تذكير بنهاية الفصل الثالث + الفصل الرابع
توجه الجميع صوب رجل الأمن في الدرجة الأولى وسأل مجدي : السلام عليكم
، معلش إحنا شممين ريحة حريق هوه فيه حاقه .
رجل الأمن : لا مفيش حاقه يمكن ريحة المكينة .
سعود : كيف ريحة المكينة ؟ وانا الحين نشمه .
رجل الأمن : متخفش دي الريحة حتروح بعد شوية ، ارجعوا لكبائنكم ولو
فيه حاجه حيأولولكم وحتسمعوا صفارة الانزار.
إبراهيم : ياشيخ ببنتظر لين نسمع صفارة الانذار خلنا نروح للسطح
نشوف الخبر .
صعدوا للسطح وفي الدرج لقوا شباب مصريين وسعوديين
يسرعون في النزول للأسفل والبعض يقول : أنا شفت الدخان
من الشبابيك أكيد فيه شيء .
جمد سعود في مكانه وارتعدت فرائصه ثم قال : لهالدرجة يكذبون علينا
هذي حياة وممات ، إذا كان الدخان طلع من السفينة أكيد حريق كبير .
مجدي : أكيد بس ليه التكتم دا ؟!!
إبراهيم : الهلع أخطر من الحريق ، خلنا ننتظر تحت لين نشوف الخبر .
مجدي : لا مستحيل خلينا على السطح أنت عارف لو خرج الركاب حيتدافعوا
ونموت بالرجلين .
سعود : طيب ننزل ونآخذ شناطنا .
إبراهيم : أجل بسرعة هذولي مدري وش عندهم
طرقات على الباب أيقظت سارة من نعاس لذيذ استطاع التسلل إلى عينيها
هبت مذعورة وتذكرت أين هي أجابت من بالباب متوقعة أن يكون الموظف
ارسل في طلب الدكتور: مين ؟
الطارق : معليش يا أختي أنا جاركم إلي في الكبينة مراتي بتولد ممكن
تؤعدي معاها شوي لحد ما أنده للدكتور ؟
سارة وهي تنظر لفهد : آسفة ما أقدر أطلع .
الطارق : بس عشر دأآآآآيأ وراجع ، لوجه الله يأختي .
سارة تفرقع بأصابعها وقد ارتابت وخشيت ان تكون مقاصده سيئة
ثم قالت له : طيب عطني رقم الكبينة وابجي أنا وزوجي .
وهي تعلم أن فهد محموم لكنها أيضا لن تدع المرأة تعاني لمجرد
شكوكها ,أعطاها رقم الكبينة ثم توجهت إليها وطرقت الباب وهي مترددة
، فتحت لها طفلة صغيرة لم تتجاوز الست أعوام ، وقد ظهر عليها الحزن
قائلة : ماما بتولد يا أبلا حتجيب نونه صغنن .
سارة : إن شاء الله ، حبيبتي فين ماما .
الأم في الداخل : منار سيبي طنت تُخش، تفضلي ، هو المكان ديأ والوقت
مش مناسب بس أنا ..
ثم سكتت من ألم الطلق فدخلت سارة وجلست بالقرب منها :بسم الله عليك ،
رددي الأذكار ، والزلزلة .
أم منار : الحمد لله أولتها بس الزلزلة لسا .
سارة : قوليها ويسهل الله أمرك ، عندك تمر ؟
أم منار : لا مكنتش عارفة إن الولادة حتتأدم بالسرعة دي .
سارة : أنت في أي شهر ؟
أم منار وهي تقاوم طلقة من المخاض : في بداية التاسع ومعرفش يوم
منار كملت الشهرالتاسع
سارة تقرأ عليها الزلزلة ومنار تقف عند رأس أمها تمسح دمعة ألم :
ماما هوا بيوجعك ؟!
أم منار تواسي صغيرتها : لا ياحبيبتي بس لازم أعمل كده عشان..عشان
يتنفس .
طرق الباب أبو منار : أم منار عندك حد ؟!
منار تقف عند الباب :أيوه يابابا عندنا طنت جارتنا .
تبسم أبو منار مع أنه أتى بوجه غير الوجه الذي ذهب به وقال :
متشكر وجزاك الله خير ، ألولي حيبعتوا الدكتور بعد ربع ساعة .
سارة مفكرة : مثل ماقالوا لي ، آآآآآآه ياليتك تدبر نفسك قبل
ماتولد في مكانها .
ثم وقفت قائلة : أجل أترككم وإذا احتجتي شيء بلغوني .
أم منار : مش عارفة أشكرك الزاي ، الله يوفأك ويجزيك كل خير .
خرجت سارة وهي تفكر فيما حدث ليغير حال أبو منارووقفت تأمل أن تجد
فهد جالسا على السرير ينتظرها
دخلت متسللة بكل هدوء تحسست جبينه مازالت حرارته شديدة
هزته لتوقظه ففتح عينيه الذابلتين وأمسك بيدها وقال : سارة وينا
فيه ؟
سارة والدمع قد تجمع في مقلتيها : في العبارة ياحياتي ،كيف حالك
أحسن ؟
فهد : الحمد لله لا تروحين عني أسمع أصوات وناس وأنا نايم , وأحس نفسي
مكتوم .
سارة تقبض على يديه بكلتا يديها : طبيعي الحمى شديدة ، ومن شوي
جارتنا تكلمني عند الباب
فهد : أبي مويه .
سارة : فديت قلبك ، ابشر . ثم فتحت قنينة الماء وأسندته لتسقيه
الماء ، هدوء لا يسمع فيه إلا صوت تجرع فهد الماء ، اعادت رأسه إلى
الوسادة ومسحت شفتيه .
جلست بجواره وعلى شفتيها شبح ابتسامة وهي تفكر : ياليتني سمعت شورك
،ثم نهضت لتدخل الحمام وتفاجأت برائحة حريق ودخان يكاد يكون غير
ملحوظ تنهدت : آآآآآآآآه يارب لطفك .
رن هاتفها الخلوي سارعت برفعه حتى لا يزعج فهد وهمست : هلا يمه .
أم سارة : هلا بنيتي كيف حالكم ؟ وش بلى حسك ؟
سارة: الحمد لله بخير ومبسوطين بس أنا في الكفتريا وحولي رجال، وهذا
فهد راح يجيب لي شاهي .( كانت تخشى أن تطلب محادثته والسلام عليه )
أم سارة : الله يهنيكم يابنيتي ويكفيكم شر هالروحة .
سارة : لا تشيلين هم الجو حلو صح برد بس يآخذالعقل .
أم سارة : الله يحفظكم دقيت عليك قلت قبل لا أنوم ابتطمن عليهم .
سارة تنظر في ساعتها العاشرة والربع : آمين ويحفظكم يمه لا تتصلين
أول ما نوصل أبرسل لك رسالة خلاص حبيبتي ؟.
أم سارة : إيه استودعتك الله مع السلامة .
سارة : سلمي على أبوي مع السلامة .
بمجرد أن أغلقت الهاتف سمعت طرقا عاليا وعاجلا على الكبائن
المجاورة ضوضاء وأبواب تفتح وتغلق ، استقامت في جلستها ولبست
عباءتها ثم قررت الخروج وبمجرد أن أمسكت مقبض الباب حتى سمعت عليه
طرقات ملحة فجفلت وتركت المقبض وقالت بهمس : مين
أجاب صوت رجل : يا أخوان حريق في السفينة ، البسوا ستر النجاة إلي
في الكبينة واطلعوا على السطح .
كان ذهنها مشتتا بين فهد وبين الحدث ،جالت ببصرها للبحث عن ستر
النجاة ، وجدتها لكن من الصعب عليها أن تحمل زوجها أو أن تسنده
ليصعد للسطح ، الأمر يبدو كالأفلام التي شاهدتها لكنها ، الآن واقع
ماذا عساها أن تفعل حاولت أن تلبس فهد السترة فاستيقظ وفال : وش
فيه ياسارة وش هالي تلبسيني .
سارة وهي تحكم إغلاق السترة : سترة نجاة احتياط يقولون فيه حريق .
فهد يحاول الجلوس : سارة وين الحريق ، وش ذا الي تقولينه ؟ ثم حاول
الوقوف ولكنه تهاوى مرة أخرى مستلقيا على السرير
سارة : عادي بس إجراءآت .
فهد : مابعد وصلنا؟.
سارة تسنده ليجلس مرة أخرى : لا
فهد : أجل نطلع للسطح ؟
سارة :إيه ..بس حاول تساعدني .
نزل سعود للكبينة وتبعه إبراهيم بينما توجه مجدي لكبينته كانت
الممرات تفوح منها رائحة العطب والدخان بدأ يتكاثف ، التفت إبراهيم
نحو سعود ونظر إليه بعينين قلقتين وحين رأى الركاب يتراكضون للصعود
للسطح وقد ظهر الفزع عليهم حل الذعر في عينيه محل القلق وقال :
سعود صاير الخبر أكيد .
سعود وهو يمشي بخطى سريعة ويحث إبراهيم على مسايرته : هذا واضح بس
عجل نأخذ أغراضنا الضرورية وبعدين نشوف الخبر .
فتح سعود باب الكبينة وتمكن من جمع حاجياته في وقت قصير
وكذلك فعل إبراهيم مثله وحمل كل منهما حقيبته على ظهره تراجع
إبراهيم ليسمح لسعود بالخروج من الكبينة فوجد ساعة يده على الطاولة
بجانب السرير أخذها ونظر فيها : تدري إنا قريبين من ظباء مابعد
مشينا إلا ساعتين !!
سعود : أكيد اتصلوا وبلغوهم بالحريق .
إبراهيم : طيب أجل نروح للسطح آمن من هالكبينة .
أغلق إبراهيم الباب وتوجها في ذلك الممر الضيق الذي خلى من الركاب
في لمح البصر توقف سعود وقبض على يد إبراهيم الذي استدار قائلا :
وش السالفة ؟؟
سعود : أسمع صوت انين .. اسمع .. اسمع .
تبعا ذلك الصوت فوجدا امرأة يتكأ عليها شاب يترنح ، تساءل سعود في
نفسه : معقولة الرجال ثمل في مثل هالمكان ومع الحرمة ؟!!
يبدو أن التوافق في التفكير هو عامل الوراثة الوحيد بين سعود
وإبراهيم .
جاء الأمر صارما ومحزنا حين تفوهت به سارة وزوجها يهوي إلى الأرض
المفروشة : يا أخواني ساعدوني بدل ما تتفرجون ؟
انتبها إلى أن الكلام موجه نحوهما فهبا لرفع الرجل من على الأرض
كلاهما يرفع كتفه ورغم أنهما من ذوي كمال الأجسام إلا أن الرجل كان
أثقل من أن يحملاه ، سعود أصدر أمرا لإبراهيم : اسنده من كتفه وامسك
ذراعه ورجله اليسرى وأنا اليمنى صعب نتركه يمشي بهالحالة .
شعر سعود بأنفاس لاهثة تلاحقه ظن أنها أنفاسه ثم نظر ‘لى الرجل بين
يديه وتذكر المرأة خلفه فأبطأ لتدركهم ، أخذوا في صعود الدرج
وبمجرد أن وصل إلى الجموع عند أعلاه حتى تسارعت في حمل الرجل معهما
فخف الحمل عنه واجلسوه على أحد المقاعد ، وجد سعود نفسه يحدق في
الجموع الكبيرة على سطح العبارة ثم أخذ المياه التي قدمها له أحد
الركاب وناولها فهد
وسكب جزءا منها على وجهه ففتح فهد عينيه بشدة ليستكشف المكان الذي
فيه تلفت باحثا عن سارة فوجدها خلفه وأمسك بيدها وقال : سارة خليك
قريبة مني ، ثم سأل سعود : ليش الركاب متجمعين ؟ فيه شيء ؟
سعود وهو يربت على يده :يقولون حريق بسيط وشكلهم طفوه .
ثم نادى إبراهيم قائلا : إبراهيم لقيته خافض ؟
همهمت سارة وهي تفتح حقيبة يدها : معي خافض وعطيته من ساعة .
وجد سعود نفسه يحدق في يدها الرقيقة الممتدة بالدواء ظهر الارتباك
في عينيها حين شعرت به فغطت يديها وأشاحت بوجهها
فقال سعود : ماله داعي بتنخفض الحرارة بإذن الله بعد ما يبدأ مفعولها
خليه معك .
قرب كرسيا إلى سارة وقال لها : اجلسي عنده ، أبروح أدور ولد خالتي
معاد له أثر .
همهمت : الله يجزاك خير .
بحث سعود عن إبراهيم فلم يجده ثم وجد جموع من الشباب السعودي
يحاولون لمعرفة مايحدث بالأسفل ولكن الأمن منعهم
وطمأنهم ، شعر سعود برنين جواله الذي نسيه في خضم الحدث
نظر إلى المتصل وجده ( لزقة جنسون يتصل بك ) افترت شفتيه عن
ابتسامة واهنة فاجابه : وينك ياخوي كنك إبرة في قش.
إبراهيم : ترى فيه اختراع اسمه الجوال ، التفت أنا وراك .
التفت سعود فوجد إبراهيم وعليه سترة نجاة ، تفحص سعود ابن خالته
وتذكر حياة الرغدة التي عاشاها لا يكدرها مرض ولا ينغصها فقر ، أشار
إليه إبراهيم : هيه إلي مآخذ عقلك يتهنى به .
سعود : من غيرك يآخذ عقلي ، أفكر كيف كنا ؟ وش صرنا ؟
إبراهيم : وسع صدرك وغير جو رحلة صح متعبة بس إلى الآن ممتعة وأهو
الواحد يفتك من الروتين .
سعود : والله مدري وش بيصير حالنا .