كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
فقالت تيس مذعورة:" ما الذي جعل أديليد تسمي أولادها توم, ديك, و هاري, وهي تعلم أن هذا سيثير التهكم؟ هل تكره اولادها؟".
-لديها ما يسمى. . . بروح الفكاهة و الدعابة. لقد قالت لي مرة إنها اختارت هذه الأسماء بالذات كيلا تزعج نفسها بتذكرها. و أظنني صدقتها لدقيقتين كاملتين قبل أن تفضحها غمزة من عينها.
-واولادها المساكين؟
-إنها في الحقيقة, امرأة رائعة, لكنها. . .
-فريدة من نوعها.
-بالضبط.
وقطب حاجبيه:" هل قلت إن أديليد هي السبب في استخدامك لي؟".
-نعم.
-هذا لا يصدق. ألم تستطيعي معالجة الأمر مع سمسارة الزواج المجنونة هذه من دون اللجوء إلى هذا التصرف المتطرف؟.
نزلت تيس عن كرسيها و سارت مبتعدة عن الضوء, ثم التفتت إليه:" لمعلومات, بقيت أعالج الأمور معها لخمس سنوات, وكنت لاستمر في ذلك لولا هذا التعقيد".
بقي واقفا مكانه وقد أحال الضوء عينيه إلى فضة خالصة:" دعيني أخمن. ديك سميث يؤثر مباشرة في ترقيتك".
-بالضبط. بعد أن فشلت مع كافة الرجال الذين عرفتني بهم معتقدة أنهم جديرون بالاحترام, صممت على أنني و ابنها متلائمان تماما, ولم أستطع تغيير رأيها.
-لماذا لم تقابلي الرجل و تخبريه برأيك و تنتهي منه؟
-لقد سبق وخمنت بنفسك. إنها الترقية.
-ثم؟
-الم يفهم بعد؟ و أجابت:" إنه نزاع المصالح".
هز كتفيه فشدت هذه الحركة البسيطة سترته السوداء الضيقة على كتفيه العريضتين. وغاظها اكثر أنه غافل عن التأثير الذي أحدثه فيها. ربما إذا أدرك مدى تأثيره فيها, سوف. . .
وكبحت آهة غيظ. سوف يفعل ماذا؟ يحول عينيه من لون الزئبق إلى شيء آخر يصعب وصفه؟ يخفف من قوة رجولته؟
الحمد لله لأنها تقف في الظلمة بحيث لا يرى انفعالاتها فهذا هو الأمر الوحيد الذي أنقذها من الشعور بالمهانة. وتملكها الارتياح حين قال وقد بدا غافلا عن أفكارها:" هيا, يا تيس. كوني عاقلة و أخرجي مع الرجل. سترين كم سيبدو الأمر غريبا لاسيما مع تلك الأم الحلوة الشاعرية. عندئذ, يمكنك أن تطلبي منه مليونين".
-وبعد ذلك؟ ماذا سيحدث عندما يقف في بابي و يطلب مني أن أريه مدى تقديري لذينك المليونين؟
-الأمر بسيط. مدي يدك له قائلة إنه يسرك جدا أن تتعاملي معه. و كلما كان في الجوار, يمكنه أن يتكرم بشيك آخر. ما مدى صعوبة ذلك؟
-كلام ظريف لكنه غير واقعي, هذا عمل جاد.
-ادرك ذلك.
-لا. لا أظنك تدرك. إننا نتحدث عن متبرعين يدفعون آلاف الدولارات لأسباب يمكن أن تعني الفرق بين الحياة و الموت لأناس لا يحصون. إننا نبحث باستمرار عن أقل عيب في طريقة إدارة المال الذي نكسبه, وفي طريقة الحصول عليه أيضا. لا يمكنني أن أقيم علاقة شخصية مع متبرع. أنا لا أطلب أموالا بتلك الطريقة.
-تبا يا تيس. لم أكن أعني الاقتراح. . .
فقاطعته:" لكن أناسا آخرين يفعلون ذلك. وهذا هو السبب في وصولي إلى حد التطرف باستخدامك. لو كنت مرتبطة بعلاقة جادة و تعاملت مع ابن أديليد, لبدا الأمر امرا عمليا بحتا. لكنت قابلته و سرحت له الطرق التي ننفق فيها التبرعات على ميراث الإحسان التي نساندها. فإذا رفض, سيعيد شخص آخر الكرة معه في المستقبل, و إذا وافق أفوز بالترقية بالجتهادي الخاص".
فتمتم بجفاء:" الموت ولا العار. هذا هو الامر؟".
-غالبا. لا ترقية في العمل إلا بعد جهد جهيد.
-ماذا ستفعلين الآن, إذن؟
-أراجع الملفات اولئك الثلاثة و أرى إذا كان فيها أي معلومات تساعدني في اختيار الطريقة التي أصل بها إليهم.
-في هذه الحالة, سآخذك إلى بيتك لتعملي.
شكرته, شاعرة بأنها مدينة له بأكثر من مجرد كلمة شكر بسيطة. أكثر بكثير. و تابعت تقول:" كما أقدر لك صونك لسمعتي الليلة. لم تكن مضطرا لأن تخبر آل أننا مخطوبان. أعرف أنك أردت أن تحمي سمعتي. وكنت على صواب في قولك إن إعلان خطبتنا هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الوضع, ولو أنك لم تخترع ذلك العذر, لكان آل. . . ".
فقاطعها:" انسي ذلك. كل مشكلة ستحل في النهاية. تماما كما سنجد حلا لخطبتنا أيضا".
لم تستطع إلا أن تعجب به:" تبدو واثقا تماما".
فقال وهو يحمل لها الملفات:" هذا لأنني كذلك. أمستعدة أنت للذهاب؟".
-نظرا لطول الليلة التي تنتظرني, أظن أنه من الأفضل أن نذهب.
غادرا المكتب, ثم ألقيا على الحارس تحية المساء. كانت سيارة شايد وحدها في موقف سيارات الموظفين. أخذت تفكر لحظة. الكثير من الغموض يحيط بشايد. . . السيارة, الخاتم, معرفته بالكثير من المحسنين. . . ستحاول حل هذا اللغز حالما تجد وقت فراغ.
تمتم يقولو قارئا افكارها مرة أخرى:" لا تدعي هذا الامر يزعجك".
فاجابت باسمة:" لن أفعل. قريبا ساكون فكرة واضحة و بعد ذلك لن يزعجني شيء".
لم تستغرق رحلة العودة إلى البيت طويلا. وعندما أوقف السيارة أمام بابها, سألها:" أتردين مساعدة في مراجعة الملفات؟".
-لا, شكرا. يمكنني القيام بالعمل وحدي.
وتثاءبت, فقال:" لا أشك في ذلك. لكنني فكرت فقط في أن اثنين ينجزان العمل أسرع من واحد. هل تقبلين بذلك غذا أنا وعدتك بأن هذا ليس عذرا لكي أغويك؟".
قال هذا باسما بعد أن رآها تقطب جبينها فردت:" كان علي أن أعلم أنك لن تستخدم أسلوبا واضحا بذلك الشكل".
فضحك ودس خصلة من شعرها خلف أذنها ثم لامس خدها:" بل كنت سافعل. ولكن ليس الليلة ولديك شيء هام كهذا؟".
هل رغبتها في صحبته نابعة من مجرد مشاعر جسدية؟ وسألته:" أتظن حقا أن بإمكانك المساعدة؟".
-ما كنت لأعرض المساعدة لو أنني لا اظن ذلك.
أومأت, مذعنة لمشاعر تعبت في كبحها:" لا بأس. أدخل. ربما, بجهدنا معا, يمكننا أن ننهي هذه الملفات قبل شروق الشمس".
في الداخل, غيرت ملابسها إلى بنطلون جينز و قميص فضفاض يغطي جسدها كله و يصل إلى ركبتيها, ثم شمرت عن ساعديها وجهزت إبريق قهوة يساعدهما على السهر.
في غرفة العمل كان شايد ينتظرها بعد أن خلع سترته الرسمية السوداء ووضعها بالقرب من ربطة عنقه, ثم فتح أزرار قميصه الأولى. بخلعه ملابسه الخارجية المتحضرة, بدا أسمر خطرا و جذابا للغاية. كان يجلس على حافة الأريكة و أمامه الملفات الثلاثة على طاولة القهوة. لا! إنها الاريكة نفسها. وتعثرت فوقفت وقد تذكرت ما جرى بينهما في آخر مرة جلسا فيها على هذه الأريكة. هل كان ذلك الليلة الماضية فقط؟ هذا أمر لا يصدق.
|