الجزء الواحد والعشرون :
طبيعة الجماد السكون ..
لكن هذا السكون الذي يستوطن جسدها الحي لا يمكن تفسيره !
مضى شهران و هي مستلقية على فراش المرض في غيبوبة ... ومضى علينا هذان الشهران
ببطء .. كل صباح أزورها أنا وأخواتي و نتطلع عليها من تلك النافذه الضيقه المشرفة على
سريرها , وكل يوم نراها على ماكانت عليه في اليوم السابق , لا جديد في حالتها التي تحير
الأطباء ... منظرها وهي راقده هناك يبعث على الحزن و يقتل الأمل ببطء ...
كل يوم نشهد موت أحد جيرانها في نفس غرفة العناية و كل يوم نعتقد أن الدور حان عليها ...
شهدنا حزن الأم و الأب الأبنه و الأبن والزوجه و الحبيبه و حزن كل الأصدقاء على كل
شخص في تلك الغرفة الكبيره التي يرقد ساكنيها في غيبوبة لا يمكن تخمين مدتها ...
لكن على الرغم من كل ذلك فحياتنا لم تتوقف , مشاعل و منيره يعيشان معي الآن في جناحي
وعلى الرغم من ان هذه تبدو امنيه لي وتحققت لكن معايشة حزنهن يوميا متعب ...
مشاعل تخرجت أخيرا من الكليه ولكن الأوضاع التي نعيشها لم تترك لنا فرصه للأحتفال بها و
لا أعتقد انها تريد الأحتفال بأي شيء الآن , منيره أنطوت على نفسها بعد تلك الليله , تعافت من
الكدمات التي لحقت بها جراء الضرب المبرح الذي نالته من يوسف لكن يبدو ان هناك جراحا
كثيره تسكنها ومازالت ملتهبه , منها بشكل مؤكد ما أخبرتني به من أسف على ماحدث للخاله
سلمى بسببها و أيضا ماحدث لجود التي انتقلت لسكن مع امها بسبب وجود منيره في منزلها
على أني لا أعرف بشكل مؤكد ان كان هذا مادفع جود للأنتقال للعيش مع أمها لأن مارئيته هو
أصرار أمها على أنتقال جود و شوق لسكن معها لكن خالد لم يوافق كليا و بعد ألحاح من أمه
تغاضى أخيرا على انتقال جود لكن بشرط بقاء شوق , لا أعرف بشكل مؤكد دوافع و اسباب
خالد لأنه لم يناقشها معي ولم أهتم لأن هناك الكثير ماكان ومازال يشغل تفكيري ....
فا خالد سبب لي الرعب بملاحقته لي بالأسئلة , أراد ان يعرف كل شيء و أردت ان لا يعرف
شيئا ...
...
خالد : مناير مسألة ان مافي شي مو داخله مخي .
مناير : يعني تبيني أألف سالفه عشان تستريح .
خالد : لا أبي سالفه توضح لي ليش يوسف العاقل يمد ايده على اختج .
مناير : قلت لك ألف مره خطبها أبو علي ورفضت و أنجن هو .
خالد : وقلت لج الف مره السالفه هذي لا يمكن اصدقها , السالفه فيها فواز وهذا اللي سمعته
بأذني .
مناير بضيق : خلاص ياخالد روح أسئل يوسف هو اللي طقها وهو اللي يعرف ليش طقها .
خالد : لأني أبي لما أروح اسئله أكون فاهم كل السالفه و محضر نفسي عشان ماتفاجأ بشي
واتفشل و بدال ماأحمي مصلحة أختج أخرب كل شي بسبب قلة المعرفة .
مناير : اللي أعرفه و قلته غير جذيه ماعندي.
خالد : أنزين .....
خالد يخرج من غرفتنا وينادي : منيره .... تعالي ابيج بصالة .
...
لم أفاجأ بطلب خالد التحدث مع منيره أنا فقط مستغربه من تأخره في فعل ذلك , ولكن هذا
أعطاني الفرصه لإعداد منيره نفسيا لهذه اللحظة , وقد رسمت لها كل الأسئله المتوقعه و الأجوبه
الازمه عليها ...
...
خالد : منيره انتي حسبة وحده من خواتي و اللي يضرج يضرني , انا بسألج سؤال وتجاوبيني
بصراحه و لا تخافين مهما قلتي ماراح تكون ردت فعلي عنيفه ... اللحين قولي لي شنو اللي خلى
يوسف يمد أيده عليج .
منيره التي تردد الكذبه : عشان رفضت ابو علي .
خالد يحاول ان يتمالك أعصابه : و غير جذيه .. في سبب ثاني ؟
منيره : لا .
خالد : أنا أعتقد أن في سبب ثاني وراح أعرفه اللحين او بعدين منج او من غيرج , فالأحسن
يكون منج لأن الشي الوحيد اللي راح يشفعلج عندي بعد ما أعرف صراحتج وثقتج فيني .
منيره مشتته بين نظرات أختها المحذره و نظرات خالد المشجعه : مثل ماقلت لك طقني لأني
رفضت أبو علي .
خالد يقف مغتاضا : أنزين يا منيره أنا عارف أنج عبد المأمور و تقولين اللي ينقال لج عشان
جذيه انا رايح وبخليج تفكرين شوي بعدها برد وأتوقع انج تقولين لي كل شي .
..... وغادرهن ..... و مشاعل تخرج مسرعه من غرفتها بعد أن تأكدت من مغادرته ....
مشاعل : منيره قولي لخالد كل شي انتي ماسويتي شي غلط .
مناير : انتي جب و لا كلمه ما ابي اسمع منج حرف .
مشاعل : ليش شنو مسويه ؟
مناير : وصيتج على منيره لانج الكبيره و ماحفظتي الوصيه .
منيره مدافعه : انا الغلطانه ماله داعي تغطين الغلط عليها .
مشاعل : خلينا اللحين من سالفة منو الغلطان , أنقذي نفسج وقولي لخالد كل شي.
مناير : بس عاد قلت لج لا تدخلين .
مشاعل : زين فهمينا ليش ماتبينها تقول له .
مناير : انتي اللي قولي لي شنو راح نستفيد إذا قلنا له ؟
مشاعل : بيحمينا من يوسف .
مناير : ضحكتيني يا مشاعل خالد يمكن لما يعرف يروح و يملج لأبو علي بس عشان يفتك من
منيره .
منيره : خلاص آخذ أبو علي ونحل كل هالمشاكل اللي عقدت حياتنا .
مناير : غبيه .. منو قالج ان الزواج من ابو علي بيحل شي , باجر مع ابو علي بتعيشين حياة
الخاله سلمى من جديد , كافي غلطتي مره لا تردين تغلطين غلط أكبر .
منيره بيأس : أنزين شنو الحل ؟
مناير : الحل انج تسكرين على الموضوع و تجابلين دراستج اللي بتعيدينها الكورس الجاي .
مشاعل : خلاص مناير مو كل شوي تذكرينها انها رسبت هالكورس يعني ترى كفاها ماجاها .
مناير : خلاص أجل لا تفتح موضوع ابو علي ماابي اسمع اسمه مره ثانيه .
مشاعل : خلاص منيره ماراح تفتح ها الموضوع مره ثانيه .
منيره : سوو اللي تبون تسونه انا مليت من الحياة كلها .
مناير : استغفري ربج انتي اللحين في أبتلاء , اللي عليج تستغفرين و تحمدين الله على العافيه
وان الأمور ماتطورت اكثر من جذيه و باجر اوعدج كل الامور بتنحل و بتذكرين كل هاالسوالف
وبتقولين الحمدالله اللي اخلصت على خير .
منيره : تهقين يامناير هذا اللي بيصر ؟
مناير : احسني الظن في الله و بتشوفين شلون امورج بتيسر .
منيره : ونعم با الله .
مشاعل : يارب هونها وتقوم الخاله سلمى بسلامه ونرتاح في بيت بروحنا .
مناير و منيره : آمين .
......
التنصت فعلا قبيح و لم اتعود ممارسته لكن ضاقت فيني السبل و تنصت لكن ...
لم ينفع التنصت في شئ !
لم أفهم ماهو الموضوع الذي تحذر مناير اختها منيره من إخباري به , اتمنى ان لا يكون الأمر
معقدا لهذه الدرجه ..
أعرف شخصا يعرف كل شيء عن فواز و يمكن ان يساعدني في حل الغز ..
... نعم أخي سلمان سوف يخبرني كل شيء , طبعا ليس تطوعا منه لأني متأكد بأنه سوف يحمي
فواز بأي شكل , لذلك يجب ان استخدم مهاراتي في الخداع , سوف أذهب له مهاجما ....
......
خالد يقتحم غرفة سلمان ...
سلمان بفزع : بسم الله , خير خالد صاير شي ؟
خالد مهاجما : ليش ماقلت لي ؟
سلمان : اقولك عن شنو ؟
خالد : عن اللي صار بين منيره و فواز , صج انك ماتستحي و مافيك نخوه .
سلمان : لحظه لحظه انت فاهم غلط , شقالت لك مناير ؟
خالد : اسم زوجتي لا يجي على لسانك , أنا جاي بس عشان أقولك خيبت ظني فيك ياولد أمي
وأبوي .
سلمان بخجل : والله يا خالد نصحته يبعد عنها و ترى ماصار شي غير طلعات للمطاعم ....
...
بدء سلمان الطيب بإخباري بسذاجه بكل تلك التفاصيل المقززه , فهمت ان علاقتهم بدأت قبل
بداية كل شيء ...
لابد أن فواز أحس بذعر بعد معرفته بأن منيرة ماهي إلا ربيبة أمه , أما حكاية أبعادها عن جود
لا تبدو عذرا كافيا لتزوجيها لأبو علي حتى لو كانت فكرة سلمان من الأساس ..
تاجر مشهور له اسم كبير في السوق هو كل مايفكر به يوسف , اما فواز يريد ببساطه دفن منيره
حتى لا تكون شاهده امامه على الدوام بمدى أنحرافه ...
...
سلمان : وهذي كل السالفه بس ارد وأقولك ترى ماصار شي من اللي في بالك .
خالد : وأنت وشعرفك شنو اللي في بالي ؟
سلمان : جاي وهاب فيني و ماخليت كلمه ماقلتها وماتبيني اخمن .
خالد : أحمد الله ان وقفت على جذيه لأنك تستاهل من يعدمك ياعديم المروه .
سلمان : ماله داعي تغلط فيني .
خالد : إذا ماتبي احد يغلط فيك لا تمشي مع الغلط في الغلط يا غلط.
سلمان : لا حول ولا قوة إلا بالله , الظاهر مشيشتك مناير عدل .
خالد يسارع بالإطباق على رقبة سلمان قبل أن ينطق بحرف آخر ....
سلمان يدفع خالد بعيدا عنه : شفيك أنجنيت بتذبحني ؟!!
خالد وكأنه يفيق من غيبوبة : أستغفر الله ... سلمان مو لجيت أدافع عن نفسك قدامي تروح
تهاجمني من خلال زوجتي , يعني فكر شوي ترى الكلام اللي قلته عيب.
سلمان مدرك صحة مايقوله خالد لكن : جاي مولع و نطيت بحلجي وماعمرك سويتها يعني
شتبيني افكر ؟!
خالد : فكر أن هذي أول مره تغلط مثل هالغلطه .
سلمان : بس عاد انا ماغلطت وإذا في احد غلطان فهو فواز و منيره ,إذا تبي فعلا تصلح وتربي
روح لهم .
خالد : فواز و منيره ما أمون عليهم و لاتهمني مصلحتهم كثر ماتهمني أنت .
سلمان : أنا مو قاصر عشان تكون وصي علي .
خالد مستغرب من اللهجه الجديده التي يتحدث بها سلمان : لا هذا مو أنت ماني مصدق .
سلمان : قصدك مو سلمان اللي ياخذ كف و لا يتكلم ؟!
خالد : اللحين بعد بتتهمني اني كنت امد ايدي عليك ؟!
سلمان : الطق يا خالد مو بس بلأيد , ياما مديت السانك علي و هزئتني و مسحت بكرامتي
الأرض ماعمرك سويت لي مقام حتى لو قدام خواتنا .
خالد يصفق كما يصفق الجمهور لبطل على مسرح : ممتاز أخترعت طريقه جديده عشان تهرب
من الملامه .
سلمان بتذمر : الكلام معك فاضي .
..........
خرجت مسرعا من غرفتي هربا من خالد لكن لم أتوجه للأسفل بل صعدت لسطح المنزل المكان
الوحيد في هذا المنزل الذي يمكنني فيه أن أتنفس بحريه , لكن ما أن وصلت إلا و أحسست
بأن هناك من تبعني , لم أرد أن التفت لأرى الواقف من خلفي لأني كنت متأكد بأنه ليس خالد بل
هي .... وتأكدت مخاوفي عندما أحسست بيديها تلتف على خصري بوقاحه .. وكل ما أستطعت
فعله هو التجمد في مكاني ...
...
لمياء زوجة الأب : أخيرا يا ظالم كل هذا تغلي .
...
يا الله ماهذا الفحش !! ...
كيف يخون والده ... قشعريرة تقزز من عقوق تمثل أمامي بشكل جديد لم أسمع به ..
...
لمياء زوجة الأب تلتفت عن يمينها لترى من سبقهم إلى السطح ولم يشعرو بوجوده : أنتي
شتسوين هني ؟
مشاعل المرتاعه : أأأ أنا ....
وهربت راكضه أتعثر بثوبي على الدرجات وأنا أحاول أن أقفز عليها بسرعه ... تصم دقات قلبي
أذني عن كل ماحولي , لدرجة أني لم اسمع صوت القادم في أثري إلا بعد أن مسك ذراعي بقوه
مثبتا جسدي على الحائط ..
...
سلمان بصوت لاهث : اسمعي لا يروح فكرج لبعيد .
مشاعل : شيل أيدك عني .
سلمان مبعدا يديه و رافعها في الهواء لكن مازل يسد طريقها : انزين اسمعيني .
مشاعل : ماراح اسمع شي خلني بروح لغرفتي .
سلمان : ماراح تروحين مكان لين أتأكد أنج ماراح تقولين لحد عن اللي شفتيه لأن أصلا مافي
شي.
مشاعل التي تملكها الرعب و تريد ان تهرب بسرعه : خلاص ماراح اقول شي خلني اروح.
سلمان بصوت لا يميزه حتى هو : اسمعيني عدل إذا قلتي لحد عن اللي شفتيه يويلج راح ادخلج
بمتاهه ماتقدرين تطلعين منها إلا على القبر .
....
أطلقت سراحها بعد ان رئيت الرعب في عينيها , في الحقيقه انا كنت مرعوبا أكثر منها , تفاجأت
عندما ألتفت عن يميني لأرى الشخص الثالث الذي أقتحم خلوتي لأتفاجأ بتلك الغريبه التي ترمقني
بنظرات الأشمئزاز ...
لا ألومها فا منظر زوجة ابي بقميصها الذي لا يترك شيئا للخيال وهي تريح رأسها على كتفي و
يديها تلف خصري بوقاحه ليس منظرا يمكن ان يفسر إلا تفسيرا واحد لا ثاني له ...
الآن أنا في ورطه لم أصنعها بل صنعتها ذنوبي , نعم أعترف أني أذنبت عندما دبرت هذه
المكيده المسماة بأبو علي لها ..... لكن لحظه على الرغم ان ذاكرتي لا تسعفني لكن من
المؤكد ان هذا الوجه ليس وجه منيره التي رئيتها من قبل لا بد ان تكون هذه مشاعل ..
نعم .. نعم .. هي مشاعل تذكرت الآن أني رئيتها برفقة شوق قبل عدة أيام ..
إذا هي مشاعل عقوبتي التي نزلت بي , هذا جزاء مافعلت .. دبرت زواج لأختها لتخلص منها
بدل أن أبحث عن طريقه لتخلص من زوجة أبي ...
وها أنا لم أحل شيئا ... بل بدئت كرة الثلج تكبر أكثر فأكثر ...
يا ألهي ماذا أفعل الآن ؟!
..................
أريد استعادة الأنتظام لدقات قلبي لكن سرعة تنفسي لا تساعد في ذلك ... هيا حاولي التنفس
بإسترخاء ... تبدو هذه الكلمه قاسيه في هذا الوقت , كيف ستسترخي أي عضلة أو عضو في
جسدي بعدما حدث , كل ما أردته أن اهرب إلى السطح حيث هو المكان الذي اعتدت الذهاب إليه
كل ليله منذ أنتقالنا للإقامه هنا وكل ماكنت أريده ببساطه نسيان همومي و خوفي ولو للحظات ,
لم أعرف أن نفس المكان الذي أعده متنفسا سيجلب المزيد من الهموم والخوف , وأنا في الحقيقه
لا ينقصني المزيد فلقد أكتفيت ..
والآن ماهو العمل و ماذا سيحدث , لا أريد البقاء هنا لا يمكنني ان اتخيل العيش في بؤرة فساد !
كيف يفعل ذلك ؟ .. لا أفهم .. كيف يصل الفحش إلى هذه الدرجه .. هل المال و السلطه التي
توفرت لهذا الشاب جعلته يدوس على كل فضيله ...
حتى ولو كان فاسدا ويريد متع الدنيا الحرام لماذا لا يشتريها و يمارس رذيلته بالخفاء لماذا
يجلب الرذيله لمنزله و يطعن أبيه في شرفه ؟!! ... أيعقل أن يكون هذا هو ذروة الفساد ؟!!
وهي كيف تخون الرجل الذي تحمل أسمه مع .. يا ألهي مع أبنه الذي من صلبه وممكن أين يكون
في يوم ما أخا أكبر لأبنها أو لأبنتها ؟!! .... كيف تفكر تلك المرأه ؟ .. هل أستوطنها الشيطان
لتستبدل الخوف من الله بعشق محرم يشتعل لهيبه في قلبها ؟!
أي رذيلة أختارت ان تعيش بها ... هل أغواها ؟ .. وإن أغواها هذا لا يبرئها من هذا الفعل الشنيع
هل هي ضحية تحولت إلى مجرمه ... هل هذا خطئها ام خطء من دفعها لزواج بأبو خالد ...
هل كان هذا مستقبل منيره ... هل قادني القدر لأشهد ماقد يكون .... لا منيره لا يمكن ان تفعل
ما فعلته تلك الخائنه , منيره لو تزوجت بو علي ستكون كا الخاله سلمى ...
كلا المصيرين محزن و مخزي !!
آآآآآآآآه ...أيعقل ذلك ... أن مارأيته حقيقه ام هلوسات منتصف الليل ...
أريد أن أنام لعلي أصحو في الغد و يكون كل ماجرى لم يكن !!
...........................................
عندما دخلت الجناح في آخر الليل عند عودتي من المشفى لم يكن هناك اي علامه على وجود
كائن حي مستيقظ , لكني أعلم أكثر من ذلك , أنا متأكد أن منيره بالأخص لم تنام والأكيد أنها
مازالت تفكر بكلامي , و مناير هي الأخرى من المستبعد انها نامت حتى لو تظاهرت بالعكس
.....
خالد يجلس على السرير بجانب مناير : عارف أنج مو نايمه قومي بكلمج.
خالد عندما لم يرى استجابه فكر بطريقه أخرى وأقترب ليضم مناير بحنان ويهمس في أذنها
تدرين شنو مشكلتج .. أنج عرفتي غلاتج ..
مناير : خالد انا تعبانه وبنام , تصبح هلى خير .
خالد : منيره صغيره وغلطت و أنا متأكد أنها ندمانه , اما فواز دواه عندي .
مناير تهب جالسه : انت شتكلم عنه ؟
خالد : عن طلعات منيره و فواز مع بعض من قبل حتى ما أخطبج .
مناير وصدمه تعيق الكلمات عن التكون .
وخالد يستشعر صدمتها : لا تقولين أنج منصدمه اني عرفت , أنا قلت لج راح أعرف و الأحسن
أنج تقولين لي بس طبعا ما هتميتي.
... أردت أن أتكلم مدافعه عن نفسي و اختي لكن اي دفاع وجدت ... لا شيء ... أنا فعلا مذنبه
وهكذا وجدت نفسي بحماقه أهاجمه : وعرفت خير يا طير , شتبيني اسوي لك ؟
خالد لم يتوقع ان تكون هذه ردة فعلها : سوي اللي يريحج , تصبحين على خير .
وضع رأسه لينام وتركني أحارب نفسي , لم أتوقع ان تكون ردة فعله على وقاحتي مسالمه ..
في الحقيقه اعتقدت ان الصفعه التي تلقيتها يوم زفافي ستكون رقيقه مقارنه بصفعه التي ستحط
على خدي بد ان فرغت من وقاحتي ...
لكنه خيب ظني بشكل أخجلني ...
مناير تقترب من خالد : تدري شنو مشكلتك ... أنك تعرف غلاتك .
خالد يلتفت لمواجهتها : الغلا اسلوب و تعامل و هاليومين مااني شايف غلا .
مناير تحارب عبرات تسكنها : انت شايف شلون الأمور متلخبطه , أنا يا خالد متضايقه من كل
شي حواليني حتى من نفسي ...
خالتي سلمى وطيحتها معوره قلبي و حاسه بذنب بيذبحني و منيره أختي الصغيره شايله همها
و متضايقه حيل أني ماحميتها لا من نفسها و لا من عيال خالك ...
خالد يضم مناير مواسيا : أشيل الهم عنج و لا تضيقين يا قلبي ... خلاص عاد ما تحمل هاالدموع
بسج بجي و ترى كل شي بيصير أحسن مايكون.
مناير : شلون ؟
خالد : أنتي ارتاحي و خلي كل شي علي .
مناير : خايفه تتعقد الأمور أكثر .
خالد : وشلون بتتعقد الأمور أكثر ؟!
مناير : يوسف مصر ان منيره تتزوج ابو علي .
خالد : لا مصر و لا شي , يوسف عاقل و ممكن اتكلم معاه و يقتنع , انتي بس لا تحاتين .
..............
لماذا لا تكف عن الخربشه على الصوره التي رسمتها لك ... لماذا تقترب مني أكثر و أكثر ...
أرجوك خالد لا تجعل صدرك مؤى لي لأني سأهلك أن فقدته بأي لحظه ...
................................................
الشوارع تبدو أضيق و أنوارها تزيد العتمه و كل ما فيني يصرخ ضيقا ... وقادتني كل الطرق
إلى البحر لأجلس هناك أنظر للعتمه ... وبعد بعض الوقت أردت أن أبدء بتخلص من بعض
الأمور التي تلتصق في ذهني .. أرسلت رساله لفواز على جهازه النقال أخبره بما حدث بيني
وبين خالد , أعرف أنه سيقرئها الآن وهو في المشفى المكان الذي يستعمره ليلا و أعرف أني
أزيد همومه هما جديدا لكن أنا أريد أن أحذره حتى لا يباغته أخي خالد وهو في غفلة حزنه ..
......
تلقيت رسالة من سلمان مفادها أن خالد عرف بكل شيء , لم استغرب بل هذا ما كنت أتوقعه و
أيضا يوسف لم يستغرب عندما أطلعته على مضمون الرساله بل بدى عليه بعض الأرتياح
الذي فقده منذ حضور خالد المفاجئ للمشفى قبل ساعه وهو الذي يحرص على زيارة أمي مع
زوجته و أخواتها في الصباح , وجهه أنبئنا بانه يعرف شيئا لكن أرجع عدم مواجهته لنا بما علم
إلى تعاطفه المؤقت معنا بسبب حالة أمي , لكن أعرف أنه سيأتي يوم ويسترد خالد غلظة قلبه
التي نعرفها نحن بالأخص ...
...
يوسف : أنا مو وصيتك ماتقول لأحد حتى لسلمان .
فواز : عاد هذا اللي صار و قلت له وبعدين اكيد سلمان ما قال شي ما عرفه خالد من زوجته.
يوسف لا يريد معاتبة اخيه وزيادة همه : انزين دق عليه وقوله لا يشيل هم .
فواز مستغرب : يعني بطوفها لي ؟
يوسف : يعني شتبيني اسوي اسدحك بالأرض و أتوطى في بطنك ؟
فواز : لا مو لهذي الدرجه , يعني تسوي لي محاضره صغيره .
يوسف : لو بتفيد سويتها بس أدري ما فيك طب.
فواز : خلاص عاد يوسف تكفى طلبتك هاالمره سماح.
يوسف : بس هاالمره ترى وصلت عندي من تصرفاتك .
فواز : وعد ما أمشي إلا على اللي ترسمه لي.
يوسف : الأيام شهود يا خوي و بنشوف . اللحين كلم سلمان وتطمن عليه.
فواز : باجر اكلمه .
يوسف : ليش مو ألحين ؟
فواز : أبي أكلمه وجها لوجه .
يوسف : دق عليه إذا قاعد أطلع معاه وسولفو .
فواز : ليش عندي أحساس انك تبي تخلص مني.
يوسف : أنت كل يوم تقعد في المستشفى من المغرب لين الصبح وبعدين تروح ادوام هاالشي مو
مو طبيعي , وتوك تقول اللي أقوله بتسويه .
فواز في محاولة لإغلاق الموضوع : خلاص يا يوسف بكلمه اللحين.
......
فواز : ألو يا الخوي .
سلمان بصوت المتضايق : هلا فيك .
فواز في محاولة لرفع معنويات سلمان : أفا ... يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر دنياك ياخوي
ماتستاهل الضيقه .
سلمان : ضايقه فيني يا فواز الوسيعه .
فواز : أفا... كل هذا عشان سالفة خالد , يا ابن الحلال وسع صدرك و خالد توه كان عندنا في
المستشفى وما قال شي يعني مو صاير إلا كل خير.
سلمان : السالفه اللي مضيقه صدري اكبر من جذيه .
فواز يسارع بسؤال بقلق : لا يكون صار على جود شي ؟
سلمان : لا يا ابن الحلال لا تفاول جود مافيها إلا العافيه .
فواز : خرعتني , أجل أشفيك؟
سلمان : لشفتك باجر اقولك.
فواز يحاول أن يمزح : شنو بتنام وانت ضايق ترى يقولون مو زين يأثر على القلب.
سلمان : أنام في الشارع ؟!!
فواز : أنت وينك مو في البيت ؟
سلمان : لا أنا على البحر .
فواز : أوووو الظاهر السالفه كبيره , جايك اللحين ..
..... بعد ربع ساعه وصلت إلى حيث سلمان ......
فواز : يله بسرعه قولي شفيك ترى متروع حدي ؟
.... وهكذا أخبرني سلمان بتفاصيل الحادثه المريعه ....
فواز : لا حول ولا قوة إلا بالله , هذي بايعتها و ماهمها أحد.
سلمان : شفت ؟ ... اللحين كبرت السالفه وصارت مشاعل شاهد ضدي.
فواز : ما عليك من مشاعل أمرها هين.
سلمان : شلون ماعلي منها وهي تعتقد أنها شافت خيانتي لأبوي؟
فواز : مشاعل اللحين خايفه على أختها و بتمشي جمب الطوفه وأي شي بتقوله مردود عليه لأنها
فاقده أهلية الشهادة .
سلمان : يا سلام شلون ؟
فواز: يو يا سلمان و أنا من اليوم شتكلم فيه , مشاعل اختها متورطه بسالفه معاي يعني امورهم
متعقده ومو من مصلحتها تتكلم في شي يمكن يجيب مصيبه لها ويشكك في اخلاقها يعني بالأصل
هي شنو اللي جايبها السطح من الأساس.
سلمان : نظف مخك يا ابن الحلال لا مشاعل و لامنيره و لا زوجة اخوي شفت عليهم شي
فلا تقعد توسوسلي .
فواز : انا ماقلت ان مشاعل عندها شي بس انا افهمك هي اكيد خايفه على نفسها و ماتقدر تفسر
وجودها بالسطح في وقت متأخر , يعني ماهي متكلمه .
سلمان : بس هي تعتقد اني اخون ابوي.
فواز : وانت شعليك شنو تعتقد المهم انت ماسويت شي وهي من خوفها ماراح تكلم.
سلمان : ولو ما تحمل فكرة أن أي احد يعتقد اني اخون ابوي.
فواز : سلمان يعني اللحين حبيت او ماحبيت اللي صار صار اهم شي ندور طريقه نتخلص فيها
من زوجة أبوك.
سلمان : أحترت مو عارف شلون أحلها.
فواز : بتنحل بأذن الله أهم شي لا تضايق نفسك , وإلا تعال فكنا يا ابن الحلال من السطوح وتعال
اسكن عندنا هالفتره .
سلمان : سبق وتكلمنا في الموضوع وانت عارف رأيي..
فواز : خلاص مثل ماتحب.
................................................
يجب أن أرد جمائل سلمان التي أغرقني بها طوال عمري كاصديق لي , يجب أن أحل مشكلته
لكن كيف ؟
هذا هو السؤال الذي يجب ان أردده حتى أجد له جوابا , لعل ملئ ذهني بهذه المشكله
سيساعد في حل مشكلة سلمان وفي نفس الوقت سيساعدني لنسيان أمي ولو للحظات !!
..................
إلى اللقاء في الجزء القادم....
.......................................................