لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-08-09, 09:25 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


2 - سفينة الكراهية!


وصل رالف وساره الي غرفة الاستقبال في السفينة. اضاء النور ووقفت ساره قرب الطاولة في وسط الغرفة لم تشعر بالخوف بل بالكآبة. كان ينظر اليها ويتفحصها كأنه يراها لأول مرة نسيت للحظات الخطر الذي يحيق بها تفحصته ايضا عن كثب. كان شعره اسود وعظام وجنتيه بارزة وقساوته واضحة في ملامح وجهه. سمرته الشديده ورثها عن اجداده اليونانيين. في باطنه براكين متأججة تحت سطح هادئ يشبه بشكله تمثالا منحوتا من الحجارة. عبست ساره . هل سيكون هذا الرجل سهل الانقياد مثل شقيقه?
تذكرت خوفها منه وهي طفلة صغيرة تلهو علي الشاطئ..
شعرت بلهيب الغضب في داخلها يوازي خوفها منه. وتذكرت. لن تخاف من اي رجل.!
- اخبرني عن خطتك المعقدة التي صممتها. قالت وهي تجلس علي الأريكة وتضع حقيبة السهرة فوق الطاولة قربها. ام تفضل ان تفاجئني بها?
- لا ابدا.
جلس رالف علي طرف الطاولة ولف رجليه وهو يراقبها عن كثب. لم يكتم تعجبه من هدوئها الذي استقبلت به الوضع الراهن. فأجاب:
- الخطة ليست معقدة. انها ابسط مايمكن. الاتعتقدين ان الخطه البسيطة تكون اكثر فعالية?
لم تجبه ساره ولكنها هزت رأسها موافقة.
- ستبقين برفقتي هنا هذه الليلة. في الصباح الباكر سيحضر حبيبك ذو اللقب الرفيع ويجدك معي. ستكون النتيجة ان لا يحصل زواج بعد اسبوعين.
قال ذلك وقلب جريدته وبدأ يتصفحها بفضول كأن وجود ساره لايهمه.
- وكيف يعرف حبيبي ذو اللقب الرفيع اين انا?
- لقد اوقفت هذه السفينة
( حسناء المحيط) قرب يخت خطيبك. غدا مثل كل المتسابقين سيحضر باكرا... ولا أعتقد انك بحاجة لأشرح لك ماسيحصل?
طبعا لا لزوم. في السادسة صباحا سيكون رصيف المرفأ كخلية النحل مكتظا بالناس ككل يوم أحد.بعضهم سيحضر لمشاهدة السباق وبعضهم لممارسة هواية الصيد والأبحار في نهاية الأسبوع.
الجو مريح وبسيط تسوده روح الالفة والحرية واصحاب اليخوت يتزاورون لشرب القهوة او الفطور. قالت مستنتجة:
- من الواضح انك قابلت رودي.
- التقيته صدفة منذ يومين.
سألته:
- صدفة?
- حزرت. انتظرته حتى حضر. تحادثنا قليلا عن السفن والسباق ثم دعوته لتناول الفطور معي غدا صباحا.
سألته بفضول:
- وهل عرفته بأسمك?
- طبعا. لقد عرفته بنفسي. لم يكن يعلم بخطوبتك السابقة لشقيقي.
لم تجب ساره عن سؤاله هي لم تذكر خطوبتها السابقة الي رودي لأن هذا الأمر لايعنيه .ثم أخبرت رالف بأن عائله رودي قد انتقلت مؤخرا الي وثبي. سألها:
-اذن انت لاتعرفين رودي الا منذ فترة قصيرة?
اجابته باختصار:
- فقط منذ ثلاثة اشهر.
- كان غراما عاصفا بينكما. للأسف سينتهي كل شئ.
قال ذلك ثم عاود النظر الي جريدته وركز انتباهه عليها.
- اعتقد ان عليك ان تقدم لرودي البرهان علي انني امضيت الليل كله معك علي متن السفينة.
- هذا صحيح.
- ماشكل هذا البرهان?
-هذا سيكون مفاجأه لك.
لم تحاول ساره ان تستفسر عن الطريقة بل قالت له ببرود مزيف بأنها ستخبر رودي بأنها خطفت...وهو سيصدقها.
- لا أعتقد. أن رودي عاشق غيور.سيتصرف اولا ثم يفكر.
قالت مؤكدة:
-بل سيصدقني ويذهب الي البوليس ان طلبت منه ذلك.
- ولكنك لن تطلبي منه ذلك.
ثم تثاءب ونظر الي ساعته.
- ماالذي يجعلك واثقا من انني لن اطلب منه الذهاب الي البوليس?
- رأفة بوالدك العجوز المريض بالقلب. اليست هذه نقطة الضعف لديك? صحة والدك تهمك اكثر بكثير من اي اجراء تتخذينه ضدي.
-انت داهية ياسيد لينغارد. نعم والدي يهمني اكثر من الانتقام.
- اسمحي لي ان اسجل اعجابي باعترافك. كنت اعتقد انه ربما تحاولين المراوغة. هل انت قوية حقا كما تحاولين ان تظهري. هل عواطفك متحجرة وقلبك قطعة من الثلج?
- بل قلبي من صوان شأن قلبك. اخبرني ياسيد لينغارد لماذا انتظرت سنة كاملة لتبدأ في تنفيذ خطة الانتقام?
نزل عن الطاولة ووقف امامها كالمارد.تذكرت خوفها منه وهي طفلة تجلس علي الشاطئ كان عليها ان تركض ان تركض خوفا منه قال:
- كنت اعيش بعيدا ولم ار في قصاصك مايوازي تعبي وعذابي. ومع مرور الزمن سمعت من الأهل ماكابدته والدتي من الم وعذاب. لم تنس جرح اليكس وحزنه يوم غادرها لينسى صدمته واهانته. لقد حطمتها الصدمة.
- لا أظن اليكس قد جرح بهذا العمق. لديه الآن زوجة حميمة.
- كنت تنتظرين ان يأكل الحزن قلبه من أجلك? وأضاف مبتغيا أذلالها:
- اعتقد انه لحسن حظه ان زواجه منك لم يتم.
- ولحسن حظي ايضا. انك تلومني لموت والدتك!
هز رالف رأسه نفيا. لقد فاجأه سؤالها. ثم قال:
- الناس يموتون عندما ينتهي اجلهم اذا كانوا في الثامنة عشر او الثمانين. انا لا الومك علي موتها ولكنني الومك لتسببك في التعاسة التي عاشتها في آخر حياتها. بدأت عندئذ افكر بالانتقام ولم أحدد الوسيله وحين عدت الي هذه البلاد وعلمت بزواجك المرتقب اردت ان اجرعك من الكأس التي سقيتها لشقيقي.
نظرت اليه محدقة. تذكرت ماقالته عن تحدره من سلالة المتشردين وقطاع الطرق وعن اجداده القساة. ابتسمت وهي تستغرق بتأملاتها. حتما لا يمكنه ان يكون من سلالة الرموز اليونانيين لانهم لا ورعون ويعرفون الرحمة. ثم قالت:
- تود قصاصي من أجل ما قاست والدتك?
- وهل تطلبين الرأفة?
قالت تتحداه:
- انا لن اطلب الرأفة من أي رجل وبالأخص من أحد رجال آل لينغارد!
- من حسن حظك اننا نعيش في القرن العشرين. كنت أود ان اسحق روحك الوحشية. لو التقينا في الزمن الغابر لما كنت حظيت بهذه المعامله اللينة.
معاملة لينة.. لقد خطفها ورماها علي المقعد الخلفي للسيارة...سيدفع ثمنها مع الفائدة حين تسنح الفرصة. وجال بنظره من رأسها حتي اخمص قدميها وهز رأسه مستغربا:
- شئ مضجر. ما الذي رآه فيك شقيقي? ماالذي اعجبه فيك?
-اهاناتك المتكررة لشكلي الخارجي وعدم تمتعي بأي جمال تسعدني. انا اكره ان انال اعجاب رجل مثلك.
وكان رده المؤلم السريع:
- لو كنت تعجبينني لكنت الآن في ورطة مخزية تجعلك من النادمين..
- قلت لك سابقا انني قادرة علي حماية نفسي.
- اتعتقدين ذلك! انا اشك في قدرتك.
وضحك مازحا بينما كان ينظر اليها بنهم:
- ربما اكون مخطئا.. انا واثق انه سيسرني ان احملك معي الي اليونان واروضك هناك. نعم اعتقد ان ذلك سيكون ممتعا للغاية. من المؤسف ان يكون ذلك غير ممكن.. جبال اركاديان الوحشية تناسب اخلاقك.
- علي العكس انا أحب رفاهية المدينة الحديثة. لن احتمل الحياة البدائية في جبال اوليميبيا.
- اوليميبيا ليست منطقة جبلية مع ان منطقة كرفيون ترتفع فوقها.المناظر الطبيعية هناك خلابة...
وشرد بأفكاره بعيدا عنها ثم غاب في تأملاته ولانت قساوة نظراته وهو يتكلم عن منزله في اليونان. ساد الصمت فترة ثم كسرت ساره طوقه وهي تتعجب لان خصامهما قد هدأ. وسألته:
- هل تعيش في قرية اوليميبيا?
- اعيش فوق تلة صغيرة خارج القرية. جبال اركاديان ليست بعيدة. نظر أليها جادا وقال:
- نعم. اعتقد انه سيكون ممتعا ومسليا ترويضك... ولكنني لا ارغبك. جمالك لايروق لي ان ذوقي في النساء فريد ودقيق علي عكس ذوق شقيقي.
احمر وجه ساره وامسكت بحقيبتها بعصبية وقالت:
- اذا انتهيت من أهانتي ربما ترشدني الي غرفة نومي وجودك قربي يجعلني اشعر بالتقيؤ.
قال يستفزها:
- كم انت باردة الأعصاب .اللعنة علي أذا لم تعجبني شجاعتك. الا يهمك ان زواجك قد انتهي? وأنك خسرت اللقب الرفيع الذي كنت تحلمين بالحصول عليه?
سألته مسرورة:
- ماالذي يجعلك واثقا مما تقول?
- اعتقد ان اي زواج ينتهي أذا امضت الخطيبة ليلة مع رجل آخر بأرادتها...
- كيف يكون بأرادتي?
- لايمكنك ان تقولي انني خطفتك.
فقالب بأصرار:
- طبعا استطيع ذلك.
فسألها:
- حسنا . اترغبين الآن في النوم?
هزت ساره موافقة وارشدها الي غرفتها . المركب اكبر مما توقعت لقد عرفت فيما بعد ان فيه سبع غرف.
- هذه غرفتك. وفتح لها الباب وانتظرها لتدخل: اتمني أن تكون مريحة. الحمام خارج الغرفة. الماء الساخن متوفر دائما. اتمني لك نوما هادئا.




غرفتها نظيفة ومريحة. يوجد فوق طاولة الزينة اسفنجة جديدة للحمام وكل مايمكن ان يلزمها من ادوات التواليت. خلف الباب روب زهري اللون مبطن يلبس فوق قميص النوم وخفين .تذكرت ساره لفورها رجليها المتعبتين. خلعت حذاءها ولبست الخف. نظرت الي الباب من الداخل فوجدت قفلا جديدا وضع للباب من الداخل. حتما هذا القفل الجديد وضعه رالف. انه رجل غريب الاطوار لقد فعلما بوسعه كي تمضي ليلتها في راحة تامة بالرغم من الظروف التي تعيشها لكنه نسي أن يحضر قميص النوم 0 بعد تفكير عميق قررت انها لن تستفيد أذا بقيت مستيقظه كل الليل 0 وضعت ما يلزمها في حقيبه الحمام وذهبت لتأخذ دوشا 0 ملأت ساره المغطس بالماء الساخن واغتسلت 0 وعادت الي غرفتها وأقفلت الباب من الداخل 0 نامت في تنورتها الداخليه التي تشبه قميص نوم 0
استفاقت باكرا في صباح اليوم التالي 0 نظرت الي الساعه الموضوعة علي طاولة الزينه فوجدت انها تشير الي الخامسه والنصف بقيت تتقلب في فراشها 0 كانت تشعر بعصبيه
وقلق ولا تعرف ماالذي يزعجها 0 رودي يحبها كثيرا وسيصدق كل ما تقوله له ثقته بها كبيرة عليها فقط ان تطلب منه ان يبقي الأمر سرا بينهما حتي لا يعرف والدها بالأمر 0 فوالدها سينهار ان عرف أن أحدا من آل لينغارد اجبرها علي أن تمضي الليله معه عبست من الحقيقه المرة 0 فكرامتها قد هدرت 0 ربما كان عليها ان تقاومه وتجعله يحس بحدة اسنانها 0 كما حصل مع شقيقه من قبل 0 لكن رالف يختلف عن اليكس كليا ربما كان اغرقها في الماء كما قال 0
ضاق صدرها بأفكارها وشعورها المتزايد بالقلق وفكرت ان تهرب لكنها عدلت عن فكرتها 0 رالف لن يترك لها فرصة للهرب والخطة قد شارفت علي نهايتها لو صعدت السلالم لوجدته بانتظارها0 نهضت من سريرها لبست الروب الزهري فوق تنورتها الداخليه ودخلت الحمام وبعد أن ملأت المغطس بالماء الساخن واغتسلت شعرت بنشاط كبير وقالت لنفسها ليفعل رالف ما يريد فهي مستعدة للنضال 0 سوف يقع هو في الفخ الذي نصبه لها حين تشرح لخطيبها حقيقة ما حصل سيرى رالف بنفسه كم يثق بها رودي
لم تكن ساره مستعدة للمفاجأه التي أعدها لها رالف 0 لقد تركت باب غرفتها مفتوحا حين دخلت الحمام0 أما الآن فالباب موصد ولا تستطيع فتحه 0
- هل استطيع مساعدتك؟
فوجئت ساره به يقف خلفها وهو يلبس معطفا احمر واسود وقد طوى ذراعيه فوق صدره ينظر اليها مسرورا 0
- الباب مغلق ولا أستطيع فتحه تركته مفتوحا قبل أن أدخل الحمام000وبدأت ساره تفهم ما جرى 0 فقالت بعصبيه : افتح الباب بسرعة0
- ياعزيزتي ساره ! استعملي عقلك 0انا اقفلته ولا مجال لفتحه يجب ان يراك خطيبك علي هذا النحو 0 الآن لا يمكنك ان تقولي انك أجبرت علي البقاء بل بقيت الليل بأرادتك0
- ان لم تفتح الباب سأصرخ وسيسمعني كل من في المدينة !
- افتحي فمك 0هيا 0 اصرخي 0 وأضاف منذرا: بحق السماء ستندمين ان فعلت 0
كنت ساره غاضبه من تصرفها لأنها لم تعمل اى حساب لتصرفه هذا كم كان الأمر سهلا 0 تساءلت في نسها : ماذا كان سيفعل لو انها لم تترك غرفتها وثيابها بهذه السهوله 0
- كانت تصرفاتك طبيعيه وكما أنتظرت تماما 0 ولو انك قررت ان تبقي في ثيابك كنت سأضطر كارها ان أجبرك علي خلعها 0
- وكيف ستجبرني ؟
كنت سأهدد بأن أخلع عنك ثيابك بنفسي 0 طريقتك ابسط واسهل نسيت واجباتي كمضيف يا ساره ولم أقدم لك شاي الصباح 0 لقد فات الوقت لأن زائرنا سيحضر عما قريب 0 هل تساعدينني في تحضير الفطور؟
نظرت اليه ساره بغضب0 اول مرة في حياتها لا تجد ما تقوله 0كانت تفكر بالقيام بأعمال عديدة ولكنها كانت تعرف ايضا ان أي عنف من جانبها سينتهي بالمزيد من الأهانة فهذا الرجل يضحك منها ويسعده ان يراها تفقد صوابها 0 ستخيب ظنه 0
وسألته:
- اعتقد انك تنتظر ان أفقد رباطة جأشي 0 أليس كذلك ؟
قال ببرود:
- بل أريد ان أراك تبكين0
- ذلك يحتاج لرجل ذي أرادة قوية ليحملني علي البكاء0
ضحكت ضحكة مزيفة فجمد في مكانه 0 ثم قال بهدؤ:
- هناك رجال ذو أرادة قويه حولك يا ساره0
- وهل هو أنت ؟
قالتها بطريقة ساخرة جعلت الدم الأسود يصعد الي وجنتيه 0
هذه اول مرة يتأثر لجملة قالتها انحني فوقها وجعل وجهه مقابل وجهها وهو يتفرسها ظنت ساره انه سيحاول عناقها وبسرعة تنحت الي الوراء وقالت :
- أياك ان تعانقني 0 أذا لمستني سأصفعك !
- أنا أعانقك ؟ هذه المرة كان هو الساخر : اخبرتك الليلة الماضية ان ذوقي في النساء فريد وخاص وانا اعني ما أقول0
اضطربت لكلماته الموجعة بالرغم من طبيعتها المتوحشه الا انها امرأه 0 ربما كانت ستجد ملامسته لها مقرفة ولكنه ساءها ان تتأكد من انه لا يرغب مطلقا في عناقها 0
سألها برقة ولطف زائدين وهو يبتسم :
- هل ستساعدينني في تحضير الفطور ؟
- لا 0 وتركته ودخلت غرفة الأستقبال0
وصلتها رائحة البيض المقلي 0 كان يحمص الخبز ايضا ويصنع القهوة 0 دخل غرفة الأستقبال ليحضر طاولة الطعام 0 كانت تراقبه في عمله وتذكرت مرة ثانية خوفها منه حين كانت طفلة صغيرة تلهو علي الشاطئ 0 لم تحلم يومها ان هذا الرجل سيريها الويل ويجرح كبرياءها 0قال :
- سيحضر زائرنا خلال دقائق 0 لقد قلت له في السابعة0
مرت خمس دقائق اخرى 0 جلست ساره علي الأريكه تنظر الي الخف الكبير في رجليها وشكلها المقرف 0 كان الروب اقصر من تنورتها وشعرها مبلل بدون تمشيط او ترتيب 0
- كم انت هادئه 0 من الواضح انك لا تحبين خطيبك ولكنني كنت اعتقد انك ستثورين لخسارتك اللقب الرفيع 0
اجابته بدون اكتراث :
- هناك رجال آخرون يحملون الألقاب الرفيعة 0
- ربما حظك في الزواج في المرة الثالثة يكون افضل من المرتين السابقتين 0 لابد من مجنون ضائع يعرض عليك الزواج من جديد0
وبعد برهة سمعا وقع أقدام بأتجاههما توقفا عن الكلام ونظرا لبعضهما 0 كان صوت رودي وهو يقول :
- هل أدخل ؟
كانت ساره هادئه ولكن صوت ضربات قلبها يصم اذنيها 0 الفرح قريب , دقائق وتنتهي المهزلة 0 مسكين رودي , حضر للفطور000
سيتحطم قلبه ولن يأكل شهرا آخرا0
- تفضل ادخل 0 الفطور جاهز 0 ابتسم راضيا عن خطته التي كملت فصولها , ودخل رودي ثم وقف مشدوها كأن لسانه قد عقد0
كانت ساره تنتظر ثورة غضبه كل لحظه 0 نظر رودي الي ساره بلباسها الداخلي ثم نظر الي رالف الذي قال مخاطبا رودي :
- هل هناك أي خطأ؟ كأنك ترى شبحا يا صديقي 0
ارادت ساره ان تتكلم , ولكن ماذا ستقول ؟ كان رالف علي صواب , لو تكلمت الي رودي عن خطفها لبدت مجنونة لأنها تجلس بلباس النوم كأنها استفاقت لتوها 0
- شبحا ؟ ما الذي يحدث هنا ؟ لماذا انت هنا يا ساره؟ كان صوت رودي منفعلا ووجهه رماديا 0 وقال مخاطبا رالف : هذه خطيبتي 0
جال ببصره بين ساره ورالف من جديد كأنه لا يصدق ما يرى 0 بقيت ساره صامتة 0 تغيرت تعابير وجهها الي الدهشة 0
لماذا لم يصرخ رودي ويثور ؟ ألأنه يثق بها ؟ هل يفكر بأن هناك تفسيرا معقولا لما يحدث ؟ العزيز رودي سهل الأنقياد 0 لو فتشت سنين عديدة لم تكن لتعثر علي رجل مثله يناسب طبيعتها الخاصة0
- خطيبتك ؟ لا يمكن ذلك!
لدقيقة بقي رودي صامتا يحدق مشدوها مما يرى 0 قال :
- انها خطيبتي000سارهلماذا لا تجيبين عن اسئلتي 0 ماذا تفعلين هنا ؟ يبدو انك أمضيت الليلة عنده0
- نعم يارودي0 اعترفت ونظرت الي رالف المسؤول عن وضعها المخزى 0 واكملت : لقد نمت هنا في السفينة 0
- ولكن00
ارتبك رودي واحمر وجهه خجلا 0 نظرت اليه ساره ثم نظرت الي رالف الواقف فوقها كالبرج 0 وبدأ رالف يؤنب ساره بقساوة :
- ساره 0 ايتها الفتاة العابثة 0 لماذا لم تخبريني ؟
ونظر رالف الي رودي يحاول الأعتذار والتأسف وقال له :
- لم أكن اعرف 0 اعني 000ثم هز كتفه بدون اكتراث واكمل :
- ومهما يكن 0 انها الموضه الشائعة في هذه الأيام0 ثم ضحك واضاف :
ارجو ان لا تحمل لي أي شعور كريه ؟ تعال ننسي الموضوع ونأكل فطورنا قبل ان يتلف 0
استفاق رودي من ذهوله وغيبوبته 0 تجاهل الدعوة للفطور وقال:
بعد أن تملكه قليل من الغضب :
- هي الموضة! ربما يكون ذلك صحيحا بالنسبة الي رجل مثلك , ولكن هذا العمل غير مقبول ضمن دائرة معارفي واهلي !
- نحن أحسن منكم 0 خرجت كلمات رالف بعد ذلك موجهة الي ساره : عليك ان تغيري طريقتك يا عزيزتي ساره بعد ان تتزوجي رجلا من عليه القوم صاحب شرف رفيع0
قال رودي :
- ستغيرين تصرفاتك 0 بحق السماء يا ساره 0 اتمني ان لا تفعلي ذلك بعد زواجنا ؟ ماهو عذرك ؟ هل شربت الكثير البارحة في حفلة الزفاف؟
صرخة تعبر عن الدهشة خرجت من شفتي رالف بدون ارادته , نظرت اليه ساره ولم تفهم ماذا يقصد ,نظرت ساره يعد ذلك الي رودي وقد برد غضبه واكتسي وجهه الما مكان الغضب وسألته :
- هل تصدق يا رودي انني امضيت الليل في السفينة مع رالف ؟
اجابها رودي بأقتناع :
- هذا واضح ولا يحتاج لسؤال !
- انت تعرف انني ورالف000
لم تستطع صياغة كلمات سؤالها من الخجل 0 قال رالف بلهجة واثقة لا يعتريها أي شك:
- لماذا الخجل ؟ لم تكوني خجلة الليلة الماضية 000رودي يعرف اننا امضينا الليلة سوية 0 انه ليس مخبولا كي تقنعيه ان كلا منا نام في غرفة منفردة ؟
سألته ساره :
- هل تصدق ذلك يا رودي ومستعد ان تتغاضي عما فعلت ؟
اجابها رودي :
- وهل تركت لي أي خيار آخر ؟ لقد خذلتني يا ساره 0 انا اعرف مدى الأنحلال الأخلاقي في هذه الأيام وكنت اعتقد انك تختلفين عن الفتيات الأخريات0
قالت:
- والآن اكتشفت انني لا أختلف عنهن وما زلت ترغب في الزواج بي ؟
هل خاب ظن رالف بهذه النهاية غير المتوقعة؟ كان ينظر الي رودي بأستغراب0
- أي خيار لي ؟ ردد رودي كلامه مرة ثانية : حفلة الزفاف مقررة بعد أسبوعين 0 وانا أحبك حبا شديدا ولا أستطيع ان أعيش بدونك 0
تراجعت ساره في مجلسها فوق الأريكة الي الوراء واسندت شعرها الأشقر فةق المساند السوداء وهي تنظر الي رودي كأنها تراه للمرة الأولي, ماذا كانت تنتظر ؟ كانت تنتظر شيئا مخالفا تماما لما حصل 0
تنتظر انفجارا , عنفا , غضبا شديدا, تهديدا0000واللذي حدث كان بعض الحزن في عينيه وبعض التخاذل0
نظرت ساره الي رالف ,لم يخف عليها كيف كان سيتصرف لو كان الأمر معكوسا0
- العاشق المتسامح قال رالف مخاطبا ساره : لقد شلت خطتي كما توقعت لها منذ البداية , كنت علي حق 0 اللقب الرفيع من نصيبك بالرغم مما تكبدتة من مشقة0
قال رودي :
- ماذا تقول 0 انا لا أفهم شيئا000
قالت ساره مخاطبة رالف وهي عابسة :
- لقد فشلت خطتك ولكن ليس كما ترغب0
سألها رالف مع انه كان يعرف تماما مالذي تقوله :
- وكيف ؟
- كما قلت 0 اللقب ما يزال من نصيبي ولكنني غيرت رأيي واكتشفت الآن انني لا اريده 0 وكما ترى يا سيد رالف لينغارد انك لم تنجح في قصاصي ابدا0
طأطأ رالف رأسه معترفا بفشله وعلي فمه ابتسامة الرضى ولم يدل بأي تعليق0


