كاتب الموضوع :
الشجرة الطيبة
المنتدى :
روايات غادة
الفصل الخامس
حجرته، وسيكون بحجرة جوردي قبل أن يخرج الطفل نفساً آخر لصيحة ثانية. جوان سوف يقوم بتوصيلي عند أختي موفراً عليها أن تقوم هي بالرحلة . تذكري، يمكنك استدعائي بأي وقت بالتلفون فأكون رهن إشارتك."
حملت راشيل الحقيبة لحنا . وبعد ذلك بنصف ساعة رحلت العاملة، وتركت المنزل يبدو شبه خاو. تستطيع أن تتدبر أمرها جيداً....... طالما لا تصيبها نوبة من نوبات الحزن. كما أنها لن ترعب نفسها بتصور أسبوع كامل علي هذا الوضع. واختلف الأمر في الساعة التالية مباشرة. هذه هي الطريقة التي اعتادتها دائما عندما تسوء الأوضاع في عملها كمساعدة طبية. تصادف وجود إنجيلا مع استيقاظ جوردي . كانت الفتاة علي دراية تامة بالبرنامج المعد. فانهمكت مع المكنسة، وانشغلت تماما. كان جوردي يحتاج إلي تغيير ملابسه. حملته راشيل إلي حجرته، فقد قررت أن تغسل له وجهه وتغير له الملابس أيضا.
لم يشكل الجزء الأول أية مشكلة. ابتسم الطفل عندما بدأت تستعمل ذلك القماش الذي غمسته في الماء الدافئ . كان وضع الحفاظ له شيئاً مختلفاً تماماً. فالأطفال الذين صادف أن اعتنت بهم في عملها، نادراً ما كانوا يستعملون الحفاضات، غالبيتهم كانوا يلفون بقماش أبيض يربط بدبوس خاص من الأمام. انهمكت راشيل ولسانها بين أسنانها واستطاعت أن تلفه به. وظنت أنها قد لفته بعناية، حتى أوقفته فانفك اللاصق المربوط به . لحسن الحظ أن اللاصق يمكن استعماله لعدة مرات. وحاولت راشيل مرة ثانية. كم يكون هذا الرباط شديداً علي طفل؟
منتديات ليلاس
غمرتها السعادة بإنجازها هذه الخطوة، ثم أكملت إلباسه بقية ملابسه ثم حملته إلي حجرة المعيشة، الأمر كله ينحصر في البقاء في سكون، والاعتياد علي القيام بأعمال مختلفة عما اعتادته، كانت تخبر نفسها بذلك.
أخرجت إحدى زجاجات الرضاعة ووضعتها في جهاز التدفئة. أمسك جوردي برقبتها. كان هذا الإحساس بالسعادة الذي غمرها، كان تقريباً طلقة ألم أصابت راشيل، وابتسمت بحنان:
-" إنك حبيب قلبي . إني أهيم بك حباً."
-" جارية أخري؟"
خفق قلب راشيل ثم بقيت ساكنة تماماً. ووقف لوك بباب الحجرة يرقبها. وتوقف الزمن لدقيقة، شعرت بانفصالها عن الوجود كله، لقد كانوا يعيدون نفس المشهد العائلي، من زمان آخر، وحياة أخري.
-" هل أنت بحاجة إلي أية مساعدة؟"
كان قريباً منها لدرجة أنها لم تستطع أن تفكر، لم تستطع أن تتنفس. الدفء الذي انبعث منه يدعو إلي اللمس. الشعر البادي من فتحة قميصه كان يزعجها ويربكها.
-" لا أنا بخير."
وأشاحت راشيل بوجهها للجهة الأخرى ، لتتناول زجاجة الرضاعة. اقترب جوردي كعادته من الزجاجة. وعادت الابتسامة تعلو وجه راشيل عندما تواصل هز كرسيها الهزاز ، محتضنة الطفل بين ذراعيها....
كان جوردي كمن اعتقد أن وقت التغذية قد أصبح وقتا للألعاب الرياضية. عندما تركز تفكيرها في الطفل يتلاشي كل ما يدور حولها.
توجه لوك إلي دولاب المطبخ ، أخذ فنجانين، ووضع الإناء في السخان. –" هل ترغبين في بعض الشاي؟"
أسبوع واحد هنا واختفي تل البن الذي كان موجوداً.
-" نعم من فضلك. كيف حال العمل؟"
انحدرت عينا لوك إلي شعر الطفل الأسود الفاحم وقد تسلل إلي صدرها.
-" بخير. سأنتهي منه في كمنصف الليل تقريباً. غداً يمكنني أن أعينك في رعاية جوردي."
وصب الماء المغلي فوق أكياس الشاي. ولأول مرة تلاحظ راشيل تلك الخطوط التي تحيط عينيه.
-" لا تقلق علينا. نحن بخير معا."
-" إني أرى ذلك بوضوح."
كانت عينا جوردي مثبتتين علي راشيل وهو يشرب رضعته. ونظرت راشيل إليه فشعرت أن الرقة الفياضة تلك تضيء كيانها كله. أخذ لوك يرشف الشاي مستمتعاً بالمشاهدة. كان المشهد كفيلاً بجعل الرجل القوي يجثو علي ركبتيه احتراماً لما يري.
أخذ يقاوم الرغبة في أن يضمهما سوياً ويحتضنهما قريباً من قلبه. لقد حدث الأمر سريعاً. راشيل تحاول إعادة اكتشاف كل شيء. عن نفسها . عن الحياة. حركة واحدة خاطئة من جهته فيسقط كل شيء، ولا تجد الشجاعة ثانية لتعود لذلك. عليه بالصبر. هذه أول مرة يحدث له ما يحدث، هذا الانتظار من أجل امرأة، لكنه كان يريد أكثر من المألوف مع راشيل.
-" يمكنك ترك فنجاني علي الطاولة، إذا سمحت."
أعاده صوتها إلي الوقت الحاضر فانصرف آخذا معه فنجانه، وعاد إلي حجرة عمله.
أخذت راشيل تلاعب جوردي علي أرضية حجرة المعيشة، لعبة التقاط الأشياء والدمى. بعد فترة وضعته في الكرسي ذي العدادات والخرزات البلاستيكية، مذكرة نفسها أنه قد يتدحرج أثناء وقوفه علي الأرض، فيصاب بأذى. بالأمس، أخبرتها حنا أنه كان يقف خلف الكنبة في حجرة المعيشة، وقد أصابها ذلك بشبه سكتة قلبية، عندما بحثت عنه ولم تجده أمامها. لحسن الحظ أن أجابها بكاءه
|