10- سأبكي على صدرك حتى أموت (الاخيييييير)
وصل رالف وساره الى اولمبيا مع حلول الظلام يوم الأثنين , كان الوقت مبكرا وطلبت ساره منه ان يرافقها الى المقام الأثري بالقرب من المنزل , رفض رالف لأن لديه بعض الأعمال التى يريد انجازها, تناولا العشاء ثم اختفى في مكتبه ولم تره تلك الليلة 0 في صباح اليوم التالي كررت طلبها بعد الفطور ولكنه اعتذر مجددا
, سيذهب الى لينغاديا ليرى اديل , اقترح رالف:
- اطلبي من هايلي ان ترافقك 0
ثم تأبط تحت ذراعه ملفا سميكا, تمنى لها صباحا ممتعا وغادر المنزل , لماذا يحمل معه كل هذه كلما ذهب لزيارة اديل؟ تعجبت , انها واثقة بأن هذه الملفات لعمله ومن الغريب ان يحملها معه0
بعد ان غادر رالف البيت ذهبت ساره تتمشى وحدها قرب البيت , كانت فرحة بجمال الطبيعة حولها , الصباح جميل والشمس مشرقه والهواء نقي منعش , انه بيتها ولا ترغب عنه بديلا 0 لقد سرت في انكلترا في منزل والديها ولكنها افتقدت منزلهاالذي احبته كثيرا , هنا في اولمبيا منزلها, طقس الخريف بدأ يؤثر في المزروعات , قريبا تغطي الثلوج المرتفعات حولها, مازال العشب خضر والنهر ينساب ببطء في الوادي , ستفيض الأنهار في الربيع0
نظرتالى جبال اركاديان الوحشية حيث ثلوجها الشتوية ستغذي مياة الأنهار وتسقي سيولها الذائبة الوادي بأكمله0
دخلت المقام الأثري , هناك لعض الأشخاص يتجولون , الوقت مبكر لحضور السياح سيبقى الحال هكذا من الآن فصاعدا , قلة من الناس يحضرون الى المقام الأثري , عما قريب سيختفي كل الأغرابي من هذا المكان بانتهاء موسم السياحة 0
بقيت ساره تتمشى لفترة طويلة بدون هدف , دخلت الى حيث كانت تقام الألعاب الأولمبية منذ الف سنة تقريبا, الأثار الملقاة وسط الأشجار تزيد معالم الطبيعة رقة وسكونا , المنحدرات وكتظة بأشجار الحور والسرو تجري من بينها الأنهار لتصل الى اسفل الوادي 0
جلست ساره على قطعه من تمثال محطم ملقي على الأرض شعرت بالسلام والطمأنينة 0 الشعور نفسه الذي احسته يوم قامت اول مره بزيارة هذا المكان برفقة رالف, قديما كان الاعبون يحضرون الى هذا المكان قبل عشرة أشهر من موعد الألعاب , يسكنون هنا ويتمرنون ويعدون انفسهم للتنافس أمام جمهورغفير
من اجل الحصول على مرتبة الشرف , ليس للاعب بل لمدينته كلها ولعشيرته ولأهله, كان الرابح الأول يتّوج ويرتفع تمثاله بين تماثيل الأبطال أمثاله , الأبطال الذين ربحوا المسابقات في الألعاب الهيلينيه اسابقة0
