه يسبب لها حيرة دائما ...
واخيرأ قال بصوت دافئ بعد ان انتهى من وضع الضمادة .
- ها هي ذي ، اعتقد ان عليك الانتظار لمدة ايام قبل ان تذهبي للاستحمام . منتديات ليلاس
ابعدت ´انجريد´ المقعد ونهضت من مكانها ، فنظر `يانيس ` إليها نظرة قاسية مما جعلها تشعر بالضيق فقد اصبح الأن اكثر تهديدأ واكثر حزما عما كان عليه منذ ساعات قليلة ، تراجعت الفتاة إلى الخلف بخجل ثم غادرت الحجرة بسرعة شديدة . وفي الايام التالية ، لم تحاول ´انجريد´ ان توجه إليه كلمة واحدة او ان تخترق عازل الوحدة الذي فرضه كل منهما على نفسه ... فهذا الرجل الذي تزوجها ، هذا الرجل ، الذي لم تعد تعرف إن كانت تريده ام لا ، عزلها عن العالم كله .
وعلى عكس ما كانت تتوقع ، لم يحاول الاقتراب منها ولو لمرة واحدة .
وفي المناسبات النادرة التي كانت تجمع بينهما كان البرود والحقد يسيطران عليه ...
تجرعت الفتاة هذه الألام بصبر ، ولحسن الحظ كانت اعمال المنزل تشغلها دائما وكانت تجد في ذلك سلواها طوال اليوم فذلك افضل من ان تجلس تندب حظها .
وبعد محاولات عديدة طوال الاسبوع ، نجحت اخيرأ في حلب ´مينلوب ` ، واصبحت `انجريد` تاتي باللبن منها كل يوم وشيئا فشيئا اصبحت تشفق على هذه العنزة الهادئة وتكن لها الحب . وفي كل يوم ، بدات الفتاة تكتشف الجديد في مواهبها كسيدة منزل وظلت العلب المحفوظة التي اتى بها ´يانيس ليستعملاها في اليوم الذي يفشل فيه في الصيد في مكانها كما هي دون استعمال . وتبقت امامهما مشكلة عويصة وهي مشكلة الخبز ... وكان على ´انجريد` عمل خبز الـ´بيتا ولكنها فشلت في ذلك وعجزت عن الحصول
على هذا الخبز ، فتارة تضع دقيقا كثيرأ وتارة تضع ماء كثيرأ وتارة
تنسى الخبز فيحترق ولكن مع الإصرار ، نجحت بعض الشيء
ووصل بها الامر إلى انها اعتقدت ان نجاحها في صنع هذا الخبز متعلق بخروج `يانيس ` عن عزلته هذا إذا ما نجحت فعلا في صنع الخبز كما كانت والدته تفعل .
ومنذ مشهد المرسى الخشبي ، لم يعد `يانيس ´ كريها كما كان ، كان
يستيقظ في الفجر ويقضي معظم يومه في الخارج ، وفي الصباح قبل ارتفاع درجة الحرارة كان يهتم باعمال المنزل حتى اصبح للمنزل بريق نوعا ما وساعد في ذلك لون الجدران البيضاء .
وبعد الظهيرة ، كان يختفي دون ان ينطق بكلمة واحدة ولم يحاول ابدأ ان يعرض على `انجريد´ فكرة الذهاب معه للصيد في زورقه التقليدي .
اما في المساء عقب غروب الشمس ، فكان يعود إلى المنزل ويجلس ليتناول طعامه وحيدأ .
اما `انجريد´ فكانت تصعد إلى حجرتها وهي عاجزة عن تحمل بروده
وقسوته وخشونة فمه الذي يتناول الطعام بطريقة الية وجسده الذي يرفض منحها الحنان .
وكم من الليالي بقيت الفتاة مستيقظة وهي تستمع إلى صوت انفاسه وحركاته ، ولم ينجح النوم ابدأ في بعث الهدوء والطمانينة إلى نفسها .
ولم تعد تشعر انها مرعوبة او انها تتفق حتى مع نفسها وقد غيرتها كثيرأ الحياة في الهواء الطلق وتحت اشعة الشمس الحارقة للبحر المتوسط ، واصبح جسدها ينعم بالصحة واخذ جلدها
الضعيف اللون الذهبي الجميل مما اضفى عليها جمالا اخاذا بجانب غموض عينيها الزرقاوين .
نعم إن الإقامة في `ليناكاريا` كانت تضفي عليها إكسير الحياة على الرغم من كل شيء ...
وكلما كان الوقت يمر كانت ´انجريد` تعتاد هذه الحياة وفي كل يوم يذهب فيه ~يانيس ~ كانت تبدا في اكتشاف الجزيرة من حولها ،فاكتشفت خلجانأ صغيرة رائعة ذات رمال بيضاء وبدات تاخذ
حمامها في احد هذه الخلجان ، كما كانت تجلس لتتامل الجزيرة
الاخرى على الجانب الآخر التي كانت تبدو براكينها كانها تتحدى سماءها .
ولكن هذه الجزيرة للاسف كانت خالية ايضا ومع ذلك من المؤكد ان الزورق الذي راته منذ فترة كان اتيا من جزيرة اخرى ولاحظت ´انجريد` وجود صخرة ملساء ، ياله إذن من مكان رائع
حيث يمكن ان تجفف نفسها اسفل اشعة الشمس ، فنزعت حذاءها
وتجردت من ثيابها وجرت فوق الرمال الساخنة على الشاطى . ثم غطست بهدوء في المياه ، فارتعشت للانتقال من السخونة إلى البرودة ولكنها سرعان ما اعتادت على برودة المياة واخذت تسبح حتى
تريح جسدها ، وفعلا نجحت لمسات الامواج في تخفيف توترها وتشنجاتها ... واخيرأ خرجت ´انجريد~ من البحر كانها حورية . وكانت قطرات المياه تلمع على جسدها وخصلات شعرها . فتمددت
على الصخرة واغمضت عينيها وشيئا فشيئا تارجحت في حلمها
وهنا سمعت صوتأ رجاليأ يقول لها بينما كانت شبه ناعسة :
- كنت اعرف انني ساجدك هنا ...
ارتعشت اهداب `انجريد` وهى تشعر انها لا تزال تحلم ولكنها فقدت خيط الحلم الرائع ، وجعلتها قطرات الماء التي شعرت بها على بطنها تقفز في مكانها ، ففتحت عينيها لترى وجها كانه وليد خيالها وعندئذ اغمضت عينيها لثانية لتفتحهما من جديد ، وهنا سمعت صوت
ضحكة عالية ، فتمتمت قائلة وهي تبحث عن ثوبها لتخفي به جسدها .
- ´يانيس ` ...
فقال لها وهو يجلس بجانبها :
- هل تشعرين بالبرد ؟
- نعم ، قليلا .
وفجاة لاحظت انه هو ايضا عارمثلها ... وان ثوبها اختفى ! فسالها برقة :
- هل اخترت هذا المكان لانه يشبه ´عدن ` ؟
حاولت الفتاة الاحتفاظ ببرود اعصابها ولكنها كانت على وعي بسرعة لدقات قلبها ونبضاتها .
_ من يعرف... على اية حال ، إذا كنت تفكر في القيام بدور ´ادم ` ،
فانا لا افكر في ان اكون ´حواء´ ، والأن كن لطيفا واعد لي ثوبي .
نهض ´يانيس ´ في مكانه وقرأت `انجريد´ في عينيه تعبيرات الإعجاب وهو يتامل جسدها ، ثم ابتسم بطريقة موحية كانه يحاول تعذيب الفتاة ، واخيرا هب واقفا وهو يمسك بالثوب بين يديه .
اغمضت ´انجريد` عينيها وهو يقترب منها ليداعبها بالثوب ، ثم
امسك بكتفيها بين يديه دون ان ينبس ببنت شفة ، فارتعشت الفتاة ولم تحاول الابتعاد عنه .
- من المستحيل ان ابقى بجانبك هنا لاجعلك ترتدين ملابسك بينما اقصى امنياتي ان اجردك منها .
ارتجفت الفتاة وهي عاجزة عن النطق بكلمة واحدة ، جذبها `يانيس نحوه والتصق بها وهو يقبلها ، فهمست ´انجريد` وهي تشعر بالثوب ينزلق من جديد بعيدأ عنها :
- اه ، ´يانيس ´.
اخذ يقبلها برقة وهي تلف ذراعيها حول رقبته .
- لقد اتيت بحثا عنك يا ´انجريد ` ...
كانت العاطفة تتاجج في عينيه ، فهاهو الأن قد قرر منح نفسه حق تذوق الفاكهة المحرمة ، تركت `انجريد` نفسها بين ذراعيه سعيدة في نفاد صبر وهو يقبلها بلهفة وحرارة .
كانت السماء والشاطئ والبحر تترنح حولهما . وكانت الشمس تضيء الشاطئ ببريقها وترسل اشعتها الرائعة حية مثل رغبتهما .
- `يانيس ` ، إنني ارغبك واريد ان اصبح امراتك ... ثبت ´يانيس ´ نظرته عليها لحظة وهو متردد بعض الشيء ، ثم التصق بها فجاة كانه محارب قوي نعم إنها تحبه هكذا فخورا ،
ومتسلطا ارتعشت الفتاة عند تخيل ذلك وارتبكت لدرجة ان اغرورقت عيناها بالدموع وعندما لاحظ ´يانيس ´ تاثرها ابتعد عنها قليلا ونظر إليها بعمق شديد .
كانت `انجريد´ مشرقة وجميلة اكثر من اي يوم مضى . وكانت لا تريد التفكير في اي شيء ولكنها تريد فقط الإحساس والإنصات ! التنفس والاستمتاع ، كانت تريد ان تعطي وتاخذ ، همس ´يانيس
وعيناه تلمعان :
- إننى اريدك ... واريدك الأن ...
وفجاة استولت عليهما رغبة عارمة فالتصقا ببعضهما واستمتعا باسعد لحظات حياتهما وكم فرحت ´انجريد´ كثيرأ بكونها اصبحت امراة وساحرة .
شعرت ´انجريد´ ان كل شىء يترنح حولها وشعرت بسعادة `يانيس الذي كان يقطف احلى كلمات الحب من فمها العذب ...
بدا البحر كانه يقضي نحبه على الشاطئ .. وشيئا فشيئا استعادت ´انجريد` وعيها على صوت الامواج وفتحت عينيها .
- لقد تزوجنا حقا الأن ...
ظل ´يانيس ´ صامتا لفترة فانقبض قلب ´انجريد´ ونهضت قليلا تنظر إليه .
- ولكن ذلك لايعني انني احبك .. على اية حال يمكنك ان تطمئني صديقتك العزيزة `جلاديس بوسورث ´ على شهرة العشاق اليونانيين ...
- اتركني وحدي ، ارجوك ، اتركني وحدي انتهى
|