كاتب الموضوع :
ذكرى المرجوحه
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
8- دعـــوة إلى العشــــاء :
بدا مطعم روبن جميلاً كأنه بيت للعبة عند زاوية الشارع العام للبلدة .
أعجبت أوليفيا بالواجهة الأمامية البارزة التي تعرض مجموعة كاملة من
المأكولات الشهية وبالباب الزجاجي ذي المقبض النحاسي الأصفر .
عند أسفل الواجهة الزجاجية زرعت عدة نباتات خضراء لامعة عليها زهور
حمراء كثيفة ، ما أضفى على المكان لمسة رائعة .
منتديات ليلاس
دفعت الباب ودخلت ، فأنعشها هواء المكيف البارد بعد الحرارة
الشديده والرطوبة العاليه في الخارج ، رأت روبن تتحدث إلى أحد الزبائن .
وقد ارتدت زيها الأبيض المريح مع مريله زرقاء وبيضاء حول خصرها . نظرت
روبن إلى أوليفيا وابتسمت لها مرحبة وكذلك فعلت مساعدتها ،
وهما المرأتان اللتان جاءتا معها إلى حفلة الميلاد.
سألتها روبن : ( ما رأيك بفنجان قهوة بينما أنت تنتظرين ؟ لن أتأخر ).
- رائع .
جلست أوليفيا على كرسي عال أمام طاولة وضعت عليها مجموعة من مجلات الطعام.
بعد لحظات ، أحضرت لها إحدى مساعدات روبن فنجان كابوتشينو
تعلوه طبقة كثيفة من الكريما ، وقدمت لها معه فطيرة صغيرة بالبندق ،
فشكرتها أوليفيا وتبادلتها بضع كلمات حول الطقس وإمكانية هبوب عاصفة بعد الظهر .
ثم عادت المرأة إلى عملها تاركة أوليفيا تستمتع بقهوتها .
بعد مضي عشر دقائق انضمت إليها روبن .
- أنا سعيدة جداً لرؤيتك ، أوليفيا . أهلاً بك في مطعمي الصغير.
- لقد جعلت منه مكاناً مميزاً .
هزّت روبن رأسها موافقه ووجهها يشع بالرضى : ( لم أتوقع أن تزدهر
أعمالي بهده السرعة . كما قلت لك سابقاً ، عندما جئت إلى هنا في البداية
سارت أعمالي بشكل بطيء جداً إذ إن الناس يساندون معارفهم مثل ماركو
وغيره ، هذا لا يعني أنهم سيئون ، لكني شعرت أن المنافسة صعبة ).
- لحسن الحظ أن جايسون ساعدك لتصبحي معروفه .
- نعم ، جايسون !
داهمت موجه من الأحمرار وجه روبن التي أضافت قائلة : ( إنه رجل جذاب
بشكل غريب ، والناس يستمعون إلى ما يقوله . إنه لطيف ).
- باستطاعته أن يكون لطيفاً.
نظرت روبن إلى أوليفيا وقالت بتردد : ( آمل ألا تمانعي ، أوليفيا ، لكن السكان المحليين أخبروني ..)
- ..أنني كنت على وشك الزواج من جايسون؟
رددت أوليفيا مدركة أن روبن لم تعرف كيف تتطرق إلى الموضوع.
ثم أضافت : ( لكن الأمر لم ينجح لأن جايسون - رغم ذكائه - وقع ضحية
خداع امرأة تدعى ميغان ..أنا متأكدة أنك سمعت بقية القصة ).
هزّت روبن رأسها موافقه وهي تشعر بالإرتباك . ثم قالت بتأثر : ( لكنه مازال يحبك).
سألتها أوليفيا بهدوء : ( ما الذي يجعلك تعتقدين أنه ما زال يحبني ؟)
ردت روبن بحزن : ( علمت ذلك لحظة رأيتكما معاً ، وأدركت أيضاً أنني
أقترف خطأ كبيراً في محاولى لفت نظرة إليّ).
- آخ ، روبن !
أرادت أوليفيا أن تفرج همّ روبن بإعطائها شيئاً إيجابياً تتعلق به .
لكنها لم تستطع .
ابتسمت روبن وربتت على يد أوليفيا قائلة : ( لا بأس ، سأرضى بالصداقة .
جايسون رجل طيب وهو الد رائع لتالي ).
طأطأت أوليفيا رأسها موافقه ثم قالت لروين : ( أرجوك ، أوقفيني إذا كنت لا تريدين
التحدث عن الموضوع . زواجك ..هل كان تعيساً ؟)
ركزت روبن عينيها العسليتين على نقطة خلف كتف أوليفيا وقالت :
( بل كان أسوأ من ذلك يا أوليفيا . كان زواجاً عنيفاً ، عنايت فيه من دوائر سوداء
حول عيني وعظام مكسورة . تحملته إلى أقصى الحدود إلى أن هددني بسكين
وجرح وجهي ).
