لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-08-09, 02:54 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rana_rana مشاهدة المشاركة
   بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

الله يخليكى يا رنرن يا عسسسسل يا ريت تستمتعى بالفصول الحاليه

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 05-08-09, 02:56 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الرابع


ما أن أغلقت فينيتيا باب غرفة النوم خلفها ، حتى شعرت بالخجل البالغ من نفسها ذلك الخجل المدمر الذي تمنت معه لو تنشق الأرض وتبتلعها ، بينما أحاطت ذراعاها بجسمها المرتجف . أي دافع تملكها وجعلها تقول مثل تلك الأشياء؟ وتتصرف بتلك الطريقة؟ فكارلو روسي لا يعني لها شيئاً لها الآن ومنذ سنوات لم تفكر فيه فلماذا نظرة عدائية واحدة من تلك العينين السوداوين تجعلها تتصرف وكأنها امرأة مغامرة دون قلب ولا مبدأ؟ وفي يوم جنازة أبيها ... لقد جعلها هذا وحده تشعر باحتقار لنفسها!.http://www.liilas.com/vb3



غالبت دموعها ثائرة وهي تتنفس بعمق وترتجف ثم اعتدلت في وقفتها وهي تسمع نقراً خفيفاً على الباب الخشبي تبعه صوت بوتي يناديها . أجابت بلهجة آلية :" ادخلي " ثم مشت بخطوات مهتزة إلى منضدة الزينة حيث خلعت قبعتها إنها لا تريد أن تراها أو ترى ذلك الطقم الأسود مرة أخرى إنها لا تريد أن يذكرها شيء بهذا اليوم المخيف .
قالت مدبرة المنزل بصوت فيه لمحة من العتب : " كنت أتساءل أين عسى أن تكوني ." وتجاهلت فينيتيا عتبها هذا وهي تنظر في انعكاس صورة عينيها في المرآة كانتا تبدوان كبيرتين بالنسبة إلى وجهها الشاحب .
عادت بوتي تقول : " لقد خرج المتعهدون وفكرت في انكِ والسيد روسي قد تفضلان عشاء مبكراً . لم اعد شيئاً كثيراً ولهذا سأقدمه إليكما في غرفة الطعام حيث المكان لطيف مريح ."
هزت فينيتيا كتفيها بعد أن فككت أزرار جاكتتها وهي تفكر في انه على كارلو أن يتناول عشاءه من صندوق القمامة في فناء المنزل فهي لا تهتم له مثقال ذرة وقالت بصوت جامد : " لا أريد أن آكل شيئاً إنني لست جائعة وسأغتسل ثم آوي إلى فراشي باكراً ." قالت بوتي بمرارة : " ولكنك كنت ستأكلين لو أن سيمون ذلك بقى هنا كما كان يريد انك لا تحسنين التصرف بالنسبة إلى نفسك أبداً ." وخرجت وهي تصفق الباب خلفها بعنف تخفف بذلك من توترها .
أطبقت فينيتيا شفتيها بشدة لا تريد أن تفكر في ما قالته بوتي . أنها لا تريد أن تفكر بشيء ليس هذه الليلة على الأقل وإذا هي فعلت فستنهار كلياً ... ستحاول غداً ان تعالج الأمور وقررت أن تتصل بسيمون وتتفق على موعد لتتناقش معه في كل شيء وهو سيعطيها نصائحه بكل تجرد ونزاهة . صممت على هذا ومن ثم صرفت ذهنها تماماً وهي تتابع خلع ثيابها . خرجت من الحمام بعد ذلك بنصف ساعة وهي تنشف شعرها بمنشفة وقد أبرز طول قامتها قميص نوم من الساتان الأبيض وبعد أن ألقت بالمنشفة على الكرسي مشطت شعرها بسرعة ثم سارت لتزيح الستائر جانباً في محاولة منها لتخفيف الضيق الذي تملكها . كان الليل شديد الظلمة ولم يكن ثمة ما يذكرها بأنها تسكن كوكباً مأهولاً سوى أضواء بعيدة تنبعث من اكواخ المزارعين ولم تكن هنالك نجوم لا بد إذن أن الغيوم كثيفة وكانت نشرة الأنباء الجوية قد تنبأت بسقوط الثلج كما سمعت من أحد الأشخاص في الجنازة معلقاً بأن من حسن الحظ أن تأخر سقوط الثلج . ولكنها لا تريد ان تفكر بالجنازة . مشت بسرعة الى رف الكتب بجانب السرير حيث اختارت كتاباً مشوقاً لقد اشترته بدافع الفضول بعدما سمعت ان كاتبه قبض مليون دولار مقدماً ولكنها لم تستطع انهاء قراءته قط .
هذه الليلة ستحاول ان ترى كيف يمكنها ان تنام دون ان يتملكها الارق ساعات من الحزن و القلق والهم ، وهي تفكر في كيفية معالجة مستقبلها ولكنها ستقرأ كل كلمة من هذا الكتاب مهما أصابها الملل من المغامرات التي يحفل بها الكتاب نابذة من ذهنها كل شيء الى ان تخلد الى النوم . وما أن اندست بين الاغطية حتى عاد ذهنها دون وعي منها الى تلك الليلة منذ ست سنوات الليلة التي رحل فيها كارلو لقد القت بنفسها على أغطية الفراش القرمزية المصنوعة من الساتان والقطيفة .
وانتزعت افكارها بعنف من تلك الذكريات السوداء و أصلحت من وسادتها خلفها ثم فتحت كتابها . ان الليلة ستكون طويلة ..... طويلة جداً ...
وما كادت تصل الى نهاية الفصل الاول حتى سمعت قرعاً على الباب جعلها تلقي بالكتاب جانباً بشيء من الارتياح وفكرت باستسلام انها بوتي قد عادت لتضايقها بمعاتبتها لعدم تناولها عشاءها . ولكن من دق الباب لم يكن مدبرة المنزل . كان كارلو ولم يكن مزاجه هادئاً كما بدا من صفقة الباب خلفه بعنف .
كان يحمل صينية ، ورفعت فينيتيا وجهها وجسدها يهتز من الغضب وقالت بعنف :" لا اتذكر انني دعوتك الى غرفتي ، اخرج من هنا ." ولكنها أخذت تتساءل بعد فوات الاوان ، عما جعله يستحق مثل هذا العنف منها وندمت اذ اظهرت له مرة اخرى السهولة التي يستطيع بها دفعها الى موقف التحفز للدفاع فهو الان لا يعني لها شيئاً على الاطلاق ......
وهكذا حاولت ان تغير من لهجتها لتقول بعدم اكتراث :" اذا كنت قد احضرت لي شيئاً لاكله ، يمكنك أن تعيده فأنا لا اريد آسفة ." حاولت ان تمد يدها الى الكتاب ولكنه تقدم نحوها دون تردد بالرغم من جوابها البارد ، ووضع الصينية على حضنها وهو يأمرها : " كلي أو سأرغمك على ذلك ولا اظن أياً منا يريد هذه النتيجة ." ، قطبت حاجبيها وهي تنظر الى إناء الحساء الذي يتصاعد منه البخار ولم تشأ اظهار عصيانها صراحة فقد كان يعني تماماً ما يقوله عندما هدد باطعامها بالقوة وضعت ملعقتها في الاناء تحرك الحساء وهي ترمقه بنظرة جامدة قائلة :" لا حاجة بك الى الوقوف فوق رأسي ."
وجدت في فمه الملتوي بسخرية ، وعينيه السوداوين الرائعتين ونظراتهما الحادة المتأملة ، من الضيق ما سلبها هدوءها النفسي ، ولم تستطع مقاومة الرجفة التي اعترتها عندما قال بجفاء : " لقد أخبرتني بوتي بأنك لم تأكلي في المدة الأخيرة ما يكفي ذبابة لكي تعيش ولهذا سأبقى هنا إلى أن أتأكد من انك ستشربين آخر قطرة من هذا الحساء . "
فكرت بتمرد انه يتكلم بصفته ذلك المستبد العاتي وأخذت تراقب عينيه وهما تتنقلان بين غلاف ذلك الكتاب وجهها الغاضب .
يبدو انه يراها تستحق الازدراء ... إذ أن رأيه فيها قائم على ما حدث منذ سنوات وعلى تعليقاتها الحمقاء عصر هذا النهار . فهو ما كان ليهتم إذا هي ماتت من الجوع أمام عينيه فلماذا يصر الآن على أن يكسر ما تعودت عليه طيلة الأسبوع الماضي عندما حطمت صدمتها بوفاة أبيها حتى تلك الشهية الضئيلة التي روضت نفسها عليها بكل قسوة ؟ وجعلها هذا التفكير تكف عن إنهاء ما تبقى في الإناء من الحساء ليعود إليها شعورها بمقدار خسارتها ويمزق أعماقها و أبعدت الصينية عنها ثم غطت وجهها بيديها لتتصاعد شهقاتها من صدرها وقد مزقها الألم .
كان حزنها شيئاً خاصاً بها ولم تكن تريد له أن يظهر بهذا الشكل فالانهيار أمام الرجل الذي حطت كرامتها أمامه منذ ست سنوات ، كان فيه الإذلال النهائي لها ولكنها لم تعد تستطيع أن تمنع دموعها من الانهمار مثلما عجزت عن إخراج كارلو من الغرفة . وفي غمرة هذه العاصفة من المشاعر شعرت به ماداً يديه مبعداً يديها عن وجهها ، برفق وإنما بثبات بينما أخذت عيناه السوداوان تمعنان النظر في ملامحها الحزينة .
اغمض عينيه فجأة وقد تجهمت ملامحه الوسيمة , و أمسكت هي أنفاسها وهي تشعر بانسحابه من شيء مجهول لم تدرك كنهه . وارتجفت وهو يقول بصوت خشن :" ابكي ... ابكي أباك ولا تخفي أحزانك يا فينيتيا ... فليس هذا بالذي تخجلين منه ."
وأطلقت كلماته هذه لدموعها العنان وللمرة الثانية في حياتها تبكي أمام هذا الرجل بكت الحب الضائع ، والفراغ المؤلم الذي تركه ذلك الضياع . وتعلقت هي تلك التعزية الغريبة الحلو المرة وقد محت هذه النفحة من دفء الإنسانية وتفهمها آثار الذل و العار . وفي النهاية هدأت شهقات فينيتيا تاركة إياها في منتهى الإرهاق إنما مغمورة بسكينة غريبة ، وداخل ذلك الفراغ كان ثمة شيء يتسلل ليزيل كل تلك التحصينات التي انطبعت في ذهنها .
