6- زوجك رجل مجنون
فتحت ساره عينيها في صباح اليوم التالي وأعادت اغلاقهما 0
- رأسي سينفجر 0 ضغط كبير فوق رأسها, أدارت رأسها فوق الوسادة
تحاول ان تخفف الضغط عن رأسها,لم تشعر براحة0
جلست في فراشها ووضعت يدها علي عنقها 0 قال لها دنكان ان لا تشرب بدون طعام ولكنها لم تعتقد ان كأسين فقط من الشراب سيتعبانها بهذا الشكل الفظيع0 كم من الوقت ؟ انها الثامنة والنصف , لا تستطيع الذهاب لموعدها مع دنكان , كيف ستخبره بقرارها ؟ مشت الي الحمام 0 غسلت رأسها بالماء البارد 0 لم يتحسن الوجع الا قليلا0
نزلت الي غرفة الطعام حوالي التاسعة صباحا0 كان رالف قد انتهى من الفطور ولكنه ما زال يجلس الي الطاولة يقرأ رسالة0 نظر اليها ببرود وقال:
صباح الخير 0 كان مهذبا ولم يلتفت اليها بل أكمل قراءة رسالته, بعد فترة قصيرة عاد ينظر اليها بتفحص وسألها:
-هل رأسك ثقيل؟
-نعم0 لقد شربت البارحة0
جلست الي الطاولة ولم تتناول شراب البرتقال الموضوع امامها0
- كم كأسا شربت؟
- أثنين فقط0
كرر سؤاله:
- لا تكوني سخيفة , كم كأسا؟
- قلت لك أثنين 0 ولكنني لم اتناول أي طعام مع الشراب0
- كيف تفعلين ذلك؟ كيف تركك صديقك العابث ان تفعلي ذلك ؟
بدأت تشتعل بالغضب حين اشار الي دنكان بدون اكتراث وهو يصب لنفسه فنجانا من القهوة بدون ان يعرض عليها0 لو كانت أديل أمامه لكان اهتم بصب فنجان من القهوة لها0
- لقد نصحني بتناول الطعام مع الشراب, هل لك ان تناولني ابريق القهوة؟
- تفضلي0 وانصحك ان تبتعدي من الآن فصاعدا عن الشراب0 انه لا يناسبك0
اعطاها ابريق القهوة0 صبت لنفسها نصف فنجان وسألها:
- هل ستخرجين اليوم؟
قالت بلهجة متحدية:
-نعم سأخرج0
قال يحذرها:
- انتبهي 0 لا تخاطبيني بمثل تلك اللهجة 0 لقد أنذرتك من قبل 0 كونك زوجتي لا يضمن لك الأمان في مخاطبتي بهذه الطريقة بل علي العكس0
عيناه السوداوان تقدحان شررا اكثر من بريق عينيها 0كلماته لم تؤثر بها اطلاقا0 بل علي العكس اثارت غضبها لدرجة انها تمنت لو تصفعه بيدها0
اكمل قوله:
- اتمني ان تكوني قد غيرت رأيك بشأن الخروج وانصحك بأن تعودي لفراشك لساعة أو أثنتين 0
- شكرا لنصيحتك0 ولكنني سأخرج0
كانت ساره قد غيرت رأيها بالخروج, ولكنه استفزها لتتصرف عكس ما نصحها0
-انا حرة في ان افعل ما اريد0
قال بهدوء وحزم:
- اذا قررت ان تبقي في الفراش 0 فستبقين0
قالت:
- ولكن انت لا يهمك ان خرجت او بقيت!
- قلت انك حرة التصرف0 تفعلين ما تشائين 0 شرط ان تكوني متسترة0 تناولك الشراب ليس عملا متسترا, هل نسيت ما قلت لي الليلة الماضية0 تذكري0
احمرت وجنتاها خجلا خفضت عينيها 0 كانت تتمنى لو ينسى ماقالته له, لقد ذكرته بأنهما زوجان وسألته ما اذا كان يهتم لوجود صديق في حياتها0 شعرت بالذل وهي تنظر الي عينيه 0 لو انها لم تشرب ؟لن تشرب مرة ثانية حتى لا تتلفظ بأشياء مخجلة فتصرفها جعل زوجها يظن بأنها تحاول ان تجعله يغار عليها , وهذا ما لا ترغب فيه ابدا,قالت:
- شربت كأسين فقط0
- هذا أكثر مما تتحملين 0 لا اريد ان تحضر زوجتي الي البيت بهذه الحالة , انتبهي في المستقبل0
كان يتكلم بكبرياء وأنفة0 طريقته الباردة في تجاهلها قد اختفت كليا, ويبدو عليه بعض الأضطراب 0 هل من الممكن ان يكون مهتما بما فعلت؟ ولكن لماذا يهتم ؟ وجودها في حياته لا يزيد عن وجود مرتا0 أو حتى أقل , ان مرتا تشتغل مقابل معيشتها0
- لماذا ؟ الم تقل لي انني استطيع ان افعل ما اريد 0 وهذا ما سأفعل0
- قلت ذلك اذا كنت متسترة بأفعالك 0 لا أسمح لك ان تتحديني يا ساره0
- انت لا تسمح0 لا تستعمل هذه اللفظة معي 0 قالت غاضبة:
لن يكلمني أي رجل يهذه اللغة 0 اظنك تعرفني جيدا فأنا لا أحتمل أي سيطرة من أي رجل ولو كان زوجي0
بدأ فمه يرتجف وينذر بالويل0 كانت مستعدة للمعركة ولكن وجع الرأس والتشنج في عنقها جعلها ترتبك0 وضعت يدها فوق رأسها بعفوية ثم تذكرت موعدها مع دنكان خارج المتحف0 راقب رالف حركتها وبدلا من الكلام الجارح الذي كان يتبادله معها نصحها مجددا في ان تعود لفراشها لتستريح ساعة او اكثر 0 عنيدة ومشاكسة, بالرغم من ألمها اخبرته انها ستخرج لموعدها ولن تأخذ بنصيحته0 قال بحزم:
- حسنا ستبقين في المنزل اليوم ولن تخرجي لأنني أنا أقول ذلك0
رفت عيناها قليلا0 حدقت فيه00كان جسمها يرتجف غضبا0حدّق رالف بها بوحشية مما اضطرها ان تخفض عينيها قليلا0 لم تغلب بعد0 قالت:
- لا أعتقد ذلك0 لدي موعد وسأحافظ علي موعدي0
- سوف نرى0
طوى رالف رسالته ونظر اليها متحديا0
- وكيف تقترح ان تبقيني0
رفعت رأسها تسأله ولكن الألم كان موجعا0
- سأقفل علي ثيابك000هي ليست فكرة جديدة, لقد نفذتها سابقا0انها طريقة بسيطة ولكنها فعالة فأنا أحب الخطط البسيطة0
- في المرة السابقة لم أكن مستعدة فاجأتني!
-الآن انا انذرتك مسبقا 0 كيف ستتصرفين ؟
- هل تعتقد انك تستطيع ان تبقيني في البيت؟
- اذهبي الي الفراش قبل ان أفقد السيطرة علي أعصابي0
بدأت الغرفة تدور بساره0 وضعت يدها مرة ثانية علي رأسها بدون وعي 0 ما أبشع ما تشعر به , ليس لديها النية في الخروج ولكن كيف ستقنع رالف بأنها باقية بأرادتها وليس لأنه اجبرها0 ماتزال تعارك , وقف رالف مهددا:
- انك تصرين علي امتحان صبري0 منذ اول عراك لنا أجبرتك علي تنفيذ أوامري , ماالذي يجعلك تعتقدين انك تستطيعين مقاومتي الآن؟ قلت لك بأنك ستبقين في الفراش وهذا ما ستفعلين 0 اذهبي فورا قبل أن أحملك بنفسي0
- ستكون مهمتك صعبة!
- بدون شك ولكن هل تعتقدين ان قوتك تعادل قوتي؟
لم تجبه0 شعرت بضعفها حتي علي الكلام 0 لم تعد تهتم لأي شئ0 وكل ما كانت ترغب فيه هو الفراش وحبوب مهدئة ليذهب عنها ألمه 0 تمتمت بضعف وتركت الطاولة وقالت:
- سأصعد لغرفتي0
وهي في فراشها, كان رالف يحمل لها حبة الدواء المهدئة مع الماء0 قالت بترج:
- هل تخبردنكان بمرضي؟ انه ينتظرني خارج المتحف0
- سأرسل جورج فورا0 حاولي ان ترتاحي وانتبهي لنفسك في المرة المقبلة0
لم تلاحظ اختلاف لهجته0 كانت تنظر اليه بأستكانة 0 بدا وسيما بالرغم من قساوته الموروثة , في ملامح وجهه وفي عينيه نظرة المتشرد الخارج علي القانون 0 كان صوتها ضعيفا طفوليا وهي تقول له :
- لا بد وانك تهتم بي قليلا بالرغم مما تقول0
- لماذا؟ وهل ذلك ضروري؟
