كاتب الموضوع :
safsaf313
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
وتركا القصر ورائهما ، متسلقين سفح جبل قريب ينفجر نبع عند حافته ، حول الصخور القريبه منه كانت تنمو الطحالب ، فتجعل المكان منزلقا ، وخلعت جولى حذائها ، وغمرت قدميها فى المياه البارده . من هنا يمكن رؤيه امتداد الوادى كله ، وجلست على حافه صخره ورفعت ركبتيها ، فقال بيدور بهدوء :
- يبدو عليك التوتر ، هل هناك شئ خاطئ ؟ تبدين مشتدوده الاعصاب ، ألا تتمتعين بعطلتك هنا ؟
ونظرت إليه جولى بسرعه :
- ماذا ؟ أوه . . أجل . .
ولم تكن ترغب فى التورط بأحاديث شخصيه ثانيه ، قأكملت ببرود :
- كنت أتمتع بالمناظر . غنها رائعه تماما .
- إنها هادئه ، والكونت أفضل شخص يقدر هذه المناظر .
ورفضت جولى أن تلتقط الطعام . وأشارت لإلى المنحنى الذى يرتفع نحو التل على يمينها .
- هذه هى الطريق إلى سانتو جيستينو أليس كذلك ؟ هناك كاتدرائيه جميله هناك ، وأعتقد أنك تعرف هذا ، فأنت عشت هنا طوال حياتك .
- وكيف تعرفين أين عشت طوال حياتى ؟ هل قالت لك انيتا ؟
- انيتا ؟ . . لا . . لماذا ، لماذا تظن أنها تتكلم عنك ؟
فهز كتفيه دلاله عدم الاهتمام :
- حسنا . . إنها لا تستطيع الكلام مع الكونت . . أليس كذلك ؟
- لماذا لا تستطيع ، وما هو الأمر الذى . . لا تستطيع التحدث به مع الكونت ؟
- حول المشروب التى اشتريه لها بالطبع سنيوريتا .
ولكن جولى ، تملكها شعور أنه لم يقصد هذا ، وهزت رأسها ، ثم أراحت ذقنها على ركبتيها ، وفكرت لماذا يزعجها تصرف بيدرو تجاه انيتا هكذا ، فلو أن راوول يشك بأى شئ بين زوجته وسائقه الوسيم ، لكان صرفه من العمل منذ زمن طويل ، ويبدو واضحا من تصرفات بيدرو أن هذا ليس واردا ، فالرجل شديد الثقه بنفسه ، وتساءلت فى نفسها لماذا وافقت على صحبته ؟ وسألها :
- لديك وظيفه فى انكلترا سنيوريتا ؟ دعينى احزر : أنت عارضه أزياء . . لا ؟
- أنا عارضه أزياء . . لا . . فى الواقع أنا موظفه فى مكتب ، وهذا ليس شيئا مبهجا ، كما اخشى .
وأطرق بيدرو :
- أوه . . هذا مؤسف . . يمكن أن تكونى عارضه أزياء رائعه ، كما أظن .
فردت عليه بحده :
- وأنت كذلك .
وأتت ضحكته عاليه وطبيعيه وقال :
- أظن أنك تؤمنين بالمساواه بين الرجل والمرأه ، سنيوريتا ، فهل هذا سبب عدم زواجك ؟ لا يمكن أن اصدق أن رجلا لم يطلبك للزواج من قبل .
- وكيف تعرف أننى لن أتزوج من قبل ؟ أو مطلقه ؟ وبما أكون هذا قأنت لا تعرف .
فرفع كتفيه معترفا :
- هذا صحيح . . ولكن لا أعتقد أنك كنت متزوجه سنيوريتا . ربما لك عشيق ، أجل ، ربما ، أكثر من واحد ، ولكن لا زوج .
وقفزت جولى على قدميها فجأه مسيطره على غضبها قدر الإمكان ، فآخر شئ تريده أن يذكرها أحد بعلاقتها مع راوول ، وعينا بيدرو كانتا لئيمتين كثيرا ، وفيهما كثير من المعرفه ، وخطر فى ذهنها أنه قد يكون يرتاب بشئ ما ، وكان هذا إضافه إلى كثير غيره يستوجب عودتهما إلى القصر فورا .
مع دخولهما إلى باحه القصر ، كانت الكونتيسه دى فيلانو تنزل من سيارتها الى تقودها بنفسها ، سياره مرسيدس قديمه التراز ، ولكن فى حاله ممتازه ، وبدت قصيره ، مليئه الجسم قليلا وفى متوسط العمر . وتمتلك حضورا رائعا ، ولمعت عيناها السوداوان ، لمشاهده جولى و بيدرو المحمرى الوجه اثر تعبهما من السير . وأذهلت جولى نظره العداء التى ظهرت على وجه والدة راوول ، وتوترت أعصابها لانها تعلم أن العجوز تعرف تماما من هى ، وكان ممكنا لها أن تتذكر ، على كل ، هو من أرادهما أن تلتقيا ، ولكن إذا كانت أمه تكره علاقتمها السابقه كما فعل هو ، فلماذا دعاها إلى هنا فى مثل هذا الوقت ؟
- أنت السنيوريتا فولروك . . أليس كذلك ؟
- أجل يا كونتيسه . . كيف حالك ؟ هل كانت رحلتك مريحه ؟
- أنا أحب قياده السياره . . هكذا التقينا أخيرا . أنت لست كما تخيلتك أبدا .
- أنا آسفه لهذا .
- لا تأسفى . . فأفكارى عنك لم تكن لطيفه أبدا سنيوريتا ، ولكننى مجبره على القول إن راوول لم يبالغ بوصف جمالك .
- شكرا لك .
- هذا ليس إطراء يا سنيوريتا لقد كنت أعلق فقط على أسباب تعلق راوول بك . . إنه تعلق دمر حياته ، وهو لا يزال يدفع الثمن !
وقبل أن تستطيع جولى الرد على كلمات الكونتيسه التى تدينها ، استدارت الكونتيسه مبتعده ، متجاهله سخطها الذى أبدته بفتح فمها وأشارت إلى جوليانو ليحضر حقائبها ، وقالت وهى تصعد سلم القصر وراء الخادم :
- كيف حالك . . أين السنيورا ؟
وتبعتهما جولى ببطء ، غير راغبه فى أن تشارك فى الاستقبال الذى يسجرى بين انيتا وحماتها . ولكنها اعترفت لنفسها بأن صديقتها على حق : فوالدة راوول لا توافق ابنها أبدا على ذوقه بالنساء .
وشعرت بالراحه لعدم رؤيتها للزائره عندما دخلت القصر فلا بد أن جوليانو قد أخذ سيدته الكبيره إلى غرفتها . وهكذا صعدت هى أيضا إلى غرفتها .
العشاء كان سيقدم عند الثامنه كالعاده ، وحضرت حولى نفسها بحماس أقل من حماس الليله الماضيه ، فلقاء والده راوول بحضور انيتا لن يكون سهلا . وصممت على أن لا تترك العجوز ترهبها ثانيه ، وتظرت إلى نفسها فى المرآه قبل أن تخرج من الغرفه ، وتصورت بأنها تبدو هادئه ومحنكه ، زمع قليل من مظاهر الاسترجال ، ولكنها لم تكن تدرك أن ثنايا حسدها الجميل لا تترك أى مجال للشك فى نفس أى أنسان حول جنسها . ولكن ، هكذا ستحقق هدفها بإقناع والدة راوول أنها وجدت النجاح الذى كانت تسعى إليه على حساب ابنها .
بعد ثورتها الليله الماضيه ، بدت انيتا مستكينه بأدب . ولم تظهر أى اهتمام بحماتها ، وما كدن يتركن غرفه الطعام ، بعد العشاء ، حتى عرفت جولى السبب ، فقد كانت انيتا تشرب . وتجاهلت انيتا شهقه الاستغراب التى بدت من جولى ، وأمسكت بيدها وهزتها ، مبتسمه ، ثم تبعت حماتها إلى المكتبه ، ولكن بعد تأكدها من وجود صينيه القهوه ، اعتذرت لبضع دقائق ، ومضت ربع ساعه ، وعرفت جولى أنها لن تعود .
وقالت والدة راوول لجولى ، بعد أن لاحظت بأنها تستمر فى النظر نحو الباب :
- ليس عليك أن تبقى هنا سنيوريتا ، اذهبى ، أفعلى ما شئت . سأكون راضيه ببقائى هنا . لقد جلبت معى تطريزى ، أترين ؟ الخياطه تسليه للمرأة العجوز ، وهو أمر لا ترغب واحده فى مثل ذكائك أن تفعل مثله .
وتنهدت حولى وردت عليها :
- لدى انطباع بأن من هن مثلى ، وفى ذكائى ، لا تنظرين إليهن بارتياح يا كونتيسه ؟
- وهل لاحظتى هذا سنيوريتا ؟
وانحنت العجوز لتفرش غطاءا أبيضا ، وأخرجت لفه من الخيوط الحريريه من حقيبه أمامها .
- لم أقصد بكلامى الانتقاد ، كنت فقط أقرر أمرا واقعا .
- كنت أطرز فى الماضى . عندما كنت صغيره يا كونتيسه . والدتى وأنا كنا غاليا نخيط ثيابنا بأنفسنا .
- حقا ؟ أنت تدهشيننى يا سنيوريتا ، لقد وجدت أنك وجدت طريقه أخرى لشراء ملابسك . هل الرجال عمى فى انكلترا ؟
- هذا كلام عدوانى . لا أعرف ماذا تقصدين به سنيوريتا ، ولكن الفتيات فى بلادى لا يبعن أجسادهن عاده من أجل الطموح ! والدتى وأنا ، كنا فقيرتين ، وهذا صحيح ، بعد أن تركنا والدى لم يكن من السهل علينا أن نتدبر أمرنا ، ولكن حسب علمى ، لم تكن أى منا يائسه لدرجه أن تعرض نفسها فى الشارع !
لا بد أن عنف دفاع جولى أثر كثيره على الكونتيسه ، فعندما حاولت جولى أن تقف ، وضعت الكونتيسه يدها على كم ثوبها وقالت :
- انتظرى يا سنيوريتا ، أنا آسفه ، لم يكن يجب أن اقول هذا ، وأطلب منك السماح ، لا بد أن تعذرى لهفه أم عجوز على ولدها . من الصعب على أن اسامحك ، ولكن بما أن راوول قد سامحك ، فعلى الأقل يجب أن احاول .
- لست . . أدرى ما تعنين .
- أوه . . أظن أنك تدرين . لا يمكنك الادعاء بأن الماضى لم يكن . وأخبرنى راوول كل شئ . ويمكنك أن تعرفى أنك لو لم تتخلى عنه لما كان الآن يعانى نتائج رده فعله .
وشعرت جولى يارتخاء فى اطرافها ، ولكن ذهنها ولسانها بقيا قويين ، وانتقت كلماتها بحذر وهى تقول :
- أنا لم اتخلى عن راوول كونتيسه ، هو من تخلى عنى .
- ما هذا الكلام السخيف ؟ هل تقولين بأن ولدى كاذب ، سنيوربتا ؟ لقد قال لى بنفسه إنك رفضت الزواج منه .
- أوه . . أجل . . أجل اعتقد اننى فعلت هذا ، ولكن هذا لا يعنى أننى . .
- بالنسبه لابنى يعنى الكثير ، فنحن عائله فخوره سنيوريتا . هل تعتقدين بأن راوول كان سيقبل العيش معك دون بركه الزواج ؟
|