حدقت ساره من جديد في هيكل زيوس وأعمدته الضخمة وقد دمّر الزلزال معظمها , يقع الهيكل في منطقة التس , كان ضخما جدا ابان عظمته , ومزهريتان كبيرتان من الذهب تزينان السقف 0 في مكان آخر كان هيكل حيرا 0 وهو من اقدم الهياكل في اليونان 0 فيه تمثال لرمز الجمال هرميس والطفل ديونيسوس الذي كان ملقي قرب قاعدة التمثال الذي صنعه النحات براكستيليس وهناك أبنية أخرى لجهة الغرب منها الاستاد الكبير والبالسترا ومعمل النحات فيدياس
وهو من أشهر نحاتي اليونان قاطبة وتزين أعماله معظم المكان الأثري هناك0
بدأت ساره تمشي ياتجاه القرية وقررت ان تزور هايلي0 كانت هايلي في الحديقة تعشب , حين وصلت ساره 0 توقفت عن العمل وجلست واياها في ظل شجرة وارفة0
- سررت كثيرا لرؤية والدي ولكنني سعيدة برجوعي الى البيت0
-هكذا يكون شعوري حين اذهب لزيارة أهلي , أصبحت أحب هذا المكان كثيرا0
سألتها ساره بفضول:
- كيف حضرت الى هذه البلاد؟
- أتيت الى اليونان للمغامرة او ربما للتعرف على بلاد اخرى غير بلادي, صديقة او اكثر من صديقاتي وجدن عملا هنا,ظننت ان ذلك مناسبا لي قبل ان استقر نهائيا, رغبت في ان اتفرج على العالم الخارجي 0 ضحكت هايلي : كنت ارغب في ان اعمل فترة في اثينا ثم انتقل لمكان آخر وهكذا , لكنني لم افلح ’ التقيت مانولي قبل نهاية السنة وتزوجنا0
سألتها بتردد:
- واديل 000هل كانت تعمل معك في المكتب نفسه ؟
حولت هايلي نظرها الى الساعة الشمسية الموجودة في وسط الحديقة , تشاغلت بالنظر اليها , ندمت ساره على ذكر اديل لأنه من الواضح لها ان هايلي لا ترغب في الحديث عنها , اخيرا, قالت هايلي وهي تنظر الى ساره باستغراب :
- الم تخبرك اديل أي شئ عن نفسها ؟ اعتقدت انها صديقتك؟
الموقف حرج للغاية 0 هايلي تعرف من دنكان ان اديل ليست صديقتها بل هي صديقة رالف , لقد ذكر دنكان هذه المعلومات لشقيقته واكد لها ان هايلي كاتمة أسرار وتحافظ على اخبار صديقاتها ولا تحب الثرثرة , احست ساره بأن هايلي لا ترغب في مواصلة الحديث عن اديل, كان من الصعب جدا على ساره ان تجي على سؤال هايلي وقررت ان تتجاهل الشق الآخر من السؤال:
- لا 0 اديل لا تتكلم معي عن نفسها0
-نعم , ان اديل منطوية على نفسها ولا تحب ان تتكلم كثيرا000
لكن رالف بالتأكيد قد أخبرك شيئا عنها؟
مرة ثانية وجدت ساره نفسها في موقف حرج
ولا يمكنها الأجابة بصراحة على سؤال هايلي و ومع ان هايلي تكره الثرثرة الا انها اظهرت بعض الفضول في موضوع ساره, رالف , اديل , هذا المثلث وترابط العلاقة بين اشخاصه 0 هايلي واثقة من اخلاق صديقتها اديل لكنها تبدي بعض الفضول , هل غيرت رأيها بأخلاق صديقتها؟هل بدأ الشك يساورها؟ هل هناك أي اساس في ما قاله دنكان على ان علاقة اقوى من الصداقة تربط اديل برالف؟
قالت ساره صادقة :
- رالف لا يتكلم عن اديل 0
ثم سألت هايلي اذا كانت تعرف كيف وصلت اديل للعيش في لينغاديا 0
- هل تحمل اديل دما يونانيا ؟ هكذا يقول رالف!
