كاتب الموضوع :
الشجرة الطيبة
المنتدى :
روايات غادة
كان عليها أن تعترف بالصورة التي صورتها عليها محامية لوك سومرز :
امرأة غبية مملوءة بالأنانية . إنها لم تكن جاهلة تماما بحاجات الأطفال . فعملها في تطبيب الأطفال قد أعطاها فرصة واسعة لمعرفة كيفية التعامل معهم .
فلقد ترك من قبل طفل معها كان مريضا وكان يجب أن يبقي بصحبتها لبضعة أيام ،وكانت راشيل تلعب دور الأم حينذاك. ثم أنها ليست أبدا بالصورة المعدمة التي صورت عليها. فلقد ترك لها أبوها بغض المال ، كان سيكفي بأي حال لإيجاد لها مأوى لها وللطفل ، ولكي يعيشا. لكنها لم تكن لتفقد جوردي هباء.
لقد اختارت له ما هو أفضل علي أي حال. ولكن متى كان التفكير في الأمور بواقعية منقذة للمرء من الإحساس بالقهر وخيبة الأمل ؟ لقد ترك مشهد المحكمة في حلقها طعما مرا كالعلقم، وشعورا هائلا بالظلم، وكلما أسرعت بالعودة لعملها كان ذلك أفضل.
منتديات ليلاس
أحست راشيل أنها بفقدانها الوصاية علي الطفل قد فقدت الفرصة الوحيدة لكي يكون لها إنسان تحبه . إنسان ينتمي إليها، ما الذي قالته لها كريس مرة في أحد خطاباتها بعد ولادة ابنها ؟. "إني أريد أن تصبحي الأم الروحية لجوردي انك الوحيدة التي يمكن إن تقوم بهذا الدور . سوف نجعل هذا رسميا بمجرد عودتك إلي الديار ". الآن هي لا تستطيع إلي ذلك سبيلا .
كان صوت المسجل في سيارة الأجرة يعلو بالموسيقى الصاخبة . أحدث صيحة في الموسيقى .
كان السائق يتحفز في سيره لأية فسحة لينسل منها .كانت حركات الرجل تسري عنها ، رغم أن السيارة لا تتقدم كثيرا علي كل حال. وكلما كانت راشيل تنظر خارجا إلي سانت بار برا ، كانت المشاهد تتتبع أمامها .
منتديات ليلاس
أصر ذهنها علي تتبع ما مر بها من أحداث هذا اليوم.
عندما اطلعت الدكتور "توم أتويل" قائد المجموعة التي تعمل ضمنها علي البرقية التي وصلتها ، أخبرها أنها بحاجة إلي محام جيد . وبعد أن اجري مكالمة هاتفية لأمريكا كان ديان جنكز هو الاسم الذي رشحه له أحد الأصدقاء . فاتفقت معه علي إن يبدأ إجراءات تبني الطفل ابن كريستينا . ولم يكن الاتفاق مع محام من مكان بعيد هو الحل الأمثل ، ولكنه كان الخيار الوحيد المتاح أمامها ولقد اختار صديق الدكتور اتويل هذا المحامي بالذات لأنه ابن أخيه في واقع الأمر ، ولم يشر أحد إلي انه كان لا يزال مبتدئا .
إن إلقاء اللوم عليه لن يفيد بأية حال ، فلقد وقعت الخسارة عليها هي وحدها . ولكنها كانت أشبه بالفار المسكين، كان عقلها يرفض أن يدع الشعور بالإحباط جانبا. كل هذه الحوادث كانت تأكيدا جديدا لها علي أن المرء يمكن أن يصبح وحيدا كالجزيرة. وأخذت راشيل تتساءل . ترى كم يلزمها من الوقت كي تعي الدرس وتتوقف عن محاولاتها المستمرة للعثور علي شخص تنتمي إليه ؟.
كانت حياتها مليئة بالذكريات ، إن كانت لا تزال بحاجة إليها , لم تكن أمها ترغب فيها ورحلت عندما كانت راشيل في العاشرة . ولم يكن أبوها أبدا ذا نفع لها . في البداية حاولت أن تجعل منه صورة تطابقها. ثم أدركت أن هذا مستحيل، ورضيت بالمستحيل. لاشك في ذلك . لقد كانت دائما تبوء بالفشل في علاقاتها الشخصية. كان أفضل ما تستطيع القيام به ، هو تقديم المساعدة لمن لا علاقة لها بهم ولا ينتمون إليها بالمرة ز وأطلقت راشيل لذاكرتها العنان ، أخذت تسترجع السنين الأخيرة . في آخر سنة لها بالجامعة أتي أحد المتطوعين في أل م. ر.أ. إلي جامعة ولسون هاي. فأخذ يستعرض شرائح مصورة ، وأخذ يشرح بصوت لن تنسي قوة تأثيره : "هناك من يحتاج بإلحاح إلي الرعاية الطبية في مناطق أخري من العالم ". ولقد أخذت راشيل بهذه المحاضرة .
منتديات ليلاس
بدأت تتكون مجموعة الرعاية الطبية لمناطق العالم التي تفتقر إليها في بداية السبعينات، بمجموعة من الأطباء من أمريكا وهبوا أنفسهم للإنسانية المعذبة. ومن تلك النواة التي تتكون من عشرة أشخاص نمت المنظمة حتى أصبح عدد أعضائها خمسة آلاف فرد. كانت تتألف من المتطوعين . وكانوا أثناء العمل يحصلون علي نفقات معيشتهم، وعند العودة يحصل كل منهم علي ألف دولار عن كل سنة قضاها بالخارج، هذا بالإضافة إلي نفقات الانتقال. وكانت المعاهد تقدم منحا خاصة للمتطوعين الراغبين في استكمال دراستهم . لم يكن لهذا العمل أي نوع من ا لجاذبية التي قد تشد الإنسان إليه.لقد أخذ دكتور ستيف هانكس يؤكد علي نوع المعيشة التي سيواجهونها في قري غير متحضرة ، وظروف صحية سيئة وظروف عمل صعبة. وهو ما يسمي بالالتزام الشخصي كما قال.
اتصلت راشيل به في الأسبوع التالي ، وفي المقابلة الأولي كان الانطباع عنها أنها ما زالت صغيرة علي القيام بمثل هذا العمل ، ولكن راشيل دافعت بشدة . وقد ساعدها حضورها لدورة المساعدة الطبية التي أكملتها أثناء الدراسة ،ولذلك قامت مدرستها السيدة أوبريان بإقناع الدكتور هانكس أن راشيل لديها النضج الكافي للقيام بمثل هذه الأعمال . ثم اجتازت اختبارا طبيا ومن ثم بدأت دورة في الإجراءات الطبية الأساسية. ولم يعارض أبوها في ذهابها . ولذلك في اليوم التالي لتخرجها في الجامعة كانت راشيل في طريقها إلي بنجلادش كانت هذه الصلابة والتحجر واللاعطف من أبيها جزيرة باردة في ركن من أركان ذاكرتها.
بدأ العمل يشغل جزءا كبيرا في حياتها ويشغل حيزا فارغا كانت تعانيه.
منتديات ليلاس
بدأت نظرة الرضا والامتنان تطل من عينيها، وبدأت تشعر إنها قد حصلت أخيرا علي بغيتها. بدأت تنغمس في العمل والناس والأسلوب الجديد لحياتها، بدأت تقر أنها حصلت أخيرا علي ما تريد. ونادرا ما كان يجول بخاطرها أن هناك أشياء أخري بالحياة غير العناية بالآخرين. وعبر الأعوام ظلت هي ودكتور اتويل العضوين المتبقين دائما بالفريق. كان المتطوعون دائما ما يمكثون أثني عشر شهراً. وفي حين كان الآخرون دائما ما يتحدثون عن الديار وخطط المستقبل ، كانت راشيل دائما تلوذ بالصمت . كانت كل عام تقدم طلباً للبقاء فترة أخري، وكانت تجاب إلي طلبها دائما .
كانت تقضي إجازاتها المتراكمة في رحلات بالبلاد المجاورة مثل نيبال أوشمال الهند مستخدمة الباصات أو التذاكر المخفضة للقطارات .
ولقد أخذت البرقية التي تحمل خبر موت كريس وروب أسابيع عديدة حتى وصلت إليها . تأثرت المجموعة كلها لرؤية الحزن في مقلتيها بعد هذا النبأ المروع . كان هناك الكثير مما يتوجب عمله ، ولكن بالنسبة لراشيل كان هذا هو الوقت الذي يتحتم عليها فيه العودة إلي الديار.
ولقد اتصل توم باثنين من الأطباء في لوس انجلوس ، ولقد وافق كلاهما علي مساعدتها . الآن لا حاجة لها إلي الاتصال بهما، فالمال المتبقي معها يكفيها حتى تعود علي الرحلة التالية إلي بنجلادش، كي تعود إلي الحياة الوحيدة التي تعرفها.
منتديات ليلاس
كانت في حالة يرثي لها، لم تنم منذ زمن، لم تأكل، لم تسترح. وهذا ما صور لها فقدان جوردي علي انه النهاية ، بمجرد إن تحصل علي قسط من النوم سوف تعود إلي حالتها الجيدة . القاضية كانت علي حق . إنها لم تكن بالقطع أفضل الحلول بالنسبة للطفل ، لوك أفضل قطعا . أخذت تحاول أن تتذكر كيف كان يبدو صلبا قوياً غنياً، وبالتأكيد واثقاً جداً من نفسه. في نظرته تلك التي أذابتها ذوباناً . أحست أن القوة والقدر قد بدآ يعودان إليها .وكانت حاجتها قوية للغاية. كان الشيء الذي يدعو إلي الدهشة حقا هو تلك القدرة التي تملكتها، قدرة أن يكون انطباعها صحيحا في كل الأحوال. إنها لو ارتكنت إلي قوته ستجد الملجأ الذي طالما بحثت عنه طوال حياتها................!
نهاية الفصل الأول
|