كاتب الموضوع :
safsaf313
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
يا أبي ، عندما أعلمتك أنني أريد دراسة التمريض ، شجعتني ).
- إنها مهنه رائعه ، يا عزيزتي . فلا تبدي هذا القلق ، على أي حال ، لم أتوقع منك أن تعملي معي .
وارتسمت على شفتيه إبتسامه شاحبة حين أضاف .
- أظن أن أفكاري رجعيه . فقد اعتبرت الفتيات لا يصلحن لدنيا الأعمال .
كما توقعت أن تتزوجي في سن مبكرة ، ولربما اخترت شخصاً يحب العمل معي في الشركة .
هذا ما فكرت فيه بخصوصك . وقد تعلمت الكثير منذ ذاك الحين .
وخصوصا منذ زواجي من نويل . عندما كانت سكرتيرتي كانت كفؤأ متواضعه . لكن حين أصبحت زوجتي تغيرت كلياً.
لم أرَ وأكتشف طبيعتها الحقيقة يا لويزا ، كنت أعمى .
بدأ في عينيه الحزن والإستسلام ، وهو يكمل : ( إنها طموح جداً وعنيدة جداً).
- نعم .
شعرت لويزا بأسى عميق لزوال الغشاوة عن عيني أبيها .
فقد كانت تفضل أن تراه سعيداً راضياً في زواجه رغم أنها لم تحب يوماً زوجة أبيها .
ثم قال أبوها عابساً : ( في الحقيقة ، أنا خائف جداً من إخبارها عن رغبتي في بيع المصنع .
ستجعل حياتي جحيماً إذا علمت أننا في ضائقة مالية ).
قطبت لويزا مفكرة : ( إذا كانت ذكية في إدارة الأعمال بقدر ما تظن أن ت. فلابد أن لديها فكرة عن الموضوع .
كن صريحاً يا أبي وأخبرها بالحقيقة . أظنك تدين لها بهذا . إنها زوجتك ويحق لها أن تعلم الحقيقة).
أمضيا بقية الوقت في مناقشة هذا الموضوع . واستطاعت أخيراً أن تقنعه بإطلاع نويل على الوضع ذلك المساء.
ونبهّته قائلة : ( من الأفضل ألا تخبرها أنك ناقشت الأمر معي ).
فابتسم أبوها بكآبة : ( أنت على حق ، فلن أذكر حتى أسمك . إنني أسف لأنكما غير
منسجمتين بسبب طباعها الصعبة ).
وتأوه طويلاً ثم أضاف : (الزواج علاقة صعبة . يا عزيزتي . عندما تريدين الزواج ، فكري ملياً بالأمر ).
- سأفعل ، فلا تخف .
- أما زلت تخرجين مع الطبيب ؟ ما أسمه ؟ دايفيد؟
هزت رأسها نافيه .
فقال وهو ينظر إليها بعطف : ( آسف لذلك ، فقد أحببته . كان يبدو رجلاً طيباً ).
- هذا صحيح ، لكننا لم نكن ..أنا ..لم ..
- لا بأس . أميرك سيأتي يوماًُ ما ، يا عزيزتي .
وبقيت كلماته تتردد في ذهنها ، حتى وصلت إلى بيتها ( أميرك سيأتي يوما ً ما ..أميرك سيأتي ).
لم يكن زاكاري ويست أميراً ..كما لم يكن أميرها هي بالطبع .
لكنها تمنت لو استطاعت أن تتحدث إلى أبيها عنه .
تمنت أن تتحدث إلى أي شخص عنه . عن شعورها نحوه .
ولكن لا مجال لذلك . استمعت إلى أبيها يتحدث بحزن عن نويل .
وهن مقدار حبه لها . وخوفه من أن يفقدها ...لكنها لم تتلفظ بكلمة
واحدة عن أمورها المعقده ومشاعرها الجريحه . كان هو آخر شخص يمكنها أن تطلعه على مشاعرها نحو زاكاري .
اتصل بها أبوها في اليوم التالي ، وقال لها بسرور : ( أخبرت نويل الليلة الماضية .
وكنت على حق ، يا عزيزتي ، فهي لم تفاجأ ..)
ّّّّّّّ- نعم ، فقد تصوّرت أن لديها فكرة عن الموضوع !
- إني مستاء لأنني لم أخبرها من قبل . قالت إنها أدركت أنا نمر بأزمة .
لهذا عملت بجد ونشاط لوضع الشركة على أساس متين .
رأت أننا سنحصل على سعر أفضل ، إذا ما كانت الؤسسة منتجه وناجحه وليس على شفير الإفلاس.
قالت ببطء ، وقد أدركت أن عليها أن تعيد التفكير في رأيها بنويل :
( إنها على صواب ).
- لكنها لم تقبل بالعرض الحالي . فهي تتعامل مع رجل من ( بيرمنغهام) يملك سلسلة من المتاجر في شمال
إنكلترا، ونحن نقوم بتصنيع منتجات عدة له . وتظن نويل أنه قد يساعدنا ، ويصبح شريكاً لنا .
فهو يسعى لتوسيع أعماله نحو الجنوب كما يود امتلاك بعض مصادر المنتجات ، ليقلل من نفقاته .
فقالت مقطبة : ( وهل أعجبتك الفكرة ؟ أعني أن تبيع المصنع له ).
- حسناً ، أظنني أود أن أتقاعد . لقد سئمت إدارة الأعمال . فقد عملت معظم حياتي ، وقد حان وقت الراحة .
ولعب الغولف .
- ولكن ألن تضجر يا أبي ؟
- لقد ضجرت من العمل . وإذا مللت من التقاعد يمكنني العودة إلى العمل . لكن أمامي الآن سنوات عدة .
فأنا ما زلت نشيطاً . وسأستمتع بعدم اضطراري للعمل . من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً.
لستة أيام في الأسبوع .
سألته وقد شعرت ببعض الإرتياح : ( أنت لا تقوم بهذا العمل ، إذاً ،
لتزيد من رأس المال لتدفع التعويض لزاكاري ويست ؟)
- لا . أن نويل على حق . لقد فقدت إهتمامي بالعمل قبل أن اتعرف إليها .
وسيسعدني أن أتقاعد وأدع نويل وذلك الرجل يتسلمان المسؤلية .
يبدو أن نويل تخطط لاستلام العمل يومياً .
وسيهتم شريكنا الجديد بالأعمال من حين لآخر .
وستبقى الأمور كما هي ، مادامت نويل ناجحه وهو راض بالنتيجه .
- أنا واثقة من أن نويل ستنجح .
- وأنا واثق من ذلك ، أيضاً .
عندما عادت إلى عملها ، وجدت التعاون مع دايفيد صعباً .
كان مهذباً للغاية ، إذ لم يكن من النوع الفظ أو الحقود . ولكن تصرفاته اتصفت
بالبرود كلما اجتمعا . وكانت تجد ذلك مؤلماً .
لا سيما في حضور الآخرين .
توقفا عن تبادل النظرات ، وقد أدركا أن انفصالهما آثار الأقاويل في المستشفى .
وتمكنت بشكل ما . من الإحتفاظ بابتسامتها الهادئة . ومن التظاهر بعدم الإهتمام .
لكنها كرهت أقاويل الناس عنها . وعن أن دايفيد يتألم بسببها .
ولكن ، لم يكن بيدها حيلة . لو استطاعت لشرحت له أنها ضحية هي أيضاً .
فهي لم تشأ أن تقع في غرام شخص آخر . وقد صدمها هذا ودمر حياتها . لم تحاول أن توضح له الأمر .
فدايفيد كجراح فصلها عن حياته على الفور ، ومن دون تردد . وقد احترمت لويزا قراره هذا .
وسرعان ما علمت أن دايفيد يخرج مع فتاة أخرى . لم يطلعها أحد على الأمر مباشرة .
لكنها اسنتجت ذلك من التلميحات التي تكثر في حضورها .
كما كان الاحمرار يعلو وجه إحدى ممرضات قسم الأمراض النسائيةكلما رأت لويزا .
لم تشعرلويزا بالألم ، لأنها لم تكن مغرمه بدايفيد . لكنها شعرت بوخزة غيرة عندما رأتهما أخيراً معاً.
يسيران نحو موقف سيارات المستشفى . لم يمسك أحدهما بيد الآخر ، لكن أيديهما كانتا تتلامسان .
فتدفقت ذكريات لويزا . اعتادت ، هي ودايفيد أن يشبكا يديهما في الريف .
وأن يتبادلا الابتسامات بهذه الطريقة . كان ذلك قبل أن تعرف زاكاري وتدرك الفرق بين
الدفء العاطفي ، وحرارة الشوق الذي شعرت به نحو زاكاري .
أشاحت بوجهها وهي توبخ نفسها ، ماذا جرى لها ؟
ما الفائدة التي تجنيها من اجترار الذكريات ؟
إنها تتمنى له الخير ، فهو رجل طيب يستحق السعادة ، لكنها حسدتما على علاقتهما الحميمة .
تلك العلاقة التي تجعلهما في عالم خاص ، لا يدخله سواهما .
وفي اليوم السابق لانعقاد جلسة النظر بقضية أبيها ،اتصل بها هذا الأخير ، لي1كرها بذلك
قائلا : ( ليس المطلوب منك الإدلاء بشهادتك ، فإذا شئت ألا تحضري ).
عرضت على المحامي أن تدلي بشهادتها . لكنه رأى أن ما من ضرورة لذلك .
فما من خلاف حول سبب الحادث . لقد اعترف هاري جيلبي بالوقائع
التي أدلى بها الطرف الأخر ، وأقر بأنه قطع المنعطف بسرعة كبيرة .
وكان محامية يرجو أن يبرهن أن زاكاري ويست لم يكن منتبهاً تماماً هو أيضاً .
وإلا لرأى السيارة الأخرى .
لم تطلع لويزا أحداً على كا أخبرها به زاكاري ،لم تتحدث عن الفتاو التي رآها تسير في الحديقة .
قطبت جبينها وهي تتساءل عما إذا كان عليها ذكر ذلك ؟
هل كان ذهنه مشتتاً حين رأى سيارة أبيها تندفع نحوه ؟
وهب هذا يبرئ أباها ؟ ولكن لا .
كان زاكاي يقود سيارته ببطء شديد ، وعلى جهته من الطريق .
وسواء كان يفكر في الفتاة التي رآها أم لا ، فاللوم يقع على أبيها وحده .
وأنا أيضاً ! فكرت في ذلك والشعور بالذنب يثقل قلبها .
لو أنني لم أتصل بأبي ..لو أنني لم أكن مستاءه كالأطفال لأنه نسي عيد ميلادي ..
قال أبوها ببشاشة : ( الخبر الجيد هو أن علاقة العمل مع عميل نويل في بيرمنغهام تتقدم ،
لم تستقر بعد على مبلغ معين لأنه يريد أن يدرس محاسبوه الدفاتر أولاً .
لكنه يبدو رجلاً عادلاً ..رجلاً صعباً ، لكنه عادل ، وأنا أحبه . أظنه سيحفظ وعده ،
ويلتزم بكلمته . مهما حدث في المحكمة . إن نظرتي للمستقبل متفائلة يا عزيزتي ).
- أنا مسرورة يا أبي .
لكنها ما زالت تشعر بالذنب ، وتلوم نفسها لتسببها بالحادث .
نظرت لويزا إلى ساعتها وهي تضع السماعة . كانت الساعه الثالثة .
ولن تستلم عملها قبل الساعة الثامنة إلا ربعاً .
أسرعت في إنهاء أعمالها المنزلية . ثم تزينت وخرجت .أتجهت بسيارتها إلى خارج المدينة ،
نحو البحر . كان الجو معتدلاً بعد أن أمطرت أثناء الليل . رأت أزهار نرجس
تحت الأشجار في الحدائق ، ولم يبد فصل الربيع بعيداًُ عصر ذاك اليوم .
أوقفت سيارتها خارج بوابة زاكاري ، وعندا خرجت منها أطل هو من نافذة محترفه.
سارت نحو البيت وهو ينظر إليها . كانت الريح الباردة تشعث شعرها
حول وجهها وترفع تنورتها الرمادية الواسعه عن ساقيها فاضطرت إلى إمساكها بيديها .
فتح زاكاري النافذة وابتسم لها ابتسامة ساخرة : ( يمكنني التكهن بسبب حضورك ).
- لا أظن .
- أتراهنين ؟
- لا أحب المراهنة . جئت أصطحبك إلى المحكمة . لدق تذكرت أنك غير قادر على قيادة سيارتك.
وهذا يوفر عليك استدعاء سيارة أجره.
- يا لشهامتك ! هل تأملين أن أعفي أباك من التعويض لقاء ذلك؟
- لست متفائلة إلى هذا الحد ؟
- وأنا كذلك . لأنني لا أستطيع . لو أمكنني ذلك . لفعلت ، يا لويزا .
ولكن في قاعة المحكمة يجب أن أروي ما حدث بالضبط .
كان أبوك يقود سيارته على جهتي من الطريق . وقد قطع المنعطف بسرعة جنونية .
إنها الحقيقة وعلي ّ أن أقولها .
قالت وهو يفسح لها الطريق لتدخل : ( لا أريدك أن تكذب ، ولكن هل ستخبر المحكمة
بأنك لم تكن مركزاً على القيادة كذلك ؟)
- ماذا ؟
قطب حاجبيه ، فأشاحت بوجهها ، وقد جف فمها توتراً .
ثم قالت ، شاعرة بأنفاسة خلفها : ( كنت تقود سيارتك وأنت في حالة ذهول ، أليس كذلك ؟)
رد عليها بحدة : ( عما تتحدثين بحق الجحيم ؟)
أخذت ترتجف ، لكنه لن يرهبها ، ولن تتراجع ، كانت مصممه على قول ما جاءت لأجله .
- منت مشغولاً عن الطريق بالتفكير حالماُ بالفتاة التي رأيتها .
ساد صمت قصير ، ثم قال : ( كنت أقود سيارتي ببطء على ناحيتي من الطريق .
وأبوك هو الملام على الحادث )؟
- ليس تماماً ، ربما يقع معظم اللوم عليه ..لا أنكر هذا ، ولا هو ينكره ..
لكن لو كنت متيقظاُ ، لو كنت أكثر تركيزاً ، بدلاً من أن تسترسل في أحلام
اليقظة ، لربما تمكنت من تجنبه .
وانفجر زاكاري يقول غاضباً : ( لا بد أنني كنت مجنوناً عندما أخبرتك ذلك).
وقبض على ذراعها وأدارها بعنف لتواجهه . أسدلت أهدابها لتخفي
عينيها اللتين عجزتا عن النظر إليه . ليس لأنه يخيفها . . .
وإن كان ذلك صحيحاً عندما يعبس بها بهذا الشكل .
ولكن لأنها خافت أن يرى النظرة تلك تحملها عيناها .
فيقرأ المشاعر العنيفة التي انتابتها حين أقترب منها وأمسك بها .
لقد أفصحت له عن سببين لزيارتها ، وهي أن تؤمن له وسيلة مواصلات أولاً .
وأن تظهر له أنه لم يكن مركزاً انتباهه على الطريق .
ولكن هناك سبب ثالث لزيارتها هذه . كان عليها أن تراه ،
فقد بدا لها وكأن سنة مضت على آخر لقاء بينهما .
- لكنك أخبرتني . ألا تظن أن عليك أن تعلم المحكمة بدلاً من أن
تدع اللوم كله يقع على أبي ؟
فهزها بغضب : ( هذا هو السبب الذي جعلك تحضرين مراراُ إلى هنا ،
أليس كذلك ؟ جئت تستدرجينني لأخبرك بشيء يمكنك استعماله ضدي في المحكمة .
كنت تتظاهرين بأنك الممرضة لهادئة الرقيقة . كعذراء الرسوم القديمة.
ببشرتك الناعمة وعينيك الزرقاوين الواسعتين ...)
اضطربت ورفعت بصرها إليه . فأمسك بذراعيها يجرها نحوه ثم أحنى وجهه الغاضب فوق وجهها : ( كان علي
أن أكون أكثر حكمة ، كان علي أن أتذكر أنك امرأة مهما كان مظهرك ، والنساء هن أكثر المخلوقات مراوغة ونفاقاً وخداعاً ).
فردت وهي تتملص منه بتعاسة .
- لا ، أنا لست كذلك ، لا تقل عني مثل هذه الأشياء ، زاكاري .
أنت لا تعتقد أني مراوغة ومخادعة ، أليس كذلك ؟ لا يمكنك ..
راحت نظراته الغاضبة تغوص في عينيها الزرقاوين ، فلم تستطع أن تحولهما عنه.
إنما بادلته التحديق كالمسحورة وقد خلا ذهنها من كل شيء ما عداه .
زاكاري ، زاكاري ! هتف ذهنها باسمه ، وهي تنظر إليه وكأنها تحفر ورته في قلبها إلى الأبد .
رأى دموعها فقطب جبينه ، متمتماُ : ( لا تفعلي هذا ! لِـمَ تبكي النساء دوماً حين يخسرن الجدال ؟
هذه إحدى حيلهن ليحصلن على ما يردن).
- أنا أكرهك .
شهقت بالبكاء ، وشعرت بأنها تكرهه في هذه اللحظة بقدر ما أحبته من قبل .
فقال متنهداً بجفاء : ( كفي عن البكاء ، فقد ربحت المعركة .
سأعترف بأنني لم أكن مركزاً تماماً على القيادة عندما برز أبوك من وراء المنعطف .
سأفعل كل ما يمنعك من البكاء ، لا يمكنني أحتمال ذلك ، إذ يجعلك تبدين في غاية الضعف والإنهزام .)
ابتسمت من خلال دموعها التي انهمرت بغزارة : ( حقاً ، ستفعل هذا ؟)
رفع رأسه ونظر إليها بفروغ صبر : ( عندما أكون معك ، لا أفهم ما يجول في رأسي ).
وحبست أنفاسها ، متمنيه لو تعرف الجواب هي أيضاً.
تركها زاكاري وسار مبتعداً ، محني الرأس : ( أنا في حيرة من أمري بسبب التأثير
الذي تحدثينه في نفسي . ولم أجد الجواب بعد . ربما ألحق الحادث الضرر بدماغي
من دون أن يبدو الخلل في صور الأشعه .)
فأسرعت تطمئنة : ( كل شيء طبيعي في رأسك ، لقد رِأيت صور الأشعه .
كما أنك خضعت لفحص دقيق . لم يلحق أي تلف بدماغك ) .
- أنا أنسى دائماًُ أنك ممرضه ، لكن هذا لا ينفع . ربما بقيت وحيداً لفترة طويلة .
لذا أكثر التفكير ، ومؤخراُ لاظت أني أفكر فيك غالباً .)
شعرت بقلبها يخفق ، ثم تذكرت الفتاة الاخرى .
تلك التي رآها قبل الحادث والتي ما انفك يحلم بها منذ ذلك الحين.
- وماذا عن فتاتك ذات الرداء الأبيض ؟ ألم تعد تفكر فيها ؟
فرد والأرتباك يرتسم على وجهه : ( طوال الوقت ، مازلت أحلم بها ، ولكن أحياناًُ ..)
وسكت مقطباً جبينه . فسألته : ( أحياناًُ ماذا؟)
لم يجب . كان يقف أمام الركيزة ، وسط الغرفة . يحدق في القماشة المثبته عليها .
ويداه في جيبه . أخذت تنظر إليه ، وتفكر في جاذبيته المدمرة .
تلك الجاذبية الصارخة ، التي أبرزها بنطلون الجينز والكنزة الرقيقة.
ابتعلت ريقها ثم تقدمت نحوه لتقف بجانبة وتنظر إلى اللوحة .
- هل رسمت أي شيء ؟
فصرخ غاضباً : ( لا أريد أن يرى أحد هذا العمل ).
ستر اللوحه بجسمه وكتفيه العريضتين . ولكن الأوان كان قد فات ،
إذ رأت الرسم.
لم تمن اللوحه منتهيه . لكن الخطوط الرئيسية كانت واضحه .
الأشجار ، السياج ، شفق الغروب والقمر ، وفي المقدمة ، بياض
غامض . . . شكل امرأة في ثوب أبيض فضفاض ، أنسدل شعرها الأسود
على كتفيها وقد أشاحت بوجهها .
عرفت لويزا على الفور ما رأته ..إنها صورة المرأة التي رآها زاكاري
في الحديقة ذاك المساء . كانت التفاصيل التي ذكرها لها ،
موجوده كلها . مما أثار غيرتها وحساسيتها ، فاسوعبت كل شيء بنظرة واحده.
كان للصورة طابع سحري غريب ، الضوء الخافت ، الفتاة في ثوبها الأثيري .
القمر خلف أوراق الشجر الفضية ونوافذ المنزل التي أومضت بغموض .
بدا ل ذلك مبهماً . مثيراً للفضول ، يدفع الناظر إلى السعي لسبر الغموض في هذه الصورة .
اضطربت ، وتأملت عيناها وجه الفتاة ، ثم ما لبثتا أن شعتا بذهول وعدم تصديق .
كان الوجه وجهها هي .
|