كانت قد حدثت نفسها بأنه لم يعد يعني لها شيئاً ... وان الحب الذي تصورته لا يخمد لم يكن سوى تصورات رسمتها فتاة مراهقة وقد حدثت نفسها بذلك مراراً وتكراراً حتى لم يعد أمامها خيار سوى الاعتقاد بذلك ولكن ها هو ذا اضطرابها يحدثها بشيء آخر مختلف تماماً . انه يحدثها بأنها متناغمة مع دقات قلبه وكيانه الذي لا نظير له , لتتجاوب مع كل هذا كبرعم يتفتح في أشعة الشمس ، هادماً الحصون العالية التي شيدتها بكل حرص لتغطي الجرح الناشئ عن حبها القديم ذاك وكاشفاً الألم الناشئ عن ذلك الجرح الذي لم يكن لينسى أبداً .
أسندها برفق إلى الوسائد وهو يقول وقد لوى شفتيه : " يالك من فتاة غامضة يا فينيتيا لقد جئت إلى غرفتك متوقعاً ما وجدته ... امرأة جميلة قد خاب أملها في قضاء الليلة مع حبيبها ولكني وجدتك تشهقين باكية أمامي كطفلة صغيرة ."
كان يتحدث واضعاً يديه في جيبي بنطاله وتابع قائلاً : " لم اكن أظن انك تملكين روحاً حساسة ."
و ارتجفت وهي ترى هذا التغيير المخيف فيه فجذبت غطاء السرير إلى ذقنها وقد غشى عينيها عدم الفهم إلى أن أمكنها استرداد قدرتها على التفكير نوعاً ما ففهمت ما يعنيه لتجيبه بحدة : " إن سيمون ليس .......... "
فقاطعها بخشونة : " لا تكذبي فان لم تكونا أنتِ وكيرو حبيبين منذ ست سنوات فقد كنتما على وشك أن تكونا كذلك وقد رأيت كل ذلك من حيث كنت واقفاً ورغم أن له زوجة الآن فان الصلة بينكما لا يمكن أن تخفى ."
ولم يكن ثمة ما تستطيع قوله دفاعاً عن نفسها . لم يكن هناك دليل كاف يمكنها به ان تمحو هذه الأفكار المغلوطة التي تأصلت جذورها بنفسه ، فيتأكد من الحقيقة ولكن وتساءلت بينها وبين نفسها بكآبة ما أهمية ذلك ؟ ولماذا تكلف نفسها عناء الشرح أصلاً ؟ ولكن ألمها لم يكن محتملاً عندما أدار إليها ظهره ومشى مسرعاً نحو الباب و كأنه لم يعد يستطيع تنفس هذا الهواء لحظة واحدة . وامتزج هذا الألم والعجز بمنتهى التحقير والإذلال عندما توقف عند عتبة الباب وهو يقول بسخرية مهينة :" سأطلب من بوتي أن تحضر إليك الحساء طازجاً حاراً لكي تتمكني من النوم ."
وفي الصباح التالي أخذت فينيتيا تفكر منطقياً في أن تركه لها بكل تلك القسوة له ما يبرره وقد جعلها تهورها الغبي ذاك وهي تتبجح بالادعاء ، تنكمش من شدة الاحتقار لنفسها .
ارتدت جاكتة صوفية فوق التنورة الرمادية التي أخرجتها من خزانة ثيابها بشكل اعتباطي لتضع بعد ذلك شيئاً من الزينة على وجهها بشكل متحفظ وهي تحدث نفسها بأن عليها أن تصلح الأمور ، على الأقل لتجعله يصدق ما هي عليه من العفة . إنها لم تعد في الثامنة عشر من عمرها وتصرفاتها منذ ست سنوات رغم ما تشعرها من إحراج كانت ، على الأقل صادرة عن براءة فقد اعتقدت تماماً في ذلك الحين بأنها كانت تحبه . بينما أمس تعمدت أن تكذب عليه لقد كان سلوكها رخيصاً عدا عن انه يطال سيمون أيضاً الذي حسب ما تعلمه ليس لديه أية رغبة في خداع زوجته وسيتملكه الغضب و الاشمئزاز حتماً إذا هو اكتشف توريطها له بهذا الشكل .
في إمكانها فقط أن ترد ذلك الانحراف المريع دون ذكر لحظة جنونها الأخير عندما ظنت خطأ أن صبابة المراهقة البلهاء تلك ما زالت حية في نفسها إلى الإرهاق النفسي الذي تعانيه ، واستمرار شعورها بالصدمة لموت أبيها الحبيب لقد كان معها تلك الليلة ، يتناقشان في شؤون العمل لنهارها ذاك ، ثم يقترحان أن يمضيا الوقت يلعبان الشطرنج بدل مشاهدة التلفزيون وكانت نفسه كالعادة عامرة بالهدوء والمحبة وفي الصباح التالي ، كان قد رحل لقد تسلل دون أن يمسك به أحد ليواسيه أو يودعه .
وأخذت تصلح فراشها لتبعد عنها هذه الذكريات المؤلمة وتنظم غرفتها مما أعاد إليها السيطرة على مشاعرها . فهي ستذهب غداً إلى العمل ومن ثم تعود إلى حياتها العادية وهذا النهار ستخبر كارلو بالحقيقة . إن عليها أن تقوم بذلك ولو لتستعيد من احترامها لنفسها

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 05-08-09, 02:57 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الخامس


أجابت فينيتيا كاذبة وقد بان عليها الانفعال : " إنني لا أدري عما تتحدث ." وتشاغلت بعمل الصلصة ، فقد كان ما قاله شيء كريهاً بالنسبة لها . وبقيت مديرة ظهرها إليه لأنها كانت تعلم أن وجهها كان شديد الاحمرار وهي تتابع : " كان ما قلته مجرد حديث مع أنه ما كان لي أن اهتم بذلك فقد ظننت انك من الذكاء بحيث تبيت في المدينة هذه الليلة بالنسبة لحالة الطرق . "
رد بشيء من السخرية : " آه ... ولكنني أظن أنك تعلمين جيداً ما الذي أتحدث عنه على كل حال إذا كان لابد لنا من أن نغير هذا الحديث فلنفعل ." وأخذ يقترب منها عضت شفتها وقد ابتدأت يداها ترتجفان وهي تتظاهر بانشغالها في العمل الذي بين يديها ، بينما هو يقول بكل رقة : " هل ظننت حقاً إن مجرد عاصفة ثلجية يمكن أن تمنعني من الحضور؟ لا أظنك تعرفينني مطلقاً ."
ولم تعرف السبب في أن هذا بدا لها نذيراً بشيء ما ... فقد تركت لمخيلتها العنان ولشعورها بوجوده قرب كتفيها ، أخذت تحرك محتويات الإناء بعصبية وقد أمسكت أنفاسها ذلك لان اقل تغير في طريقة تنفسها ستفضح مشاعرها وتريه مبلغ تأثير وجوده عليها . قال : " لقد تغيرت يا فينيتيا ." وأرادت أن ترد عليه بحدة ولكن هذا أيضاً سيفضح مشاعرها . وتابع قوله : " عندما قابلتك لأول مرة كنتِ ما زلت فجة تماماً وكل ما كنت أراك تقومين به هو طلاء أظفارك و الاستلقاء عند حوض السباحة ... لتندفعي أحياناً إلى غرفتك لتضعي على وجهك المزيد من أدوات الزينة فما الذي أحدث فيك كل هذا التغيير؟ إن هذا يثير العجب ."
وفكرت بجفاء في إنها لو أخبرته بالسبب لما صدقها و أنزلت الإناء عن النار . إن حبها له هو الذي غيرها وكذلك اكتشافها إنها لم تستطع أن تحصل على ما تريد . وعاد يقول وهو ينظر إليها ساخراً : " أليس ثمة ما يقال؟ إذن فسيسرني أن اكتشف السبب بنفسي بطريقة ما ." و لاحت على شفتيه ابتسامة ملتوية ، ثم استدار خارجاً من الغرفة بكل غطرسة فأطلقت آهة ممزقة وهي تضغط بأصابعها على صدغيها .
إن هذا الرجل ينذر بالخطر فان امتزاج التهديد عنده باللطف قد أرهق أعصابها فلا عجب أن غيرها حبها له بهذا الشكل ، هذا التغيير الذي كان أعمق كثيراً مما بدا على ظاهرها فقد أصبحت ظاهراً تلك الفتاة المتأنقة الناعمة واستحالت البدانة رشاقة كما أصبحت الفتاة العابثة امرأة عاملة بالغة الرقة والدماثة .
ولكن التغيير في داخلها ، كان اكبر واكثر عمقاً ففي سكون الأيام الاولى بعد رؤيتها له وهو يرحل ، توصلت إلى مفهوم جديد لما ينبغي أن تكون عليه حياتها . فقد انتهت فورت شبابها برحيله ، لقد دمر رفضه لها ثقتها الشديدة بنفسها لتدرك عند ذاك أن الحياة ليست دائماً تلك الحفلة الحافلة بالبهجة والمسرات على الدوام .
وكان من جراء ذلك أن انبثقت فينيتيا جديدة اكثر قوة وتأملاً في الحياة فهي لن تعود مرة أخرى إلى التهافت على أي رجل وستنحصر حياتها في عمل الأسرة ومنزل الأسرة وإذا هي تزوجت فسيكون ذلك لأسباب حقيقة مثل الزمالة والاحترام المتبادل ، الحنان والمودة أما الأولاد فهي في الواقع لم تفكر في هذا الامر .
أخذت تجهز المنضدة للعشاء في غرفة الجلوس الصغرى التي اختارتها لقضاء هذه الليلة البالغة الشديدة ، ثم أشعلت النار في المدفأة موصلة التدفئة المركزية وهي تتساءل كيف ستمضي هذه الليلة في غياب بوتي ليكون حائلاً بينها وبين كارلو فقد كان يخيفها .
" هل في إمكاني مساعدتك؟ " وجعلها صوته القادم من اتجاه الباب تستدير على عقبيها ثم تقابل تلك العينين السوداوين الماكرتين بتحفظ بارد . كان قد استبدل ملابسه مرتدياً جاكتة صوفية من الكشمير وبنطالاً اسود مما جعله يبدو وكأنه زعيم عصابة ، وبالرغم من كل نواياها الطيبة استعاد ذهنها ذلك الشعور الذي تملكها وهو يواسيها وكذلك التهديد الرقيق في صوته وهو يقول انه عاد للمطالبة بما سبق وعرضته عليه منذ ست سنوات .
كان في هذا ما يكفي لكي يحمر وجهها إلى جذور شعرها بل اكثر . ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة وكأنه قرأ أفكارها فحولت عنه أنظارها بسرعة وردت عليه بحدة زائدة لم يكن عرضه ذاك لمساعدتها يستحقها :" كلا شكراً كل شيء جاهز وما علي إلا أن أحضره ." وهرعت خارجة من الغرفة فتبعتها ضحكته الخافتة التي جعلتها تصر على أسنانها . لا شك في أن هذا المساء سيكون مرهقاً فقد كان يبدو عليه بجلاء انه يستمتع بتمريغ انفها بقذارة سلوكها ذاك العابث الفاسق منذ ست سنوات فهو ليس بالسيد المهذب ولكن بالرغم من مخاوفها وشكوكها تلك فقد مرت وجبة العشاء بسلام . وكان يتحدث باسترخاء ودون أية مشاكسة وتساءلت هي عما إذا كانت قد أخطأت في حكمها عليه . ثم اتجهت و بدون قصد إلى ناحية خاطئة بعد أن أخبرته عن اضطرار بوتي إلى البقاء مع شقيقتها فقالت : " عندما تنتقل إلى لندن معي إذ ليس أمامها خيار آخر فسيكون عليها أن تمضي ساعات طويلة لتصل إلى القرية في المواصلات العامة لزيارة أختها ، مما لا يسمح لها بزيارات متكررة وهذا سيسبب لشقيقتها أندي نوبات غضب على الدوام ."
حدق فيها عابساً وهو يسألها : " ولماذا تريدين أن تنتقلي إلى لندن؟ " ولامت فينيتيا نفسها ذلك إن التحدث عن مستقبلها معه كان آخر شيء تريده . فذلك هو من شؤونها العملية وما تقوم به لضمان مستقبلها كان شيئاً خاصاً بينها وبين سيمون بوصفه مستشارها . و لكن أن تكذب عليه أن تدعي بأنها تريد أن تنتقل إلى حيث أضواء المدينة المتلألئة ، كل هذا لن تكون نتيجته سوى تأكيد رأيه السيئ فيها وما سبق وقامت به من تدمير سمعتها بالنسبة أليه يكفي تماماً .
قالت مكرهة : " كما لا بد أن تعلم أن العمل في حاجة ماسة إلى إمدادات لتقوية راس المال ، هذا إذا كنا نريد أن نحتفظ بالشركة قائمة وبالموظفين يعملون فبيع هذا البيت ومحتوياته سيسد هذه الحاجة ."
فقال رافعاً حاجبيه : " أليس لي رأي في هذا الجنون؟ " ورغم أن صوته كان محايداً تقريباً فقد لاحظت في لهجته تشدداً أكثر من المعتاد وهزت رأسها قائلة : " كلا في الحقيقة كلا ." ولم تكن تنظر أليه لان شيئاً في ذلك التصميم الذي بدا في نظراته جعل ضربات قلبها تتلاحق . وتصاعد صوت غليان إبريق القهوة ، ونهضت هي من مكانها لتملأ فنجاني قهوة وعندما عادت بهما قال لها بلهجة حاسمة : " لا يمكنني أن اسمح لكِ بالقيام بأي عمل بهذا الاندفاع . ماذا سيحدث لو ذهب ذلك المال وعدت إلى نفس الوضع الذي أنتِ عليه ألان؟ لن يكون لديك آنذاك أي شيء ذي قيمة تستفيدين منه لا شيء ."
قالت بكبرياء وهي تضع أمامه فنجانه بعنف : " أنا وسيمون ، لنا خططنا فلماذا هذه الانهزامية؟ " ردد ساخراً وهو يدير فنجانه بأصابعه الطويلة :" أنا وسيمون أنني أتصور أن لديه الكثير من الآراء خصوصاً إذا كانت تطيل من أمد وظيفته ذات الراتب المرتفع وتمول رحلاته العملية إلى خارج البلاد . واكرر أنني لا أستطيع أن اسمح لك بالاندفاع في عمل كهذا ."
شعرت فينيتيا بسيطرتها الضئيلة على أعصابها تتبدد وقبل أن تقدم على أي عمل أحمق كأن تصرخ في وجهه أو أي شيء آخر ، أفرغت في فنجانها بقية القهوة من الإناء لتقول بعد ذلك بحدة : " أظن أنه ليس لديك الحق في آن تملي علي مشيئتك في هذا الموضوع إذ انه بعد إثبات الوصية قانونياً سيصبح هذا المنزل ومحتوياته ملكي أتصرف به كما أشاء ." وبدت نظرة ظافرة في عينيها الواسعتين المائلتين دون وعي منها تتحداه بها آن يناقشها في ذلك ولكنها لم تتوقع قوله : " إذا لم تكن المسألة هي أنني وعدت أباك بأن أهتم بمصالحك لكنت تفرجت عليك مسروراً وأنت تذهبين إلى الهاوية في طريقك الذي تختارينه ." واستند إلى الخلف في كرسيه واضعاً يديه خلف رأسه وعيناه شبه مغمضتين وهو يراقب تلون وجهها ، تاركاً إياها اكثر شحوباً من قبل . وعاد يقول : " على كل حال بما أن ذلك الوعد لأبيك قائم وبما أن مصالحي أنا في الشركة كذلك هي في الاعتبار ، فأن في إمكاني أن اعرض عليكِ خيارين ."
فقالت : " ما ألطف هذا ." كان التهكم قد جعل صوتها أكثر حدة . كانت تعلم أن والدها قد حافظ على صلة قوية بكارلو بعد زيارته ومنذ انتهاء العداء بين الأسرتين أصبحت لهفته مضاعفة للإبقاء على هذا الاتصال وتسوية النزاع الذي دام سنوات طويلة منذ انشقت الأسرة وأصبح أحد فرعيها إنكليزياً محولاً اسم روسي إلى روس .
قال وعيناه تتابعان كل حركة منها إذ تنهض واقفة وهي ترتجف لتبدأ بجمع الأطباق الفارغة : " أنني موافق معك فأن شهامتي تحيرني أنا نفسي أحياناً ." كان تشدقه الوقح بهذا الكلام ، اكثر مما كانت تستطيع احتماله ، فأطبقت فمها بشدة وهي تستدير لتخرج حاملة الأطباق ولكن حتى من دون أن تراه يتحرك من مكانه شعرت بأصابعه الفولاذية تمسك بمعصمها فتفلت من يدها الأطباق لتسقط على المائدة محدثة قرقعة مزعجة .
واجهته وهو يقف برشاقة ويده ما زالت تمسك بمعصمها بشدة يقودها بكل ما في شخصيته المسيطرة من غطرسة متأصلة ، إلى الأريكة الواسعة بجانب النار المشتعلة في المدفأة . وأدركت أن أية محاولة للهرب منه إلى خارج الغرفة لن تجدي ذلك أنها علقت في الفخ وعليها أن تتحمل النتيجة . لم يكن الوقت ألان مناسباً لاطلاعه على نوع علاقتها الحقيقة بسيمون إذ سيظنها تحاول بذلك تبرئة نفسها وتريد بذلك تغطية الذكريات المخجلة التي أثارها وجوده وذلك من باب الإغاظة له . وفي اللحظة التي يكون اهتمامه متحولاً إلى العمل ويكون في إمكانها أن تقنعه بشكل ما بأنها قادرة على تنظيم شؤونها بنفسها عند ذلك يوضع وعده برعايتها على الرف كما يقال . لقد كان قربه منها على الدوام سيئ التأثير على توازنها وجلست بحذر بعيدة عنه على الوسائد اللينة وهي تجاهد للسيطرة على نفسها شاعرة بنظراته تتسمر على جانب وجهها المتحجر ..http://www.liilas.com/vb3



خاطبت نفسها قائلة ، اهدإي و إلا سوف يسحقك بقدميه محاولاً أن ينتزع من بين يديك السيطرة على شؤون العمل ،
ثم قالت له بما أمكنها من منطق : " أنني لا أرى ثمة فائدة في هذا الجدال المستمر ربما إذا وضعت خططي العملية على المائدة يكون في إمكاننا التحدث في شأنها كأناس عقلانيين ." . رد بصوت رقيق : " يالها من فكرة حسنة ." وأدار رأسها أليه وهو يتابع : " عندما تتحدثين معي انظري إلى يا فينيتيا ." والتقت عيناه بعينيها بقوة حبست منها الأنفاس حتى أنها لم تعد تقوى على الحراك . وعندما استطرد يقول بلطف على نحو ساخر : " استمري فأن اهتمامي كله لك ." حاولت بكل جهدها أن تتخلص من ذلك الشعور المحرج وقالت بسرعة في محاولة لاستجماع أفكارها المشوشة : " كنا ، في الماضي قد اشترينا كميات ضخمة مستعملين مختلف أنواع الشحن ولكنني وضعت خطة ... " وسكتت فجأة وقد أخذت بالتعبير الذي بدا على ملامحه فقد كان جفناه الثقيلان متهدلين فوق العينين السوداوين الرائعتين بينما لاحت على شفتيه الصارمين ابتسامة صغيره تلاعوتابعت حديثها بمزيد من الحزم متجنبة عينيه مرة أخرى : " أنني أنوي الشراء من روسي تفضيلاً ذلك آن الطلبات الكبرى تسمح بالتنزيلات في الأسعار مما يسمح لنا بتمرير ذلك إلى زبائننا فيكون في إمكاننا عند ذاك منافسة سلسلة المتاجر الكبرى وهذا أيضاً يتماشى مع مصلحة روسي وهكذا نضرب عصفورين في حجر واحد فمبيعاتكم لنا ستزداد وكذلك أنت ستزداد أرباحك إذا ازدادت أرباحنا وبصفتك شريكاً في شركة روس الإنكليزية . "
" وهل يوافق كيرو على عرضك هذا؟ "
وتساءلت صامتة عما يعني ذكر سيمون أثناء مناقشة هذه المرحلة؟ فالتعامل سيكون بين شركتي روس الإنكليزية وروسي الدولية وعند ذاك إذا حصلت الموافقة على عرضها هذا مبدئياً فسيكون لدى الفريقين المحاسبون والمحامون ليضعوا التفاصيل . أما سيمون فستلقي إليه بالتعليمات ليغير من منهج مشترياته عندما يستقر كل شيء .
أجابت : " أنني لم أتحدث معه في هذا الشأن ." وكانت لهجتها فاترة وتمنت لو أنها فعلت ولكن هذه الفكرة طرأت على ذهنها بعد اقتراحه ببيع أملاكها بعد تصفية ارثها لإنعاش الشركة برأسمال جديد هي في حاجة أليه فهي تحترم آراء سيمون كما كان أبوها يفعل ثم تمعن فيها الفكرة وتقبلها معه من كافة وجوهها قبل أن تتقدم بها رسمياً إلى شركة روسي الدولية . وكانت ستتحدث معه في ذلك عند الغداء هذا النهار ، لو أمكنها ذلك وهاهي ألان قد أرغمت على أخبار كارلو بما كان يدور في ذهنها ولكنه لا بد أن يوافق على هذا .
قال بلطف : " وهكذا كيرو ما زال في الظل؟ فهمت ." قال ذلك وكأنها أجابت بشكل ما عن سؤال لم ينطق به و تابع قائلاً : " على كل حال ماذا لو لم أوافق أنا؟"
فسألته قائلة : " ولماذا لا توافق ؟ " واكتسحت بأنظارها ملامحه القاسية الوسيمة ولكن هذه الملامح إنما قدت من حجر وتابعت تقول : " أنني أسلم بذلك فأنا لم أفكر في التفاصيل بعد ولكن المبدأ هو بالتأكيد .... "
فقاطعها قائلاً : " إن المبدأ الذي أعارضه بكل قوة هو ما يتعلق بنيتك في زيادة رأس المال الضروري وقد سبق وشرحت لك السبب ."
واتكأ إلى الخلف في زاوية الأريكة وهو يمعن فيها النظر وتوترت شفتا فينيتيا وهي تفكر في أنه يبدو مستعداً لسد الطريق أمام تحركاتها دون أن تعرف السبب وقالت بجفاء : " بصفتك الشريك الثاني في شركتنا ورئيس شركة روسي كنت أظنك ستسر لهذه الفكرة على كل حال فأنا لا أطلب منك أن ترفع رأس المال ."
قال بكسل وقد فترت نظراته : " وهو كذلك ." و أثار تلقيه غير المكترث لمشكلتها غضباً في نفسها لم تتمكن من السيطرة عليه ، فأجابته بحدة : " ربما أمكنني أن أجد شركة أخرى أتعامل معها حيث يبدو أنك تفضل الجلوس والتفرج على بقية الفروع وهي تنهار وعلى الموظفين وهم يخسرون أعمالهم . "
أجاب : " انك تسيئين الحكم علي . " كانت ابتسامته بطيئة ولكنها أذكى من أن تحمل كلامه على محمل الجد . قالت ساخرة وهي ترفع حاجبها : " أهو كذلك؟ " ورأت ابتسامته تزداد اتساعاً بحيث أصبح في إمكانها أن تدير رؤوس كل نساء الأرض .
قال : " من الواضح أن نصيبي في شركتكم هو شيء ضئيل جداً في إمبراطوريتي ولكن كما لابد وأنك تعلمين ألان فأنا لا أتنازل عن شيء ." وأضافت عيناه ولا عن أحد حتى أنتِ . وهزت فينيتيا رأسها لتتخلص مما توحيه إليها مخيلتها .
وتابع هو : " على كل حال فقد عرضت عليكِ خيارين إذا كنت تذكرين . فهل يهمك سماعهما؟ "
أجابت : " طبعاً ." وماذا يمكنها أن تقول غير ذلك؟ ونهضت لأذكاء نار المدفأة متخذة من ذلك ذريعة لتعود فتجلس بعيدة عنه . وخطر لها وهي تضع المزيد من الحطب في نار المدفأة ربما وجد مخرجاً لهذه المشكلة لم تره هي ويمكنها على الأقل أن تستمع أليه ... فهي ليست مرغمة على الموافقة إذا لم تعجبها الفكرة .
قال : " أن نتزوج ثم ندمج شركتك بشركتي ."
واستقامت فينيتيا في وقفتها ببطء وهي تنفض يديها ، كانت ما تزال تدير ظهرها له راجية أن يزول الاحمرار الذي تصاعد إلى وجنتيها . لقد كانت منذ ست سنوات على استعداد لبذل كل ما تملك في سبيل أن تسمع منه عرض الزواج هذا ، ولكن ها هي الآن ترى تلك المشاعر التي كانت قد ظنت أنها دفنت في الأعماق من ذاكرتها ، تراها تعود متأججة إلى الحياة ، فيصدمها هذا البعث العنيف غير المرغوب فيه ومرت ثوان قبل أن تتمالك مشاعرها بما يكفي لان تسأله ببرود : " وما هو الخيار الآخر؟ لعله افضل من الاول؟ "
وتمتم يقول : " أفضل؟ أن هذا يعتمد على وجهة نظرك ." واستدارت هي تواجهه باذلة جهدها لأخفاء انفعالها إزاء عرضه المفاجئ وتابع يقول : " إذا كانت فكرة أن تكوني زوجتي هي بغيضة عليك فنأخذ أذن بالخيار الثاني ، وهو أن شركتي ستتوقف عن التعامل معك وستجدين نفسك محاصرة من أكثر المنافسين لتجارتكم أن لم يكن كلهم . "
همست فينيتيا وهي لا تكاد تصدق ما تسمع : " ليس في إمكانك أن تفعل ذلك ." لكنه أومأ برأسه ببطء وهو يجيب : " بل يمكنني . هل تحبين أن تجربيني؟ " واقشعر جسمها للنبرة الواثقة في صوته .
وسمعته يقول وكأنه يتكلم من وراء حجاب :" يمكنك بالطبع أن تستمري في تجارتك ولكن بثمن فأن المال الذي ستمدين به الشركة سرعان ما يتلاشى وهذا سيضطرك إلى بيع كل ما يمكنك بيعه لتسندي البقية وهكذا مرة بعد أخرى إلى أن تجدي أنه لم يبق لك سوى القليل الغث وعند ذلك أتقدم أنا لشراء ما تبقى هذا بعد أن تتوسلي إلى أن افعل والخلاصة يا عزيزتي هي أني سأميتك جوعاً ." ومع أن كلامه هذا هزها من الأعماق إلا إنها واجهته بأشد ما أمكنها من الصلابة كانت تطل من عينيه ثقة بالغة ، فقد كان يعني كل كلمة نطق بها وهو سيسحقها دون أدنى وخزة ضمير ، تماماً بقدمه حشرة . أما أن يحطمها و آما أن يتزوجها وبقى هناك سؤال واحد وجهته إليه وهي تسدل أهدابها القاتمة تخفي بها الصدمة التي بدت في عينيها ، فسألته : " لماذا ؟ " وكان الصمت هو جوابه المباشر ، كان صمتاً متوتراً إلى حد شعرت بالرجفة في أوصالها ، وأوصلها إلى حافة الانهيار . وأدركت أن الرجفة هذه لا بد قد ظهرت عليها وعندما رد عليها بهدوء قائلاً : " هذا شيء يختص بي أنا وعليكِ أنتِ أن تكتشفيه ." رمقته بنظرة ذاهلة منفعلة ثم اتجهت نحو الباب لتخرج . كان عليها أن تبتعد عنه عن هذا الكابوس الجنوني . عليها أن تفكر في كل هذه الأمور . ولكنه نهض عن الأريكة بتثاقل مصطنع ليسد عليها طريق الخروج .
وقفت لحظة لا تستطيع التفكير وقد تجمدت أنفاسها ولكنها عندما شعرت بحرارة يديه على كتفيها ابتدأت في المقاومة وذلك بضربه بقبضتها وقدميها باستماتة عند ذلك تساءلت في أعماقها عن السبب الذي يمنعها من أن تطلب مهلة للتفكير في عرض الزواج هذا أو تهدده بتقديم شكوى رسمية ضده بدعوى الابتزاز .
ولكن عرض الزواج المذل هذا قد أيقظ في نفسها مشاعر أصابها التشويه بشكل واسع أثناء دفنه طيلة تلك السنوات ومقاومته كانت هي الطريقة الوحيدة التي تساعدها في مواجهة تلك المشاعر . انه المسؤول عن ذلك وهو الذي يجب آن يعاقب . وبمنتهى الانفعال رفعت قبضتيها لتضربه بكل ما أمكنها من قوة . وكانت تعلم في تلك اللحظة المجنونة أنها لو أمكنها الامر لقتلته حتماً لكونه هو ذلك الرجل الذي أحبته والذي سبب لها من الألم ما يفوق كل احتمال وهو على استعداد الآن ليكرر ذلك مرة أخرى دون أدنى تردد . وسمعته يشتم بصوت خافت ، ثم قال من بين أسنانه بصوت كالفحيح : " تباً لهذا كفي عن ذلك وإلا آذيت نفسك ."
فصرخت فيه : " دعني اذهب آني أكرهك ." وبانت الوحشية في نظراتها وهي تتلوى تحاول تخليص نفسها والهرب منه مستعملة لذلك قبضتيها وركبتيها ومرفقيها ولكنه شدها إليه بيد وأمسك شعرها بأخرى يبعد رأسها عنه مما أرغمها على أن تقابل عينيه الملتهبتين وهو يقول بصوت خشن : " لقد قلت ِ مرة انكِ تحبينني والحب والكراهية يلتقيان في نقطة واحدة . "
وارتجفت وهي تعلم أن ليس لها القدرة على تحدي قوته . لقد عادت الآن . عادت إلى حيث كانت على الدوام والى ما كانت تشعر بوجوده عادت إلى اللحظة التي أدركت فيها أن هذا الرجل هو الذي ستحبه طوال حياتها .
وعادت تقاوم من جديد ولكن بصورة مختلفة هذه المرة فهي الآن تقاوم في سبيل تحرير حبها له وتمتم هو قائلاً بصوت أجش : " طالما حلمت بكِ ... وبعواطفك المتدفقة تغمرينني . لقد حلمت بترويضك ..." وتجمدت فينيتيا وهي تردد كلامه بصعوبة : " تريد أن تروضني؟ هل هذا كل شيء ؟ " أجابها بصوت أجش : " ليس هذا كل شيء أبداً بكل تأكيد ." ونظر في وجهها بعينين غائمتين وهو يقول :" لقد كنتِ في الثامنة عشر من عمرك عندما جعلتني أصبو إليك . تصوري أنني لأول مرة في حياتي أحترق شوقاً إلى شيء لا أستطيع الوصول إليه فهل ثمة غرابة في أنني لم أعد أستطيع السيطرة على نفسي؟ وفي أنني أخذت أقوم تلك التجربة الجديدة؟ "
وعلى وهج نار المدفأة رأت على شفتيه شبه ابتسامة أسى وكادت أن تفتح فمها لتقول محتجة بأنها لم تكن أبداً صعبة بالنسبة إليه ، ولكنه قال بلكنة هي اكثر وضوحاً من أي وقت آخر : " لقد كنت رجلاً ناضجاً صرعته فتاة لم تكد تخرج من صف المدرسة تصورت نفسها أنها تحبني! وكان واضحاً أنها ما زالت مراهقة وأنها مزقت أيامي وليالي بالأحلام بها ... " وسكت لحظة حانياً رأسه ثم تابع قائلاً : " أنني آسف فأنا لم أقصد التسرع وأن أتصرف معك بلا أخلاق ." ثم تابع ببرود جعلها تحبس أنفاسها قائلاً : " هل فكرة أن تكوني زوجتي بغيضة عليك حقاً؟ "
أجابت بسرعة وهي تقطب حاجبيها قليلاً : " كلا ." ثم استقر رأيها على قبول الخيار الذي أشار أليه ضمناً . بت بمكانت تعلم أن عليها أن تكون حذرة لقد كادت منذ لحظات أن ترحب به كحبيب دونما أية فكرة في ذهنها فقد ضاع المنطق والعقل منها اثر هذا الانقضاض العاطفي منه وتمنت لو كانت تعرف ما كان يفكر فيه من ناحيتها ولكنه حتى منذ ست سنوات كان ماهراً في إخفاء مشاعره ... هذا إذا كان صحيحاً ما أخبرها به منذ لحظات وفي الوقت الذي تصرف فيه نحوها وكأنها مجرد صبية صغيرة تضايقه .
كان الصمت عميقاً لا يخترقه سوى حفيف ثيابها وخفقان قلبها . وفجأة قال : " هل أفهم من ذلك أنك قبلت عرضي الزواج هذا ؟ " .
أجفلت ثم وقفت وقد بدا في عينيها الاضطراب وهي ترى التصميم في عينيه السوداوين وأخذت تحاول تركيز تفكيرها لقد كان هذا العرض مغرياً تماماً مثل كارلو نفسه وكانت تعلم أنه وجدها جذابة ... اذ من غير المعقول أن يزيف مشاعره التي ظهرت منذ لحظات ... ولكن ماذا بالنسبة لحبها له هل في إمكانها أن تطمئن بهذا الشأن؟
وقالت له : " أن هذا الموضوع أهم من أن يتقرر بهذه السهولة فامنحني وقتاً كافياً للتفكير ."
قال ساخراً : " أتريدين وقتاً لتقرري ما إذا كان نجاح شركة أبيك وضمان الاستقرار لكل موظفيها ، يستحق منك التضحية بأن تبقي مخلصة لرجل واحد بقية حياتك ؟ "
و أغمضت عينيها وهي تقاوم الرغبة في البكاء لفكرته هذه عنها ولان عرضه للزواج كان لهدفين . الاول هو استعادة شركتها ودمجها بشركته والثاني الوفاء بوعده لأبيها . عاد يقول : " كوني واثقة يا فينيتيا أنني بصفتي زوجك أطلب منك الإخلاص الكامل إلى آخر لحظة من حياتك ."
لقد كان واثقاً من نفسه تماماً من قدرته على السيطرة عليها . وكان هناك الكثير من القول والأسئلة والكثير من الانطباعات الخاطئة نحوها ولتي ينبغي تصحيحها . لم تكن تعرف كيف تبدأ كما أنها لم تكن متأكدة من أن الامر يستحق هذا المجهود لأنه لن يشعر نحوها أبداً بالاحترام الذي تريده ولا بالحب الذي تستميت للحصول عليه فهو لم يعرض عليها الزواج إلا لأنه يناسب خططه العملية ، كما انه يسمح له بالوفاء بوعده لأبيها .
وهزت رأسها دون وعي رافضة في صمت كل شيء رافضة الاثنين العرضين وها هو يقول بعنف : " لديك فرصة للتوصل إلى قرار حتى الغد فإذا كان هناك زفاف فسأعلن ذلك في اجتماع المديرين الذي سينعقد في الصباح فهذا سيهدئ من شائعات إفلاس الشركة ويطمئن النفوس ." ثم ذهب إلى غرفته .

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 05-08-09, 02:59 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل السادس
وحدة ... لم تشعر فينيتيا بمثل هذه الوحدة قط في حياتها من قبل . حتى ولا في غمرة صدمتها بوفاة أبيها . نظرت في أنحاء المطبخ البالغ النظافة وأرخت كتفيها . كانت قد ألقت بقايا الطعام وغسلت كل الأطباق ولم يبق ما تفعله إلا إذا شاءت أن تجثو على يديها وركبتيها لتنظف الأرض التي سبق ونظفت من قبل .
كانت الساعة الواحدة صباحاً ولكنها لم تستطع احتمال فكرة الذهاب إلى فراشها لتستلقي مستيقظة تحدق في الظلام ، مدركة كارلو ليس بعيداً عنها وأنه نائم فضميره لا يزعجه مثقال ذرة ، وان مستقبله غير ملبد بالمخاوف لان في إمكانه أن يتزوج من امرأة لا يكن لها حباً ولا احتراماً . أن زواجهما سيعيد الالتحام إلى الأسرة مرة أخرى ويناسب خطط أعماله وكذلك دون أدنى شك سيكون في إمكانه أن يستمتع بها في أي وقت يريد إلى أن يدركه الملل منها ... هذا عدا عن الألم وتحطم القلب الذي سيسببه لها زواج كهذا والشعور بأنها استخدمت لهدفين هما المتعة وسير الأعمال وليس في الامر مشكلة بالنسبة إليه ، إذ في إمكانه تقبل مثل هذا الزواج لان مشاعره لن تمس بينما مشاعرها ستتمزق أشلاء لأنها مغرمة به . ولكن ، أي بديل لهذا أمامها ؟ . أطبقت فمها بأحكام ثم صعدت إلى غرفتها خلال المنزل الصامت . أن في إمكانها دائماً أن تطرده وتبقى على خطتها القديمة في محاولة حماية أعمالها ، ومحاربته عندما ينفذ تهديده بتجويعها .
كانت تعلم أنها من القوة بحيث يمكنها محاربته على هذا المستوى مستعملة كل ما تملك من تصميم و جلد لكي تتشبث بكل شيء بشدة إلى النهاية المرة لكي تسلم إذا استوجب الامر ببطء ضاربة قدمها الأرض فتجعله بذلك لا يصل إلى النجاح ألا بصعوبة بالغة تسلبه لذة النجاح ذاك .
ولكن ، هل لديها الحق في أن تغامر بوظائف العاملين في شركتها؟ وهل هي من القوة بحيث تحارب هذا العدو المخيف وحدها ؟
قد يحدثها عقلها بأن هذا الزواج من كارلو لن تكون نتيجته سوى تحطم قلبها إزاء حب غير متبادل ، ومشاعر الألم والإحباط وهي تفكر ببعد المسافة بينهما عندما يخمد الحب ببرودة الملل والرتابة وعدم الاكتراث . أخذت تذرع أرض غرفتها وقد منعها القلق والاضطراب من التفكير في النوم . أن كارلو يريد الجواب في الصباح ولن يكون في إمكانها تزويده به أن لم تتمالك نفسها وذهنها .
و أفلتت منها شتيمة بصوت عالٍ على غير عادتها ، مما جعلها تشعر بنوع من الصدمة ، إذ لم تتعود استعمال مثل هذه الكلمات غير المهذبة . ثم فتحت خزانتها فأخرجت معطفاً سميكاً وزوجاً من القفازات ووضعت قدميها في حذاء جلدي طويل ، ربما إذا هي خرجت ساعة للسير في هذا الليل المتألق والهواء البارد ، سيصفو رأسها بعد إذ لم تعد تستطيع الوصول إلى قرار معقول أو على الأقل تتخلص من هذه الطاقة الزائدة فيمكنها بعد ذلك النوم قليلاً .
كان الثلج يتحطم تحت قدميها ، بينما البدر يتألق فوق الرؤوس متسللاً بين الغيوم مغرقاً تلك الحدائق بفتنته . ملأت رئتيها من الهواء البارد وقد وضعت يديها في جيبي معطفها ، ثم اتجهت نحو حديقة المياه عبر المروج الخضراء المحيطة بها ثم خرجت إلى الممرات التي تقود إلى الحقول . كانت قد أصبحت على بعد حوالي الميلين وعليها أن تكون في المنزل بعد ساعة عسى أن تكون من التعب بحيث يمكنها أن تنام بعد أن تكون وصلت إلى قرار .
ولكن في الوقت الذي اتجهت فيه نحو المنزل كانت تتمنى لو لم تكن قد خرجت منه ذلك أنها إلى جانب الإرهاق الذي عانته فأنها لم تتوصل إلى قرار حاسم . لقد كان خروجها في منتصف الليل إلى هذه النواحي التي يكسوها الجليد شيئاً بالغ السخافة وعادت من الطريق الذي جاءت منه وهي تشعر بالاشمئزاز من نفسها ودون اتخاذ أي حذر . ولكن اعترافها ذاك بخطئها لم ينفعها بشيء فقد توقفت أنفاسها وسرى الألم في وركها من جراء تعثرها كما شعرت بالثلج يدخل في حذائها . ومنعها ذلك الألم والثلج في حذائها الطويل من النهوض واستحالت تلك المناظر الفاتنة في نظرها إلى شؤم وأصبحت ظلال الأشجار أشد ظلمة مما هي عليه . وكانت ترتجف من البرد وتلوم نفسها على حماقتها ، عندما لاحت لها مرة أخرى معالم المنزل كانت اكثر الأنوار مضاءة ولكنها كانت اكثر إرهاقاً وتعاسة وشعوراً بالبرد من أن تستطيع شيئاً اكثر من النظر إليها . ذلك أنها لو كانت في كامل وعيها لما ذهلت وهي تدفع الباب الرئيسي وقد انتابها الإرهاق لرؤية كارلو يهبط السلم بسرعة وهو يحشر كتفيه في جاكتة صوفية .
توقف فجأة عند رؤيتها بينما انتابها نوع من الهلوسة ذلك أن ما شاهدته من الارتياح البالغ في عينيه السوداوين لا يمكن أن يكون حقيقياً وهو يقول بخشونة : " ما الذي ظننت أنك تقومين به أيتها المرأة؟ " .
كان عليها أن تفكر في أن سؤاله هذا هو أمر بديهي ولكنها كانت من الإرهاق والشعور بالقهر وهي تراه أمامها بشكل غير متوقع مما منعها من أن تجيب بشيء وقف ويداه على خاصرتيه ينظر إليها بشماتة لحظة طويلة وقد توقفت أنفاسه .
إلى أن تنفس بعمق وهو يسير نحوها قائلاً : " لقد قلبت البيت رأساً على عقب أفتش عنك وعندما لاحظت أن الباب لم يكن مقفلاً نظرت إلى الخارج ." وشملها بنظرة ازدراء وهو يتابع : " لأرى أثار أقدام وكنت على وشك الخروج لأجرك عائداً بك ." فهزت كتفيها رغم الألم في كتفها الذي نتج عن سقوطها كما هو الحال في وركها وهي تقول : " لا حاجة بك لذلك كما ترى . " ولم تتذكر أن كانت قد شعرت من قبل بمثل هذا العجز والوهن ولكنها لم تكن تريد أن تشعره بذلك ورفعت رأسها بكبرياء قائلة : " أنني لست في حاجة إلى حارس وربما ستتذكر هذا في المستقبل ."
وفكرت باكتئاب في انه إذا كان المستقبل سيضمهما معاً فأن ما بقي عندها من قوة حاولت مواجهته بها ألان ، قد تبددت إزاء نظرة التقريع التي رمقها بها وهو يرفع حاجبيه ساخراً ، لكنه قال لها برقة : " أن تأخر الوقت لا يسمح لنا بأية مناقشة فاصعدي إلى غرفتك لكي تغيري ثيابك المبللة هذه ثم آوي إلى فراشك ريثما أحكم إغلاق منافذ المنزل ." .http://www.liilas.com/vb3



ونظرت إلى السلم بملامح متحجرة . لم تكن عدد الدرجات بهذه الكثرة من قبل . وانتابها الشك في إمكانها أن تصعد الدرجات هذه بقدميها المتجمدتين من الصقيع ولكنها مع هذا حاولت ذلك وسمعت صوته يقول فجأة بخشونة : " هل أصابك ضرر؟ " فأجابت : " كلا " كان عليها أن تكذب لان الاعتراف بأن الألم يشمل جانبها الأيمن بأجمعه وأن الصداع عندها يزداد لحظة بعد أخرى ، وأن الصقيع ما زال يزحف في عظامها رغم التدفئة المركزية في المنزل ، الاعتراف بهذا ستظهر معه معاناتها هذه وربما يدفعها ذلك إلى زيادة تحقيرها لنفسها فتنفجر باكية لتستدير إليه طالبة المؤاساة التي لن يهتم بتقديمها إليها .
فقال : " لماذا أذن تعرجين بهذا الشكل؟ " وبدا صوته ضعيفاً مليئاً بالانزعاج ولكن ذراعيه لم تكونا ضعيفتين وهو يحملها صاعداً بها السلم دون أي جده . وأخيراً حاولت فينيتيا أن تستجمع أشلاء شجاعتها طالبة منه أن ينزلها ولكنها ما لبثت أن كفت عن ذلك فقد كان ذلك سيكلفها جهداً كبيراً .
قالت : " شكراً يمكنني أن أتدبر أمري . " ولكنه رد عليها عابساً بقوله " : أقفلي فمك " وأمكنه أخيراً أن يخلص قدميها من الحذاء بجهد وهو متجهم الوجه ثم من جوربيها المبللين ليأخذ بعد ذلك منشفة يدعك بها قدميها المتجلدتين حتى أعاد إليهما الدورة الدموية.
قال لها وكأنها طفلة : " هذا سيجعلهما في حال أفضل وان آلمك ." وأعادت لهجته إليها شيئاً من ثقتها الضائعة بنفسها ، إذ من الأفضل أن يراها طفلة تبكي في لحظة ألم عابرة لتكون في مأمن من أن يدرك أن قدرتها الدفاعية قد انهارت فلا تكون عند ذاك بمأمن منه ولا من نفسها . وعندما انتهى من قدميها وقف ثم انحنى فوقها يخلع عنها معطفها محاولاً أن يفك الحزام واتسعت عيناها وهي تمد يديها بسرعة تبعده عنها قائلة : " يمكنني أن أتدبر أمري فأنا لست عاجزة كلياً . "
فأجاب : " بل أنتِ كذلك أو تكادين فأنتِ لا تقوين على السير فكيف بأن تدخلي الحوض وتخرجي منه دون مساعدة ! "
أضاف : " حاذري من أن تتقيأي علي ثم يجب أن لا تخجلي مع أنني لا أظنك تعرفين الخجل أليس كذلك؟ ثم لا داعي لأن تخافي مني فأنا لن اقترب منك ."
قالت بحدة : " أنك .........." لشد ما أثار فيها من الاشمئزاز والغيظ . ولكن تعبير الكراهية الذي بدا على ملامحها ، سرعان ما انتهى إلى صرخة ألم عندما حركت قدميها و أصابتها موجة الألم بالدوار الذي محا من ذهنها كل شيء آخر وهي تميل عليه بضعف بينما تنفس هو عميقاً وهو يسألها : " كيف حدث هذا؟ "
كانت ثمة كدمات في الجلد . وقالت : " لقد سقطت من البوابة على جانبي الأيمن ." وقال بجمود : " على الأقل ليس ثمة كسور . هل في إمكانك أن تحركي أصابع قدميك ؟" فأومأت برأسها مجيبة دون أن تستطيع الكلام . ثم قالت له : " إنني بخير الآن ." كان من المربك جداً لها أن يبقى بجانبها .
ثم سألها بصوت أجش : " ماذا كنت تفعلين في الخارج في مثل هذا الجو وفي مثل هذا الوقت من الليل؟ " أجابت : " كنت أفكر . " لقد أصبحت من الاسترخاء بحيث أخذت تعتقد بأن لا شيء يحمل على الاهتمام لا شيء مطلقاً .
وتابعت تقول : " إن المنزل يقيدني ظننت أن السير والهواء النقي قد يصفيان ذهني لكي أتوصل إلى قرار . "
قال : " وهل حدث ذلك؟ لقد كنت أظن أن قرار قبول الزواج مني من السهل التوصل إليه ."
لوت شفتيها برقة وهي تجيب : " يا لهذا التواضع ." وكان جسدها من الاسترخاء بحيث لم تهتم بتعليق على هذا الغرور . قالت ببساطة وهي تتساءل عما قد يكون جوابه : " لماذا لم تتزوج حتى الآن ؟ " .
قال : " لأنني حتى الآن لم أشعر بالحاجة إلى ذلك ." وهل هو يشعر الآن بهذه الحاجة لأجل أعماله؟ أم وفاء بوعده لأبيها؟ إنها لا تعلم أو ربما لن تعلم أبداً . بانت على شفتيه شبه ابتسامة وهو يقول : " اصعدي إلى غرفتك الآن وسأوافيك بكوب حليب ." .
وقبل أن يسمع جوابها تركها وخرج تاركا إياها تنظر في أثره متسعة العينين . لقد أدركت تماماً أنه لأول مرة يشعر بالخوف من أن يفقد سيطرته على نفسه .
دخلت إلى غرفتها وغيرت ثيابها لقد حزمت أمرها الآن ذلك أن مشاعرها نحوه والتي طالماً كبحتها ، خارجة بذلك عن طبيعتها كل هذه قد عادت الآن بكل زخمها وعنفها وهي ستتخذ القرار الأسهل لتخرج من وضعها العملي السيئ هذا وهو أنها ستتوقف عن محاربة مشاعرها تلك . أنها تحبه وهي ستتزوجه .
ربما غداً وكل غد بعده ، سيجلب إليها الندم ، اعترفت بذلك وهي تندس تحت الغطاء ولكنها هذه الليلة لن تفكر بذلك مطلقاً ما عدا السماح لشيء ضئيل من الأمل في أنه من الممكن أن يتعلم يوماً ما أن يحبها كما تحبه ....
وعندما عاد بعد دقائق داخلاً من الباب بمرح وقد أعاد ارتداء جاكتته الصوفية ، حاملاً في يده كوباً من الحليب الساخن وضعه على منضدة السرير بجانبها لم يكن مرحه ذاك بقادر على إخفاء خطوط متوترة حول عينيه . كانت فينيتيا تعلم أنها قد أحبته وستحبه أبداً .
وقالت بصوت اكثر خشونة من العادة : " إنني سأتزوجك يا كارلو وذلك في أي وقت يناسبك ." وشعرت بقوة هاتين العينين اللتين لا يسبر غورهما لتغرق فيهما وتندت عيناها بالدموع وهو يرفع إحدى يديها ليضع شفتيه على راحتها قائلاً ببساطة بينما كثافة أهدابه تخفي تعبير عينيه : " إنني أعدك بأنك لن تندمي على قرارك هذا أبداً يا فينيتيا . "
كاد أن يخرج من الغرفة ولكن غريزتها أخبرتها أن عليها ألا تسمح له بذلك الآن وحاولت أن تكتشف السبب الذي جعلها تشعر بأهمية إبقائه إلى جانبها ولوقت قصير فقط ولكنها ما لبثت أن عرفت .... كيف حدث ونسيت هذا الامر؟ ولكن أتراها ستحسن الكلام؟ لابد أن يكون هذا وقالت : " إن سيمون ليس حبيبي ........."
كانت تريد أن تقول اكثر من هذا لتغير رأيه الذي كون منذ ست سنوات ولكنه قاطعها قائلاً بعدم اهتمام تقريباً : " هذا غير مهم لقد انتهى ذلك انه الماضي ." ثم تابع بعد قليل " لم يبق لنا سوى وقت قصير للنوم ... فلنستفد منه أليس كذلك؟ "
هذا جيد لأنه عندما يتزوجان في النهاية ، سيكون لديه البرهان التام على أن سيمون ليس حبيبها كلا ولا أي رجل آخر وبعد ذلك لن يعتقد أبداً أنها امرأة دون مبدأ ولا أخلاق .

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 05-08-09, 03:00 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل السابع استيقظت ببطء شاعرة بالاسترخاء التام وهي تتكور تحت الغطاء الدافئ ثم تذكرت فجأة أنها وكارلو سيتزوجان والحلم الذي حلمت به منذ ست سنوات قد تحقق ألان وهي تشعر بسعادة طبيعية لأي إنسان في وضعها ولكنها لن تفكر في هذه النقطة كان كوب الحليب الذي أحضره لها قد أصبح بارداً ألقت نظرة على ساعتها ، إنها التاسعة والنصف . أنه سيعلن عن خطبتها دون أن تضطر هي لأن تتكلف عناء الحضور وسيعود قبل أن تحس بغيابه . وتدحرجت لتغادر السرير وهي تتثاءب مصممة على حضور اجتماع المدراء أو على الأقل قسم منه . وهكذا ارتدت ثيابها بسرعة والتي كانت عبارة عن طقم رمادي فوقه جاكتة صوفية رائعة الحياكة . كانت كل ملابسها اقل مما تقتضيه المناسبة وصممت وهي تنتعل حذاء اسود منخفض الكعب على أنها عندما يتزوجان ستعود وترتدي بعض ملابسها القديمة المزخرفة الطراز إذ لم تعد هناك حاجة إلى ارتداء الألوان الداكنة . ولكن التفكير في إنها ستكون زوجة لكارلو جعلها تتوقف عن الحركة وعندما نظرت حالمة في المرآة لم تر منظرها العملي أبداً فقد كان جسمها وحركاتها لا تكاد تخفي أحاسيس البهجة التي تملكتها وصممت على أن تبذل أي في سبيل أن ينجح هذا الزواج وهي لن تتوقف عن ذلك حتى يجد نفسه غارقاً في حبها .
وبعد عشرة دقائق كانت تحاول أن تقود السيارة بثبات على الطرق الفرعية الزلقة كانت هذه الطرقات ما تزال تحفل بأخطار الثلوج رغم حرارة الجو . ربما كان من الحماقة أن تخرج من سريرها الدافئ .
ولكن الشركة ما زالت شركتها هي حتى ولو كانت ستدمج بشركة روسي في المستقبل ، هذا إلى أنها كانت تريد أن تكون إلى جانب كارلو عندما يعلن خطبتهما . وعندما أصبحت في الطريق الرئيسي أصبحت القيادة اسهل مما جعلها تزيد سرعة السيارة . إذ لن يكون لائقاً أن هي وصلت متأخرة لتجد الاجتماع منتهياً وقد اصبح كارلو في الطريق عائداً إليها . كان المكتب الرئيسي في مدينة كامدن في شمال العاصمة وكان الشارع المحاط بالأشجار هادئاً . وكان في استطاعتها أن تسمع قرقعة القطارات على الخط الرئيسي الى ميدلاند و سكوتلاند خلف مباني فيكتوريان عندما خرجت من موقف السيارات وهي تصلح من تجاعيد تنورتها . لم يكن هذا الجزء من لندن مكاناً عصرياً ولكن إيقاف السيارات كان سهلاً نوعاًَ ما كما أن المنازل قد حولت إلى مكاتب وافية بالغرض وخلال السنوات الماضية كان هذا المكان قد أصبح منزلها الثاني ذلك أنها أمضت هنا من الساعات اكثر مما أمضت في منزلها في الريف . وما أن دخلت فينيتيا من الباب وهي تخلع قفازيها حتى نظرت إليها موظفة الاستعلامات من خلف مجموعة الهواتف على المكتب وغمرت الدهشة وجه المرأة المتوسطة العمر التي نهضت واقفة وهي تقول : " إننا لم نتوقع رؤيتك هذا النهار نظراً إلى حالة الجو وغير ذلك فالطرقات لابد أن تكون مريعة في منطقتكم وحول الغابات . كيف حالكِ على كل حال؟ لم أجد فرصة للتحدث إليك في الجنازة وكذلك كثيرون ... ولكن .... " .
فقاطعتها فينيتيا برقة : " أنني بخير " كانت جويس امرأة طيبة ولكن ثرثرتها كانت مضرب المثل فإذا وجدت موضوعاً تتحدث فيه فأنها لا تنتهي منه ولم تكن فينيتيا على استعداد لسماع ذلك فقد كانت في طريقها إلى التكيف مع الواقع ومع نفسها وعلى طريقتها الخاصة بالنسبة إلى صدمتها المفاجئة بفقيدها وسألت : " هل انتهى الاجتماع ؟ " هزت جويس رأسها قائلة : " لم ينته بعد تقول الشائعات أننا سنصبح تابعين لشركة روسي هل هذا صحيح؟ " . أجابت فينيتيا : " نعم صحيح ." لم يكن ثمة ضير في قول الحقيقة ذلك أنه حالما ينتهي الاجتماع فان كل إنسان سيعلم بالأمر وابتسمت فجأة بابتهاج فزواجها بكارلو ذو فائدة إضافية وسيستقر مستقبل شركة روس الإنكليزية وقالت لموظفة الاستعلامات وهي تتجه نحو السلم : " سأشترك في إنهاء الاجتماع ." ولكن الموظفة نادتها من خلفها قائلة : " انهم يستخدمون مكتبك لأنه الأوسع بين المكاتب ... لا تدعي السيد روسي يسلبك كل ما علمت أنتِ وأبوك لأجله أنني أعرف أنه شخص صعب المراس ويكفيك أن تنظري إليه لتعلمي أنه الرابح في النهاية ."
ردت عليها فينيتيا محتفظة بسرها قائلة : " صدقيني أنني سأكون حذرة . " لم يكن ذلك يعني أن زواجها من كارلو سيبقى سراً مدة طويلة ولا بد أنه قد أعلنه وسيعلم به كل شخص في المبنى قريباً ، وسيشعرون بالارتياح الذي شعرت هي به عندما اطمأنت إلى استقرار مستقبل الشركة في انضمامها إلى شركة روسي الدولية والتي هي جزء من العائلة ليلتحم بذلك الشرخ الذي طال أمده .
وعندما اتجهت نحو المكتب كانت ما تزال تبتسم وما أن وصلت إلى هناك تقريباً حتى فتح الباب وخرج منه سيمون وهو يترنح صافقاً الباب وراءه . ونسيت هي فشلها في الالتحاق بنهاية الاجتماع عندما نظر إليها سيمون قائلاً : " هل علمت أنه يريد أن يطردني من العمل؟ هل علمت " وأمسك بذراعها بوحشية وقد شحب وجهه فردت عليه بحدة : " ما الذي تقول؟ ومن يريد أن يطردك من العمل؟ " .
فأجاب : " ذلك الإيطالي اللعين ومن غيره؟ ألم تعلمي؟ " فهزت رأسها عابسة وهي تقول : " كلا " وتساءلت هل معنى هذا أن كارلو قد استلم الأمور بهذا العنف ؟ ولم يعجبها ذلك وخصوصاً وهو يعطي لنفسه الحق في طرد أي من موظفيها دون أن يهتم باستشارتها ولو من باب الكياسة .
وسألته : " وما هو السبب الذي قدمه لهذا؟ " كانت متجهمة الوجه ولكنه أمسك بيدها يجذبها وهو يقول : " لا يمكنني أن أتكلم عن ذلك هنا فان الجميع سيخرجون بعد لحظات دعينا نذهب إلى الغداء لننفرد بأنفسنا انه لا يستطيع أن يطردني دون موافقتك . " وجاء صوت كارلو من الباب بارداً كالثلج : " انه يستطيع وقد فعل أخل مكتبك يا سيمون . "
تجمدت فينيتيا وتناهت إلى مسامعها من خلال الباب همهمة الرجال في الداخل . ورأت السكرتيرة تخرج وفي يدها دفتر الملاحظات وقد اتسعت عيناها فضولاً وهي تقف خلف ظهر كارلو العريض . كانت يدها ما تزال في يد سيمون فسحبتها من يده إنما متأخرة وارتجفت قليلاً وهي ترى كيف ضاقت عينا كارلو وتوتر فمه وهو يلاحظ حركتها هذه . وهتف غوردون مانينغ سكرتير الشركة الذي كان أول الخارجين قائلاً : " آه .... فينيتيا ... " ووضع يده على كتفها استحساناً وهو يقول وقد لمعت عيناه بحنان الأبوة : " تهاني لقد سررنا جميعاً عندما علمنا بزواجك القادم والدك كان سيسر حتماً لو رأى عودة اللحمة بين الآسرتين تحدث بمثل هذه الطريقة السارة . "
كانت تعلم أن هذه هي الحقيقة ورأت ذلك وهي تتقبل تهاني الآخرين جميعاً . فقد كان والدها في غاية البهجة عندما ظهر كارلو منذ سنوات كما كانت زيارته نفسها بمثابة غصن الزيتون . وكانت تعرف أنه بقى على اتصال بالفرع الإيطالي للشركة وذلك بواسطة الاتصال الهاتفي بكارلو . مع أنها لم تعرف قط ماذا قيل بين الرجلين فقد أعلنت بوضوح عندما أراد أن يقص عليها فحوى هذه المكالمات ، أنها غير مهتمة بأي شيء يتعلق بكارلو وبما يقوله وكان هذا نوعاً من الدفاع فقد كانت تحاول أن تنتزعه من قلبها ومن عقلها ... ولم تكن تريد ما يذكرها به . لا بد أن تجاوبها ذاك كان في محله كما أدركت الآن ، وكانت و كارلو وحيدين في الممر عندما قال لها عابساً : " لقد طلبت منك البقاء في المنزل ." فأجابت شاردة الذهن : " هذا صحيح ولكن الطرق لم تكن رديئة تماماً على كل حال ما هذا كله عن طرد سيمون؟ "
فقال : " هل يؤلمك هذا؟ " فأجابت باستياء : " أنه أذهلني. " لقد أخذت مرة أخرى ترتاب في تحركاته وساورها الآسف لهذا الشعور . فهي تحبه ولا تريد أن تفكر في انه يمتلك صفات سيئة .
وتنهدت بارتياح حين أمسك بيدها متجهاً بها إلى مكتبها الخالي وهو يقول : " عندما تسمعين إيضاحاتي حول هذا الموضوع فأنا متأكد من أنك ستوافقين على أنه لم يكن أمامي خيار آخر . " وجلس على حافة مكتبها قائلاً : " لعلك تساءلت فأنا كنت على الدوام احتفظ بعين يقظة على ما أملكه في شركة روس الإنكليزية ومنذ فترة قريبة بدأت أدرك أن الأمور ليست سائرة كما ينبغي في دائرة المشتريات وابتدأت في التحقيق لأكتشف أن صديقك سيمون كان يملأ جيوبه عل حساب أموال الشركة إذ كان يقبض رشوة من بعض الموردين عديمي الضمير وذلك لكي تدفع لهم الشركة أسعاراً أعلى من قيمة الأسعار المعروفة وهذا في اعتباري يسمى سرقة . "
فقالت فينيتيا وقد بانت عليها الصدمة : " لا يمكنني تصديق ذلك فقد خدم الشركة بكل جهد أولاً كنائب لأبي ثم لي بعد ذلك . وكان لائقاً في أسفاره العملية بشكل ما لابد أن هناك خطأ ما في الأمر ."
فقال كارلو وهو يحدق في ملامحها الذاهلة وقد بدا في لهجته شيء من الشفقة : " ليس ثمة خطأ أبداً . ليس من السهل قبول الخيانة ، أليس كذلك؟ ولكن صدقيني فان عندي كل البراهين التي تثبت ذلك . إن أباك كان يعلم ذلك لأنني حذرته منه ولكن للأسف لم يعش لكي يقوم بما يلزم عمله . ".http://www.liilas.com/vb3



فقالت : " ولماذا لم تأت إلى ببراهينك تلك تطلعني عليها؟ كان يجب أن أعلم هذا وأن استشار . " كانت ما تزال غير قادرة على أن توافق على هذا لأن سيمون رغم ذلك التصرف المقيت الذي سبق وصدر عنه فيما مضى قد أثبت جدارته كصديق ومستشار ناصح وزميل في العمل وكانت مستعدة لضمان نزاهته واستقامته بينما كان كل الوقت .... استناداً إلى قول روسي يعيش حياة مرفهة على حساب الشركة وسألته عابسة : " ولماذا أنا كنت آخر من يعلم ؟ " فأجاب وهو يضع إصبعه على شفتيها : " هش ... كانت صدمتك بوفاة أبيك المفاجئة كافية بالنسبة إليك . إنني مسرور لحضورك وقد كنت فكرت في الاتصال بك هاتفياً ولكن هذا أفضل . لسوء الحظ استدعيت إلى المكتب الرئيسي في روما ، بصورة عاجلة وذلك منذ ساعة تقريباً وليس في إمكاني تجنب السفر ولا أظن في استطاعتي العودة إليك قبل أسبوع ." وهتفت فينيتيا : " أوه ... كلا! ." قبل نصف ساعة بدا لها وكأن كل شيء على ما يرام بعد أن وافقت على الزواج من رجل لم يعلم بعد أن عليه أن يتعلم أن يحبها وهاهو وبكل هدوء يرحل بعيداً لأن العمل عنده يأتي أولاً . هذا بالإضافة إلى ما عرفته الآن أن الموظف الذي كانت ثقتها به دون حدود تبين أنه لص .
لم تكن هي من الغباء بحيث تعتقد أن في إمكانها أن تثنيه عن عزمه في الذهاب لإنجاز أعماله ، وقالت بحدة اكبر مما كانت تقصد وقد لوت فمها استياء : " هل أنت متأكد تماماً من صحة ما قلته بالنسبة إلى سيمون؟ ألا يمكن أن يكون شيئاً من الغيرة جعلك تخطئ في حساباتك؟ "
وقال : " أهذا هو رأيك في مدى نزاهتي؟ " ورفعت رأسها لترى شحوب وجهه من الغضب ونظر إليها بازدراء قائلاً : " أما زال يعني لك كثيراً بحيث تريدين مساندته مهما كان نوع عمله؟ "
قالت شبه هامسة : " إنني آسفة لم اكن اقصد أن تفهم الأمر بهذه الطريقة . " كانت تشعر بخيبة مرة لرحيله مفضلاً العمل عليها ومحتفظاً بهذه الفكرة وشعرت بالتعاسة وهي تفكر بهذا .
قال : " إذن أخبريني كيف كان من المفروض أن أفهم دفاعك هذا عنه ؟ " وكأنما ندم على انفجاره هذا فيها فاستطرد يقول بلهجة اكثر اعتدالاً : " انك لم تمدحيني بكلامك ذاك . " وهزت كتفيها بأسى . كيف يمكنها أن تشرح مشاعرها المضطربة دون أن تفضح مدى حبها له؟ ويكف أن ذلك الأسبوع الذي سيغيبه عنها سيبدو لها دهراً؟ إن علاقتهما لم تكن مهيأة بعد للاعتراف فقد يشعره هذا بالحرج أو يزيد في نفسه التسلية ولم تعرف أيهما الأسوأ ثم تمتمت وفي كلامها شيء من الحقيقة : " ليس في إمكاني تجاوز الصدمة إذ أسمع أن شخصاً كنت أضع فيه ملء الثقة يغدر بي بهذا الشكل . "
فقال : " يمكنني تصور ذلك . على كل حال ، فإنني لا أريد أن أضيع الوقت القليل الذي بقي لنا في الحديث عن سيمون الغالي . عليكِ أن تصلي إلى صيغة مناسبة لمواجهة تعامله المزدوج هذا بطريقتك الخاصة ثم تتوصلين إلى قرار معقول وهذا آخر ما أريد سماعه في هذا الموضوع . "
وتناول معطفه الفاخر من على المشجب ثم وضعه على كتفيه واسبغ هذا على منظره المزيد من الوقار وكأنه قادم من عالم آخر . لم يبد لها قط من قبل بمثل هذه السمرة والغرابة . قال : " سنذهب لتناول الغداء فما زال أمامنا وقت كاف قبل أن يحين موعد ذهابي إلى المطار . " ومد لها يده فأمسكتها بسعادة .
بدت عليه رغبة قوية في أن يضع ذكر سيمون وقضيته وراء ظهرهما وكذلك كانت هي وتمنت لو حاولت إقناعه بحقيقة علاقتها بذلك الرجل ، اكثر مما فعلت ولكن هذا الوقت لم يكن مناسباً على الإطلاق لبحث موضوع كهذا فقد أعلن بحزم أنه لا يريد أن يسمع اسم سيمون بعد الآن بل أنه ربما فسر محاولتها إيضاح الامر بأنها مجرد محاولة منها للتنصل من هذا الرجل الذي تلوث اسمه بمثل هذه الأعمال .
وهكذا ستترك هذا الامر و كلها ثقة من أنه عاجلاً أم آجلاً سيدرك الحقيقة بنفسه وقد تأجل هذا الأمر الآن وحاولت ألا تظهر أمامه ما يعتمل في أعماقها من كآبة وغم بينما كانت تبكي في داخلها . مرت الساعة التي أمضتها معه أسرع مما تصورت واعترفت لنفسها وهما يتناولان الطعام الشهي في المطعم بأنها لا تحتمل فراقه هذا وكان هذا المطعم الصغير الخاص القائم في إحدى زوايا لندن غير المعروفة من الاكتشافات المحببة التي سبق واكتشفتها مع أبيها منذ عامين وقد سرت الآن بشكل خاص لمعرفتها به الذي وفر على كارلو الوقت بدلاً من الذهاب إلى قلب المدينة .
وقال : " عندنا الكثير لنتحدث فيه ولكن ليس لدينا الوقت الكافي ." وابتسمت لها عيناه السوداوان بينما ابتعد النادل ليحضر لهما الطعام وعضت فينيتيا شفتها السفلى بأسنانها ثم ابتسم لها تلك الابتسامة التي أدارت رأسها والتي جعلتها تعتقد بأنها ربما تعني له شيئاً وشيئاً غير عادي لا يمت بصلة إلى مجرد الاستبداد ، وحاجة رجل أعمال الى أن يكمل عملاً لم ينته بعد .
وتشابكت أعينهما وهو يقول : " وهكذا نأتي إلى المهم سنتزوج في غضون ثلاثة أسابيع وأظن أن احتفالاً بسيطاً هو الأفضل باعتبار فجيعتك الحديثة بوالدك أليس كذلك ؟ " ودون أن يترك فرصة الإدلاء برأيها استطرد قائلاً : " يمكنك أن تتركي كل شيء لي وكل ما عليك أن تفعليه هو أن تختاري ثوب الزفاف جميلاً ثم تحزمي أمتعتك لرحلة شهر العسل والذي هو بهذه المناسبة ... " ومال إلى الخلف بعد إذ وصل النادل يحضر الطعام ، بينما عيناه لم تبارحا وجهها وهو يتابع : " سنمضيه في بيتي في سردينيا . " ضاقت عيناها المنغوليتان الجمال وهي تعبس فجأة التقط كارلو شوكته وهو يرفع حاجبيه متسائلاً :" هل لديك اعتراض؟ وهل تفضلين مكاناً آخر؟ "
أجابت : " كلا ، كلا بالطبع . " وترددت قليلاً ثم تابعت تقول : " كل ما في الأمر هو أنني لا أعرف عنك سوى القليل لم اعرف آن لك منزلاً في سردينيا هذا كل شيء . "
والتقطت شوكتها هي أيضاً ثم ابتدأت تأكل وقد أدهشها فجأة بغموضه . ثم هذه البحة العميقة في صوته عادت تدهشها مرة أخرى حاملة عينيها على ملاقاة عينيه وهو يقول : " أن حياتي كتاب مفتوح وما عليك إلا أن تسأليني لتسمعي مني كل شيء على كل حال ... أظن أن من دواعي سرورنا أن يكتشف كل منا الآخر . "
كانت كلماته هذه ولهجته تعيد إلى ذاكرتها صوراً جعلت الدم يصعد إلى وجنتيها وهذا ما كان دون شك هدفه من حديثه ذاك وبينما أخذت تحاول تمالك مشاعرها قال : " لا تقلقي بالنسبة إلى العمل فكل شيء سيكون على ما يرام ..و إياك أن تفكري ببيع المنزل إذ أننا سنمضي فترة في كل عام في انكلترا و سيكون مركزاً ملائماً لنا وإذا كان القلق يتملكك لتركه خالياً مدداً طويلة لماذا لا تبقين على بوتي لتحفظه في غيابنا؟ واكثر من ذلك ... لقد سبق و أخبرتني أن بوتي تشعر بالمسؤولية تجاه أختها أليس كذلك ؟ وأنها تشعر بالذنب لعدم تمكنها من رؤيتها بشكل كاف كما هو الحال الآن فلماذا لا نحول غرفتين خلف المنزل إلى سكن تنتقل إليه شقيقتها آندي ؟ إننا بهذا نصيب عصفورين بحجر واحد إذ نزود بوتي بوظيفة ونجعل للمنزل من يقيم فيه ثم نوقف آندي عن التذمر لما تتصوره من الإهمال نحوها . فكري في هذا . "
أجابت : " سأفعل ذلك . " إنها ستفعل ذلك إنما ليس الآن سألته : " هل ستفتقدني؟ " لامت نفسها لهذا الحنين الذي بدا في صوتها ولتلك الإشارة الفاضحة في لهجتها والتي قد تكشف له عن شعورها نحوه . ولامت نفسها مجدداً وهي تلمح تألق البهجة في عينيه وهو يومئ بالإيجاب مؤكداً ذلك بصوت هو بمثل رقة ابتسامته ما جعلها تعتقد للحظة أنه يعني هذا حقاً .
وظلت تعتقد ذلك إلى أن أفسدت كل شيء عندما عاد النادل ليرفع الأطباق فابتسمت له مخاطبة إياه باسمه فقطب كارلو جبينه وهو يقول ببرود : " يبدو أنكِ معتادة على الحضور إلى هنا وأظن أن هذا هو ( المكان المعتاد ) الذي اعتدت وسيمون على تناول الغداء فيه في اجتماعاتكما . من المؤسف أنني حتى هذه اللحظة كنت في منتهى الاستمتاع . "
وما أن فتحت فمها لتنكر أنها سبق وجاءت إلى هذا المكان مع سيمون و إنما مع أبيها فقط ، أسكتها قائلاً : " لا تدعينا نجعل من هذا الأمر موضوعاً للجدل إنني على أتم الاستعداد لنسيان حتى وجود هذا الحقير في هذا العالم إذا أنتِ فعلت الشيء نفسه سيكون لكِ مستقبل فقط دون ماض والآن عليكِ أن تعذريني . "
دفع بنفسه بعيداً عن المائدة ثم أشار بإحضار الفاتورة إلى النادل الذي كان دون وعي منه سبباً للخلاف ، واندفعت فينيتيا تقول : " هكذا إذن؟ فأنت تعتنق فكرة حمقاء ولا تريد أن تتخلص منها حسناً إنني آسفة لأجلك . " وكانت وجنتاها متوهجتين وهي تلتقط قفازيها وحقيبة يدها بينما كانت تنظر إليه عبر المائدة بنقمة . ليس ثمة حاجة لأفساد هذه السويعات الهادئة الرقيقة لمجرد كلمة في غير محلها فهل سيكون المستقبل معه عذاباً بهذا الشكل؟ وتوترت شفتاها وشحب وجهها وعيناها تلتقيان بعينيه ، وهي تستطرد قائلة : " بما أننا ما زلنا في أول الطريق فأحب أن أخبرك أنك لان تتزوج مخلوقة من دون ماضٍ كما أظنك قلت ودون عقل مفكر و إنما مستقبل فقط يرقص على ألحانك التي تتغير في كل لحظة . " وارتجف صوتها فسكتت لحظة تمالكت فيها نفسها ثم سارت أمامه إلى الرصيف لتعود فتستدير إليه قائلة وقد شحب وجهها : " إن عندي شيئاً من الكرامة ولهذا لا أرى أنني أستطيع أن أتعامل مع مستقبل يجمعنا من النوع الذي تفكر فيه . "
فنظر إليها بملامح لا تعبر عن شيء وهو يجيب : " بل ستتعاملين معه بشكل رائع وأنا أعرف تماماً ما هو نوع زوجتي المستقبلية . " وأمسك بذراعها يعيدها بقوة نحو المكتب بينما هي محبوسة لأنفاس لا تجد جواباً وهو يستطرد قائلاً ببرود : " وإذا كان في استطاعتي أنا التعامل مع هذا فهو في استطاعتك أنت أيضاً . "

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
diana hamilton, دار النحاس, ديانا هاملتون, legacy of shame, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, سجينة الذكريات, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:56 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية