بتعليقات
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
* الشرح:
- هذا الحديث السادس من الأحاديث النووية وفيه بيان تطور خلق الإنسان
في بطن أمه وكتابه وأجله ورزقه وغير ذلك.
- فيقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو الصادق المصدوق: الصادق في قوله المصدوق فيما أوحي إليه وإنما
قد عبدالله بن مسعود هذه المقدمة , لأن هذا من أمور الغيب التي
لا تعلم إلا بوحي فقال ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ... ).
* ففي هذا الحديث من الفوائد:
- بيان تطور خلقة الإنسان في بطن أمه , وأنه أربعة أطوار..
الأول: طور النطفة أربعون يوما ... والثاني: طور العلقة أربعون يوما ...
والثالث: طور المضغة أربعون يوما ... والرابع: الطور الأخير بعد نفخ الروح فيه ,
فالجنين يتطور في بطن أمه إلى هذه الأطوار.
- أن الجنين قبل أربعة أشهر لا يحكم بإنه إنسان حي , وبناء على ذلك لو
سقط قبل تمام أربعة اشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه , لأنه لم يكن إنسانا بعد.
- أنه بعد أربعة أشهر تنفخ فيه الروح ويثبت له حكم الإنسان الحي ,
فلو سقط بعد ذلك فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كما لو كان ذلك بعد تمام تسعة أشهر.
- أن للأرحام ملكا موكلا بها لقوله: ( فيبعث إليه الملك ) أي الملك الموكل بالأرحام.
- أن أحوال الإنسان تكتب عليه وهو في بطن أمه .. رزقه .. عمله .. أجله ..
شقي أم سعيد , ومنها بيان حكمة الله عز وجل وأن كل شيء عنده بأجل مقدر وبكتاب يتقدم ولا يتأخر.
- أن الإنسان يجب أن يكون على خوف ورهبة ,
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر: ( إن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة
حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ).
- أنه لا ينبغي لإنسان أن يقطع الرجاء فإن الإنسان قد يعمل بالمعاصي
دهرا طويلا ثم يمن الله عليه بالهداية فيهتدي في آخر عمره.
* فإن قال قائل: ما الحكمة في أن الله يدخل هذا العمل بعمل أهل الجنة
حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار ؟
- فالجواب: إن الحكمة في ذلك هو أن هذا الذي يعمل بعمل أهل الجنة
إنما يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإلا فهو في الحقيقة ذو طوية
خبيثة ونية فاسدة , فتغلب هذه النية الفاسدة حتى يختم له بسوء الخاتمة
نعو بالله من ذلك. وعلى هذا فيكون المراد بقوله: ( حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع )
قرب أجله لا قربه من الجنة بعمله.