كاتب الموضوع :
saleee
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
سرعان ما تصلبت سابينا...فإذا بدأت هذه المرأة بإهاناتها فلن تتمكن من تناول شيء من الطعام.
- عم أراد باتريك أن يكلمك ليلة أمس؟
إتسعت عينا سابينا لهذا الهجوم المباشر. فحاولت المراوغة:
-الم يخبرك؟
نظرت ليزا إليها نظرة حاقدة:
-ما كنت لاسأل لو أخبرني! باتريك كان دوما شخصا منطويا. لكن لا شك عندي في انه سيخبرني...في الوقت المناسب.
- لكنك تفضلين عدم الإنتظار؟
-صحيح!
سحبت سابينا انفاسا عميقة متظاهرة بارتشاف قهوتها ببطء. ثم اعطتها الرد الوحيد المستطاع في مثل هذا الظرف:
-لن أخبرك ايضا...فلو اراد باتريك إخبارك لأخبرك. انا اخشى ان تكوني مضطرة للإنتظار حتى يقرر إخبارك بنفسه.
إنقلب وجه المرأة العجوز إلى قناع بشع من الغضب، فصاحت:
-لا تتذاكي علي معتمدة على عناق واحد سابينا! فذالك العناق لا يعدو ان يكون مؤساة لك خرج خلالها عن السيطرة على نفسه.
-صدقي ما شئت... فلن أضيف كلمة على ما قلته لك.
ردت ليزا ساخرة:
- لا تضيفي كلمة...فلدي ثقة كافية بباتريك تدفعني إلى ألا أصدق تورطه مع امرأة مثلك!
-كفى!
إلتفتت سابينا فرأت باتريك واقفا بالباب ورائهما، يقول بغضب و تجهم:
-لن اقبل إهانة سابينا بعد الان يا أمي...
-لكن...
فتجاهل أمه و قطع إحتجاجها موجها الكلام لسابينا:
-أنا حاضر للمغادرة سابينا إلى المطار الآن إذا كنت جاهزة سابينا.
فابتسمت له شاكرة و وقفت:
-يجب ان اودع فيليب أولا.
فردت العجوز بعجرفة:
-لن يفهم.
فرد باتريك بصوت رقيق:
-إن هذا ليس وداعا.
فصاحت الأم بحدة، ناسية الحذر من لسانه اللاذع:
-ليس وداعا؟
فنظر إليها ببرود:
-سابينا تنوي العودة إلينا بعد بضعة اسابيع.
فاحمر وجه امه:
-ما كنت اعلم هذا.
اوه..انها ستعود دون شك فعليها التفكير في مستقبل فيليب اليس كذلك؟
نظر إلى سابينا متحديا...فغضت طرفها و ردت بصوت خفيض:
-هذا صحيح...لكنني لست واثقة حتى الان كيف سيكون الامر.
-قلت لك، لا داعي للعجلة.
ليزا كيندل لم تعد تحتمل اكثر..فقاطعتهما بحدة:
ماذا يجري هنا؟ باتريك اريد معرفة ما يجري بينكما؟
فرفع حاجبيه متكبرا:
-لا شيء " يجري" في الوقت الحاضر. امي! و لو ان شيئا يجري، فهو من شأني و شأن سابينا الخاص. و ان كان علي إخبارك شيئا ما فسأفعل...ما الأن فنحن مضطران للخروج.
امسك ذراع سابينا بحذر ثم خرجا معا. و ما إن اصبحا بعيدين في الردهة حتى تنهدت بارتياح و نظرت إليه:
-واو! لست ادري كيف تجرىء على التحدث معها هكذا.
-بالممارسة...اذهبي و القي نظرة سريعة على فيليب...فليس امامنا وقت طويل للوصول إلى المطار.
تحطم قلب سابينا و هي تودع الطفل..و كأنما فهم أنها مسافرة، فبدأ بالبكاء، و اصبح وجهه الصغير أحمر. فقبلت وجنتيه، و هي تشعر بأنها ستشاركه البكاء.
-لن أتأخر...أعدك يا طفلي!
دخل باتريك الغرفة عندئد و قال بخشونة:
-لا تقطعي وعودا لن تتمكني من الوفاء بها.
-اوه...سأفي بها...لكنني لا أدري إن كنت سأقيم بعدها هنا ام لا.
فرد بلطف:
-يجب علينا التحرك فعلا سابينا. فأنا مضطر للذهاب إلى المكتب بعد إيصالك.
-أسفة...أنا مستعدة.
اعادت الطفل إلى مهده...ثم إرتدت على عاقبيها دون أن تنظر إلى الخلف. و قد حافظت على تمالك ذاتها حتى اصبحا في منتصف الطريق إلى المطار، فعندها لم تعد تستطيع الادعاء بان صراخ الطفل لم يؤثر فيها...وه...كم ستفتقد الطفل! إمتدت يد باتريك تمسك بيدها:
-اعلم...و هو سيفتقدك كذلك.
سالته و هي تبكي:
-هل سيفتقدني؟ حقا؟
فواساها بلطف:
-انا واثق من هذا. انت تقللين من قدرته على فهم حبك.
-لقد قالت السيدة بريد الشيء نفسه تقريبا.
-قلت لك إنها ممرضة قديرة.
فسحبت يدها من يده:
-اعرف انها قديرة...و طيبة...لكنها أخيرا ستتركه، فماذا سيحدث لفيليب عندها؟
-هذا قرار علينا معا القيام به عندما يحين الوقت.
بدت لوس انجلوس، كما هي دوما، مليئة بالدخان. لكنها مدينة جميلة احبتها سابينا بعد أن أقامت فيها سنتين...سرتها العودة إليها. فرمت نفسها بين ذراعي طوني عندما إستقبلها في المطار. سألها بتعاطف و هو يحيط كتفيها بذراعيه.
-كان الامر سيئا...هه؟
-جزئيا...هل لنا ألا نتحدث عن الامر...ليس بعد طوني!
فضمها أكثر:
لا بأس حبي...فلنتحدث عندما تكونين على إستعداد.
-قل لي كيف يسير العمل.
-كالعادة...أظنهم ينتظرون رؤية ردة فعلك على توقيع عقد آخر قبل أن يقرروا ما سيفعلونه بالشخصية التي تمثلين دورها. فهناك شائعات تقول إنك قد لا ترغبين في الاستمرار.
هذه ليست شائعات طوني...لقد قلت بنفسي لجول قبل اسابيع.
- إنه قرار يخصك حبيبتي.
كان يروقها دائما لطف طوني و إبتعاده عن الخشونة و طريقته في إحترام آرائها و رغباتها...لكنها الأن بهاجة إلى مساعدة أكبر لتتخد قرارا مهما في حياتها. و مع ذلك لن تستطيع التحدث عن الامر مع طوني...
في اليوم التالي سافرت إلى منزل والديها...و صدمها وضع أبيها المريض، فرغم مغادرته المستشفى ما زال يبدو هزيلا ضعيفا فموت كيم صدمه أكثر منهم جميعا.
قال بصوت حزين و هو يجلس على شرفة المنزل:
-أريد رؤية حفيدي.
فقالت الوالدة بهدوء:
-سيمر شهران قبل ان يسمح لك بالسفر، هذا ما قاله الاطباء.
-و ماذا يعرفون؟
كانت أمها قوية قادرة على حمل عبء المسؤولية... و كانت مقوم بواجباتها على خير ما يرام. فتوسل الاب إبنته:
-كيف يبدو سابينا؟
اخبرت اباها ان فيليب يشبه الاطفال الذين يولدون قبل اوانهم ثم قضت نهارها تخبرهما عما يقوم به من اعمال صغيرة.
-يجب ان ينادى باسم فيل و ليس فيليب...نه إسم كبير على طفل (قال ابوها).
-إنه إسمك.
-بالطبع عائلة كيندل تتمسك بالاسم حرفيا.
-طبعا...فباتريك يصر على هذا.
فنظرت إليها أمها متفرسة:
-يجب ان اقول إنه كان دائما مؤدبا.
فقال زوجها:
-التأدب لا يكلف شيئا. خاصة بالنسبة لعائلتهم. يظنون انفسهم يملكون هذا العالم اللعين!... حسنا...نا اريد حفيدي هنا، حيث ينتمي. كان يجب ان تحضريه معك.
-ما زال صغيرا لا يقوى على السفر يا ابي...
-حسنا...حالما يكبر و يصبح قويا...اريده هنا.
فتجنبت سابينا نظره و عضت على شفتيها:
-قد يكون في هذا صعوبة ابي...اترى... باتريك مصمم على حضانة الصبي.
-و من هو ليقرر مصير حفيدي؟ ما كان على كيم...
ثم اجهش بالبكاء فدهشت سابينا و تحطم قلبها من رؤية هذا الرجل الذي لم تعرفه إلا قويا باكيا...فهي لا تذكر انها رأته يوما يبكي حتى عندما مات والده منذ سنوات.
|