كاتب الموضوع :
حفيدة الألباني
المنتدى :
ركن شهر رمضان المبارك
حب الصائمين لربهم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
فان امتثال أمر الله عز وجل بصيام شهر رمضان تزيد من محبة الله عز وجل في قلب الصائم. وأولياء الله عز وجل يحبون ربهم تبارك وتعالى حباً عظيماً (( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )) (المائدة: من الآية54) . وليس العجب من قوله [يحبونه]. ولكن العجب من قوله [يحبهم] يخلقهم الله ويرزقهم ويعافيهم ثم يحبهم.
ولمحبة الله عز وجل عشر علامات من فعلها فقد أحب الله حقيقة لا ادعاءً.
أولها: محبة كلامه الذي تكلم به وأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وحيا. والشوق إلى تلاوة هذا الكلام وتدبره والأنس به. وإصلاح القلب بتعاليمه وتسريح الطرف في رياضه والسهر به في جنح الليالي وحنادس الظلام، والعمل بمقتضاه وتحكيمه في كل شئون الحياة.
ثانيها: محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه وكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وإعتقاد عصمته وإتخاذه أسوة.
(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) (الأحزاب: 21)
والعمل بسنته بدون تحرج ولا تهيب ولا تذبذب (( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) (النساء: 65)
ثالثهما: الغيرة على محارم الله، والذب عن حدود الله أن تنتهك، والغضب عند إهانة شيء من شعائر الإسلام، والتحرق على هذا الدين، والتألم لواقعه بين أهل البدع والمجاهدة بالقلب واللسان واليد ما أمكن لنصر شرع الله وتمكين دين الله في الأرض
رابعها: التشرف بولاية الله تعالى والحرص على نيل هذه الولاية، وصف الله أولياءه فقال (( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )) (يونس: 62)
وقال سبحانه (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )) (المائدة: 55)
خامسها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النفس والنفيس في ذلك فهو قطب رحى الإسلام وسياجه وترسه الذي يحتمي به (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) (آل عمران: 104)
وتزيد هذه الصفة إشراقا في شهر رمضان، ويبذل الصائمون الصادقون نصيحتهم ودعوتهم لعباد الله متحسبين الأجر من الله تبارك وتعالى.
سادسها: الإجتماع بالصالحين وحب الأخيار والأنس بمجالسة أولياء الله وسماع حديثهم والشوق إلى لقائهم وزيارتهم والدعاء لهم، والذب عن أعراضهم ،وذكر محاسنهم ونفعهم بما يستطاع فالله عز وجل يقول (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) (الحجرات: من الآية10).
ويقول (( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ ))(آل عمران: من الآية103).
سابعها: التقرب إلى الله بالنوافل والتوصل إلى مرضاته بالأعمال الصالحة صلاة وصياماً وصدقة وحجاً وعمرة وتلاوة وذكراً وبراً وصلة إلى غيرها من الأعمال
.قال سبحانه(( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا عَابِدِين)) (الأنبياء: 90) ويقول سبحانه في الحديث القدسي الصحيح(( وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه))
ثامنها: تقديم حب الآخرة الباقية على الدنيا الفانية والتهيؤ للقاء الله عز وجل، والتزود ليوم المعاد وإعداد العدة لذاك الرحيل المرتقب.
تزود للذي لا بد منه فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد
تاسعها: التوبة النصوح وترك المعاصي والمخالفات والإعراض عن اللاهين اللاعبين من أهل الانحراف والفجور فإن مجالسهم حمى دائمة وسم زعاف وداء مستمر (( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)) (الزخرف: من الآية67). ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (( المرء يحشر مع من أحب ))
عاشرها: تمني الشهادة في سبيل الله وارتقاب ذاك اليوم الذي تقدم النفس فيه خالصة لله. وبيع النفس والمال والولد من الله وعدم العود في هذا البيع العظيم والصفقة الرابحة.
قال سبحانه (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ))(التوبة: من الآية111).
اللهم زدنا لك محبة وفيما عندك رغبة، وإليك إنابة، إنك على كل شيء قدير..
|