3- الويل لك يا حبيبي

السيد مالفرن العجوز مريض في فراشه 0 شفتاه زرقاوان ووجهه متعب ويتنفس بصعوبة 0 رأسه فوق الوسادة يحدّق
بأبنته ساره بعينيه الصفراوين الضعيفتين 0 الحزن يغمرهما وربما بقايا دمع قد جف0
- كيف تفعلين بي هذا ؟ تكلم بضعف وصعوبة , أخذ نفسا ثم أكمل : تمضين ليلة مع أحد ابناء لينغارد في سفينة , كنت دائما أقلق من مغامراتك في السابق ولكنها في معظمها كانت مغامرات بريئه ,أما هذه ؟ لقد جلبت العار للعائلة و انت ابنتي المفضلة جلبت العار لنا الي الأبد , توقف من جديد ليسترد انفاسه , لقد نال منك آل لينغارد فقط قبل اسبوعين من زفافك 0 فقد وزعت دعوة زفافك , وزعت0
قالت ساره:
- هذه رواية رودي عن الحادث , اذا كان يرضيك فأنا التي نبذته , انا التي فسخت الخطوبة 0
- لماذا تكذبين علينا ؟ هل تظنين ان أحدا يصدقك0
قال والدها هذا وتابع يلومها علي فعلتها التي جلبت الفضيحة والعار لآل مالفرن جميعا 0 اصفر وجه ساره وهي تسمع المزيد من اللوم من والدتها وهي تبكي 0 كانت تمسك بيد زوجها تهدئ من روعه وتوافقه علي قوله بل تزيد قائلة :
- فتاة من هذه العائلة تعاشر رجلا من آل لينغارد0
قالت ساره تذكر والدتها باليكس:
- كنت سأتزوج أحدهم ولم تتذمري0
- لقد فسخت الخطوبة لأنه حاول أغتصابك000مع أنه كانينوى الزواج 0 مالذي دهاك لتعاشريه بدون أي ارتباط ؟
الزواج يختلف 0 انه رابطة شريفة 0 لكن بتصرفك هذا لطخت سمعة العائله 0 الآن آل لينغارد يشمتون بنا لانتصارهم الكبير في الحاق العار بنا 0 مسحت والدتها دموعها المتساقطة من عينيها : آ ه يا ساره , كيف تلحقين بنا هذا العار 0 انظري الي والدك المسكين 0 أنت سبب مرضه0


نظرت ساره الي الحقول الخضراء المحيطةبالمنزل 0 لم يخطر ببالها أن رودي سينشر خبر مغامرتها المزعومة فوق السفينة بهذه السرعة0
كانت تظن انه سيصمت من أجل سمعته وسمعة عائلته العريقة ولكنه جرح في قلبه وكبريائه0 كان يحبها كثيرا وقد جرح جرحا عميقا حين نبذته0
رودي لا يستطيع أن يخفي شعوره , كان يروج قصتها ليبرر للجميع أنه هو الذي نبذها وفسخ الخطوبة لتصرفاتها المشينة0
تساءلت ساره في نفسها : ال أي عمق كان حب رودي لها؟
هزت كتفيها في عدم اكتراث ولا فرق الآن, لديها أمور اكثر جدية لتعالجها0 حين سمع والدها نبأ مغامرتها فوق السفينة من أحد اصدقائه كاد ان ينهار , داهمته نوبة قلب وقال الطبيب انها الأسوأ واذا حالفه الحظ يشفي منها ويكمل حياته كالسابق 0
هل تخبر ساره أهلها القصة الحقيقيه؟ لا 000الحقيقة أسوأ من رواية رودي 0 أنهم يؤمنون الآن أنها ذهبت مع رالف لينغارد بأرادتها 0 أما أذا أخبرتهم أنه خطفها ورماها علي المقعد الخلفي للسيارة وعاملها معاملة سيئه000سيموت والدها قهرا 0 ولكن لماذا حقد رودي عليها ؟ لم تكن تعتقد أنه حقود , كان دائما سهل الأنقياد , ولم تلحظ عليه مرة أنه خالف لها طلبا 0 كان ينفذ لها كل رغباتها بدون تردد لكنه تغير كليا حين أخبرته انها تنوى فسخ خطوبتهما0 تحول الي منتقم وتوعدها بأن يفضح اسم عائلتها ويمرغها بالوحل 0 تساءلت ساره :
لو أنها ترجته ان لا يفعل 000ولكن هي لن تترجي أي رجل أبدا0
قالت والدتها :
- حان وقت الدواء يا عزيزي 0 سأجلب لك الماء لتشربها 0
قال والدها بصوته الضعيف :
- لا أريد أي دواء 0 لا أريد أن أعيش 0
قالت والدتها بخوف:
-كلا000
التفتت ساره اليه وقد انخطف لونها خوفا عليه وأقتربت من سريره قائلة:
- عليك ان تتناولها يا والدي0
قال الرجل العجوز وهو ينظر أليها نظره عتب :
- كي أبقى علي قيد الحياة ؟ ولماذا؟
ارتجفت ساره 0 كان والدها يحبها ويقضلها علي أخوتها 0 ولا يرد لها طلبا مهما كان 0 ويسامحها علي كل أخطائها 0لا يمكنه الآن أن يسامحها علي زلتها هذه قال :
- أنا لست جبانا ولكنني لا أستطيع أن أرفع رأسي من العار فعلتك مشينة وكون شريكك من آل لينغارد , هذه فضيحة طنانة 0انهم يتشدقون فرحين بمصيبتنا 0
- قل لي ماذا أفعل ؟ قالت ساره مخاطبة والدها وقد نفد صبرها:
صدقني انا لا أستطيع أن أسكت تهكمهم 0
قال والدها بعد جهد:
- بل هناك طريقة 0
عبست ساره وهي تفكر :
- كيف ؟ سأفعل كما تقول0
- عليه أن يتزوجك 0 قال ببطء شديد : هذا يخفف من شماتتهم ويوقف الأشاعات 0 لو كان يملك ذرة من الشرف سيوافق علي الزواج منك0
- يتزوجني ؟ ستجبرني علي الزواج من رالف؟ لماذا؟ نحن نكره بعضنا 0
خرجت الكلمات من فمها بدون أن تشعر 0 نظرت الي الحقول خارج الغرفة لأنها لم تعد تحتمل نظرات والديها المخزية نحوها 0
سألها والدها :
- تكرهان بعضكما؟ رفع رأسه عن الوسادة بجهد : تمضين الليل معه وانت تكرهينه كنت ستتزوجين خلال اسبوعين 0 كان عليك ان تنتظري قليلا0
- لا يمكن ان تكرهيه قالت والدتها وقد أفزعها اعتراف ساره : لا يمكن ان تكون ابنتي مستهترة وخليعة ؟
- هل تفعلين ذلك كنزوة وبمزاج ؟ سألها والدها : الشباب اليوم يفعلون ذلك ولكن ابنتي !
تعب والدها من التفكير 0 أرجع رأسه الي الوراء فوق وسادته 0 مد يده ليمسك بيد زوجته عله يستمد منها العزاء والراحة0
شعرت ساره بكراهيتها لرالف تتأجج كأن شرايينها قد تمزقت 0 لو مات والدها الآن سيقع اللوم علي رالف0 تذكرت ما قاله عن والدها وعبست 0 لقد أراد أن يحطمه مقابل ما قاست والدته في آخر سنة من عمرها 0 كانت واثقة ان رالف يريد لوالدها أن يتألم لا أن يموت ! نظرت الي والدها الذي تحبه كثيرا وهو أقوى حب عرفته في حياتها ,بل حبها الأوحد , يجب ان لا يموت قبل أن ينتهي أجله000لا لن يموت! قالت ساره تدافع عن نفسها :
- لا يا والديس 0 أنا لم أفعل ذلك كنزوة 0 وأنا لست مستهترة كما قالت والدتي0
اشرق وجه والدها قليلا كما ارتفع صوته عن السابق حين تكلم:
- وهذه الكراهية التي تحدثت عنها000هل هي كلام فقط؟
لحسن حظها أنه لم ينتظر جوابها بل أكمل حديثه وطلب منها ان تتصل برالف وتتفق معه علي الزواج0 من الواضح أنه كان يعتقد أن رابطة عاطفية تجمعهما0
- وهل ستتناول حبوب الدواء الآن0 تمتمت ساره :هل أجلب لك الماء 0
سألها والدها :
- هل تعديني برؤية رالف من أجل امكانية اتمام الزواج؟
كلماته كانت بمثابة انذار أخير لها 0 سحبت ساره نفسها بصعوبة وأجابت :
- أنا آسفة ياوالدي 0 لا أستطيع الزواج من رالف0
- أذن لن أطيل حياتي أو أعمل أي جهد لأعيش فترة أطول0
- يا عزيزي0000
قالت زوجته وقد بدأت نوبة بكاء 0 أخفت ساره وجهها بيديها تحاول ان لا ترى المشهد المؤثر الحزين وبدأ الثلج يذوب في قلبها , تملكها غضب شديد 000لو تستطيع ان تجعل رالف يتألم من أجل ما فعله معها ؟ كيف ؟
- عليك ان تتزوجيه يا ساره قالت والدتها 0كيف تتركين والدك يموت؟
- أمي 0لا مجال للزواج 0 حتي او رضيت به هو لن يرضى بي 0
قال والدها وقد أخفى وجهه بوسادته كأنه لا يريد أن يراها:
- أذن أمضيت الليلة هناك من أجل مزاجك0 تشعرين بالملل ؟
حضر الطبيب وتكلم مع ساره وهو خارج:
- عليك ان تستعدي لما هو أسوأ0 أنه يرفض الدواء وبدونه لن يعيش , مثل جميع مرضى القلب كان والدك يتناول الحبوب بأنتظام لسنين ونغير له نوعها من وقت لآخر أو نزيد من حجم الجرعه , وكنا سنصل يوما ما لوقت لا نستطيع معه فعل شئ 0 مع العناية الطبية يمنكه أن يعيش سنين أخرى , كان دائما راغبا في الحياة000
واليوم هو محطم لا يريد العيش ويرفض تناول الدواء لا أعرف ما الذي جرى له 0 لن يعيش طويلا بدون حبوب الدواء0
- كم سيعيش يا دكتور؟
- حوالى الأسبوعين وربما اقل 0
قال الطبيب ورماها بنظرة استغراب أغلقت ساره الباب خلفه وتساءلت في نفسها ما اذا كان قد وصل الي سمعه أنباء مغامرتها المخجلة وتصرفاتها الفاضحة 0 من المؤكد انه سنع بها فرودي أذاع الخبر ونشره بين كل معارفها0
خيبة الأمل من ضعفها وغليان في نفسها من عدم قدرتها في ان تنتقم من رالف جعل ساره تجوب الحديقة أكثر من ساعةوهي تفكر في حل لمشكلتها 0 والدها سيموت 0 حياته قد اختصرت بفضل رالف وخطة انتقامه الفاشلة , يريد أن ينتقم منها لشئ فعلته ضمن حقوقها المشروعة 0 تذكرت مرة ثانية رالف وهو يؤكد لها انه يرغب في ان يجعل والدها يتألم كما تألمت والدته قبل موتها0 هل يملك رالف ضميرا؟ تساءلت في نفسها اذا كان لديه ضمير سيتألم معها لموت والدها لأنه تسبب في موته وستحمله وزر عمله0
وصلت ساره الي المرفأ0 فتشت عن السفينة (حسناء المحيط) لم تجدها 0 لقد رحلت ويالخيبه أملها, لا بد أن شخصا آخر قد استأجرها0 هل رحل رالف بعد ان تكللت مهمته الأنتقامية بالنجاح؟
دخلت غرفة التلفون الصغيرة قرب رصيف المرفأ 0 طلبت بيته وانتظرت طويلا0 رد عليها خادم , فسألته عن رالف 000وبأقل من نصف دقيقة كان يقول :
- رالف يتكلم0
-أنا ساره مالفرن 00أريد رؤيتك لأمر بالغ الأهمية 0
عملت جهدها ان يبقى صوتها هادئا 0 صمت 0
- لا أستطيع رؤيتك حتى المساء 0
- لا بأس 00سأنتظرك000
توعدا علي اللقاء في آثار دير الراهبات القديم 0 وصلت ساره قبله واحتمت تحت قنطرة قديمة تنتظره 0 الهواء بارد يلفح وجهها ورجليها ويرسل شعرها الذهبي علي وجهها بشكل عشوائي0 ما تزال الشمس مشرقة 0 كانت تقف وعيناها باتجاه السلالم حيث سيحضر رالف0
انتظرته طويلا 0 ثم وصل أخيرا يتهادى 0 وجهه الأسمر وشعره الأسود وجسمه الفارع وهو يمشى بهدؤ فوق العشب0 كانت تنظر اليه بأهتمام ومتأكده بأن تأخره مقصود وتعلم أنه لن يعتذر لانه متعجرف ومتكبر0 كم يسرها أن تراه مسحوقا ولكن ذلك غير ممكن 000وقفت تستقبله , كان ينظر اليها مشدوها مأخوذا بجمالها وقد علت وجهه ايتسامة مرحة0
- أهكذا كان شكل نساء مالفرن المتوحشات في الزمن الغابر ؟ بدأيسخر منها : ولكنك لم تطلبي الأجتماع في شهر آب لتستمعي الي مديحي 0 ماذا تريدين؟
- والدي يموت 0 وأنت المسؤول 0
كانت ساره تراقبه لترى تأثير كلماتها عليه 0
- لا أعتقد أنني أفهم ما تقولين0
- قلت أنك تريده أن يتألم و وقد تم لك ما تريد000والآن يتعذر شفاؤه لقد أمهله الطبيب فترة اسبوعين فقط ليعيش 0
- هل الصدمة من فسخ خطوبتك ستميته؟
- لهذا السبب اردت مقابلتك , اريدك ان تحمل ضميرك وزر موته لآخر حياتك , اذا كان لديك ضمير؟ اعتقد ان لديك ضميرا وانا استغرب الأمر0
- لا أعتقد أن الصدمة من فسخ الخطوبة ستقتل والدك , هناك سبب أهم 0 عليك ان تشرحيه لي 0
شرحت ساره له مشهد والدها المريض فوق سريره000وقبل ان تنتهي من شرحها زفر زفرة تعجب وغضب 0 قال :
- هذا حدث لأن رودي أعلن للجميع أنه هو الذي فسخ الخطوبة, لماذا لم تعترضي وتدحضي قوله وتنشري الحقيقة الدامغة؟
ذكرته قائله:
- ولكن هذه كانت رغبتك 0 انتقامك كان يرتكز علي أن ينبذني رودي0
- انا لا أهتم بخطتي بعد الآن 0 أنا انظر اليها الآن من وجهه نظرك, لقد فشلت خطتي السابقة , لماذا لم تستغلي فشلها؟
- قلت لوالدي انني انا التي فسخت الخطوبة ولكنه لم يصدقني0
- بدأت أفهم000والدك يعتقد انك امضيت الليلة معي للتسلية ؟ توقف يمعن النظر اليها ساخرا : وهل يؤمن الآن بأنك فتاة عابثة؟
- لو كنت مكانه الا تفكر مثله؟
الظاهر ان هذا الحديث معه لم يؤت ثماره لأن رالف لم يكن مستعدا ليقبل اتهامها له لما وصلت اليه حالة والدها 0 قال :
- ولماذا لم تخبري والدك بالحقيقة000وبأنك خطفت وأجبرت علي المبيت في المركب؟
- انني خطفت000ومن قبل أحد ابناء لينغارد؟
لم تكن ساره تحتاج لقول المزيد , عبس رالف وقال بخشونة :
- كم المحبة مفقودة بين عائلتينا ! اذن ان مغامرتك المزعومة هي التي تزعجه000
- انه اكثر من منزعج ويرفض رفضا قاطعا أن يعيش ليوجه العار والفضيحة0 لن يأخذ الدواء وهذا يعني أنه لن يعيش0
- لم يكن لدي أي شك بأن أحد آل مالفرن جبان0
- والدي ليس جبانا , انه عجوز مريض جدا, كيف تجرؤ ان تقول عنه ذلك!
- حسنا000حسنا كم انت سريعة الغضب ! لنبقى هادئين ونفكر سويا في حل 0
- ليس هناك ما نستطيع ان نفعله , فقط رغبت أن تعرف الوضع قبل أن ترحل , اريدك أن تعيش مثقل الضمير الي نهاية عمركنتيجة عملك الفظيع0
- اصمتي يا فتاة , لابد من ان نفعل شيئا ما , لنفكر بصمت وكفي عن هذه الثرثرة0 لقد قلت سابقا واكرر الآن 0 لا اعرف بحق السماء مالذي رآه فيك شقيقي واعجبه0
كان رالف يرتدي بدلة من التويد , خطوط وجهه قاسية لا تلين وبه ما يوحي انه رجل خارج علي القانون مثل بقية شباب آل لينغارد0
- هل صرح والدك بأنه يرغب في الموت؟
- بالتحديد 0 وهو دائما يعني ما يقول0
- لا أظن والدك يفعل ذلك ويحملك مسؤولية موته يا ساره بدون أن يذكر لك خيارا آخر , هل اقترح عليك أن تجعلي خطيبك رودي يغير رأيه ويتزوجك؟
- ابدا0
- هل انت واثقة؟ انا اعرف انك لا تحبين الشاب وهو ايضا لا يحبك0
-نعم انه يحبني 0 قالت بسرعة والشرر يتطاير من عينيها: كان حبه عميقا وقويا ولهذا السبب تألم كثيرا حين نبذته0
- هراء ! أي نوع من الرجال هو هذا الحبيب الذي لا ينفجر ويثور غضبا حين يعلم ان خطيبته قد امتلكها رجل غيره 0 اسود وجه رالف واحتقن : كنت أخنقك ببطء لتتألمي اكثر وتطلبي مني الرحمة 0


بالرغم من قوة ارادتها الا انها ارتجفت 0 كانت وحيدة معه,الحقول خلفها والصخور الشاهقة المشرفة علي البحر أمامها مرة ثانية تذكرت خوفها منه وهي طفلة صغيرة تلعب علي الشاطئ حين كان يأتي بأتجاهها كانت تركض هاربة مذعورة منه0
- يجب أن أعود الآن0
-قالت وهي تتمني لو أنها لم تحضر للقائه , خطتها للأنتقام منه قد فشلت وهي تشعر بخيبة أمل جديدة0
- الي أين تذهبين 0لم نتوصل لأي حل للمشكلة التي أتيت من أجلها0 مازلت لا أستطيع أن اتصالح مع آل مالفرن 0 أعتقد أنك تكذبين حين تقولين انه لم يعطك خيارا آخر , انا واثق من كراهيتك لخطيبك ولكنني أعتقد أن والدك يرضي لو حاولت أن تقنعي رودي ان يتزوجك , هل انا علي حق ؟
- لا 0 لا , انت علي خطأ0
تذكرت والدها وخياره الآخر , أحمرت وجنتاها أدارت وجهها لتخفيه عن رالف لكنه لاحظ احملرار وجنتيها امسك بذقنها وأجبرها علي النظر الي عينيه القاسيتين وقال:
- أنت تخادعين0
ابتعدت عنه ولكنه امسك بذراعها من جديد أحست أصابعه تغرز في لحمها 0
- دعني 0 اتركني اذهب 0
حاولت الأفلات من قبضته بدون جدوى0
- اجيبيني والا هززتك هزا عنيفا حتي تصطك اسنانك 0علي ان أعيش مثقل الضمير بموته اليس كذلك؟
هزها من جديد أجيبي !
ألم يطلب منك والدك أن تتزوجي رودي كي يتابع تناول حبوب ادويته000
-لا 0لا 0لم يقل ذلك أذا أردت أن تعرف000فقد قال عليك انت ان تتزوجني0000
تلاشي الضغط ببطء من فوق ذراعها ثم افلتها 0 وقفا يحدقان ببعضهما في صمت رهيب ثم ضحك رالف ضحكه مجلجلة سمع صداها في خراب الدير كله0
- أنا أتزوج قطة وحشية مثلك؟ هذا أغرب ماسمعته منذ مدة طويله, لا , شكرا 0 أنا أحب أمرأتي أن تموء لا أن تزمجر , لن أتزوجك حتي ولو لم تبق علي وجه الأرض امرأة غيرك0
- شئ غريب , وهل طلبت منك أن تتزوجني؟
احمر وجه ساره 0لماذا كشفت له كل أوراقها , هاهي الأن تتلقى اهاناته الكريهة , انها تكرهه كرها شديدا 0 حاولت من جديد أن تثير مساله ضميره0
- انت مسؤول عن موت والدي , الخيار الذي كنت تفتش عنه لا يقدم ولا يؤخر, انه يدخلك في صلب الموضوع ويضاعف من جريمتك 0 لو كان عندك ضمير فأنا اتمني من كل قلبي أن يتعبك لنهاية عمرك0
قالت تنهي ما عندها من كلام وهي واثقة بأن لا فائده من كلامها0 ولكن لدهشتها , غابت السخرية عن وجهه وحل محلها العبوس الثقيل0 كأنه بدأ يحس بجريمته , تأكدت ساره من وجود ضميره الحي وسرت لذلك سرورا عظيما , لقد انتصرت بان في عينيها الأنتصار ولاحظ رالف ذلك فزاد عبوسه , وكان يسره لو يمعن في ضربها لكنه تكلم أخيرا بصوت منخفض ليس فيه قساوة0
- هي الحقيقه اذن0 والدك يريد أن أتزوجك 0 لماذا انا بحق السماء؟
-لأنني أمضيت ليلة معك 0 والدي عجوز وتفكيره رجعي في هذه الأمور0
سألها ساخرا متهكما:
- لماذا ؟هل نساء آل مالفرن طاهرات عفيفات ؟
قالت ترد التحية بأحسن منها:
- أنت لا تصدق ذلك ولكنها الحقيقة000تستطيع أن تقول الشئ نفسه عن نساء آل لينغارد0
فرح رالف بتصريحها , وكان لا يزال يفكر بجدية:
- لنعلن هدنة مؤقتة بيننا 0 والدك لا يمانع في سفرك للسكن في اليونان0
- بما أن أمكانية سكني في اليونان ليست واردة000لماذا نضيع وقتنا في بحث هذا الأمر0
- لم تجيبي علي سؤالي ؟ والدك يريدك أن تتزوجيني وهو يعرف ماذا يعني ذلك 0 هل يتركك ترحلين عن حياته000وربما لا تعودين الي هذا البلد من جديد0
هزت رأسها ايجابا وهي تتذكر والدها وهو يدير وجهه الي وسادته حتي لا يراها 0 تملكها شعور رقيق جعلها تبدو أكثر أنوثة من أي وقت مضى0 تملكها خجل الأنثي وهي تصرخ بأنها ستعيش مع زوجها أينما وجد 0 رأي رالف ساره بحلتها الجديدة , أتسعت عيناه وهو يراها علي هذا الحال الجذاب خامره شعور لذيذ كأنه يرى أعجوبه تحدث في خراب الدير 0 قال لدهشتها ودهشته :
- زواجنا يصلح كل الأمور وسيعيش والدك0
- زواجنا ؟ هل جننت؟
قال بلطف مقنع:
-أنا واثق من كراهيتك الشديدة لي , ولكنني لا أريد أن أحمل ضميري وزر موت أبيك 0 أنا أعرض عليك الزواج بي يا ساره , أذا قبلت يعيش والدك , وأذا رفضت يموت0 حياته بين يديك الأن وليس بين يدى0
تعجبت ساره , أين ذهبت قساوته وسخريته , لقد أصبح شخصا آخر مغايرا للشخص الذي خطفها ورماها علي المقعد الخلفي في السيارة وهدد بأغراقها في البحر 00كان ينتظر جوابها0
نظرت ساره الي الأمواج المتلاطمه الصاخبة وهي تضرب الصخور قرب الشاطئ , البحر هائج اليوم وكذلك ضربات قلبها تتجاوب مع البحر , كانت قادرة علي ان تصارع الأمواج لو أقتضى الأمر 000ولكن لا يمكنها أن تصارع غريزة حب البقاء لوالدها , حياته أصبحت بين يديها هي , لم تضع في حسابها امكانية أن يعرض عليها لرالف الزواج 0 لقد دارت الدائرة عليها مرة جديدة وأصبح الحل بين يديها , أذا مات والدها ستحمل هي المسؤولية وليس هو0
دارت لتوجهه وأذا الريح تلف ثوبها وترفعه فوق رأسها 0 بدأت تصارع الريح في محاولة لأنزال فستانها وهو ينظر أليها مسرورا0 أحست بالدفء واحمّر وجهها خجلا حين استطاعت أخيرا أن تعيده الي سابق عهده0
- كنت أريد أن أساعدك ولكنني خفت أن تفسري تصرفي بأنه غير شريف0
ضحك وأمسك بذراعها وقادها الي مكان أقل عرضة للهواء0 ثم أضاف:
- حسنا0 هل توصلت الي قرار يا ساره ؟ هل ستحملين ضميرك موت والدك لنهاية العمر؟
قالت بلهجة مرتبكة :
- يبدو أنك تريد أن تتزوجني0
- كما قلت 0 لن أحمل مسؤولية ما سيحصل لوالدك , أنا صادق وأعترف أنني لو تزوجتك فأنا أخالف ارادتي وعقلي لأنني لا أعرف ماذا سأفعل بزوجة لست معجبا بها000هل ترضين بأن تدخلي معي مؤسسة الزواج وفق هذه الشروط ؟ هل تروقك هذه الحياة؟
- أنا لم أوافق علي الزواج منك0
كان \صوتها همسا 0 تبدو صفراء شاحبة وقد أختفى اللون من شفتيها 0 ولكنه اقنعها حين قال:
- ولكنك ستقبلين بي لأنك تحبين والدك حبا جما0
- سنتقاتل كل الوقت0
وافقها علي الفور0 ذكرته بأنه قال , لن يتزوج بها لو كانت آخر امرأه علي وجه الأرض0
فقال يدافع عن نفسه:
- لم أكن أعرف الحقائق كلها0 كما انني أكره الزواج بأمرأه من طرازك ولكن ذلك أفضل من ان أقتل شخصا بريئا لم يؤذني 0
- من المؤسف أنك لم تخطط بتأن 0 ولكنك أردت أن تحطم والدي0
- أحطمه كما تحطمت والدتي , لكنني لا أريد ان أقتله 0 لم يخطر ببالي أنه سينتحر0 قال وهو يهز كتفيه بدون أكتراث واعاد سؤاله اذا ما وصلت لقرار0 كررت قولها:
- منذ قليل قلت أنك لا تستطيع الزواج من قطه متوحشة0
قال ببرود:
- أنا أعني ما أقول , ولا اظنني سأهتم بترويضك 0 ربما أجرب في وقت من الأوقات أذا شعرت بالملل , هل ستتزوجينني يا ساره؟
أجابته بعد أن شبكت يديها ببعضهما :
- سأكره كل دقيقة من حياتي معك0
- أوه لا أعرف0 سنتقاتل ولكن اذا تصرفت جيدا وبتعقل ربما أتركك تعيشين علي هواك , وأنا أعيش كما يحلو لي 0 هل تعجبك هذه الحياة؟
- تماما , في هذه الظروف لن يكون بيننا أي علاقة أخرى0
قال علي الفور:
- أوافق0
بدأت الشمس تغيب 0 الأثارمليئه بالظلال 0 كان رالف خبيثا وشريرا 0 حاولت ان تتخيل منزله وحياته000تذكرت شيئا آخرا قاله:انه يحب امرأته أن تموء كالقطة الأليفة0هل لديه نساء في حياته؟مؤكد0 هذا يساعده علي الزواج من أمرأه لا يكن لها أي حب وهذا يناسبها 0 ألم تصرّح دائما بأنها لن تعيش لترضي الرجل 0 لن تنتظره مطيعة رهن أشارته0
- أظن أننا مخطوبان الآن , علي أن أقابل والدك , لنذهب علي الفور لأن المطر سيهطل عما قريب0
حفلة الزواج كانت عائلية, قرر رالف العودة الي اليونان قبل نهاية الأسبوع 0 لا ثوب زفاف أبيض 000لا مصورين000ولا حفلة استقبال تلت مراسم الزفاف0
شعر رالف بما خسرت ساره من جراء سرعته في اتمام مراسم الزفاف0 ليلة السفر كانت أيضا ليلة الزفاف 0 أخذها رالف الي مطعم فخم يدعى مطعم الزرع وهو بيت أثري جميل لا يؤمه الا الأغنياء0 طرازه اسباني وعلي جدرانه صور مصارعي الثيران في براويز كبيرة مطلية بالذهب0 الأنارة خافته والنباتات المعرشه تتدلي هنا وهناك0 في طرف المطعم مرقص صغير أرضه مفروشة بالزجاج الصغير وغير متوازي الشكل والأنوار الخضراء تطل من وسط حجارة صخرية ونباتات بحرية تحيط بجوانب المرقص 0 يشبه المرقص بركة ماء مزخرفة 0 رؤية الخدم من الشبان الأسبان تبعث السرور في النفس0
وضعت ساره معطفها ودخلت لتجد رالف في أنتظارها0 استقبلها بترحاب ولطف خالجها شعور لذيذ بأنه يختلف اليوم تماما عما تعرفه0بدا في لباس السهرة مفرط الترتيب , لكن شيئا في نظراته يشبه الخارجين عن القانون 0حمل شرابهما الي طاولة جانبية قادهما اليها أحد الخدم 0 جلسا هادئين وكل منهما غارق في تفكيره 0 طلبا الطعام 0 النور الخافت ينساب اليهما من فوق 0 كانا كأنهما يجلسان في الظلام وتصل اليهما انغام الموسيقى الحالمة من أقصى المطعم حيث يتمايل زوجان شابان علي انغامهما في المرقص 0 كانا متماسكين يشدان بعضهما كأنهما متلاصقان وهما يتهامسان برقة 0 كانت ساره تراقبهما , فقال لها رالف :
- كلي يا صغيرتي لم تتذوقي طعامك بعد0
منحته ابتسامة شاحبة 0 لم تكن تشعر بالجوع ولكنه اظهر رقة متناهية واهتماما شديدا بها , مما جعلها تحاول أن تتذوق طعامها لتوهمه أنها تتمتع بمشاركته الطعام0
كانت أفكارها موزعة بين والديها وراحة بالهما لزواجها من رالف , وبين رودي وخطوبتهما القصيرة التي لم تدم000وهذا الرجل000زوجها 000 هل ستتركه حين يموت والدها؟ أم تتابع حياتها كرفيقة 000وليس كزوجة00 كل منهما يعيش حياته علي هواه وماذا لو قابلت رجلا آخرا وأحبته؟
لا لن تحب أحدا 0 الحب للمرأه هو سجن وخضوع وهو ليس لها0 أما أذا أحب رالف امرأة أخرى ورغب في الأنفصال؟ يتنتهي عندئذ كل مشاكلها000سألها رالف:
- بماذا تفكرين؟ هيا سأجعلك تخبرينني0
يجعلها! عبست ساره من تعبيره الآمر 0 كانت تأمل ان لا يمرس لهجة الأمر والسيادة معها حتي لا تحدث مشاكل بنهما منذ البدايه 0 تجاهلت قوله هذا ورغبت في التحدث معه لتستطلع رأيه في هذا الموضوع0 قالت:
- كنت اتساءل ما أذا كان سيأتي اليوم الذي ترغب فيه بحريتك من هذا الزواج0 ربما تقع في الحب ؟
-صحيح ربما أحب 0عندئذ سيكون زواجي عقبة في طريق قلبي , ولكنني رجعي وتقليدي في هذا الأمر وسأبقي عليه0 زواجنا يا ساره أبدي 0علينا أن نمارس الحذر الشديد حتي لا نقع في أي حب 0يمكننا أن نتمتع بالحياة بدون حب 0
خجلت ساره من تصريحه 0هل نسى ما قالته عن عفة نساء مالفرن التقليديه 0 سألته بفضول:
- هل لديك نساء في حياتك؟
- نساء بالجملة؟ في بعض الأحيان نعم , انا أؤمن أن الحياة يجب أن تعاش 0 ولكنني لا اتنقل من أمرأه الي أخرى000هل أظهر لك بهذا المظهر ؟
حضر الخادم ومعه الطبق الثاني من الطعام0 صمتا قليلا ثم سألته مستفسرة:
- هل هناك أمرأه خاصه؟
اجابها ببرود:
- حاليا0 نعم لدي أمرأه خاصة0
كانت ساره تلعب بشوكتها في صحنها 0 حثها رالف علي الأكل من جديد0
سألته بخجل:
- هل هي جميلة؟
- أعتقد ذلك0
- هل هي شقراء أم سمراء؟
- هي سمراء بقدر ما انت شقراء0
- الا ترغب في الزواج منها؟
- من الواضح انني لن أتزوجها000والاكنت تزوجتها من قبل0
- كم يبلغ عمرها؟
- هي في الثامنة والعشرين تقريبا0 لقد أتمت عيد ميلادها الثامن والعشرين منذ أسابيع0 هي أطول منك بقليل وأكثر امتلاء 0 عيناها سوداوان كلون شعرها 0 انفها مروس 0 هل لديك مزيد من الأسئلة عنها؟
امتلأ وجه ساره احمرارا من سخريته0 بقيت ذقنها مرفوعة وكذلك رأسها وفي عينيها شرارة من نار0 قالت:
- آسفه 0 كنت أحاول أن أبدي بعض الأهتمام اللائق , ولا أرغب في التدخل في شؤون امرأتك0
- كم أنت ذكية يا صغيرتي , عليك أن تتعلمي منذ البداية أنني لا أحتمل أي تدخل في شؤوني الخاصة0 أذا تدخلت ستندمين أشد الندم0
ساد الصمت من جديد 0 شعرت ساره برغبة قوية في أن تمسك أي شئ علي الطاولة وتضربه به لو أستمر مهددا ومتوعدافي حديثه معها0 بعد دقيقة أو أقل عاد الي لطفه ورقته السابقة وسألها أن تراقصه في لهجة حنونة , كأنه يعتذر عن صدامهما في علاقتهما ليلة الزفاف0
تذكرت نفورها منه حين حشرها في غرفة التلفون الصغيرة0 أرادت أن تعتذر له, ولكنها غيرت رأيها بعد ما أصبح واقفا أمامها0
فرحت ساره عندما توقفت الموسيقى وعادا الي طاولتهما 0 كانت لمسة يده فوق ذراعها وكتفها مقرفة لا طعم لها0 ووجدت صعوبة في الأبتعاد عنه في المرقص0 لاحظت صمته بعد عودتهما 0 تساءلت في نفسها ك هل شعر بكرهها له حين لامسها , وهل أحس بأرتياحها حين أنتهت الرقصة , من الواضح أنه أحس بكل ما تشعر به لأنه لم يراقصها مرة ثانية واكتفى بالحديث الخفيف والثرثرة0 كانت تسأله وهو يجيبها عن بيته وعمله وحياته0
عمله متقطع في فترات موسميه 0 انه رجل ثري وبأستطاعته ان يوكل الي موظفين عنده القيام بالأعمال عنه , لديه مكتب في أثينا ويمضي اياما عديدة هناك في زمن المواسم حيث يبقي في ضيافة أصدقاء يملكون شاليه لا تبعد كثيرا عن الشاطئ في كليفادا 0
شرح لها بالتفصيل عن بيته0 كانت تستمتع اليه بأهتمام وتتساءل :
هل هناك زوجان صرفا ليلة زفافهما مثلهما , يتحدثان بأدب وتهذيب لتمضية الوقت حتي يحين موعد اقلاع الطائرة في الثانية عشرة والنصف0 ستكون الرحلة مماثلة لجلستهما هنا 0 يمضيان الوقت في الحديث الممل 0 غمرها قلق شديد وشعرت بالبرد ينخر عظامها وهي تتذكر ما قاله رالف : زواجنا أبدي0
زواج يرتكز علي الكراهية أي مستقبل ينتظره 000هذه هي البداية ! لم تكن ساره تدخل الحب في حسابها كعنصر أساسي للزواج , ولكنها كانت دائما تعول النفس علي رجل يحبها 0 والا كيف ستسيطر عليه وتقوده حسب رغبتها؟
حان الوقت للتوجه الي المطار0 غادرا المطعم الي حياة مظلمة , لا نجوم فيها ولا قمر 0 ساره تجيد الصراع فهي من آل مالفرن 0 لن يفسد حياتها رجل من آل لينغارد 0 قال رالف انها تستطيع أن تحيا حياتها علي هواها 000وهكذا ستفعل0
وأذا بدل رأيه بهذا الشأن وبدأ يتدخل في حياتها 000فالويل له!

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313  
قديم 10-08-09, 09:27 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


4- لا تكوني غبية

يقع منزل رالف في واد ملئ بأشجار الصنوبر ويشرف علي نهر كلادوس في هذا الوادي كانت تقام الألعاب الأولمبية منذ ألف سنة , الضاحية هادئه ومليئه بأشجار توفر الخشب من جبل كرونيو ومحاذيه لمنطقة ألتيس المزروعة بأشجار الزيتون 0 نظرة الي ساحة الملعب ترى الأعمده الرخامية منتشرة هنا وهناك تذكّر بأيام العز 0 هنا كانت تقام الألعاب الرياضية المختلفة ويحضر الشباب من كل أقسام الدولة الهيلينيه ليتنافسوا منافسة شريفة علي البطولة الرياضية 0 تعتبر الفترة الزمنية التي تقام بها الألعاب الأولمبية هدنة بين المدن اليونانية تتوقف خلالها جميع نزاعاتهما الداخلية والخارجية0
وصلت ساره الي منزلها الجديد مع الفجر 0 كان قرص الشمس الذهبي قد بدأ يتصاعد في كبد السماء من خلف جبال اركاديان وترسل أشعتها الي أشجارالزيتون وحقول القطن وعرائش العنب في الوادي 0 الأرض مكسوة بسجادة زرقاء من السوسن وشقائق النعمان قد بدأت تذبل في أول فصل الصيف وعل ضفتي نهر ألفوس بدأت الدفل تزهر 0 المنزل يقع في المثلث المكون من ملتقى النهرين , وجبال الصنوبر الضخمة كانها برج شاهق يشرف علي بقايا ملاعب الأولمبياد 0 هناك هيكل قديم لزيوس كبير الرموز عند اليونان القدماء0 صرخت ساره صرخة أعجاب , ونظرت نظرة أمتنان الي الرجل الذي حملها معه الي هذه الجنة الأرضية وقالت:
-- انتظرت أن يكون المكان أكثر وحشية , انه آيه في الجمال 0
- قلت لك ان البلاد رقيقة ويختلف المكان عن النسر المكشر المتوحش في دلفي0 هذا المكان آمن 0 كانت اولمبيا مكانا محرما علي المقاتلين , هنا ينبذون أحقادهم وصراعاتهم ويمارسون مختلف أنواع الرياضة البدنية في منافسة شريفة 0
كان رالف يرمي الي المعني المبطن في حديثه 0 فهمت ساره قصده وقالت:
- ولكننا لم نحضر الي هنا في سلام ووئام 0 الخصومة بيننا أبدية ولا تعرف الهدنة0
بالرغم من تصريحها الا أنها شعرت بالأمان والسلام 0
البيئه الهادئه تطغى عليها روح المصالحة0 لقد عرف اليونانيون القدماء أين يختارون مكانا لألعابهم, فالمكان محمي من الرياح الباردة والحارة ونسائم البحر الناعمة الرطبة تغطي وادي الفوس لجهه الغرب0
هز رالف كتفيه بدون أكتراث وهو يساعد سائق التاكسي في نقل الحقائب 0 لحقت بهما ساره ومشت تحت قنطرة حجرية تفضي الى حديقة جميله جدا0 هناك عريشة كبيرة تحمي من أشعة الشمس المحرقة , مزروعات فنية منوعة تحيط بها حجارة بشكل فني ونوافير المياه ترسل رذاذ الماء الي الزهور اليانعة في كل مكان من الحديقة0
المنزل مربع ومطلي بالدهان الأبيض وبه غرف واسعة في الطابق العلوي تدخلها الشمس , وقد فرشت بأحدث الأثاث وأثمنه , مرتا بستوس مدبرة المنزل أخذت ساره لتريها غرفتها 0 مرتا وزوجها جورج يعملان عند رالف في تدبير شؤون المنزل والحديقة نظرا الي ساره بدهشة واستغراب عندما عرفهما رالف بها نظراتهما المعبرة تملأ كتابا0 كانا ولا شك يتساءلان عما ستقوله المرأه الأخرى عنها0 وتاقت ساره لتتعرف الي المرأه ألأخرى صديقة زوجها الحميمة 0 غرفتها تشرف علي الحديقة وعلي ملاعب اولمبيا وجبل كرنيون الذي تكسوه اشجار الصنوبر0
-منظر ساحر0 قالت ساره مخاطبة مرتا : هل هناك حمام؟
- نعم يا سيدة لينغارد0 هذا هو الحمام0
أشارت مرتا الي غرفة ملاصقة 0 عبست ساره وهي تسمع اسمها الجديد لأول مرة0 كانت تكره هذه التسمية ولكنها ستعتادها مع الأيام, وأقسمت بأنها لو أتيحت لها فرصة الأنتقام من زوجها فلن تتردد 0 وكانت واثقة أن هذه الفرصة لن تتاح لها أبدا0 أن رالف رجل قاس ولا شئ يؤلمه أو يجرحه , هل كان سيشعر بأن عبئا ثقيلا قد أزيح عن كاهله لو رفضت الزواج منه؟ وهل سيشعر بوخز ضميره؟ لا0 لن يشعر بأية مسؤولية عن حالة والدها الصحية بعدما حمّلها المسؤولية بمكر وحنكة 0 قال لها انه في حال وفاة والدها فهي الملومة وليس هو0
اخبرتها مرتا ان الطعام سيكون جاهزا خلال نصف ساعه , لقد أمر رالف جورج بتحضير الوجبة وستذهب مرتا لمساعدته0 طلبت مرتا منها ان تهيئ نفسها للعشاء0
بقيت سلره وحدها في غرفتها تتعرف اليها0 في الغرفة سرير مزدوج وأثاث مريح ومرآة واحدة فوق طاولة الزينة وهناك فرشاة للشعر في صينية فوق طاولة الزينة, فتحت درجا في الطاولة ولمحت ثيابا رجالية داخلية 0 أجفلت وأغلقت الدرج بسرعة0
- ماذا تفعلين هنا؟
كان رالف يقف في الغرفة وينظر الي حقيبة ساره التي حملتها بنفسها0
- آسف 0 طلبت من مرتا أخذك الي غرفتك ولم أحدد لها المكان,كان من الطبيعي أن تحضرك الي هنا , فأرجو ان لا أسبب لك المزيد من الأزعاج0
كانت لهجته ساخرة, رمقته ساره بنظرة حادة لم يأبه لها0 قالت وهي تحمل حقيبتها بيدها:
- ربما تتكرم وتريني غرفتي0
كانت غرفتها تشرف علي المناظر نفسها التي تشرف غرفته عليها , وكذلك حمامها يشبه حمامه , ولكن السرير في غرفتها كان سريرا منفردا , ابتسمت ساره وهي تتساءل : ماذا ستفكر مرتا في هذا الوضع الغريب؟ قال رالف:
- أعتقد انك متعبة , يمكنك الأستراحة بعد الطعام اذا رغبت 0
ثم نزل الي غرفة الجلوس ولحقت به ساره0جلس رالف يتصفح مجلة ويرفع رأسه من وقت لآخر ليرمقها بنظرة ثم يعود الي مجلته0 كانت ساره تنظر أليه وتتساءل: متي سيزور فتاته؟ لقد غاب عنها خمسة أسابيع 0 هل ستتقبل نبأ زواجه بهدوء؟ جلس رالف هادئا وقد أخفى غضبه وخيبة أمله وندمه عن كل عين 0 كان مشغولا بالقراءه ولا يعيرها أدنى أهتمام , وبدأ غضبها يتفاقم 0 لم يسبق أن تجاهل وجودها أي رجل من قبل 000دائما كانت موضع اهتمام الجنس الآخر, فقررت ساره ان تجعله ينظر اليها ويترك مجلته, سألته:
- هل ستتأخر الوجبة؟
- وكيف لي أن أعرف؟ اسألي مرتا0
اجابها رالف بدون أن ينظر اليها وأكمل قراءته0 أمتعضت ساره من معاملة رالف لها , صرخت :
- أنت تجهل مبادئ حسن الضيافة؟
- اعتقدت اننا متفاهمان ؟ تعيشين هنا وتفعلين ما يحلو لك 0 بحق السماء لا تنتظري مني ان أسليك0 لدي اشياء اكثر فائدة أفعلها0
- لقد اعتدت اهاناتك لي0 قبل وقت طويل ستندم علي هذه المعاملة السيئه لي 0 انظر الي أين أوصلتنا خططك الفذة؟
- انا أتمتع بروح رياضية وأعترف بخسارتي0
فهمت ساره اهانته الجديدة وازداد احمرار وجهها من الخجل :
- تبدو آسفا علي زواجك منذ الآن000
- بالطبع أنا آسف لأنني أجبرت علي هذا الزواج , ولكن لو قدّر لي مرة ثانية أن أعيش الماضي لأعدت الكرّة من جديد , أنا لا أندم أبدا علي ما أفعل , قلت لك لا أريد أن أحمل ضميري الشعور بالذنب لآخر حياتي 0
- لماذا حاولت الأنتقام مني؟
- الأنتقام من تقاليد آل لينغارد الموروثة0
- وماذا ربحت؟
- ربحت زوجة , ضحك , وأية زوجه!
- كفى0 أعرف أنني لا أروقك , وانت كذلك لا تروقني , ولكنني لا أكرر ذلك علي مسمعك , وأكون شاكرة لو تلجم لسانك أيضا عن تكرار ذلك 0
- لماذا يا ساره أنت مستاءه؟ النساء مغرورات ويؤلمهن قول الحقيقة , هل يؤلمك أن أقول انك لست جذابة؟
- أنا لست جذابة بالنسبة اليك لقد خطبت مرتين , اليس ذلك دليلا واضحا علي جاذبيتي؟
طوى مجلته ونظر اليها بفضول وسألها:
-- وهل رودي رجل ؟ أي حياة كنت تتوقعين ان تعيشي معه؟
- حياة سعيدة0 أنا أريد رجلا أستطيع قيادته0
قال مستغربا:
- ولماذا خطبت لأخي ؟ لن تستطيعي قيادته بسهولة!
- ولهذا تخليت عنه وفسخت الخطوبة0
- ألهذا السبب حطمت قلبه؟
كل آل لينغارد أشرار0 لن تفيد ساره من ذكرياتها السابقة مع اليكس0 وشعرت أن زوجها يلذ له الحديث عن تصرفات شقيقه0
كان اليكس يجدها جذابة لا تقاوم , وحاول أغتصابها قبل موعد الزواج 0 كم يسرها أن رالف لا يجدها جذابة والا تصرف معها كشقيقه ولن تستطيع ردعه ولا سيما وهو يملك حق امتلاكها الشرعي0
قالت له :
- أذا لم يكن الزوج مستسلما لزوجته فستكون المرأة خاضعة لزوجها0
أجابها رالف:
-اليس هناك حل وسط , شراكه مثلا0
- اذا سمح للرجل ان يكون الأقوى خسرت المراة أملها واصبحت خاضعة لسلطة زوجها 0 وهل تتصور أنني اتحمل ذلك؟
- لا0 لن تتحملي هذه الحياة 0 ولكن هل تعتقدين أنك ستكونين سعيدة اذا تزوجت برجل تديرينه حسب مشيئتك كأنه خاتم في بنصرك؟
- نعم أكون سعيدة وراضية0
- ولماذا لم تتزوجي رودي؟ كنت تستطيعين قيادته بسهولة وتتمتعين بلقب رفيع؟ لماذا تركت هذه الفرصة تفوتك؟ انها فرصتك الذهبية للحصول علي السعادة0
لم تجبه0 تذكرت رودي وهو يتفحصها مشدوها يوم الحادث المشؤوم000كانت في ملابس النوم , أحمر وجهها وهي تتذكر000
قالت عابسة:
- لا أعرف لماذا غيرت رأيي!
- خيبت أملي فيك يا ساره 0 كنت أظنك صريحة وصادقة0 سأقول لك أنا السبب , لأن رودي لم يثر ويغضب حين رآك معي في السفينة0 كان ضعيف الشخصية ولا عامود فقري لديه 0 فتاة حرة مثلك لن ترضى برجل خنوع مثله0
- هل تريد أن تقول انني أريد رجلا قويا؟
-أنا لا أقول ماذاتريدين بل ماذا تحتاجين0
سألته بنزق:
- أوه 0ماذا أحتاج؟
-تحتاجين لرجل يسحق قليلا من كبريائك ويروّضك0
تذكرت ساره قول رالف : سأروضك حين أشعر بالملل000لو قرر رالف ترويضها سيكتشف ن هذا العمل أشق مما يستطيع ان يتحمل 0


مر الوقت في أولمبيا ببطء0 بدأت ساره تشعر بالملل 0 مع شهر تموز (يوليو) وبدأت تتساءل اذا كان يأستطاعتها ان تكمل مشوار حياتها معه0 حياتها السابقة كانت دعوات وحفلات تنصّب عليها من كل صوب وحدب 0 كان رودي قربها دائما ومستعدا لتلبية جميع رغباتها 0 لو أرادت الذهاب الي المسرح كان خطيبها يحجز لها افضل المقاعد حتي لو لم يرغب هو في رؤية العرض 0 اذا رغبت في حفلة راقصة كان رودي يقوم بجميع الترتيبات للحفلة بدون أي أعتراض0
والآن زفرت زفرة مشحونة بالغضب , أين رالف ؟كان غائبا منذ أسبوع0 ربما في أثينا 0 أو ربما في قرية لنغاديا حيث تسكن صديقته أديل بودان 0 كانت ساره تتشمس في الحديقة تحاول تقييم حياتها في اليونان 0
هيأت ساره نفسها لكره أديل في أول أجتماع لهما , حتي قبل أن تلقاها 0 كانت صدمة لساره يوم قابلتها 0 أديل تفيض بالأنوثة 0 شعرها أسود وكذلك عيناها لديها جاذبية محببة وتصرفاتها لائقة مهذبة تروق للرجل 0 أنها تموء000قالت ساره في نفسها 0 قطة أليفة جدا , كما يرغب رالف في نسائه 0 أرادت ساره أن تكرهها ولكنها لم تستطع 000فشعرت بخيبة أمل0
تعجبت من شعورها الغريب ولم تعرف له تفسيرا 0 تركت هذه المسألة بدون ان تتوصل الي حل لها وتركت الأيام المقبلة تكشف لها هذا السر الغامض في شعورها نحو أديل 0
حضرت أديل برفقة رالف , حين عاد من أثينا , وعرّفها الي زوجته 0 كانت أديل باردة العواطف , ولكنها لم تكن عدائية 0 الظاهر انها تتفهم وضع حبيبها وزواجه0 لابد وأن رالف قد أخبرها القصة بحذافيرها وأكد لأديل ان مركزها لن يتزعزع بدخول زوجته الي المنزل0 زوجة لا تزال للآن غريبة عنه ولم يعاشرها , ومن الغريب جدا ان ساره لم تشعر بأي كراهية نحو أديل 0 موقف أديل كان اللقوى لأن رالف كان يعمل لها ألف حساب , ويتكلم معها بحنان وذراع تحيط بكتفيها وتعابيره راضية سعيدة وهو ينظر اليها0 لم تكن ساره تصدق ما ترى0 سألتها ساره بعد أن غادر رالف الغرفة الي الكاراج ليعاين مع جورج تصليح سيارته:
- هل ستتعشين معنا؟
- لا أعتقد ذلك سأذهب برفقة رالف للسهرة0
كانت أديل تتكلم بلهجة المتفوقة بينهما0 أخذ رالف أديل مساء وحين عاد طلبت اليه ساره ان لا يحضرها مرة ثانية الي البيت0 حاولت ان تتكلم بهدوء واقناع وحدق رالف بها ساخطا وأخبرها بأن أديل قد أعتادت الحضور لهذا البيت , ولن يتغير هذا الواقع ابد 0 قال رالف يذكرها:
- لا يربطنا أي رابط, حتي الأحترام مفقود بيننا , وتزوجتك لأنقذ حياة والدك فقط ولم أتعهد بتقديم أي شئ لك 0
- أنا أعرف ذلك , ولكن وجود مرتا وجورج بيننا000ربما هما يسخران الآن مني0
-دعيهما يضحكان,انت لا يهمك رأيهما فأنت مغرورة بنفسك ومتكبرة 0 أخبرتك عن حياتك معي وطلبت منك أن لا تتدخلي في شؤوني الخاصة0
- ألا يمكنك , علي الأقل , ابعادها عن المنزل فقط !
قال آمرا:
- أنا لاأنوي ذلك0 افهمي , أنت لا تعنين لي أي شئ علي عكس أديل , وأرجو أن لا تتدخلي بعد اليوم في أموري !
نظرت اليه بوجه شاحب وتعابير تكابد الأسي وسألته:
- ماذا لو جلبت أنا أيضا رفاقي الرجال الي البيت؟
- وهل لديك رفاق رجال؟ لماذا أنتظرت كل هذه الأسابيع؟ احضريهم الي البيت ولكن واحدا واحدا0 أذكّرك بأنني أرغب ان تتستري في علاقاتك , انني حساس واتمتع باللياقة في معاملة أصحابك0 اجلبي واحدا منهم هذا المساء وأنا أجلب أديل ونصبح أربعة0
مسحت ساره خدها بيدها بوحشية لتمحو لمسته 0 تذكرت قوله:
سنصبح أربعة0كانت ستختنق من شدّة غيضها0 وهو يعرف معرفة جيدة ان لا أصدقاء لديهاوحتي لو كان لديها صديق فرالف لا يهتم لهذا الأمر0 الأمر يختلف معها حين كانت تخرج مع اليكسأو رودي0000كانا دائما موضع حسد من بقية الرجال فهي جميلة ولكن جمالها مع رالف لا ينفعها لا يجذبه ولا يوجد رجال ينافسونه عليها, زوجها لا يهتم بها ابدا ولا مانع لديه في ان تحضر للمنزل رفاقها 0 كم هو متعجرف ومتكبر0 لن تحتمل لمساته المقرفة, ومع ذلك بقيت تشعر بحنان لمسته فوق خدها لفترة طويلة000وتشعر أيضا أن علاقته بأديل تختلف عما يزعم 0 كان يؤمن بأن الحياة يجب ان تعاش مما يوحيلها بأنهما عاشقان 0 ولكن ذلك غير صحيح, أديل تشبه الملائكة في تصرفاتها الرزينة 0 لا يمكنهما قطعا ان يكونا عاشقين؟ ضاق صدرها لكثرة ما فكرت 0 هزّت كتفيها بدون اكتراث , لماذا تهتم بعلاقة زوجها مع أديل! كانت تتمني ان يقيم علاقاته الحميمة خارج المنزل بعيدا عن نظرها0 وقفت سيارة في المدخل ودخل رالف من تحت القنطرة الي الحديقة ووقف ينظر اليها بشغف 0 كان يحمل حقيبة اعماله مما يوحي بأنه أمضى الأسبوع الفائت في أثينا0
- ستحرقين جلدك بالشمس, لا يمكنك ان تمضي النهار كله تتشمسين0
- ماذا أفعل ؟ غطت نفسها بمنشفتها وقالت معاتبة:لو كنت اصطحبتني معك لأثينا؟
- انا لم أكن في أثينا0 وحتى لو كنت هناك لماذا اصطحبك معي؟
قالت بخجل:
- لم أقصد أن تصطحبني كما فهمت0
سألها بنزق:
- وكيف أذن ؟ ماذا كنت تقصدين؟
- كرفيقة000أرافقك الي أثينا وتتركني أسرح في الأسواق وأتسلي ثم نعود سوية عندما تفرغ من عملك الي البيت 0
- ولكنني لم أكن في أثينا 0 ومسألة اصطحابك معي غير واردة0
- ظننتك بأثينا, لأنك تأخرت أسبوعا كاملا0
- وهل تسألينني أين كنت ؟
- - بالطبع لا0 هذا الأمر لا يهمني ؟
- حقا 0 لا شئ أفعله يجب أن يهمك0 دائما تذكري ذلك, فنكمل مشوار حياتنا علي أحسن ما يرام, لن أخرج بعد الظهر ولا مساء من البيت0
سرت ساره من كلامه معها واستعادت كبرياءها المهدورة0 قالت ساخرة:
- وماذا أفعل ؟ هل تمنحني امتيازا , علي أن أشكر تواضعك لبقائك برفقتي0
نظر رالف اليها نظرة قاسية وقد أمسك بحقيبة أعماله بعصبية0
وحين تكلم من جديد كان قد استعاد هدوءه 0 قال يرد علي سخريتها بأشد منها :
- أنا لا أفرض عليك رفقتي , بالحقيقة لا شئ أكثر مللا من تمضية أمسية برفقتك0
قالت بتحد:
- لماذا تخالف عاداتك؟ لماذا لا تسهر معها؟
- ماذا يا ساره؟ ماذا تقولين عن أديل ؟ انني أكن لها الود الكبير 0رفعت رأسها عالياوذكرته انه هو الذي اعترف بأنه وأديل اكثر من صديقين حميمين0- صحيح انا أعترفت بتلك الحقيقة ولكن هذا لا يعطيك الحق في انتقادها امامي 0 انها امرأه افضل مما يمكن ان تكوني0- لماذا لا تذهب اليها؟ ستكون امسيتك أكثر متعة من بقائك معي0
- بدون شك, ولكن يناسبني ان ابقى اليوم في البيت0
- الحمد لله البيت كبير ويمكنني ان اتحاشى رفقتك0
قامت من مجلسها في الحديقة وامسكت بالكتاب قربها0 واكملت :
سأختفي في غرفة أخرى0
- هذا يناسبني0
قال ذلك وتبعها الي داخل المنزل 0 حين وصلت الي غرفتها كانت ساره تمشي في الغرفة وهي تغلي من الغيظ وتحاول ان تتجاهل اهاناته لها0 هذا الشعور يحيرها ! لماذا تهتم لرأيه بها؟ لماذا يقارنها بأديل دائما؟ هذا العمل من سوء تصرفه وقلة تهذيبه , أليس ذلك صفة مميزة لآل لينغارد0
لو تعرف كيف تسدد له ضرباته القاسية بمثلها؟ لو تستطيع ان تثير غيرته كما يثير غيرتها0 كانت تحاول جهدها ان تجد لنفسها صديقا ما, ولكن ذلك لن يجد نفعا معه 0لن تستطيع ان تجعله يغار لأنه لا يحبها , وهو لا يطالبها بأي شئ , ولا يسألها كيف تقضي وقتها , ولا يتدخل في تحركاتها أو أعمالها ولا يجبرها علي تنفيذ طلباته, وهي حرة تماما 0 وقفت ساره في غرفتها أمام المرآة, انعكس غضبها علي وجهها وقد غاب لونه 0 لقد أقسمت ان تفعل ما تريد ولن تترك زوجا يتحكم بها 0 ولكن رالف يتحكم بها ويتدخل في حياتها بطريقة جهنمية000كان مصمما , بطريقة غير مباشرة ان يدير حياتها حسب رغبته 0 هل يخطط رالف لذلك وينفذ خططه؟ انها متأكده من انه يفعل ذلك 0 انه لا يهتم بها كأمرأه بل كزوجة مطيعة عليها ان تنفذ ارادة زوجها رضيت بذلك ام لم ترض0
نفد صبرها , فدخلت الحمام وتركت لأفكارها العنان0 حياتها ترسمها الظروف فقط وليس لرالف أي تقرير مسبق لها0
لم يبد رالف اهتماما في تحركاتها ولا مرة واحدة 0 لم يسألها أين تذهب ؟ عاش حياته كما تعودها يخرج ويدخل علي هواه وكان لا يراها لأيام, ولا يهتم ان بقيت علي قيد الحياة ام لا0 لماذا توصلت الي فكرة انه يخطط لها حياتها؟ لقد أعتادت علي نمط معين من الحياة يختلف عن حياتها السابقة ولن تستطيع تغييره الفكرة تضحكها 0 لديها قناعة بأنها نعرضة لحساب دقيق اذا غيرت نمط حياتها الجديد0الم يصّرح رالف مرارا انه سيروضها يوما حين يشعر بالملل 0
كانت ما تزال في قمة غضبها حين خلعت ملابسها ودخلت الحمام 0 الحمام روتين يومي اعتادته 0 الحمام يخرجها من الملل القاتل الذي سيخنقها, حياتها فارغة 0 لا يمكنها ان تصدق ذلك زادت كراهيتها لرالف , مصيرها كله قد قرره لها0 يوم خطفها ألم يقل لها ان الأنتقام من صفات آل لينغارد0 هل رأى رالف نتيجة انتقامه منها ؟انه يدفع الثمن غاليا فهو يتحمل الآن عبء زوجة لا يريدها0000سرت لهذه الفكرة , ولكن رالف لا يقلقه وجودها ابدا لأنه لم يغير نمط حياته نتيجة لهذا الزواج 0 بنظره الزواج كأنه لم يكن0
يتجاهلها ويعاملها بدون أهتمام 0 ذلك لا يحتمل ! ماذا ستفعل ؟لم يسبق لأي كائن , رجل او امرأة أن جعلها تشعر بضعفها كما تشعر مع رالف , منذ أول لقائها به جعلها تشعر بضعفها , بدأ غضبها يفور وبدأت تهرش ظهرها وكتفيها بليفة الحمام بدون وعي0 بدأ الجلد فوق كتفها ينسلخ0 كم هي غبية لتفكر به وتفقد هدوء اعصابها 0 كان التفكير بزوجها يخرج من داخلها كل شئ بغيض ولا تستطيع بعد ذلك كبح جماح غضبها 0 لقد تحركت غريزة الهجوم في نفسها 0 كانت تشد بالليفة علي جسمها وكتفها بدون هوادة 0 وتود لو تسلخ جلده هو أيضا0
بدأ الدم يتصبب من كتفها , لم تستطع ان تلبس ثيابها فجلست متدثرة بالمنشفة 0 قررت ان تنادي مرتا لتساعدها ببعض الأدوية والدهون, فتحت باب غرفتها وهي تنتظر ان ترى مرتا او جورج000 كان رالف أمامها فقال بخبث:
- أهلا 0 هل تنتظرينني ؟
- أنا 000أنا أريد مرتا أريد بعض الدهون0
- لأي شئ ؟
- جلدي ينسلخ0
- حروق شمس , ألم أحذرك؟
- نعم ولكن بعد ان أحترقت0
- لدي بعض الدهون في غرفتي 0 سأجلبها فورا0
دخلت ساره الي غرفتها وما لبث ان ظهر رالف من جديد ودخل غرفتها وقال لها مبتسما بعد ما وضع أنبوب الدهون وبعض الشاش واللزق:
- هل أساعدك 0 أين السلخ؟
- شكرا0 أستطيع ان أقوم بذلك لوحدي0
- أين السلخ ؟ لا أمانع في مساعدتك000ربما لا تستطيعين الوصول اليه لوحدك0
- أخرج من غرفتي0
بدأ ينظر أليها بتحد من رأسها لأخمص قدميها , أختفت نظرة السرور من عينيه , فتح قبضته ثم أغلقها كأنه يريد ان يضربها 0- ساره ! اذا رغبت في تنظيف جرحك ودهنه سأفعل!
- حاول وسترى ما سأفعل0
وتبخرت كلماتها قبل ان تخرج من شفتيها , لا تستطيع ردعه كما فعلت بأخيه سابقا 0 ربما لو لم تكن بالمنشفة لاستطاعت ان تجعل أسنانها تعلّم في لحمه0 سألها بلهجة قاسية:
- هل تتحديني؟
بدأت ساره ترتجف لدقيقة واحدة من التردد مع قليل من التحدي ثم قالت :
- لا 0 لا أتحدى0
- أنت فتاة عاقلة0
ربما لحظ ارتعاشها , فأصبح صوته لطيفا رقيقا وهو يسألها من جديد عن مكان السلخ 0اجابته:
- في كتفي0
بدأ السرور من جديد يغمر عينيه0
- كيف تستطيعين دهن كتفك لوحدك؟ امسك بالمعجون وفتحه:
دعيني ارى السلخ0
قالت وقد تذكرت لمسته الكريهة:
- أستطيع ذلك ولن يكون صعبا علي0
قال بعصبية:
- أبعدي المنشفة 0 لا تكوني غبية0
قالت غاضبة :لا أريد مساعدتك!
دائما ينتصر عليها في مناسبات مؤاتية له, حيث تظهر هي بضعفها كأن لا حول لها ولا قوة وتذعن في النهاية لمشيئته قال بتحد:
- هل تبعدين المنشفة عن كتفك أم أبعدها أنا ؟
رمته بنظرة قاسية ثم حسرت المنشفة عن كتفها وأدارت له ظهرها وقد تمسكت بالمنشفة جيدا0 لم يضيع رالف وقته وبسرعة أعمل أصابعه برقة فوق جروحها , شعرت بالدهون تداعب جروحها وتبردها 0 يده قوية ولكنها لطيفة في لمساتها فوق جروحها 0 وضع الشاش واللزقة فوقها 0
- انتهيت 0 ربما لا تجلسين تحت أشعة الشمس الا لفترات قصيرة بعد اليوم0
رفع المنشفة من جديد فوق كتفها وأدارها لينظر في عينيها 0 كانت ملامحه قاسية:
- اللهجة التي طلبت مني فيها ان أترك غرفتك لا أريد أن أسنعها مرة ثانية يا ساره , أحذرك 0 ربما لا أتصرف بهدوء في المرة المقبلة0
قال ذلك وترك الغرفة بدون ان ينتظر جوابها 0 تركها وحدها تنظر الي الباب الذي أوصده خلفه شعورها مختلط ! تشعر بالغضب , ولكن غضبها لم يكن وليد كرهها لزوجها بل من الأحساس الذي ولدته لمساته الرقيقة فوق كتفها المجروحة0

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313  
قديم 10-08-09, 09:30 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


5- ادخلي سجني بسلام

كانت ساره تشتعل بالغضب كنمرة في قفص0 زوجها رالف يتغدى مع صديقته أديل في بيتها , بينما هي حبيسة المنزل لا تجد من تتكلم معه سيى مرتا وجورج0
- ليتني لم أتزوجه!0
صرخت من غضبها, ولكنها لا تستطيع ان تتصرف خلافا لذلك 0 والدها مريض وزواجها كان الحل لأنقاذ حياته0
وقفت ساره أمام النافذة تمتع ناظريها بالمناظر الخلابة, التلة تكسوها الأشجار وضفة النهر الخضراء حيث ترعى الخيول قرب ملاعب الألعاب الأولمبيه0 هنا تختفي كل الضغائن والخصومات بين المدن اليونانية خلال فترة الألعاب, خمسة أسابيع كاملة ويسود السلام0
شرد ذهنها وتبخر غضبها وهي تتذكر منذ أسبوع حين داوى لها رالف كتفها من حروق الشمس غصبا عنها 0 لقد هددت وتوعدت عبثا, وتذكرت مؤخرا حين تناولت الشاي برفقته في الحديقة , كيف كانا يتناحران بألسنتهما بطريقة طريفة0 وبعد ذلك تناولا العشاء سوية 0 كان رالف رقيقا مهذبا في تصرفه مثله في ليلة الزفاف0 كأنه يواسيها ويحاول ان يعوض عليها ما فاتها 0 تمشيا بعد العشاء قليلا وحين دخلت ساره معه بوابة هيكل حيرا شعرت ان كل غضبها قد مات كان رالف يشرح لها عن بقية الأثارات , البريتانيوم حيث يجلس مدعو الشرف , وحيث كان يقام العشاء الأحتفالي في ختام الدورة , وتعلن اسماء الفائزين ويتسلمون جوائزهم 0 الفيليبيون وهو مركز الأدارة المالية ويتضمن ايضا الملاعب المخصصة للتمارين اليومية 0 هناك باحات كبيرة يتمرن فيها اللاعبون لأسابيع عديدة قبل يوم المباريات وجميع هذه الباحات مسحتها مياه نهر كلاديوس0 كان النهر يفيض بفعل الأمطار الغزيرة وتجرف المياه كل ما تجده في طريقها وتسبب الأضرار ألفادحة0 تمشيا في آثار هيكل حيرا الذي بني منذ حوالي 3 آلاف سنة0 ثم دخلا عبر قنطرة تؤدي الي الأستاد الكبير حيث كانت تقام معظم المباريات 0
تناولل عشاءهما باكرا قبل القيام بهذه النزهة وحين وصلا الي منطقة الأثار كانت الشمس تملأ المكان وبقي علي موعد مغيبها حوالي الساعة0 هنا وهناك بقايا الأعمدة المحطمه فوق الأرض , اعمدة كلسية بيضاء تعكس اشعة الشمس وتزيد الشعور بالهدوء والسلام0
الجو ساكن ومنعش وتعطره رائحه اشجار التنوب والصنوبر التي تحيط ببساتين منطقة التيس , الأزهار البرية تساهم كذلك بروائحها المختلفة ولا تسمع سوى اصوات الحشرات التي تطير حولهما 0وبعض العصافير تعود الي أعشاشها في اشجار منحدرات جبال كرونيون المرتفعة فوق الأثار, قطع رالف الصمت قائلا:
- افضل مكان في العالم للتآخي , هل تشعرين يا ساره بالسلام ام انت قوية ولا يؤثر فيك هذا الجو؟
لقد تأثرت ساره بهذا الجو الشاعر ولذلك لم ترغب في ان تجرحه بكلماتها اللاذعة 0 هذه البقعة في اليونان هي رمز الهدوء والسلام 000تذكرت حياتها الصاخبة في يوركشاير, ومرحها مع حشد الشباب في الحفلات التي تمتد الي آخر الليل, اشتاقت لحياتها السابقة ولكن000بدأت الشمس تميل الي المغيب0 وجه زوجها في الغسق الذهبي اخذ طابعا لينا , وقد شعرت نحوه بأنجذاب قوي, كانا يقفان وسط أثار هيكل زيوس ومن بعيد وصل اليهما عزف مزمار لأحد الرعاة0 ابتسمت ساره ومع صوت المزمار اكتمل المنظر الخلاب لجبال اركاديان حيث الحوريات كأنها تراقص الرعاة علي موسيقي بان رمز الغابات والمراعي عند الأغريق0
- لم تجيبي علي سؤالي يا ساره؟ هل أثر فيك هذا الهدوء ؟ هل تمنعك كبرياءك من الأعتراف بضعفك حياله؟
عبست ساره وأحست بالألم يعصف بها, لم تدر مالذي يوجعها؟
لا يمكن ان يكون شيئا تفوه به رالف لأن كلامه لم يعد يجرحها او يؤثر فيها0
- انه هادئ 0
اعترفت له , وسمعته يزفر زفرة ارتياح وارتسمت علي وجهه علامات الرضى والأنتصار وفي عينيه تعبير غريب ينم عن السخرية0
بدأ الظلام يخيم فوقهما 0 والقمر يلون السماء بنوره البنفسجي تحيط به بقية النجوم بنورها الخفيف وتزيد المكان سحرا وشاعرية 0لأول مرة شعرت ساره ان الضغينة قد اختفت تماما في علاقتهما وقال رالف:
- لقد أثرت فينا الهدنة لم نرم بعضنا ولا بحجر واحد منذ أكثر من ساعة ونصف0
ساعة ونصف000هو أقصى ما يستطيعان من هدنة لأنه قبل انتهاء الأمسية دارت معركة كلامية بينهما , ومنذ ذلك الوقت عاد رالف يعاملها كسابق عهده, لا يهتم لأمرها ولا يتكلم معها الا عند الضرورة القصوى, او ليقول لها مساء الخير0 اكثر الأحيان يبقى خارج المنزل وبصحبة أديل 0 واذا بقي في المنزل تحضر أديل اليه ويتصرف تجاهها هي بعدم اكتراث وببرودة 0 اذا انفردت بأديل تبدي نحوها الأخيرة كل خشونة وتحد عن تعمد 0 لم تشأ ساره ان تعاملها بالمثل ولكن صبرها بدأ ينفد وستنشب معركة عما قريب بينهما0 واذا حصل نزاع بينهما , جانب من سيأخذ رالف؟ لا شك انه يحب أديل كثيرا000عبست وهي تفكر بهذا الوضع المحرج وفكرت اذا كان رالف يحب أديل فلماذا لم يتزوجها من قبل؟ ولكن شقيقه اليكس قد اخبرها ان رالف لا يؤمن بمؤسسه الزواج مع انه يحب النساء وله علاقاته 0 لقد اخبرها اليكس بأن رالف لن يتزوج000ولكن الظروف قد اجبرته علي تغيير رأيه0
تركت ساره النافذه ونظرت الى فستانها الموضوع فوق السرير،انه اجمل اثوابها لماذا اخرجته من خزانتها؟هل يعقل انها تفكر في ان تلفت نظر رالف اليها , سوف يخيب ظنها اذا لحظها واعجب بها000
سيكون كريها اعجابه او اهتمامه بها ولن تشعر بالاطمئنان اليه0
وبدون وعي لمست ساره كتفها حيث الجرح الذي داواه لها رالف وقد شفي تماما , ونظرت مجددا الي ثوبها الأزرق بلون عينيها يعكس لونه فوق بشرتها الشاحبة العاجية ويزيدها جمالا0 وخلعت ثوبها واعادته الي مكانه في الخزانة, فهي لا تريد ان تلفت انتباهه اليها 0 كانت ساره تعتقد ان رالف باق في المنزل , اذ امضى بعد الظهر مستريحا يتشمس في الحديقة , يلبس بنطلونا قصيرا وخفا مريحا 0 جلست تقرأ وهي مسرورة يغمرها شعور الأطمئنان0 تناولا الشاي سوية وعاد رالف لغرفته ليبدل ثيابه وكذلك فعلت ساره0 دخلت غرفتها وأخذت دوشا وبدأت تغيير ملابسها0 سمعته ينزل السلالم ثم تحركت السيارة خارجة من البوابة 0 لم يذكر الي اين هو ذاهب ولكن ساره كانت تعرف 0 لا يهمه ان يتركها تمضي الليل وحدها , انه لا يعرف معني الوحدة , ماذا يعني ان تبقي وحيدة في المنزل وتأكل طعامها وحيدة وتكاد تختنق بها00 اختنقت بالغضب , لماذا أختار لها هذه الطريقة في للأنتقام منها؟ لو تركها وشأنها لكانت الآن متزوجة سعيدة مع رودي0
تركت هذه الفكرة سريعا وعادت بذاكرتها الي جلستها الهادئة مع رالف بعد الظهر في الحديقة 0 لم يتكلما تقريبا ولكنها كانت تحس وجوده قربها وشعورها اليوم يختلف عن المرات السابقة حين كانت تجلس منفردة بنفسها0 كانت تمني نفسها بتمضية السهرة برفقته, فصحبته افضل من بقائها لوحدها , ولكنه خرج ولم يذكر الي أين0
لبست بنطلونا وبلوزة وخرجت تتمشي 0 لا يمكنها ان تبقي وحيدة في المنزل وتأكل عشاءها وحيدة , ستذهب الي الصرح حيث اثار الملاعب الأولمبية وربما تتمشي علي ضفة النهر وستمضي الوقت بالمشي بدلا من المكوث في المنزل تتضجر وتتذمر 0 غمرها شعور بالأسف الشديد لحالها 0
لاحظت ساره ان المكان يغص بالجموع الغفيره في هذه الأمسية , مشت ضمن البساتين ومن الغريب كيف يزيد شعور المرء بالوحدة حين يكون ضمن جمع غفير0 تمنت لو يختفي الجميع من حولها وتبقي وحدها في هذا المكان0 تمشت علي مهل وهي تشعر بأن الجميع يراقبونها0 جلست فوق بقايا عامود وسرحت بأفكارها 0 لماذا أحضرها رالف هنا في ليلة سابقة ؟ كل شئ بهيج في هذا المكان , ربما هو يحاول ان يذيقها طعم السرور ولو جرعة صغيرة ثم يتركها عطشى تطلب المزيد , بعد تلك الأمسية عاد رالف يعاملها كسابق عهده من البرودة وعدم الأكتراث , اليوم وبعد أسبوع واحد من مشواره معها بقي بجانبها ورفع من معنوياتها ثم عاد في المساء وتركها للضجر, هزت رأسها بعد أن نفذ صبرها , وبخت نفسها علي غبائها , في المناسبتين بقي رالف في المنزل لأنه كان يرغب في ذلك ولا يهمه ابدا ان يزيل عنها ضجرها او يسليها , الم يوضح لها علاقته بها منذ البداية , بأنه لا يهتم بها قطعيا؟
- ليتني لم أتزوجه! قالت ذلك وكررت جملتها مرة ثانية للتأكيد0ولكن , لا مجال للتصرف بغير ذلك 0 وضعت يديها علي وجهها لتمنع دموعها من ان تسيل من مآقيها وارتجفت قائلة : لن أبكي ! ليس هناك أي رجل يجعلني ابكي ! الم أقسم علي ذلك منذ زمن بعيد ؟ زفرت ساره زفرة الم واذا بسيدة تتكلم معها بلغة لا تعرفها ولكنها فهمتها 0
قالت ساره تكلم السيدة بقربها:
- انني بخير0
لم تفهم المرأة لغتها ايضا 0 مر بها زوجان شابان0 قالت الزوجة الشابة تخاطبها:
- هل انت مريضة 0هل تريدين مساعدة؟
- شكرا جزيلا0انني بخير0
قالت ساره بتهذيب 0 حضر شاب وسيم وانضم الي الزوجين وسأل ما الخبر؟قالت اتلزوجة الشابة:
- اعتقدنا انها مريضة ولكنها تؤكد انها بصحة جيدة 0 هل وجدت قناة جر المياة القديمة التي كنت تبحث عنها؟
هز الشاب الوسيم رأسه ايجابا بدون وعي 0 كان مأخوذا بجمال ساره0 قال:
- هل انت متأكدة بأنك لست مريضة ؟ وجهك شاحب0
كذبت ساره :
- لدي صداع بسيط0
- ربما حرارة الجو 0 الجو شديد الحرارة اليوم 0 هل انت في عطلة؟
- لا 0 انا اسكن هنا0
- هنا في اولمبيا؟ كم انت محظوظة , شقيقتي تعيش هنا ايضا0
نظرت ساره الي الزوجين الشابين0 كان الزوج يونانيا اسمر جميلا ذا شعر اسود ويبدو اكبر من الفتاة0 لابد انه زوجها0 سألت ساره بأدب:
- وأين تعيشين انت؟
- فوق التلة 0 اشارت ساره بيدها الي منزل زوجها ثم اكملت:
هل انتما في عطلة؟
- انا فقط 0 ازور شقيقتي وصهري مرتين في السنة0
كان شابا وسيما عليه امارات التهذيب وقد ظهر علي وجهه اعجابه الشديد بساره0 سألها:
- هل تعيشين وحدك ؟ يبدو انك وحيدة0
- انا وحدي هنا0000
لم تكمل حديثها كأن انفاسها قد اختنقت0 سألها الوسيم :
- هل كنت تمشين وحدك؟
يبدو انه نسي الزوجين الشابين قربه0 نظرت ساره الي الزوجة ورأتها تبتسم 0 هل شقيقها شاب عابث؟ قالت ساره:
- الجو لطيف في المساء 0 اردت ان امشي قليلا 0 سأعود للمنزل الآن0
قال الشاب الوسيم:
- لماذا تعودين ؟ تعالي معنا اذا اردت 0 ثم نظر الي شقيقته وزوجها وقال:
- لن يضايقكما ذلك !
قالت الشقيقة:
- لا ابدا0
شعرت ساره بحمرة الخجل تكسو وجهها 0 تمنت ان لا يعتقد مرافقوها انها فتاة عابثة0
- هل ستأتين برفقتنا 0 قولي نعم 0 شقيقتي وزوجها مازالا عاشقين بعد زواج ثلاث سنوات 0 اشعر كأنني اقف بينهما عزولا رقيبا0
قالت الزوجة الشابة تخاطب ساره :
- لا تهتمي لما يقول0هذا عذره دائما ليتعرف الي الفتيات في مثل هذا الظرف , لديه العديد من الصديقات احذرك0
تكلم الزوج بعد ذلك برصانة وجدية وقال:
- اذا رغبت في الانضمام الينا سنكون سعداء برفقتك0 لقد انتقلت وزوجتي الي اولمبيا منذ ستة اشهر فقط0 ولا نعرف العديد من السكان ويسرنا ان نتعرف اليك0
قالت ساره بلباقة:
- شكرا0 يسرني ان امشي معكم0
قال الشاب الوسيم وهو يمشي قربها:
- حسنا0
وضعت ساره يدها في جيبها0 رغبت بعض التغيير في حياتها اذ لن تؤذي بتصرفها احدا0 زوجها لا يهتم لو كان لديها نصف دزينة من الرفاق0
ساره التقت دنكان في اليوم التالي وذهبت برفقته في سياره صهره وشقيقته الي طرابلس 0 بدأو في الصباح الباكر لأن المشوار طويل والمسافة حوال المئة وستين ميلا ذهابا وايابا0 كان الصباح جميلا والشمس مشرقة والسماء زرقاء صافية , تعرف دنكان الي منزلها في المساء الفائت ورتب معها مشوار اليوم0
قال دنكان يخاطب ساره قبل ان يتركها:
- ستأتين معنا غدا0 لن تخذليني!
وعدته صادقة وقالت:
ـ احب ان آتي معكم 0
جلست ساره قربه في سيارة صهره 0 ارادت ان تستفيد من نزهة هذا اليوم وتعيشها كما يجب , فهذه فرصة ارسلتها لها السماء لتبعد عنها الضجر والملل0 تركت خاتم زواجها في البيت0 ولم تشعر بتأنيب الضمير لتركها خاتم زواجها لأنه لا يعني لها أي شئ0 من الأفضل في ظروفها الحالية ان لا تظهر حقيقة زواجها0
تركا اولمبيا التي تقع في سفح جبل كرونيون وساروا وسط البساتين الخضراء في الضواحي الهادئة , بدأو في الصعود وسط مناظر خلابة 0 كان نهر لادن ينساب في سهل رملي عند سفح الجبل, اكملوا صعودهم في طريق اكثر ارتفاعا ودخلوا جبال اركاديان حيث المناظر اكثر وحشية0 توقفوا مرات عديدة في طريقهم ليتأملوا المناظر الخلابّة 0 توقفوا في لنغاديا وجلسوا في مقهي صغير ليستريحوا0 تناولوا عصير البرتقال
المثلج وتحادثوا 0 اهتمام دنكان كان محصورا بساره واهتمام صهره بزوجته0 قال دنكان بعد مغادرة الأستراحة0
- انها مدينة غريبة مبنية علي الطراز القديم , الأبنية مرعبة ترتفع مئات الأقدام وقد طوقتها الأعمدة الحديدية القوية0
تذكرت ساره ان أديل تسكن هنا في لنغاديا0 حاولت ان تنسى أديل0انها في نزهة لتتمتع0 لا يحق لا لزوجها ولا لصديقته ان يعكرا عليها صفو يومها0
سألها دنكان:
- هل ترغبين في شراء بعض التذكارات0 هناك وسائد وسجادات محاكة باليد وفخاريات جميلة وفضيّة مصنوعة باليد0
- لا 0 لا أعتقد0 وأنت؟ الن تأخذ معك بعض التذكارات0
- سآخذ0 هل تساعدينني؟ اريد شيئا لوالدتي وآخر لعمتها العجوز000ثم لجدتي0
ربما يكون دنكان من الشباب العابث ولكنه لطيف0 ساعدته في انتقاء التذكارات وهي تذكره ان الأسعار المعروضة تفوق بكثير ثمنها الحقيقي ويمكنه ان يساوم 0 تجار اليونان متفاءلون ولا تضيرهم أي مساومة بين الزبون والتاجر0
قالت:
- أنهم فقراء 0 لا تخفض الثمن كثيرا!0
ثم ناولته حقيبة يد مطرزة انتقتها لوالدته 0 اكملوا مشوارهم0 مناظر بديعة في ضواحي هادئة عبر غابات التنوب , والأراضي المثلمة المزروعة والشمس حادة فوق الطريق الخالية من الظلال 0 انتهوا الي طريق مستقيمة تختلف عن الطريق الجبلية الوعرة ووصلوا طرابلس وقت الظهر في موعد الغداء0


كانت ساره تريد ان تكمل مشوارها الي سبارطة ولكن القيادة في الطرقات الجبلية متعبة ثم هناك طريق العودة0 منذ فترة لم يكن يهمها اذا كان رفيقها في النزهة يشعر بالتعب ام لا 0 اذا رغبت في أي شئ, كانت طلباتها تنفذ كأنها اوامر تطاع بدون جدل،لقد اصبحت ساره ارق في معاملتها . من المؤكد ان رودي كان سهل القياده وكذلك اليكس...اليكس طباعه مخيفه فهو من ال لينغارد.
كان يخطط لأخضاعها بعد الزواج ليريها انه السيد في المنزل الزوجي , ولكنها أكتشفت طبيعته الحقيقية ونواياه قبل فوات الأوان0
كانت ساره دائما تصرح انه لا يمكن ان يخضعها أي رجل0
بعد الغداء تجولوا في مدينة طرابلس وتفرجوا علي الواجهات واشتروا بعض الهدايا للأقرباء 0 سألها دنكان بفضول:
- لمن تشترين؟
حاولت ساره ان تتملص من الأجابة0 غيرت الموضوع0 عليها ان لا تتحدث في موضوع حياتها الخاصة لأن الموضوع خطر0 أحبت المدينة وبقيت فيها مدة قصيرة قبل البدء في طريق العودة الي اولمبيا عن طريق لنغاديا 0 اقترح دنكان عليهم العشاء في مكان علي الطريق000سألها دنكان:
- لماذا لا ننهي هذا اليوم سوية, سنتأخر في العودة وانا لا يهمني ذلك0 وانت؟ هل تستطيعين التأخر؟
- لا يهمني , أستطيع العودة متي أردت0 قالت حزينة0 لا أحد ينتظرني حتي لو عدت صباحا0
قال دنكان بعد ان جلسوا في مقهى صغير :
- عليك بتناول المازات مع الشراب يا ساره0 ثم طلب لهم الكأس الثانية من الشراب0 لا تتناولي الشراب بدون طعام0 انه مضر للمعدة الخاوية0
- انا لست جائعة0
قالت تشارك مرافقيها الشراب وهي مقتنعة بأنه لن يؤذيها0
وصلوا عند منتصف الليل الي اولمبيا0 طلبت منه ساره ان ينزلها قرب المنزل0 كان صوته مازحا حين قال:
- الوقت متأخر , علي ان اوصلك الي بيتك 0 ما الأمر , الا توافق والدتك علي خروجك مع غريب؟
- أنا لا أعيش مع والدتي 0 يمكنك ان توصلني الي البيت 0 سأدلك علي الطريق0
كانت تشير الي طريق بيتها بدون ان تتكلم مع أحد0 سألها :
- مع من تعيشين اذن يا ساره؟ هل تعيشين مع اقرباء؟
- نعم0 أجابته وهي تضحك0 لا يمكن لرالف ان يكون قريبا لها !
- مع من؟ أصر علي ان يعرف الحقيقة0 أخبرته0 تعجب كثيرا وقال : زوجك؟ لا يمكن ان تكوني متزوجة!
- نعم انا متزوجة0 كان علي ان أخبرك0
- ولكنك لا تلبسين خاتم زواج0 هز رأسه مذهولا0: لا يمكنك ان تكوني متزوجه منذ زمن 0 كم يبلغ عمرك بحق السماء ؟
- حوالي العشرين سنة0
سألها:
- وكم مضى من الوقت علي زواجك؟
- ثلاثة أشهر0
- فقط ! وترافقينني هذا اليوم؟ هذا جنون 000منذ ثلاثة أشهر الن يغضب زوجك؟ هل هو مسافر؟هل يعمل خارج المدينة؟
- علي مهلك يا دنكان 0 لقد وصلنا البيت0
اوقف السيارة الي جانب الطريق واضاء النور الداخلي للسيارة0
- هل زوجك يعمل خارج المدينة؟
- لا0 انه يعمل هنا في المدينة ولكن لايهمه اذا خرجت مع صديق لي 0 لا تصعق نحن نعيش علي الطريقة الحديثة و انا وزوجي متفاهمان هو لديه صديقاته وانا لدي اصدقائي0 لن يمانع زوجي في حضورك الي المنزل للعشاء معنا متي أردت0
صمت دنكان0 كان يفكر0 لم يجد كلمات ليقولها0
القمر يغمر الوادي بنوره 0 بقيت ساره صامتة لفترة وهي تنظر الي الأثار في الهيكل والجبال الهادئة 0 غمرها السلام والهدوء0
من الغريب كيف يؤثر فيها هذه الأماكن الأثرية ترى هل تؤثر علي الأخرين بالطريقة نفسها؟ لقد وفق اليونانيون القدماء بأختيار هذه المنطقة لألعابهم الأولمبية 0 انها تختلف كثيرا عن الأماكن الوحشية في ابوللو في دلفي , كما أخبرها رالف0 المناطق التي تقع تحت سيطرة ابوللو المتعجرف المتكبر الذي يمثل الرجولة0 اما هذه المناطق الرقيقة فهي تمثل الأنوثة0 انها حيرا زوجة الرمز زيوس منطقة خضراء بين البساتين , ترمز وتجسم رأي اليوناني بالمرأة وكيف يجب ان تكون 0 شعرت ساره بأختناق في حنجرتها وهي تتذكر شعورها حين زارت هيكل حيرا برفقة رالف وتذكرت اسئلته لهاوهو لا يخفي سخريته حين قال:
- هل أثر فيك هذا المكان؟ هل تمنعك كبرياؤك من الأعتراف بضعفك؟ تذكرت ساره كيف أحست كأن الحرية دخلت قلبها0 لماذا اخذها الي الهيكل؟ هل أراد ان يذكرها بأنوثتها ؟ هل رغب ان يعرفها كيف يجب ان تكون المرأة الحقيقية رقيقة وهادئة, نفد صبرها وطوت افكارها جانبا0 في الفترة الأخيرة اصبحت معتادة علي السرحان في أفكارها, خيالاتها تستوعب قسما كبيرا من حياتها اليومية0 ترى هل خطط رالف لزيارتها للهيكل لأنه يهتم بها؟ لا, لا يمكن0 كان دائما يفهمها عدم اهتمامه بها كأمرأة او كزوجة 0 لا تهمه تحركاتها ولا سلوكها , قطع دنكان افكارها قائلا:
- يجب ان اعترف الآن انني شعرت بشئ غريب معك0 لقد أمضينا اليوم بطوله سوية , وكنا سعداء برفقة بعضنا ولكنك لم تخبريني أي شئ عن نفسك0
- وانت ايضا لم تخبرني أي شئ0!
- تعرفت الي شقيقتي وصهري , وعرفت انني اعيش مع والدتي0
لماذا أخفيت خاتم زواجك؟
قالت حزينة:
- ظننت انك لا ترحب بمرافقتي لو علمت انني متزوجة0
- هذا صحيح , ربما اكون عابثا ولكنني ابتعد دائما عن المرأه المتزوجة0
- ولكننا امضينا يوما جميلا بالرغم من ذلك , لو لم اترك خاتم زواجي في البيت لافتقدنا كلانا متعة هذا اليوم0
هز رأسه مذهولا0 لا تعليق لديه علي قولها لكنه عاد وسألها:
-هل تقولين الحقيقة؟ زوجك لا يمانع في اختلاطك برجال آخرين ؟ أي نوع من الرجال هو؟
- انا لا اذهب مع الرجال, هذه اول مرة اخرج فيها مع رجل آخر0 لقد قبلت الخروج معك لوجود صهرك وشقيقتك من ضجري0
- ضجرت بعد ثلاثة اشهر من الزواج ساره أشعر وكأنني وقعت في فخ0
قالت بصوت خفيض:
- لا 0لاشئ من هذا القبيل0 يصعب علي التفسير0 انك رجل غريب وسوف لن أراك مرة ثانية0
- ولكنني أريد ان أراك مرة ثانية يا ساره بالرغم من كل ذلك انا اعرف الضجر ايضا0 حين اتعرف الي فتاة يتبدد ضجري0 انا صادق عندما قلت ان هايلي شقيقتي ومانولي زوجها يحبان بعضهما كثيرا وانا بينهما كالعزول , الآن نحن أربعة حين نخرج و ارجوك يا ساره لا تقولي انك لن تريني مرة ثانية 0 اذا كان زوجك كما تقولين لا يهمه000ياألهي ! ساره انا لا أصدق 0 انت جميلة وفاتنة ولطيفة 0 سأجن من الغيرة لو كنت زوجتي000انا لا أحتمل ذلك! أي نوع من الرجال هو زوجك؟ هل هو غير كفء000احمر وجهه خجلا ثم اعتذر0 لا أستطيع ان أقول ذلك لأنه من الواضح انك تحملين له بعض المحبة0
- هل تسألني ان كنت أحبه؟
- لا يمكنك0 والا لما خرجت بصحبتي , هناك بعض الغموض, اليس كذلك؟ هل أكتشفت ان زواجك غلطة ؟ هل انت غير سعيدة؟
- قلت لك انه يصعب علي شرح هذا الأمر يا دنكان0 قالت بلهجة قاطعة0لا يمكنني ان اتكلم عن هذا الموضوع 0 عليك ان تنساه كليا, عنيت ما قلته بشأن دعوتك الي العشاء عندي في المنزل , سأخرج معك حين تكون هنا في عطلتك0 واذا كان الوضع لا يعجبك نودع بعضنا الآن0
- لا0 لا أستطيع0
ابتسمت ساره0 كل الرجال لديهم كرامة وكبرياء ولا يمكن خداعهم, ولكنهم أكثر خداعا من المرأة 0 كاد دنكان يخبرها انه يحبها, زواجها كان ضربة غير متوقعة له , هي تفهم انه يعبث معها وسينساها حين تنتهي عطلته ويرحل وسينساها كما نسي العديدات قبلها0انه شاب وسيم ولطيف, وسيكون زوجا صالحا لأمرأة أخرى غيرها 0 وبعد الزواج سيعاود مغامراته السابقة وعبثه مع الجنس الآخر بينما تبقي زوجته سجينة المنزل والأطفال وأعمال البيت المضجرة 0 متي تتعلم المرأة؟ سألته:
- حسنا يادنكان0 ماهو موقفك؟
- كم أعصابك باردة, لا اعرف بماذا أجيب0
- هكذا يقول زوجي عني0 ضحكت ببرود0 ماهو رأيك؟
- سنخرج سوية طوال مدة بقائي وهي ثلاثة اسابيع 0 ولكنني اقبل دعوتك لنا للعشاء , انا فضولي واريد ان اتعرف الي زوجك الغريب الأطوار0
اتفقا علي ان يتقابلا في التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي0
لف ذراعه حولها وقربها اله وقرب وجهه من وجهها ثم ترتجع وقال:
- انت تعرفين يا ساره ان في خروجك معي وقاحة وجرأة ولكني خائف من عناقك0 اتعجب اذا كنت ستصفعين وجهي لو فعلت؟
فتحت باب السيارة وخرجت مسرعة:
- عليك ان تنتظر الي الغد لتكتشف ذلك0
ضحكت واغلقت الباب خلفها وركضت الي مدخل البيت وقد شعرت بدوار خفيف في رأسها وبعض الجمود0 كان رالف يجلس في غرفة الجلوس0 لم يلتفت اليها حين دخلت , وجهها أحمر ونفسها مقطوع , تجاهله لدخولها جعل غضبها يشتد0 قالت:
- كنت في الخارج0
جلست علي كرسي امام الأريكة 0 لم يبد رالف أية ملاحظة0كررت قولها بصوت مرتفع0
قال بهدوء:
- سمعتك من المرة الأولى0
- الا تريد ان تعرف اين كنت؟
- لا 0لاأعتقد 0 لا يهمني0
- عملت بنصيحتك ووجدت لنفسي صديقا!
قال وهويتفحص وجهها الممتقع:
- هذا سيجعل الحياة اكثر راحة لك0 هل انت مريضة؟ لمعت عيناها شررا واختنقت بالغضب وخيبة الأمل0 هو لا يهتم لما تفعل وهي تفضل ذلك0
- لا0 انا بصحة جيدة, سأخرج معه غدا وسنمضي اليوم بكامله في الخارج0
- حسنا0 صفق لها: التغيير ينفعك0 وضع يده علي فمه وهو يتثاءب: سأذهب لأنام0 ضحك وقال: مساء الخيريا ساره0 نامي جيدا 0 هل اطلب من مرتا ان توقظك باكرا ام تستيقظين لوحدك؟
قال ذلك وخرج 0 رمقته ساره بنظرة قاسية 0 ثم ركضت خلفه وقالت بغضب:
- طلبت منه أن يزورني في البيت000 وسيحضر للعشاء غدا0
بدأت تتمسك بالكرسي لأن رجليها بدأتا ترتجفان0 لابد انه تأثير الشراب عليها0
- أهلا وسهلا0 سأجلب أديل , انتظري , لقد عملت معها ترتيبات أخرى0 في كل حال أسأليه أن يحضر في ليلة أخرى وأخبريني قبل الوقت المحدد0
- ألا يهمك أنني أخرج مع رجل غيرك؟
- أنا لا أهتم0 ولماذا أهتم ؟ أنت لا تعنين لي أي شئ, ما أغرب ما تقولين يا ساره0 ظننت أننا متفاهمان في مواقفنا هذه0 انت لك طريقك , وأنا لي طريقي0 كنت سعيد في حياتي قبلك ولا أنوي أن أغير من نمط حياتي الآن0
- ولكننا متزوجان0 شعرت كأن رأسها ينخلع0 كل شئ يدورحولها: نحن متزوجان0 كررت قولها وضربت الأرض برجلها : هل تسمع؟
شعرت انها ستبكي , لابد وأن هذا الشراب اللعين يجعلها كئيبة ولاحظت اهتمامه بها الآن0 بدأ يتفحصها بتمعن كأنه ينتظر أن يحدث لها شئ ما, سوف لن يرى دموعها , لقد هددها بأنه سيجعلها تبكي000لا لن يفعل! كان رالف ينتظر ويضحك لانتصاره عليها ليتشفي منها, ستخيّب أمله0
- نعم نحن متزوجان0 قال بهدوء : متزوجان بحكم الضرورة والظروف 0 زواجنا لا يعني أي شئ لنا 0 أنا لدي أديل , وكما كررت لك انها أفضل منك بكثير0
كان رالف لا يزال يقف وقفة انتظار0 ينتظر حدوث شئ ما لها,ربما ينتظر تأثير كلماته الجارحة عليها0
- أنا أكرهك 0 قالت يحزم كأنها تتمتم : وسأظل أكرهك طول العمر0
أمسكت الكرسي بيدها خوفا من الوقوع 0 سألها بغضب:
- أين خاتم زواجك؟
قالت:
- خلعته0 هو لا يعني لي أي شئ0
تلا كلماتها هذه صمت غريب0
-نعم0 وافقها رالف : نعم يا ساره انه لا يعني أي شئ0
بقيت ساره وحدها وقد ملأت الدموع مآقيها وهي تسمعه يغلق باب غرفة نومه0

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313  
قديم 10-08-09, 09:34 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



6- زوجك رجل مجنون


فتحت ساره عينيها في صباح اليوم التالي وأعادت اغلاقهما 0
- رأسي سينفجر 0 ضغط كبير فوق رأسها, أدارت رأسها فوق الوسادة
تحاول ان تخفف الضغط عن رأسها,لم تشعر براحة0
جلست في فراشها ووضعت يدها علي عنقها 0 قال لها دنكان ان لا تشرب بدون طعام ولكنها لم تعتقد ان كأسين فقط من الشراب سيتعبانها بهذا الشكل الفظيع0 كم من الوقت ؟ انها الثامنة والنصف , لا تستطيع الذهاب لموعدها مع دنكان , كيف ستخبره بقرارها ؟ مشت الي الحمام 0 غسلت رأسها بالماء البارد 0 لم يتحسن الوجع الا قليلا0
نزلت الي غرفة الطعام حوالي التاسعة صباحا0 كان رالف قد انتهى من الفطور ولكنه ما زال يجلس الي الطاولة يقرأ رسالة0 نظر اليها ببرود وقال:
صباح الخير 0 كان مهذبا ولم يلتفت اليها بل أكمل قراءة رسالته, بعد فترة قصيرة عاد ينظر اليها بتفحص وسألها:
-هل رأسك ثقيل؟
-نعم0 لقد شربت البارحة0
جلست الي الطاولة ولم تتناول شراب البرتقال الموضوع امامها0
- كم كأسا شربت؟
- أثنين فقط0
كرر سؤاله:
- لا تكوني سخيفة , كم كأسا؟
- قلت لك أثنين 0 ولكنني لم اتناول أي طعام مع الشراب0
- كيف تفعلين ذلك؟ كيف تركك صديقك العابث ان تفعلي ذلك ؟
بدأت تشتعل بالغضب حين اشار الي دنكان بدون اكتراث وهو يصب لنفسه فنجانا من القهوة بدون ان يعرض عليها0 لو كانت أديل أمامه لكان اهتم بصب فنجان من القهوة لها0
- لقد نصحني بتناول الطعام مع الشراب, هل لك ان تناولني ابريق القهوة؟
- تفضلي0 وانصحك ان تبتعدي من الآن فصاعدا عن الشراب0 انه لا يناسبك0
اعطاها ابريق القهوة0 صبت لنفسها نصف فنجان وسألها:
- هل ستخرجين اليوم؟
قالت بلهجة متحدية:
-نعم سأخرج0
قال يحذرها:
- انتبهي 0 لا تخاطبيني بمثل تلك اللهجة 0 لقد أنذرتك من قبل 0 كونك زوجتي لا يضمن لك الأمان في مخاطبتي بهذه الطريقة بل علي العكس0
عيناه السوداوان تقدحان شررا اكثر من بريق عينيها 0كلماته لم تؤثر بها اطلاقا0 بل علي العكس اثارت غضبها لدرجة انها تمنت لو تصفعه بيدها0
اكمل قوله:
- اتمني ان تكوني قد غيرت رأيك بشأن الخروج وانصحك بأن تعودي لفراشك لساعة أو أثنتين 0
- شكرا لنصيحتك0 ولكنني سأخرج0
كانت ساره قد غيرت رأيها بالخروج, ولكنه استفزها لتتصرف عكس ما نصحها0
-انا حرة في ان افعل ما اريد0
قال بهدوء وحزم:
- اذا قررت ان تبقي في الفراش 0 فستبقين0
قالت:
- ولكن انت لا يهمك ان خرجت او بقيت!
- قلت انك حرة التصرف0 تفعلين ما تشائين 0 شرط ان تكوني متسترة0 تناولك الشراب ليس عملا متسترا, هل نسيت ما قلت لي الليلة الماضية0 تذكري0
احمرت وجنتاها خجلا خفضت عينيها 0 كانت تتمنى لو ينسى ماقالته له, لقد ذكرته بأنهما زوجان وسألته ما اذا كان يهتم لوجود صديق في حياتها0 شعرت بالذل وهي تنظر الي عينيه 0 لو انها لم تشرب ؟لن تشرب مرة ثانية حتى لا تتلفظ بأشياء مخجلة فتصرفها جعل زوجها يظن بأنها تحاول ان تجعله يغار عليها , وهذا ما لا ترغب فيه ابدا,قالت:
- شربت كأسين فقط0
- هذا أكثر مما تتحملين 0 لا اريد ان تحضر زوجتي الي البيت بهذه الحالة , انتبهي في المستقبل0
كان يتكلم بكبرياء وأنفة0 طريقته الباردة في تجاهلها قد اختفت كليا, ويبدو عليه بعض الأضطراب 0 هل من الممكن ان يكون مهتما بما فعلت؟ ولكن لماذا يهتم ؟ وجودها في حياته لا يزيد عن وجود مرتا0 أو حتى أقل , ان مرتا تشتغل مقابل معيشتها0
- لماذا ؟ الم تقل لي انني استطيع ان افعل ما اريد 0 وهذا ما سأفعل0
- قلت ذلك اذا كنت متسترة بأفعالك 0 لا أسمح لك ان تتحديني يا ساره0
- انت لا تسمح0 لا تستعمل هذه اللفظة معي 0 قالت غاضبة:
لن يكلمني أي رجل يهذه اللغة 0 اظنك تعرفني جيدا فأنا لا أحتمل أي سيطرة من أي رجل ولو كان زوجي0
بدأ فمه يرتجف وينذر بالويل0 كانت مستعدة للمعركة ولكن وجع الرأس والتشنج في عنقها جعلها ترتبك0 وضعت يدها فوق رأسها بعفوية ثم تذكرت موعدها مع دنكان خارج المتحف0 راقب رالف حركتها وبدلا من الكلام الجارح الذي كان يتبادله معها نصحها مجددا في ان تعود لفراشها لتستريح ساعة او اكثر 0 عنيدة ومشاكسة, بالرغم من ألمها اخبرته انها ستخرج لموعدها ولن تأخذ بنصيحته0 قال بحزم:
- حسنا ستبقين في المنزل اليوم ولن تخرجي لأنني أنا أقول ذلك0
رفت عيناها قليلا0 حدقت فيه00كان جسمها يرتجف غضبا0حدّق رالف بها بوحشية مما اضطرها ان تخفض عينيها قليلا0 لم تغلب بعد0 قالت:
- لا أعتقد ذلك0 لدي موعد وسأحافظ علي موعدي0
- سوف نرى0
طوى رالف رسالته ونظر اليها متحديا0
- وكيف تقترح ان تبقيني0
رفعت رأسها تسأله ولكن الألم كان موجعا0
- سأقفل علي ثيابك000هي ليست فكرة جديدة, لقد نفذتها سابقا0انها طريقة بسيطة ولكنها فعالة فأنا أحب الخطط البسيطة0
- في المرة السابقة لم أكن مستعدة فاجأتني!
-الآن انا انذرتك مسبقا 0 كيف ستتصرفين ؟
- هل تعتقد انك تستطيع ان تبقيني في البيت؟
- اذهبي الي الفراش قبل ان أفقد السيطرة علي أعصابي0
بدأت الغرفة تدور بساره0 وضعت يدها مرة ثانية علي رأسها بدون وعي 0 ما أبشع ما تشعر به , ليس لديها النية في الخروج ولكن كيف ستقنع رالف بأنها باقية بأرادتها وليس لأنه اجبرها0 ماتزال تعارك , وقف رالف مهددا:
- انك تصرين علي امتحان صبري0 منذ اول عراك لنا أجبرتك علي تنفيذ أوامري , ماالذي يجعلك تعتقدين انك تستطيعين مقاومتي الآن؟ قلت لك بأنك ستبقين في الفراش وهذا ما ستفعلين 0 اذهبي فورا قبل أن أحملك بنفسي0
- ستكون مهمتك صعبة!
- بدون شك ولكن هل تعتقدين ان قوتك تعادل قوتي؟
لم تجبه0 شعرت بضعفها حتي علي الكلام 0 لم تعد تهتم لأي شئ0 وكل ما كانت ترغب فيه هو الفراش وحبوب مهدئة ليذهب عنها ألمه 0 تمتمت بضعف وتركت الطاولة وقالت:
- سأصعد لغرفتي0
وهي في فراشها, كان رالف يحمل لها حبة الدواء المهدئة مع الماء0 قالت بترج:
- هل تخبردنكان بمرضي؟ انه ينتظرني خارج المتحف0
- سأرسل جورج فورا0 حاولي ان ترتاحي وانتبهي لنفسك في المرة المقبلة0
لم تلاحظ اختلاف لهجته0 كانت تنظر اليه بأستكانة 0 بدا وسيما بالرغم من قساوته الموروثة , في ملامح وجهه وفي عينيه نظرة المتشرد الخارج علي القانون 0 كان صوتها ضعيفا طفوليا وهي تقول له :
- لا بد وانك تهتم بي قليلا بالرغم مما تقول0
- لماذا؟ وهل ذلك ضروري؟
-انك تهتم بي000تريدني ان ارتاح واشفى من المي واوجاعي0
- من أجل ذلك وصلت الي هذه النتيجة ,انني مهتم بك, اعتذر لأنني سأخيب املك0 لكنني لا أهتم بك أكثر من اهتمامي بك يوم تزوجتك يا ساره , لقد جعلتك تبقين في الفراش فقط لأنفذ أوامري , وافرض سيطرتي عليك , انك دائما تطلبين مني اخضاعك 0 طباعك المتعجرفة والمتحدية تجعلني مستبدا 0 انا لن أكون كخطيبك رودي بدون عامود فقري , لن أسمح لك بتنفيذ رغباتك قبل رغباتي , واذا تماديت في تحدياتك ستنتظرين مني دائما ان ارد لك التحدي بأكثر منه0 هز رالف رأسه مسرورا: انا لا أهتم لما تفعلينه ما دمت تحترمين سيادتي عليك0 هذا ما لم تتعلميه بالرغم من الدروس المكررة0 حياتك ستكون ابهج عندما تتعلمين ان تحترمي سيادتي0
اغمضت ساره عينيها, ارادت ان ترد له الصاع صاعين ولكن قواها خارت وقالت:
- هل تطلب من جورج ان يدعو دنكان للعشاء الليلة؟ انا لا ارغب في العشاء لوحدي0
-سأهتم بأيصال هذه الرسالة له0
ذهب رالف الي النافذة واغلق الستائر حتي لا تدخل الغرفة اشعة الشمس 0 ثم ترك الغرفة بصمت0
كان الحر شديدا والسماء خالية من الغيوم 0 ورالف يجلس في الحديقة تحت ظل العريشة وكذلك ساره ومعها اشغال الصوف تتسلى بها 0 احضر جورج لها عصير الفاكهه المثلج 0 شربت العصير وهي تسمع أزيز الحصاد وازيز النحل
المتطاير حولها وسط الأزهار والعليق0
اخبرت ساره رالف انها تنوي دعوة اصدقائها الجدد للعشاء في الليلة المقبلة0 رفع رالف نظاراته الشمسية عن عينيه ونظر اليها متعجبا0 سألها:
- هل هم ثلاثة؟
اجابته:
- نعم دنكان وشقيقته هايلي وزوجها مانولي, هو يوناني وهي اجنبية , حضرا للسكن في اولمبيا مؤخرا, دنكان في عطلة لثلاثة أسابيع فقط 0 نحن نخرج سوية0
قال وقد اتسعت عيناه سرورا:
- انتم سوية!اعتقدت انك تخرجين مع دنكان منفردين , لماذا لم تذكري الآخرين0
- انهم طيبون , ستحبهم حين تتعرف اليهم غدا مساء0
كانت ساره نادرا ما تجد الفرصة للتكلم معه , فغالبا ما يكون مشغولا بمكتبه او في الخارج0
- ماهو تفسيرك للعلاقة التي تربطنا ؟ لابد انهم تعجبوا كيف اسمح لك بأن تعاشري رجالا غيري0
-لماذا تستعمل هذه اللفظة , هذا لا ينطبق علينا0 انت لا تسمح لي بل انا افعل ما اريد0
- لأنني اسمح لك انا بذلك0 قال مسرورا: حالما تتقبلين الوضع علي حقيقته ستشعرين بالراحة والسرور0 اذا قررت انني لا اريدك ان تخرجي مع غيريعندئذ لن تخرجي , يمكنك ان تهزي رأسك قدر ما تشائين ولكنك في داخلك تعرفين انني انا الذي افعل ما اريد ولست انت 0 أنا سيد البيت0
ازداد غضبها ولكنها رغبت الصمت , فهي لا ترغب في تعكير صفو هذه الساعة , علي التلة اطفال يلعبون ويضحكون يجمعون الزهور لبرية ويتصايحون وتذكرت اشغالها الصوفية التي تحيكها وبدأت تعد الأدوار0
-لو سمعك والدي , وانت من آل لينغارد, تخاطبني بهذه اللهجه سيصر علي ان اتركك0
- هذه الخصومة بين العائلتين ! الا تعتقدين ان الوقت قد حان لننساها ؟ انا نسيتها0
- من المؤسف انك لم تكن تؤمن بذلك قبل ثلاثة اشهر 0 كنا كلانا بوضع افضل0
- اوافقك الرأي 0 ولكننا لا نستطيع الآن ان نفعل أي شئ , علينا ان نعتاد الوضع الجديد0
سألته وقد بانت خيبة املها:
- لن تستطيع البقاء مساء الغد للعشاء؟
قال بلهجة قاطعة:
- لدي مشاريع أخرى0
كان يراقب ردة فعلها ويتفحص وجهها كأنه يفتش عن شئ000
هزت رأسها قليلا 0 مالذي يفتش عنه زوجها , ستعرف يوما ما بدأت تحيك الصوف وشعرت بنظرة رالف الضاحكة وحبست انفاسها0 كان شكله جذابا0
- أذا مر بنا غريب , سيقول اننا زوجان سعيدان0 كم المظاهر غشاشة ! لقد حاولت ان تفهميني انك لا تحبين انجاب الأطفال0
- هذاليس لي 0 انا لست متلهفة لأنجاب الأطفال,
هذا الثوب الصغير هو لصديقتي فاليري , التقيتك يوم زفافها0
قال مسرورا:
- كم تدهشينني دائما يا ساره!
- لماذا اعتقدت انك تفهمني جيدا بعد هذه العشرة0
- انا اتعلم القليل مما ارى0 لم اكن اصدق انك تتعبين نفسك في الحياكة اليدوية من أجلها0 علي العكس كنت أظنك ستذهبين لأكبر المخازن وتشترين لها أغلى الهدايا لها0اي انك تتبنين اسهل الطرق0
- افعل ذلك مع بعض الصديقات ولكن ليس مع صديقتي المخلصة فاليري , انها عاطفية ورومانسية وجميع ملابس طفلها مصنوعة باليد0
- وانت؟ هل ستحيكين لاطفالك؟
راقب الأحمرار يعلو وجنتيها0
- ليس هناك الآن اي امكانية لأنجاب الأطفال لذا لا استطيع ان ابحث هذا الأمر0
- انت علي حق , لا لزوم لهذا السؤال0
غير رالف الموضوع واشار الي العشاء غدا اذا كانت ترغب في الطبخ بنفسها للضيوف ام ستترك الأمر لمرتا وجورج0 قال:
- لا أستطيع ان اراك توسخين يديك بأعمال المنزل0
- ربما اقوم بتنسيق الزهور0 قالت بلطف 0 وربما ارتب الطاولة للعشاء0
بقي رالف للعشاء, وذهب باكرا بعد الظهر واحضر أديل معه0
احتارت ساره بأمرها, ماذا سيظن المدعوون بهذا الوضع الشاذ0 لم تزعجها ردة فعل دنكان ولا شقيقته ولكن مانولي كان مرتابا ومزدريا لفكرة دعوة صديقة رالف للعشاء معهم , كانت ساره واثقة من ان احدا لن يحزر من تكون اديل بالنسبة الى رالف وان قلقها بدون اساس0
كانت اديل جميلة للغاية في فستان قطني ابيض بدون اكمام وقبتة عالية ,شعرها الأسود يلمع كالحرير فوق كتفيها 0 دخلت وسلمت علي ساره ثم مشت مع رالف الي الحديقة وجلسا في زاوية منعزلة تحت ظل الأشجار ولم ترهما ساره الا وقت الشاي0
تناول الثلاثة الشاي حول طاولة صغيرة في ظل العريشة وكانت ساره تحاول ان لا تبقى خارج الحديث بينهما او تبدو كأنها دخيلة عليهما, تتحدث وتثرثر وتحاول جاهدة ان تبدو طبيعية ورالف يبدي كل اهتمامه بأديل 0 صمتت ساره في النهاية وبدأ الغضب يملأ كيانها0
كانت أديل لبقة ومهذبة في معاملتها لحبيبها , تصرفاتها طبيعية لا اصطناع فيها وحاولت ساره ان تفتش عن أسباب غضبها عبثا0
تصرفت اديل في البداية بكياسة مع ساره , وبعد قليل اصبحت باردة لدرجة الوقاحة
ووجدت ساره نفسها مهملة لأن اديل كانت تتمتع بكل اهتمام رالف الذي بدأ كأنه يحبها 0 وكان رالف راضيا عن معاملة اديل لزوجته مما
زاد في غضب ساره التي شعرت بأنه عليها ان تجد الفرصة الملائمة لتتركهما بدون ان يبدو كأنهما جعلاها تترك,
استأذنت ساره, بعد قليل,ودخلت البيت 0 يوما ما , ستنفرد بأديل وستريها من تكون ! كانت ساره تتوعدها وهي تفور وتغلي من شدة غضبها0
وصل دنكان وشقيقته وصهره باكرا0 نظرت هايلي الى اديل وصرخت مدهوشة ومسرورة 0 انهما صديقتان حميمتان من قبل ان تتزوج هايلي
, كانتا تعملا سوية في مكتب للشحن في أثينا0 التقت هايلي بمانولي هناك وبعد أشهر قليلةتزوجا ورحلت هايلي لتسكن مع زوجها في بيريه , تراسلت الصديقتان لفترة وجيزة بعد زواج هايلي ثم انقطعت الأخبار بينهما0
- أوه0 هذا مدهش! صرخت هايلي فرحة وهي تعانق اديل 0مانولي عزيزي هل تذكر صديقتي اديل؟
ثم عرفتها ايضا بشقيقها دنكان الذي امسك بيدها وشد عليها لفترة طويلة 0 تبسم مانولي لأديل وانحنى لها بأدب وهو يقول انه سعيد بلقائها مرة ثانية وتابعت هايلي:
- تصوري ان القاك هنا! لم تستطع هايلي ان تكتم سرورها للقاء صديقتها الحميمة 0 ساره لماذا لم تذكري لنا اديل من قبل؟ قلت انك لم تعثري علي صديقة بعد!
- انها ليست صديقتي, اديل ابعد ما تكون عن صديقتي0
كانت ساره غير مسرورة لهذا اللقاءبين الصديقتين 0 يبدو ان اديل ستكون محط اهتمام الجميع هذه الليلة بمن فيهم رالف 0 عضت ساره علي شفتيها وهي تتذكر حالها في السابق , حين كانت هي موضع اهتمام الجميع في اية حفلة , قبل حضورها الى اليونان, كانت تتمتع بشعبية كبيرة والكل يرغب بصداقتها او وجودها في الحفلات والسهرات 0 التقت عيناها رالف وقرأت رضاه عن الوضع, فأحست ان غضبها يتضاعف 0 هل هي نادمة؟ ليس تماما , كراهيتها لأديل لا وجود لها لكن لماذا تشعر نحوها بالعداوة؟ عداوتها لأديل تعود فقط لأن الفتاة التي تكبرها هي صديقة رالف زوجها , ولا يحق لها ان تعادي هذه الصداقةبينهما0 كانت الصداقة تجمعهما قبل ان تلتقي هي رالف وهي صداقة متينة مبنية علي الحب بينما علاقتها بزوجها رالف مبنية علي الكراهية وقلة الأحترام والأزدراء0 لقد عرض رالف عليها الزواج لينقذ والدهامن الموت او ربما ليطيل عمره وهي تضحية قام بها رالف , اثقل نفسه بهذا الزواج وتخلى عن حريته000ولكنه المسؤول عما حدث , لو لم يتدخل في حياتها لما حدث ما حدث0


انحسر غضبها تدريجيا , تأملاتها اليومية تؤثر فيها وتجعلها اكثر تهذيبا ولينا, هل بدأت بالفعل تلين؟ لا0 لا يمكن , ليس هي ؟ وبالتأكيد هناك بعض التغيير في طباعها000
احست ساره بعيني دنكان تحدقان بها ثم حول نظره لناحية رالف 0 لقد تفاجأ , كان ينتظر زوجا ضعيف الشخصية لا يستطيع ان يتحكم بتصرفات زوجته ابتسمت له ساره0 ثم التقت نظراتها بنظرات رالف , كان يبتسم ايضا0 ضحكا سويا لقد تفاهما لأول مرة قال رالف هامسا:
- هل حاولت ان تخدعيه عن قصد00وتقولي له انني اشبه رودي؟ هزت ساره رأسها نفيا: انا لست مقتنعا 0 ربما سأقصصك وامنعك من العبث معه من جديد0
أجابته باسمة:
- عندئذ سأعترض انا علي غرامياتك0
- اعترضي علي كيفك , اذا كان ذلك يسعدك 0 قال ضاحكا : حسنا يا ساره 0 لو لم اكن اعرفك جيدا لقلت اني اشتم بعض الغيرة من كلماتك0
الغيرة ! كانت ساره تفكر بأن ترد له كيده ولكن اديل ارادت ان تحول انتباه رالف اليها ورمت ساره بنظرة توبيخية كأنها تقول لها ان رالف ملكي لوحدي0
حول مائده الطعام انهمك رالف بالحديث مع مانولي0 كانا يعلرفان بعضهما بالشكل وهما متشابهان في الميول والعمل 0يعمل مانولي في تصنيع الزيتون وبساتينه لا تبعد عن بساتين رالف في سهل ماسينيا حيث ينمو الزيتون الأسود وبعض الثمار الأخرى0
كان العشاء ناجحا 0 لم تشك هايلي ولا زوجها مانولي في العلاقة التي تربط رالف مع اديل وكان دنكان يراقب الجميع طوال السهرة متعجبا0 لاحظت ساره عليه العبوس عدة مرات 0 ربما رالف يتصرف مع اديل بحذر شديد,وهايلي لا تصدق ابدا ان صديقتها اديل تعيش مغامرة غير شرعية0 بعد رحيل دنكان وصهره وشقيقته ركز رالف اهتمامه علي اديل, قررت ساره ان تذهب لغرفتها , فتمنت لهما ليلة سعيدة وأستأذنت 0 كانت قد وصلت الي الباب حين سمعت اديل تطلب من رالف ان يحضر لها حقيبتها من السيارة 0 نظرت ساره اليهما وهي لا تصدق ما سمعت, وجدت صعوبة في الكلام0 سألت:
- أديل ستنام الليلة هنا؟
قال رالف بوضوح:
- طبعا 00الوقت متأخر كي اوصلها لمنزلها0
- لكن000
لم تستطع ساره ان تكمل كلامها 0 كانت تفهم العلاقة التي تربطهما , واحست بأنها الغريبة بينهما 0 هذه المغامرة تبدو غير حقيقية ولكنها لم تستطع ان تتخيل ما يجري حقيقة بينهما0بقاء اديل لتمضي الليلة هنا اعطى هذه العلاقة نوعا من التأكيد علي حقيقتها, ولماذا تهتم ان بقيت اديل؟ هل كانت تبقى في مناسبات سابقة؟ بلا شك0
- نعم يا ساره0 ماذا كنت تقولين؟
وضع رالف ذراعه حول خصر اديل كأنه ينتظر خروجها كي يتعانقا0
-لا0لا شئ000
بقيت ضحكة اديل ترن في اذن ساره وهي تخرج من الغرفة وبقي صداها في اذنيها طوال الليل 0 لقد جافاها النوم وبقيت تتقلب فوق الفراش بدون ان يغمض لها جفن0
ماذا سيظن بها جورج او زوجته مرتا ؟ هما يعرفان علاقة رالف بأديل0 هل كانت اديل تنام هنا في المنزل من قبل؟ حاولت الأجابة عن هذه الأسئلة بدون جدوى , ما أغرب هذا الموقف 0 هي تنام في غرفتها وحدها وزوجها ينام مع اديل000تلركت ساره غرفتها في الصباح ونزلت لتشرب قهوتها 0 لماذا تهتم؟ هل من المعقول انها تريد رالف لنفسها, لا , لتأخذه اديل لا فرق لديها , لكن شعورها بالخزي والعار هو الذي يزعجها , موقف الزوجة المهانة000لن تحتمل اكثر, وستخبره بنفسها , لن يستطيع ان يذلها اكثر 0 كان رالف واديل يتناولان فطورهما حين دخلت ساره واخذت مكانها الي الطاولة0
- صباح الخير0
- صباح الخير يا ساره0 قالت اديل بدون أي شعور بالخجل 0 هل اساعدك في تناول أي شئ؟
تجاهلتها ساره وهي تشعر بالمذلة تغمرها0 لا بد وانهما محرجان من وضعهما , كانا يضحكان ويثرثران ولم ينزعجا من دخولها 0 هما وقحان000دون ذرة لياقة! شعرت ساره بالمرض ولم تستطع تناول أي طعام , تركتهما لشأنهما ووقفت مسرعة بدون ان تترك لرالف مجالا لأي سؤال0 وهي في طريقها لغرفتها مرت بالغرفة الأضافية, كان بابها مفتوحا , نظرت الي داخل الغرفة ورأت مرتا تبدل شراشف السرير0 سألتها مستغربة:
- ماذا تفعلين هنا؟
- انا اغير شراشف السرير0
- وهل نامت الآنسة اديل هنا؟
قالت مرتا:
- نعم يا سيدتي0
سألت ساره مترددة:
-هل كانت اللآنسة اديل تنام هنا من قبل؟
- لا ياسيدتي, لم يكن هناك زوجة , ذلك غير معقول ولا مقبول!
تنهدت ساره بأرتياح 0 دخلت غرفتها واحضرت حقيبة يدها ونظاراتها الشمسية, ستخرج لتلتقي دنكان بعد نصف ساعة خارج المتحف , سترتب واياه كيفية تمضية النهار0
- ملنولي وهايلي يستريحان اليوم0 قال دنكان حين التقاها: نحن وحدنا0 هل لديك أي مانع؟
- لا 0 ابدا0
سارا الى السيارة0 قررا ان يقوما بنزهة الي الشاطئ الغربي ويتعرفا الى المدن هناك 0 الطريق مزدحمة حيث موسم السياحة في أوجه 0 مرا بطريق جميلة عبر البولوبرنيز 0 توقفا في القرى الصغيرة واحيانا تمشيا بدون سيارة في ظل الأشجار الوارفة0
- انظر 0 الرجال يركبون الحمير والنساء يمشين وفوق رؤوسهن السلال الثقيلة 0 هذا المشهد يجعلني اثور0 لماذا تتحمل النساء هذه الحياة القاسية؟
- هذه طريقتهم في الحياة 0 لا أظن ان النسوة يمانعن0
- لكن الرجال هم الأقوى بين الجنسين , لماذا لا يحملون عنهم هذا العبء0
- لا الومهم اذا استطاعوا ان يتهربوا من هذا العمل الشاق0 سأل دنكان وهو يمشي قربها 0 هل نتوقف لنشرب شيئا منعشا؟
- لا بأس شرط ان يكون خفيفا ومنعشا وليس كالسابق الذي يحتاج الي طعام0 ذاك الشراب لن اذوقه ابدا0
جلسا تحت ظل شجرة وارفة يشربان القهوة ويراقبان المارة0 هناك الحمير والمعز ثم العربات المليئة بالفاكهة والقش او حتى بعض العصي 0 طرقات القرية غير معبدة وهناك ثور أسود مربوط علي شجرة قريبة 0 الدجاج يسرح في الطرقات يفتش عن طعامه , بطتان اقتربتا منهما ثم غيرتا رأيهما وانضمتا الى مجموعة الدجاج 0امرأة عجوز تجلس على عتبة بيتها وفي يدها هاون نحاسي تدق فيه0 نظرت ساره اليها ترثي لحالها ثم رفعت رأسها عاليا كما فعلت في آثار سانت هيلدا في منطقة وثبي حيث كانت تحدث صديقتها فاليري قائلة: انها تفضل الموت على ان تقبل ان تكون سجينة لرجل000كتلك المرأه0
- ماهذه الحياة 0 لماذا تعيش هذه المرأة ؟ زوجها يشرب ويأكل في البيت مع اصدقائه0 جميع رجال اليونان لا يعملون , بل يمضون النهار في الراحة والأستجمام 0
قال دنكان مسرورا:
- لماذا انت مهتمة جدا بوضعهم الأجتماعي , انا اراهنك انهن قانعات بحياتهن 0
- لأنهن لا يعرفن سوى هذه الحياة!
- وضعهن يشابه ما كانت عليه المرأة في انكلترا في فترة زمنية سابقة0
- المرأة لا تتعلم 0 لماذا تترك نفسها ترتبط بالأرض كثيرا , حتى لو ولدت في اليونان لن أقبل هذا الوضع وسيعلم زوجي انني استطيع ان أحكم نفسي!
سألها بفضول:
- وهل ترين زوجك الآن انك تستطيعين ان تحكمي نفسك ؟ لا اعتقد ذلك يا ساره 0 فوجئت حين تعرفت اليه, لماذا يتركك على هواك؟ الا يحبك ابدا؟
- ماذا تقصد؟
- من الواضح انه ليس متيما بحبك والا لما كنت برفقتي اليوم 0
التفتت ساره الى المرأة العجوز 0 تابع دنكان حديثه: هل تحبينه يا ساره؟
- هذا سؤال شخصي قلت لك انه يصعب علي شرح هذا الموضوع0
- زواجك ليس طبيعيا0 هذا واضح0
- نعم يادنكان 0 انه ليس زواجا طبيعيا0
- هل هي اديل000مادورها؟ لقد أخبرتني ان لك اصدقاء ولزوجك صديقات 0 وعلى هذا الأساسافترض ان اديل هي صديقة زوجك 0 هناك نتيجة واحدة نستخلصها عندما تتعلق امرأة متزوجة برجل متزوج0
فوجئت ساره بما قاله دنكان 0 حدقت اليه بدون كلام ثم سألته متلهفة لأخباره:
- أديل متزوجة ؟ كيف عرفت؟
-اخبرتني شقيقتي هايلي , لقد تزوجت اديل وهي صغيرة جدا 0هي الآن منفصلة عن زوجها منذ اكثر من سنة0
لهذا السبب لم يتزوجا !رالف لم يتزوجها لأنها متزوجة وليس لأنه لا يؤمن بمؤسسة الزواج 0 تنهدت ساره من الأنباء الجديدة , كانت تفكر ان رالف سيضجر يوما من اديل ويهجرها و لأن حبه لها ليس حبا قويا يجعله يتزوج منها 0 الآن اختلف الوضعو رالف لن يضجر ابدا من اديل , حبه لها عميقا انها بدأت ترى لماذا لم يمانع في الزواج منها والتخلي عن حريته 0 حريته لا تعني له أي شئ ففتاته مرتبطة بزواج ولن يستطيع ان يتزوج بها ابدا , خيبة املها كبيرة 0 ولكنها لا تحب رالف الذي يحاول اخضاعها وترويضها , هي لا تحبه ولن تحبه ابدا وهو ايضا لن يحبها بل يكرهها ويمقتها ويشعر نحوها بالأزدراء 0 لماذا فكرت انه يوما سيهجر اديل وينسى حبه لها ويعود بعواطفه لزوجته؟ لا 0 لا تريده ان يفعل , لماذا تتعب نفسها بهذا التفكير العقيم0
حين وصلا في المساء دعت ساره دنكان لتناول بعض الشراب عندها في المنزل , قدم جورج الشراب لهما وهو ينظر بطرف خفي الي دنكان 0
- جورج لا يوافق 0 قال دنكان وهو يمسك كأسه : يعتقد انه يحق لسيد البيت ان يعيشمغامرة مع الجنس الآخر ولا يحق لسيدة البيت ذلك0
قالت بكبرياء:
- لا أعلم لماذا تعتقد ان رالف يعيش مغامرة مع اديل0
سألها:
- هل انجرحت كبرياؤك؟ انت تعرفين يا ساره ماالذي يدور بينهما؟ لقد قلت انكما متزوجان منذ ثلاثة اشهر 0 هل كان يعرفها قبل زواجكما؟
هزت ساره رأسها أيجابا 0 لقد غمرها شعور بالخزي 0 لماذا تزوجت رالف وهي تعرف بعلاقته بأديل ؟ هل كانت تتمنى في قرارة نفسها لو انها كانت المرأة الوحيدة في حياته ؟ لا 0 الم يقل لها اليكس ان رالف له علاقات عديدة ؟ ماهذه السخافة 0 الم تتفق معه على ان لها طريقها وله طريقه0 الم تكن دائما راغبة في زوج لا يحاسبها على اعمالها وتصرفاتها 0 هي المسؤولة عن حياتها 0 الم تصرح انها لن تلبي رغبات زوجها بل هو الذي سيلبي رغباتها, وقالت:
- نعم كان رالف يعرفها قبل ان التقيه0
- ولماذا رضيت الزواج منه؟
- لا يمكنني ان أجيب على هذا السؤال0
- هل تكملين حياتك على هذا النمط ؟ انك رقيقة وحساسة ومن الخطأ ان لا تكوني سعيدة في حياتك0
رقيقة وحساسة000لا يمكن لرالف ان يصفها هكذا بل هي قاسية وثورية 0 هي محاربة من آل مالفرن, محاربة تستطيع الصمود والتحدي , ولكن لم تصمد مع رالف , صراعاتهمامعه دائما كانت خاسرة0
- ولكنني لست تعيسة0
سألها:
- لماذا وافقت على الخروج معي؟
- انه ليس عبثا!
ضحك كثيرا0 ثم هز كتفه:
- سنه ما شئت 0 انه تسلية تخرجك من حياة الملل والضجر0
- انت ماكر وداهية0
- لا يحتاج الأنسان للذكاء ليحزر0 مشى من كرسيه وجلس في مكان قربها فوق الأريكة: الا يمكننا ان نتابع مداعباتنا؟ تمتم وهو يلفها بذراعيه : لماذا نقف عند حدود العناق؟
سألته:
- قل لي ما الذي نستفيد منه لو تمادينا في تسليتنا؟
- لا نخسر شيئا 0 ونعيش الوقت0
- الرجال يحيرونني 0 تسليتنا مؤقتة 0 ستتحول الى ذكرى 0 ذكرى اليمة0
- انت لا تحبين الممالقة 0 كيف تعرفين انها لن تكون ذكرى محببة؟
ضحكت بالرغم من تفكيرها الجدي 0 الرجال لغز 0 هذه التسلية البريئة في نظرهم , هي أحساس بالذنب بل يؤمنون ان الوقت يجب ان يعاش0 وتمر التجربة وينسى الرجل الموضوع برمتة 0 قالت تخاطبه:
- مازلت لا ارى فائدة من ذلك؟
- الفائده لا تتماشى مع العقل , بالطبع لا 0 من يرغب بالعقل في ساعة كهذه ! ضحك 0 شعرت بيده تنزلق من كتفها الى ذراعها : انت امرأة غامضة يا ساره0 انت حرة وتؤمنين بالحياة العصرية ومع ذلك تعيشين بطريقة رجعية , زوجك غريب الأطوار وبدون عقل لانه لم يكتشف حسناتك , انه جذاب ووسيم 0000 الا تشعرين برغبة اليه ؟ الا تغارين من اديل؟
انه لا يهمني , قالت في نفسها , ولكنها شعرت بأنقباض 0 وضعت كأسها قربها على الطاولة امسك دنكان بها بين ذراعيه , لم تدفعه ولم تقاومه , عانقها بشدّه , تجاوبت معه ففرح دنكان لانتصاره واصبح خذلا , قال مؤكدا قدرته على غوايتها :
- كنت اعرف انني سأنتصر عليك يا ساره 0 انت جميلة جدا 0
سحبت نفسها من بين ذراعيه ووقفت تنظر اليه , لقد اختلف شعورها نحوه الآن اذ هي تشفق عليه 0 ضحك دنكان ثم جذبها اليه مرة ثانية قبل ان يودعها وقال:
- تصبحين على خير يا ساره0 مازلت اعتقد انك فتاة عظيمة وان زوجك رجل مجنون0

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313  
قديم 10-08-09, 09:38 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


7- نهار قرب الحبيب



لم ترافق ساره دنكان الى الخارج , كانت لا تزال واقفة في منتصف الغرفة حين دخل زوجها 0 ما الخطب ؟ ان مزاجه معكر ولم تراه على هذا الشكل من قبل 0 وجهه يرتسم فوقه الغضب والجنون0
-كيف تسمحين لهذا الرجل ان يعانقك؟ بحق الشيطان 0
كانت عيناه تقدحان شررا وهو يسرع نحوها كالعاصفة , وهنا في مواجهة النافذه وتحت بصر كل الناس !
تراجعت ساره الى الوراء ولكنه امسك برسغها :
-اترك يدي !
بدأت تصارع ولكن قبضتة احكمت الشد على يدها بوحشيه , رفعت يدها الأخرى كأنها تريد ان تضربه ولكنه بسرعة امسكها واسقطها وقد ازداد غضبه 0
-: لماذا يهمك ما افعل؟ انا اتسلى 0 اليس هذا ما اتفقنا عليه000
نقلت بصرها الى النافذة المنفرجة حيث النسيم يدخلا الغرفة عبر الستائر المفتوحة 0 الظلام يخيم خارج الغرفة:
- ليس هناك أحد في الخارج ليرى0
قال متحديا:
-انا سمعتكما ورأيتكما!

- ماالذي سمعته؟ لم نقل شئ نخجل منه!
- لأنك لا تعرفين الخجل , اعتقد ان أقناعه لك لم يكن في الوقت المناسب لأنك كنت تنتظرين عودتي الى المنزل في أي وقت0
ارتفعن يد ساره من جديد في محاولة صفعه 0 اصبح وجه رالفممتقعا من الغضب 0 حدق بها بقساوة وزمجر0 لقد تمكن منه غضب آل لينغارد ووحشيتهم 0 امسك بذراعها وهزها بعصبية مرات عديدة حتي انقطع نفسه0
- أياك ان ترفعي يدك مرة ثانية في وجههي 0 هددها وهو لا يزال ممسكا بذراعها: اياك ان تعيدي ما فعلت مع هذا الرجل مرة ثانية0 لن تريه بعد اليوم0
-سأراه!
كانت تتحداه وهي ترتجف من رأسها لأخمص قدميها وتذكرت يوم اخبرها انه لو كان مكان رودي فوق السفينة لقتلها بدون ان يفكر بالعواقب0
- هل خفت اخيرا؟ لقد أنذرتك0 ستنالين اكثر من ذلك في المرة المقبلة 0
- انت لا تخيفني ابدا0 انا لا اخاف من أي رجل , ولن يقول لي أي رجل ماذا افعل , انا افعل ما اريد , وسأرى دنكان متى ارغب0

- لا , ليس عندما اكون انا زوجك , لن تريه 0 هدأ صوته وقد امسك بزمام اعصابه: - هذه رغبتي 0 لن تريه مرة ثانية وستحترمين ارادتي0

افلتت ساره من قبضته 0 كانت صامته لا تتكلم تحاول ان تتفحص العلامات التي تركتها اصابعه فوق رسغها , احد ابناء لينغارد يفعل بها ذلك ! لو عرف والدها 0 ستكتب له وتخبره وسيصر عليها ان تتركه وتعود الى المنزل000بعيدا عن هذا البغيض المتشرد من سلالة العصابات00000
حدقت به وقد خنقها غضبها ولجمها عن الكلام 0 ذكر رالف شيئين مهمين في حديثه , كان ينتظر ردة فعلها , اسلوبه في الأنتظار يحيرها 0 ثم انه لأول مرة يذكرها بأنه زوجها , هذه اول مرة يستعمل فيها هذه الكلمه في حديثه معها0 ولكنه لا يعني أي شئ 0 لماذا يذكر الزواج الآن ؟ ولماذا اشتد غضبه عندما رآها بين ذراعي دنكان ؟ لماذا يكشف عن شعوره نحوها وقد اتفقا ان يسير كل منهما في طريقه؟ هل هناك علاقة بين غضبه وبين كونه زوجها؟
هدأ غضبها وسكنت نفسها بدون سبب تفهمه , سلام غريب دخل نفسها , لم تعد المحاربه ساره مالفرن بل انها ساره زوجه رالف لينغارد 0 كانت عيناها تشعان برقة وحنان وهي تنظر اليه0نسيت اديل وخلافاتها السابقه معه0
- رالف 000اذا وعدتك بأن لا أراه ثانية000
-- لا اريد انذارات منك يتبتعدين عنه لأنني آمرك بذلك0
هو يأمرها 00بالرغم من شعورها الرقيق نحوه الا ان الغضب تملهكها0
- انا لا افهم سببا لغضبك قلت انني استطيع ان اصادق من اشاء000هل لأنك0000
لم تستطع صياغة سؤالها 0 قاطعها بلهجة قاسيةكالحديد:
-هل علي ان اذكرك بأن تكوني متستره بعلاقاتك ؟ لم تتستري000
سألته:
-هل هذا هو سبب غضبك؟
- نعم , ليس هناك اسباب أخرى0
هذا الأستبداد لا يمكنها ان تتحمله 0 خيبة املها في جوابه زاد من غضبها لفترة وجيزة اعتقدت انهما ربما يتفاهما 0 وشعرت انه يرغب في ان يسود التفاهم علاقتهما وهي بل شك مجنونة في موافقتها علي عدم رؤية دنكان فهو لن يرضى الا بخضوعها تماما,كل آل لينغارد هكذا , كلهم من طينّة واحدة وهي مجنونة لتعتقدانها تستطيع ان تعيش معه بسلام 0
- اذا كنت تسمح لنفسك ان تعيش مع اديل , كذلك انا استطيع ان اعيش مع دنكان فترة بقائه هنا ! قالت ورأسها مرفوعة تتحداه بعينيها : تستطيع ان تفعل بي اكثر مما فعلت ولكنني سأعيش على هواي0
- ستدفعين الثمن غاليا, لقد انذرتك, لا تخالفي رغباتي اما بشأن اديل فاتركيها خارج صراعاتنا0
ثم تركها وغادر0 كان رالف واثقا من نتيجة تهديداته, ولكنه كان ينتظر بعض محاولات التحدي من ساره0 بقي رالف في المنزل في اليوم التالي , لبست ساره ثيابها استعدادا للخروج ونزلت الى الطابق الأرضي, كان رالف بأنتظارها ودارت بنهما معركة كلامية , هددها رالف باستعمال القوة اذا حاولت ان تتحرك خارج البيت فقالت له: بأنها ستخرج حين يخرج, ولكنه لم يخرج0 جاء دنكان ليرى ما الذي حصل فاستقبله رالف على الباب وطرده بأدب وحزم, وطلب منه ان لا يحضر الى هذا البيت مرة ثانية0 كانت ساره بركانا من الغضب ولكنها تجنبت مواجهة رالف امام دنكان لانها تعرف انها ستكون الخاسرة وسيثبت رالف ارادته0 لكنها لم ترغب في خسارة صداقة هايلي0 تركت ساره دنكان يذهب بدون ترتيب موعد آخر بنهما, ولكن رالف دعا الجميع للعشاء قبل رحيل دنكان بيوم واحد وكان العشاء فاخرا ثم اوصل رالف اديل لمنزلها بعد العشاء هذه المرة ولم تبق لتنام في المنزل0
اثناء العشاء , حاول دنكان ان يهمس باذن ساره ليسألها ما الخطب0
- لقد رآنا وسمه حديثنا من النافذة0
- يا آلهي 0 هل تشاجرتما؟
- بالطبع تشاجرنا 0
-قالت ذلك وارتجفت وهي تتذكر ما حدث0
- هل امرك بعدم رؤيتي ؟
- نعم0
- عليك ان تشكريني لأنني جعلته يغار عليك0
- لم تكن غيرته, لقد غضب لأنني تركت النافذة مفتوحة0
- لا ياساره0 انها الغيرة0 هل اخبرك بشئ هايلي لا تؤمن بأن علاقة غير شريفة تربط اديل ورالف0
- وهل قلت لها ان هناك علاقة تربط بينهما؟ كان عليك ان لا تخبرها بذلك0
- لم يكن لدي خيار , كانت تريد ان تعرف اسباب خروجك معي كل الوقت بدون اعتراض زوجك 0 فقلت لها ان لك اصدقاءك وله صديقاته, ون الواضح بعد دعوة العشاء عندكم ان اديل هي صديقة رالف فقفزت هايلي تريد ان تخنقني وهي تؤكد لي ان اديل ليست من هذا النوع من الفتيات0
توقف دنكان وهو يرى رالف يراقبهما ثم تابع بعد قليل :
- هناك بعض الغموض يلف هذه القضية0 ولن تعرفي الحقيقة من هايلي , انها كتومه على الأسرار التي تؤتمن عليها , ولن تخبر هذا السر لأي شخص0
سألته بالحاح:
- الم تقل لك اي شئ آخر فقط ان اديل متزوجة؟
- هايلي لم تخبرني أي شئ 0 وانت ايضا كتومه لا تذكرين لي اسباب زواجك من رالف0 ويلفني الفضول وخيبة الأمل في حل هذا اللغز , رغم انني اعتقدت دائما ان النساء ثرثارات 000
تمتمت ساره:
- ربما تخبرني هايلي اسرار اديل في المستقبل0
- لا تحلمي 0 اختي كتومة وامينة علي السر0 وهي محافظة في علاقاتها 0
اقترحت اديل سماع الموسيقى الراقصه 0 شرعت بأبعاد الأثاث الى قرب الحائط تساعدها هايلي 0 دخل مانولي برفقة هايلي حلبة الرقص يتمايلان ببطء وحنان 0 قال دنكان يخاطب ساره ويشير الى شقيقته وصهرهوهما يرقصان:
- غرامهما كالمرض0
كانت ساره تراقب رالف وتنتظره ان يطلبها للرقص0
- هل نرقص يا ساره؟
وبدون ان يسمع جوابها, امسك بيدها وجذبها نحوه 0 لاحظت ساره غمزة خفيفة من طرف عين دنكان , سلمت ساره نفسها لرالف وسمحت للموسيقى ان تحركها على انغامها الهادئة0
وصلت رسالة لساره من صديقتها فاليري 0 وصفت فيها مباهج الحياة الزوجية, وبيتها الجديد وغرفة الطفل المنتظر والأدوات الصغيرة التي اشترتها0 وشرحت لساره لون ورق الجدران وجميع التفاصيل الصغيرة وذكرت سرير الطفل الذي باشر غراهام زوجها في صنعه بنفسه 0 قالت : لن نشتري لطفلنا سرير من الأسواق 0 كانت ساره مغتبطة لسرور فاليري وسعادتها في حياتها الزوجية 0وكل ما شرحته فاليري لساره في رسالتها كان مملا بالنسبه اليها 0 ساره لن ترضى ان تعيش هذه الحياة الرتيبة , رسالة فاليري الجديدة تشبه الرسائل السابقة التي ارسلتها 0 ولكن ساره قرأتها بنهم وهي تحس خسارة السعادة في حياتها الزوجية بالمقارنة مع فاليري 0 اعادت قراءه الرسالة وهي تتناول فطورها ثم تذكرت صديقتها هايلي 0 هي ايضا سعيدة في حياتها الزوجية0
بعد سفر دنكان باسبوعين0 عادت ساره الى روتين حياتها الممل الذي كانت تتبعه قبل تعرفها الى دنكان وهايلي0 هايلي اصبحت صديقتها وكانت تزورها ساره مرتين في الأسبوع 0 تتمشى واياها وتتغدى بصحبتها في قهوة صغيرة في القرية 0 هذا التغيير البسيط في حياتها قد جلب بعض السرور والراحة لها 0 بدأت ساره تتغير كليا 0 هل اليونان ومدينة اولمبياهي سبب هذا التغيير ؟ لم تكن تلذها العيشة البسيطة ولكنها الآن تجد متعة كبيرة وسعادة في الحياة البسيطة0 وقد زاد سرورها وجود هايلي قربها بعد ان كادت تفقد الأمل في ايجاد صديقة 0 زوجها مانوليمهذب ومنطو وكثير التفكير , وكان لا يوافق كثيرا على تصرفات ساره 0 كأن خروجها مع دنكانشئ مقرف وغير طبيعي 0 انها متزوجة من يوناني وهذا لا يصح ابدا في مجتمعهم فمن غير اللائق ان تخرج مع غير زوجها هايلي كانت مغرمة به وخاضعة له كليا 0 عبست ساره قليلا , مانولي يسيطر على زوجته بشكل غير ملحوظ وهو حاذق ولا يظهر سيطرته عليها وهايلي خاضعة ومتفانية له وتعطيه بدون مقابل , هل هذا هو الزواج الصحيح ؟ ان هيلي سعيدة سعادة حقيقية0
نظرت ساره الى رالف الذي حضر وجلس قبالتها واخرجها من تأملاتها0
- صباح الخير يا ساره 0 هل نمت جيدا؟
هزت راسها موافقة وهي عابسة 0 لماذا يتكلم معها عن النوم ؟ انه يسألها السؤال نفسه منذ اسابيع0
- هل تخبرني متى ستكون في البيت لانني اريد دعوة هايلي ومانولي الى العشاء0
- لا يهم فقط اخبريني قبل يومين كي استطيع دعوة اديل ايضا0 اعملي كل الترتيبات لذلك0
- هل يجب عليك ان تدعو اديل ؟
- نعم 0 الا تحبينها؟
- لا أكرهها 0 قالت وهي تنظر اليه بحزن: من غير المناسب ان تحضرها دائما الى البيت 0 ماذا سيقول جورج ومرتا؟
- انا لا اهتم لرأيهما اذن انت لا تكرهينها , ياللغرابة0
- قلت لك سابقا انني لا اكرهها 0 في وقت من الأوقات رغبت في معركة معها ولكن000
سألها مستغربا:
- حقا؟ وماذا كنت تنتظرين ان تكون ردة فعلي؟
- اعتقد انك ستنضم الى جانبها0 ولكنني رغبت في المعركة معها حين نكون منفردتين0
- ارجو ان لا تستعملي معها القوة الجسدية 0 اعتقد ان آل مالفرن تمدنوا قليلا0 خجلت ساره واحمرت وجنتاها 0 تمالكت اعصابها , انه يستفزها في الكلام الجاف والنقد الاذع لعائلتها , دائما يحاول ان يجعلها تفقد رباطة جأشها0
- لا اعرف لماذا تستفزني دائما 0 هل يسعدك ان افقد رباطو جأشي 0
كان صوتها منخفضا ولكن غضبها في اوجه ويشع شررا من عينيها , وهي لا ترغب في معركة معه ,ولكن رالف دائما يخطط لمعركة معها ويحاول استفزازها , وتجد صعوبة في التغاضي عن استفزازه لها0
- هل يسعدني غضبك؟ ابدا 0 علي العكس انني اجد ذلك مقرفا واعتبره ضعفا حين تخسر المرأة رباطة جأشها0
- انت الملام الأول لما وصلنا اليه0
-بل انت الملومة 0 لسبب اجهله وقع شقيقي في حبك وقد وافقت علي الزواج منه ثم رفضته ودست علي قلبه بدون شفقة او رحمة قبل موعد الزفاف باسبوعين 0 لم تهتمي لشعوره نحوك ولا الى قلبه الذي تحطم000
- هراء 0 لا يمكن لرجل ان يتألم اذا تحطم قلبه , لقد قلت لك ان لديه امرأة اخرى يحبها000
- دست عليه ورفضته لأنه يتمتع برجولة حقة0
- كان يريد امتلاكي وانا لا اتحمل ذلك من أي رجل , وخاصة من احد ابناء آل لينغارد0
ضحكت من جديد 0 عيناها الزرقاوان تلمعان في تحد وهي تنظر الى عيني زوجها 0
- انا من آل لينغارد يا ساره0 اذا رغبت في امتلاكك فلن يكون لديك الخيار0 عليك عندئذ الخضوع0
ضحكت بصوت مرتفع 0 كانت تتمنى ان تنتهي العداوة بينهما الى الأبد0
- وهل تعتقد انني اخضع لك بدون ان احارب؟
- لا طبعا 0 ليس بدون محاربة0000ولكنك في النهاية ستخضعين0 وعقلي السليم جعلني اقبل التحدي كي اروضك0
- انا لا اعرف لماذا استمع اليك ولماذا اجعل الحديث بيننا يسير في هذا الأتجاه0 انا واثقة انك ترغب في اثارة غضبي واستفزازي0
- اتعتقدين ذلك ؟ لا يا ساره ليس هذا ما اريده0
- ماذا تريد اذن؟
- قلت لك سابقا 0000اريدك ان تبكي 000 ومازلت اريد ذلك0
اوه صحيح 0 تذكرت , قلت , احتاج لرجل عنده ارادة قوية ليجعلني ابكي0
- وقد تأكدت الآن انني رجل عنده ارادة قوية0000
- صحيح! ولكنك لم تجعلني ابكي , ولن تجعلني ابدا0
- سنرى, استطيع ان اجعلك تبكين متى اريد, الآن لو اردت 0
قالت ساخرة:
- حقا ؟
-- استعملي خيالك يا فتاة!
- حتى لوعذبتني , فلن ابكي0
- وتعتقدين انه من الممكن ان اعذبك؟
- سأحاربك 0 استطيع محاربتك0
- لم تقاومي حين دفعتك الى مؤخرة السيارة0
- لقد أخذتني على غفلة من امري.
- وحين اجبرتك على استعمال الهاتف في غرفة الهاتف, وحين حملتك على ظهر الباخرة.
- لقد هددتني بأغراقي في البحر .كان ذلك تهديدا جبانا من رجل الى أمرأة...
شرع رالف يضحك منتصرا . شعرت ان الحديث اصبح هزليا. كان يسخر وهو يذكرها بمواقف ضعفها المتكررة.
- الآن تعترفين ولأول مرة انك من الجنس اللطيف. الجنس الضعيف? كذلك تعترفين بأنك خضعت لتهديداتي. تقدم نحوها ولدهشتها وضع يده برقة فوق يدها وقال: من أجل خضوعك علي ان اكافئك, سنعلن هدنة مؤقتة , اليوم سنخرج ونمضي النهار سوية.
- ولكن...
فكرت بالأعتراض اوا لرفض, ولكن قلبها طار من الفرح. تعابير وجه رالف كانت حنونة, ماالذي قالته واحدث في تعابيره كل هذه التغييرات? كانت ضحكته تحمل معنى الأنتصار ? هل هو فعلا يرغب في الترفيه عنها? سيمضي برفقتها يوما كاملا فسألته:
- أنا...وأنت?
-نعم. وأذا فتحت فمك للجدال او الأعتراض سأريك جانبا من طباعي السيئه .
كانت لهجته مازحة ورقيقة كلمسة يده فوق يدها.
- تستطيعين أختيار المكان الذي سنقصده . سألها رالف بعد نصف ساعة حين استقرا في السيارة: هل تفضلين الساحل ام الجبل?
- أحب ان أزور سبارطة. ربما يكون المشوار متعبا وبعيدا?
-لابأس . سنذهب الى سبارطة كما تشائين. المناظر خلابة ونستطيع ان نتوقف على الطريق لنرتاح.


المناظر بين طرابلس وسبارطة جديدة عليها تراها لأول مرة. ثم بدأة الطريق تضيق صعودا الى التلة. اصبحت الطريق متعبة وملتوية كالحية. حين وصلا الى قمة الجبل قال رالف وهو يتابع صعوده في السيارة:
-بدأنا نصل الي مناظر اكثر وحشية.
الجبال وحشية وقممها عالية حادة , سبارطة مدينة مبنية في لحف جبل تاغيتوس العالي ويسقيها نهر يوروتاس الذي ينساب في الوادي الملئ ببساتين الزيتون واشجار الليمون. نزلت السيارة بعد ذلك الى سفح الجبل حيث المدينة القديمة تعلن عن استقبال الوافدين في لوحة اعلامية تقول: اهلا وسهلا بكم في سبارطة. شعرت ساره بخيبة امل بعد ان دخلت المدينة ,منظر المحاربين الأشداء الأقوياء قد طواه الزمن , والمدينة القديمة التي تمتد على جانبي طريق قديم حيث كان يجري سباق العربات, مليئة بالفنادق الحديثة, والشوارع العريضة اخذت مكان معالم المدينة الأثرية ولم يبق منها الا القليل, حزنت لرؤية المدينة على هذا الشكل. وجد رالف مكانا لسيارته واوقفها وفتش عن فندق ليتناولا طعام الغداء . قالت ساره وهي تنتظر طعامها:
- لم انتظر ان اراها على هذا النحو.
- وماذا كنت تنتظرين?
كانت نظرته غريبة , تعجبت ساره من مزاجه الجديد. هل يتصرف على طبيعته ام يتصنع.
- لا أعرف. ولكن لم اتخيلها هكذا.
سألها بفضول :
- وهل تعتقدين ان الرحلة كانت مضيعة للوقت?
- لا 0 لقد تمتعت بكل دقيقة من الرحلة0
كان كلامها يضفي عليها جمالا فقد بدأت راضية جدا لأن رالف يهتم بها ويعيرها انتباهه واسئلته وحديثه:
- ولكنك كنت تعرف انها على هذه الحال 0 لماذا لم تخبرني ؟
- وهل كنت تفضلين عندئذ زيارة مكان آخر؟
- طبعا كنا انتقينا مكانا آخر0
كانت ساره تود ان تجعل من هذا اليوم ذكرى لا تنسى معه 0
- لا تحزني 0 لدي مفاجأة احتفظ لك بها0 هل تحبين زيارة بعض الآثار؟
- اوه , نعم , اين سنذهب؟
اهتمامها كان جليا 0 ابتسم رالف مسرورا لسرورها وقال:
- سنذهب الى ميسترا فهي تبعد اربعة اميال فقط , مدينة مهجورة لا يعيش فيها احد0
- مدينة مهجورة ؟ عظيم0
بدأ يشرح لها عن مدينة ميسترا القديمة وعن تارلايخها وموقعها الحصين فوق قمة تاغيتوس 0 تجولا نصف ساعة في سبارطة بعد الغداء ثم ركبا السيارة واكملا سيرهما على مهل فوق طريق رملية وسط ظلال الأشجار الى مدينة
ميسترا القديمة 0 رأت بعض النساء يغزلن وهن راكبات ظهور الحمير 0 قالت ساره وقد سحرها عملهن الدؤوب وطريقة غزلهن فوق ظهور الحمير:
- انهن لا يضيعن الوقت0
-المرأة اليونانية تعمل بنشاط واجتهاد0 قال رالف ثم اضاف ضاحكا : هي محكومة من زوجها 0
لم تحرك فيها جملته الأخيرة أي ساكن على عكس ما كان ينتظر,قالت ان العلم سيدخل اليونان وسيتساوى الجنسان قريبا0
- لا اعتقد ذلك لأن الأجانب الذين يعيشون في اليونان فضلوا ان يغيروا طريقة حياتهم لتصبح كحياة الفلاح اليوناني0- ماذا تعني بذلك؟
-اذا كان الزوج الأمريكي يساعد زوجته في اعمال المنزل كالغسيل وخلافه , فأن سكان اليونان يرفضون عشرته ويشعرونه بعدم رضاهم عن تصرفاته ويعيرونه برجولته 0 فأذا كان يملك بعضا من الذكاء , كان يقتبس طريقتهم وعاداتهم فورا0
قالت متعجبة:
- انا لا اصدقك!
- ولكنها الحقيقة0 مال بالسيارة ليتفادى عنزة ضلت طريقها : آسف لأزعاجك0 كان دافئا في كلامه واهتمامه بها 0
- لا 0 انا بخير0
سرحت بنظرها عبر المناظر الخلابة التي كانت تمر بها 0 كان اليوم شديد الحرارة ولكن الطريق مليئة بأشجار الاكوالبتوس 0 اوقف رالف السيارة بعد قليل وفتح الباب وخرج قائلا:
هل ترغبين في القاء نظرة علي المناظر الخلابة هنا0
تبعته ساره صامتة0 وقفا جنبا الى جنب يتفحصان الوادي المزروع بأشجار الليمون والزيتون وعرائش العنب التي يسقيها نهر يوروتاس الذي يتغذي بمياة الثلوج الذائبة من جبل تاغيتوس 0 عادا الى السيارة وتابعا طريقهما الى المدينة المهجورة , انها مركز للحضارة البيزنطية 0 مبنية على كتف الجبل وابنيتها قديمه متصدعة ومتداعية, نعطي شوارعها الأعشاب والازهارالبرية ذات الروائح الغريبة والألوان المتعددة بدا منظرها غير واقعي , فالحشرات المختفة تدب في النوافذ المفتوحة والاشجار قد تطاولت وظهرت من وسط البيوت الخالية من السقوف0 قالت ساره :
- شكلها مدهش 0 هل يمكنك تخيلها في عزها0
- اعتقد ان ذلك صعب ان المدينة حزينة 0 لا احد يعيش فيها 0
- لماذا ؟ لال يحضرها السواح؟ ارى بعض المشاة ولكنني كنت انتظر جماهير غفيرة تؤم المدينة لتتفرج على الأثار0
- يحصرون الى هنا ولكن ليس مثل الحضور الى اولمبيا0
امسك رالف بذراعها فأحست بالدفء يسري في جسمها يرافقه شعور بالراحة والسلام0 انها تتمتع بهذه الرحلة ضمن الاثار على عكس طبيعتها السابقة حين كانت لا تجد الراحة والسرور الا بالحياة الصاخبة والحفلات التي تمتد الى ما بعد منتصف الليل0 سألها:
- هل نذهب لزيارة اماكن اخرى؟
أمضيا بعد الظهر يتجولان بين الأثار والمباني الضخمة المتداعية 0
كل الأماكن مهجورة تماما الا من بعض المتفرجين 0 كانا احيانا يبقيان منفردين وحدهما لا يرافقهما الا السحليات التي تزحفوسط العشب الاخضر 0 معظم الابنية خربة ولكن بعضها محفوظة نوعا ما 0هناك دير برفيلبتوس منحوت في داخل الصخور واشعة الشمس تنعكس على زجاجه الملون كقوس قزح 0
- كيف تحفظ هذه الأبنية000
سألت ساره متعجبة , وحاولت ان تتخيلها ايام عزها والناس تفدها ابان عظمة المدينة زمن البيزنطيين 0
- شكل البناء يجعل الانسان يشعر بصغره وعدم اهميته , اليس كذلك ؟
- نعم هو كذلك اشعر انني صغيرة جدا وتافهه0
سر رالف بجوابها وشد على ذراعها بعفوية0
وبدأت تجوالها برفقة رالف 0 دخلوا حجرات حيث الجدران مطلية باللون الأبيض والأشغال اليدوية تكسو الكراسي والأسرة0
تأملوا الزيتيات الزجاجية والوانها المتناسقة والتي كانت تعتبر غير مألوفة في القرون الوسطى , اطلو من الشرفة الى الوادي وتأملوا المناظر البديعة وهم يرشفون قهوتهم 0
- هل نعود؟
سألها رالف , هزت ساره رأسها موافقة , كانت تفضل ان تبقى تتأمل , لقد أثر فيها هذا المكان كثيرا , الهدوء والسلام سكنا روعها وشعرت انها اقتربت من رالف بقوة سحرية عجيبة وحتى ولو تشاجرت معه في المستقبل فستذكر انسجامهما في هذا المكان لأخر العمر0
نزلا من البناء ثم مرا داخل المدينة ذات الألفى بيت وجميعها مهجورة تسكنها الأعشاب البرية , مدينة تقفز فيها الأشباح من فوق الصخور المرصوفة الى الساحة العامة0
وصلا الى مدينة ميسترا الحديثة 0 توقف رالف ونزل مع ساره الى المدينة يتجولان في شوارعها قبل العودة الى سبارطة 0 دعاها للعشاء في سبارطة , جلسا في مكان هادئ وشربا الليمون المثلج وهما يراقبان صخب المدينة حولهما 0 سألها رالف:
- هل سررت؟
- كان يوما ممتعا 0 شكرا يا رالف 0 ابتسمت ابتسامة ساحرة: انني مسرورة لأختياري مدينة سبارطة0
-كنت واثقا بأن املك سيخيب فيها 0 الجميع يسرون في زيارة ميسترا0
- انا اوافقك الرأي 0 كانت رحلة ممتعة 0 واتمنى ان نحضر الى هنا مرة ثانية في يوم ما0
- سنعود يا ساره0 وعدها رالف 0 وقفا ليغادرا المكان 0 امسك بيدها وقال:
- كانت الهدنة بيننا موفقة 0 علينا ان ندعو الى هدنة ثانية في القريب العاجل0

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:21 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية