كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
تملك شايد غضب غير معقول. وتذكر, بشكل غامض, أنه مدين لغرايسن بشيء ما. . . بشيء يتعلق بتيس. . . آه, نعم. وارتسمت ابتسامة عريضة شرسة على وجهه. إنه مدين له بلكمة على الأنف, ومزاجه الآن مناسب تماما لذلكز فقال له ساخرا:" هل كان الغداء جيدا؟".
وسرعان ما اشتبك الرجلان متراجعين ليصطدما بأقرب جدار, فيما غرايسن يسأله:" لماذا تلقي بخطيبتك في وجهي في كل مناسبة؟".
فأمسك شايد بعنق صديقه القديم:" هل لمستها؟ أقسم, لو أن ذلك حدث. . . ".
التهبت عينا غرايسن الزرقاوان و أمسك بياقة معطف شايد:" لمستها بكل تأكيد. لقد هززنا المطعم كما لم يهتز من قبل".
وقبل أن يفعل شايد ما هو أكثر من النطق بشتيمة واحدة, كان رئيس الندل يقف بجانبهما:" أيها السيدان, لا ترغماني على أن أطرد اثنين من أفضل زبائن مطعم بيت ميلانو و كأنهما تلميذان فوضويان".
نزلت كلماته الهادئة عليهما و كأنها ماء بارد. و تشابكت نظرات الرجلين, ثم تركا بعضهما بعضا رغما عنهما فيما تمتم شايد:" معذرة, يا جورجيو. لا أدري ما الذي حدث لي".
بدا التسامح على وجه جورجيو:" لطالما كانت ذوات الشعر الاحمر نقطة ضفعي أنا أيضا. لكنك ستجد ان السيد شو لا يشاطرك الرأي".
وبنظرة تحذير أخيرة, عاد جورجيو إلى مكانه خلف مكتبه, بينما هز غرايسن راسه وقد حلت التسلية على وجهه مكان الغضب:" إنه محق! صحيح أن تيس رائعة الجمال, لكنها ليست من النوع الذي أحبه من النساء, وهذا يقودنا إلى سؤال هام وهو, لماذا كنت تدفعها نحوي أثناء الأسبوع الفائت؟ إذا كنت ترديني أن أتبرع إلى جمعية الإيثار فأطلب مني ذلك".
-هذا حسن, ماذا عن تبرعك بمبلغ؟.
-أنا جاهز.
-عظيم. هل يهمك أن أذكرك بأنها ليست خطيبتي فعلا؟.
ودس يده في شعره. لم يشعر قط من قبل بمثل هذا الارتباك إذ كان يكفيه أن يدفع الآخرين إلى علاقات عاطفية من وراء الكواليس.
-لا يهمني ذلك مثقال ذرة. . . و الآن, هات ما عندك. ما الذي يحصل حقا؟.
فتنهد شايد:" الأمر لا يهمك حقا, أليس كذلك؟".
-لو لم يكن هناك امرأة أخرى , لأغرتني الفكرة و لكنني غير مهتم. ولو أنني أشعر نحو امرأة بما تشعر به أنت نحو خطيبتك المزيفة لما تصرفت كالأحمق, بل سعيت لأحقق حلمي.
وعبس شايد. لماذا لم يفكر في ذلك فعلا؟ وقال:" أنت لست على علم بشيء إذن؟".
-لم يسبق أن كان لي أي علم بشيء. أخبر تيس بأنني سأدع سكرتيرتي تكتب لها شيكا في بداية الأسبوع القادم.
وأشار غرايسن برأيه إلى قاعة الطعام متابعا:ط إنها بالمناسبة, تنتظرك. أخبرتها أنك لن تحضر لكن يبدو أنك قلت لها العكس ما حسم الموضوع بالنسبة إليها. إنها تثق بك, و يجب أن تبذل جهدك لئلا تدمر هذه الثقة".
-أنا لم اكذب عليها.
ليس بالضبط.
-أتظنها سترى الأمور كما تراها أنت؟ انتبه يا شايد, فهي مجنونة كجهنم. . . و أنا لا ألومها. حاول أن تقول لها الحقيقة فقد ينجح ذلك من يعلم؟.
قال هذا وتوجه إلى المصعد, تاركا شايد ينظر في أثره. هذا يكفي بالنسبة إلى لجنة التزويج. ما الذي كانوا يفكرون فيه؟ الرجل لا يريدها, و هذا يعني طبعا أن غرايسن مخبول. لكن اللجنة لم تأخذ هذا بعين الاعتبار عندما اختارته.
سار شايد إلى قاعة الطعام باحثا عن تيس, فرآها عند مائدة بجانب النافذة. بدت مغتاظة للغاية ما جعل وجنتيها تتوهجان و عينيها الزرقاوين تعتمان, حتى شعرها الأحمر بدا ناريا أكثر من المعتاد. وعندما رأته, تناولت كأسها و أخذت جرعة كبيرة منه.
ما الذي أخبرها غرايسن به؟ لا يمكن أن يكون الكثير. . . و إلا لما بقيت في انتظاره هنا. وصل إلى المائدة ووقف أمامها بجانب الكرسي, متلهفا إلى أن يأخذها بين ذراعيه, و إلى جهنم باللجنة. لكن هذا لا يعني أنها سترضى بذلك. وبنظرة واحدة إليها أدرك أنها تركز اهتمامها كله على العمل.
جاهد للتحكم في نفسه وهو يقول بلهجة عملية:" هل أجلس؟".
-فقط إذا كنت مهتما بعملك.
فقال وهو يجلس:" لا بأس, حتى الآن الأمور جيدة. آسف لتأخري".
-و أنا أيضا. لقد انهيت لتوي واحدا من أكثر الغداءات , التي شاء سوء حظي حضورها, إرباكا.
سألها بادب:" إرباكا؟ وكيف ذلك؟".
-دع مظهر البراءة هذا يا شايد فهو لن ينجح.
وكورت يدها الصغيرة وضغطتها على فمها:" قل لي إلى أي حد تعرف غرايسن؟".
تلاقت أعينهما فنبذ من ذهنه فكرة معانقتها. كان يرجو ألا تكتشف حقيقة صداقته مع غرايسن إلا بعد أن تحصل على الترقية. لكنه كان مستعدا لفتح الموضوع إلى حد ما, فقال:" إنني أعرفه بما يكفي".
|