لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-08-09, 11:50 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38965
المشاركات: 357
الجنس أنثى
معدل التقييم: مجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 552

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مجهولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مجهولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


أستعادت فلورا هدوءها وقالت:

" لا يمكنني الكذب عليك أبدا يا ألان , ويجب أن تصدق كل ما سأقوله لك الآن , ما زال هناك أمل في شفائك, كان سير فرانك يحاول أن يطمئنك أن في وسعه بعد عدة شهور, أنهاء المرحلة الثانية من العملية بنجاح أكيد, عليه فقط معالجة ألتهاب بسيط , قبل أن يستأنف برنامج عمله في المرحلة الثانية , وبعدها كل شيء سيتم كما يجب, أرجوك , يا ألان أن تسمعه , أني أتوسل أليك!".
وكان جوابه بأن رفع يديه الى عينيه شاتما, وخلع عنهما الضمادات , ورماها أرضا , ثم رفع رأسه في عزم , رافضا كل الحجج بعد خيبة الأمل القاسية.
وخلال الأسابيع اللاحقة , لم يقم سير فرانك وفلورا أي أعتبار لرغبة ألان بعدم السماح لأحد في أستئناف الحديث حول مسألة مرضه, لكن ألان تمسك بعناده وتصلبه , وبدأ يسترجع قراه تدريجيا, ومع أقتراب موعد رحيله , فهم سير فرانك وفلورا أن عليهما تقبل فشلهما, غير أن فلورا كانت تشعر بوجود أمل خفي بأن ألان سيشعر أنه في حاجة لرؤية كل الأشياء التي أعتاد رؤيتها قبل الحادث , فلن يتحمل الأعتماد على حواسه الأخرى.
ولما سمح له سير فرانك بأستئناف النزهات التي كان يقوم بها, عادت الحياة الى مجراها الطبيعي من جديد, وكانت فلورا تمضي أوقات بعد الظهر برفقته , لكنها لم تتجرأ على التحدث اليه عن أمكان أجراء عملية جراحية أخرى, خوفا من أن يجرحها غضبه الذي يزداد مع تحسن صحته وأستعادة قواه.
وخلال فترة النقاهة , أصبح ألان بالنسبة الى فلورا زائرا مداوما , وبدأ والداها يشعران أتجاهه بمحبة كبيرة , ومن جهته كان يبدو متحمسا برفقتهم. وخلال أحدى زياراته , وبينما كان جالسا في الحديقة برفقة فلورا , يتمتعان معا بنعومة الطقس وعذوبة الهواء , فاجأها ألان سائلا بلهجة عادية:
" فلورا , هل توافقين على الزواج مني؟".
كان ممددا على كرسي طويل مريح , يمضغ عودا من الحشيش الأخضر , لا شك أنه أحس بأستغراب فلورا التي همست تقول:
"ماذا ... ماذا قلت؟".
رفع رأسه في حركة متلهفة ورمى عود الحشيش وقال:
" أنا بحاجة أليك يا فلورا, لا أستطيع العودة الى فرنسا , من غيرك , أتعدينني , على الأقل بالتفكير في الموضوع؟".
راح قلب فلورا ينبض بسرعة فائقة , حتى أنه خيل أليها أن كل أعضاء جسمها ترتجف بشدة أنها تحبه كثيرا الى درجة أنها مستعدة لأن تضحي بحيلتها من أجله , لكنه كان يظهر لامبالاة عندما طلب منها أن تصبح زوجته , فتحت فمها لتقول له أنها تحبه كثيرا, لكنه تابع حديثه بهدوي:
" سيكون زواجنا زواج مصلحة, لا أكثر ولا أقل , لن أطلب منك أكثر مما تقدمينه الى الآن , وما قدمته خلال الأسابيع الماضية , لقد أصبحت بصري الذي خسرته , وبفضلك أشعر وكأنني قد أستعدت بصري, كما أنني أعدك , أنك أنت أيضا سوف تحققين مكسبا من هذا الزواج".
ولما هدأت نيران كرامتها , أحست بسعادة خجولة ويائسة لم يكن في وسعه رؤية مدى تأثير كلامه عليها , هذا العرض الجاف والبارد للزواج منها , كان بالنسبة لها, أقصى العذاب الذي يمكنها أن تتحملع حتى الآن , وودت عزاءها الوحيد بأنها متأكدة تماما من أنه يجهل حقيقة عواطفها , ظل رأسه منحنيا , كأنه يصغي أو يحاول أدراك ردة فعلها , وهي ظلت جامدة تنتظر هدوء توتر أفكارها وحتى تستعيد السيطرة على نفسها مرة ثانية.
سألها فجأة :
" هل ما زلت هنا؟".
كانت كلماته تنم عن مدى حاجته الماسة اليها , وأرادت فلورا لطبيعتها المتسامحة أن تنسى ما ينطوي عليه عرضه المفاجىء لتحتفظ فقط بندائه اللاواعي وطلبه مساعدتها , فأجابت وهي تحاول التحدث في صوت هادىء:
" نعم, ما أنا ما زلت هنا".
أسترخى وأرتسمت على شفتيه أبتسامة صغيرة ثم قال:
" هذا أفضل , كنت أخشى ألا تكوني قد سمعت ما قلت, أذا ما هو جوابك يا فلورا؟ هل تقبلين بالزواج مني والعودة معي الى فرنسا؟".
أجابت في صوت خفيض جدا:
" نعم".
كبرت أبتسامته وقال وفي صوته بعض السخرية:
" شكرا, لقد كنت أتصور أن هذه الفكرة ستروقك".
حاولت فلورا جاهدة المحافظة على برودة أعصابها ,و ولتتذكر مدى حزنه ووحدته وحتى خوفه العميق الذي لا يريد أظهاره , منذ سنتين وهو يعيش أملا في أستعادة بصره, والآن , مات الأمل في داخله , ولكي يجابه المستقبل , فهو في حاجة الى مرساة , ألى أحد يفهم حاجاته ولا يتطلب منه أي عاطفة أو شعور ما , تذكرت فلورا كلمات سير فرانك:
" أني متأكد من أنك اذا بقيت معه خلال الأشهر المقبلة , الصعبة فسوف تنقذينه من هذه المحنة , ربما ما تفعله تضحية كبرى , وربما يكون ذلك جنونيا تتحمل وحدها نتائجه , لكنه طلب منها مساعدته وحبها له كبير الى حد أنها عاجزة عن رفض ما طلبه منها.
رفع حاجبيه في سخرية وسألها في صوت فاتر:
" تعجبك أذا فكرة أن تصبحي كونتيسة؟".
نظرت نحوه في أستغراب , لكنها تذكرت أنه لن يراها وتلعثمت وهي تقول:
" كون... كونتيسة؟".
قال وهو يضحك في أشمئزاز:
" هه! هه! هل تريدين الأدعاء أنك لا تعلمين حقا , أنك سوف تصبحين كونتيسة بزواجك مني؟ ستأخذ والدتي لقب كونتيسة بالتقاعد ... ولا شك أنها ستكون مسرورة ومرتاحة لتنقل اليك العبء كله, وحسب ما أتذكره , قالت مرة أنها متعبة من مسؤولية تنظيم جميع الأمور في القصر ولا شك أن مجيئك سيجعلها تتمتع ببعض الراحة".
شعرت فلورا بما يشبه الهلع يجتاح كيانها , قالت:
" لست أفهم شيئا , أتريد القول أنك أنت الكونت ألان تريفيل وأنك تملك قصرا؟ أذا كان الأمر كذلك فلا يمكنني قبول عرضك.... أن فكرة أن أصبح كونتيسة ترعبني! أرجوك , قل أن كلامك مزحة...!".
" كلا, لست أمزح, أن لقبنا من أقدم الألقاب في فرنسا , وقصر الزهور بناه أسلافي , في القرن الثاني عشر".
تنهدت فلورا مرتعبة:
" لكن لماذا , لم تقل لي ذلك من قبل؟".
سكت قليلا قبل أن يجيب:
" كنت أعتقد أنك تعرفين جيدا من أنا , لم يكن ذلك سرا فالجميع في المستشفى يعرفون من أكون , وبعض الممرضات كن يتجرأن بوقاحة وينادونني: الكونت الذي لا يطاق".
تذكرت فلورا أنها سمعت من جنيفر تعبيرا بهذا المعنى , وفي ذلك الوقت أعتقدت أنهم لقبوه بالكونت بسبب تصره الوقح والمتعجرف , ولم تعرف ألا الآن بالذات أنه حقيقة كونت, بكل ما في الكلمة من معنى.
عاد ألآن ليقول بلهجة معبرة:
" أن والدك على علم بذلك, هو أيضا , لقد أخبرته أني الكونت تريفيل , وذلك منذ أيام قليلة , عندما قررت طلب يدك, كان يجب أن أبدو أمام عائلتك أنني قادر على الأهتمام بك كما يجب".
" آه, ألان".
لم تستطع منع نفسها من الأبتسام أمام التعبير اللطيف, أن والدها , لا يعلق أهمية على الفوائد المادية , وما يهمه هو أن يعرف هوية الرجل الذي يرغب في الزواج من أبنته , هل هو يحبها , أم لا.
عرأف ألان الذي يتمتع بموهبة غريبة في أدراك ما تشعر به فلورا تماما , أن الفتاة في حيرة , فقرر على الفور تغيير الموضوع فقال:
" كفانا كلاما في هذا الموضوع , لقد قبلت العرض ولن أدعك تغيرين رأيك, يجب أخبار والديك بهذا القرار , ثم نهتم بالأجراءات اللازمة لهذا الزواج , أني أصر على الأحتفال به هنا في أنكلترا , وهكذا يمكنني أن أقدمك الى قصر الزهور على أنك زوجتي ... الكونتيسة تريفيل الجديدة!".
شعرت فلورا بالشكوك تستيقظ في داخلها , وفي أنزعاج عميق, رأته يرسم أبتسامة غير محببة , أبتسامة رجل وجد ضالته في طريقه ليصفي حساباته القديمة , لقد وجدت قليلا من الأرتياح لدى طلبه الزواج منها لأنه في حاجة اليها , وأنها تتساءل من سيكون ضحية الأنتقام الذي يحيكه ألان , في قصر الزهور , شعرت بدمها يتجمد لمجرد التفكير أنه يستعملها كسلاح لينفذ مآربه , أنها تحبه , وسواء شاءت أم أبت , فهي ستظل تحبه الى الأبد , لكن هذا لا يمنعها من رؤية أخطائه بوضوح , أنه أنسان قاس , حاقد , متغطرس , لا يشعر بأدنى أنفعال , أنه كل هذا , ولهذا السبب بالذات قبلت عرضه , ألان , الكونت تريفيل , يركض وراء خسارته , وهي تعرف أنها لن تتخلى عنه ما دام هناك أمل لمساعدته على الشفاء وأستعادة بصره!
جوابه بأن رفع يديه الى عينيه شاتما, وخلع عنهما الضمادات , ورماها أرضا , ثم رفع رأسه في عزم , رافضا كل الحجج بعد خيبة الأمل القاسية.
وخلال الأسابيع اللاحقة , لم يقم سير فرانك وفلورا أي أعتبار لرغبة ألان بعدم السماح لأحد في أستئناف الحديث حول مسألة مرضه, لكن ألان تمسك بعناده وتصلبه , وبدأ يسترجع قراه تدريجيا, ومع أقتراب موعد رحيله , فهم سير فرانك وفلورا أن عليهما تقبل فشلهما, غير أن فلورا كانت تشعر بوجود أمل خفي بأن ألان سيشعر أنه في حاجة لرؤية كل الأشياء التي أعتاد رؤيتها قبل الحادث , فلن يتحمل الأعتماد على حواسه الأخرى.
ولما سمح له سير فرانك بأستئناف النزهات التي كان يقوم بها, عادت الحياة الى مجراها الطبيعي من جديد, وكانت فلورا تمضي أوقات بعد الظهر برفقته , لكنها لم تتجرأ على التحدث اليه عن أمكان أجراء عملية جراحية أخرى, خوفا من أن يجرحها غضبه الذي يزداد مع تحسن صحته وأستعادة قواه.
وخلال فترة النقاهة , أصبح ألان بالنسبة الى فلورا زائرا مداوما , وبدأ والداها يشعران أتجاهه بمحبة كبيرة , ومن جهته كان يبدو متحمسا برفقتهم. وخلال أحدى زياراته , وبينما كان جالسا في الحديقة برفقة فلورا , يتمتعان معا بنعومة الطقس وعذوبة الهواء , فاجأها ألان سائلا بلهجة عادية:
" فلورا , هل توافقين على الزواج مني؟".
كان ممددا على كرسي طويل مريح , يمضغ عودا من الحشيش الأخضر , لا شك أنه أحس بأستغراب فلورا التي همست تقول:
"ماذا ... ماذا قلت؟".
رفع رأسه في حركة متلهفة ورمى عود الحشيش وقال:
" أنا بحاجة أليك يا فلورا, لا أستطيع العودة الى فرنسا , من غيرك , أتعدينني , على الأقل بالتفكير في الموضوع؟".
راح قلب فلورا ينبض بسرعة فائقة , حتى أنه خيل أليها أن كل أعضاء جسمها ترتجف بشدة أنها تحبه كثيرا الى درجة أنها مستعدة لأن تضحي بحيلتها من أجله , لكنه كان يظهر لامبالاة عندما طلب منها أن تصبح زوجته , فتحت فمها لتقول له أنها تحبه كثيرا, لكنه تابع حديثه بهدوي:
" سيكون زواجنا زواج مصلحة, لا أكثر ولا أقل , لن أطلب منك أكثر مما تقدمينه الى الآن , وما قدمته خلال الأسابيع الماضية , لقد أصبحت بصري الذي خسرته , وبفضلك أشعر وكأنني قد أستعدت بصري, كما أنني أعدك , أنك أنت أيضا سوف تحققين مكسبا من هذا الزواج".
ولما هدأت نيران كرامتها , أحست بسعادة خجولة ويائسة لم يكن في وسعه رؤية مدى تأثير كلامه عليها , هذا العرض الجاف والبارد للزواج منها , كان بالنسبة لها, أقصى العذاب الذي يمكنها أن تتحملع حتى الآن , وودت عزاءها الوحيد بأنها متأكدة تماما من أنه يجهل حقيقة عواطفها , ظل رأسه منحنيا , كأنه يصغي أو يحاول أدراك ردة فعلها , وهي ظلت جامدة تنتظر هدوء توتر أفكارها وحتى تستعيد السيطرة على نفسها مرة ثانية.
سألها فجأة :
" هل ما زلت هنا؟".
كانت كلماته تنم عن مدى حاجته الماسة اليها , وأرادت فلورا لطبيعتها المتسامحة أن تنسى ما ينطوي عليه عرضه المفاجىء لتحتفظ فقط بندائه اللاواعي وطلبه مساعدتها , فأجابت وهي تحاول التحدث في صوت هادىء:
" نعم, ما أنا ما زلت هنا".
أسترخى وأرتسمت على شفتيه أبتسامة صغيرة ثم قال:
" هذا أفضل , كنت أخشى ألا تكوني قد سمعت ما قلت, أذا ما هو جوابك يا فلورا؟ هل تقبلين بالزواج مني والعودة معي الى فرنسا؟".
أجابت في صوت خفيض جدا:
" نعم".
كبرت أبتسامته وقال وفي صوته بعض السخرية:
" شكرا, لقد كنت أتصور أن هذه الفكرة ستروقك".
حاولت فلورا جاهدة المحافظة على برودة أعصابها ,و ولتتذكر مدى حزنه ووحدته وحتى خوفه العميق الذي لا يريد أظهاره , منذ سنتين وهو يعيش أملا في أستعادة بصره, والآن , مات الأمل في داخله , ولكي يجابه المستقبل , فهو في حاجة الى مرساة , ألى أحد يفهم حاجاته ولا يتطلب منه أي عاطفة أو شعور ما , تذكرت فلورا كلمات سير فرانك:
" أني متأكد من أنك اذا بقيت معه خلال الأشهر المقبلة , الصعبة فسوف تنقذينه من هذه المحنة , ربما ما تفعله تضحية كبرى , وربما يكون ذلك جنونيا تتحمل وحدها نتائجه , لكنه طلب منها مساعدته وحبها له كبير الى حد أنها عاجزة عن رفض ما طلبه منها.
رفع حاجبيه في سخرية وسألها في صوت فاتر:
" تعجبك أذا فكرة أن تصبحي كونتيسة؟".
نظرت نحوه في أستغراب , لكنها تذكرت أنه لن يراها وتلعثمت وهي تقول:
" كون... كونتيسة؟".
قال وهو يضحك في أشمئزاز:
" هه! هه! هل تريدين الأدعاء أنك لا تعلمين حقا , أنك سوف تصبحين كونتيسة بزواجك مني؟ ستأخذ والدتي لقب كونتيسة بالتقاعد ... ولا شك أنها ستكون مسرورة ومرتاحة لتنقل اليك العبء كله, وحسب ما أتذكره , قالت مرة أنها متعبة من مسؤولية تنظيم جميع الأمور في القصر ولا شك أن مجيئك سيجعلها تتمتع ببعض الراحة".
شعرت فلورا بما يشبه الهلع يجتاح كيانها , قالت:
" لست أفهم شيئا , أتريد القول أنك أنت الكونت ألان تريفيل وأنك تملك قصرا؟ أذا كان الأمر كذلك فلا يمكنني قبول عرضك.... أن فكرة أن أصبح كونتيسة ترعبني! أرجوك , قل أن كلامك مزحة...!".
" كلا, لست أمزح, أن لقبنا من أقدم الألقاب في فرنسا , وقصر الزهور بناه أسلافي , في القرن الثاني عشر".
تنهدت فلورا مرتعبة:
" لكن لماذا , لم تقل لي ذلك من قبل؟".
سكت قليلا قبل أن يجيب:
" كنت أعتقد أنك تعرفين جيدا من أنا , لم يكن ذلك سرا فالجميع في المستشفى يعرفون من أكون , وبعض الممرضات كن يتجرأن بوقاحة وينادونني: الكونت الذي لا يطاق".
تذكرت فلورا أنها سمعت من جنيفر تعبيرا بهذا المعنى , وفي ذلك الوقت أعتقدت أنهم لقبوه بالكونت بسبب تصره الوقح والمتعجرف , ولم تعرف ألا الآن بالذات أنه حقيقة كونت, بكل ما في الكلمة من معنى.
عاد ألآن ليقول بلهجة معبرة:
" أن والدك على علم بذلك, هو أيضا , لقد أخبرته أني الكونت تريفيل , وذلك منذ أيام قليلة , عندما قررت طلب يدك, كان يجب أن أبدو أمام عائلتك أنني قادر على الأهتمام بك كما يجب".
" آه, ألان".
لم تستطع منع نفسها من الأبتسام أمام التعبير اللطيف, أن والدها , لا يعلق أهمية على الفوائد المادية , وما يهمه هو أن يعرف هوية الرجل الذي يرغب في الزواج من أبنته , هل هو يحبها , أم لا.
عرف ألان الذي يتمتع بموهبة غريبة في أدراك ما تشعر به فلورا تماما , أن الفتاة في حيرة , فقرر على الفور تغيير الموضوع فقال:
" كفانا كلاما في هذا الموضوع , لقد قبلت العرض ولن أدعك تغيرين رأيك, يجب أخبار والديك بهذا القرار , ثم نهتم بالأجراءات اللازمة لهذا الزواج , أني أصر على الأحتفال به هنا في أنكلترا , وهكذا يمكنني أن أقدمك الى قصر الزهور على أنك زوجتي ... الكونتيسة تريفيل الجديدة!".
شعرت فلورا بالشكوك تستيقظ في داخلها , وفي أنزعاج عميق, رأته يرسم أبتسامة غير محببة , أبتسامة رجل وجد ضالته في طريقه ليصفي حساباته القديمة , لقد وجدت قليلا من الأرتياح لدى طلبه الزواج منها لأنه في حاجة اليها , وأنها تتساءل من سيكون ضحية الأنتقام الذي يحيكه ألان , في قصر الزهور , شعرت بدمها يتجمد لمجرد التفكير أنه يستعملها كسلاح لينفذ مآربه , أنها تحبه , وسواء شاءت أم أبت , فهي ستظل تحبه الى الأبد , لكن هذا لا يمنعها من رؤية أخطائه بوضوح , أنه أنسان قاس , حاقد , متغطرس , لا يشعر بأدنى أنفعال , أنه كل هذا , ولهذا السبب بالذات قبلت عرضه , ألان , الكونت تريفيل , يركض وراء خسارته , وهي تعرف أنها لن تتخلى عنه ما دام هناك أمل لمساعدته على الشفاء وأستعادة بصره!

 
 

 

عرض البوم صور مجهولة   رد مع اقتباس
قديم 02-08-09, 11:53 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38965
المشاركات: 357
الجنس أنثى
معدل التقييم: مجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 552

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مجهولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مجهولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

4- رغبة الأنتقام

بعد مرور ثلاثة أسابيع , تم الزواج بين فلورا وألان , في كنيسة القرية الصغيرة , التي كانت شاهدة على طفولة فلورا وأصبحت بعد ذلك محور حياتها , لم ترتد لهذه المناسبة الثوب الأبيض الطويل . ولم تحمل باقة الزهور المعطرة , ولم تضع نقاب العروس , بل كانت ترتدي بذلة بيضاء قصيرة, وقبعة عادية متناسقة , وتحمل بين يديها كتاب الصلاة المغلف بالعاج, لكنها لاحظت رغن أضطرابها أن الكنيسة كانت مزينة بمختلف أنواع الزهور ذات الرائحة العطرة والألوان الزاهية , تلمع على الأثاث المصنوع من خشب الجوز الداكن , أبتسمت وهي تعرف جيدا أن والدتها هي التي قامت بتزيين الكنيسة , أنها مبادرة تمردية ضد قرار ألان القاطع بالأمتناع عن أقامة عرس أحتفالي.
كانت فلورا شاكرة لواليها لطفهما وجهدهما الكبير في أخفاء قلقهما العميق أتجاه مستقبل أبنتهما الوحيدة .
لم تكن تحدث أي صوت وهي تتقدم في بطء متأبطة ذراع سير فرانك , لكنها رأت ألان يرفع رأسه كأنه سمعها تقترب, ويلتفت نحوها , كان يبدو عليه الأرتياح في الظاهر , مد يده وشبكها بيدها , أي أنسان لا بد أن يدهش لدى رؤية تصرفات ألان الواثقة , لكن فلورا رأت أرتعاشة عصبية في زوايا شفتيه تدل على محاولته كبت غضبه , فلم تندم لتخليها عن الأحتفال والبذخ المألوف في مثل هذه المناسبات , من أجل تجنيبه هذه المحنة الطويلة.
كان ا؟لأحتفال بسيطا وقصيرا , ذهب الجميع الى القاعة الملحقة بالكنيسة لتناول الغداء , جنيفر التي كانت شاهدة زواجهما , مع سير فرانك , كانت الوحيدة التي أعربت عن فرحها , وساعدت ثرثرتها على أضفاء جو البهجة على الأحتفال , وبرغم توتره أظهر ألان لطفه أمام الحاضرين , لكن عندما حان الوقت للذهاب الى المطار , ترك نفسه ينزلق في مقعد السيارة التي وضعها سير فرانك تحت تصرفهما , وهمس قائلا:
" يا ألهي, أنني سعيد أن كل شيء أنتهى! لم أعد قادرا على الصبر دقيقة واحدة أخرى!".
لم ترد فلورا , أنها الآن وحدها مع الرجل الذي وعدت, منذ ساعات قليلة , بأن تحبه , وتحترمه وتتبعه , فجأة تملكها الذعر , محبسها الذهبي الثقيل كان بمثابة سلسلة تربطها به مدى الحياة , كانت ترغب في سحبه من أصبعها ورميه من نافذة السيارة.
لا بد أن ألان شعر بعصبيتها وحالتها النفسية , فراح يحدثها في هدوء ويقول بلطف:
" قريبا نصبح في طريقنا الى فرنسا, أني متأكد من أن الرحلة ستعجبك, هل قلت لك أن هناك طائرة خاصة تحت تصرفنا؟".
لم تستطع النطق , فأكتفت بهز كتفيها , فتابع ألان حديثه:
" عندما أتصلت بوالدتي هاتفيا لأعلمها أننا سوف نسافر عندما تتوفر لنا أماكن في الرحلات العادية , أخبرتني بعرض قدّمه جيراني بأن يضعوا طائرتهم الخاصة تحت تصرفي".
قالت فلورا في صوت خفيض:
" لجيرانك طائرة خاصة؟".
" نعم , أنهم أصحاب مصانع كبرى , يملكون قصرا بالقرب من قصرنا, يقطنونه أشهرا قليلة خلال السنة كلها , وقد بنوا مدرجا وأشتروا طائرة , وهكذا يستطيعون السفر متى أرادوا وبالسرعة المرجوة , لكن السيد شيسينيه يستعمل الطائرة من أجل القيام بأعماله العديدة , وهذا يعني أن أمتلاكهم لطائرة , ليس ترفا كما ظننت ".
تنهدت فلورا:
" آه , أنني أفهم الآن, أنها تلائمهم وتريحهم".
أعتبر ألان أن جوابها ساخر , فعاد الى صمته وأستعاد نظرته الداكنة ولم يقم بأي جهد ليسري عنها من جديد.
وبعد ساعتين , عرفت فلورا للمرة الأولى في حياتها ما يمكن أن تعنيه كلمة ترف , ساعدهما سائق سير فرانك لأنجاز الأجراءات , ثم عهد بهما الى قبطان الطائرة , وهو شاب فرنسي , فراح يدلهما على الطريق التي تأخذهما الى المدرج حيث رأت فلورا طائرة, عنابية اللون ذات شكل متناسق , وراحت تتساءل كيف يملك هذه الطائرة أنسان واحد , وقامت مضيفة بمساعدة ألان على تسلق سلم الطائرة وأدخلتهما بعد ذلك الى غرفة فاخرة وواسعة في ذات الوقت , تسع ثمانية أشخاص , مقاعدها من الجلد الثمين , وفي الأرض سجادة عنابية سميكة , وبعد أن أطلق زفرة أرتياح , سقط ألان في مقعده وأمر المضيفة:
"عندما تقلع الطائرة , أحضري لي شيئا أشربه".
" بكل تأكيد يا سيدي , وهل ترغب السيدة في شيء هي أيضا؟".
السيدة! الصدمة أفقدت فلورا النطق , ولأول مرة فهمت أنها دخلت الى حياة ألان بصورة نهائية , كانت المضيفة تنتظر بصبر, لكن صوت ألان الملح , أنتزع المرأة من حلم اليقظة الذي تعيشه وسألها طالبا منها جوابا سريعا:
" فلورا؟ أين أنت؟ لماذا لا تردين؟".
" أني هنا بقربك يا ألان , كما سأظل دائما".
وراء النظارات السوداء تصعب قراءة ما في عينيه , لكن عندما بدأ يسترخي في مقعده , رأت فلورا أبتسامة ترتسم على شفتيه.
وبدورها أسترخت , وحل مكان القلق الذي يعتريها نوع من الأرتياح , أنها سفرتها الأولى وأطلالتها الأولى على عالم جديد يبدو مليئا بالوعود المدهشة والساحرة , وخلال الرحلة كانت تحدق من خلال نافذة الطائرة بين سماء جامدة وبحر هائج , لكن للأسف , بينما كانت تنتظر بفارغ صبر أكتشاف فرنسا , تكدست الغيوم أمام عينيها ,ولمدة طويلة لم تكن قادرة على رؤية المنظر المعروض تحت أجنحة الطائرة.
وعندما جاءت المضيفة لتقدم لها الطعام اللذيذ , قالت لفلورا , أن الطائرة تحلق الآن فوق ساحل البحر األأبيض المتوسط وقالت لها بأن الغيوم ستختفي بعد قليل وسيكون في أستطاعتها أكتشاف أجمل مناظر المنطقة , ألان ظل صامتا , لا يتدخل في الحديث , كما رفض مد يده الى الطعام وأكتفى بأحتساء القهوة , وبدأ يتوتر شيئا فشيئا مع مرور الوقت , أخيرا , عندما أعلن الطيار قائلا:
" نستعد للهبوط , سيدي الكونت".
شدت قبضة ألان على الفنجان في قوة جعلته يتحطم في يده .
" ألان ! هل جرحت؟".
أنحنت فلورا لترى عن كثب ماذا حل بيده , لكنه ترك حطام الزجاج يتناثر ثم وضع يده المتشنجة داخل جيب سترته , وهو يقول بلهجة آمرة :
" لا شيء".
كان وجهه خاليا من أي لون والعرق يتصبب على جبينه:
" أرجوك لا تتصرفي في تكلف".
لم يكن لديها الوقت للمناقشة , أذ وصلت المضيفة لتتأكد بنفسها من وضع أحزمة الأمان , لكن قلب فلورا هبط بسرعة مع هبوط الطائرة التي ستعيدهم الى الأرض من جديد.

 
 

 

عرض البوم صور مجهولة   رد مع اقتباس
قديم 02-08-09, 11:54 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38965
المشاركات: 357
الجنس أنثى
معدل التقييم: مجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 552

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مجهولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مجهولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

كانت على وشك الأنهيار فلم تنتبه الى حديقة البناء الأنيق حيث هبطت الطائرة , لكنها شاهدته من بعيد وقالت لنفسها أن مالكي هذا المكان أشخاص محظوظون وأثرياء , ثم جلست مع ألان في المقعد الخلفي لسيارة ليموزين فخمة, وكانت السيارة تسير بسرعة كبيرة من خلال المناظر الخلابة التي لم ترها من قبل الا على شاشة السينما , الى يسارها , وبعيدا وحتى الأفق, تنتصب الجبال المغطاة بالثلوج, والى يمينها البحر الأزرق , وكانت الطلايق تتعرج بين التلال المزروعة صعترا ووزالا ومردقوشا وأكليل الزهر , منازل صغيرة مختبئة حتى سقفها داخل غابات الصنوبر ومجاري المياه الضيقة تسيل في أعماق الوديان , ومجموعة متناسقة لتؤلف أريجا لا يمكن أن يصنعه أحد.
أنها بحق كالجنة بما تحمله الكلمة من معنى , وكانت السيارة تمر من وقت الى آخر , أمام فيلات جميلة مبنية في وسط الحدائق الرائعة حيث أشجار النخيل والزهور الغريبة , وفي كل مكان أشجار السرو والشربين , تنتصب عالية كأنها تلتصق بالسماء.
كانت فلورا ترغب في الصراخ من فرط أعجابها أمام كل منظر جديد, لكن ألان يبدو كئيبا , متوترا , مما أثبط من عزيمتها وحيويتها , فظلت ساكتة , مكتوفة اليدين , تحتفظ لنفسها بتأثير المناظر الساحرة عليها.
وما أن خفت سرعة السيارة لتدخل بين جدارين من الحجارة الثقيلة المشبكة بقضبان الحديد, حتى عادت فلورا الى الواقع في عنف جعل قلبها يقفز من مكانه , هل هذا حقا منزل ألان... البناء الضخم الذي يترايى لها من بعيد يوحي بأنه قلعة , ومع مرور الزمن أكتسبت أسواره لونا عسليا , لكنه لم يفقد شيئا من عظمته , القسم المتوسط المستطيل , يلتصق بالزوايا الأربع لأبراج متصلة , ولن تستغرب فلورا أذا رأت الحراس في بذلاتهم الرسمية يرفعون أسلحتهم , أو أذا سمعت طلقات المدفع تحيي وصولهما , ولما أقتربت السيترة راحت فلورا تميز مجموعة من الناس مجتمعين في الساحة المتوسطة وعلى بعد بضعة أمتار حاجزان من الرجال يحملون أبواقا , وما أن ظهرت السيارة حتى أعطيت الأشارة , وأذا بالرجال يعزفون لحنا حماسيا على شرف الكونت وزوجته الشابة, كان هذا الأحتفال كبيرا وتقليديا لدرجة أن فلورا أعتقدت أنها أنتقلت الى القرن الثاني عشر , لم تعد تستغرب تصرفات ألان, أن تعجرفه اللاواعي ليس ناتجا عن غروره , أنما هو نتيجة طبيعية لتربيته.
أصوات الأبواق جعلت ألان ينتصب , راح يشد على فكيه ويحاول أستعادة برودة أعصابه أمام هذه التجربة التي تنتظره , منذ سنتين وهو يصر على عدم العودة قبل أستعادة بصره , لكنه قرر في النهاية التخلي عن أمنيته وكبريائه , كان قلب لورا ينزف شفقة عليه , لكنها رفضت أظهار أنفعالاتها , لأنها لم تنس الأهانة التي تعرضت لها في الماضي , لذلك كبتت قلقها وقالت بهدوء:
" ما هذا الأستقبال يا ألان! أنه لشيء عظيم أن ينتظر عودتك هذا الجكع الغفير من الناس".
لاحظت مجموعة صغيرة تقف على درج مدخل القصر.
" أعتقد أنني أرى والدتك , تبدو نافذة الصبر ومتلهفة".
" ومن معها؟".
طرح هذا السؤال في صوت مبحوح , فحدقت فلورا جيدا في هذه المجموعة الصغيرة , وقرب شبح المرأة المسنة النحيلة , وقف رجل يصغر ألان بسنوات قليلة وفتاة شابة, فلورا على وشك وصفهم لزوجها عندما خففت السيارة سرعتها , وتوقفت , قفز السائق من مقعده ليساعدهما على النزول.
صرخة كبيرة تعبر عن الفرحة خرجت من الحضور , وفي أحترام وضعت فلورا يدها تحت أبط ألان لتساعده في الدخول الى المنزل , وفوجئت لقبوله مساعدتها من غير أن يكفهر وجهه أو يقطب حاجبيه , وللمرة الأولى فضّل تحمل تدخلها بدلا من أثارة السخرية أذا تعثرت قدماه أمام هذا الجمهور الغفير.
وأندفع الموجودون نحوه , لنساء والفتيات , معظمهن يرتدين الثياب السوداء والمناديل أتقاء لحرارة شمس ذلك اليوم , الأولاد ذو البشرة السمراء يمسكون بأيدي آبائهم , العجائز يخلعون قبعاتهم أحتراما للكونت الشاب , الذي لا شك أن الجميع يحبونه.

 
 

 

عرض البوم صور مجهولة   رد مع اقتباس
قديم 02-08-09, 11:56 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38965
المشاركات: 357
الجنس أنثى
معدل التقييم: مجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 552

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مجهولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مجهولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وتألقت ملامح ألان بأبتسامة عفوية حقيقية شاهدتها فلورا للمرة الأولى , كان يرد على كل صوت بأسم الشخص الذي يناديه , كأنه يرى ويعرف كل واحد, أندست بين الجمع أمرأة مسنة حتى وصلت الى المقدمة , وأذا بها تتمسك به وهو مار بقربها , كانت الدموع تنهمر بغزارة على وجهها الأسمر المتجعد , وصرخت تقول:
"آه, يا ولدي ألان المسكين".
كانت فلورا تفهم بصعوبة ما تقوله هذه العجوز , لكن لم يكن هناك مجال للشك في العطفة الجياشة التي كانت تعبر عنها, وتخوفت فلورا من ردة الفعل التي يمكن أن تصدر عن ألان حيال هذا , لكنه مد يده باحثا عن يد المرأة العجوز ولما شد عليها , أجاب بلطف:
" شكرا , يا عجوز فيكتوريا , شكرا لتعاطفك ومحبتك".
وما لبث أن تحرر من قبضته وأكمل سيره.
ولما وصلا الى مقربة من عائلة ألان , كانت فلورا تحبس دموعها, ولحسن حظها , وقبل أن تلفت أنتباه زوجها أن عليه تسلق السلالم , نزل الشاب الذي كان يقف قرب الكونتيسة الأم السلالم مسرعا:
" أهلا وسهلا يا ألان! لقد طال غيابك!".
وتأبط ذراع ألان ليساعده على تسلق الأدراج.
وما أن سمع ألان صوت الرجل حتى غابت الأبتسامة عن شفتيه وأجابه بلهجة تدل عن حقيقة عواطفه أتجاهه.
" الفأر لا يحب عودة الهر , يا لويس , ألا أذا أعتقدت أن ذكائي ذهب مع نظري؟".
" أهكذا يا ألان, ترد على تحية أبن عمك؟".
أنحنى الرجل أمام فلورا في أحترام, ولاحظ عينيها الكبيرتين وتجعيدة فمها الحزينة ,وبعد تقطيب حاجبه , هز كتفيه وأبتلع خيبة أمله وقال مبتهجا:
" تبدو زوجتك تحت تأثير الصدمة , أرجوك يا ألان أن تطمئنها , قل لها أنني لست أنسانا سيئا كما ستعتقد عندما سمعت كلامك".
قام ألان بتقديم نسيبه في لهجة يغلب عليها الأحتقار:
" فلورا , أقدم اليك أبن عمي لويس , أذا كنت أنسانة عاقلة , فلا تكترثي بما يمكن أن يقوله , لا شك في أنه رجل مسالم , لكنه لن يتردد في أضاعة وقتك وأعتماد الكذب ليبرر تصرفاته".
ألقت فلورا نظرة متعاطفة أتجاه لويس , لكنها أدارت رأسها بعد تحية مقتضبة , أذ أنها شعرت بالحرج أمام أبتسامته الوقحة , وشعرت بأرتياح عندما وصلا أمام والدة ألان , كانت جامدة تتبع بنظرها كل خطوة من خطوات أبنها , كانت تشجعه وتسانده بسكوتها ألا يتعثر قبل وصوله اليها , وكانت فلورا مقتنعة بأن والدته على وشك التخلي عن وقارها والأندفاع أمامه ومعانقته , لولا وجود مشاهدين عديدين , لكن في مثل هذه المناسبة , كانت تكبت أندفاعها الغريزي وتتصرف كما يجب أت تتصرف الكونتيسة الأم.
وشعرت فلورا ببرود لدى تفكيرها بأن الجميع ينتظرون منها مثل هذا التصرف الأرستقراطي , فهي تعرف أنها لن تستطيع تحمل عبء بهذا الثقل.
" ولدي الحبيب!".
مد ألان ذراعيه نحو والدته التي أقتربت منه في نفس الوقت , وتعانقا طويلا ثم أبعدها عنه وأستدار نحو فلورا التي أسرعت تضع يدها الباردة في يده.
قال ألان ببساطة:
" أمي , لا شك أنك مشتاقة للتعرف الى زوجة أبنك, فلورا , هذه أمي, آمل أن تحبيها بقدر ما أحبها أنا".
كانت لحظة حارة ومؤثرة , وبرغم أضطرابها , تنبهت فلورا للزفرة الناقمة التي أطلقتها الفتاة التي كانت في أنتظار عودة ألان , وأدركت أنه هو أيضا سمعها , أذ أنقبض فجأة وأستدار .
وهنا لم تعد فلورا تتذكر ما قالته لوالدة زوجها , ولا حتى ما ردت به حماتها , كانت تعرف أنهم أستقبلوها بحرارة وحنين, وكآبة في ذات الوقت . وتبين لها أنه من السهل عليها أن تحب الكونتيسة المسنة . لكن ذهنها كان منهمكا بتفاصيل اللقاء بين ألان والفتاة التي أحدث وجودها تأثيرا كبيرا عليه, كانت الفتاة تتمتع بجمال فاتن, سمراء داكنه, شفتاها مليئتان وناعمتان كالمخمل , كانت قامتها قصيرة وترتدي فستانا أنيقا.
أبيض اللون , لا شك أنها أشترته من دور الأزياء الرفيعة في باريس, كانت تفرس في وجه ألان , بدون أخفاء ذعرها وغضبها أمام خبر زواجه المفاجىء لها , دام الصمت وقتا طويلا قطعه ألان قائلا:
" أنت سولانج؟".
تشنجت فلورا وهي تحس في صوت ألان ببعض القسوة وتابع يقول في أنشراح يشوبه الكدر:
" سولانج , أحب أن أقدم أليك زوجتي ... الكونتيسة نريفيل الجديدة!".
أنها اللحظة التي كان ألان ينتظرها منذ البداية ! لأسباب تجهلها كانت الفتاة الجميلة هي الضحية التي ستسقط فريسة أنتقامه.

 
 

 

عرض البوم صور مجهولة   رد مع اقتباس
قديم 03-08-09, 12:00 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38965
المشاركات: 357
الجنس أنثى
معدل التقييم: مجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 552

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مجهولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مجهولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

5- حادث أليم
كانت فلورا تتأمل بأعجاب خزانة الثياب الضخمة التي تحتل جدار الغرفة بكامله , فقد أنتهت لتوها من تعليق آخر فستان لها, وكانت تبعد الفساتين عن بعضها ومع ذلك ظل الفراغ واسعا يزيد من فقر جهازها , أقفلت الباب وهي تهز كتفيها , مقررة أبعاد كل الأفكار التي تضايقها عن مخيلتها , أصلها البسيط وعدم قدرتها على الظهور في مستوى العظمة التي تحيط بها , أبتداء من اليوم , حول عائلة ألان , ووالدته الحارة والودية والأرستقراطية , وأبن عمه الجذاب , وأخيرا صديقته , سولانج شيسينيه , التي قامت بجهد كبير لأخفاء نقمتها , والتي كانت عيناها الغامضتان تكذبان الكلمات اللطيفة التي أضطرت للتعلق بها رغما عنها.
منتديات ليلاس
ونتيجة لتفكيرها بكل هؤلاء الأشخاص شعرت برعشة تخترق جسمها , الجميع سيتناولون طعام العشاء معا, وعندما أقترحت الكونتيسة الأم على فلورا أن تأخذ قليلا من الراحة قبل العشاء , أستقبلت الفتاة الفكرة بفرح كبير , لكنها شعرت بأن عقلها لم يتوقف عن التفكير وهذا لن يساعدها على الأستمتاع بالراحة المرجوة , فأدارت نظرها عن الأثاث الفخم, وأقتربت من النافذة وحاولت جاهدة أستعادة توازنها , وراحت تتأمل الطبيعة , لكن لا فرق ففي الخارج كما في الداخل , كان الترف نفسه , مما جعلها تحن ألى منزلها العائلي وطراوة المرج الأنكليزي , كانت على وشك البكاء عندما سمعت طرقا خفيفا على الباب , وبسرعة , وضعت يدها على عينيها قبل أن تجيب:
" أدخل!".
كانت تنتظر رؤية أحدى الخادمات , لكنها فوجئت عندما أنفتح الباب وظهرت والدة ألان.
" كونتيسة ! لم أكن أتصور أن يكون الطارق أنت...".
أحمر وجه فلورا مثل تلميذة صغيرة أرتكبت ذنبا ثم تابعت كلامها وهي تقدم لها كرسيا.
" أرجوك أن تجلسي".
وفي أبتسامة أنيقة , جلست الكونتيسة , كانت ترتدي فستانا رماديا مخرما , يشع ألماس من عقدها ومن خواتمها العديدة , كانت تجسد الترف الذي يجعل فلورا تشعر بعقدة النقص ويزيد من توتر أعصابها.
قالت الكونتيسة بلطف:
" أجلسي يا أبنتي , يجب أن نتحدث , أنت وأنا فقط , أنني أدرك بوضوح التوتر الذي تعانيه وتتحملينه , ولأني عرفت أن ذلك يمنعك من الأسترخاء والأخلاد الى الراحة , فكرت في أغتنام هذه الفرصة لأتحدث اليك, هل هذا يزعجك , يا أبنتي ... هل تفضلين أن أذهب وأتركك وحدك...".
أجابت فلورا في حماسة:
" آه, لا , بالعكس , أهلا وسهلا بك , كونتيسة!".
أنحنت المرأة العجوز في مودة وربتت على يدها وقالت في تردد :
" أذا في البداية , لنتفق على الطريقة التي التي ستنادينني بها... يا أبنتي العزيزة , أحب أن تناديني أمي كما يفعل ألان , أرجو أن تعجبك هذه الفكرة...".
فوجئت فلورا بهذه المبادرة , فهذه المرأة العجوز الأرستقراطية تخشى أن يساء أستقبالها , وهذا ما تخشاه كل حماه! أنزلقت فلورا من مقعدها وركعت أمام الكونتيسة , كانت تبتلع دموعها , رفعت عينيها وقالت ببساطة:
" هذا لطف منك . يا أمي , أن تتيحي لي هذا الشرف الكبير!".
وللحظة كانت الكونتيسة على وشك الأستسلام لأنفعالها , لكن سنوات التدريب المنظم الطويلة ساعدتها , فشدت على شفتيها المرتجفتين , وقالت في صوت خال من الجرأة:
"هل تعرفين أنني أتوقع أحداثا سعيدة مع وصولك الى هنا كزوجة لألان ... مثلا , ألم تلاحظي أن أسمك مناسب جدا...".
قالت فلورا مبتسمة:
" لأنني أدعى فلورا أي زهرة , ونحن في قصر الزهور؟ نعم أنها حقا صدفة غريبة".
وأكملت الكونتيسة وهي مرتجفة اليدين:
" وفوق ذلك, واليوم, مضى على حادث ألان سنتان بالضبط , ولا شك أن عودته كانت مثيرة لو لم تكوني بقربه وتخففي عنه كل هذا الألم".
أختفت أبتسامة فلورا , كان ألان في الحقيقة وحيدا , وكانت تتعذب أذ أكتشفت أنه نادرا ما يبوح لها بأسراره , لا شك أنه يرغب في كتم كل الحوادث الماضية , ومع ذلك , فعليها الرد على بعض الأسئلة وألا تعتبرها العائلة وأصدقاء زوجها عديمة الأحساس , هم الذين يتوقعون أنها على علم بكل ما يجري في الحاضر وما جرى في الماضي.
سألت على مضض:
" كيف ... كيف وقع الحادث يا أمي؟".
تراجعت الكونتيسة قليلا, لكن تعبير فلورا والعذاب الظاهر في عينيها الزرقاوين ونظرتها التوسلية , كلها تدل على أن الفتاة تريد جوابا على سؤالها , تغلبت المرأة العجوز على حسرتها وأجابت:
" لا أحد , حتى اليوم , يعرف كيف حصل الحادث على وجه الدقة , كان ألان يعمل في المقطرة . ويقوم بتجارب عديدة على عطر جديد صنعه , وكان يبدو فخورا بهذا الأنجاز بالذات".
وأمام نظرة فلورا المفاجئة , شرحت تقول:
" عائلتنا , منذ قرون عديدة , تعمل في صناعة العطور , يا أبنتي العزيزة , لا شك أنك سمعت عن عطور تريفيل؟".
تذكرت فلورا على الفور القارورة الصغيرة لعطر غالي الثمن قدمته لها مرة صديقتها جنيفر في عيد ميلادها , كانت تستعمله بدقة حتى القطرة الأخيرة , كما أنها حافظت على القارورة الفارغة في درج خزانتها لتعطر بها مناديلها.
أجابت فلورا :
" بكل تأكيد . الجميع يعرفون عطورات تريفيل!".
هزت الكونتيسة رأسها في رضى وتابعت تقول:
" لدينا شهرة كبيرة نستحقها , على ما أعتقد , أن ألان خبير وماهر , وبالتأكيد لديه سنوات عديدة من الخبرة وحياة أمضاها في أتصال دائم مع هذه الصناعة , ولويس كذلك , لكنه مع الأسف لا يملك نصف مؤهلات وقدرة ألان البارعة, لأبني حاسة مميزة ومرهفة ونادرة, تمكنه من كشف جميع الفوارق الدقيقة الموجودة في العطر وتعيين كل نوع وعنصر يتألف منه هذا العطر بكل دقة وتمكن, لكن موهبته الحقيقية هي قدرته على خلط خلاصة كل زهرة بأخرى وتنويعها , من أجل أنتاج عطورات جديدة متناسقة , حتى أن الخبير الماهر لا يمكنه معرفة مصنوعات العطر الا بصعوبة كبيرة , نعم أن غياب ألان أثر كثيرا على هذه الصناعة , صحيح أن لويس ما زال هنا, لكنه لا يملك الشرارة الخاصة بالعباقرة , أنه يقوم بجهد كبير قدر المستطاع , لكنه ما زال صغيرا ولديه الميل في البحث عن ملذات أخرى خارج العمل ... وحديثا , كان ألان , هو أيضا , غير مبال ... وغير مكترث...".
توقفت عن الكلام وقامت بحركة صغيرة كأنها تريد التخلص من ذكرى معينة طافت بمخيلتها , ثم أكملت في صوت حازم:
" يجب أن تطلب من لويس أن يأخذك لزيارة المعمل, يا فلورا , يعرف تماما أن يكون رفيقا رائعا ولطيفا, وأنني متأكدة تماما أنك ستجدين نفسك مهتمة بالأمر".
قالت فلورا:
" لا شك في ذلك , يا أمي".
هذه الأفكار كانت تقلقها بعض الشيء , لأنها كانت تخشى ألا يوافق ألان على هذا التخطيط , لكنها لم تر عذر مقبول لرفض هذه الدعوة.
قالت الكونتيسة:
" سوف تذهبين في الغد , دعيني أكلم لويس في الأمر".
قالت فلورا في هدوء:
" كنت ستحديثينني عن حادث ألان...".
لكن الكونتيسة قالت وهي تهز كتفيها بخفة:
" ليس هناك ما أضيفه, لقد جاء أحد العاملين في المصنع الى هنا ليخبرنا أن ألان أصيب في عينيه من مادة الأسيد , بينما كان يعمل في مختبره , يستعمل الأسيد لتنظيف الآليات , حتى لا تفسد التجربة تجربة أخرى ... وسولانج نفسها , التي كانت تعمل معه في ذلك الوقت لم تتمكن من تزويدنا بالتفاصيل الدقيقة عما حدث آنذاك, منذ سنتين تماما, بالنسبة ألى ألان , فقد رفض التحدث مع أي أحد بالأمر".
شعرت فلورا بقشعريرة تعبر جسدها , لكن قبل أن تتمكن من طرح أسئلة أخرى, نهضت الكونتيسة وقالت بحنان:
" سوف نتحدث عن ذلك مرة أخرى , يجب أن أرتاح قليلا , قبل موعد السهرة".
توجهت نحو الباب , ثم توقفت:
" يا أبنتي فلورا , جئت لأقول لك كم أنا سعيدة لأنك قبلت ألان زوجا لك, أن الحياة بالنسبة أليك , ربما تكون... صعبة ... لكن أؤكد لك أنك تصرفت بشكل جيد , حتى ولو أظهر بعض الأحيان قسوة وأبتعد بعض الشيء فأنك بكل تأكيد , ضرورية لسعادته ... وهو ضروري لسعادتك أنت أيضا , أرجوك أقبلي بركتي وأمتناني".
ظلت فلورا جامدة تفكر بكلمات الكونتيسة بعد ذهابها , لقد عبرت عن عاطفتها بصراحة وصدق وأفهمتها مدى الحيرة والأرتباك حيال التغيير الذي طرأ على أبنها , وفلورا نفسها , لم تلاحظ في لقائها الأول بالكونت هذه الأناقة وهذا اللطف وهذه الطلاقة التي تسحر المرأة , وضعت يدها على حنجرتها التي كانت تؤلمها , أنها مقتنعة بأن ألان سيصبح هكذا من جديد , أذا تخلص من مزاجه الحزين المسيطر عليه , لكن, هل سيلجأ اليها , فيما بعد, هي الفتاة البسيطة , أبنة الكاهن , ليشاطرها فرحه وأحلامه أو يلجأ الى سولانج بسهولة أكثر ؟ فجأة شعرت بالحرارى تخنقها , فقررت أخذ حمام سريع فاتر قبل موعد العشاء.
أنها وآلان يتقاسمان الجناح ذاته, فهي تشغل الغرفة الواسعة , وهو يشغل الغرفة الصغيرة , ويفصل بين الغرفتين حمام مشترك , عندما دخلت الحمام لم تسمع أية حركة داخل غرفته, دخلت الى الحجرة الشفافة وفتحت الحنفية وراحت تتمتع بالماء , ولم تقرر أنهاء الحمام الا حين شعرت بأن البرد بدأ يخدرها , فتناولت منشفة الحمام وراحت تدلك جسدها بهمة ونشاط , فكانت منهمكة الى درجة أنها لم تسمع الباب ينفتح , ولم تحس بوجود ألان ألا بعدما رفعت رأسها ورأته , كان مرتديا مئزر الحمام, ويتقدم بتمهل نحو الحنفية , واذا بفلورا تضع يدها على فمها لتخنق صرخة كادت تنطلق , لكنه سمعها وقال بنبرة قاطعة:
" من هنا؟".
لم ترد , أرتبكت من الرهبة , برغم معرفتها بعدم قدرته على رؤيتها .
" من هنا؟ أريد جوابا في الحال".
تقدم خطوة ألى الأمام لكنه تعثر أذ أرتطم بكرسي صغير , فركضت تتمسك به كيلا يفقد توازنه ويسقط , فتمسك بها, ومن جراء هذا الأتصال الجسدي الأول شعرت أنها لم تعد تلك الفتاة الصغيرة الخجولة الحالمة , لكنها أمرأة , ترتعش فرحا ورغبة لدى لمس زوجها لها .
قال بصوت خفيض:
" فلورا!".
كان على وشك أبعادها في غضب, لكنها تلعثمت قائلة:
" أرجو أن تسامحني , يا ألان".
وتذكرت بصعوبة أن العينين السوداوين المحدقتين بها لا تبصران في الواقع.
" حاولت قفل الباب بالمفتاح , لكنني لم أتمكن من ذلك , أعتقد أن القفل معطل...".
كان جامدا في مكانه لا يتحرك . وما زال متمسكا بها, يضمها بشدة نحوه , وفي عينيه الخاليتين من النظارات , يلمع نور خفيض وعلى فمه ترتسم أبتسامة غامضة , وبهدوء , جذبها نحوه ورفع خصلات شعرها الخفيفة المجعدة فوق جبينها , راح يتكلم في صوت حنون , ما تعودت سماعه.
" قال لي لويس أنك أمرأة تتمتعين بجمال خارق , لقد قال لي بالحرف : أنها وردة أنكليزية رائعة".
كانت ترتجف بين يديه , غير قادرة على الرد وتشعر به قريبا منها , وتابع كلامه:
" هل تسمحين لي بأن أحكم بنفسي؟ أن وضعي سيء , لست قادرا على أن أرسم في عقلي صورة زوجة سيحسدني عليها كل أصدقائي , كما قال لويس!".
لم تتراجع فلورا عندما وضع ألان يديه على مجهها , وبنعومة وببطء كانت يداه تمران على جبينها المالس وفوق عينيها , تلمسان رموشها ثم تمتدان الى خديها.
همس وهو يردد كلمات لويس:
"عينان زرقاوان بريئتان , تشبهان أزهار البنفسج , بأتساعهما ونعومتهما المخملية , شعر كثيف وأشقر كالذهب , شفتان تشبهان الورد".
كانت فلورا تتخبط بين الخوف وأضطرام العاطفة, كان النبض يقفز في أذنيها , وشعرت بنفسها فريسة أحاسيس غريبة تزداد تطلبا كلما أمتدت أصابع ألان حول عنقها المرهف لتتوقف طويلا على كتفيها.
وصارت كالمجنونة عندما أنزلقت المنشفة عن جسمها , وفي تلك اللحظة بالذات أظهر ألان بدهشة مخنوقة عدم قدرته على السيطرة على نفسه أكثر , وبقوة شد زوجته نحوه وعانقها , ومن كل أعماق قلبها المحب, كانت فلورا تشاركه هذا الأحساس , كانت غارقة في حبها , وفي الوقت نفسه كانت تسمع صوتا يقول لها أن هذه الرغبة الجامحة التي يتظاهر ألان بها , لم تكن موجهة أليها , أنما لشبح في الماضي , لكنها رفضت الأصغاء الى ذلك الصوت , من كل قلبها , من كل روحها , كانت تحب ألان حبا عميقا, الى درجة أنها كانت مستعدة لتبادله كل عواطفه.
وفجأة أبعدها عنه وقال بصوت لاهث , وفم متقلص:
" أرجوك أن تغفري لي تصرفي هذا , ما كان يجب أن يحصل ما حصل!".
راح يحاول أستعادة برودة أعصابه:
" لا أجد عذرا لمثل هذا التصرف , أنه جدير بالأحتقار ! فلورا هل تسامحينني؟".
فوجئت أذ رأت الكآبة موسومة على وجهه , فقالت:
" ليس لك أن تعتذر , يا ألان".
قامت بحركة لتضع يدها حول عنقه , فتمسك بمعصميها , فصرخت:
" ألان! لا داعي للأعتذار , أنا زوجتك!".
جوابه البارد أطفأ في داخلها كل أمل:
" كان لي هدف من الزواج منك, لكنه لم يكن هذا الهدف , أنني في حاجة ألى وجودك , لكن يا ألهي , لا أعرف لماذا!".
كان يبدو مرتبكا وغير منطقي وتابع:
" بدأت أفهم أنك أرتكبت غلطة كبرى بالزواج من نصف رجل حي, عندما عرضت عليك الزواج , كنت أعتقد أنني أخدمك بذلك".
" تخدمني؟".
وبعد صمت مزعج , عاد يقول في تردد مضطرب:
" سأكون صريحا معك , كنت دائما صادقة معي , وسأجابهك بالمثل , على الأقل".
تصلبت وتماسكت وهي تنتظر أعترافه , وفي لا وعي , لاحظت حركات يده المرتعشة وتشعث شعره, لكنها تمالكت نفسها لتتمكن من أستيعاب ما سيقول:
لأسباب عدة , كنت في حاجة الى زوجة , وكنت أنت المرشحة المثالية , عندما سألتك أن تزوجيني , كنت أعتقد أنك أمرأة في سن متقدمة, وسيدة مطيعة لا ترفض متطلبات والدها , وليس لها أمل بالخروج من الوضع الشاق الذي كانت متوطة فيه".
رفع يده ليفرض عليها الصمت , عندما سمع آهة تعجب أطلقتها فلورا وأضاف بعنف:
" لم يقل لي أحد أنك فتاة شابة ورائعة الجمال, قادرة على جذب الرجال , لا أحد , قبل لويس ... بعد أن فات الأوان ,كنت أعتقد بأن صدقك عائد الى تربية قاسية , لو عرفت أن سبب ذلك أنك ما زلت شابة , لما أستغللت ثقتك وأرادتك الطيبة , بالنسبة الي كنت الرفيقة الممتعة , التي لم أكن بحاجة وأنا معها ألى أرتداء أي قناع , أرجوك أن تصدقيني , كنت مندهشا ومضطربا عندما وصفك لويس , أعتقدت أولا أنها مزحة من مزحاته التافهة , ولهذا السبب تصرفت الآن بهذا التصرف المؤسف , فقد كان يجب علي أن أعرف !".
شعرت فلورا بالخدر يتسرب الى جسمها , لكنها تمكنت من أطلاق ضحكة سريعة قبل أن تسأل:
" أذا كنت تعتبرني عانسا حقا , فلماذا أردت أن تتزوجني؟".
ومن خلال سحابة الدموع المغرورقة في عينيها , رأته يهز كتفيه ويقول:
" يمكنك أن تعتبرينني جبانا, أذا أردت , لكنني كنت أبحث عن أنسان أحتمي به من العواطف الجياشة التي تنتظرني هنا لدى عودتي , كما كنت بحاجة ألى عينين تريان وتصفان لي مفصلا كل ما يجب أن أعرفه , وكنت أريد أنسانا صادقا لا يموه الحقيقة أو يقنعها , لكنني أرى الآن أن الترف والمال وكل ما يمكن أن أقدمه أليك بديلا , ليس ذا أهمية بالنسبة الى المرأة التي أصورها...".
ثم أكمل يقول:
" لكنني لا أفهم لماذا قبلت عرضي , وما هو السبب الذي تقبلين الزواج من أعمى؟".
شعرت فلورا بقلبها ينقبض في صدرها , من الأفضل لها أن تتركه يعتقد أن هناك دوافع مثيرة وذات أهمية كانت السبب لما أقدمت عليه , أجابت في لهجة حازمة ومحاولة السيطرة على أرتجاف فمها:
"ربما كان حكمك علي خاطئا , أن قريتي غلينغهام بمثابة سجن حقيقي وكنت دائما أحلم بالفرار والعيش بعيدا , لذلك عندما أقترحت على الزواج والمجيء الى فرنسا , أردت ألا أدع الفرصة تفوتني, لذلك ليس من الداعي أن تحكم على نفسك أو على أعمالك يا ألان , لقد أشتريتني وأنا كنت مستعدة لأبيع نفسي , الزمن هو الوحيد الذي سيقول من منا الذي قام بصفقة أفضل ".
كان أنف ألان الكبريائي يرتعش , كان يبدو مرتبكا الى درجة أنه لم يجد أي جواب وضاعت الكلمة على شفتيه , لكن سرعان ما أبتسم أبتسامة ساخرة وأستعادت عيناه رونقهما الداكن , ثم أستدار وتمتم بتحية سريعة وخرج من الباب تاركا فلوا وحيدة , راحت تبكي بحرقة وترتجف من البرد في هذه الغرفة الفارغة.

 
 

 

عرض البوم صور مجهولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارغريت روم, chateau of flowers, بين الوهم و الحقيقة, دار النحاس, دار الكتاب العربي, margaret rome, رومنسية, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات رومانسية مترجمة, روايات عبير المكتوبة, زهرة الحب, عبير القديمة, قال الزهر آه
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:17 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية