كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
شعر شايد بغضب متعذر تفسيره, فقال صارفا بأسنانه:" ليس عليك أن تكرر هذا القول. أن تخبر رجلا أنه لا يستطيع أن يحصل على شيء معين يزيده تصميما على الحصول عليه".
-إنس هذا, يا أخي. لا يمكنك أن تحصل على تيس لونيغان.
فزمجر شايد يقول:" أتريد آخر المعلومات؟ هذه هي المعلومات. اهتمام السيدة منصب على عملها وهي لا تحتاج الرجل إلا إذا كان سلما للارتقاء في عملها. اظن أنها ما زالت تحب زوجها الراحل وهي تعاني من إحباط جنسي لا يتلاءم مع الزواج. هل أنت سعيد؟".
فقال الأخ:" غدا مساء ستقدمها إلى الرجل الذي اخترناه لها. هل لديك سؤال؟".
-نعم لدي سؤال. . . و سؤال كبير. . . إنها لم تطلب من اللجنة أن تساعدها في العثور على زوج بل في العثور على زوجين لصديقتيها. . . فلماذا تتدخل في حياتها هي؟
-كان أخوها قد وضع اسمها على قائمتنا قبل أن تأتي هي إلى اللجنة. كان قدومها لأجل زوجين لإيما و رين مجرد مصادفة.
يالجهنم! سيشنق سيث! قال:" ولماذا يطلب شقيق تيس هذا لها؟".
فقال شيدو بنعومة:" ألا تظنها تستحق أن تكون سعيدة؟".
-تستحق؟ يبدو لي هذا عقاب لها.
-لأنك تعتبر الزواج عقابا, لا يعني أن كل شخص يوافقك الرأي. يبدو أن تيس هي أيضا لا توافقك الرأي و إلا لما طلبت منا العون لتزويج صديقتيها.
رغم رغبة شايد في الاحتجاج على هذا الاستنتاج المنطقي إلا أنه لم يستطعز ولكن, لماذا يقاوم ما لا مناص منه؟ لقد سبق و ذكره بأن اللجنة لم تخطئ قط كما أنه رآهم يعملون و رأى مدى حسن اختيارهم في الماضي. ومهما كان من اختاروه ليكون زوجا لتيس فهو حتما الأفضل لها.
وسأل أخاه رغما عنه:" لكن من هو ذلك الفارس, على أي حال؟".
ولما استلمت رئيسة شيدو دفة الحديث قالت:" إنها تعرف الرجل, و أنت أيضا. وهذا هو السبب في اختيارك لهذه المهمة. لقد أرسلنا إليك المعلومات الاولية عنه عبر الإنترنت. كل ما عليك أن تفعله هو أن تشجع العلاقة الغرامية بينهما".
-علي أن أعرفهما ببعضهما البعض ثم أدع الطبيعة تفعل فعلها؟
-هذا هو المفروض.
-هذا حسن. سأبدأ غدا. أي سؤال آخر؟
و جاء دور شيدو في انهاء الحديث:" شيء أخير. . . قم بعملك".
لم يعد هناك ما يقال فوضع شايد الهاتف في جيبه ثم أخذ يحملق في الشوارع الخالية. حسنا, سيقوم بعمله, كعادته دوما. لكنه لم يشعر قط من قبل يمثل هذه الكراهية لمشروع زواج بسيط. ربما إذا قابل هذا المرشح للزواج فسيغير رأيه. وربما سيقر بانهما متلائمان تماما. لكنه, ولسبب ما, شكك في هذا. عندما تذكر حركاتها وهي بين ذراعيه, ازدادت شكوكه. إنه مؤمن تماما بان اللجنة مخطئة.
و سيفعل كل ما بإمكانه ليثبت ذلك.
***
وصل شايد في السادسة و الربع. فتحت له تيس الباب فجاهد ليتمالك نفسه. بدت مذهلة بسترتها القصيرة المطرزة بالخرز اللامع التي أبرز لونها بياض بشرتها الناصع وحيوية شعرها و أضفى على لون عينيها ظلا أزرق. وقد رفعت شعرها إلى أعلى و انتعلت حذاء عالي الكعبين, كما لفت نفسها بجو بارد ناء جدير بأن يجعل اميرة الثلج نكرة.
سره أنها مالت إليه مسترخية بين ذراعيه ثم تأوهت. ولم تكن ردة فعلها هذه نتيجة توتر أعصابها بل عن وعي. . . إنه بالضبط ما تتمنى أن يلحظه زملاؤها في العمل. وكأنما أدركت تيس ذلك هي أيضا, فتراجعت خطوة إلى الخلف, رافعة الحواجز بينهما بسرعة بالغة.
تمتم يقول:" لن أخبر أحدا".
فرفعت حاجبها:" لم أفهم".
قال مازحا:" لن أخبر أحدا بأنك أنزلت دفاعاتك عندما لمستك فهذا سرنا الصغير".
تصارع على ملامحها الغيظ و التسلية, وبعد لحظة افتر فمها عن ضحكة:" يا لك من رجل صعب".
-هذا ما قيل لي.
حدقت إليه بإحباط لا تدري كيف تتصرف معه, ثم قالت:" لقد قررت, بعد خروجك الليلة الماضية, ألا أدعك تؤثر في مرة أخرى".
لم يستطع أن يقاوم رغبته في ملامسة عنقها الجميل مرة أخرى:" لا تأسفي لهذا. لقد صبرت ثلاثين ثانية كاملة".
فتلاشت ابتسامة التسلية عن شفتيها و هي تهمس:" بل خمسة. كانت خمس ثوان فقط".
يا لجهنم. . . إنهما في ورطة حقيقية وارتجفت ذقنه وقال:" إذا نحن لم نخرج الآن, فلن نخرج أبدا".
تناولت حقيبة يدها الصغيرة من على منضدة الردهة, و أشارت إلى الباب قائلة بلهجة رسمية:" هل نخرج؟ لا أريد أن نتاخر".
و شايد لا يريد ذلك أيضا. كان مستعجلا ليعثر على زوج المستقبل لتيس و ليدفعهما إلى انشاء علاقة غرامية. . . ومن ثم يخرج من حياتها, و تحصل هي على السعادة إلى نهاية العمر. سيكونان راضيين. هو سيذهب في طريقه, بينما تذهب هي في طريقها. تبعها إلى الخارج وهو عاجز عن أن يبعد نظراته عن حركاتها المغرية. سار بجانبها وهو يطوقها بذراعه. نعم. سيذهب في طريقه. . . في النهاية.
قاما بالرحلة إلى قلب المدينة صامتين. وعدا عن نظرة سريعة متأملة لم تعلق تيس كما التزم هو أيضا الصمت. فقد تملكه الشك في قدرته على الكذب عليها إذا ما سألته عن قدرته على تسوية اموره بالراتب الذي سيستلمه من وكالة الوظائف المؤقتة. فلسوء الحظ, ستطرح مزيدا من الأسئلة التي لا يريد الإجابة عليها. كيف يمكنه أن يشرح لها أنه يمضي معظم أيامه في ادارة الثروة التي كسبها من سوق الأسهم اثناء عدم انشغاله بعمل المحرض؟.
و لسبب ما, تملكه الشك في أن يمر هذا الأمر بسهولة.
وصلا إلى الحفلة الخيرية المقامة من أجل مرضى السرطان مبكرين فاغتنمت الفرصة لتقدمه إلى زملائها في العمل و إلى رئيسها آل بورتمان, وهو رجل بدين بشوش دو عينين ذكيتين داهيتين. وخشي شايد أن إقناع هذا الرجل بحميمية علاقتهما يتطلب الكثير. و بعد أن قاما بجولة, ابتدأ الرقص, فطوق شايد خصر تيس بذراعه وسار بها إلى الحلبة.
همس في ذهنها:" حان الوقت لنبدأ العرض".
تملكه الارتياح عندما لم تبتعد عنه بل تقبلت عناقا خفيفا. اشتد عناقه ولامست يده ظهرها برقة فاندست به و كأنه حبيبها حقا, على الأقل وهما في طريقهما إلى الرقص. وعندما رقصا خطوات عدة رفعت بصرها إليه وما إن التقت نظراتهما حتى تعثرت.
رد فعلها تجاه هذه الغلطة لم يكن جيدا فقد جمدت مكانها و بدا الحذر في عينيها:" لا أدري إن كنت أحسن هذه الرقصة".
قال مشجعا وهو يلتزم بالخطوات التمهيدية:" طبعا يمكنك ذلك".
همست له بذعر:" أرجوك يا شايد قلت لك إنني لا أريد أن أرقص معك مرة أخرى".
-أتذكر هذا كما أنني أنذرتك بأننا سنجرب هذا مرة واحدة.
-من فضلك, في هذه الحالة, أن نترك حلبة الرقص و إلا أفسدت كل شيء.
|