لمست روبن خدها بحذر وكأنه ما زال ينزف ثم تابعت : ( بعد ذلك
وجدت الشجاعة لأتصل بالشرطة . لم أخبر أحداً عن لايل ولا حتى أهلي أو أخي
أو الأصدقاء القليلين الذين تركتهم .
شعرت بالعار فتابعت التظاهر بأن زواجي سعيد . صدق الكثيرون هذا الأمر .
لاسيما أن لايل كان يتصرف بشكل جيد حين نخرج معاً .
ويعود إلى طبيعته السيئة ما إن تدخل إلى البيت ).
- كم هذا رهيب ! أنا آسفة جداً جداً . لم تكن الحياة سهلة بالنسبة إليك .
لكني أحب أن أشارك في تحسين ظروفك.. في الحقيقة ،
جئت إليك اليوم لأطلب منك تولي تقديم الطعام في حفلة عشاء سأقيمها ليلة السبت القادم .
جاء صديق قديم لي إلى البلدة مع خطيبته . إنه كاروا دي لوكا ،
أبن مدير المصنع ، أريد منك . إذا استطعت ، أن تجلسي معنا إلى طاولة العشاء كضيفة ، وبذلك
تسدين إليّ خدمة فيما يخص العدد .
بدت روبن غير واثقة من ذلك ، لكنها شعرت بالإطراء والسعادة في الوقت ذاته .
ابتسمت بفرح وقالت : ( أعتقد أنك تبدين اللطف تجاهي ).
فكرت أوليفيا بشخص معين ستنسجم معه روبن تماماً ، وقالت :
( أريدك أن تنظمي الأمور بحيث تشرفين على كل شيء مسبقاً وتتركين
مساعدتيك تقومان بالعمل وتقدمان الطعام وقت العشاء .
لن تكون غرايس موجودة لأنها تحب تمضية الميلاد ورأس السنة
مع أختها الأرملة في بريسبن . ما رأيك ؟ هل أعجبك الأمر ؟
ارتدي ملابس جميلة ، فهذه فرصتك لتتأنقي ).
لم تستطع روبن السيطرة على فرحتها ، فردت : ( لا أعرف ماذا أقول ).
ضحكت أوليفيا وقالت : ( هذا سهل . قولي : نعم .)
منتديات ليلاس
آه ! إني أكاد أموت .
فكرت ميغان بذلك وهي ترتمي على السرير في المقطورة .
كل شيء حولها بدأ قاسياً ، بدءاً من العمل في السوبر ماركت إلى العيش
في مقطورة قذرة متهالكه ، أما كانت حالها أفضل لو أنها بقيت مع جايسون والطفلة ؟
لن يحبها جايسون ويشتاق إليها كما يحب الأميرة اللعينة أوليفيا ويشتاق إليها ،
لكنه حاول جاهداً أن يكون صديقاً لها .
اهتم بها إلاّ إنه لم يستطع أن يحبها كما أحب أوليفيا الكاملة أو ناتالي الصغيرة المزعجه التي
تدفعها إلى الغضب . من المحزن إلا تكون ناتالي أبنة جايسون .
لم تستطع ميغان أن تنسى طوال السنوات الأخيرة أن جايسون ، وقبل
أمسية من زواجة بأميرته الغالية ، قد صدّق القصة الملفقة التي أخبرته بها
عن كونه والد الطفل في أحشائها ، وهي أحياناً تشعر بالأسف حقاً
لأنها فعلت ذلك بجايسون بينما تضحك أحياناً أخرى لدرجة تؤلمها .
ميغان متأكدة أنها لو ذهبت إلى كارلو لطلب منها أن تغرب عن وجهه أو تجهض أو شيئاً
من ذلك .
كان كارلو دي لوكا مصمماً على أن يصبح طبيباً ، وهذه المهنة
تعتبر نقلة نوعية لمركزه الإجتماعي والمادي .
وهكذا . فإن كارلو دي لوكا لن يتزوج ميغان دافي الصغيرة المثيرة للشفقة حتى لو كانا
قد أمضيا ليلة صاخبة معاً جعلتها حاملاً .
لقد رأت ما جرى في حفلة شون ، وكيف دسّ غوردون كاسيدي المخدر في شراب جايسون .
رأى أصدقاء شون المخمورين أن الأمر مزحه كبيرة .
فهم يكرهون جايسون الذي يمثل كل شيء لا يستطيعون بلوغه .
بالإضافة إلى ذلك ، فهو سيتزوج الأميرة اللعينة لينفيلد ، وينتقل من الفقر
إلى الغنى .
عدما استفاق جايسون في الصباح التالي كانت ترقد بجانبه .
شعرت بالسرور لنومها بجانب ذلك الرجل ذي العضلات القوية .
لكنها لم تتردد أو تتلعثم عندما جعلته يصدق أنه أقام علاقة جسدية معها في الليل .
كان جايسون يعاني من آثار المخدر ، فاستنتج أنه لا بد قد فعل ذلك .
لم يخطر في باله مطلقاً أنها ممثلة جيدة لا سيّما أنها متأكدة من حملها ، وقد أقنعت نفسها أن لا خيار أخر أمامها .
منذ أسبوع ، وبمحض الصدفة ، التقطت صحفة قديمة عليها صورة صغيرة لوجه تعرفه على الصفحة الأولى ،
كتب تحتها : ( هاري لينفيلد في ذمة الله ) .
وفي النهاية وجدت النعي وصوراً أخرى . يعتبر هاري لينفيلد
رجلاً مهماً في شمال كوينز لاند وفي الجوار أيضاً .
احتفظت بتلك الصفحة بعد أن قرأت الموضع بنهم . والآن ، أخرجت ميغان
الصحيفة مجدداً من أسفل الفراش الرقيق .
كم تكره حياتها هذه ! جرت الامور على ما يرام لفترة في البداية ،
لكنها مؤخراً باتت تتجادل طوال الوقت مع بروسي ، الرجل الذي رحلت معه
والذي يختلف عن جايسون القوي الوسيم .
اللعنه ! ليت الأميرة أوليفيا لم ترث أموال عمها ومزرعة هافيلا
الأسطورية لقصب السكر أيضاً ! في الصحيفة صوره لها وهي تقف أمام ذلك البيت
الرائع ذي الأعمدة . بدت جميلة جداً بشعرها الأسود الطويل
وعينيها الماسيتين . لم يدر في خلد أوليفيا مطلقاً أن ميغان تكرهها وأن
سلبها جايسون منها قد أسعدها . إن سرقة العريس أمر جيد لتلقين أوليفيا درساً .
لماذا يجب أن تكون غنية وجميلة وسعيدة ، فيما ميغان دافي لا تملك
شيئاً من ذلك ، ولديها احتياجات كثيرة لم تستطع تلبيتها ؟ أوليفيا لينفيلد محظوظة لكونها
ولدت ثرية في أسرة عريقة ، إذاً ، لماذا تسمح لها بالزواج من أميرها ؟
لا ، لم تشعر بالسوء لخيانتها صديقتها اللطيفة المحبة التي تواضعت وطلبت منها أن تكون
إشبينتها . لكن جايسون لم يحبها أبداً ، وبدلاً من ذلك أحب تالي التي تنظر إليها بعيني كارلو دي لوكا .
سيفعل جايسون أي شيءللإحتفاظ بتلك الطفلة . وربما حان الوقت لزيارته هو وحبه الحقيقي أوليفيا ..
علمت ميغان منذ مدة أن جايسون عاد إلى بلدته ليبقى مع أمه المحتضرة .
وعلمت أن هاري لينفيلد أعطى جايسون وظيفة الإشراف على هافيلا .
لطالما أحب هاري لينفيلد ذلك الرجل ، وقد ذكر في الصحيفة أنه ترك له شيئاً في وصيته .
في النهاية ، قدّم موت هاري لينفيلد لها فرصة ذهبية عليها اغتنامها .
وإذا أراد جايسون أن يحافظ على حقه في حضانة تالي عليه أن يدفع الكثير من المال !
مسكين جايسون ! لكن ، لا بأس ، الأميرة أوليفيا عادت لتساعده .
عندما فتح جايسون الباب فوجئ برؤية أوليفيا ممسكة بيد تالي ،
وواقفه على الشرفة .
- أبي !
ارتمت تالي عليه وقد بدت غاية في السعادة ، فالتقطها جايسون
ورفعها كأنها ما زالت طفلة صغيرة . كم هو قوي !
- عزيزتي ، كنت ذاهباً لإحضارك ، لكنني أخذت حماماً سريعاً أولاً .
اقتربت تالي منه أكثر وقالت : ( رائحتك طيبة ، وشعرك مبلل ).
مدّت يدها لتلمس شعره الأحمر الداكن ثم تابعت : ( أوصلتني أوليفيا إلى البيت .
أمضيت وقتاً ممتعاً إذ سمحت لي ليف بأن أتفرج على عدة صور
عائلية . رأيت صوراً لك ، وعدة صور لكما معاً أنت وليف .
بدوتما رائعين ولطيفين . كان ذلك قبل أن تقررا الزواج ).
أنزل جايسون تالي إلى الأرض وقال : ( هل ستدخلين يا أوليفيا ؟)
- سأدخل لفترة قصيرة لأني أريد التحدث إليك في أمر ما .
استمرت القطيعة بينهما لعدة أيام وقد أزعجها ذلك أكثر مما توقعت .
- أحقاً ؟
ركضت تالي إلى الداخل في حين تراجع جايسون كي تمر أوليفيا .
قالت تالي بحبور وهي تعدو باتجاه التلفزيون : ( جئت في الوقت المناسب كي أشاهد برنامجي المفضل ).
- شاهديه في غرفتك يا عزيزتي كي نتمكن أنا وأوليفيا من التحدث .
- طبعاً .
منحتها تالي ابتسامة مرحة أظهرت نمو سنها الثاني الذي بدأ يغلق
الفجوة في فمها . ثم قالت لأوليفيا : ( ناديني قبل ذهابك يا ليف ،
كي آتي وألوح لك مودعه ).
- سأتذكر هذا .
- عن أي موضوع تريدين التحدث إلي ؟
سألها جايسون ذلك ثم مرر يده في شعره الرطب الذي بعثرته يد تالي .
- أريد أن أعرف إذا ما قررت الذهاب إلى حفلة العشاء مساء السبت .
تركت أوليفيا شعرها مسترسلاً وها هو يتموج كالشلال حول كتفيها ،
كما ارتدت ثوباً أبيض مطبعاً بالإزهار وهو فستان لم يره من قبل .
كان الجزء الخلفي من قبته مربوطاً خلف عنقها . بدت جميلة وهادئة
كالزنبقة في حين بدأت موجات الحر تجتاح جايسون من كل جانب !
- يبدو أنك تريدينني كي أكمل العدد .
هزّت رأسها وقالت : ( يمكنني دعوة من أريد وبهذا يكتمل العدد ).
استدار مبتعداً عنها قليلاً وقال : ( شكراً لاهتمامك بتالي . أرجو أن يكون تصرفها جيداً).
- تصرفها أفضل من تصرفك . أنت ابتعدت كثيراً لتتجنبني في حين من المفترض أنني ربة عملك .
ردّ بصوت يخلو من العاطفة : ( أنت لست ربة عملي ).
- بل أنا كذلك . صدقني !
تحولت عيناها إلى عاصفتين ، فضحك فجأة وقال : ( أعلم ذلك .
لكني بدأت أراجع قراري بالبقاء هنا ).
لم تستطع أوليفيا أن تتمالك نفسها ، فقالت : ( عليك أن تبقى ، لانها وصية هاري ، ثم إني أحتاجك ).
- آه ، عفواً ، لم ألاحظ ذلك .
ردّ عليها بسخرية ثم أضاف : ( هل هناك لباس معين لهذه الأمسية الجميلة ،
أم أن الجينز خيار وارد ؟ )
حدّقت أوليفيا به والتعب يطل من عينيها ، ثم قالت : ( أوه ، جايسون . ألا يمكن أن نبدأ ثانية ؟)
- ظننت أنك أوضحت الأمر جيداً حين قلت أنه آخر شيء تريدينه .
- حسناً ! أنا أحاول . لقد دعوت بن رايلي .
ظهرت السخرية واضحة في صوته حين قال : ( أهذا كل شيء ؟)
- أعتقد أن بن وروبن سيتفقان جيداً .
- رائع! إنها مصادفة جيدة أن أتفق معك في هذا الامر ، هل تعتقدين أنك ستجدين
يوماً رجلاُ تريدينه يا أوليفيا ؟ لن يكون الأمر سهلاً لأنك تضعين مقاييس عاليه .
ردّت أوليفيا عليه بع1وبة مُرة : ( لقد أردتك أنت يا جايسون ).
برقت عيناه الزرقاوان فبدتا كجوهرتين متناقضتين مع بشرته النحاسية ،
وأجابها : ( أشعر بالإطراء قليلاً لأنك ما زلت تريدينني ) .
نظرت أوليفيا إليه بغضب وقالت : ( هلاّ أخبرتني إذا قررت الذهاب أم لا ؟)
بدلاً من أن يجيبها ، سألها فجأة : ( مهلاً ، أوليفيا . من دعوت لترافقني ؟)
- اللعنة يا فتاة ! عندما تقررين شيئاً تحصلين عليه .
استدار مبتعداً عنها بكبرياء ، فقالت أوليفيا : ( إنها ليلة واحدة فقط ) .
ابتسم بكسل قال : ( لا بأس بذلك . يمكننا أن نكون مهذبين لبضع ساعات .
والآن ، هل ستخبرين تالي أنك ذاهبة أم ستهربين ؟)
تجاهلت أوليفيا سؤالة وقالت : ( بالنسبة إلى مساء السبت . يمكن لتالي أن تمضي
الليلة عندي . يمكنها أن تنام في الطابق العلوي ) .
- حسناً !
ثم أدار رأسه ونادى بصوت عال : ( تالي ، أوليفيا سوف تغادر . تالي ) .
|