القرع المتواصل على الباب اعاد جولي الى حاضرها . لابد ان احدا يفتش عنها , ربما راوول ليس مستعدا لأنتظارها كي يتحدث اليها حسب ما تريده هي .
- من الطارق ؟
وشعرت بالراحة عندما سمعت صوتا نسائيا يرد :
- انا ايما سنيوريتا.. انا اسفة الطعام جاهز .
- أي طعام ؟
ونظرت الى ساعتها لتجد انها تجاوزت الواحدة ! لقد مضى وقت طويل على موعدها مع راوول .
- آه ... الغداء ؟
- سي سنيوريتا الغداء .. هل ستأتين ؟
- آه .. اجل.. 5 دقائق فقط .
- 5 دقائق .
بعد 5 دقائق توجهت جولي الى السلم , كانت تسير واثقة من نفسها الآن , وتوقفت فجأة عندما وصلت الى الردهة . فقد ظهر راوول من غرفة على يمين السلم والتقت نظراتهما بنفور مشترك وقالت له :
- لم اكن ادري ان الوقت قد فات .
- ولكن فات, تأخرت كثيرا . هل نذهب لتناول الغداء ؟ زوجتي تنتظرنا . ستجدين انيتا ذات شهية مفتوحه وخاصة بالنسبة لشخص اعصابه محطمه .
وكانت انيتا تنتظر جالسه عند الطاولة , فقالت :
- ها انت هنا اذا ياجولي . اين ذهبت ؟ لقد كنا نتبادل حديثا حميما وما ان شعرت بالغثيان حتى ... .
- لقد شعرت بالصداع فذهبت الى غرفتي ونسيت الوقت .
وجلست جولي على المقعد الذي قدمه لها راوول فالتفتت انيتا اليه قائلة :
- هكذا اذا ... لقد ظننت انكما مع بعض .
ورد عليها راوول :
-ارى انك تحسنت كثيرا , وكالعاده تبحثين عمن تلومينه على ضعفك .
- راوول !
-صرخة انيتا المحتجه ادخلت الشفقة الى نفس جولي فأخذت تنظر الى طبقها ولم تعد تشعر بشهية للأكل . وعلى الرغم من كلام راوول القاسي ,
تناولت انيتا طعامها بشهية ومن وقت لأخر كانت جولي تركز نظرها على راوول وتسرع لأبعاد نظرها عنه عندما يلتفت .
وكأنه كان يعرف تماما بماذا تفكر , ومع انه لم يقل شيئا فقد كانت نظراته تظهر انه يعرف . ما من احد كان يبدو مريضا جدا منذ ساعات يمكن له ان يستعيد نشاطه سريعا هكذا .
كانت جولي مقتنعه ان انيتا لم تختلق مرضها ولكنها كانت تدرك ان شيئا حيويا ينقص تصرفاتها .
منتديات ليلاس
وحاولت انيتا ان تحافظ على الجو المريح .. فقالت :
- يجب ان نحاول جعل زيارتك لنا مسلية يا جولي . ليس هناك الكثير مما نعمله هنا . ولكننا على مسافة قريبة من فلورنسا وسينا والساحل هناك جميل جدا , اذا كان لا يزعجك وجود الناس .
- اوه ..حقا .. لا لزوم لتسليتي , فأنا سعيده بعد القيام بشيء ,فأنت تعلمين ان حياتي كلها عمل في لندن , ومن الجيد ان ارتاح .
وقال راوول معلقا :
- يجب ان لا تنسي يا انيتا ان جولي تسافر كثيرا بسبب عملها . على كل .. نحن محظوظين لأنها وجدت وقتا لزيارتنا . ولايجب ان نتدخل في حريتها .
فابتسمت انيتا بسخرية :
- انا واثقة بأنك عرضت عليها ان تريها بلدك فلن ترفض يا راوول . اعرف انكما لم تفترقا كأصدقا , ولكن هل لنا ان ننسى الماضي ؟
واجابها راوول متوترا :
- وماذا تقترحين , يا انيتا ؟ ان اتخلى عن عملي في هذا الوقت الاكثر اهمية في كل السنة ؟
فقالت جولي :
- اوه .. ارجوك ...
ولكن انيتا لم تدعها تكمل :
- ولماذا لا ؟ جوليو نيوكولاس قادر تماما على رعاية كرومك الثمينه لبضعة ايام .
- وهكذا لا استطيع مرافقتكما في رحلة حول توسكانيا ؟ لا اظن هذا يا انيتا فأنا لست دليلا سياحيا . وانا اكيد انكما ستجدان بيدرو مسليا لكما اكثر .
- ولكنني لا اريد بيدرو .
فهز راوول كتفيه :
- ولكن هذا ليس ما اعرفه .
ووضعت انيتا الشوكة من يدها .
- وماذا يفترض بهذا القول ان يعني ؟
- أي شيء تستطيعين استنتاجه يا انيتا .
واطبقت قبضتا انيتا بغضب :
- ايها ... القذر !
- لست انا القذر يا انيتا .
- كيف.. كيف تجرؤ ؟
وكادت جولي تموت من الاحراج وحاولت ان تقف:
- اذا عذرتماني ...
ولكن راوول قاطعها :
- انا من سأطلب ان تعذراني سنيوريتا . انا تعب قليلا سأراكما عند العشاء .
وترك ذهاب راوول فراغا غير مريح , لم يبدو على انيتا انها مستعجله لملئه . وبدت مستغرقة في افكارها . ولكن بعد ان سحبت طبقا مليئا بالفريزر الايطالي الشهي نحوها قالت شارحه :
- راوول يغار كثيرا . انه لايهتم بي ولكم انا وحيده , ولكنني اذا حاولت ان اتصادق مع احد ...
- مثل بيدرو كازولي.
فهزت انيتا رأسها :
- لقد قابلتي بيدرو , وتعرفين كم هو ... فاتن , وكان لطيفا جدا ... معي ..
- لطيف ؟
- اجل لطيف. اعتقد انني لاولا بيدرو لجننت .!
- ولكن هل هذا امر حكيم ؟ اعني معاداة راوول ؟ اذا كان لا يوافق على صداقتك ...
- كنت اعلم انك ستقفين في صفة .. انت لم تحاولي ان تفمهي.
- ولكنني احاول يا انيتا . مع انني لست افهم كيف يمكن ان يساعدك وجودي هنا .
- لن يسعدني بشيء اذا رفضت تقديم المساعده . هل فكرتي بما طلبته منك ؟ هل رأيت كم من الصعب عليّ الكلام مع راوول الا تستطيعين على الاقل ان تحاولي ؟