- اعتقد ان احد جدودها من اليونان , لقد ورث والداها هذا المنزل في لينغاديا منذ سنين , والداها عجوزان وتعيش معهما , كان والدها يصر على العيش في المنزل الموروث حين يتقاعد, مادياتهم جيده وكما تعرفين تعمل اديل عند رالف, من اجل تتسلى وتكسب مصروفها0
دهشت ساره للمعلومات الجديدة000
اديل تعمل عند رالف؟من اجل ذلك يحمل معه كل هذه الأوراق والملفات عندما يذهب لزيارتها؟
- انا 000لا عارف ماذا تعمل عنده! قالت ساره وهي تضحك من الدهشة: رالف يرفض ان يتكلم في شؤون العمل وعندما يحضر للبيت يترك العمل وراءه وينساه0
- اديل تساعده في مسك حساباته, تعمل في منزلها, كنت اجهل ذلك ولكنه اخبرتني بنفسها يوم التقينا في منزلكم , لماذا لا يبحث معك شؤون عمله؟ هذا غريب , مانولي يسرة ان يخبرني شيئا عن عمله يوميا وانا اريد ان اعرف عنه, وكيف يمضي يومه وانه جزء من الحياة الزوجية0
هذا صحيح ان الألفة بين الزوجين تزيد نتيجة هذه الأحاديث وتقرب الزوجين من بعضهما هذا مخالف تماما لما كانت تؤمن به ساره0 كيف كانت تعتقد ان الحياة مع شخص مثل رودي سترضيها0 مهما كانت عواقب زواجها من رالف وخيمة ومهما تفتقد من السعادة الحقيقية لأنها مدينة له في انقاذها منزوج تافة مثل رودي0 كانت هايلي صامته تراقب قمم التلال 0
حدقت ساره بها, انها جذابه , وتبدو راضية سعيدة في حياتها الزوجية , التفتت هايلي فجأة وابتسمت , كانت سارحة بعيدا في افكارها0
هو الحب , انه يجعل المرأة نظرة حالمة
ويملأها سعادة , هايلي سعيدة وكذلك فاليري , ربما كانت ساره ستجد الزوج المناسب لولم تكن تؤمن بأفكار غريبة بل غبية حين كانت تفتش عن رجل سهل القيادة , ولكنها وجدت فعلا الرجل المناسب لها انه رالف, وهي تريده بكل جوارحها , فهو سبب وجع قلبها وحزنها, مالفائده , هي تريده وهو لا يريدها؟ قالت هايلي تعتذر عن سرحانها:
- انا ومانولي عاطفيان , ودنكان لا يحتمل حبنا 0
- لا اعتقد ذلك0
- قالت ساره وهي تبلع ريقها : انه ممتع ان يحب الزوجان بعضهما مثلكما 0
تأخرت ساره كثيرا في الوصول الى هذه النتيجة العاطفيه0
نظرت اليها هايلي وسألتها بتردد:
- منذ متى تزوجت يا ساره؟
- منذ خمسة اشهر0
ساد صمت ثقيل , كانت هايلي تفكر ارادت ان تحل اللغز الذي يربط رالف بأديل 0 انه الفضول 0
- هل انت 000ربما لا استطيع ان اسألك هذا السؤال يا ساره؟
نحن لا نعرف بعضنا الا منذ فترة قصيرة , هل انت متضايقة من اديل؟
توقفت هايلي عن الكلام وهي تتمنى لو تشرح لها ساره الوضع بكامله , اكملت هايلي تقول ان دنكان يعتقد بأن علاقتة متينة تربط رالف بأديل, ساره بقيت صامته لا تعرف بماذا تعلق , اكملت هايلي حديثها:
- لا يوجد يا ساره أي علاقة غير شريفة بين رالف واديل, انا واثقة مما اقول ان اديل فتاة عاقلة ومحترمة ولن تفعل أي شئ من هذا القبيل 0
وجدت هايلي صعوبه في الحديث بخصوصيات اديل ولكنها اكملت : كانت اديل متزوجة من رجل انكليزي وقد افترقا منذ سنة ,ضاعت اخبارها عني بعد ذلك ولكن صديقة لي كانت تعمل معنا في اثينا اخبرتني قصتها بعد ان جعلتني اعدها بأن لا اخبر احدا , الآن وتحت وطأة هذه الظروف وانت تشكين من تصرفات اديل ارى من الواجب ان اظهر لك الحقيقة 0
استمعت ساره بأهتمام الى هايلي ةهي تقص عليها بأختصار قصة اديل كما سمعتها من الصديقة0 قالت :
- كانت اديل وزوجها ميشال سعيدين , في يوم من الأيام حضرت فتاة صغيرة تعمل معه في المكتب تبكي بمرارة لأن صديقها قد نبذها , امضت اليوم في البكاء بعد ان حطم قلبها 0اراد ميشال ان يواسيها ويفرج عن كربها فدعاها للغداء, وبعد ذلك اعتادا على الغداء سويةيوميا , ثم بدأ ميشال يسهر معها ايضا في المساء تمادت الفتاة في غيها ورغبة في الأستيلاء على ميشال وامتلاكه , كانت فتاة وقحة ولا اخلاق لها لأنها كانت تعلم منذ البداية انه رجل متزوج , تولدت علاقة بينهما, عرفت بها اديل وافترقت عن زوجها للحال, المأساة تكمن في ان ميشال ترك هذه الفتاة على الفور بعد ان عرفت زوجته بالأمر ولكنه لم يعد الى اديل لأنه خجل جدا من عمله0
- وهل لا تزال اديل تحبه ؟
كان صوت ساره يرتجف 0 وكذلك كانت صديقتها0
- انا واثقة من ذلك, انهما يحبان بعضهما كثيرا 0
ماذا تستطيع اديل ان تفعل اذا كان ميشال لا يعود من نفسه؟ هزت ساره رأسها موافقة , انها تمثيلية هزلية مضحكة يفترقان من بعضهما بالرغم من الحب الذي يربطهما 0
سألت ساره بعفوية:
- ولكن رالف ! لماذا يهتم بها كل هذا الأهتمام؟
تذكرت ساره كيف كانت تعاملها اديل على انها المفضلة عند رالف والمالكة لأموره واحيانا تكلمها بوقاحة وتسلط , طريقتها ليست طريقة انسانة لا تربطها برالف الا زمالة العمل , ثمرالف كان دائما يصرح لها بعلاقته بأديل , وبأنها افضل النساء000لابد ان هايلي لا تعرف الحقائق كلها 0
- لا أعرف كيف توصل رالف لمعرفة اديل ؟
- وانا ايضا لا اعرف حقيقة الأمر , لقد انقطعت اخبارها عني لفترة , التقيتها بعد ذلك عندكم في المنزل ودعوتها لزيارتي ولكنها للآن لم تحضر 0
انطوى موضوع اديل بنهما 0
مانولي سيحضر للغداء وكان على هايلي ان تسارع لتحضير غداء زوجها 0
عادت ساره الى البيت 0 كانت تعيد بذاكرتها حديث هايلي عن اديل0 لا بد ان هايلي تجهل الحقيقة, ان شيئا ما يربط رالف بأديل 000هي تشك بالأمر لنفترض ان اديل ماتزال تحب زوجها ميشال وكذلك رابطة صداقه هي التي تربطها برالف 0
مانفع ذلك لساره؟ الم يصرح لها رالف مرارا بأنه يكرهها ولا يحبها وبأنها لا تمتلك أي جاذبية بالنسبة اليه؟
بعد موت والدها بشهر واحد كانت ساره تقرأ بقرب المدفأه وتتأمل 0 لقد امضت اسبوعين برفقة والدتها في انكلترا ثم عادت الى بيتها في اولمبيا , الخريف حضر قبل موعده ,ساره تمضي معظم وقتها بالقراءه وتتساءل اذا كانت الحياة لن تقدم لها اكثر من ذلك 000
منذ وفاة والدها اصبح رالف اكثر عطفا ورقة في معاملتها, كان يبقى معها في البيت اكثر من السابق ولكن في غرة مكتبه معظم الوقت0 بعد وفاة والدها اصبحت حرة في ان تترك اولمبيا وتعود لبلدها , ابعدت هذه الفكرة عن رأسها في البداية ومع مرور الزمن تأكدت انه من المستحيل ان تعيش مع رالف في بيت واحد لنهاية حياتها ولا تربطها به أي علاقة,عليها ان تعود لأنكلترا , زواجها ابدي وهي مستعده لتقبل هذا الواقع الأليم 0 انها واثقة من حبها له ولن يكون في حياتها رجل غيره0 رسخت هذه الفكرة في ذهنها مع الأيام , وصلت لذروتها في مساء يوم من الأيام , كانت ساره على وشك ان تدخل غرفة الجلوس حيث كان رالف واديل يتحدثان , توقفت في الممر عندما سمعت اسمها يذكر, ولكنها لم تتبين ما قيل عنها, انصتت وسمعت الحوار التالي : قالت اديل
-انت بدون قلب يارالف, انك لست عادلا0
- كل شئ في الحب عادل ياعزيزتي 0
- هل انت مغرم بصبابة ؟
احست ساره بقلبها باردا كالثلج حين اجابها:
- كأكثر الناس عشقا , عندما يحس الرجل انه يستطيع ان يهب المرأة التي يحب حياته ثمنا لهذا الحب 0
ضحكت اديل وخيم صمت 0 هل كان رالف يعانقها؟ هل انقطع الحديث بسبب عناقهما؟ سألت اديل :
- اتساءل 0 هل حبك بقوة حبي ؟ لا مقارنة او قياس , الحب عند النساء يختلف 0, غرامهن اعمق 000
-لا 0 لن اعترف بذلك ابدا , هن يظهرن حبهن بسهولة اكبر ويقدمن قلوبهن للرجل ببساطة, الرجل لا يعرف كيف يظهر حبه, ربما يتأثر الرجل بعواطفة كالمرأة ويتألم بسرعة مثلها انتبهي يا اديل كوني عطوفة رقيقة مع حبيبك0
-هكذا سأكون دائما 0 وانت هل ستكون رقيقا وعطوفا مع حبيبتك؟
-هذا ما نويه00
صعدت ساره الى غرفتها مسرعة, لم تستطع ان تدخل غرفة الجلوس وتعكر عليهما صفو لقائهما , ستكون دخيلة بينهما في جلستهما الشاعرية0
بدأت لفورها ترتيب امر سفرها الى انجلترا, حجزت مكان لها بالطائرة وكتبت رسالة الى والدتها تخبرها بلياقة وحذر ان الأنفصال بينها وبين رالف انفصال دائم بدون طلاق 0
قبل موعد السفر بيوم واحد ذهبت ساره لوداع هايلي , اخبرتها ما سمعته من حديث بين رالف و اديل 0
- يجب ان ارحل واتركهما لسعادتهما كما كانا قبل حضوري, انا لم اخبرك كل شئ عن زواجي يا هايلي , اعتقد ان دنكان اخبرك ان زواجي من رالف لم يكن زواجا طبيعيا منذ البداية 0 هزت هايلي رأسها موافقة 0 كانت تفكر بجدية 0
- انا لا اصدق ذلك عن اديل مع انك سمعت بنفسك الحديث الذي دار بينهما 0
انا واثقة بأن اديل تحب ميشال كثيرا, لا اعتقد انها تهتم لأحد غيره0
لم تعلق ساره على حديث هايلي , لقد سمعت بنفسها كيف صارحها رالف بحبه وهي ايضا صارحته بقوة حبها, لقد وعد بأن يترفقا بحبهما, ليس هنا أي خطأ0
ودعت ساره هايلي ووعدتها بالكتابه ثم تركتها وذهبت الى المقام الأثري0 ارادت ان تمضي بقية يومها في جلسة وداعية تأملية0
في صباح اليوم التالي , يوم السفر , تناولت ساره فطورها مع رالف , انها آخر مرة لها برفقته , كانت حذرة جدا في حديثها معه
,تتمنى ان لا يتناحرا بالكلام , لاتريد ساره أي شئ , يعكر صفو ذكرياتها الأخيره معه 0 انتهت من توضيب حقيبتها حين دخل رالف غرفتها0 نظرت اليه وهي تشعر بالذنب لأنها لم تخبره عن عزمها على الرحيل من قبل0
-- ظننتك ستخرج كالعادة هذا الصباح , كل يوم اربعاء تغادر المنزل0
لم يجب رالف عن سؤالها 0 ركز عينيه السوداوين على حقيبتها فوق السرير وقد اكتسى وجهه شحوبا 0 سألها وهو يدخل الغرفة ببطء:
- الى اين ستذهبين ؟
تنهدت بعمق وهي ترتجف من الأنفعال:
- سأعود لأنكلترا 000سأتركك الى الأبد0
- هل يمكنني ان اعرف السبب؟
هزت رأسها نفيا 0 لا تنوي ساره ان تذكر له أي شئ عن علاقته بأديل0
- ان ذلك افضل لنا , لم اكن استطيع ان اتركك في حياة والدي كي لا اجرحه,الآن وبعد وفاته أصبحت حرة ولا يهمني أي شئ ,
سأتركك حرا كما كنت قبل حضوري 0 وضعت تنورتها في الحقيبة واغلقتها : ليس لدي الوقت يارالف , سيحضر التاكسي بعد دقائق قليلة 0
- لقد أعدت التاكسي على اعقابه0
- لماذا اعدته؟
- لن تتركيني يا ساره 0ثم استعاد قساوته السابقة وأكمل : انت زوجتي ولقد قلت لك سابقا ان زواجنا أبدي0
- لا تستطيع ان تبقيني000لقد اتخذت قراري 0 لن اعيش هذه الحياة بعد , يمكنك ان تطلب لي تاكسي آخر ليأخذني الى المطار0
لماذا يطلب منها رالف البقاء؟ فقط ليحمي ماء وجهه ! كي لا يتكلم الناس عنه وزواجه الفاشل0
سألها:
- هل تأمرينني؟
شعرت ساره بألم في قلبها 0 كانت تريد ان تذهب بسلام بعد وجبة الطعام بدون جدال بينهما, حتى هذا اللقاء الأخير بينهما يتخلله الشجار والعراك؟
- ارجوك اطلب لي تاكسي 0 وقد بدأت دموعها تتساقط بدون ارادتها, مسحتها بسرعة : لا اريد ان اتشاجر معك الآن يارالف , لا لزوم لذلك , اذا لم تطلب لي تاكسي الآن لن اصل في موعد الأقلاع000
كانت ترتجف وهي تحاول ان تلبس نمعطفها , اخذ رالف المعطف منها بلطف ورقة ووضعه على السرير فوق الحقيبة 0 امسك بذراعيها برقة ووجهه في وجهها 0
- لماذا قررت فجأة ان تتركيني يا ساره؟
لم تستطع ساره ان تجيبه , رقته المتناهية لم تسمعها من قبل 0
- قراري ليس فجائيا 0 كنت افكر بالأمر منذ مدة , اتخذت قراري وحددت موعد السفر بعد ان سمعتك تصارح اديل بحبك0
احمرت ساره خجلا من هذا الاعتراف وكان عليها ان تكمل حديثها:
- سمعتكما تتكلمان عن الحب والأخلاص والحنان , تواعدتما ان تكونا مخلصين لبعضكما 0
- لبعضنا؟ دهش رالف وهو يركز تفكيره : لم تسمعي شيئا من هذا القبيل0
- كنت خارجغرفة الجلوس 0 اعترفت 0 ازداد احمرار وجنتيها : انا لم اقصد ان اتنصت ولكنني سمعتكما بدون قصد 0 اذكر جيدا انك قلت بأنك ستكون رحيما بحبيبتك0
- وظننت ان اديل هي حبيبتي التي وعدت بأن اكون رقيقا معها؟ ولكن اديل ليست حبيبتي0
- ليست اديل حبيبتك ؟ ارتجفت : ولكنها وعدتك بالأخلاص 0 لا بد انها اديل 0
- لقد كتب ميشال لأديل يطلب منها ان يعود اليها , واعتقد انهما الآن سوية0
قالت وهي تعتقد انها لا يمكن ان تكون حبيبته 0 كادت ان تبكي من انفعالها:
- اذن من 000هي 000يارالف؟
- اتمنى ان تكوني انت الحبيبة التي وعدت ان اكون رقيقا معها000
قالت من خلال دموعها:
- انا 000ولكنك لا تحبني؟
كان رالف ينظر اليها نظرة حب عميق , ابتسامته على شفتيه كلها حنان وامل:
- هل هذا صحيح؟ لا اصدق00
نظرت ساره اليه من وسط الدموع التي ملأت مآقيها و كان لا يهمها ان تراه راضيا منتظرا لأنه توصل اخيرا ان يبكيها , رمت نفسها بين ذراعيه وشرعت تبكي فوق صدره , رفع رالف وجهها بلطف وجفف دموعها وعانقها بحنان0
- يا حبيبتي ساره , كم اريدك , انت لا تعرفين كم قاسيت وعانيت000
أبعدها عنه قليلا وقد ظهرت القساوة من جديد في عينيه السوداوين :
- لقد ركضت خلفك كثيرا, ظننت انني لن استطيع ابدا ابدا000
توقف عن اتمام جملته وهو يضحك 0 عرف انها ستكمل عنه جملته حين قالت:
- ظننت انك لن تستطيع ابد ان تروضني ؟
- يا حبيبتي كل ما اردت هو ان اصنع منك امرأة بكل معنى الكلمة0
- امرأة تموء0
ورمت نفسها بين ذراعيه واحتمت بصدره تحس دقات قلبه السريعة تتعانق مع ضربات قلبها الخائفه0
- امرأة كلها انوثة هذا ما كنت اريده يا حبيبتي0
عانقها من جديد , لقد اكتملت انوثتها بنظره 0 قالت عاتبة :
- كنت تريدني ؟ ولكنك كنت تصرح لي بأنني لا املك أي جاذبية 0 لم تمدحني بكلمة0
- ولكنني قلت ايضا بأنني سأفاجئك في يوم ما 0 هل تذكرين؟
هزت ساره رأسها موافقه : كم انت جميلة يا ساره , جميلة جدا, لقد رغبت فيك منذ اول يوم رأيتك فيه 0 لكنني اردت ان اظهر جمالك الباطني ولا اكتفي بجمالك الخارجي , كنت اعرف ان جمالك الروحي موجود في داخلك ويحتاج فقط لمن يظهره للعيان , وهذا ما فعلته , سامحيني يا حبيبتي0
- ليس هناك أي شئ اسامحك من اجله 0 تمتمت وهي لا تزال تلوذ بصدره:
- ما دمت انا هي المرأة التي تحبها0
شرح لها رالف بعد ذلك عن اديل , كانت تعمل في مكتب صديق له , اخبره هذا الصديق بقصة زواجها الفاشل , طلب مساعدته في ايجاد عمل لها لبعض الوقت , وافق رالف على مساعدتها في تقديم هذا العمل 0
- كنا نخرج معا 0 ولكن لا تربطني بها أي علاقة جدية , كان علي ان اجعلك تعتقدين بوجود علاقة عاطفية بيننا , وقد ساعدتني اديل لأنها كانت تحبك, لقد أحبتك منذ اول يوم رأتك فيه , كانت دائما تقول لي انني بدون قلب لأنني أعاملك هذه المعاملة القاسية 0
- وهي على حق 0 قالت ساره معاتبة : لقد جعلتني انام علي الأرض 0
- هذا اصعب شئ قمت به0
عانقها بشوق , كانت تتذكر ذلك الموقف الصعب 000كم كان من الصعب عليه ان يتجاهل وجودها معه في الغرفة نفسها 0 اخبرته ساره أسباب رفضها الزواج من شقيقه اليكس , ظهر الندم على وجه رالف وشحب لونه بعد ان عرف الحقيقه : لماذا لم تخبريني الحقيقه من قبل ؟ يا الهي كنت لا اخطفك لو كنت اعرف تلك الحقيقه ؟ وكنت لا أجبرك على تمضية الليل معي على متن السفينة0
سألته بحنان:
صحيح؟
كانت سعادتها تطل من عينيها الزرقاوين0
- ياالهي , ماذا قلت ؟ طبعا كنت اجبرتك على البقاء معي0
تـ بحمد الله ـمت