-انك تهتم بي000تريدني ان ارتاح واشفى من المي واوجاعي0
- من أجل ذلك وصلت الي هذه النتيجة ,انني مهتم بك, اعتذر لأنني سأخيب املك0 لكنني لا أهتم بك أكثر من اهتمامي بك يوم تزوجتك يا ساره , لقد جعلتك تبقين في الفراش فقط لأنفذ أوامري , وافرض سيطرتي عليك , انك دائما تطلبين مني اخضاعك 0 طباعك المتعجرفة والمتحدية تجعلني مستبدا 0 انا لن أكون كخطيبك رودي بدون عامود فقري , لن أسمح لك بتنفيذ رغباتك قبل رغباتي , واذا تماديت في تحدياتك ستنتظرين مني دائما ان ارد لك التحدي بأكثر منه0 هز رالف رأسه مسرورا: انا لا أهتم لما تفعلينه ما دمت تحترمين سيادتي عليك0 هذا ما لم تتعلميه بالرغم من الدروس المكررة0 حياتك ستكون ابهج عندما تتعلمين ان تحترمي سيادتي0
اغمضت ساره عينيها, ارادت ان ترد له الصاع صاعين ولكن قواها خارت وقالت:
- هل تطلب من جورج ان يدعو دنكان للعشاء الليلة؟ انا لا ارغب في العشاء لوحدي0
-سأهتم بأيصال هذه الرسالة له0
ذهب رالف الي النافذة واغلق الستائر حتي لا تدخل الغرفة اشعة الشمس 0 ثم ترك الغرفة بصمت0
كان الحر شديدا والسماء خالية من الغيوم 0 ورالف يجلس في الحديقة تحت ظل العريشة وكذلك ساره ومعها اشغال الصوف تتسلى بها 0 احضر جورج لها عصير الفاكهه المثلج 0 شربت العصير وهي تسمع أزيز الحصاد وازيز النحل
المتطاير حولها وسط الأزهار والعليق0
اخبرت ساره رالف انها تنوي دعوة اصدقائها الجدد للعشاء في الليلة المقبلة0 رفع رالف نظاراته الشمسية عن عينيه ونظر اليها متعجبا0 سألها:
- هل هم ثلاثة؟
اجابته:
- نعم دنكان وشقيقته هايلي وزوجها مانولي, هو يوناني وهي اجنبية , حضرا للسكن في اولمبيا مؤخرا, دنكان في عطلة لثلاثة أسابيع فقط 0 نحن نخرج سوية0
قال وقد اتسعت عيناه سرورا:
- انتم سوية!اعتقدت انك تخرجين مع دنكان منفردين , لماذا لم تذكري الآخرين0
- انهم طيبون , ستحبهم حين تتعرف اليهم غدا مساء0
كانت ساره نادرا ما تجد الفرصة للتكلم معه , فغالبا ما يكون مشغولا بمكتبه او في الخارج0
- ماهو تفسيرك للعلاقة التي تربطنا ؟ لابد انهم تعجبوا كيف اسمح لك بأن تعاشري رجالا غيري0
-لماذا تستعمل هذه اللفظة , هذا لا ينطبق علينا0 انت لا تسمح لي بل انا افعل ما اريد0
- لأنني اسمح لك انا بذلك0 قال مسرورا: حالما تتقبلين الوضع علي حقيقته ستشعرين بالراحة والسرور0 اذا قررت انني لا اريدك ان تخرجي مع غيريعندئذ لن تخرجي , يمكنك ان تهزي رأسك قدر ما تشائين ولكنك في داخلك تعرفين انني انا الذي افعل ما اريد ولست انت 0 أنا سيد البيت0
ازداد غضبها ولكنها رغبت الصمت , فهي لا ترغب في تعكير صفو هذه الساعة , علي التلة اطفال يلعبون ويضحكون يجمعون الزهور لبرية ويتصايحون وتذكرت اشغالها الصوفية التي تحيكها وبدأت تعد الأدوار0
-لو سمعك والدي , وانت من آل لينغارد, تخاطبني بهذه اللهجه سيصر علي ان اتركك0
- هذه الخصومة بين العائلتين ! الا تعتقدين ان الوقت قد حان لننساها ؟ انا نسيتها0
- من المؤسف انك لم تكن تؤمن بذلك قبل ثلاثة اشهر 0 كنا كلانا بوضع افضل0
- اوافقك الرأي 0 ولكننا لا نستطيع الآن ان نفعل أي شئ , علينا ان نعتاد الوضع الجديد0
سألته وقد بانت خيبة املها:
- لن تستطيع البقاء مساء الغد للعشاء؟
قال بلهجة قاطعة:
- لدي مشاريع أخرى0
كان يراقب ردة فعلها ويتفحص وجهها كأنه يفتش عن شئ000
هزت رأسها قليلا 0 مالذي يفتش عنه زوجها , ستعرف يوما ما بدأت تحيك الصوف وشعرت بنظرة رالف الضاحكة وحبست انفاسها0 كان شكله جذابا0
- أذا مر بنا غريب , سيقول اننا زوجان سعيدان0 كم المظاهر غشاشة ! لقد حاولت ان تفهميني انك لا تحبين انجاب الأطفال0
- هذاليس لي 0 انا لست متلهفة لأنجاب الأطفال,
هذا الثوب الصغير هو لصديقتي فاليري , التقيتك يوم زفافها0
قال مسرورا:
- كم تدهشينني دائما يا ساره!
- لماذا اعتقدت انك تفهمني جيدا بعد هذه العشرة0
- انا اتعلم القليل مما ارى0 لم اكن اصدق انك تتعبين نفسك في الحياكة اليدوية من أجلها0 علي العكس كنت أظنك ستذهبين لأكبر المخازن وتشترين لها أغلى الهدايا لها0اي انك تتبنين اسهل الطرق0
- افعل ذلك مع بعض الصديقات ولكن ليس مع صديقتي المخلصة فاليري , انها عاطفية ورومانسية وجميع ملابس طفلها مصنوعة باليد0
- وانت؟ هل ستحيكين لاطفالك؟
راقب الأحمرار يعلو وجنتيها0
- ليس هناك الآن اي امكانية لأنجاب الأطفال لذا لا استطيع ان ابحث هذا الأمر0
- انت علي حق , لا لزوم لهذا السؤال0
غير رالف الموضوع واشار الي العشاء غدا اذا كانت ترغب في الطبخ بنفسها للضيوف ام ستترك الأمر لمرتا وجورج0 قال:
- لا أستطيع ان اراك توسخين يديك بأعمال المنزل0
- ربما اقوم بتنسيق الزهور0 قالت بلطف 0 وربما ارتب الطاولة للعشاء0
بقي رالف للعشاء, وذهب باكرا بعد الظهر واحضر أديل معه0
احتارت ساره بأمرها, ماذا سيظن المدعوون بهذا الوضع الشاذ0 لم تزعجها ردة فعل دنكان ولا شقيقته ولكن مانولي كان مرتابا ومزدريا لفكرة دعوة صديقة رالف للعشاء معهم , كانت ساره واثقة من ان احدا لن يحزر من تكون اديل بالنسبة الى رالف وان قلقها بدون اساس0
كانت اديل جميلة للغاية في فستان قطني ابيض بدون اكمام وقبتة عالية ,شعرها الأسود يلمع كالحرير فوق كتفيها 0 دخلت وسلمت علي ساره ثم مشت مع رالف الي الحديقة وجلسا في زاوية منعزلة تحت ظل الأشجار ولم ترهما ساره الا وقت الشاي0
تناول الثلاثة الشاي حول طاولة صغيرة في ظل العريشة وكانت ساره تحاول ان لا تبقى خارج الحديث بينهما او تبدو كأنها دخيلة عليهما, تتحدث وتثرثر وتحاول جاهدة ان تبدو طبيعية ورالف يبدي كل اهتمامه بأديل 0 صمتت ساره في النهاية وبدأ الغضب يملأ كيانها0
كانت أديل لبقة ومهذبة في معاملتها لحبيبها , تصرفاتها طبيعية لا اصطناع فيها وحاولت ساره ان تفتش عن أسباب غضبها عبثا0
تصرفت اديل في البداية بكياسة مع ساره , وبعد قليل اصبحت باردة لدرجة الوقاحة
ووجدت ساره نفسها مهملة لأن اديل كانت تتمتع بكل اهتمام رالف الذي بدأ كأنه يحبها 0 وكان رالف راضيا عن معاملة اديل لزوجته مما
زاد في غضب ساره التي شعرت بأنه عليها ان تجد الفرصة الملائمة لتتركهما بدون ان يبدو كأنهما جعلاها تترك,
استأذنت ساره, بعد قليل,ودخلت البيت 0 يوما ما , ستنفرد بأديل وستريها من تكون ! كانت ساره تتوعدها وهي تفور وتغلي من شدة غضبها0
وصل دنكان وشقيقته وصهره باكرا0 نظرت هايلي الى اديل وصرخت مدهوشة ومسرورة 0 انهما صديقتان حميمتان من قبل ان تتزوج هايلي
, كانتا تعملا سوية في مكتب للشحن في أثينا0 التقت هايلي بمانولي هناك وبعد أشهر قليلةتزوجا ورحلت هايلي لتسكن مع زوجها في بيريه , تراسلت الصديقتان لفترة وجيزة بعد زواج هايلي ثم انقطعت الأخبار بينهما0
- أوه0 هذا مدهش! صرخت هايلي فرحة وهي تعانق اديل 0مانولي عزيزي هل تذكر صديقتي اديل؟
ثم عرفتها ايضا بشقيقها دنكان الذي امسك بيدها وشد عليها لفترة طويلة 0 تبسم مانولي لأديل وانحنى لها بأدب وهو يقول انه سعيد بلقائها مرة ثانية وتابعت هايلي:
- تصوري ان القاك هنا! لم تستطع هايلي ان تكتم سرورها للقاء صديقتها الحميمة 0 ساره لماذا لم تذكري لنا اديل من قبل؟ قلت انك لم تعثري علي صديقة بعد!
- انها ليست صديقتي, اديل ابعد ما تكون عن صديقتي0
كانت ساره غير مسرورة لهذا اللقاءبين الصديقتين 0 يبدو ان اديل ستكون محط اهتمام الجميع هذه الليلة بمن فيهم رالف 0 عضت ساره علي شفتيها وهي تتذكر حالها في السابق , حين كانت هي موضع اهتمام الجميع في اية حفلة , قبل حضورها الى اليونان, كانت تتمتع بشعبية كبيرة والكل يرغب بصداقتها او وجودها في الحفلات والسهرات 0 التقت عيناها رالف وقرأت رضاه عن الوضع, فأحست ان غضبها يتضاعف 0 هل هي نادمة؟ ليس تماما , كراهيتها لأديل لا وجود لها لكن لماذا تشعر نحوها بالعداوة؟ عداوتها لأديل تعود فقط لأن الفتاة التي تكبرها هي صديقة رالف زوجها , ولا يحق لها ان تعادي هذه الصداقةبينهما0 كانت الصداقة تجمعهما قبل ان تلتقي هي رالف وهي صداقة متينة مبنية علي الحب بينما علاقتها بزوجها رالف مبنية علي الكراهية وقلة الأحترام والأزدراء0 لقد عرض رالف عليها الزواج لينقذ والدهامن الموت او ربما ليطيل عمره وهي تضحية قام بها رالف , اثقل نفسه بهذا الزواج وتخلى عن حريته000ولكنه المسؤول عما حدث , لو لم يتدخل في حياتها لما حدث ما حدث0
انحسر غضبها تدريجيا , تأملاتها اليومية تؤثر فيها وتجعلها اكثر تهذيبا ولينا, هل بدأت بالفعل تلين؟ لا0 لا يمكن , ليس هي ؟ وبالتأكيد هناك بعض التغيير في طباعها000
احست ساره بعيني دنكان تحدقان بها ثم حول نظره لناحية رالف 0 لقد تفاجأ , كان ينتظر زوجا ضعيف الشخصية لا يستطيع ان يتحكم بتصرفات زوجته ابتسمت له ساره0 ثم التقت نظراتها بنظرات رالف , كان يبتسم ايضا0 ضحكا سويا لقد تفاهما لأول مرة قال رالف هامسا:
- هل حاولت ان تخدعيه عن قصد00وتقولي له انني اشبه رودي؟ هزت ساره رأسها نفيا: انا لست مقتنعا 0 ربما سأقصصك وامنعك من العبث معه من جديد0
أجابته باسمة:
- عندئذ سأعترض انا علي غرامياتك0
- اعترضي علي كيفك , اذا كان ذلك يسعدك 0 قال ضاحكا : حسنا يا ساره 0 لو لم اكن اعرفك جيدا لقلت اني اشتم بعض الغيرة من كلماتك0
الغيرة ! كانت ساره تفكر بأن ترد له كيده ولكن اديل ارادت ان تحول انتباه رالف اليها ورمت ساره بنظرة توبيخية كأنها تقول لها ان رالف ملكي لوحدي0
حول مائده الطعام انهمك رالف بالحديث مع مانولي0 كانا يعلرفان بعضهما بالشكل وهما متشابهان في الميول والعمل 0يعمل مانولي في تصنيع الزيتون وبساتينه لا تبعد عن بساتين رالف في سهل ماسينيا حيث ينمو الزيتون الأسود وبعض الثمار الأخرى0
كان العشاء ناجحا 0 لم تشك هايلي ولا زوجها مانولي في العلاقة التي تربط رالف مع اديل وكان دنكان يراقب الجميع طوال السهرة متعجبا0 لاحظت ساره عليه العبوس عدة مرات 0 ربما رالف يتصرف مع اديل بحذر شديد,وهايلي لا تصدق ابدا ان صديقتها اديل تعيش مغامرة غير شرعية0 بعد رحيل دنكان وصهره وشقيقته ركز رالف اهتمامه علي اديل, قررت ساره ان تذهب لغرفتها , فتمنت لهما ليلة سعيدة وأستأذنت 0 كانت قد وصلت الي الباب حين سمعت اديل تطلب من رالف ان يحضر لها حقيبتها من السيارة 0 نظرت ساره اليهما وهي لا تصدق ما سمعت, وجدت صعوبة في الكلام0 سألت:
- أديل ستنام الليلة هنا؟
قال رالف بوضوح:
- طبعا 00الوقت متأخر كي اوصلها لمنزلها0
- لكن000
لم تستطع ساره ان تكمل كلامها 0 كانت تفهم العلاقة التي تربطهما , واحست بأنها الغريبة بينهما 0 هذه المغامرة تبدو غير حقيقية ولكنها لم تستطع ان تتخيل ما يجري حقيقة بينهما0بقاء اديل لتمضي الليلة هنا اعطى هذه العلاقة نوعا من التأكيد علي حقيقتها, ولماذا تهتم ان بقيت اديل؟ هل كانت تبقى في مناسبات سابقة؟ بلا شك0
- نعم يا ساره0 ماذا كنت تقولين؟
وضع رالف ذراعه حول خصر اديل كأنه ينتظر خروجها كي يتعانقا0
-لا0لا شئ000
بقيت ضحكة اديل ترن في اذن ساره وهي تخرج من الغرفة وبقي صداها في اذنيها طوال الليل 0 لقد جافاها النوم وبقيت تتقلب فوق الفراش بدون ان يغمض لها جفن0
ماذا سيظن بها جورج او زوجته مرتا ؟ هما يعرفان علاقة رالف بأديل0 هل كانت اديل تنام هنا في المنزل من قبل؟ حاولت الأجابة عن هذه الأسئلة بدون جدوى , ما أغرب هذا الموقف 0 هي تنام في غرفتها وحدها وزوجها ينام مع اديل000تلركت ساره غرفتها في الصباح ونزلت لتشرب قهوتها 0 لماذا تهتم؟ هل من المعقول انها تريد رالف لنفسها, لا , لتأخذه اديل لا فرق لديها , لكن شعورها بالخزي والعار هو الذي يزعجها , موقف الزوجة المهانة000لن تحتمل اكثر, وستخبره بنفسها , لن يستطيع ان يذلها اكثر 0 كان رالف واديل يتناولان فطورهما حين دخلت ساره واخذت مكانها الي الطاولة0
- صباح الخير0
- صباح الخير يا ساره0 قالت اديل بدون أي شعور بالخجل 0 هل اساعدك في تناول أي شئ؟
تجاهلتها ساره وهي تشعر بالمذلة تغمرها0 لا بد وانهما محرجان من وضعهما , كانا يضحكان ويثرثران ولم ينزعجا من دخولها 0 هما وقحان000دون ذرة لياقة! شعرت ساره بالمرض ولم تستطع تناول أي طعام , تركتهما لشأنهما ووقفت مسرعة بدون ان تترك لرالف مجالا لأي سؤال0 وهي في طريقها لغرفتها مرت بالغرفة الأضافية, كان بابها مفتوحا , نظرت الي داخل الغرفة ورأت مرتا تبدل شراشف السرير0 سألتها مستغربة:
- ماذا تفعلين هنا؟
- انا اغير شراشف السرير0
- وهل نامت الآنسة اديل هنا؟
قالت مرتا:
- نعم يا سيدتي0
سألت ساره مترددة:
-هل كانت اللآنسة اديل تنام هنا من قبل؟
- لا ياسيدتي, لم يكن هناك زوجة , ذلك غير معقول ولا مقبول!
تنهدت ساره بأرتياح 0 دخلت غرفتها واحضرت حقيبة يدها ونظاراتها الشمسية, ستخرج لتلتقي دنكان بعد نصف ساعة خارج المتحف , سترتب واياه كيفية تمضية النهار0
- ملنولي وهايلي يستريحان اليوم0 قال دنكان حين التقاها: نحن وحدنا0 هل لديك أي مانع؟
- لا 0 ابدا0
سارا الى السيارة0 قررا ان يقوما بنزهة الي الشاطئ الغربي ويتعرفا الى المدن هناك 0 الطريق مزدحمة حيث موسم السياحة في أوجه 0 مرا بطريق جميلة عبر البولوبرنيز 0 توقفا في القرى الصغيرة واحيانا تمشيا بدون سيارة في ظل الأشجار الوارفة0
- انظر 0 الرجال يركبون الحمير والنساء يمشين وفوق رؤوسهن السلال الثقيلة 0 هذا المشهد يجعلني اثور0 لماذا تتحمل النساء هذه الحياة القاسية؟
- هذه طريقتهم في الحياة 0 لا أظن ان النسوة يمانعن0
- لكن الرجال هم الأقوى بين الجنسين , لماذا لا يحملون عنهم هذا العبء0
- لا الومهم اذا استطاعوا ان يتهربوا من هذا العمل الشاق0 سأل دنكان وهو يمشي قربها 0 هل نتوقف لنشرب شيئا منعشا؟
- لا بأس شرط ان يكون خفيفا ومنعشا وليس كالسابق الذي يحتاج الي طعام0 ذاك الشراب لن اذوقه ابدا0
جلسا تحت ظل شجرة وارفة يشربان القهوة ويراقبان المارة0 هناك الحمير والمعز ثم العربات المليئة بالفاكهة والقش او حتى بعض العصي 0 طرقات القرية غير معبدة وهناك ثور أسود مربوط علي شجرة قريبة 0 الدجاج يسرح في الطرقات يفتش عن طعامه , بطتان اقتربتا منهما ثم غيرتا رأيهما وانضمتا الى مجموعة الدجاج 0امرأة عجوز تجلس على عتبة بيتها وفي يدها هاون نحاسي تدق فيه0 نظرت ساره اليها ترثي لحالها ثم رفعت رأسها عاليا كما فعلت في آثار سانت هيلدا في منطقة وثبي حيث كانت تحدث صديقتها فاليري قائلة: انها تفضل الموت على ان تقبل ان تكون سجينة لرجل000كتلك المرأه0
- ماهذه الحياة 0 لماذا تعيش هذه المرأة ؟ زوجها يشرب ويأكل في البيت مع اصدقائه0 جميع رجال اليونان لا يعملون , بل يمضون النهار في الراحة والأستجمام 0
قال دنكان مسرورا:
- لماذا انت مهتمة جدا بوضعهم الأجتماعي , انا اراهنك انهن قانعات بحياتهن 0
- لأنهن لا يعرفن سوى هذه الحياة!
- وضعهن يشابه ما كانت عليه المرأة في انكلترا في فترة زمنية سابقة0
- المرأة لا تتعلم 0 لماذا تترك نفسها ترتبط بالأرض كثيرا , حتى لو ولدت في اليونان لن أقبل هذا الوضع وسيعلم زوجي انني استطيع ان أحكم نفسي!
سألها بفضول:
- وهل ترين زوجك الآن انك تستطيعين ان تحكمي نفسك ؟ لا اعتقد ذلك يا ساره 0 فوجئت حين تعرفت اليه, لماذا يتركك على هواك؟ الا يحبك ابدا؟
- ماذا تقصد؟
- من الواضح انه ليس متيما بحبك والا لما كنت برفقتي اليوم 0
التفتت ساره الى المرأة العجوز 0 تابع دنكان حديثه: هل تحبينه يا ساره؟
- هذا سؤال شخصي قلت لك انه يصعب علي شرح هذا الموضوع0
- زواجك ليس طبيعيا0 هذا واضح0
- نعم يادنكان 0 انه ليس زواجا طبيعيا0
- هل هي اديل000مادورها؟ لقد أخبرتني ان لك اصدقاء ولزوجك صديقات 0 وعلى هذا الأساسافترض ان اديل هي صديقة زوجك 0 هناك نتيجة واحدة نستخلصها عندما تتعلق امرأة متزوجة برجل متزوج0
فوجئت ساره بما قاله دنكان 0 حدقت اليه بدون كلام ثم سألته متلهفة لأخباره:
- أديل متزوجة ؟ كيف عرفت؟
-اخبرتني شقيقتي هايلي , لقد تزوجت اديل وهي صغيرة جدا 0هي الآن منفصلة عن زوجها منذ اكثر من سنة0
لهذا السبب لم يتزوجا !رالف لم يتزوجها لأنها متزوجة وليس لأنه لا يؤمن بمؤسسة الزواج 0 تنهدت ساره من الأنباء الجديدة , كانت تفكر ان رالف سيضجر يوما من اديل ويهجرها و لأن حبه لها ليس حبا قويا يجعله يتزوج منها 0 الآن اختلف الوضعو رالف لن يضجر ابدا من اديل , حبه لها عميقا انها بدأت ترى لماذا لم يمانع في الزواج منها والتخلي عن حريته 0 حريته لا تعني له أي شئ ففتاته مرتبطة بزواج ولن يستطيع ان يتزوج بها ابدا , خيبة املها كبيرة 0 ولكنها لا تحب رالف الذي يحاول اخضاعها وترويضها , هي لا تحبه ولن تحبه ابدا وهو ايضا لن يحبها بل يكرهها ويمقتها ويشعر نحوها بالأزدراء 0 لماذا فكرت انه يوما سيهجر اديل وينسى حبه لها ويعود بعواطفه لزوجته؟ لا 0 لا تريده ان يفعل , لماذا تتعب نفسها بهذا التفكير العقيم0
حين وصلا في المساء دعت ساره دنكان لتناول بعض الشراب عندها في المنزل , قدم جورج الشراب لهما وهو ينظر بطرف خفي الي دنكان 0
- جورج لا يوافق 0 قال دنكان وهو يمسك كأسه : يعتقد انه يحق لسيد البيت ان يعيشمغامرة مع الجنس الآخر ولا يحق لسيدة البيت ذلك0
قالت بكبرياء:
- لا أعلم لماذا تعتقد ان رالف يعيش مغامرة مع اديل0
سألها:
- هل انجرحت كبرياؤك؟ انت تعرفين يا ساره ماالذي يدور بينهما؟ لقد قلت انكما متزوجان منذ ثلاثة اشهر 0 هل كان يعرفها قبل زواجكما؟
هزت ساره رأسها أيجابا 0 لقد غمرها شعور بالخزي 0 لماذا تزوجت رالف وهي تعرف بعلاقته بأديل ؟ هل كانت تتمنى في قرارة نفسها لو انها كانت المرأة الوحيدة في حياته ؟ لا 0 الم يقل لها اليكس ان رالف له علاقات عديدة ؟ ماهذه السخافة 0 الم تتفق معه على ان لها طريقها وله طريقه0 الم تكن دائما راغبة في زوج لا يحاسبها على اعمالها وتصرفاتها 0 هي المسؤولة عن حياتها 0 الم تصرح انها لن تلبي رغبات زوجها بل هو الذي سيلبي رغباتها, وقالت:
- نعم كان رالف يعرفها قبل ان التقيه0
- ولماذا رضيت الزواج منه؟
- لا يمكنني ان أجيب على هذا السؤال0
- هل تكملين حياتك على هذا النمط ؟ انك رقيقة وحساسة ومن الخطأ ان لا تكوني سعيدة في حياتك0
رقيقة وحساسة000لا يمكن لرالف ان يصفها هكذا بل هي قاسية وثورية 0 هي محاربة من آل مالفرن, محاربة تستطيع الصمود والتحدي , ولكن لم تصمد مع رالف , صراعاتهمامعه دائما كانت خاسرة0
- ولكنني لست تعيسة0
سألها:
- لماذا وافقت على الخروج معي؟
- انه ليس عبثا!
ضحك كثيرا0 ثم هز كتفه:
- سنه ما شئت 0 انه تسلية تخرجك من حياة الملل والضجر0
- انت ماكر وداهية0
- لا يحتاج الأنسان للذكاء ليحزر0 مشى من كرسيه وجلس في مكان قربها فوق الأريكة: الا يمكننا ان نتابع مداعباتنا؟ تمتم وهو يلفها بذراعيه : لماذا نقف عند حدود العناق؟
سألته:
- قل لي ما الذي نستفيد منه لو تمادينا في تسليتنا؟
- لا نخسر شيئا 0 ونعيش الوقت0
- الرجال يحيرونني 0 تسليتنا مؤقتة 0 ستتحول الى ذكرى 0 ذكرى اليمة0
- انت لا تحبين الممالقة 0 كيف تعرفين انها لن تكون ذكرى محببة؟
ضحكت بالرغم من تفكيرها الجدي 0 الرجال لغز 0 هذه التسلية البريئة في نظرهم , هي أحساس بالذنب بل يؤمنون ان الوقت يجب ان يعاش0 وتمر التجربة وينسى الرجل الموضوع برمتة 0 قالت تخاطبه:
- مازلت لا ارى فائدة من ذلك؟
- الفائده لا تتماشى مع العقل , بالطبع لا 0 من يرغب بالعقل في ساعة كهذه ! ضحك 0 شعرت بيده تنزلق من كتفها الى ذراعها : انت امرأة غامضة يا ساره0 انت حرة وتؤمنين بالحياة العصرية ومع ذلك تعيشين بطريقة رجعية , زوجك غريب الأطوار وبدون عقل لانه لم يكتشف حسناتك , انه جذاب ووسيم 0000 الا تشعرين برغبة اليه ؟ الا تغارين من اديل؟
انه لا يهمني , قالت في نفسها , ولكنها شعرت بأنقباض 0 وضعت كأسها قربها على الطاولة امسك دنكان بها بين ذراعيه , لم تدفعه ولم تقاومه , عانقها بشدّه , تجاوبت معه ففرح دنكان لانتصاره واصبح خذلا , قال مؤكدا قدرته على غوايتها :
- كنت اعرف انني سأنتصر عليك يا ساره 0 انت جميلة جدا 0
سحبت نفسها من بين ذراعيه ووقفت تنظر اليه , لقد اختلف شعورها نحوه الآن اذ هي تشفق عليه 0 ضحك دنكان ثم جذبها اليه مرة ثانية قبل ان يودعها وقال:
- تصبحين على خير يا ساره0 مازلت اعتقد انك فتاة عظيمة وان زوجك رجل مجنون0