شهقت قائلة: إنك عديم القلب!"
قال: حقا؟" وتوترت شفتاه لحظة ثم عاد يقول بابتسامة مصطنعة: أجل, لم يعد عندي قلب, ولكنني ما زلت أذكر كيف كان شعوري عندما كان عندي قلب"
قالت آمرة: أعدني إلى البيت في هذه اللحظة!" ولكنه تجاهلها. ونظرت هي حولها بعجز. كانا يسيران بسرعة في طريق السيارات العام وما زال أمامها للوصول إلى الموقف التالي أميال عديدة liilas.com, وكانت متأكدة من أنه لن يتوقف حتى ولو توسلت إليه.
سألته: لماذا تفعل هذا؟" ثم تصاعد الإحمرار إلى وجهها, ولم تستطع التعبير عن مدى الاضطراب الذي كانت تشعر به وتابعت: إنني... إنني لا أريد الذهاب إلى برينغلاس معك"
قال: هذا لا يدهشني! ولكن الطريق طويلة وليس في نيتي تركك تبيتين في الطريق ليلا, وكوننا نتناوب القيادة معا يمكننا العودة في نفس الليلة"
سارا فترة بصمت, عندما خف زحام السير ابتدأ يسألها عن العمل, وبدا في أسئلته كرجل أعمال واقعيا تماما مما جعلها تستجيب له بشكل طبيعي.
قال أخيرا: لابد أن الأمر صعب بالنسبة إليك؟ ما دام مدير المشاريع اعتاد على تناول المهدئات أثناء الفطور بدلا من الشاي" حدقت إليه. كان على علم بكل شيء, فهي لم تقل شيئا قط, حتى ولو لمجرد الإشارة إلى هذه المشكلة.
قالت: لا يمكنني أن أقول شيئا, إذ أنني لم أشاركه الفطور قط"
قال: لم تفعلي؟" ولكنها رفضت باحتقار هذا النقاش, هز كتفيه بعدم اكتراث وكانا قد اقتربا من الجسر, فقال: إن الحديث عن الفطور ذكرني بمرور وقت طويل على ذلك" ألقت نظرة إلى ساعتها قائلة: ما زال الوقت باكرا لموعد الغداء"
" ما زال الوقت مناسبا لفطور ثان كما أظن" أوقف السيارة في موقف السيارات للخدمات, ثم استدار إليها قائلا: لقد مضى وقت طويل منذ تناولنا الفطور معا, يا جوانا"
قفز من مقعده ثم استدار يفتح لها الباب liilas.com قائلا: من يدري هل ستأتين معي أم لا؟"
قالت: سآتي معك طبعا"
شدت نفسها إلى الخلف رافعة ذقنها وهي تشد معطفها حولها تقاوم بذلك الهواء البارد, قالت: إنني في الحقيقة جائعة جدا" وكانت بذلك تتظاهر بشجاعة هي أبعد الناس عنها.
ملآ طبقيهما بالطعام ثم جلسا إلى مائدة تشرف على جسر سفرن. وكان برجا الجسر الضخمان يعلوان فوق الضباب المنخفض الذي كان يغطي مصب النهر. قالت: لقد أحببت دوما منظر هذا الجسر, إنه رائع الجمال عندما لا يكون في استطاعتك أن ترى سيارات الشحن والأكشاك التي تجمع رسوم العبور"
نظر كلاي إلى الجسر دون حماس وهو يردد: رائع الجمال؟ إنه يؤدي وظيفة معينة ولكنه لا يمثل رأيي في الجمال" استدار يواجهها وهو يتابع: ولكن ذلك لا يدهشني لأننا نحاول أن نختلف حول كثير من الأشياء!"
قالت وهي تحاول أن تركز اهتمامها على طعامها: تعني (حاولنا) أي الفعل الماضي"
لكن كلاي لم ينه حديثه بعد فقال: إن أمامي بعض الصعوبات بالنسبة إلى اتفاقنا يا جوانا"
قالت: إنك لا تحاول بما فيه الكفاية!"
وصلا إلى برينغلاس بعد الساعة الثانية عشرة وأسرعت السيدة رايس من الحديقة لمقابلة جو بينما كانت تترجل من سيارة الفان.
قالت: أدخلي من البرد" بقي كلاي في السيارة وهو يقول: سأعود فيما بعد, فإذا استطعت تجهيز كل شيء لتحميله في السيارة فسنعود مباشرة" ثم قطب جبينه قائلا: أظنك قلت أن الثلوج متراكمة في هذا المكان؟"
قالت السيدة رايس: كان ذلك في الأسبوع الماضي, وقد استمر المطر في الهطول منذ ذلك الحين ولكن الثلج سيعود للتراكم بعد وقت قصير"
سألته جو: إنك لا تعرف الطريق, هل تريدني أن آتي معك؟"
قال وهو يبتعد: سأعثر على طريقي, فإن عندك الآن ما يكفيك"
أمضت ساعات في حزم الأمتعة, ثم فككت أجزاء سرير الطفلة وأخذت تنقل الأمتعة إلى أسفل الدرج الضيق, وأخذ هذا من وقتها أكثر مما توقعت وعندما عرضت عليها السيدة رايس شيئا من الطعام قبلت ذلك مسرورة.
بعد ذلك دفعت إليها إيجار المنزل ثم قدمت إليها الهدية التي أحضرتها لها والتي كانت شالا كبيرا مزخرفا وقفازين سوداوين من الجلد, ثم جلستا قرب النار تنتظران كلاي.
قالت السيدة رايس: إن صغيرتك تشبهه بعينيها"
وقطبت جو حاجبيها, ذلك أن السيدة رايس لا تعرف شيئا عن liilas.com زوجها ومع هذا لاحظت الشبه بينهما.
قالت تجيبها: إننا لسنا .. معا, لقد اشترى كلاي الشركة التي أعمل فيها وهذا كل شيء"
قالت المرأة: هذا أمر مؤسف!"
قالت جو: أرجو ألا تذكري شيئا عن هذا الأمر"
نظرت المرأة إلى النافذة قائلة: كلا, لقد فهمت ولكن الظلام ينتشر الآن ومن الأفضل أن أسدل الستائر." أخذت جو تنظر إلى الساعة من وقت إلى لآخر بقلق, وكانت الساعة تقارب السادسة عندما اندفعت نحو النافذة إثر سماعها صوت عجلات السيارة فوق الحصى خارج البيت, أدخلت السيدة رايس ثم أشارت إلى النار قائلة: اجلس هناك ودفئ نفسك, وسأحضر لك بعض الحساء"
قال: هل الجو بهذه البرودة على الدوام هنا؟" كان يفرك يديه أمام لهب المدفأة وهو يقول ذلك. ابتسمت جو قائلة: ما زلنا في شهر تشرين الثاني- نوفمبر, والأسوأ لم يأت بعد" وتركته يتناول الحساء, liilas.com وأخذت تضع الأمتعة في السيارة بسرعة لتجنب الهواء المثلج, وأخيرا عادت تقول: لقد انتهى كل شيء يا كلاي, والأفضل أن نشرع في السير فقد بدأ المطر يهطل"
قبل أن يذهبا قالت صاحبة البيت: لقد جهزت لكما ترمس يا جو, فقد تحتاجان إلى شراب دافئ"
احتضنت جو المرأة قائلة: وداعا, سأحضر أليس في فصل الصيف لكي تراك"
ابتسمت المرأة قائلة: تعالوا في وقت جز صوف الخراف, فذلك سيسرها" ونظرت إلى كلاي مبتسمة له: إنكم جميعا على الرحب والسعة" أمسكت جو أنفاسها, ولكن بدا على كلاي أنه لم يحمل كلام المرأة أي معنى خاص وهو يشكر المرأة على ضيافتها.
تطوعت جو قائلة: سأقود السيارة بنفسي"
قال هو: كلا, سأقود أنا في هذه الأنحاء وعندما نصل إلى الطريق العام ستستلمين أنت القيادة"
أرادت أن تجادله, فقد كانت تعرف الطرق في هذه الأنحاء أكثر مما يعرفها هو, ولكنه كان قد صعد إلى مقعد القيادة وأخذ يشد الحزام حوله قائلا: هيا بنا" ونظرت إلى السيدة رايس خلفها والتي كانت تقف في دائرة النور المنبعث من باب المنزل المفتوح والذي مثل لها الأمن والخلاص. ثم رفعت يدها وصعدت السيارة.
أدار المحرك ثم سار متجنبا الحفر في الطريق قدر المستطاع إلى أن اجتاز فناء المزرعة.مضى عليهما في السير حوالي العشرين دقيقة, وكان كلاي يسير ببطء في الظلام, عندما تحول المطر فجأة إلى ثلج, ولم يستقر الثلج في الطرق ولكن التلال ابتدأت تتألق بالبياض, بينما جعل الثلج المتساقط من الصعب التمييز بين نهاية الطريق وبدياة التلال الصخرية.
سألته جو بقلق: أيجب علينا العودة؟" نظر إليها قائلا: سنكون على ما يرام …"
صرحت عندما اجتازت شاة الطريق ثم توقفت فجأة مذعورة أمام نور السيارة, وحاول كلاي أن يتفاداها ليصعد صوت مفاجئ من أسفل السيارة , وتفوه بشتيمة وهو يقفز من السيارة ليرى ما حدث. سألت: ماذا هناك؟" وقف وهو ينفض الثلج عن ركبتيه قائلا: يمكنني أن أرى ما حدث دون الحاجة إلى مصباح يدوي, ولكنني أظن الأمر سيئا, إذ يمكنني أن أسمع شيئا يسيل" وبدا عليه التفاؤل, بينما بدا عليها الضيق وأخذت تنظر حولها. لم يكن ثمة نور يرى, كما أن أي سيارة liilas.com لم تمر بهما منذ خلفا المزرعة وراءهما, ورأته يبتسم في النور المنبعث من مصباح السيارة الأمامي وهو يقول: شكرا على الترمس الذي ملأته لنا السيدة رايس , إذ أشعر أننا سنكون في حاجة إليه قبل الصباح"
قالت ذاهلة: الصباح! يمكننا بكل تأكيد أن نحاول الوصول إلى أي مرآب"
أجاب: لا أظن أن في إمكاننا الذهاب إلى أي مكان, عودي إلى السيارة إذ ليس ثمة فائدة من أن تتحملي البرد إلى أن أجد المصباح اليدوي" أطاعته دون اعتراض, فقد كان الهواء باردا والثلج قد بلل وجنتيها اللتين أخذت تفركهما وهي ترتجف.
سألها: كم تبلغ نسبة الحظ في مرور سيارة بجانبنا قبل الصباح؟"
أجابت: إنها ليست بالنسبة العالية, liilas.com فهذه طريق فرعية تقود إلى حيث تقطع الأخشاب في الغابات, وبعد عدة أسابيع لن تستطيع أن تتحرك لشدة إزدحام السائقين, ولكنها مقفرة نوعا ما, حاليا" ونظرت إلى العاصفة الثلجية وهي تقول: دعنا نتكلم بصراحة, إذا لم يكن حاجة للذهاب إلى أي مكان فهل تغامر بالخروج في ليلة كهذه؟"
أجاب: بصراحة, كلا" وتابع: في هذه من الأفضل أن أطلب المعونة" وأخرج من جيبه هاتفا نقالا وطلب الرقم.
عندما انتهى سألته: كم سيستغرق ذلك الوقت؟"
"قالوا عشرين دقيقة"
"إنهم دوما يقولون عشرين دقيقة, كم من الوقت في الحقيقة؟"
قال: يبدو لي أن الأمر لن يكون أقل من ثلاث أو أربع ساعات" عندما أحست أنه يقول الحقيقة, فتحت الصندوق الصغير أمام المقعد وأخرجت مصباحا يدويا وناولته إياه.
قال: أوه, كلا إذا كنت حريصة بهذا الشكل فتعالي واحملي هذا المصباح اللعين لكي أرى!"
لم تنتظر دعوة أخرى, ففتحت الباب ونزلت بسرعة, كان الطريق مغطى بالثلج. وأطلق كلاي شتيمة عندما انزلقت قدمه وصرخ فيها محذرا, ولكن بعد فوات الأوان, إذ انزلقت قدمها وقبل أن تدرك نفسها كانت تتدحرج من فوق حافة الطريق إلى الخندق المغطى بالثلوج.
صرخ: جو!" وكانت قد استلقت لحظة في الظلام وقد انقطع نفسها وتوترت أعصابها إلى درجة لم تستطع معها أن ترد على ندائه, وعاد ينادي: جو, أجيبيني هيا!" وتناهى إليها صوته القلق, ولكن كل ما استطاعت أن تقوم به هو أن تبقى مستلقية بهدوء وهي تجاهد لكي تستطيع التنفس, liilas.com ولكن صوته أقدامه وهو يسحق الثلج مقتربا منها جعلها تتحرك, حاولت أن تتكلم قائلة بصوت أجش: إنني بخير, ابق أنت هناك من فضلك!" ولكنه اقترب ليقف إلى جانبها وكانت ما تزال ممسكة بالمصباح. ومد يده يأخذه من بين أصابعها الحذرة يريحها منه ثم أناره بسرعة فوق وجهها.
سأل: هل ثمة كسر في أي مكان؟"
هزت رأسها قائلة: كلا, بل مجرد رضوض قليلة, كان يجب أن تبقى مكانك هناك, والآن علينا أن نعود صاعدين إلى هناك" وأخذت ترتجف من البرد.
قال: دعيني أساعدك" رفعت رأسها قائلة: يمكنني أن أتدبر أمر نفسي يا كلاي" وأمسك بالمنشفة لحظة ثم تأفف ساخطا وهو يقول: لقد جرحت يدك هنا" ولف المنشفة حول الجرح الذي كان ينزف.
قالت: إنني خائفة يا كلاي, أترانا سنتجمد من البرد حتى الموت؟"
.http://www.liilas.com/vb3
نهاية الفصل السادس