لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-05-09, 12:32 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66931
المشاركات: 735
الجنس أنثى
معدل التقييم: primrose عضو له عدد لاباس به من النقاطprimrose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 123

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
primrose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : primrose المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

ركضت مزون وتخطت الخنساء إلي كانت تستند عالجدار... قامت تلتفت يمين ويسار تدور عليها... ولما طاحت عينها على جنب مظلم والخنساء كانت فيه تبكي بصمت... كانت الخنساء تعيد المشهد إلي كان فيه وليد معصب... ما تدري ليش تحس بالألم لهالنظرة الحزينة والعصبية؟!...
قربت مزون وهي تقول: يووووووه الخنساء شو يجلسك هنا... تعالي... تعالي...
الخنساء مسحت دموعها وناظرت مزون... مزون أول ما شافت الدموع...
قالت بعبوس: ليش تبكين؟!
ولما تذكرت إنها خلتها قبل لوحدها... أعتذرت ببراءة: آسفة... آسفة الخنساء خليتك وحدك... نسيتك... مازن كان...
وكأنها تذكرت وتداركت الكلام إلي كانت تبي تقوله قالت بلهفة: الخنساء... تعالي... تعالي... ما راح تصدقي من جاي...
مسكت يد الخنساء تحاول تسحبها لداخل: مفاجأة... بابا قال لمازن ومازن قالي مفاجأة... مفاجأة لك يا الخنساء...
وبعدها ضحكت بكل حلاوة وهي متحمسة: بس أنا بقولك... بابا قال خلي الخنساء تجي علشان يسوا المفاجأة لك... بس أنا بقولك... علاء وعماد وطارق وليلى وصلوا من صحار إلحين... تعالي... تعالي... شوفيهم...
وكانت تسحبها بكل لهفة... وصلوا للصالة وراحوا لمجلس الرجال الداخلي إلي كان فاضي من الحريم... ما فيه إلا سيف وخالد وهدى وأخوة الخنساء ونورة أمهم... الخنساء وقفت عند العتبة... ما تدري ليش لما إنحطت عينها على الأولاد أهتز شيء بداخلها... بس أغلقت تفكيرها وهي تتشبث بالدمية... سحبتها مزون لداخل أكثر...
مزون: تعااااالي... تعااااالي...
وبلحظة... بلحظة قفز علاء... وبدون أي كلمة من الجالسين... راح لها ولف يده حوالينها وشدها لحضنه...
همس وهو يبكي: الخنساء... كيف حالك يالخنساء؟! أشتقتلك... أشتقتلك...
وعماد وطارق بالمثل قربوا منهم ولموها لدائرة حضنهم... الخنساء كانت جامدة وهي تتلقهى هالترحيب... رفعت أنظارها لخالد وسيف بنظرة حايرة...
خالد قال بكل حنية: الخنساء... يا بنتي هذولا أخوانك... ما تذكريهم؟!
ناظرتهم الخنساء تتفحصهم... ورجعت تناظر عمها وهي تهز راسها بلا... جلسوها أخوانها جنبهم وهم يحكوا لها... وكل هذا ونورة ساكته ومو مبين من ملامحها أي شيء...
سألت الخنساء فجأة: أنت من؟!
وهي تسأل علاء... ورجعت تأشر عليهم واحد واحد: وأنت؟! وأنت؟! وآآآه هذي... بعد من؟!
قام سيف وعرفها عليهم بكل صبر...
الخنساء قالتها بعدها بحلاوة: أنا الخنساء... وهذا... ولدي... خالد...
وأشرت على الدمية بيدها...
قالت لطارق إلي كان قريب منها وإلي كان يناظر الدمية بحيرة... هو الطفل إلي الموقف كان بالنسبة له شاذ كيف لنورة إلي رفعت أنظارها للدمية وترفعها للخنساء إلي مشغولة بهددة خالد الوهمي...
ضحكت الخنساء شوي بخفوت وقالت بحلاوة وحنان: هو شوي يصيح... بس خلاص... هو يحب ماما... يسكت... ينام...
تجرع علاء ريقه... حس بألم... ألم ينغرز بقلبه... مسك يد الخنساء...
قال برجفة: الخنساء... هذا... هذا...
وما قدر يكمل... الخنساء ناظرته أول بعيون وسيعة متخوفة بس بعدها رجعت تحكي لهم بسوالف والله إنها لتقتل الواحد من الضحك بس... الوصف إلي ساد المكان ما كان إلا إنه ساكن... ساكن وهادئ ومميت بشكل مؤلم...
وقف سيف يقول: وين وليد يا مزون؟! مو قلت لك ناديه...
مزون قالت: بااااابا كله أنا...انا... مازن راح يناديه...
الخنساء تذكرت وليد لحظة بعدها قالت بعبوس: كان عند مسبح... بس هو عصب... زعل... الخنساء عند مسبح... خلاص أنا ما أحبه... هو عصب طيح خالد...
ما أهتمت أحد يفهمها أو يجاوبها لأنها لفت على الطفلة ليلى بين يدين أمها... مشت لها وابتسمت للطفلة... ناظرت نورة وإلي لحد إلحين مو مصدقة أبد إن هذي إلي واقفة قدامها هي الخنساء...
الخنساء مسكت يد ليلى وضحكت: الله... ما شاء الله حلووووه...
وقرصت خدودها بكل رقة وهي تضحك لها... ومدت يدها لنورة وهي تراويها خالد...
الخنساء: وهذا خالد... ولدي أنا... حلو صح؟!
نورة بدون ما تحس شفايفها رجفت وهي تناظر الدمية بيد الخنساء وكلها توتر... قالوا لها البنت جنت ومرضت... بس ما توقعت تستقبلها بنت زوجها المتوفى بهالإستقبال... هزت راسها تتجرع ريقها تفهمها إنها فهمت... جلست الخنساء جنبها وصارت بشكل غريب عن أهلها تسولف لنورة... مرة تضحك ومرة تعبس... ومرة تبوس ليلى بوسة خاطفة... ومرة تسأل أسئلة متابعة وطويلة لنورة... نورة تضطر تجاوب عنها بإختصار وتوتر...
دخل وقتها وليد وهو وجه متوتر... سلم عالأولاد بكل حرارة... رغم كل شيء يبقون أولاد عمه... أخوان الخنساء حبيبته... وريحة عمه الراحل... ناظر نورة وسلم عليها وعلى ليلى... أما الخنساء تحاشت تناظره...
وليد قال برقة للخنساء وهو ناسي عصبيته من قبل: الخنساء... تذكرين علاء... عماد وطارق... وليلى؟!
ما جاوبته الخنساء وعبست فوجهه وبصورة عفوية لفت يدها على يد نورة وتشبثت فيها... وكان رد نورة إنها إرتجفت...
قالت الخنساء بزعل: لا تكلم الخنساء... ما أبي...
وليد متفاجأ: ليش؟!
الخنساء: أنت عورتني... طيحت خالد...
وليد حاول يعتذر: أنا... آسفة الخنساء... ما دريت...
هزت الخنساء راسها بعناد وحطت يدها على أذنها كأنها تقوله " أنا ما أسمعك"...
ولفت لنورة قالت لها بكل رجاء وبراءة: قولي وليد أبعد... خلاص... خنساء تحبه لا... خالد بعد...
ارتجفت شفايف نورة وجمدت مكانها ما تدري شو تقول... الخنساء شجعتها تجاوب...
نورة قالت بتوتر وكأنها تساير الخنساء: خلاص وليد... خلـ... خليها على راحتها...
مافي أحد كان متاكد إن هذي هي نورة إلي تتكلم... وليد ناظر الخنساء لحظات طويلة وبعدها تنهد وبعد... أما الخنساء فبالسريع خطفت لحظة من الزمن... طبعت بوسة على خد نورة... وإلي حمرت بقوة... أبد أبد بحياتها ما توقعت هالشيء راح يصير لها... ومن منو؟! من الخنساء... الخرسا... أو إلي كانت خرسا... من بنت زوجها...
قالت الخنساء بهمس متقطع: شكــ...ـراً... أحبك... أنا...
ما ردت عليها نورة لأنها كانت فحالة من الإضطراب... ورجعت الخنساء تسولف لها...
.
.
ثقلت عيون الخنساء ووقفت تبي تطلع تنام... خلاص التعب أثقل حركتها... مشت للصالة وراحت المطبخ تبي تشرب ماي... سمعت صوت مألوف لها... رجعت تناظر من باب المطبخ إلي يوصل للمسبح... وعرفت بدر وهو يتكلم بالموبايل... ناظرته لحظة كأنها تفكر بوليد... وأتخذت قراراها... مشت له وهو توه مسكر موبايله ومدخله بثوبه...
وقف جامد لما شافها واقفة قدامه ماسكه بدميتها...
قالت الخنساء بتردد: أنت... ليش... عصبت... وليد؟!
بدر ما رد... ما عرف شو يقول...
الخنساء تقول بعبوس: وليد عصب... أنا... لأن أنت... عصبت وليد...
ولما شافته بعد يتكلم ضربت رجلها على الأرض بقهر... خلت عيون بدر تنفتح بحيره...
الخنساء صرخت بقهر: لا تعصب وليد...
وردت تأشر بإبهامها وتهدده: لا تعصب وليد... فاهم؟!
بدر حس بالشفقة عليها...
قال بكل هدوء: إن شاء الله ما بعصب بوليد...
الخنساء بتهديد أكبر: ولا تزعل... وليد...
هز بدر راسه بإن شاء الله... ورفع عيونه وطاحت فجأة على طيف كان يقرب منهم... كان وليد يرتجف من المشاعر... مشاعر الغيرة إلي نهشت صدره...
قرب وليد من الخنساء وضغط بقوة على كتوف الخنساء وقال بعصبية: شو تسوين... هنا؟!
ولف لبدر وقال من بين أسنانه: بدر...
بدر تكلم ببرود لما شاف العتب بعيون وليد: لا تقول حاجة يا وليد... داري زوجتك وحتى وهي بدون وعيها أنت بعرش قلبها متربع...
ولف تاركهم... وليد بدون ما يدري زاد ضغط على كتف الخنساء... وشدها له وهو يرتجف من الغيرة...
همس لها: أنا مو قلت الحوش ما تجينه؟! شو قلتي لبدر؟!
الخنساء أرتجفت بين يديه... أول مرة يعاملها بهالطريقة... أو لا عاملها من قبل بطريقة أزفت من هذي وندم... أيوه... ندم على كل لحظة...
..
"آآآآآه يا الخنساء... أرجوك أسمعيني... أسمعيني...سامحيني... ولا تعذبيني أكثر من كذا... كل ثانية وكل لحظة... أحس إني خنت عمي... خنته وهو إلي أمني عليك... أرجوووك ... أرجوووك... سامحيني... سامحيني..."
" قولي إنك سامحتيني... سامحتيني على كل شيء... قوليها... ما عدت قادر يالخنساء... ما عادت تكفيني الكلمات..."
"ما كفاك... حتى... بكل... نفس... باردة... تداويني...؟!؟!"
" أعيدها لك... أعيدها إني غلطان وأعترف... وما أطلب منك إلا السماح... سامحيني يالخنساء وريحيني..."
"لا تحاول... أنا ميته المشاعر وهمساتك هذي ما تنفعني... "
"تبيني أسولف لك بشو؟! بحركات يدي إلي تعتبرها عمتي مجنونة...؟! روح لنشوى وبتسولف لك بلسانها... وبلاش تبتلش بخرساء... "
"ما أبي إلا تمنحيني فرصة... نقدر فيها نبدا من جديد... أعذري فيني القساوة والألم إلي شهدتيه مني... أعذري فيني التسرع وأرحمي الندم إلي يسري فيني...أرجوك ما أبي منك إلا كلمة سامحتك نابعة من هنا..."
"هنــ من ــــــــــا... هنا... هنا"
..
أرتعشت الخنساء بشكل غير طبيعي... ووليد أكيد وهو بحالته إنعمى من شوفة الخوف بعيونها... والتعب يخدر أطرافها...
همس وليد بعصبية: جاوبيني يا الخنساء... شو كنتي تقولين لبدر؟!
الخنساء على ألم راسها رمت يده بطريقة عنيفة وشردت من بين يديه... تشبثت بخالد وتجاهلت وليد ولفت تهرب منه...
مسكها وليد بقوة وهي معطته ظهرها: الخنساء...؟!
قاطعته الخنساء وهي تلف له وتضربه على صدره... صرخت: لا... يدي... بعد... أحبك أنا لا... لا... لا... أنا أكرهك... أكرهك... أكرهك...
أرتجفت شفايف وليد ومسكها من زنودها... ضغط بكل قوة وهو ينحني لها... حتى إن الدمية خالد طاحت عالأرض وهذا للمرة الثانية...
همس بقهر: لا إنتي ما تكرهيني... ما تكرهيني...
وهي تتابع خالد بين رجولها ساكن... صرخت بقهر وشهقت بألم... ضربته... شمخته... رفسته... وكان مستحيل يتزعزع من مكانه... بالنهاية كان مستحيل تبقى على قوتها... أهتزت وبكت...
وليد أول ما شاف دموعها تنزل... ندم... ندم على كل إلي سواه... وإلي ما سواه... وشدها له لحضنه يطمنها... يحاول يهديها وينسيها ويغافلها عن تصرفه القاسي الهمجي... كان يحس بجسدها الصغير يرتجف بين يديه... وندم أكثر وأكثر إن هو سبب بكاها...
وهو يحاول يطمنها تفاجأ فيها دفعته بكل قوه بلحظة غافلته فيها... تراجعت ومسكت الدمية خالد...
صرخت بقوة: أكرهك... أكرهك... أنت... كنت أول... كذا... بعدين الخنساء حبيتها... بس كذبت وكذبت...
ولفت تركض... وليد تركها لحظات يحاول يهدي من نفسه بالأول... وبعدها يروح لها يلاطفها... يحاول يهديها... دخل من باب المطبخ وطلع للمجلس على طول...
الخنساء وقفت فالظلام وهي متخبية تشوف وليد يدخل المطبخ... وقفت تسكن نبضات قلبها الجنونية...
ناظرت البوابة الخارجية... مشت لها... كان تفكيرها منصب على إن البعد عن غضبه وحزنه وقهره وزعله هو منيتها بذاك الوقت... البعد أصبح رغبة تعتمل بقلبها... تبي تدور على مكان كان بعقلها دوم يتربع... تدور على بيت صغير... بسيط... فيه غرفتين وصالة... مطبخ صغير وحوش متوسط... بيت من الأحاسيس أنبنى... ومن العواصف أنهدم... بس وينه... وينه؟!
لفت الخنساء يمين يسار وهي توصل للبوابة الخارجية بعد ما أنسلت من عيون وليد... وقفت تفكر... من هنا... أو من هنا... أو من هناك...؟! وبالنهاية قادتها رجولها وإلي أخذت القرار والشور من خلفية عقلها النايم... وإلي فجأة إستيقظ لفكرة وصولها لهالبيت... لازم... لازم تروح لهالبيت... كان هو فيه... كان هو إلي رباها وكبرها وما طالبها بشيء...
مسكت خالد بكل قوة تستمد شجاعتها منه... والظلام بدا يبلعها بكل بطء...
..
..]].. كنت محلم بغيرك
كنت مرضى بديلك
وكل ماتبعد اجيلك
واليوم لاماني اسيرك
..
كنت مالك محبتي
كنت اهلي وعزوتي
كنت تحلي دنيتي
بس البعد اصبح رغبتي
..
خلاص ابعد وانسى
لاتجبرني عليك اقسى
حياتي بعدك احلى
ارجوك ابعد وانسى..[[..

.{.منقول.}.

* * * * *

{{ نهاية الفصل الرابع عشر...
.. نلتقي على خير متى أراد الله}}
.
.

محبتكم عالدوام: زهـprimroseـووور...

 
 

 

عرض البوم صور primrose  
قديم 20-05-09, 09:14 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66931
المشاركات: 735
الجنس أنثى
معدل التقييم: primrose عضو له عدد لاباس به من النقاطprimrose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 123

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
primrose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : primrose المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

(((((((((((((((الفصل الخامس عشر))))))))))))))

~~**بقايا ذكريات..وأحلام**~~


..]].. الليلة الأولى..[[..

بعد عاصفة من القلق... التوتر... الإضطراب... الخوف... الدوران حوالين البيت كامله أربع مرات... البحث هنا وهناك بالحوش... وعند البوابة... الجيران... السكك... والشوارع... وصل وليد لبيته وهو مهموم مسنود من جلند...
صرخ بجنون: الخنسااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااء... راحت... راحت... راحت وتركتني... أختفت... أختفت... آآآآه يا ربي...
وبكل سهولة ترك نفسه يرتمي على ركبته... دفن راسه بيده وكفوفه...
همس بصوت قاسي: أنا... أنا السبب... أيوه أنا السبب... لولا معاملتي القاسية لها... ما كانت طلعت... ما كانت طلعت...
مسكه بدر من كتوفه وشده... همس بصوت ما يسمعه إلا هو...
بدر: وليد... أوشششش الكل يناظرك... أمسح دموعك... أمسحها...
قرب جلند منه وهمس هو الثاني: تعال... تعال ندخل...
سحبوه بدر وجلند وهو مو حاس بنفسه...
وأنتشر الخبر مثل ما تنتشر النار... وصل لمسمع الجدة إلي لطمت وبكت... وصل لهدى إلي بكت وشاركت الجدة... وصل للجين إلي قطعت نفسها بالبكاء... وصل لنورة إلي حست برعشة تهز كيانها... وصل لسيف إلي من طوله طاح... وصل لخالد إلي رفض يتكلم... وصل للأطفال إلي حسوا بالتوتر... وصل لكل شخص الخنساء كانت تعنيله شيء...
أسند وليد راسه عظهر الكنب وهو يحس بصداع أليم براسه... أهله كانوا حوالينه... يحاولوا يتلقوا أي خبر عن الخنساء... أي خبر يطمن قلبهم المرتجف...
نادى وليد ودمعته تلمع بعيونه: بدر...
بدر إلي كان مستند على الباب ويكلم جلند وموبايله بيده... لف لوليد...
وليد قال: شغل السيارة بدر والله يخليك خذني معك ندور بالشوارع... أكيد ما أبعدت كثير...
وقف على رجوله وهو يحاول يدارك نفسه... يلملل شتات نفسه ويقويها بذكر الله...
همس خالد: لا يا ولدي... يكفي دوارتك بهالشوارع وروح إرتاح...
رفع وليد راسه لأبوه بثقل وقال بتمرد: لا يا ابوي ما برتاح إلا وألاقي الخنساء...
خالد حاول: وليد...
قاطعه وليد بلحظة وهو يضحك بهستيرية وأهله يناظروه بحيره: وهالمرة ليش يا أبوي؟! علشان شو؟! تبي تتستر على عمتي وبنتها على فعلتهم الشنيعة وأزفت من الشنيعة؟! وبعد شو جايين بكل جرأة يناظرون فيني... ما أستبعد... ما أستبعد يكون إختفائها سببكم إنتو...
ورفع عيونه لعمته إلي من بداية العزومة وهي تتحاشاه وتتحاشى خالد... أصلا ما كانت تبي تجي العزومة لا هي ولا بنتها بس محمد لزم وهي وافقت مجبورة... حتى بنتها نشوى كانت وراها وهي ترتجف من ساسها لراسها... وهنا أهله كلهم ناظروه يحاولون يفهموا شو السالفة بالضبط...
صرخت سلمى وأنتفظت: والله والله ما عملنا حاجة لها والله...
صرخ وليد يقاطعها: ما عملتوا حاجة؟! ما عملتوا؟! إلا إنتوا عافتكم النفس والخاطر...
قاطعه خالد بأسف: وليد يا ولدي... أذكر الله و...
ورجع وليد يقاطعه بصوت رهيب... بصوت أهله كلهم خافوا منه... بصوت طلال كان يرتجف ما يدري ليش السالفة كبيرة وكبيرة... بصوت محمد حس نفسه فيها المثقول والمهزوم... وسلمى ونشوى فخبر كان...
وليد: لا إله إلا الله محمد رسول الله...
وبعدها رجع يناظر عمته وبنتها وقالها بكل برود وجمود: إذا مو قادر يا بوي تقولها لأختك وبنتها فأنا إلي بقولها...
قالها بكل سخرية: أنا يا عمتي...ما يشرفني يكون لي عمة مثلك ما أحترمت لا أخوها ولا حتى أحترمت وأشفقت على يتيمة تكون لسخرية القدر بنت أخوها...
وكمل بكل حنق: وعمر إلي جابته نشوى حتى يغتصب الخنساء مصيره والله على يدي... مصيره على يدي... لأني حلفت كل شخص كان سبب بمرض الخنساء يلاقي مصيره... أنتي... يا عمتي... البيت... النفس عافتك... عافتك أنتي وبنتك وما عاد أشوف لكم وجه بحياتي... ما عاد تعرفوني ولا أعرفكم...
قالها وهو يصرخ: ما عاد أشوف لكم وجه بحياتي... أطلعوا... أطلعوا برا... برا... برا... برا... براااااااااا...
أهتز البيت وأركانه من صراخ وليد... صراخه إلي جمد الدم بعروق محمد وطلال... ثواني مرت كان فيها السكون غالب على صوت الأنفاس المتلاحقة... ثواني مرت طلال فيها تحرك من جموده وراح لأخته... إلي من خوفها مسكت أمها ولزقت فيها وهي تبكي... وتهذي بكلام أبد مو مفهوم... مسكها طلال وهو يرتجف...
مسكها وهو يهمس: كنت والله داري... داري إن السالفة فيها شيء... بس ما توقعت... ما توقعت أختي ومن لحمي ودمي تسوي هالسوات... تكون بهالشكل بلا دم... قذرة... متخلفة... غبية...
وما سمعوا إلا صراخ نشوى وهي تتلقى الضرب من أخوها... بكل عنف... بكل شراسة قدر فيها طلال يده توصل لأخته ضربها... حاولوا فيه ييسحبوه... يبعدوه عنها وعن أمه إلا صابها شيء من الرفس والضرب... وقدروا يبعدوه... كتفوه وهو يتنفس بضيق ودموعه تجري... موقف أبد ما يحسد عليه... اليوم عرف إنه فقد مكانته وكرامته بين أهله وبين الناس...
وقتها سمعوا صوت سقطة أعظم منها ما سمعوا... لفوا كلهم لمحمد إلي أرتمى عالأرض وطاح... ألتموا عليه يصاخوا...
صرخت لجين وهي ترتمي عند أبوها: لااااااااااااااااااااا أبوي... أبوي... أبوي.... شو صار لأبوي؟! شوفوا أبوي الله يخليكم... شوفوه... أهئ... أهئ... أبوييي...
وبهالوقت... مشى وليد بكل جمود وبرود لباب المجلس... مشى تارك أهله يصرخوا يحاولوا بمحمد يقوم... مشى تارك نشوى نصها دم ودموع وضلوع مكسرة... مشى تارك عمته تصارخ ويغمى عليها... مشى تارك الكل بحاله غريبة عجيبة...
وصل لباب المجلس الخارجي... وقف مستند عالجدار... وترك نفسه ينزلق على الأرض... جلس وكفوفه تغطي وجه وملامحه... إلي جمدت التعابير فيه... ما كان وقتها يسمع إلا صوت الصراخ يجيه مثل الهمس... وصوت الخنساء يناجيه...
.
.
صرخت الخنساء بعصبية: لا... لا... لا... ما أبي... ما أبي...
كانت واقفة عند محل من المحلات فالشارع وفيه سيارة واقفة على جنب وعندها واحد شاب جالس يحاول فيها...
قال يحاول: أوكي إنتي إركبي السيارة وبنتفاهم...
ضربت الخنساء رجولها عالأرض وقالت بتقطع: لا... لا... أصلا وليد قال لا تكلمي مع ناس...
مسكها من يدها يحاول يجرها وهو يقول بصوت خفيف حتى ما يسمعه أحد: اسمعي أنا مش غريب... أنا أعرف وليد هذا...
كانت الخنساء تناظره بشك قبل شوي يقولها ما أعرف وليد إلحين يعرفه... قلبت شوي فخلفية عقلها وبالأخير ضربت يده... وبعدت عنه...
قالت بعصبية: لا... خلاص... لا تكلمني... يلا روح... روح... ما أبي كلمني... ما أحبك أنا...
ومشت عنه وما حست إلا وهو لازق فيها يمسكها يحاول يسحبها للسيارة... ضربته ورفسته... وصرخت وحاول يكمم فمها بيده... وعضته... وعلى صراخها سمعهم رجال كبير بالسن كان يمشي بحال سبيله... وبكل قوة مسك عصاه إلي كان يستند عليها وضربه بكل قوة... تألم الشاب وشرد...
قاله بكل عصبية وهو يهدده بعصاه: تعال... تعال يا ولد... إذا ما شبعت من الضرب... تعال أزيدك وأكسر راسك وأنفك... يلي ما تستحي وتحشم أحد...
كانت الخنساء تبكي وهي تمسك بدميتها بيدها وتحضنها لها... قرب منها... وحاول يكلمها...
قالها: يا بنتي أنتي وش حادك جالسة بهالمكان وهذا الوقت؟! أنتي وحدك هنا؟!
رفعت الخنساء راسها وناظرته ودموعها تجري على خدها...
قالت بتقطيع: أهئ... أهئ... أنا ما أحبه ما أحبه...
قرب أكثر وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله... تعالي يا بنتي عند الضوء... عيوني هالله هالله تشوف دربها...
ما فهمت شو يقول بس قلبها شوي إرتاح... وقفت لما قالها تعالي هالمكان... كانت ما زالت تبكي...
سألها: أنتي تنتظري أحد هنا؟!
هزت الخنساء بلا... ورجع يرص بعينه علشان يقدر يشوفها زين لأن نظره ضعيف... وبين له من جسمها إنها بنت فريعان الشاب...
رجع يسألها وهو يتحسر على أهلها إلي ما حافظوا عليها وتركوها لوحدها: كيف جيتي وحدك لهنا؟!
همست الخنساء وهي تتشبث بخالد: أنا جيت من هناك... من البيت طلعت...
وأشرت على مكان بعيد...
وكملت بلهاث: مشيت... ومشيت... ومشيت بعدين تعبت خلاص... جيت أبي أشرب... ماي... هذاك ما أحبه أنا... جا يبي يخذني... انا ما أبي...
هز الشايب راسه بحيرة ورجع يسأل: وليش مشيتي؟! وطلعتي من البيت وحدك؟!
فكرت الخنساء شوي ورجعت تقول: أمممم هو أنا... كنت أبي... أروح هناك بعيد... بيت... ددي...
وبعدين كأنها تذكرت قالت وهي تجلس: خلاص تعبت... أبي أشرب... أبي أنام... تعبت أنا...
تنهد الشايب وهو مازال أبد مو فاهم حاجه إلا إن هالبنت عقلها مريض وهذا إلا عرفه بعد شوي لما جا وجايب لها غرشة ماي... شربت الخنساء منها ومسكت خالد بين يديها وبدت تشربه... كان الماي يسيل بين فم الدمية لحد رقبتها وتبلل ثوبها...
سألها: وش هذا إلي فحضنك؟!
همست الخنساء: ولدي... خالد... شوف...
قرب الشايب علشان يناظر أكثر... وعرف إنها دمية من جمودها... ولما حاول يلمسها ويقربها أكثر لعيونه...
هز راسه: لا حول ولاقوة إلا بالله عليه العظيم...
وكأنه أتخذ فكرة: تعالي... تعالي يا بنتي أوديك لمركز الشرطة أكيد أهلك يدورون عليك...
الخنساء كانت مازالت جالسة ورافضة تتحرك لأنها كانت مرة تعبانة وتبي تنام...
قالها الشايب: قومي معي يا بنتي...
هزت الخنساء راسها: لا... لا... تعبت انا خلاص...
تنهد مرة ثانية وثالثة ولأنه حسبها ما تبي تروح مركز الشرطة قالها: طيب يا بنتي تعالي أوديك تنامي مع بناتي... قومي... يا بنتي الله يستر عليك...
وقفت الخنساء بعد ما أغراها بالنوم... ومشت وراه وعكس إلي سوته مع الشاب قبل دقايق ركبت السيارة وجلست بدون كلمة أو إعتراض... والشايب لأنه من أهل الخيرة والكرم فشغل قرآن بالسيارة... وجلس يردد معاه... وطبعاً ما نسى نظارته يلبسها... أما الخنساء إرتاحت بشكل كبير حتى إنها ما تدري حست بالنوم يثقل جفونها وأسندت راسها ونامت... طبعاً الخنساء غرقت بالنوم حتى إنها ما لاحظت إن الشايب كان يسوق بطريقة غريبة بسبب ضعف نظره... وإنه بالفعل طلع من القرم متجه للخوير... كأنه كذا يرجع لورا والخنساء دربها من الجهة الثانية...

* : * * : *

شال وليد شيلة من شيل الخنساء كانت مستخدمته ومعلقته عالشماغة... شمه وهو يستشق ريحة عطرها... ريحة البخور... ريحة أنفاسها... عض على شفايفة وتأوه وتنهد بألم... ومن دون ما يستسلم قام يناظر الساعة كانت على 1 الفجر... ما أعطاها إهتمام ونزل وهو شايل الشيلة بين يديه يضمه له ويستمد قوته منها... وكان الهدوء طاغي عالصالة والبيت بشكل عام...
حرك سيارته ودار من شارع لشارع... من سكه لسكه... وما وجد لها أثر... وبدون إهتمام للوقت كمل البحث... وهو ما يدري أبد شو صار لأهله لما تركهم...
.
.
لكن الحقيقة إن بعد ما تركهم وليد قبل ساعتين كانوا خلاص شايلين محمد إلي جاته جلطه مش مميته وأدت لمضاعفات فيه... وعالجوا سلمى إلي رفضت تقوم من الغيبوبة حتى ما تنصدم أكثر بالواقع... إن حياتها إنتهت بكل بساطة... وفتحوا تحقيق لنشوى بسبب آثار الضرب... وطبعاً هذا خلا طلال يبات بمركز الشرطة محبوس... أما لجين... فحالة أهلها تركتها مهدومة الحيل... أرتمت على كرسي المستشفى تبكي بدموع صامته... تركض مرة من غرفة أبوها لغرفة أمها وبعدها لغرفة أختها... حتى أعصابها تلفت وطاحت بين يدين عمها سيف... أخذها سيف لبيته بعد ما أشفق عليها رغم إنه بقلبه شايل هم الخنساء ووليد... ومعاتب أخته ونشوى... والعتب هذا ما طاح إلا على البنت الضعيفة الوحيدة الصاحية... وإلي مازالت بوعيها...

ما قدرت تنام وقفت ولفت عليها روب ثقيل وجلست عالكنبة ترجع تبكي... مسكت الموبايل بيدها وقلبته... فتحت إسم جلند وإلي كان مسجل بإسم "مطفرني"... بكت وهي تكبت شهقة بيدها... أبد... أبد ما شفته طول ما كنت بالمستشفى وحتى لما جيت لبيت خالي سيف سألت عنه ردوا علي إنه ما يعرفونه وين... وهذا هو إلحين ما سأل عني أبد... رغم إني محتاجة لوجوده بقربي... لفت يدها تحضن نفسها وتهدي من حالها... أكيد هو مثل أهلي يعاتبوني على غلطة أمي وأختي...
وعيونها تدمع فتحت رسالة جديدة ورسلت كلمتين أرتمت بعدها على ظهرها تحضن الموبايل لصدرها... وجاها الرد عالسريع... فتحتها وأدمعت عيونها أكثر وأكثر وشهقت أكثر من قبل...
رسلت له: " محتاجة لك" ..
رد عليها: "خلي أهلك ينفعوك.."
ردت: "لا تتركني"
آلمها: "انسيني.."
سألت: "وأنا شو ذنبي؟!"
جاوبها: "ذنبك إنهم أهلك"
سألته: "بطلقني؟!"
ما رد عليها لفترة كانت طويلة... طويلة وطويلة خلت من راس لجين ينفجر من الصداع من كثرة البكي... وبكل ألم رمت موبايلها تكسر لألف قطعة وقطعة... رمت نفسها عالسرير ونامت ودموعها تحجرت على خدودها...

أما جلند فتحجر قلبه ورمى نفسه على سريره يدور السلوى... كان دوم يحاول يساعد غيره... ونسى نفسه... ولما جرى ورا قلبه خانه... خانه ووقع بمشاكل هو بغنى عنها... لكن شو ذنبها هي؟! ذنبها إنها بنت أمها؟! ذنبها إنها أختها؟!... ضرب راسه بقوة وصرخ بغيظ... غبي... غبي... طول عمري غبي... طول عمري متسرع بقراراتي... خلااااص... خلااااص... خلني أكون بعيد عنها وعن أهلها إلي أذوا أحب شخص لقلبي... وقهروه بكل عنف... خلني أكون بعيد والطلاق هو الحل الوحيد...
إنسى... إنسى يا جلند... إنسى... إنسى...
(وكذا يا جلند يكون بعد نظرك ما يتجاوز أنفك؟!! صراحة أنا نفسي أنقهرت... بس صدقوني فيه ناس كذا قراراتهم يتخذوها عن تهور...)
.
.
ترك السيارة تحت شجرة كبيرة عند بيتهم القديم بلونه البني بس النظيف بشكل ملفت... نزل وفتح الباب...
قالها بكل حنية: يا بنتي قومي وصلنا... نزلي كملي نومتك براحة أكثر...
تململت الخنساء بنومها ونزلت بعد إصراره تبعته وهي كلها نوم ونعاس... حاولت تفرك (تدلك) عينها علشان تناظر المكان إلي وصلت له...
قالت بعبوس: هذا بيت ددي... لا... هو لا... لا...
وكانت تقيم كل حيطة وكل ركن...
قالها الشايب وهو مو فاهم: يلااا يا بنتي... تعالي... تفضلي البيت بيتك... صبري شوي بناديلك زوجتي وبناتي...
وطلع لزوجته وخبرها كم كلمه عن هالمجنونة المسكينة... من طبعها زوجته طيبة وحنونة وما عليها من الناس... ساذجة لأبعد حد قامت وراحت لها...
سألتها: أنتي وش أسمك يا بنتي؟!
ناظرتها الخنساء ثانية تقيمها وردت عليها: الخنساء...
ورجعت الخنساء تسألها: وأنتي؟! وهو؟!
كان الشايب جاي من غرفة ووراه ثلاث بنات يتبعوه وهذا بعد ما حكى لهم بالتفصيل عن الخنساء...
رد عليها: أنا إسمي أبو فيصل...
وأشر على بناته : هذي أم فيصل وهذي بنتي مزنة... الكبيرة... وهذي إلي بعدها طيبة... وهذي آخر العنقود بنت العشر سنوات حنان...
جاتها مزنة وسلمت عليها وكانت بنت 24 سنة مدرسة رياضيات... وإلي بعدها طيبة سوت مثلها وهي بالثانوية...
قالت مزنة لأبوها: أقول يبه شكلها بنت عز... شوف وشلون ثوبها باين عليه غالي...
كملت طيبة وهي تأشر على الدمية: وش هذا؟!
ردت الخنساء تحضن خالد: هذا انا ولدي... خالد...
حاولت طيبة تقربه لها تشوفه عدل... لكن الخنساء رفضت وضربتها على يدها...
قالت الخنساء: لا... لا... نايم... يصيح بعدين... أنا أنام أبي...
جات حنان وقربت منها... همست بحلاوة: أعطني أشوفه الخنساء...
الخنساء عجبها أدب البنت وقربته منها... ولما شافوا إنها مجرد دمية... حكالهم الأب إنه يشك فيها إنه صابتها مصيبة... مزنة كانت معارضة لو شايلها ابوها لمركز الشرطة هم يقدروا يتفاهموا معاها... أما طيبة فحاولت تقلد أختها حنان بالإستأذان والطيبة... وتجاوبت معاها الخنساء... أما أم فيصل فقامت على حيلها وهدت بنتها كم كلمة...
أم فيصل: كيف أبوك تبغيه يترك البنية وحدها بالمركز؟! يلاااا قومي معي نجهز فراش لها... شوفي المسكينة تعبانة مرة...
وراحوا جهزوا لها فرش والخنساء كانت عاجبتها السوالف مع طيبة وحنان حتى إنها نست تعبها... إلا لما جابوا طاريه قامت ورمت نفسها بلبسها عالفرش وتغطت عن البرد ونامت بدون كلمه ثانية تضم خالد لها...

* : * * : *

..]].. الليلة الثانية..[[...

فترة الصباح مرت بكل سرعة... وليد ما زال يدور بالشوارع مارجع للبيت إلا ليتحمم ويحلق ذقنه ويرجع لمراكز الشرطة يقدم إبلاغ عن إختفائها وبدر ما قصر أبد... وخاصة إنه كان حاضر لكل كبيرة وصغيرة...
أما خالد وسيف فما كان بيدهم حيلة إلا يحاولوا يطلعوا طلال من حبسه وإلي إلاجراءات كانت تستدعي مكوثة لحد ما أخته تستوعب... وهدى والجدة حاولن يهدن لجين رغم إنها ما شافت إلا البرود بعيون الكل...وطبعاً خالد وسيف رجعوا يدوروا بالشوارع مع جلند...
والخنساء أستمتعت بيوم طويل تتعرف عالعيلة المتلاحمة الطيبة إلي أغدقت عليها بحنانها... حتى إن أبو فيصل نسى يقدم بلاغ عنها... ومزنة حبت الخنساء وصارت تسولف معها عن خطيبها وزواجها القريبة... وصارت الخنساء بكل حب تحاوطهم بسوالفها...

(بعد المغرب بوقت مش طويل...)
مزنة ركضت تفتح الباب وشهقت وهي متفاجأة: فيصللللللللللللللللل يا مرحبا والله بأخوي... متى وصلت من السفر؟! ووين بنتك؟!
فيصل إبتسم وهو يدخل البيت ويبوسها على خدها عالطاير: قبل ساعة واصل وبنتي مع أمها... جاي أسلم عليكم ما أشتقـ...
توقفت الكلمات وعينه تطيح على شكل ابد مو غريب عليه كان محاوط وسط أخواته وأمه...
دخل أبو فيصل وقال: هلا والله بولدي ... حياك أبوي تفضل... متى وصلت من السفر؟! ما خبرتنا... مالك كذا واقف؟!
قرب فيصل يناظر أكثر وهو مو مصدق ابد...
سأل بغباء: من وين طلعت هذي؟!
ردت عليه حنان بكل لهفة وهي تحكي له كيف أبوها حصلها وكيف جابها لعندهم... قرب فيصل وتمعن بملامح الخنساء...
صرخ فجأة وهو تأكد أكثر: الخنساء...
ناظروه أهله مستغربين كيف يعرفها...
قال فيصل وهو يناظرها ويرجع يجوب بعيونه على أهله: هذي أعرفها انا... الخنساء بنت أحمد... بنت سعاد زوجتي من زوجها السابق...
شهقت مزنة مو مصدقة هالمفاجأة...
سألته: هذي هي الخنساء إلي مرة ذكرتها لنا؟!
قال فيصل وهو مازال مو مصدق: أيوه... أيوه...
ردت مزنة: بس قلت لنا إنها خرسا... بس هذي...
قاطعها فيصل: كانت بس أنا لما زرتها آخر مرة بالمستشفى لما ولدت وولدها بالحضانة وكانت تتكلم بشكل ضعيف... وبعدين أنا سافرت مع زوجتي وبنتي... تدرون علشان قدمت ماجستير إدارة...
وتوقف عن الكلام كأنه درى إنه بعد عن الموضوع الأصلي: عالعموم إحنا ما سمعنا أي شيء عن الخنساء... تعرفي أمها رفضتها من قبل وما جابت أبد سيره لها...
هزت مزنة راسها بإشمئزاز: صراحة زوجتك هذي تجيب المرض...
قاطعتها أمها: بس يا بنت... ما تستحي أنتي قدام أخوك...؟!
كملت مزنة وهي ما همها: ناظري يمه وش طيبة قلب هالبنت... ما ندري شو صار لها حتى تحسب ولدها هالدمية...
رد فيصل بكل حزن: ما يبيلها تفكير يا مزنة... أكيد ولدها خالد مات...
الخنساء أول ما سمعت طاري خالد نفخت بعصبية وردت: كلهم يقولوا... كلهم... خالد مات... مات... بس إنتوا ماتعرفوا... ما تعرفوا ولدي أنا... خالد هذا... خالد ولدي...
وصارت تنددن للدمية... وسكتت الكل... تجرع فيصل ريقه...
وهمس مو مصدق: لا حول ولا قوة إلا بالله... شكل البنت جنت...
وبعدها وقف فجأة بحركة سريعة ناظروه أهله محتارين...
قال فيصل بشجاعة غريبة: لازم أوديها لأمها... حرام عليها لحد إلحين رافضتها... والله إني أنا ما هي من لحمي قلبي قارصني على حالتها...
وجاها يقول: الخنساء... تعالي قومي معي... بوديك عند أمك...
الخنساء لما جا طاري الأم عبست مو فاهمة...
رد فيصل يقول: ماما الخنساء تعالي تشوفينها...
الخنساء فتحت عيونها مستغربة بعدين سألت: ماما الخنساء؟!
فيصل هز راسه بلهفة: أيوه... أمك تعالي بوديك عندها...
وقفت الخنساء وقالت: بس وليد قال... ماما الخنساء راحت... وبابا الخنساء مات... مسكين...
مسكها فيصل بعد ما أستأذن من أمه وأبوه وإلي بعدهم مو مستوعبين الموقف... والأخوات عارضوا تعودوا عالبنت ما يبون فراقها... بس فيصل أصر يوديها لأمها...
قال فيصل وهو يركبها السيارة: أيوه ماما الخنساء راحت بس هي رجعت... تعالي بتشوفيها....
وصار يسولف لها عن أمها وعن بنته وهي تسمعه مرة ومرة تسأله... وبعدين أستلمت هي دفة الحديث لأنها بدت تسولف عن خالد...
وصلوا تقريبا والساعة كانت 8 الليل... فتح فيصل باب الشقة بمفتاحة وطلع لزوجته بعد ما ترك الخنساء جالسة عالكنب...
دخل غرفة زوجته وشافها متمددة من تعب السفر... لما سمعت صوت ناظرته شوي وصلحت جلستها...
قالت: وين رحت؟!
رد فيصل: رحت أسلم على أهلي...
قالت سعاد بحركة مو مبالية لأنها مو همها أهله وهي تدري ما يحبوها ولا تحبهم: آها... زين... تعال إرتاح تونا واصلين من السفر وجسمي منهد من التعب...
ورجعت تبي تكمل نومها بس فيصل فاجأها: تعالي سعاد جايه معاي ضيفة تبي تشوفك...
جلست سعاد على حافة سريرها وصرخت فجأة: ضيفة؟!
هز فيصل راسه وما أعطاها فرصة وطلع من الغرفة علشان تتبعه... وهي ما قصرت تبعته لأنها كان كل فكرها يروح لهالضيفة إلي تخوفت منها... على بالها زوجها تزوج عليها... وقفت عند العتبة وهي تشوف الإنسانة إلي ياما وياما نبذتها وطردتها... من فكرها بالأول ومن حياتها بالتالي... ما تدري ليش بلحظة حست ان الدنيا وقفت... وهذا لأول مرة يصير لها كذا... أما الخنساء فكانت تهدهد الدمية بين يديها... رفعت راسها بحركة سريعة لما حست بصوت قدامها... كان فيصل مأشر لزوجته إنها ما تتكلم... كان يبي يحسسها بموقف الخنساء وحالتها...
ناظرتها الخنساء وابتسمت أحلى ابتسامة... وما تدري ليش هالإنسانة مو غريبة عليها...
..
"شو ذكرك فيني؟!"
"ما جيت إلا فضول أشوف وين وصل حالك مع ولد عمك... مع وليد العقيد... "
" كلها أيام وبياخذ الطفل من أحضانك ويرميك... "
"الأكاذيب بكل بساطة طعنتني... طعنت الأحاسيس الوليدة بقلبي..."
" أدري؟! أدري عن شو؟! أدري عن الأكاذيب إلي أنقالت تحت عن خرسي... "
" تدرين إن خرسك مو عائق بالنسبة لي... أبي أولادي نسخة منك ولو الخرس فيهم... أبيهم ياخذون منك كل صفاتك... وما ياخذون مني إلا حبي لك..."
"سحبت نفسي بكل قوة وركضت طالعة من الجناح... وأنزل السلالم بكل جنون بدون حتى ما أهتم إذا بأذي الجنين إلي ببطني أو لا... بس كنت أبي أرجع أسأل عمتي سؤال خطر فبالي فجأة... سؤال تعلقت كل الحيرة فيه... سؤال له علاقة بأبوي وخرسي... ويمكن له علاقة بجدي وأمي..."
"ما حسيت إلا وأنا أتخرطف بالسلالم... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه...."
..
هزت الخنساء راسها بكل عنف... بكل عنف توقف هالحديث إلي يرن بأذنها وراسها... لا... لا... يكفي... يكفي... وحست بدموع حارة تحرق عيونها... وبدون ما تحس تدحرجت دمعة... دمعتين... وعالتوالي نزلت الدموع... وهذا غير الصداع إلي صار ينبض براسها... حاولت تقاوم هالدموع وهالصداع... وقفت على حيلها وتشبثت بطفلها بكل قواها... ومسحت دموعها العالقة برموشها بكل شراسة... كل هذي الدموع وأمها واقفة قدامها... وهي ما تدري إن هذي هي الام إلي طردتها من حضنها قبل لا تطردها من حياتها...
قال فيصل وهو يأشر لسعاد: هذي أمك...
ابتسمت الخنساء وهي تمشي بكل ثقل بسبب الصداع...
قالت بحلاوة: أنتي ماما... الخنساء؟!
ناظرت سعاد زوجها مستغربة...
وكملت الخنساء بإلحاح: هم قالوا... ماما خنساء راحت... بس هو... قال... لا ماما الخنساء أنتي... صح؟!
همست سعاد تقول لزوجها: وش صار لها؟! وش فيها؟! ليش كذا تتكلم؟! ومن متى أصلا بدت تتكلم؟!
فيصل ما قدر يكبت ضحكته وقال بكل سخرية هو تعجب منها قبل زوجته ما تتعجب منه: وتسألين يا سعاد؟! غريبة صراحة... توقعت بتصرخي وتطرديها بدون تفاهم...
وقف كلامه ولف عنها يقول بقسوة: بنتك يا زوجتي أشك فيها جنت...
وأشر على الدمية بيدها وكمل: هذي الدمية تقول عنها ولدها خالد... بس الظاهر ولدها مات...
بانت الحيرة بوجهها وتلعثمت: حـ... جـ... جــ... جنت؟!
أرتجفت شفايف سعاد وهي مرة تناظر الخنساء إلي وقفت حيرانه وتنتظر جواب على سؤالها... وتناظر مرة زوجها إلي لأول مرة يظهر قساوة بصوته... وتناظر الدمية بين يد الخنساء وتتعجب منها...
قال فيصل فجأة: صح كنت أنا إلي قلت لك من قبل إني ما أبي سيرة حياتك السابقة وسيرة بنتك بحياتنا... وأنتي تحججتي بهذا الكلام... طوال حياتنا وطوال ما عرفت هالإنسانة الضعيفة أنا اشفقت عليها وتراجعت عن قراري وحاولت ألين قلبك... بس ترجعين تتحججي بكلامي الأولي وتتشبثي فيه... وأنا طبعاً ما أقدر أغير رايك لأن هذا كان قراري الغبي قبل لا أعرف هالإنسانة...
وهز كتفه وقال: عالعموم هذي بنتك وهذا قرارك... أنا بدخل للما وتفاهمي مع بنتك...
وقبل لا يلف ويطلع قال بكل جفا: صحيح إذا ودك تطردينها خبريني بالأول علشان أرجعها محل ما جبتها... عند أهلي إلي حصلها أبوي هايمه بالشوارع تدور بيت جدها...
وهنا ترك فيصل إلي لأول ولأول مرة يبين معدنه الصلب... ترك سعاد تتأمل فيه... وترجع تناظر بنتها... وصرخت فجأة وهي بعد ما تقوم من صدمتها...
صرخة رفض: لا...لا... لا...
وناظرت الخنساء تقول بتجريح مادرت إن الخنساء كلها جروح وما عاد تفرق: أنا ما أمك ... ما أمك... ما أمك...
ومسكت يد فيصل تغرس أظافرها بحدة...
وقالت بقساوة: لحظة وش هالتمثيلية إلي عاملينها؟! فيصل ما علي أنا من...
نفض يده منها... وقاطعها فيصل بقساوته الجديدة: الظاهر وصل لي وش هو قرارك...
حاولت تتكلم بحدتها إلي كانت تسيطر فيها على زوجها من قبل... بس لا... فيصل الجديد منعها بحركة يد سكتت بعدها سعاد...
ورجع للخنساء وإلي كانت واقفة وعيونها نص مفتوحة من الألم إلي بعده يعصف ويرعد براسها... مسكها من يدها بكل حنان...
وقال: ها الخنساء... شو فيك؟! شو تحسي؟!
قالت الخنساء بتقطيع وهي تتأمل بسعاد وتحرك وجهها بعبوس وأسف: هي... قالت... ماما خنساء لا... بس ليش صرخت؟!
ولفت تقول لسعاد بحركة عفوية وبريئة: خلاص... لا تزعلي... أنتي ما تبي... ماما خنساء...؟! أنا أروح أدور... ماما خنساء ثاني...
وفكرت شوي بعدها لفت لفيصل تسأل بلهفة: يصير بعد... أدور بابا خنساء؟!
فيصل حس بدمعه ترتجف على رمشه...
وجاوبها يبتسم بكل حنية: ويصير أكون أنا بابا خنساء؟!
ابتسمت الخنساء بكل حلاوة وضحكت وهي تربت على يده: أيوه... يصير... خلاص... انت بابا خنساء... أنا أحبك... وخالد ولدي... يحبك بعد...
وقربت خالد منه علشان يشوفه... ولفت لسعاد إلي كانت تناظرهم وهي مو مصدقة وكلها ترتجف...
قالت الخنساء تغاير فيها سعاد: أنتي خلاص... ما تشوفي ولدي... خالد... لأن أنتي ماما خنساء لا... أروح ادور ماما خنساء... تشوف ولدي... خالد...
ولفت لفيصل وهي بدت تحس بثقل حاد براسها: يلااااا بابا خنساء... نروح دور ماما خنساء...
وإلا بس هي خطوة إلي مشتها حست بالدنيا ظلام... مسكها فيصل وهو يحاول يوعيها...
صرخ: الخنساء... يووووه وش صار لها؟! الخنساء...
ورفع راسه لزوجته الجامدة وصرخ: روحي.... روحي هاتي عطر...
ولما شافها ما تحركت صرخ: بسرعة...
أنتفضت سعاد وركضت تجيب عطر عود... شممها إياه علشان تقوم... بس الظاهر الخنساء ما رضت تقوم من حالة اللا وعي... لأن هي بدنيا خالد ولدها أفضل لها وأبرك من الواقع المر وإلي تحس فيه بدا يقرب منها ويطاردها بكل مكان...

* : * * : *


(يتبع)

 
 

 

عرض البوم صور primrose  
قديم 20-05-09, 09:17 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66931
المشاركات: 735
الجنس أنثى
معدل التقييم: primrose عضو له عدد لاباس به من النقاطprimrose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 123

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
primrose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : primrose المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

..]]..الليلة الثالثة..[[..

مر يوم كامل وهي تسترجع كل شريط حياتها... زواجها... إنهدام هالزواج... حملها... محاولة إجهاضه... ولادتها... خبر مرض طفلتها... حياتها التعيسة... حياتها اللعوبة... الخيانة... البحث عن سعادة ولو قصيرة... طلاقها... التعاسة... الإنتقام... القسوة والجفا والكره... محاولة التعقل... الزواج للمرة الثانية... محاولة التشبث بهالزواج... ومحو الماضي...
كانت طول الوقت تناظر الجسد إلي مرتمي عالسرير بغرفة بنتها وترتجف... وترجع تهز راسها بعنف... وتخرج بدون كلمة... وبعدها ترجع للغرفة تناظرها أكثر... وبكذا... مر اليوم بطوله بكل سرعة للخنساء... وبكل بطء لسعاد ووليد وأهلها... ولنورة إلي حست لأول مرة بضميرها يأنبها... وهذا أقسى عذاب... الحياة بضمير مثقل بالذنوب... وطبعاً ما قدرت تستحمل رجعت لصحار مع أولادها هروباً من الأوجاع...

كانت جالسة على سريرها تنتظر زوجها يرجع... قبل شوي راحت للغرفة حصلت الخنساء صحت... حطت لها الأكل وطلعت... تحس بنغزات فقلبها والسبب شوفتها لبنتها بهالشكل الهزيل المريض والهايم... وأكثر إلي خوفها هو الدمية إلي كانت بيدها وتدندن لها الخنساء...
: وش فيك جالسة كذا؟!
انتفظت سعاد ومسكت قلبها: فزعتني الله يهديك... تغديت؟! أو تبي أجهز لك...
قاطعها فيصل وهو يشيل مصره وبيدل ثوبه ويلبس ثوب البيت: لا تغديت... الخنساء صحت؟!
همست سعاد: أيوه...
سألته وهي تشوفه بيطلع من الغرفة: وين رايح...؟!
ناظرها شوي ورفع حاجب وهو يقول متمسخر: غريب ما تعرفي وين رايح... بروح لبناتي... بـ... ـنا...تي... تجين معي؟! أو وحدة من بناتي ما ملت عينك؟!
وتركها وهي مصدومة من طريقته بالكلام... لكنها بكل تردد لحقته... دخل فيصل الغرفة أما سعاد فوقفت عند الباب متردده... شافوا الخنساء تضحك مع لما... ولما شافت فيصل داخل ابتسمت بكل حنان...
قالت الخنساء بحلاوة: بابا أنت... جيت؟! شوف لما... تقول هذا خالد لا... بس هي ما تعرف... خبرها... هذا ولدي... خالد...
سألها فيصل متجاهل زوجته: هذا خالد صح... ها الخنساء تحسي بوجع؟! تبيني أخذك المستشفى؟!
الخنساء أول ما جابوا طاري المستشفى قلبت بوجهها: لا... يععععع... ما أبي... أنا تعبت... أول طحت... هنا يدي تعورت... دكتورة شريرة صارت كله... أبرة.. أبره... أنا أحبها لا... بعدين...
قاطعها فيصل: ليش طلعتي من البيت الخنساء؟!
الخنساء جاوبت بعد تفكير: وليد عصب... زعل... أنا أدري... هو تعب خنساء تحبه... بس هو خنساء يحبها لا... أنا قلت أروح... هناك بعيد... بيت ددي... عشان وليد خلاص يفرح... يزعل لا...
بعدين تداركت دمعتها إلي نزلت بدون ما تحس فيها: وليد أحبه أنا... ولدي خالد يحبه... هو كل يوم يقول خنساء أحبك... خنساء أحبك... بس هو تعب... هو... هو... أنا أبي وليد... يفرح... خلاص خنساء تروح بيت ددها... هناك بعييييد.... هناك كان... ددي يحب خنساء... خنساء تحبه... بس أنا ما أعرف...
وتوقفت وردت تقول بكل لهفة: أنت ودي خنساء بيت ددي...؟!
فيصل حس بضيقة صدر وقف فجأة بدون كلمة ولاحظ وقتها بس إن زوجته طلعت من الغرفة...
قال فيصل للما: لما حبيبتي روحي شوفي ماما...
لما: طيب بابا...
طلعت لما وهي مو دارية عن أي شيء يصير بهالبيت... غير إنها فرحت بوجود الخنساء معها... أحد يونسها غير أبوها وأمها...
ورجع فيصل يمسك يد الخنساء ويقول: أوديك بس يكون وليد معنا...
وطلع موبايله...
وقال: أنا بتصل بوليد يجي يشوفك... أكيد هو يحاتيك...
الخنساء هزت راسها: لا... لا... ما أبي... لا... وليد لا... لا...
قالها فيصل: لا يا بنتي ما يصير... أنا من الصباح كنت أبي أتصل فيه بس قلت بخبره أول ما تقومي...
الخنساء تذكرت وليد وكيف زعل وعصب عليها... ما تدري ليش ما تبي تشوفه... ما تدري ليش حست إنها إذا شافته بيألمها ويأذيها...
وصارت تهز راسها بجنون... بجنون... وحست بيدها ترتجف ويرتمي خالد بين يديها...
صرخت تمسك راسها: وليد لا... لا... لا... ما أبي.. ما أبي...
تفاجأ فيصل لردة فعلها وحاول يهديها: خلاص... خلاص ما بتصل فيه...
الخنساء ما أقتنعت صرخت بوجع وهي تحس براسها بينفجر: لا... لا... كذاب... كذاب... ما أبي وليد... ما أبي وليد...
كانت الخنساء بحالة اللاوعي إلي هزت كيانها وهدت حيلها... حست بدموع تملي عيونها وتمنعها من الشوفه... حست ببرد بأطرافها... وصداع غيب شيء من وعيها...
وإلا الموقف تبدل بالمرة...
إحساس اليد إلي ضمتها لها كانت دافيه... كانت على رغم إنها قاسية حنونة.... كانت على رغم إنها مترددة بمشاعر جياشة... أنتفظت الخنساء وهي تحس بهالحضن يرجع لها شيء من الخوف إلي كانت عايشته...
..
"حضنت يد يدي... وحسيت بدفء رغم إنه سكن شيء من آلآمي إلا إني حسيت بزيفه وكذبه..."
"آآآه حبيبتي... خوفتيني عليك... خوفتيني عليك...حسيت بروحي تطلع من جسمي وأنا أشوفك بدون حراك تحت السلالم... الحمد لله... الحمدلله إن الله كتب لك عمر جديد... وما حرمني من وجودك بحياتي... الحمدلله... آآآآآه... الخنساء... "
" ليش أحس بهمساته مجرد شوشه وسموم تجري بعروقي... ليش ما أحس بأحاسيس وليد؟! لهالدرجة صرت أحس بحبه شفقة؟! لهالدرجة؟!"
"تميت أحارب إحساس الثقة المهزوزة... الثقة إلي تبددت بدون شعور بهاللحظات..."
" أحس فيك بعدتي مية خطوة لورا... أحس فيك تحاولين تبعديني... الخنساء... "
"ما... أبي... إلا... أشو..فه... أشوف... ولدي... "
"مستحيل أوصف مشاعري إلي أنتابت قلبي... وهزت كياني... مستحيل أوصف مشاعري وأنا أحضن طفلي بعيوني... أسجل كل نفس ينبض منه بناظري..."
"حاولت قدر ما أقدر أسير هالزواج واصلحه وما عاد فيني قدرة... شيء مو بيدي... وبالأخص هالثقة المنزوعة المهزوزة بينا..."
"طـ...طلقني... أنا ما أبي... ما أبيك... "
"صدقيني... إنتي قيدك برقبتي... ما ينفك أو يتحلل إلا بموتي..."
"تذكر شفت الويل منك... شفت الألم والعذاب قدام عيوني... وبالنهاية سامحتك... سامحتك وبدينا من جديد... بدينا على أسس غلط... ولما بدينا نبني أنهدم هالأساس... أنهدم... وأنت... أنت من هدمه... "
"آسف يا بنتي... أعذري أمك وتقلباتها... رفضت تعودك وتزور الولد..."
"هي... عافت... الخنساء... من وهي... طفلة... وولدي... ما هو... شيء... لها... "
"تركني هنا بدون حتى ما يسأل عني أو حتى يسأل عن خالد ولده... وهذا أكبر دليل على إنه رماني... دفنت راسي بيدي وأنا أنتحب..."
" أنتحب... أنتحب وأبكي... أبكي... أبكي..."
..
: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه... لا... لا... لا... بس... بس... ما أبي... ما أبي... ما أبي...
سحبت نفسها من حضن أمها بكل عنف... بكل شراسة وبكل قسوة... صار تنفسها ثقيل... الدموع ملت خدودها وتحجرت فيها... الرجفة خلتها تنتفض وتحركت مرة قدام ومرة ورا وهي تهذي بكلام أبد مو مفهوم... مسكت بالفراش وصارت تعضه وهي تكبت سلسلة من الآهآت والشهقات...
سعاد ارتجفت ونزلت دمعه منها وهي خايفة للحال إلي تشوفها قدامه... وأكثر إلي ألمها لما سحبت الخنساء نفسها منها... عمرها ما ذاقت الخنساء حلاوة حضن أمها فكيف وهي إلحين؟! أكيد ما تعرفت عليها... أكيد...
مسكها فيصل يحاول يهديها: الخنساء... يا بنتي وش صار لك؟!
كلم زوجته إلي كانت منهارة: سعاد... وش فيها؟! هذا كله لأنها ما تبي نكلم وليد؟!
ورجع للخنساء بعد ما حصل أي تجاوب من سعاد: الخنساء... أسمعيني... أسمعيني... ما بتصل بوليد... ما بتصل فيه... وباخذك لبيت جدك... باخذك لبيت جدك...
وقفت الخنساء هذيانها وهي تسمع أسمع جدها... ناظرته وهي متشككه... ما عادت توثق بأحد...
همس لها فيصل: أيوه الخنساء... باخذك لبيت جدك بكرة مثل ما تبين.... بس أنتي أهدي... تمام؟!
هدت الخنساء شوي وهي تحاول تسيطر على دقات قلبها.... على رجفاتها... ورجعت تناظر سعاد...
همست بوجع: أنتي بيت ددي... تعرفي؟!
سعاد دموعها تنزل بغزارة ما تعودت عليها: أيوه... أعرفه...
همست الخنساء بألم أكبر: تروحي بكرة... بيت ددي؟!
جاوبت سعاد وهي تشهق: بروح... بروح...
ردت الخنساء تقول وعيونها تثقل: بس... أنتي... ددي كنتي... تحبيه لا... أنتي خنساء تحبيها لا...
وقبل لا تغمض كلياً دورت هنا بجنبها على خالد حضنها.. دواها... علاجها... من هالآلآم والأوجاع والصداع... وحصلته... جنبها يشد من عزيمتها... دفنته بحضنها... ورمت راسها عالوسادة... هذت وحست بسكرة التعب تخطف بقية أحلامها... إن خالد كان لها ومازال لها...
همست بكل تقطيع وآهه وهي تهذي: أنتي... قلتي... خنساء... وديها بعيييد... قلتي بابا خنساء كذاب... قلتي هم يحبوني لا... بيت ددي خنساء تحبه... أنتي لا... خلاص أنتي هنا... وليد بيت كبير... خنساء... بيت ددها... وحدها... خنساء وحدها... وحد... ها...
ونامت... وهي تاركه جسد من كثر البكي والشهيق والصدمة أغمى عليه... مهمها كانت قسوة الأم يتبدل شعورها لمية وثمانين درجة وهي تشوف ضناها يموت بين يديها بكل بطء... وبطء... وهذا إلي الخنساء أثبتته لها كل مرة تجيها... هي بنفسها شهدت غسيلها... وتكفينها... ودفنها...
.
.
: مو معقولة يكون...
صرخ بهالكلام وليد وبعدها خفض صوته حتى ما يسمعوه... كان وقتها يتكلم مع شخص بالموبايل... وأبوه وجدته وعمه وهدى وجلند كانوا كلهم جنبه وهو يهمس مثل الأفعى... لما سكر وقتها وليد الموبايل لفوا له وكلهم لهفة... على بالهم لقوا خبر عن الخنساء...
جلند: بشر... الخنساء؟!
وليد هز راسه بعنف ووقف: لا مو عن الخنساء... بطلع فوق لجناحنا...
وتركهم وليد... وقتها لف خالد لسيف وقال: سيف... وين لجين؟!
أول ما سمع جلند أسم لجين قام واقف وطلع من المكان...
تنهد خالد بألم... يدري أكثر واحد بصراع مع نفسه هو جلند...
رد سيف بحزن: رفضت تجي... البنت ضعفت بشكل كبير... لا أكل تاكله ولا نوم تنامه... كل نهارها بالمستشفى وليلها بكاها ما يوقف...
ورغم هالكلام قلوب المجتمعين كانت حاسه بالقهر... وقتها نزل وليد وهو لابس بنطلون جينز وقميص بني بياقه طويلة...
سألته الجدة: على وين رايح يا ولدي؟! توك راجع... كفاية تدور بالشوارع روح إرتاح لك شوي...
هز وليد راسه وقال: لا يا يمه.. أنا ما برتاح إلا والخنساء فبيتها... أنا طالع لا تنتظروني...
وقف سيف: خذني معك...
: لا...
تفاجأوا من وليد وهو يقولها بكل عنف...
وكمل: لا بروح مشوار...
وما كمل كلامه وطلع... تحسس وقتها خصره وصابت يده جسم معدني صلب... جلس بسيارته وتوجه ليقابل شخص قال إنه يعرف مكان عمر... وهذي الخطوة الثانية... أو الثالثة؟! ما فرقت... المهم يعرف مكانه وين... والخنساء...؟! ضرب الستيرنج بقهر وصرخ بآه معبرة...
وليد: وينك؟! وينك يالخنساء؟! وينك؟! وينك؟!... والله إني بطريقي آخذ حقك وحق ولدنا... بس أطلعي لي... أطلعي لي سليمة ومعافاة... بعدك عذاب... عذاااااب... عذاااااااااااااااب يالخنساء عذاب...

* : * * : *

..]]..الليلة الأخيرة..[[..

شهقت الجدة وهي تقول: من يوم ما طلع أمس وهو ما رجع... يا ويلي... يا ويلي على ولدي... راح وراحت معاه بنيتي الخنساء... ياربي وش هالمصايب إلي تجينا...
قالها خالد وهو يكفكف دمعته: أذكري الله يا يمه... أذكري الله...
همست الجدة بتقطيع: لا حول ولا قوة إلا بالله... لا إله إلا الله... لا حول ولا قوة إلا بالله...
اتصل خالد بسيف وقال له: الله يخليك يا أخوي.. تعال أنت وجلند خذوني معاكم...
سيف رد عليه لما شاف أخوه بيتجنن من الحال إلي بدوا يتدهورا فيها: إن شاء الله... إحنا على وصول...
وبكذا طلع خالد مع سيف وجلند... وتركوا هدى والجدة يبكوا وينعوا حالهم...
خالد بربكه: جلند اتصل على بدر وأسأله عن وليد...
جلند تجرع ريقه وهمس: يا خالي إتصلنا عليه أكثر من عشر مرات ما رد علينا...
سيف قال: لا تخاف يا أخوي... هذا يعطينا أمل إن بدر مع وليد... ولو إنه ضعيف...
وبكل إضطراب قال خالد: أرجع أسأل المستشفيات القريبة... وهاتي يا جلند أرقام أصحابه يمكن واحد منهم يعرف وين مكانه...
وبدون كلام نفذوا الإثنين أمره مع إنهم كانوا متأكدين إن ما في أحد يعرف خبر عن وليد... مثله مثل الخنساء...
.
.
: ألو... لجين؟!
شهقت وهي تبكي: أيوه... أيوه يا طلال... وينك يا طلال تركتني ورحت؟! أمي بالمستشفى وحالتها لا تسر صديق ولا عدو... نشوى تعيش فحالة لا وعي والسبب ضربك لها... أبوي يدعي علينا وصراخه مالي المستشفى...
ورجعت تشهق وهي تكمم يدها تخفي آهاتها...
طلال غمض عيونه بوجع...
وهمس: وانا... أنا يا لجين... حالي أزفت من حال أبوي وامي ونشوى....
لجين بوجع: طلال... متى بيطلعوك من الحبس؟!
طلال بطمأنينه: مدري... بس خالي خالد بيحاول عن قريب... لا تخافي...
همست لجين: طلال... أنا محتاجة لك... طلال... الله يخليك لا تتركني... أحس أهلي بيقتلوني بنظراتهم... أحس حالي وحيدة مالي أحد... وجلند... جلند يا طلال... تركني لحالي... تركني لحالي...
وتأوهت بصوت مسموع تغلغل لقلب طلال: أرجوك يا لجين... بكاك يقتلني... أدري أهلي وجلند يعاتبونا... بس هذا قضاء وقدر... لا تبكي أرجوك... أنتي تزيدين حالي أكثر...
حاولت لجين توقف بكاها وهمست: طلال... أحس بوحشة... أطلع من الحبس علشان أمي بتطلع من المستشفى وخوالي مستحيل بياخونها... أطلع علشان أخذها للبيت... رغم كل إلي صار هذي أمنا...
أرتجف طلال وهو يتذكر المشهد إل كان فيه يضرب أخته والضرب طاح نصه بأمه...
رجعت لجين تهمس: طلال... كلهم تخلوا عني صرت وحيدة... وحيدة... أرجوك أطلع بسرعة...
همس طلال وهو يمسح دمعته: إن شاء الله حبيبتي... ما صاير إلا الخير... أنتي أهتمي بنفسك وقوي نفسك...
بعبرة قالتها تطمنه: إن شاء الله... وأنت بعد طلال أهتم بنفسك... أرجوك...
همس: إن شاء الله... يلاااا مع السلامة بسكر... مضطر...
وما زاد كلمه وسكر السماعة... كل واحد شكى للثاني إلي فيه رغم قصر الكلام... إلا إنهم حسوا براحة... همومهم رغم كبرها وعمقها إلا إنهم مازالوا صامدين... والحمد لله على كل حال...
.
.
وصلوا عند محطة بترول... فيصل تنهد وهو يناظر الخنساء نايمه ولما جنبها تناظرها بشفقة... أما زوجته سعاد فكانت تناظرها وبعيونها ألم... كل إلي صار أمس خلا سعاد تترك الأكل والنوم وتتابع بعيونها حركات الخنساء... وكل ما يكلمها تنتفض وتمسك قلبها بخوف... وطبعاً الخنساء صح كانت تسولف لهم إلا إنها كانت تتجنب سعاد وترفض إنها تكلمها أو تحضنها... وحتى إذا رجعت لها حالة الهذيان سعاد تضمها بصورة لا شعورية... والخنساء كردة فعل تسحب نفسها من حضنها بكل شراسه...
رجع فيصل للسيارة وأعطاهم كيس فيه مشروبات وقال: أنتظروني هنا بروح أتكلم بالموبايل...
وتركهم رايح لزاويه هاديه... ضغط عالإتصال وجاه صوت خالد: ألو... السلام عليكم... الأخ خالد معي؟!
رد خالد: أيوه... عفوا أخوي ما عرفتك...
فيصل: أنا فيصل الـ... زوج سعاد الـ... أم الخنساء...
خالد عبس بوجهه وتحير لإتصال فيصل: أيوه... خير... إن شاء الله؟!
فيصل بربكة: أنا حاولت أتصل على وليد قبل كذا كم مرة بس يعطيني خارج التغطية...
رد خالد بوجع: أيوه هو له يوم ما رجع البيت... ندور عليه...
فيصل قال مهزوز: أكيد يدور على الخنساء... بس تطمنوا... الخنساء بإيد امينه وهي معي...
قاطعه خالد بصرخة مو مصدق: شو تقول؟!
فيصل قال: الخنساء معي وإحنا متوجهين للعامرات... أنا وأمها وبنتي... رايحين لبيت العم علي...
خالد قال بنفظه: الحمدلله... الحمدلله... الحمدلله والشكر... أنت متاكد؟! متأكد إن الخنساء معك؟!
رد عليه فيصل بلهفة: أيوه... من ليلتين أبوي بالصدفة حصلها هايمه بالشارع فأخذها عنده ولما وصلت من السفر حصلتها وسط اخواتي... فأخذتها لأمها... كنت أبي أرسل لوليد وأتصل فيه أخبره بس هي رفضت... تقول ماتبي وليد... إلا إني حاولت أتصل فيه أمس بالليل واليوم الصباح بس كله خارج التغطية...
تنهد خالد بكل إرتياح وهو يدعي ويدعي بقلبه: الحمدلله إن الله حط الخنساء بطريق أبوك... الحمدلله... طمنا يا فيصل أنت ليش رايح العامرات؟!
فيصل بربكة: والله من أمس والخنساء تصارخ وتبكي تبي تروح العامرات لبيت جدها...
خالد قال بتوتر: بيت جدها؟! غريبة تذكره...
فيصل بحيرة: أنا صراحة لاحظت الخنساء شكل عقلها... يعني...
خالد كمل عليه: أيوه من صار لها لحادث ومات فيه ولدها... صارت ما هي معنا... موت ولدها أخذ عقلها... وصارت تحسب ولدها هالدمية إلي ماتفارقها...
تنهد فيصل: لا حول ولا قوة إلا بالله... بس الظاهر إن الخنساء بدت ترجع لعقلها... وذكرها وتعلقها بروحتها لبيت جدها هو الدليل...
خالد قال: الحمدلله... أنت كمل طريقك للعامرات وإحنا لاحقينك... وبيكون بينا أتصال...
فيصل: إن شاء الله... يلااا فأمان الله...

سكر خالد الموبايل وتنهد... أخوه وجلند كانوا سامعين لك المكالمة لأنه كان حاطه سبيكر أول ما سمع إن الخنساء مع أمها وزوج أمها...
سيف قال وهو يمسح وجهه: الحمد لله... الحمدلله والشكر...
ولف لجلند وإلي كان لسانه يعجز عن الكلام: جلند جرب أتصل... أرسل مسج لوليد أو بدر وخبره إن الخنساء عند زوج أمها... طمنه حتى يرتاح أكيد راح يشوف المسج عالأقل...
هز جلند راسه: إن شاء الله...
وقال خالد وهو يتصل بالجدة علشان يطمنها: خذ طريق العامرات يا سيف...
سيف: إن شاء الله...
وبكذا طاح هم من كتوفهم لكن... شو صار لوليد هذا إلي ما يدرون عنه...

* : * * : *

صرخ بوجع: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه بدر... شوي... شوي... الله... يخليك...
همس بدر وجبينه معرق: لا حول... ولاقوة إلا بالله... أصبر شوي... إلحين بطلعها... والله ما صرنا بدنيا الواقع... أحسني أمثل بفلم...
تأوه وليد وهو يحط يده على خصره ويرتجف: أخخخخ... هذي هي حياتي... أنت تدري... مو شيء غريب...
وصرخ لما حس بنصل السكين الحار بدت تحفر بجسمه ويسحب الطلقة....
وكمل بهذيان: عملي كان... صورة من هذي... سكين... زجاج مكسور... مسدس... حديد... كله أكل من جسمي... آآآآآآآآآآآآآه... بـ..ـد..ر...
بدر بعد ما طلع الطلقه وتدحرجت عند رجوله قال: خلاص... خلاص خلصت...
ولف له يطمنه شافه أغمى عليه من الألم... حاول يعقم جرحه ويضمده... وطلع وقتها يجيب له دكتور يشوف حاله...
مشى وهو يردد: الله يهديك يا وليد... الله يهديك... الحمد لله مرت على خير...
ولما وصل الدكتور أضطر بدر يخبره إنه شرطي وأعطاه إثبات وهذا غير إنه شرح له إنهم كانوا بمهمة عمل...
قال الدكتور معاتب: يا خوي الحمدلله جات الطلقه سطحية... والجرح مو عميق وإلا كانت كبد هالشاب تفتت ألف قطعه...
تجرع بدر ريقه وهمس: الحمدلله على كل حال...
الدكتور: أعطيته مهديء... جسمه منهد لازم ننقله للمستشفى بيتلقى علاج أفضل...
رد بدر: وهو الله يهديه رضى... لو كان راضي كنت وديته من أول للمستشفى...
الدكتور عفس بوجهه: عالعموم هذا قراركم... شكله هالشاب ما شاء الله عليه عنده إرادة فكلها ساعة ساعتين وبيقوم... أعطه هالأدوية إذا أشتد عليه الألم... وأنصحك طبعا توديه للمستشفى...
هز بدر راسه بعد ما طلع الدكتور...
وصحيح كلها ساعة ونص قام وليد وهو يهذي وينادي: بـ..ـدر... وينك؟! وين أنت؟!
رد بدر وهو جنبه: هنا... ها شو تحس؟!
همس وليد: الحمدلله... أحسن...
رد بدر بإضطراب: الله يهديك أي أحسن... الدكتور كان بينجن وهو يشوف حالتك هذي بشقتي...
ابتسم وليد بوجع: الحمد... لله... كنت أنت.. معي... وإلا كان... صرت علوووم...
تنهد بدر وفتح موبايله بعد ما نساه: شو الخطة إلحين أنت ما تقدر تتحرك...
وليد همس: إلا... بس أعطني ساعتين بالكثير اقوم فيها على رجلي...
فيصل فتح موبايله وسمع صوت المسجات المتراكمه: لا... بشيلك من هنا للمستشفى... وبروح مع فرقة للعامرات... ما شاء الله كل هذي مسجات؟!
وليد بعصبية: أنا ما خبرتك علشان بالنهاية ترميني بالمسـ...
قاطعه بدر وهو يأشر له ويقرأ بصوت عالي: بدر... إذا كنت تعرف مكان وليد... فخبره إن الخنساء زوجته بأمان... هي مع أمها وزوج امها رايحين للعامرات... بيت جدها...
انتفض وليد بكل وجع وهو يحاول يجلس: آآآآآآآآآآآه... الخنساء... يا ربي شو هالمصايب؟!
مسكه بدر يحاول يعدل وضعه: شو يوديهم للعامرات؟!
همس وليد: والله مدري... مدري... أخخخخ قومي ساعدني أوقف على رجلي... وخلينا ناخذ طريق العامرات...
رد بدر بعنف: أنت تبي تقتل عمرك؟؟!
رد وليد بصورة قاطعه وهو يحاول يشيل نفسه ويتوجع وعينه تدمع: تدري... يا بدر... الخنساء... فخطر...
تنهد بدر وساعد وليد وقال: هذي هي الساعتين إلي تبيني أعطيك إياها... خلني أتصل بعمي خالد عالأقل...
وليد بوجع: تمام أتصل وإحنا بالطريق... ما عندنا وقت...
وتسحب بكل وجع للباب وللسيارة... وهو يتذكر إن الشخص إلي راح يقابله تخلف عن موعده ودرى إنه ما فيه الشجاعة يقول له... وأضطر يسأل عنه ويعرف مكانه بنفسه ولما وصل له مع بدر... أنقلب الحال أشتبكوا مع شلة خمارى وسكارى وطلع منها وليد بجرح قريب من خصره... مثل ما سحب كلمتين من الشخص الغامض... إن عمر من يوم هرب وهو مختبي فبيت العم علي... وهذا آخر مكان وليد فكر إنه يبحث عنه... وإلحين الخنساء شو مصيرها وهي تمشي للخطر... لا... لا... لازم يوصل لهناك قبل... لازم...
.
.
وما درى وليد إنه تأخر كثير...
وخاصة إن الخنساء كانت خلاص رجلها تطب باب العتبه وهي تتذكر كل زاوية تأثرت فيها بحونو... ومن دون ما تحس قطعت الليل وسكونه بصراخها... صراخها الممزوج بالدموع والصياح... كانت تشوف كل مقاطع من حياتنا من موت جدها... لحد موت ولدها خالد... وهي تدور حوالين نفسها ويدها تنغرس براسها تحاول تسكن شيء من آلآمه...
وبالأخص إنها درت... ودرت إن هالدمية ما هي خالد... وبصورة دراميه... رمت الدمية عالأرض بدون أهتمام والمشهد ينعاد قدامها...
..
"إنتهى كل شيء... كل شيء فجأة...
عمي المرتمي عالأرض والدم يسيل منه... طفلي إلي طاح من بين يدي وأرتمى عالأرض... طفلي إلي سكن... وتوقف بكاه... طفلي إلي مات فيه الروح...
رغم كل جروحي... حبيت والدم يسيل مني... أطبع بدماي عالأرض... بدون دموع... بدون صراخ... حبيت لطفلي... وبست العيون إلي نامت... نامت نوم أبدي... بست الأنف... الخد... الجبين... الراس... العنق... الصدر... اليد الصغيرة... البطن... الرجل...
شلته بين يدي بكل حذر... وتربعت وهو بحضني... شميت ريحته... وإلي إختلطت بريحة الدم... وبكل رجفة مررت يدي على راسه ووجهه... أمسحها بكل لطف... أخاف يقوم يبكي ويصارخ ...
صرخت صرخة هزتني... وهزت كل نبض فيني... هزت جدرا الصمت... السكون... هزت حالتي... وأنتهيت من الصدمة للألم... للوعة والدموع... وفهمت وقتها ليش هو ما يسمعني... فهمت ليش ما يتحرك... ينبض... يتنفس... يفتح عيونه... فهمت... فهمت وقتها إنه... تركني وراح...

تركني وراح... ولدي خالد راح... راح... راح... }}...
..

أرتمت عالأرض وفيصل وأمها يحاولون فيها... سعاد تضمها لها بكل قوة... بكل قوة تحاول تكبت هالصرخات الهستيرية... لكنها عرفت إلحين إن خالد مات... وهي كانت عايشة بوهم خالد... وهذي هي رجعت للواقع بكل بطء... سلسلة الآهآت ما أنقطعت من جوفها... فطل صوتها ضعيف مكبوت بصدر أمها...
همست بكل شجون وهي تغمض عيونها قبل لا يغمى عليها: أحضنيني حييييل... أحضنيني... يا ماما... أحضنيني...

.
*
.
*
.

{{ نهاية الفصل الخامس عشر... قراءة ممتعة
... نلتقي بإذن الله متى أراد الله}}

.
.

لكم ودي ومحبتي: زهووور...

 
 

 

عرض البوم صور primrose  
قديم 24-07-09, 07:28 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66931
المشاركات: 735
الجنس أنثى
معدل التقييم: primrose عضو له عدد لاباس به من النقاطprimrose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 123

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
primrose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : primrose المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

0((0 الفصل السادس عشر والأخير...0))0
*:* أعزف أشواق عمري... *:*



تنفس بكل قوة يركض ورا المسعفين وهم يسحبوا السرير... كان كابت كل ذرة جنون بالصراخ لألآمه وأوجاعه... وأول ما أنغلق باب مكتوب على أعلاه "غرفة العمليات"... أسند ظهره بكل قوة للجدار... وتألم لأنه ضرب براسه... وتأوه بألم... دمعت عينه وتوالت الدموع... ورجع ينزلق عالجدار وجسمه يهتز كله... ضم وجهه لكفوفه وهو يتفس بصعوبة... آآآآآه... قاطع تفكيره أصوات الركض... جمد بمكانه وهو يحسهم يحاوطونه...
: وينه؟!
تجرع ريقه وهمس بعد مدة طويلة: وين بعد؟! بغرفة العمليات...
تموا لأكثر من ساعة وهم ساكتين... لأنه رفض وقتها يتكلم أو حتى يرفع راسه من بين كفوفه... لحد ما حس بالكبت ينهش صدره ويحرقه... وفجأة...
صرخ بحرقة: ما توقعت... ما توقعت تنقلب الأحداث... ما توقعت أبرأ واحد فينا... ما توقعت إنه راح يصاب.... ما توقعت راح تطيح فيه... آآآآه يا أبوي...
مسكه خالد وضمه له: وليد كفاية يا ولدي... كفاية...
وليد بألم: شو راح أقول لأهله يا أبوي؟! شو راح أقول لهم؟! أنا السبب... أنا...
شد سيف عليه وهمس: وليد أذكر الله... إن شاء الله راح يعيش... خلي أملك كبير...
ومسكه جلند بقوة وهو يتجرع ريقه: ما صاير إلا الخير... أدعي له... أدعي لـ بدر يا وليد... أدعي له...
ضرب راسه بقوة عالجدار وهو يتأوه: أنا... أنا أقحمته بسالفة عمر بكل غباء... أقحمته وهو إلي...
وقف كأنه تذكر شيء غاب عن فكره... وهو يتلوا من الألم... حتى إنهم ناظروه محتارين... وقتها كان جلند بيتكلم إلا إنه إنفتح باب غرفة العمليات وطلع منه الدكتور بلباس العمليات الأخضر...
أهتزت شفايف الوليد وهو يهمس: دكتور..؟!
قال الدكتور وهو يتنهد: أنتو أهله؟!
حس وليد بقلبه يطيح: لا... لا... إحنا... أنا صديقه...
ووقتها حس وليد بشفايف الدكتور تهمس... لكنه ما سمع أي كلمه والسبب كله إنه ما كان يسمع إلا... إنا لله وإنا إليه راجعون... حس بسكووون.... بسكووون غريب ما شابه إلا صوت يقول له بجنون وهستيرية.... مات... مات... مات بدر... مات... نفض راسه بكل قوة... ولف بيركض... يخرج من هالمستشفى... إلا إن جلند فاجأه لما مسكه... مسكه بكل قوة...
وقال: وليد على وين؟! وين رايح؟!
همس وليد بكل حرقة: مات... مات يا جلند... مات بدر... مات...
شد جلند على يده بكل قوه وقال بإنفعال: وليد... أنت ما سمعت الدكتور شو قال؟!
لف وليد له بألم... من كثر الأحداث ما درى هو بواقع أو حلم...
همس له جلند بلهفة: بدر تجاوز مرحلة الخطر يا وليد... بدر والحمد لله ... الله مده بالعمر الجديد...
وليد مسكه وتشبث بيده بكل قواه: شو تقول أنت؟! توه الدكتور قال...
قاطعه جلند: قال إنه بخير...
همس وليد مو مصدق: لكن...
ورفع راسه... هو ما سمع الدكتور شو يقول إلا إن عقله هو إلي صور له هالشيء... تنفس بصعوبة... وناظر جلند يحاول يشوف الصدق بكلامه... وحضنه... حضنه بكل قواه...
همس: الحمدلله... الحمدلله... الحمدلله... والله إني...
ضغط جلند عليه وهو يقول: لا تزيد يا وليد... والله إني داري بالمعاناة إلي عايشها... حتى صرت ما عدت تفرق بين الحلم واليقظة... بس تأكد إن الله عادل وقريب من عباده.. الله يمهل ولا يهمل... وإننا إحنا كلنا بجنبك...
وفكر... أنا شو خلاني أترك لجين... غيرك أنت يا وليد... غير حبي لك وأحترامي لك...
وكأن وليد عرف شو يفكر فيه جلند همس بأذنه يقول بشكل مو متوقع: جلند... لا تتركها لحالها... مالها ذنب... مالها ذنب بأي شيء صار... جلند... لا تعيد مأساتي مع الخنساء... لا تعيدها... وأرجع لها...
وتركه وليد وهو رايح لأبوه... حضنه يبث إرتياحة... الحمد لله بدر تخطى مرحلة الخطر... الحمدلله... أما جلند فوقف ساكن... وما يخفى على نفسه إنه تأثر بكل كلمة قالها وليد... تركهم وطلع يبي يرتب أفكاره... يبي يتخذ قراره... وإلي راح يكول لأول مرة بدون أنفعال... بدون تأثير... بدون غباء وجهل... إلا بتعقل وتفكير...
.
.
كلها ساعتين وتصلب ظهر وليد من الجلسة عالكرسي... طلب من أبوه وعمه يروحوا يريحوا ويطمنوا جدته وهدى... أما هو فأول ما قال له الدكتور بإنهم راح ينقلوه لغرفة العناية طالب بشوفته... وطبعاً الدكتور اقتنع بعد فترة... وأعطاه نصيحة إنه يريح... وخاصة إنه شافه يحرك جنبه بكل ضعف... ووليد ما اعطى جرحة أي أهمية... وده يتطمن على بدر... ولما دخل عليه شاف مركب عليه أنواع الأجهزة والأنابيب... تأثر من منظره... الدكتور قاله نزف كثير بسبب الإصابتين إلي كانت مستقرات على أسفل صدره بشعرة.... الحمد لله إنهم لحقوا عليه... شد وليد على يد بدر... وأشفق لحاله هذي... ماله ذنب بهالمعمعة كلها... جلس عالكرسي بتعب... وتذكر... كل شيء صار لهم أول ما وصولوا لبيت الجد علي...
..*..
اسند بدر وليد بعد ما حس وليد بضعف برجله... كانت ترتعش من وجع جرحه...
همس وليد: أنا بخير... بخير... خلنا ندخل بسرعة...
وأول ما دخلوا تفاجأوا من المنظر قدامهم... فالصالة كانت سعاد تحضن جسد صغير والإغماءة أخذها لعالمه... فيصل كان ماسك بنته ويصرخ بهستيريه لخالد...
فيصل: اتصل... بالشرطة... هذا الظاهر... مجنون... مجنون...
صرخ وليد وهو يسحب رجله الموجوعة وخصره الملتهف وجع: يبه... يبه...
خالد لف بكل قواه وحالته حاله من التوتر والخوف: ولييييييد....؟!
وليد بخوف: يبه شو صاير؟! وينه الحقير..؟! صادفتوه؟!
خالد هز راسه وقال متوتر: أول ما وصلنا كان متخبي بالغرفة... الظاهر صراخ الخنساء شده فلما وصل للصالة كنت أنا وسيف وجلند ندخل العتبة... عرفته وصرخت عليهم هذا قاتل خالد...
أرتجف وليد: ووين هو إلحين؟!
خالد أهتزت شفايفه: شرد... هرب... مدري طلع من الباب الخلفي... ولحقه جلند وسيف... لحقوه يا وليد... مدري شو صار لهم... ووين هم إلحين...
وليد أرتجف: من وين طلعوا؟!
فيصل أشر على الباب الخلفي: من هناك...
وليد سحب نفسه أكثر وهو يقول بتقطيع: فيصل خلنا نلحق عليهم... يبه أتصل... أتصل عالشرطة...
ونساها... نسى الجسد المتكور بالصالة فغمرة الأحداث... وطلع من الباب الخلفي وبجنبه بدر يسنده... حضنهم الظلام... ودفء الجو... ناظروا للسيح (الصحرا) إلي ابتلعته الظلمة...
همس وليد بصوت قطع السكون: بدر...
بدر همس جنبه: أنا جنبك... خلنا نلحق عليهم... كأني ألمح على يساري شيء... تعال...
وسحب وليد نفسه وكل ماله خطوة يخطوها... كل ما رجله ترتعش أكثر... والخدر يشل جسمه... لف له بدر بعد ما حس إنه بدا يثقل بحركته... ويميل بثقل جسمه عليه...
بدر بخوف: وليد...؟!!!
وليد همس: أنا بخير... بخير خلنا نمشيء...
بدر قال بقلق: وليد...
وحط يده على خصره وبكل سرعة تبللت يده من الدم إلي بدا ينزف من جرح وليد... جلسه بدر بعد ما كان يسمع أصوات صراخ توصلها الريح الخفيفة لهم...
قال بدر بقلق أكبر: جرحك ينزف... وليد...
وبعدها ناظر عيون وليد إلي كانت فارغه... الوجع أسكت كل إحساس ...
قال بدر بصرامة: أجلس يا وليد... ارتاح جرحك بدا ينزف... اجلس هنا وانا بروح لهم...
وقف وهو يقاطع وليد إلي كان بيتكلم: وراجع لك إن شاء الله...
وركض والظلام يبلعه... أما وليد فحس بالخدر وبدون شعور تمدد على الأرض وهو يتنفس بكل قوة... وقتها يمكن ما مرت غير دقايق ينعدوا ويسمع ثلاث طلقات متالية... وصراخ هز كيانه... حس بضيق... بضيق غير طبيعي... وجلس على حيله ووقف على رجوله إلي أبد ما كانت تدعمه... وتسحب بكل ألمه... وهناك أكثر منظر فجعه من يوم ما أشتغل بشرطة مكافحة المخدرات... جسد مرتمي عالأرض والدم يسيل منه... وتبين إنه بدر... أما جلند وسيف... وبالأخص جلند كان بكل هستيرية يستخدم قبضة يده ويضرب جسد عمر... كان يصارخ عليه وما يحس بيده إلي صابتها الكدمات والجروح... وإلي تخدرت من قوة الضرب... أما عمر فأحساسه بالواقع أنتهى... وأغمى عليه من الضرب على وجهه...
وصلت سيارة الإسعاف بوقتها... حاولوا يسعفوا وليد... بس وليد صرخ عليه...
وهو ينادي بخوف: بدر... اسعفوا بدر... بدر...
ولما كانوا ينقلوه لسيارة الإسعاف تبعهم وليد ودخلها بدون دعوة... هذا غير إنه بقى ساكن يمسك بيد بدر وهو يضمها لكفوفه... يهمس له ويطمنه ويطمن قلبه المجروح... وطول الطريق حاول المسعف يداويه... وكان رفض وليد كفيل يسكت المسعف... بس بالأخير وافق لأنه حس بالضعف والخدر وبالإغماء يين لحظة وثانية... أسعفه المسعف... ضمد جرحه ويد وليد أبد ما أنرفعت عن يد بدر... كان يشد عليه بكل قوة... بكل ثبات...
..*..
تنهد وليد... ومسح على وجهه وهو يحمد الله ويشكره... ودخل عليه الطبيب وأصر إنه يطلع وياخذه لغرفة يعالجه فيها... أصر عليه بقوة...
قاله الدكتور: الحمد لله تطمنت عليه.. .وهو بدنيا مو داري عن إلي جنبه... إذا ما إرتحت راح تصير حالتك أصعب منه...
وإذا ما قلنا سحبه بالحقيقة إلا إنه سحبه مجازياً... وأخذه للغرفة ومن شدت تعبه وإنهاكه أول ما حط راسع عالمخدة سلطان النوم كان له الكلمة الأخيرة...
.
.
.
تشنجت وهي تحس بالخوف... ووقفت تناظر المكان الغريب عليها... عرفت إنها بالمستشفى من ريحة المكان... جلست عالسرير تلم نفسها وتعقدها بيدها... حطت خدها على ركبتها والدموع تسيل وتسيل... بصورة تراجيديه تصورت لها كل حدث أول ما بدا جونو كضيف ثقيل يطرق الأبواب... لحد لحظة أمس... أو قبل ساعات بالأصح... وأكثر موقف حست بألمه سهام تنغرس بقلبها موت خالد... طفلها... وإلي إلحين صار لها واقع... حقيقة موته بانت لها وظهرت...
تذكرت الجنون إلي انتشل من راسها ذرة تعقل... عيشها بخيال خالد... ووجود خالد... بس... إنها ترتطم بأرض الواقع... كانت صدمة ثانية... وثالثة... بس هي أخف من إلي قبلها... الموت حق... وكلنا مصيرنا للواحد الأحد... الموت حق يالخنساء... وخالد برحمة الله...
تنهدت بألم ورفعت راسها وتذكرت مقطع كان مشوش... أمها سعاد... غريبة كيف جنونها لين الصخر واذابه... وفيصل ونورة وأخوانها... عمي خالد و سيف وهدى والجدة... التوائم... جلند ولجين... عمتي سلمى ونشوى... محمد وطلال... عمر الدخيل... بدر الموجوع ووليد... وليد الغايب... شخوص وجدها القدر وتلاعبت بحياتها بجوانب مختلفة... كل شخص كان له دور... نمى بالخنساء شعور الحب والعطف... الشفقة والخوف والقلق... الحيرة والألم والكره والحقد...
رجعت تمدد جسمها عالسرير وبكاها تحول لنحيب منقطع لمستقبل مجهول... نست أفكارها ونحيبها... وأستقبلت النوم بالأحضان...
.
.
.
صباح اليوم التالي...

كانت لجين جالسة على طرف سرير أمها تحاول تأكلها بس أمها من يومها دخلت المستشفى وهي لا تتكلم ولا تحرك عينها والسبب كل السبب إنها تدري بخروجها من المستشفى راح تواجه عاصفة من زوجها ومن أخوانها... لذا عيشت نفسها بسواد ماله نهاية من الخوف... وهذا أبسط عقاب لحركاتها...
لجين بكل حنية: ماما الله يخليك علشاني كلي هذي... الله يخليك كلي شيء...
ماردت عليها...
فرجعت لجين تهمس لها: ماما... إنتي اليوم إن شاء الله بتطلعي من المستشفى... راح نرجع للبيت أنا وأنتي بس... راح يكون البيت هادي يا ماما... بدون طلال... بدون نشوى... بدون أبوي...
وانتحبت وهي تمسح دموعها بطرف شيلتها... رفعت راسها وهو تشجع نفسها إن مال للدموع مكان هالحين... أهلها محتاجين لها وهي الوحيدة إلي قادرة تلمهم لها...
رجعت تبتسم بحب: ماما... كلي شوي علشاني...
رفضت سلمى تفتح فمها رفض قاطع... تنهدت لجين ومسحت دمعتها وغطت شعرها ولفت شيلتها عدل وقامت على حيلها رايحة لأختها نشوى... جلست تمسح على شعرها... وإلي كان وجهها مزرق ومحمر من الضرب... وباين شحوب شديد بوجهها لأنها دخلت بغيبوبة والسبب ضربة حادة على راسها... قالوا لها فترة بسيطة وبتفيق... بس الهروب للظلام أفضل من مواجهة عاصفة...
قالت لجين بألم وهمس: ليش؟! ليش يا نشوى سويتي بنفسك كذا؟! ليش جريتي ورا عنادك وتهورك ورغباتك ونسيتي الواحد الأحد إلي يمهل ولا يهمل؟! أنتي دمرتينا... دمرتي نفسك ودمرتينا... أبوي... وأمي... وطلال... وأنا...
رجعت تبكي على حضنها... وقفت عتابها إلي ما كان يجيب فايده... وقفت على حيلها وراحت للقسم إلي كان فيه أبوها... الجلطة مرت لكنهاشالت اعز إلي يملكه أبوها... وإلي الخنساء تعرفه زين... وتفهمه... لسان أبوها صار ثقيل وكله يهذي بكلمات مثل "حسبي الله عليهم" "الله أكبر عليهم"...
لجين تحاول تمسد يده بحنان: أرجوك... أرجوك يا أبوي أنسى وسامح...
لكن محمد رفض يسمع لها وطردها...
لوى لسانه بصرخة: برا... برا... لا... بارك... الله... فيكم... لا... بارك... الله فيكم... الله أكبر... عليكم...
لجين تراجعت وراها بخوف... وركضت ترتجف للباب... طلعت وجلست عالأرض وأستندت عالجدار وهي تسد أذنها... بكت بكل قواها وهي تتصل على عماتها تطلب منهم يوقفون مع أبوها... لأنه رافض حتى يشوفها...
وبعد ما هدت رجعت لأمها... رتبت أغراضهم وراحت تاخذ أوراق الخروج... وعلى طول بدون حتى لا تتصل بعمها سيف أخذت تكسي وهو تجر أمها معها... ولما وصلت البيت فتحت الباب برجفة... ودخلت البيت إلي كان موحش رغم إنهم بوقت الظهر... راحت لوحدة من غرف الضيوف رتبتها وخدمت أمها لساعة لحد ما فضت لنفسها... راحت للمطبخ وعملت لهم غدا بسيط... ورجعت لأمها لياكلوا... رغم إنها دارية إن ولا وحدة منهن بتاكل...
.
.
مسك خالد وليد على جنب وهو يشوف أخوة بدر وإلي جوا من نزوى "بمنطقة الداخلية" علشان يشوفوا اخوهم...
همس خالد: وليد... أنت شو تسوي هنا لحد هالوقت؟!
عبس وليد وهو يمشي للكراسي ويجلس عليها... لأن وجع جرحه ما زال يألمه... جلس بكل بطء...
وقال: الله يخليك يبه أنا بخير...
خالد مسك يده بحنيه: وليد... يا ولدي... كفاية إلي صار لحد إلحين... جرحك يألمك وأنا أدري... أدري من عبوس وجهك ونظرة عيونك... كفاية خالد الصغير راح فلحظة... ما أبيك... ما أبيك أنت تروح من بين يدي يا وليد... كفاية لحد إلحين إلي جانا...
مسك وليد يد أبوه لما حس بتقطع صوته... وقرب راسه لكتف أبوه يزيح شيء من آلامة...
قال بوجع: يبه... بدر له حق علي... أكون جنبه... أشد من أزره... وأنا الحمد لله بخير... بخير ما دامني عايش... بخير وأنت بخير و...
قاطعه خالد: الخنساء...
رفع وليد راسه وناظر ابوه... همس بألم: كـ... كيفها إلحين؟!
خالد قال بعتاب: وحتى ما سألت عنها يا وليد... ما سألت عنها... تبي تعيد مأساتها لما فاقت من مصيبة موت ولدها وهي وحيدة...؟!
همس وليد: أرجوك يبه... مو قادر أرتب أفكاري... مو داري عن مكاني... خلي هدى وجدتي يهتموا فيها...
حاول خالد يقاطعه... بس وليد همس: الله يخليك يبه... ما هو هرب.. بس... مجرد... مجرد...
ما درى شو يعبر عنه ووقف معطي أبوه ظهره وهو يخفي رعشة شفايفه...
رجع يلف له وهو يتحكم بصوته: إن شاء الله أكون عندها بكره...
خالد همس: يا ولدي مكتوب لها خروج هاليوم...
وقاطعهم واحد من أخوه بدر وهو يقول بصراخ حاد: وليد... وليد... بدر فاق ويسأل عنك...
وبكل لهفة راح يخطوا خطواته للغرفة... ناداه خالد: وليد..؟!
قال وليد بربكه قبل لا يدخل الغرفة: ودها البيت يبه وخلي جدتي تهتم فيها... وأنا... أنا... بكرة ما صاير إلا الخير...
ودخل وليد لبدر وبكل لهفة مسك يده وهمس: بدر...
بدر أبتسم رغم ألامه: أنا... بخير... وليد... بخير...
ورجع يهمس: عمر...!!!
وليد طمنه: ورا حديد السجن... وصدقني بيشيخ بالسجن وأنا إلي بركض ورا قضيته...
همس بدر بضعف: الحمد... لله... إنتهينا...
رد وليد عليه بحنيه: الحمد... لله على سلامتك بدر...
ابتسم بدر وبعدها عبس وهو يقول: جرحك...؟!
وليد هز راسه: انسه... أنا بخير... وشد حيلك... و وقف على رجلك... علشان أزوجك...
ضحكوا أخوة بدر وهم يحسوا بالتوتر بدا ينزاح من الجو...
ضحك بدر بخفوت وبعدها سعل وهو يقول: ناقصني أنا...
وليد شد على يده وقال يشجعه: ما في أحلى من الإستقرار...
بدر ابتسم بحزن: وليد... يمكن... ما يحق... لي... بس... زوجتك؟!
وليد جاوبه بتوتر وابتسامه مضطربة: بخير... بخير والحمد لله...
.
.
وقفت سعاد عند باب الغرفة الخاصة... وبدون ما تحس مسكت يد فيصل بتردد...
همست بقلق: يمكن ما تبيني؟!
فيصل ابتسم للتغير إلى جرى لزوجته... وخاصة إن صار للمشاعر والأحاسيس مكان بقلبها... صارت حنونة وحساسة بشكل غريب...
طمنها فيصل: توكلي على الله... وادخلي لها... بنتظرك هنا...
ولما جات بتدخل كان خالد وقتها مخلص أوراق خروجها... ووقف يتكلم مع فيصل... أما سعاد فدخلت للغرفة وناظرت للخنساء وهي تلبس عبايتها وتلف شيلتها على وجه حسس سعاد بالذنب... بنتها أبد ما حست بحياة مريحة مثل الناس والسبب إنها كانت معاقة وعاجزة اللسان من صغرها...
جمدت حركت الخنساء وعيونها تصطدم بعيون سعاد... لحظات مرت... لحظاااااات العيون كانت تحكي وتفك هالحكي... وبالنهاية الخنساء هي إلي شاحت بوجهها ورجعت بخطوات بطيئة تلم أغراضها... وما حست إلا بيد سعاد تمسك يدها... رفعت الخنساء عيونها...
سعاد همست: الخنساء...
ما تكلمت الخنساء ورجعت بدون إحساس تكمل حركة يدها إلي بدت ترجف... سعاد وترها رفض الخنساء لها... وإلي ما قالته إلا بينت أفعالها... وعيونها إلي... إلي أحرقتها بالصميم... وبدون ما تحس مسكتها بكل قواها ولمتها لها... حضتها وهي تبكي...
تبكي وتردد كلمة وحدة بس: سامحيني... سامحيني... سامحيني... سامحيني يا بنتي... سامحيني...
ودخلوا خالد وفيصل على هالمنظر... تجمدوا وهم يناظروا ردة فعل الخنساء إلي سحبت نفسها من سعاد بكل عنف...
ابتسمت الخنساء بوجع وهي تلوي شفايفها: مسـ..مو...حة... ماما... مسـ..مـوحة...
تسمرت سعاد وهي تدري إن الخنساء قالتها بدون إحساس... مو مقصودة أبد... ورجعت تمسك شنطتها... وهذا بعد ما لفت شيلتها على وجهها...
همست لخالد: عمي... خذني... خذني... لأي... مكان... خذني... بعيد عن هذي...
وأشرت لأمها... ورجعت تكمل والكل مصدوم: خذني بعيييد... خلاص... ما أبي... أحد...
مسكها خالد من كتفها ولمها بحنية... وبدون كلمة طلعوا وهم تاركين سعاد تبكي بصدر زوجها وهي تهمس إنها السبب والسبب...
طمنها فيصل: هي مصدومة... مصدومة يا سعاد... مصدومة من كل إلي مر لها... لا تلوميها إذا كانت هذي ردت فعلها...
تعلقت بكلمته وهي تهمس: يعني..؟!
طمنها يبتسم وهو يمشيها للباب: إنتي أمها مهما دارت بها الدنيا... أدري مو سهل عليها تتقبل فأعطيها الوقت إلي بتهدا فيه... وأرجعي لها مرة ومرتين وثلاث حتى مليون... أدري بأعماقها ما شايله عليك بس المواقف والأحداث أجبرتها على الخوف...
سعاد سكتت ما تكلمت ورجع فيصل يقول بصرامة: وأتمنى تفهمي من هالتجربة و..
قاطعته سعاد وعيونها تلمع: صدقني... صدقني... والله إني ندمانة... قد شعر راسي ندمانة... ندمانة...
ابتسم يطمنها أكثر وأكثر... ويشجعها وهم يرجعوا للبيت وبقلب سعاد الحزن الكبير إلي كان يأرق حياتها ونومها... ولولا فيصل لكانت فخبر كان... حنية فيصل... تشجيعه علمها شو كثر هي محظوظة ... ومستحيل تكرر غلطتها مع بنتها لما... والخنساء... راح تركض لها كل مرة حتى ترضى عنها...

* * * * *

((يتبع))

 
 

 

عرض البوم صور primrose  
قديم 24-07-09, 07:29 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66931
المشاركات: 735
الجنس أنثى
معدل التقييم: primrose عضو له عدد لاباس به من النقاطprimrose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 123

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
primrose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : primrose المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

بكت بكتف عمها تبث همومها وقال: هو... نسى... نسى الخنساء... نسى...
كان يدري منو قصدها... فقال: لا يا بنتي... هو...
مسكت الخنساء يد عمها وهي تقول مقاطعته: خلاص... عمي... ما أبي... خذني... بيت بابا...
حاول يتكلم بس الخنساء هزت راسها: عمي... أرجوك... ما أبي بيت... وليد...
ما تكلم خالد... يحق لها تبعد... وخاصة إنه يحط اللوم على وليد إلي هو إلحين أبد ما حس بحاجة الخنساء له...
قال بحنية: يا ببنتي خلني أتصل على أمي مريم تجي معك...
هزت الخنساء راسها... وبعد مشاورات وافقت الجدة تروح مع الخنساء وشغالتين لبيت أحمد... وهناك تركهم خالد... وراح لبيت سيف يتطمن على لجين... ويمكن يروحوا من هناك يزوروا سلمى ومحمد... وحتى رغم الأحداث إلي صارت تبقى أخته... وهم أهله...
ولما قاله سيف إن لجين رجعت لبيت أبوها هي وأمها... حس بالحزن عليها... قرر يروح لهم يشوفهم هم محتاجين حاجة... بس تذكر طلال... وغير وجهته وطلع للمركز...
.
.
خيم الليل وهي جالسة على البلكونة تناظر النجوم بخوف... كان المكان موحش... اليوم راحت لأختها واستوعب... وقامت من غيبوبتها... بس حالتها النفسية زفته... مثلها مثل أمها... لفت طالعة رايحة لأمها... ناظرتها متمددة عالسرير تناظر للسقف... وباين من عيونها الفارغة إنها تفكر بسوداوية... نشوى بعد كم يوم بتطلع من المستشفى ومصيرها مثل أمها... أما طلال فما تدري عنه... كم مرة حاولت تتصل بس ما كانت محظوظة... وأبوها!!... عماتها قالوا إنهم راح ياخذون أبوها لعندهم... لحد ما يتشافى... ابتسمت بألم... ما بقت إلا هي... وين مصير؟! وكيف مصيرها مع جلند؟! ما تدري...
رجعت للمطبخ تعمل لها شيء ياكلوه رغم إنها ما تاكل إلا حتى تكون بوعيها... وتحاول تتملق أمها تاكل... وكانت تشيل صحن بالشوربة لما سمعت صوت الباب الرئيسي حق الصالة ينفتح ويطل منه شخص... هو بآخر أحلامها كان سراب... كان الصحن بيطيح بس هو مسكه...
همست بصرخة متألمه لما شافته حقيقة وهو يحط الصحن على جنب... ورمت نفسها له...
ضحكت وهي تبكي: آآآآآآآآآآآآآه طلااااااااااال... طلاااااال!!!... متى طلعت؟! من طلعك من الحبس؟!
شد عليها طلال... آآآه اشتاق لها ولضحكاتها وعصبيتها... اشتاق لأخته إلي كانت أقرب إنسانه له من أهله...
طمنها: خالي خالد هو إلي طلعني... وهذا هو...
لفت تشوف خالد واقف على جنب يتأملهم بحب حزين... ركضت لخالها وضمته بقوة وهي تبكي: خالي... خالي... آآآآآه...
مسح خالد على راسها: الحمد لله على سلامة طلال يا لجين... يلاااا شدي حيلك أهلك محتاجين لك...
لجين مسحت دموعها وراحت مسكت بأخوها وهي مو مصدقة إنه طلع... ضحك طلال بخفوت...
وهمس لها: صدقيني لجين... أنا ما طلعت إلا وكلي ندم...
ردت لجين بخوف: أمي ونشوى...
ابتسم طلال بتردد: رغم كل شيء هم أهلي... شرفي... أمي... أختي...
ضمت يده بيدها الثنتين وهمست: الحمد لله... الحمد لله... طلال... تعال... أمي... داخل...
تقدم خالد وقال: أنتظروا هنا بدخل لها أنا بالأول...
ونفذوا كلامه وهم مضطربين... وجلست لجين تاخذ أخباره وهي مرة تمسح دموعها ومرة تبتسم... ومرة تضحك بوجع...
وبعد ما مرت أقل من نص ساعة طلع خالد... وقفوا الأخوين بتوتر ما يدروا شو كان رد فعل خالهم مع أمهم...
لما شاف خالد نظرة التوتر بعيونهم طمنهم: تكلمت معها... الظاهر الصمت هو الجواب الوحيد عندها... بس صدقوني بترجع مثل ما كانت وانتوا جنبها... نسوها أحزانها... وأهتموا فيها... لا تترددوا تتصلوا فيني وخبروني بكل شيء... بروح إلحين البيت التعب هدني... وسيف إن شاء الله بكرة على وصول لأمكم...
وكان بيطلع لما سمع أصواتهم تناديه...
همست لجين: خالي... أرجوك سامحهم...
وردد طلال وهو خجلان يحط عينه بعين خاله: خالي...سامح أمي... نشوى... أستسمح من وليد... والخنساء... لو إننا ندري إنهم ما يطيقوا لنا وجه أو أسم...
ابتسم خالد بوجع وقال: المسامح كريم يا ولدي... المسامح كريم...
وطلع تارك طلال ولجين بحيرة... ما يدروا متى راح يرجعوا لدائرة أهلهم... ورجعوا يمشوا لغرفة أمهم... طلال قوى قلبه... وحاول قدر ما يقدر يزيح نظرة الخوف من عيون أمه... هي أمه رغم كل شيء... حاول بكل حنية يفهما إنه يبيها تصحى وتستعيد قوتها... لكن... مثل ما قالوا... لا حياة لمن تنادي... سلمى محتاجة للوقت إلي ترجع فيها تثق إن أهلها وأولادها ما زالوا محتاجين لها مثل ما هي محتاجة لهم...
.
.
.
واليوم إلي بعده مر على وليد وهو بالمستشفى مع بدر... أحساسه خانه ما وده يروح ويواجه الخنساء... لأنه يحس إنه أبد مو مستعد... بس اشتاق لها... اشتاق لها كثير...
بدر قال مبتسم: يا حظه إلي تفكر فيه...
وليد ضحك وقال: عيييل يا حظك... كنت أفكر فيك...
بدر ضحك ورد: أكذب وقص علي بكلمتين... أدريبك آخر واحد تفكر فيني...
ناظر وليد بعبوس... وقهقه بدر وقال بعد ما سكت: وليد... الحمد لله على كل حال... الحمد لله والشكر له... شكلي بروح البلد وبتزوج...
وليد ابتسم: إيوه تسوي خير... وتفكني من جلستي معك بهالمستشفى...
بدر سكت لحظة ورد يقول بتنهيدة: وليد..!!!
مارد وليد يدري بدر شو يبي...
ورجع بدر يقول: وليد... أنت رحت تشوف زوجتك؟!
وليد هز راسه بدون كلمة...
بدر فجأة بدا يتمسخر عليه: غبي.. جاهل... أحد يجلس بهالمستشفى إلي تمرض بالصاحي... وتقتل المريض... ويترك زوجته وأهله مرميين...
وليد رفع راسه بعبوس ورجع بدر يقاطعه: لا تحاول... يلاااا أشوف قم... قم وروح لزوجتك... أنساني... وأنسى إلي صار... وروح للي محتاجة لك...
وليد ما تحرك... فحاول بدر يتحرك وتألم لما حاول يقوم... رفع وليد وجهه...
عبس وهو يقول: شو تبي؟! ليش...
قاطعه بدر وهو يحاول يوصل للجهاز حتى ينادي الممرضة أو الممرض....
وليد قال: محتاج حاجة بدر..؟!
بدر قال بحدة: أبي الممرض يجي حتى أقوله ينادي السكيوريتي يجون يطردوك من غرفتي...
فتح وليد عيونه مدهوش... ومن الأحاسيس إلي أنرسمت بوجه وليد ضحك بدر بقوة حتى إنه شهق لما حس بالألم... وليد مسك يده بخوف...
همس: بدر... بدر...
رجع بدر يضحك عليه: شوي شوي على نفسك يا وليد... هههههه... آآي... أقول... رح.. رح لبيتك وأهلك...
ولما حاول وليد يتكلم... قاطعه بدر بصورة قاطعه وآمرة: وليد... للمرة الأخيرة أقولك رح لأهلك وإلا تو بطردك صح... ما أمزح ترا...
وليد فكر شوي... وقلب الأفكار لحظة وثانية...
حتى قال بدر: ها... شو طلع؟!
وليد تراجع للباب: قررت أروح... بس صدق أنت مو كفؤ تبي تطردني بعد ما كنت بتجلطني وانا أشوفك مرمي عالأرض مثل الميت...
أشر له بدر يطلع بيده وهو يضحك: رح يا ولدي... وتعال بكرة نتفاهم...
وطلع وليد... رايح لبيته... ولأهله... ولزوجته وإلي من كثر شوقه لها ابتسم بحزن وأدمعت عينه...
.
.
.
كان طلال جالس مع أمه يتكلم معها مرة ويسكت ألف مرة... بالوقت إلي رن جرس الباب... طلع من عند أمه وراح يفتح الباب... شاف لجين جايته...
قالت بتعب: طلال الله يخليك إذا وحدة من الجارات الفضوليات قولها مو موجودين... تعبت وأنا أشوف الفضول يقتلهم...
هز راسه طلال بسخرية مكبوته... ورجعت لجين للمطبخ...
فتح طلال الباب وهو منشغل يدخل موبايله بجيبه... ولما رفع راسه وقف جامد لما شاف الشخص الواقف قدامه... ألتهبت عيون طلال وتوقدت بالنيران... أما جلند فعيونه كانت فيها نظرة حدة وصرامة...
قال جلند وهو يبعد أنظاره عن طلال: وينها لجين؟
طلال ما تحرك من مكانه ولا أعطاه مجال إنه يدخل...
رجع جلند يناظره وقال: لو سمحت... أبي أتكلم مع لجين؟!
طلال ناظره لحظتين وبعدها قال وهو يمسك بالباب: ما أظن في كلام تبي تقوله لها بعد ما شفنا ردك... أختي مو حمل كلام حاد وموقف أحد منه... لذا لو سمحت أنت... أرسل لها ورقة طلاقها بدون لا ترمي عليها الطلاق بكل برود...
ناظره جلند بحدة وهو يحاول يدفع بالباب إلي طلال كان بيسكره: إلا أبي أتكلم معها...
ودفع بالباب بقوة ودخل يقول: وينها؟!
طلال أرتجفت يده بصورة كبيرة وكان بيضربه لولا جلند قال: يحق لي أتكلم معها... هي زوجتي رغم كل شيء...
تراجع طلال وهمس بقهر: يكفيها إلي جاها بسببك... جاي تزيد عليها...
جلند أختفت فيه كل نظرة حدة وهمس بغموض: ما جيت إلا أحاول أطلع بحل... حل يرضي كل الأطراف...
سخر منه طلال: شوف حالتك بالأول... وبعدين حاول ترضي غيرك...
همس جلند من وراه: وهذا إلي ناوي عليه...
ومشى طلال قدامه بدون كلمه داخل البيت... تبعه جلند وقلبه يدق طبووول... مو خوف إلا ترقب للموقف إلي بيجمعه مع إلانسانة إلي حبها بكل ما يقدر وحاول ينساها مرات ومرات... بس وجد إنه مستحيل يبعد عنها...
همس طلال وهو يقول بحدة: تفضل...
دخل جلند الصالة...
قال جلند: ودي أتكلم معها... لوحدنا...
وشدد عالكلمة...
ناظره طلال بعصبية: تبي تكلمها بتكلمها بوجودي... بس أخلها لوحدها معك... بتاكلها وأنت حي...
ضحك جلند بعصبية وسخرية وشدد: أبي أكلمها لوحدي يا طلال... هي زوجتي إذا ما نسيت...
وبهالوقت طلعت لجين جايه من المطبخ... وكانت لابسه بنطلون جينز وقميص بكم قصير لونه أسود... ولامه بعض خصلات شعرها لورا بإهمال... وأول ما حست إن فيه شخص مع أخوها رفعت شيلتها من كتفها حتى تلبسها وتراجعت لوراها... ما كانت تدري إن جلند هو الشخص إلي كان مع أخوها... لأنها ما ناظرت إلا جانبه وأختفت بسرعة... راجعه للمطبخ...
حس جلند بالوجع لما شاف وجهها الحزين... لمح سمة الألم بوجهها الحزين... ولف لطلال...
همس له وهو يناظر للمطبخ إلي راحت له لجين: ليش... وجهها كذا... حزين...!!
ابتسم طلال بحزن: شو بتتوقع تكون؟! مرت أيام عليها كانت مثل الدهور... وحيدة مالها سند وهي تركض بالمستشفى...
غمض جلند عيونه بقوة وهمس يمشي: أرجوك طلال... محتاج أتكلم معها لوحدي...
طلال ما أعترض... سند الباب بظهره... ومشى لغرفة أمه وقال: بكون قريب... ويلك إذا حاولت تضايقها ولو بكلمة...
.
.

 
 

 

عرض البوم صور primrose  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حصري أحرف مطمورة بين طيات الورق, primrosse, قصص من وحي الاعضاء
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:44 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية