المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
صاحب الجلالة الموت
صاحب الجلالة الموت !!
ألقت بالموبايل ، وآخر صرخاته : تضحين بى .. كيف هنت عليك .. كيف ؟".
على امتداد ذراعها ، وعلى صخب الموسيقى .. كانت تؤدى رقصة الموت ، فى حركات عشوائية قاتلة ، و تطوحات همجية ، تدبدب .. تتخلص من غطاء الرأس ، تشعث شعرها فيمتد حتى سمانة الفخذين، وهى تتطوح بلهاث و صرخات مميتة ، حتى فقدت اتزانها تماما :" لا .. تصرفي .. أنت ضعيفة .. ضعيفة ".
غارت فى الرقصة أكثر ، كأنه صخب زار ، حاطتها الجوقة السودانية ، علا صوت المنشد الأسمر ، ودب دفيف حد السحاب ، خرجت من بلوزتها ، تطوحت ، تخلصت من حمالة الصدر .. تستشعر حمى وثنية .آهت بعنف و هستيرى :" سوف يقتلونك ، لو ظللت على هذا الضعف .. أولى بك الموت .. فى كل المرات كانوا هم من يخطط .. و معهم أقدارك ".
تأرجح نهداها بقسوة ، و هى تدبدب ، دموعها تنحدر فى خيوط متواصلة ، جنية من غائر الأساطير ، وجن أحمر يراقصها بلا هوادة ، و بتفنن مرعب .. الجوقة تؤدى حد الانهيار ، تتخلص من كل هلاهيل تسكن روحها .. الموسيقى تصطخب :" ولدا أختك من يرعاهما .. لا بد من الاقتران بأبيهما ".
انهارت ، صرخت .. صرخت بقسوة حتى تقطعت حبال روحها ، تتدحرج فى صخب مميت .. على يديها و ركبتيها تزحف ، تتطوح :" أنت حياتي .. سوف أموت بعيدا عنك .. بعيدا عنك ".
تسوخ روحها ، تكاد تذهب ، الموسيقى تصطخب ، تسطو على مدارج الصدر ، و الروح ، :" أريدك .. أنا طفلك .. أنت حبيبتي .. أنثاى أنت ".
:" أنا أختك .. حقوق أولاد أختك ستضيع .. لو لم تكونى معهما .. فكرى .. فكرى بشكل طيب ؛ فأنا أعرفك كما أعرف نفسي .. لا تخضعي لغوايته .. لا ". لطمات قاسية من كل اتجاه ، لا تتوقف ، لا تخفت !
ترنحت ، اتجهت صوب الكمودينو ، جذبت الدرج بشدة ، و هى تزاول الرقصة لم تزل ، خطفت أجندة ، عبثت فيها و هى تكاد تمزقها ، التقطت صورته ، قبلتها ، وهى تهتز بعنف .. اصطخبت دموعها ، هاجت ، أغرقتها ، احتضنت الصورة ، دفنتها فى صدرها ، فى نهديها العاريين : ماتت أختك راضية مطمئنة إلى وجودك مع ولديها ، لا تؤلميها ، لا تعذبيها ".
العرق يغسل جسدها ، صرخت ، رأت نفسها فى المرآة ، رأت عريها ، بسرعة ابتعدت ، توارت خلف السرير ، حدقت فى الصورة ، تمعنت فيها ، بكت :" أرجوك .. لا تظلمني .. لا تظلمني ، أعرف كم سيكون وقع الأمر صعبا عليك .. لكنك كنت تعرف .. كنت تعرف " . صرخت بها ، ثم راقصت الصورة ، ضمتها لصدرها : " افهمني حبيبي .. افهمني .. أرجوك ".
:"تبكى .. لا تبلك .. لا تبك .. ربما تبكى على أنا .. خرجت من بين أيديهم فى ارتباط فاشل ، لأعود لهم ثانية "... صرخت بآهة ممدودة على اتساع أفق الله :" حق الأولاد سيضيع لو تخليت عنهما .. دبرنى .. دبرنى .. أنا لا أتصور العيش بعيدا عنك بعد أن وجدتك .. صعب .. و ما ذنبهما ؟! ".
تحط على فخذيها ، تشهق ، تدبدب ، تدور الأرض السماء ، تتأرجح ، تترنح ، تغيب عن الوعى !
يفلح الصغير فى فتح باب الغرفة ، يحس بفقدها ، يبحث ، وهو على وشك البكاء ، يدور حول السرير : ماما .. ماما "
رأها فافتر ثغره ، وزال كربه ، ارتمى عليها ، ربت على جسدها و شعرها ، قبلها ، وارتمى بين نهديها:" ماما .. ماما ".
تتحرك ، تفيق من إغماءتها ، ترفع رأسها .. تراه ، تخطفه بين صدرها :" لا تخف .. تعال !".
: لن أتركك صفا .. لن أتركك .. أين مها .. ؟ هيا ناد عليها ".
يندفع الصغير خارجا ، بينما هى بفوطة تجفف كل شيء .. المخيلة ، الصدر ، الصورة ، الجسد السخن المرتعد ، تحنو على ثيابها ، تغرق فيها ، عيناها تنزفان ، بينما أصابعها تمزق الصورة !
حين تقدمت من النافذة لتلقى ببقاياها ، تراجعت ، عادت تقبلها ، و تضعها فى الأجندة وهى تتماوج تحت تأثير صدع قاس كطائر ذبيح !
__________________
|