كاتب الموضوع :
saleee
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
-لن أقع في الفخ
- يجب أن تصدقي سابينا... فهذه هي الحقيقة!
أجفلتها كلمات روزي التي قطعت عليها أفكارها.
-لا...!
أصبحت بيضاء تكاد تخالط الزرقة وجهها، فجحظت عيناها... وءظهر الثوب الأسود بشرتها أكثر شفافية. لكن سرعان ما أصبح باتريك قربها.
- سابينا! حبيبتي... ما الأمر؟
فأجابته روزي بكل وقاحة:
- إنها لاتشعر بأنها بخير... فالمكان حار جدا هنا بسبب النار كل هئلاء الناس. سأرافقها إلى غرفتها لتستريح.
لف ذراعه على كتفي سابينا:
- سأرافقها بنفسي.
لكنها أجفلت مذعورة من بين يديه:
- لا!... أنا...لا!...
تحركت مبتعدة عنه، تنظر إليه و كأنها لم تر هذا الجه من قبل.
فقالت روزي بنعومة:
- سأوصلها بنفسي فلديك ضيوف باتريك. لا يمكنكما تركهم معا.
بدا باتريك مترددا إذ راح ينقل نظره من شقيقته إلى زوجته حائرا، فحثته روزي:
-غراهام و شيلا سيغادران الآن.
فنظر إلى المدعوين و منهم إلى سابينا:
- أنا مضطر لتركك... هل ستكونين على ما يرام؟ سأكون عندك حالما يرحل الجميع.
- سأكون بخير...
كان عليها الابتعاد عنه قبل أن تجعل من نفسها أضحوكة و تسأله مباشرة ما إذا كان ما قالته روزي صحيح... فاستدارت و هي تقول:
-سأصعد إلى غرفتي لأستلقي قليلا.
لم تدرك أن روزي لحقت بها حتى وصلت إلى غرفتها فتوقفت عند الباب، و إلتفتت إليها، و التصميم في وجهها:
- أفضل الوحدة.
-ألا تريدين معرفة ما تبقى من علاقة باتريك بكيم؟
-لا أصدقك...
- و لماذا إذن أجفلت مبتعدة عنه منذ لحظات؟
دفعت الباب بشولة و تبعت سابينا المذهولة نحو سريرها فجلست عليه بعنف تضيف:
- لقد قلت لك إن هناك رجلا آخر سابينا... ألم تفكري قط بباتريك؟ إنه مناسب... و كيم جميلة جدا.
كان صوتها ناعما ساخرا كفحيح الأفعى، فتأوهت سابينا:
- لا...!
أغمضت عينيها لتمنع الكابوس من الاستمرار، لكن المرأة إستمرت بالفحيح...
- بلى! و إلا لاذا تظنين أنه مصمم على إبقاء فيليب في إنكلترا؟ لماذا تظنينه تزوجك؟... أنت جميلة ، أعترف لك بهذا... بل أنت تشبهين كيم... ربما في الظلام... لا يمكن...
فوقفت سابينا بشراسة، و قبضتا يديها مشدودتان.
- توقفي عن هذا! توقفي! لا أريد سماع المزيد!
-حسنا... هذا مؤسف جدا... كنت سسأخبرك بكل شيء. أترين... كيم كانت غير سعيدة هنا... و كان باتريك لطيفا معها دائما...لذا كان من المتوقع أن ترتد إليه عندما بدأ تشرلز يسأم منها.
لمعت عينا سابينا كزمردتين خضراوين:
- هذا كذب! باتريك لا يفعل شيئا كهذا بشقيقه!
فالتوى فم روزي بازدراء:
- عندما يكون هناك جنس لا يتردد الرجل أبدا... فكري... سابينا فكري!
لن تفكر فهي تعلم أن قولها كذب و إفتراء... لكن الشك أخذ يستبد بها... لقد رفض باتريك أن يغادر فيليب إنكلترا... و كانت ذريعته صغر سن فيليب لكن ذريعة الأبوة أقوى!
أحست بالسقم و هي تتصور باتريك كان يطارحها الغرام ظانا أنها كيم! خلال تلك الأوقات ما كانا يتبادلان الكثير من الكلام... ربما لوتكلمت، لأدرك أنها ليست كيم و عندها يفقد رغبته فيها. أوه... هذا جنون... و مع ذلك قد يكون صحيحا!
إتفقا على الصدق و الصراحة... لكن في هذا الموضوع لن تستطيع التحدث إليه... فهي تخشى الرد! فقد يتحطم زواجها إذا علمت أنها بديل لشقيقتها.
كانت تستلقي في الفراش شاحبة الوجه جافة الدموع عندما دخل باتريك... فنظرت إليه بعينين منخفضتين و هو يجلس قربها على السرير... قائلا بنعومة:
- ذهب الجميع... هل يؤلمك رأسك؟
- يؤلمني رأسي؟
-أنت مستلقية هنا في الظلام.
إنها لم تلاحظ حتى أن الدنيا أظلمت! فمال فوقها ليضيء المصباح الخافت قرب السرير.
- غادر الجميع باكرا بسبب الثلج... إنه يهطل بكثافة الآن... و الحفلة فقدت بهجتها دون المضيفة... طبعا.
أشاحت بوجهها عنه و قالت بجفاء:
- أسفة.
-هاي... إنني أمازحك... قلق عليك الجميع، بما فيهم أنا...
- إنه صداع... تعب الميلاد و التعميد.
- أهذا كل شيء سابينا؟... ألم تكن روزي تغرز خنجرها المسموم ثانية... أهذا هو الأمر؟
- روزي؟
- لقد إختلف حالك فجأة بعد أن تكلمت معك.
-ألم الرأس يهاجم المرء فجأة...
لم يقتنع فقال بعد لحظات:
- هل أنت بخير حتى تري أبويك؟ إنهما قلقان.
- لا أريد رؤيتهما. أود الإغفاء قليلا... هل تعتذر منهما؟
- طبعا... هل تريدين رؤية فيليب قبل النوم؟
-يجب أن أضعه في فراشه...
- أمك ستضعه كما إني قادر على ذلك مرة واحدة... أتظنين أن العناية به هي سبب الصداع؟ إذ كنت تستيقظين فيلليل لأجله.
بعد حديثها مع روزي فريستون لم تعد واثقة ما إذا كان هذا القلق عليها لمصلحة إبنه أم لا... إنها تسمح لكلامها المسموم أن يسيطر على تصرفاتها غصبا عنها... و لم تتمكن من إيقاف ما قالته:
- كل الأمهات يفعلن ذلك... ولست من مادة قابلة للانكسار بسرعة باتريك.
دهش لانفجارها الكلامي هذا... فأطباعها عادة بعيدة عن الجدال و الخصام... لكنه قال بلطف:
- أعلم هذا حبيبتي. لكنني لم أرغب في أن تجهدي نفسك به حتى المرض.
-رأسي يؤلمني باتريك... و لست مريضة!
-حسنا سابينا... سأحضر فيليب لتريه قبل أن ينام...
رفضت العشاء... و إستحمت ثم دخلت الفراش، تحاول يائسة أن تغفو قبل وصول باتريك... لكنها كانت صاحية عندما دخل بهدوء إلى الفراش قربها، و أحسط به يلتصق بها و يغطي نفسه. ثم لمس كتفها بهدوء:
-سابينا؟
أغمضت عينيها بشدة، و الإحساس بالشوق يغمرها للمسته... فردد بصوت أكثر حدة:
- سابينا؟ هل تحسين بالبرد حبيبتي؟
البرد؟ إنها تحس بالصقيع... فمشاعرها كلها مخدرة!
-قليلا!
فضمها بين ذراعيه بحيث أصبح وجهها فيصدره:
- دعيني أدفئك.
فدفعته عنها:
- ليس الليلة. ما زال الصداع يؤلم رأسي...و...و أنا...
- لا بأس سابينا لن أضايقك... سأضمك فقط الليلة...
حتى هذا لن تطيقه!
- أنا دافئة الآن... باتريك. سأنام في الجهة المقابلة من السرير. ربما سأصاب بالرشح.
تركها ببطء و تردد:
- ربما... أواثقة أنك لست متكدرة من شيء ما؟
- بالطبع لا...لن يروق مزاجي لطلباتك كل ليلة باتريك!
فاستلقى على ظهره:
- لا... أظننا بدأنا نصل إلى لب الموضوع... أليس كذلك سابينا؟ و سأقبل بهذا لأنك لست على ما يرام. و لكن هذا لم يمنعك عني من قبل. فأنت اليلة لا تسمحين لي حتى باحتضانك... وتقولين إنك لا تشعرين بالرغبة. أأنت مريضة... أم مزاجك عكر؟
- إنه مزاجي!
