كاتب الموضوع :
sivda
المنتدى :
الارشيف
و تأكدت حقيقة اختفاء نضال.........
.........
- عزيزتي.... لماذا تقفين على ناصية الطريق... اصعدي الى هنا...
صرخ صوت على رانيا واخرجها من حالة الصدمة التي ألمّت بها من بعدما قبّل نضال يدها...كان الصوت...
رخيما وفيه شيء من الوقار والترحيب....
فعندما سمعت رانيا هذا الصوت... رفعت رأسها الى الاعلى...لترى شرفة مزدانة بأحواض للزهور ذات اللون
الاصفر والزهري...ورأت وسط هذه الالوان.. لون شال ابيض لأمراة كبيرة بالسن لم تستطع تمييز ملامح
وجهها... فابتسمت و توجهت نحو باب المنزل... وجاهدت لرفع حقيبتها.. وعندما وصلت الى الباب.. لم تفتح لها
الباب تلك المرأة... بل فتحته امرأة اخرى متوسطة العمر...
- أنت رانيا؟؟؟
- نعم...
- اهلا يا عزيزتي.. انا عمة نضال.... اهلا بزوجة الغالي.....ام نضال تجلس بالطابق العلوي..
تفضلي.. تفضلي... دعيني اساعدك بحمل هذه الحقيبة... لقد جهزنا لكما غرفتكما....
- شكرا...
- اه لو تعلمين يا رانيا كم افرح خبر زواجكما ام نضال... وكأنه اعطاها محفز جديد للحياة.....
- الحمدلله....
- هيا يا عزيزتي... فلنضع هذه الحقيبة هنا.. ولنذهب لرؤياها .. فهي متشوقة جدا للقائك...
وبالفعل ارتقت العمة ورانيا الدرجات الى الطابق العلوي...وكانت صور نضال تملئ الجدران...صوره وهو حامل
لشهادته الجامعية.. وصورة تجمعه مع عدة شباب واخرى مع فتاة صغيرة... والعديد العديد من الصور...
وعندما وصلو للطابق العلوي... تسللت الى انف رانيا.. رائحة كرائحة المستشفى.. تلك الرائحة الممزوجة
بالنظافة ورائحة الادوية... وكأنها منعشة و مزعجة في ذات الوقت...
وبعدما قطعوا الممر المدهون باللون البيج المائل للزهري... وصلوا الى غرفة نوم فسيحة... فجالت رانيا
بنظرها في انحاء الغرفة.. فرأت خزانة ملابس كبيرة.. ومقاعد كبيرة... وطاولة ... وكانت النوفذ كبيرة جدا..
ومزدانة بستائر جميلة... وكان هناك منضدة عليها ادوية كثيرة موضوعة بشكل مرتب.... ولكن؟؟؟ أين
السرير؟؟... فهذه الغرفة تبدو كغرفة نوم.. ولكن بلا سرير...
وفجأة فتح باب في زاوية من زوايا الغرفة....وخرجت منه سيدتان... واحدة منهما كانت شابة صغيرة...
والاخرى عجوز كبيرة...تجاهد لتمشي... فيدها .. او بالاصح ذراعها الايمن كان مقطوعا... وكان جلدها
محروق.. ولكنها حروق حدثت منذ زمن ليس بقريب.. مثلما قدرت رانيا...وعندما جلست السيدة على المقعد...
دعت كل من رانيا والعمة للجلوس ... وركزت عيناها على رانيا.. وقالت..
- اهلا بك عزيزتي... انا ام نضال..... نضال كلمني عنك كثيرا... والشهادة لله اني احببتك من
كلامه... وان كنت معارضة لطريقة زواجكما... ولكني لست معارضة لاختياره.. فأنت جميلة يا بنيتي...
- شكرا يا خالتي....
- هذه ممرضتي منى...وهي بالفعل ملاك رحمة... وأرى انك قد تعرفت على سمية... عمة نضال...
- تشرفت بمعرفتكم جميعا...
أجابت رانيا بصدق...
- لا شك انك يا عزيزتي متعبة....لقد جهزت لكم سمية غرفة الضيوف... ارجوك ارتاحي بها...
وعندما جهزت رانيا نفسها لتبدأ بعبارات الشكر.. استحوذ على ام نضال سعال متواصل.. وانتهى برشفة ماء..
كانت منى قد جهزتها...
وعندما همت رانيا بالوقوف لتمشي وراء سمية لتدلها الى غرفتها.. ذهبت الى المكان الذي تجلس فيه ام نضال
وقبلت جبينها...
- انه لشرف كبير لي ان اتعرف عليك ... فقد كلمني نضال عنك كثيرا ... وقد اراد مني ان اقول لك
بأنه يطلب رضاك...
فترقرقت الدموع في عيني ام نضال من بعدما تبعت رانيا سمية لترشدها الى غرفتها ... فهي تعلم بأن هذه
الفتاة " مقطوعة من شجرة" ... وقد أحست بأنها تفقتقر لحنان الام... و ايضا... هي مشتاقة جدا لابنها
العزيز.... لنضال... ولكنها مسحت الدمعة التي جاهدت لتجد طريقها عبر وجه هذه المرأة التي واجه السنين ..
والمتاعب.. والحريق... وطلبت من منى ادخال السرير المتحرك من على الشرفة.... لتنال قسطا من الراحة..
........
وعندما وصلت رانيا الى غرفتها...جلست على السرير .. ولم تبدأ باخراج ملابسها من حقيبتها.. وحتى انها لم
تخلع حجابها... بل جلست.. جلست لتفكر بهذا اليوم المنهك.. وبوضعها الجديد... كزوجة.... وزوجة ابن...
وكرانيا جديدة لم تكن تعرفها....
وفكرت به.. فكرت بالمسبب الاساسي لهذا التغيير.. فكرت بنضال... الشاب الشهم الذي اعتقد انه بزواجه منها
سوف ينقذها... وبالفعل... أنقذها... ولكنه ورط قلبها في مشاكل جمة... ووضع مشاعرها على حافة هوة
عميقة... وجعلها بين نارين....فاما الوقوع بحبه.... او.. الوقوع بحبه ايضا....!!!
وعندما ادركت بان افكارها لن تغير شيئا.. وبانه عليها ان تغير ملابسها وتستحم لتقابل عائلتها الجديدة....
حاولت طرد افكارها وبدأت باخراج ملابسها من الحقائب... وعندما انتهت من ترتيب ملابسها.... اختارت بنطال
جينز.. وبلوزة زهرية.. وذهبت لتستحم...
.......
سرحت رانيا شعرها.. وأسدلته على كتفيها....ثم خرجت من الغرفة وتوجهت الى غرفة الجلوس.. ووجدت
العمة سمية هناك... تتصفح مجلة عن الديكور...
- مرحبا عمتي....
- اهلا عزيزتي...
- اين الخالة ام نضال....
- بالاعلى... تأخذ قسطا من الراحة...
فبدأت رانيا بالتفتيش عن موضوع لتقطع الصمت....
- اها... أعجبتني صور نضال...
- انها جميلة.. وام نضال تهوى وضع جميع صوره في انحاء البيت.. انها تحبه كثيرا يا رانيا....
وفكرة فقدانه تؤرقها دائما...
وكادت تقول... ان كانت تؤرقها... ففكرة فقدانه تعذبني ..لا بل...تمزقني.....
- انت معلمة.. أليس كذلك؟؟
- نعم.. أعلم اللغة العربية.. ولكني في اجازة الان لمدة اسبوع...
- هذا جميل... فهكذا...سيتاح لنا التعرف اليك بشكل مريح...
وغرقت الاثنتان في حديث تعارف.... وكان هناك... بالطابق العلوي... قلب ضعيف يدق... وعجوز واهنة....
تدعو الى شاب مناضل.. تدعو الى نضالها....عل الله يرجعه اليها سالما......
......
وبعد حديث طويل... قامت كل من سمية ورانيا ليحضرا المائدة... وعلمت رانيا ان ام نضال لا تأكل الا على
الشرفة.. وهي على سريرها المتحرك... فحضرت الاثنتان الطعام وصعدتا الى الاعلى ليتشاركا و ام نضال
المائدة....
وبعد الانتهاء من الطعام.. وبعد تنظيف الطاولة الصغيرة الموجودة على الشرفة...جاء موعد دواء ام نضال
فنزلت كل من سمية ورانيا.. وتركا منى مع ام نضال.... فاعتذرت سمية لتذهب لتستريح... واما رانيا... فذهبت
الى غرفتها هي الاخرى....
وأخرجت كتابا كانت قد عزمت على قرآته....
وبعد ساعة....
أخرجت هاتفها النقال... بعدما تذكرت بأنها وضعته بالوضع الصامت...وتخيلت وجود العديد من المكالمات التي
لم يرد عليها...من نضال بالطبع..
... ولكن لا شيء...
فشعرت بوخز في قلبها...
أيكون نضال متعمدا لتجاهلها... ام انه في ورطة ما... فلمعت كلماته الاخيرة كوميض البرق في ذاكرتها.....
فأمسكت هاتفها النقال... وتناست تساؤلاتها... وطلبت رقم نضال......
ورن الرنة الاولى.....
فالثانية...
فالثالثة.....
وبدأ قلبها يدق بعنف. .....
وعند الرنة الرابعة.... فتح الخط.... فقالت بنبرة متسائلة...
- نضال؟؟؟؟
ولكن لا رد.....
- نضال... اجبني... ارجوك.......
- رانيا.....
وسمعت صوته متعبا واهنا.......
- رانيا ساعديني.....
وانقطع الخط...... وكاد قلب رانيا يخرج من قفصه الصدري... نضال... حبيبها.. العزيز الغالي.... صوته واهنا لا
يكاد يسمع... ويطلب المساعدة.....؟؟؟
فأعادت طلب الرقم... ولكن....
كانت الاجابة....
"الهاتف الذي تحاول الاتصال عليه مغلق حاليا... يرجى المحاولة فيما بعد......"....
عندها..... سقط الهاتف من يد رانيا..... وهوت على الارض......
يتبع....
|