كاتب الموضوع :
الشجرة الطيبة
المنتدى :
روايات غادة
الإيمان... الأمل, والحب
فأوفر لك شيئا من الوقت ."
أخذ لوك يفكر في كومة الورق التي تنتظره ، وفي الرسالة العاجلة التي تلقاها علي الكمبيوتر الخاص به تخبره بضرورة الاتصال السريع بالمكتب الرئيسي، و.... تلك العيون الرمادية التي تعاني الألم.
-" ليس لدي ما يشغلني اليوم . لن تغادري حتى يراك دكتور كنتون. والآن هيا تناولي طعامك ."
ووضع شيئاً من الكورن فليكس في أحد الأطباق ، وقربه أمامها. وتناولت راشيل ملعقتها . كان الطبق مملوءا بالزبيب والمكسرات اللاتي تختفي هنا وهناك. عندما وضعت الملعقة بالطبق أحدثت دوياً عالياً. كان لوك يهمس بشيء إلي حنا واتجهت عينا راشيل إلي جوردي . كان مشغولاً بتلك الخرزات التي تنزلق علي حامل لتعليم الحساب والعد. ثم أحدث دوياً عالياً عندما صرخ منتصراً. فقد أفلح في الإمساك بأحدي الخرزات البلاستيكية، وأعقب تلك الصرخة الكثير من الثرثرة. ورق قلب راشيل أنه لعزيز ، عزيز إلي قلبها حقاً.
-" لم يكن سيئاً للغاية، أليس كذلك ؟"
منتديات ليلاس
كان صوت لوك يشبه صوته عندما كان بالمحكمة . ونظرت إلي طبقها . كان فارغاً تماماً .وأخذ لوك يعمل في تقطيع الكيك في هدوء. لقد رأى تلك النظرة التي تلقيها علي جوردي. كان العطف بادياً. لماذا تخفي راشيل شعورها نحو الطفل؟ لن يسمح لها بالرحيل قبل أن يعرف ما تخفيه في طيات نفسها.
-" حنا ، هلا اصطحبت راشيل في جولة لكي تري المكان من الخارج، لدي مكالمة هاتفية أقوم بها قبل أن نذهب إلي سانت بار برا. سوف آتي بمعطف لها كي ترتديه."
وعاد بعد دقيقة بمعطف أزرق.
-" أنجيلا دائما تحتفظ بمعطف إضافي هنا، هذا سيناسبك أكثر من معاطفي."
وتجاهل يدها الممتدة لتأخذ المعطف منه. وأخذ يلبسها إياه ثم دار حولها واخذ يربط أزراره بنفسه ، ودب الدفء في أوصال راشيل ، باديا علي محياها.
-" استطيع أن أقوم بذلك."
إذا بقيت مدة أطول هنا فسوف تصبح أكثر المخلوقات في قلة الحيلة – كما يظن هو عنها.
-" أعلم ."
وعادت إليه تلك النظرات القوية المهيمنة. أخذت راشيل تفكر كيف كان حكمها عليه خاطئاً . ووصل إلي الزر الأخير فأحكم إغلاقه. أخذ ينظر إليها ، ثم أزاح خصلة من الشعر كانت تسقط علي وجهها،كان كمن لاستطيع أن يسيطر علي نفسه.
شرفة فسيحة وثلاث درجات من السلالم، كانت تفصل ما بين الدار وتلك المساحة الواسعة من الخضرة التي تحيط بالمكان. والتلال الخضراء تطل من الأفق، من جميع الجهات. استطاعت راشيل أن تلمح عليها هنا وهناك قطعاناً من الماشية ترعى.
-" مؤكد أن كريس أخبرتك أننا كنا نعيش منعزلين في سانتاإيز تلك المرتفعات التي تقع خلف هذا التل..." – وأشارت حنا إلي منطقة غابات تظهر علي الجانب الآخر من الدار- "... هي القرية. بجوارها تقع أطراف المزرعة وبعض المزارع الخاصة الصغيرة . وبالجانب الآخر ، يوجد ما نطلق عليه هنا مساكن المساعدين، منتشرة هنا وهناك حول المزرعة . هذا القريب إلينا هو منزل مدير المزرعة جوان رودريجز، المدير ، وهو أخو زوجي . أما تريزا التي رأيتها بالأمس ، فهي زوجته وإنجيلا هي أبنتهم وميري ، التي تساعد معنا بالدار، فهي ابنة عمي . أنا تزوجت أخا جوان الأكبر كارلوس، عندما كان عمري ثمانية عشر عاماً. ولقد توفي كارلوس من خمسة أعوام عندما سقط من علي حصان كان يركبه. ومنذ ذلك الحين عشت في أحدي تلك المزارع الصغيرة، شبه متقاعدة، حتى حادثة يوليو "تموز" الماضي."
منتديات ليلاس
لم تكن راشيل بحاجة لمن يخبرها أن حنا قد تركت تقاعدها متطوعة. فهي لم تكن بالتي تتخاذل في تحمل مسؤولية رعاية ابن روب أكثر من أي شخص آخر.
-" وهل لك زمن طويل هنا بهذه البلاد؟"
-" نعم. لقد أتيت من الدنمارك عندما كانت سني خمسة عشر عاماً، كي أعيش مع أختي المتزوجة في صولفنج. بعد ذلك بعامين رأيت إعلاناً عن وظيفة شاغرة لطاهية في دياموند بار، كان ذلك بالصحيفة الأهلية، وتقدمت للوظيفة ، لم أكن أعرف شيئاً البتة عن طرق الطبخ الأمريكية، ولكني تعلمت . وسرعان ما التقيت بكارلوس. لم ينغص علينا معاً طوال الأعوام الاثنين والخمسين التي تزوجنا فيها سوى أننا لم نرزق بأولاد، وكان روب ولوك وكأنهما وجدا ليخففا عني هذه المشكلة."
وبدأت الدموع تبلل عيني حنا بعد أن وصل بها الحديث إلي هذا الحد، ثم أكملت حديثها:
-" أما والد لوك فهو يعيش حالياً في أريزونا، ولقد زار ابنه أربع مرات منذ وقوع الحادث ، وعرض عليه أن ينتقل ليعيش هنا إن كان انتقاله سيساعد ابنه، لكن لوك لم يدعه يفعل شيئاً من ذلك. كان حزنه يزيد كلما جاء إلي هنا حيث ذكريات ابنه الراحل. لقد أقنعه لوك أن كل شيء يسير هنا علي خير حال . وقام بإلحاق إنجيلا وماري للمساعدة في أعمال الدار، وهكذا أصبح كل وقتي مكرساً من أجل جوردي. مع إني ما زلت أحن دائما للقيام بأعمال الطبخ."
منتديات ليلاس
وسرحت راشيل بناظريها مع التلال وتلك الهالات من الشبورة المائية التي تغطي المكان بغلالتها. ما أعجب هذا القانون الذي جعل من الرجل أبا رائعاً هكذا، والأب الآخر كان يمثل فشلاً ذريعاً؟ أخذت تتأمل الطريقة التي كان لوك يحمل الطفل بها ، يحتضنه ، يلبي له حاجاته ومتطلباته. لا مراء في ذلك، أحضانه وقبلاته كانت كلها تصريحاً عن إحساسه الحقيقي تجاه ابن أخيه. هناك شيء مؤكد لا شك فيه _ إن جوردي لن يفتقر إلي الحب أبداً هنا. أما حقيقة أنها لا تستطيع أن تري ابن كريس مرة أخري ، فهذا لا يهم.
-" هل أنت جاهزة؟"
واقتحمت عينا لوك وجه راشيل، التي أخذت تخفي الاحمرار البادي عليه الدموع، لقد أتي بهدوء، فلم تحس بوجوده غلي جانبها. إنها جاهزة الآن أكثر من أي وقت مضي. كان لوك يحمل حقيبة يدها والحقيبة الأخرى الخفيفة التي كانت معها . كانت قد نسيت كل شيء عن هذه الحقائب. ما الذي تعلمته من قبل بخصوص الحقائب والوزن الزائد، عندما كانت تستعمل القطارات في الهند؟ حقائب أقل راحة أكثر. إن السفر في حد ذاته لمتعة بالتأكيد، إنها مؤهلة تماما أن تكون شيئاً ما كالفأل الحسن! لا وزن زائد. لا حمولة أضافية. مادية أو معنوية-" أنا بحاجة إلي...."
هذا هو العذر الوحيد لديها كي تدخل إلي الدار مرة أخري .
وغمغم لوك:
|