-هذا ما ظننته... عمت مساءا!
أدار ظهره إليها... فاستلقت بائسة على الجانب الآخر من الفراش، و سرعان ما غط في النوم. لكنها لم تطق الابتعاد عنه، فاستدارت ثانية حتى أصبحت متكورة خلف ظهره، ذراعها حول خصره و رأسها مستريح على ظهره... فأطلقت تنهيدة إرتياح و سعادة ثم غفت بارتياح.
كانت وحدها في صباح اليوم التالي المبكر عندما إستيقظت، فأسرعت إلى غرفة فيليب فوجدتها فارغة كذلك. ثم وجدته مع باتريك في غرفة الطعام... طغت عليها حمرة الحرج عندما نظرت إلى زوجها... فنظر إليها ببرودة... ينهي قهوته قبل أن يقف:
- كيف تشعرين هذا الصباح؟
- أفضل حالا...شكرا لك.
- لقد أطعمت فيليب... كنت نائمة عندما إستيقظت و لم أشأ أن أزعجك.
- شكرا لك... سأغسله الآن.
- تناولي فطورك أولا!
فردت بجفاء و إختصار:
- لا أريد
- أنت لم تتناولي العشاء ليلة أمس... قد تمرضين...
إصطبغ وجهها بالأحمر من الغضب هذه المرة. إذ لم تستطع أن تصدق أن تقارب الذي بنته خلال ثلاثة أشهر قد يتدمر بسبب جدال بسيط يتعلق بعدم السماح له باحتضانها بالأمس. أهذا زواجهما... مجرد صلات زوجية؟ فقالت متوترة:
-قلت لست جائعة... عن إذنك.
حملت الطفل و إبتعدت عنه، فأوقفها صوته:
- سابينا؟
- نعم؟
- هوني عليك اليوم، و إضبطي أعصابك... هه؟
تلاشى غضبها بسرعة كم ثار... و إمتلأت بالحيرة... فهي تحب هذا الرجل رغم ما قالته روزي.
- أنا... أنا...حاضر!
إتجهت بسرعة إلى التفل. تنوي أن تشغل نفسها لئلا تفكر.
أمضت اليوم الأخير من عطلة والديها معهما بمرح. فهما سيسافران في اليوم التالي ظهرا... وسيصعب عليها فراقهما، و عليهما الافتراق عن حفيدهما.
قال لها خلال الأمسية بعد أن وضعت فيليب في فراشه.
- سنأخذ فيليب معنا إلى أمريكا في الصيف.
دهشت سابينا لهذه المعلومات. فهو لم يذكرما لها من قبل.
- إنها مفاجأة لكم جميعا... لقد فكرت في قضاء إجازة هناك في تموز.
نظرت إليه مبتسمة:
- سيكون هذا رائعا.
- هذا ما ظننته... شرط أن يستقبلنا فيل و سارة طوال المدة.
لقد أصبح و والديها أصدقاز بشكل غريب... و كان رد والدها إذ قال بحرارة:
- لك أن تبقى شهران يا ولدي. فأنا و سارة سنسر بكما.
- لا أستطيع التعطيل أكثر من شهر واحد... لكن في المرة القادمة قد نبقى وقتا اطول.
المرة القادمة! لقد ذكرها هذا أن زواجها به أمر دائم... و أنه زواج طبيعي تم باختيارها، و بارادتها! فقالت الأم:
- أهلا بكما متى شئتما... لقد أمضينا معكم وقتا رائعا هنا. و ستسرنا صحبتكم. عندما والت لنا سابينا إنها ستتزوج من شقيق تشارلز... حسنا... نحن...
فأكمل باتريك:
- قلقتما... و هذا أمر طبيعي. أستطيع تفهمه... لعلكما بعد أن رأيتنا إقتنعتما أننا تزوجنا لأننا نريد بعضنا... و رأيتما أيضا أني لست ممن يضرب زوجته.
تألقت عينا الوالد و هو يمازح سابينا بقصد إزعاجها:
- عندما كانت صغيرة... كانت تستحق أكثر من الضرب... فقد كان لها طبع شرير!
فنظر باتريك ضاحكا:
- حقا؟
بدا والدها راضيا عن كشف سيرة طفولتها... و كان عليها أن نعاني من مهانة كشف كل مساوئ طفولتها... و كانت ضحكات باتريك خلال العشاء تتصاعد... و بدا في مطلق الأحوال أنهما عائلة سعيدة. و ما من أحد منهما يحس بما يعتمر نفس سابينا... قد تتمكن من التظاهر ليوم... أو لأسبوع،لكن كيف قتتمكن من التظاهر ما تبقى من عمرها...؟
في غرفتهما... تقدم باتريك ليقف وراءها و هي تقف أمام المرأة تسرح شعرها إستعدادا للنوم... و لم تعد تستطيع فعل شيء سوى التحديق في إنعكاس صورته في المرأة:
-كيف تشعرين الليلة؟
-أنا...
صمتت لدى تصاعد صيحة صغيرة حادة من غرفة الطفل:
-فيليب!... إنه متكدر طوال اليوم.. سأذهب إليه!
لحق بها باتريك إلى غرفة الطفل الملحقة بغرفتيهما ليقف بالباب و سابينا تحمله... ثم سأل:
- مم يعاني يا ترى؟
- لقد طعم و لعله محرور.
-و هل هذا أمر طبيعي؟
- طبعا! إنه لا يشكو من شيء أخر. لماذا لا تعود إلى غرفة النوم. سيكون بخير معي... عد إلى فراشك!
-لكنه مريض...
- إنه محرور قليلا... أخبرتني الممرضة أنه قد يتعرض إلى هذا.
- حسنا... سأعود إلى الفراش... ما دمت واثقة من كل شيء!
أقفل الباب المشترك بعنف مفاجئ.
بقيت مع فيليب أكثر مما هو ضروري... مع أن فيليب سكن بعد دقائق من هدهدتها له لكنها أمهلت باتريك بعض الوقت لينام.
فجأة إنفتح باب الغرفة بعنف و وقف باتريك ليقول بخشونة:
- تعالي إلى الفراش سابينا... لن ألمسك!
- باتريك!
أمرها بمرارة قبل أن يستدير ليعود إلى الغرفة المظلمة:
- عودي إلى الفراش ... سابينا؟
فوقفت تدثر الطفل جيدا قبل أن تدخل غرفة النوم حيث كان زوجها مستلقيا على جنبه في الجهة المقابلة من السرير و ظهره إليها.
لم تر زوجها حتى الصباح فقد تناول الأربعة فطورهم معا. لم يذهب باتريك إلى العمل كي يتمكن من إيصال أبويها إلى الطار. و كانت هذه مبادرة لبقة، علمت سابينا أن والديها سيقدرانها له... و هذا يعني أنه سيكون معها ما تبقى من اليوم.
دخلت أمها غرفة الطفل لتساعدها في إلباس فيليب ثيابه للذهاب معهم... و قالت باكية:
- إنه يشبه كيم.
لكن... كل ما كانت تشاهده سابينا فيه شبهه لباتريك. حملت أمها الطفل بعد أن إنتهى من إرتداء الملابس.
- لقد تمتعنا حقا بالإقامة معكما. لقد جعلنا باتريك نحس أننا على الرحب و السعة هنا... و كم سرتنا سعادتكما معا. و يجب أن أقول أني و والدك أحسسنا بالقلق عندما قررتما الزواج. كنا نتساءل عما إذا كان الزاوج لمصلحة فيليب فقط... إذ سيكون كارثة.
- صحيح!
-لكن الجميع يعرف الآن أنكما سعيدان، فنحن مسروران لك سابينا.
جلست سابينا في مؤخرة السيارة مع أمها و فيليب. و جلس والدها قرب باتريك... لكنها تجنبت لمسته عندما حاول مساعدتها في النزول من السيارة قرب المطار. فلمعت عيناه غضبا قبل أن يستدير ليساعد والدها بإنزال الحقائب.
ما إن دخل والداها قسم الجمارك، حتى أجهشت باكية، و قبلت الراحة التي وفرتها لها ذراع باتريك حول كتفيها... إذ أحست فجأة أنها وحيدة... مهجورة، و كأن سفر والديها تركها في فراغ.
قال لها باتريك أثناء العودة:
- أتودين ترك فيليب برعاية مدبرة المنزل... لنخرج معا الليلة؟
-لا... لن أتركه الآن فهو ليس على ما يرام بعد.
- ظننتك منزعجة قليلا بعد سفر والديك... و فيليب بخير اليوم.
-حسنا... صحيح... سأمهله يوما بعد لأتأكد.
- ألا تريدين الانفراد بي.. لماذا... أوه... لا... بأس... ربما فهمت السبب.
- فهمت ماذا؟
فرد متجهما
-ليس الأمر مهما.
للمرة الأولى منذ زواجهما يمضي باتريك الأمسية كلها في مكتبته يعمل. كانت تعلم أن لا عمل يضطره إلى ملازمة مكتبه لكنه يحاول تجنبها، بل أنه لم يحاول ءن يلمسها و هما في الفراش جنبا إلى جنب. و لم ينكلم أي منهما، و لكنه كذلك لم ينم. و حاولت سابينا كبح دموعها. فلو بكت لطلب تفسيرا... لكن الدموع أبت البقاء وراء السد. فهبطت بصمت على خيها لتبلل وسادتها.
-هذا كله سخيف لعين!
أجفلها إنفجاره الفجائيو جذبها إليه:
-لن أستطيع... سابينا أنت تبكين؟ حبيبتي ما الأمر؟ ماذا دهاك؟ ءخبريني ما الأمر لنحل المشكلة.
فهزت رأسها، و راحت تجهش بالبكاء منتحبة. فجذبها إليه فتعلقت به دون خجل:
- سابينا تكلمي... قولي ماذا فعلت لك؟
- لا شيء... لم تفعل أي شيئ.
- لماذا البكاء إذن؟ لقد تصرفت معك بشكل سيء في اليومين الأخيرين... لك مطلق الحق في الرفض، لكنني لا أستطيع الإستغناء عنك. أحتاج إليك طوال الوقت يا حبيبتي.
لم تعد تطيق أكثر... هل يتصورها كيم بين ذراعيه يا ترى؟ دفعته و دفنت وجهها بعيدا عنه.
- لا!
كانت صرختها صرخة حيوان جريح! و كان باتريك يتنفس بصعوبة و هو ينظر إليها:
- لا؟
هزت رأسها بصمت، و إنهمرت دموعها مجددا و هي تنظر إليه. ثم قالت بصوت مرتجف:
-باتريك... أظن من الأفضل أن أعود إلى أمريكا؟
فضاقت عيناه:
- هل إشتقت إلى موطنك؟ هل جعلتك زيارة أهلك تدركين إنك إشتقت إلى وطنك؟
- لا... فأنا أحب العيش في إنكلترا... لكن أظن أن علي الإبتعاد.
- لماذا؟ أظن...أنا... لن أستطيع... لن أستطيع...
- لن تستطيعي أن تحبيني أ هذا هو الأمر؟ إذن أنت لا تريدينني قربك؟
أبعد غطاء السرير، و بدأ يرتدي ملابسه... فأحست بالألم للإزدراء الذي بدا في صوته:
-باتريك...أنا...
- أتريدين هذا؟
- لا.
- يا إلهي! أنت أبرع مما ظننت في التمثيل... لقد مثلت دور المحبة المطيعة... الراغبة...
- لكنني كنت محبة راغبة.
- لكن كلمة كنت هي فعل ماضي. حسنا... أنا لم أقع في فخك بعد كما تظنين. صحيح أريدك... و أريدك الآن أيضا لو رغبت... لكنني لن "أطلب" منك بعد الآن... لن تجعليني "أتوسل" للحصول على جسدك! فصاحت و هو يفتح الباب: باتريك... إلى أين؟ سأخرج... لا أطيق البقاء قربك... فأنت عكس ما ظننت. لقد راقبت رجلا شريفا تسيطر عليه شهوته و تتلاعب به من أجل جسد إمرأة... و لن أقع في مثل هذا الفخ.
-باتريك...
- توقيتك خاطئ سابينا. ربما بعد عدة أشهر أخرى... ربما! كنت ستتلاعبين بي لأقع في الفخ... لكن ليس الآن.
فقفزت واقفة:
-باتريك لا تغادرني هكذا! فلنتحدث أولا... سأشرح لك...
- لن أهتم بما ستشرحين... لا أحتاج إلى الشرح.
- لكن لا يمكنك الخروج!
- و لماذا لا... الساعة لم تبلغ الحادية عشرة... و أعرف نساء مستعدات لاستقبالي الليلة في فراشهن... تصبحين على خير سابينا....
|