كاتب الموضوع :
golya
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
11ـ الغضب الساطع آتٍ
http://www.liilas.com/vb3
خيم الصمت على رحلتهما إلى دالاس. الألم الذي بدا في عيني كول استحوذ على أفكار جين وقد أصبحت تلك اللحظة الحدث الأهم في حياتها.
كان انتباه كول مركزا طيلة الوقت على القيادة. على الأقل بدا مركزا تماما على هذا الأمر، بينما تمنت هي لو تتمكن من التركيز على أي شيء عدا كول.
قرابة الساعة الثالثة، لم تستطع جين تحمل ذلك الصمت المطبق مدة أطول. فتنحنحت:" ماذا حل بالبطة؟"
طرف بعينيه وكأنها خطفته من أفكار بعيدة جدا:" ماذا؟'
نظر إليها ثم أعاد انتباهه إلى الطريق مجددا
ـ البطة!
ـ آه.. كيف حالها؟
نظرت جين خارج النافذة، إلى حقل يرعى فيه قطيع من الأغنام.
ـ لديها معجب بعد رحيلك مباشرة، بدأ يدور حولها ذكر كعاشق أحمق
أجفلت عند سماع عبارة "عاشق أحمق"، لكنها ما لبثت أن تخطت ذلك.
ـ علجوم
نظرت إليه، متمنية لو أن قلبها لا يقفز هكذا في كل مرة تلمح فيها وجهه الرصين الوسيم، متسائلة عما قاله:" عفوا؟"
ـ ذكر البط هو العلجوم
شعرت بشيء من الخيبة، فما يدور بينهما ليس محادثة إنما محاضرة عن أسماء طيور الماء.
ـ في الواقع..لا يهمني
استدارت ناحيته لتواجهه بشكل أفضل:" ربما علمك ذلك كيف أن النساء يتخلين عنك بسهولة"
ـ ما معنى ذلك؟
في الواقع ليس لديها أدنى فكرة. لكنها رفضت الاعتراف بذلك، فاستدارت تحدق من النافذة:" فكر فقط في الأمر"
لمرة واحدة بدت معتدة بنفسها وسمحت لنفسها بابتسامة صغيرة.
ـ هل تريدين أن نتوقف لتناول الطعام؟
في الواقع لم تأكل شيئا منذ الصباح والعشاء مع ج.س بارينجر لا يزال بعيدا، غير أنها لم تحتمل فكرة الطعام، لا سيما وأن معدتها منقبضة وجسمها كله متشنج.
فهزت رأسها نفيا وقالت:" إن كنت أنت جائعا فيمكنك أن تتوقف"
شد على شفتيه من دون أن يجيب، يبدو أن رحلتهما ستكون امتحانا طويلا وصامتا لإرادة كل منهما.
أخفضت ناظريها ولاحظت سلسلة الساعة حول معصمها:"آه..."
فكتها وأعطته إياها:" هذه سلسلتك، شكرا"
أفلت المقود من يده وأخذها منها:" لا مشكلة"
ـ عليك أن تفكر في إعادة هذه القلادة إلى صاحبها
رفع نفسه قليلا ودس السلسلة في جيب سرواله، من دون أن ينبس ببنت شفة. لم يعجبها صمته، فقد وجدت ذلك فضا. ولكن هل يمكنها أن تلومه؟ فهو ليس سعيدا بما فعله من أجلها، لأنه لا يحبها. وها هما الآن متزوجان. حتى وسط هذا الخداع والتضليل، شعرت بقليبها الأحمق يقفز فرحا، فهي أقله في الوقت الحاضر زوجة كول.
حاولت أن تستعيد رباطة جأشها لتوجهه، مصممة أن تفصح له عن امتنانها.
ـ كول... أعرف أنك قلت لي ألا أشكرك، لكن...
ـ جنيفر!
ـ لا تقاطعني!
رفعت يدها وتابعت كلمها رغم أنها لاحظت أنه ناداها باسمها
ـ أنا أدين لك بالشكر وسوف أشكرك، شئت أم أبيت
قاومت السحر الذي كان ينضح منه رغم عدائيته تجاهها. أما هو فبسط أصابعه وكأنه يزيل التشنج منه، ثم قبض على المقود مجددا.
ـ اسمع كول! كل ما أريد قوله هو أنه إذا كان ثمة طريقة أرد بها جميلك، فلا تتردد بإطلاعي عليها. أعني، إذا كنت بحاجة إلى أعمال صيانة، فسيسرني أن أعرفك على أصدقائي. يمكنني أن أشهد على جودة عملك، كما يمكنني أن أفعل أفضل من ذلك: بوسعي إعفاؤك من الضرائب لمدة سنتين إذا شئت.
ـ لا تتسرعي بقطع الوعود!
ـ لا تكن عنيدا. لم لا؟
ـ عشاؤك المهم مع ج.س بارينجر الليلة. ما الذي يضمن أنني لن أسبب لك الخزي؟
هل كان حقا قلقا من ألا يكون على قدر المستوى المطلوب؟
يا اللسخف! هي لم يساورها أي شك في ذلك!
ـ أنا لست قلقة، كول!
وابتسمت له بتعبير لم يكن أكثر صدقا من هذه اللحظة
وبخت جين نفسها، آملة أن تمحو عن وجهها تلك الابتسامة السخيفة. أيتها الغبية! لقد جاهدت لئلا تقعي في الحب جددا، ولكنك وقعت! حتى أنك ارتبطت به، سواء أكان يصدق ذلك أم لا، وتفكرين بطريقة تقنعينه بها بأن ينسى أمر الطلاق الذي وعدته به.
حاولت أن توجد بعض الثقة والاحترام بينهما، فتابعت قائلة له:" أنت ذكي ومثقف أكثر من أي شخص أعرفه". وأضافت في سرها : ثم أنت الرجل الذي أحب.
وأخيرا قالت له بصوت عال:" أنا أثق بك"
ـ ثقتك تثلج القلب.. عزيزتي!
قال ذلك وهو ينظر إليها بعينين آسرتين!
ركن كول سيارته أمام مطعم" ترينيتي ريفر" وهو غضب من نفسه لدرجة أنه كان ينفث لهبا. كيف سمح لنفسه بأن يقع في حب امرأة تقبل الزواج من أجل منصب فقط؟ حتى أمه لم تكن بهذه الدناءة.
كيف حصل ذلك؟ لقد نصح نفسه لسنوات بألا يقع في الفخ نفسه الذي وقع فين والده. ومع ذلك، ها هو ذا متزوج بامرأة تعتبره رجلا دون المستوى، لجأت إليه في اللحظة الأخيرة لتستغله. والأسوأ من هذا كله أنه جاراها في خطتها. لماذا؟ ما الذي دهاه؟
سخر منه صوت داخله: تعلم تماما لماذا وما الذي دهاك. لقد في حبها أيها الغبي!
أغضه هذا الصوت الساخر، فكاد يخنق المقود بيديه. كما أنه غضب عندما تركها على الشاطئ، مساء الجمعة الفائت وغضب عندما قدما أوراقهما تحضيرا للزواج، وغضب أيضا عندما وجد نفسه عائدا إلى المنزل ليصطحبها إلى مقر البلدية.
لم يكن ذلك ما اتفقا عليه، ولكنه شعر بحاجة لرؤيتها. وعندما رآها... يا إلهي كم بدت جميلة! كانت صورة للعروس الطاهرة. وتعذب كثيرا وهو يحاول أن يبعد يديه عنها.
في الواقع لم تستطع ذلك تماما، فقد حاول أن يمسك بذراعها ولكنها صدت، مذكرة إياه كم كان اختيارها سيئا، عندما رسا عليه.
أما أثناء انتظار القاضي، فكان يغلي ويعيش صراعا مع نفسه لأنه أصر على التصرف بحماقة. الوقت الوحيد الذي شعر فيه بشيء من التعقل كان أثناء المراسم. كان ذلك جنونا وأمرا مثيرا للسخرية ولكنه قال العهود من كل قلبه وقصد كل كلمة قالها. تبا له!
صر على أسنانه ممررا يده بعنف في شعره
ـ كول؟
نبرة جين ا لمتسائلة خطفت كول من أفكاره الضبابية، ولفتت نظره إليها.
أجفلت للتعبير البادي على وجهه لكنها أشارت إلى صدره قائلة:" لا أعرف إن كانوا سيدعونك تدخل من دون ربطة عنق"
نظر إليها لحظة أخرى قبل أن يفتح باب السيارة ويعطي المفاتيح لعامل الموقف الذي يرتدي زيا خاصا
ـ سنرى
مطعم ترينيتي ريفر ملكية أخرى من ممتلكات كول في ولاية دالاس وهو أمر تجهله عروسه الصعبة الإرضاء. وهي تجهل أيضا أن أي شيء يرتديه ج.س بارينجر يصبح تلقائيا الموضة المتبعة.
تمتم عامل الموقف باحترام وانتظر ريثما يستدير كول حول السيارة ليفتح الباب لجين. وأجفل كول عندما سمحت له جين بأن يتأبط ذراعها وهما يصعدان الدرجات الرخامية المؤدية إلى بوابة المطعم الزجاجية.وعندما أصبحا في الداخل، تولت جين زمام الأمور وقالت للنادل الذي كان يتفحص دفتر الحجوزات:" نحن بضيافة السيد ج.س بارينجر"
حول النادل نظره إلى كول بإيماءة احترام، فعبس كول وهز رأسه قليلا، مرسلا بذلك إشارة إلى الرجل لئلا يقول شيئا. عاد النادل بنظره إلى جين وابتسم لها بحرارة.
ـ نعم طبعا
وأشار إلى أحد الموظفين بالاقتراب، ثم همس له بالتعليمات قبل أن يبتسم لكول وجين مجددا
ـ اتبعا النادل من فضلكما.
سبقت جين كول وكان هو متخلفا عنها بعدة خطوات عندما همس له الرجل:" سررت بلقائك سيدي"
نظرت جين إلى الخلف وقد سمعت النادل يتكلم:" ماذا قال؟"
هز كول كتفيه وقال كاذبا:" قال استمتعا بالعشاء"
اقتنعت جين على ما يبدو بما قاله وأسرعت خلف النادل الآخر. راقبها كول وهي تسير. لقد أصبح يعرفها جيدا لكي يرى توترها. وشعر بشيء من الذنب لم هو على وشك أن يفعله، لكنه قال لنفسه: ليس لديك ما تشعر بالذنب لأجله. لقد توسلتك لكي تتزوجها وأنت فعلت ذلك، ثم ليس لديها ما تخسره.
أرشدهما النادل إلى طاولة منعزلة في زاوية رومانسية
رومانسية! من أين أتى بهذه الفكرة؟ فعلى الطاولة نفسها قابل نائبي الرئيس السابقين مع زوجتيهما
انتظر النادل احتراما، ريثما ساعد كول جين على الجلوس وجلس إلى جانبها
ـ ماذا تودان أن تشربا؟
سأل النادل عن طلبهما، فنظرت جين إليه:" قهوة من فضلك"
ـ وأنا أيضا http://www.liilas.com/vb3
أومأ النادل ثم ابتعد. حول كول انتباهه مجددا إلى جين التي كانت تنظر حولها، حائرة. بدا من تعبيرها القلق أنها لم تلحظ الشيء الكثير من فخامة المطعم بأرضيته الرخامية وثرياته المنخفضة وتحفه الفنية
الموسيقى الكلاسيكية الناعمة وتهامس الزبائن المتأنقين كان يضفي على الأمسية رونقا خاصا. ولكن كول رأى أن جين لم تكن مهتمة بالجو الموسيقي الذي يستمتع به الجميع.
كانت تسعى لرؤية شخص واحد ولا أحد سواه وهو النذل العجوز. وبالطبع لم تكن تعرف شكله، ما صعب الأمور عليها.
ـ ظننته سيكون هنا
قالت ذلك مؤكدة ظن كول. ثم استدارت لتواجهه، وقد بدت متوترة إنما جميلة في ضوء الشموع. ابتسمت له فشعر بالرغبة تجتاحه.
ـ لا تكن متشائما، كول. تبدو في غية...
قالت ذلك وقد دنت منه وضغطت على يده. لكنها ما لبثت أن شعرت بالتردد والإحراج، فقالت:" ما أقصده هو أنني متفائلة بشأن الليلة"
أبقت يدها على يده وابتسمت له:" لقد قمتُ بالخيار الصائب"
بدت خجولا وهي تقول ذلك، فلم يعرف كيف يفسر ملاحظتها، فإطرائها لم يكن متوقعا. وبعد أن قابل كلامها بالصمت، أفلتت يده وأشاحت بنظرها وقد ماتت الابتسامة على شفتيها:" آمل أن يصل قريبا"
عاد النادل بإبريق القهوة. ما أن ينتهي من سكبها، حتى تلاحظ أن على المائدة كرسيين فقط. شد قبضته على الطاولة، شاعرا بأن الوقت الحاسم يقترب.
تفحصت جين ساعتها:" إنها السابعة إلا دقيقتين، جئنا باكرا"
نظرت إليه وابتسمت له مجددا وقد بدا وكأن وجوده يشجعها
ـ أرفض أن أقلق. كل شيء سيكون على ما يرام
لم شعر بهذا التشنج عندما نظرت إليه بهذه الطريقة؟ لأنها تثق بك أيها الغبي! تظنك هنا لتساعدها، لكنك على وشك أن تسحب البساط من تحت قدميها.
ابتعد النادل بهدوء ثم عاد يسكب الماء في كأسيهما البلوريتين. وعندما انتهى، انحنى باحترام لكول وقدم له قائمتي طعام.
ـ هل تود أن تتذوق السيدة مقبلات المطعم، سيد بارينجر؟
ها هي الحقيقة، مجردة وبسيطة، وما عليه سوى أن ينتظر أن تستوعبها حتى تتفاعل معها.
هز رأسه وأشار إلى النادل أن يرحل، من دون أن تفارق عيناه وجه جين لحظة واحدة.
خفتت ابتسامتها ثم اضطربت تعابيرها. حولت انتباهه من النادل إلى كول ومنه إلى المائدة ومقعديها الاثنين ثم أخيرا إلى كول مرة أخرى.
بقيت لحظة طويلة صامتة، عاجزة عن الكلام، رغم أنه أحس بأنها بدأت تستوعب هول ما يجري. فقد نظرت إليه بعينين زجاجيتين لا تطرفان.
ـ أنت؟
كاد كول يرى ثقتها تتمزق أمامه، لكنه تحدى الرغبة التي اجتاحته في ضمها إليه. فقال بإيماءة خفيفة وكأنه يعرفها عن نفسه:" العجوز النذل بخدمتك"
رفعت يدا مرتجفة لتسأله:" أنت ج.س بارينجر؟"
بالكاد استطاع سماعه بسبب الموسيقى والأصوات المرتفعة من حولهما.
في البداية ستغضب ثم ترتاح عندما تعلم أنها لم تأسر نفسها مع رجل غريب، في زواج لا يرتكز على الحب.
ـ صدفة غريبة، أليس كذلك؟
ـ لكن... كيف؟ لماذا؟
سألت ذلك وقد بدت شاحبة جدا رغم الاسمرار الذي اكتسبته حديثا على الشاطئ
توقع أن تغضب الآن لكن يبدو أن ردات فعلها أبطأ مما ظنه.
ـ منزل الشاطئ هو لي قبل أن يصبح ملاذا خاصا بالشركة وشهر حزيران مخصص دائما لي. وقد تم تأجيره لك عن طريق الخطأ
ـ لِمَ لمْ تقل لي؟
كان ذلك سؤالا صعبا. وخشي أن يكون الرد بسبب عينيها الخضراوين الواسعتين وشفتيها المثيرتين. ولكنه بدلا من أن يقول الحقيقة، قال لها الكذبة التي أقنع بها نفسه
ـ كان ذلك امتحانا.. لأرى إن كنت مؤهلة لمنصب الرئاسة
ـ لقد جعلتني أبدو كالغبية!
ها هو الغضب الساطع آت!
قالت بشفتين مرتجفتين:" تركتني أبحث عن زوج... هكذا"
بدت مصدومة أكثر منها غاضبة، الأمر الذي فاجأه، فقال لها:" أبديت لك رأيي بهذا الموضوع"
ـ لا أصدق أنك..
يبدو أن فكرة الزواج تراءت لها فجأة لأن عينيها اتسعتا واغرورقتا بالدموع
ـ إذا لماذا...
وشدت قبضتيها:" يا إلهي.. لماذا..."
وأفلتت دمعة من أهدابه لتنسكب على خدها
أجفل كول عند رؤيتها فقد توقع أن تستشيط غضبا لا أن تنفجر بالبكاء. لم يتوقع أن تكون حزينة، ولم ير يوما مشهدا أكثر تأثيرا من تلك الدمعة اليتيمة. الآن فهم شعور والده وفهم أن المرء لا يمكن أن يختبئ من الحب. شغفه بها كان شعورا حيا يتنفس ولن يتحلى أبدا بالقوة ولا الإرادة ليدفن هذا الشعور. كان حزنه شديدا لدرجة أنه حاول أل يبدو كضحية مذبوحة يسيل الدم منها.
لو عرفت بكل هذا، لضحكت حتما، نظرا لمدى غبائه
ـ تسألين لماذا مضيت قدما في مسألة الزواج تلك؟
أنهى عنها سؤالها العلق، شاتما نفسه لعدم وجود أي إجابة هادئة يقولها لها. والحقيقة أنه إنسان ولديه ضعفه البشري. ولم يكن ذنبها إن وقع في حبها ولا ذنبه هو. الواقع أنه سيحمل نذوب هذا الحب زمنا طويلا.. طويلا
ـ تزوجتك... لكي أظهر لك كم كان ذلك غير ضروري
كانت هذه كذبة واهية ولكنها كل ما استطاع إيجاده
ـ أنا أمنحك منصب رئاسة الشركة، آنسة سانكروفت
انفرجت شفتاها ذهولا:" أنت.. أنت...؟"
ثم ترددت وراحت تحدق إليه، فبدا الصمت المطبق ثقيلا جدا وبعد محاولتين فا'لتين، تمتمت متسائلة:" أنت تمنحني الرئاسة؟"
تنهد بحزن وأومأ لها:" ءنت تتمتعين بأفضل المؤهلات.. بغض النظر عن مسألة صيد الأزواج السخيفة تلك"
ـ ولكن إذا أنت...
سكتت وقد تراءت لها الحقيقة المرة التي تخيلتها
ـ سيظن الجميع أنني حصلت على الوظيفة لأنني تزوجت مالك الشركة
وجد صعوبة في النظر إلى تلك العينين الكئيبتين ود تبدد فيهما كل أثر للثقة، لكنه حاول أن يبدو قويا وصارما.
ـ لا تقلقي! لديك ما يكفي من مؤهلات لتحولي دون حصول ذلك
بدت تعابيرها وكأن أحدهم صفعها على وجهها. بالطبع لم تفهم وهو لم يتوقع منها ذلك. صدر صوت متقطع من حنجرتها فسارعت تضع يدها على فمها وقد بدت وكأنها تشعر بالغثيان
تملكته مشاعر مختلفة ومتناقضة وخشي أن تبدو رغبته في معانقتها واضحة جدا، فجاهد ليظهر بمظهر الرجل الفلاذي
ـ لقد حصلت على الوظيفة، دونما الحاجة للارتباط برجل لا تحبينه. أظنك ارتحت الآن.
ـ أتظن..؟
وماتت الكلمات مختنقة على شفتيها . جلست متصلبة لحظات طويلة بحيث خشي أن تكون قد توقفت عن التنفس وأخيرا همست قائلة:" طبعا هذا ما تظنه"
رجع إلى الخلف في كرسيه، متفاجئا لشعوره بالنذالة. صحيح أنه كذب عليها ولكنه منحها الوظيفة التي أرادت من كل قلبها. لمَ ليست فرحة؟ لم لا ترقص ابتهاجا؟ لم تجلس هكذا وتنظر إليه بعينين يائستين؟
أخفى اضطرابه الداخلي خلف قناع اللامبالاة والبرودة وضغط يديه على الطاولة ثم نهض. كان بحاجة لأن يرحل من هنا قبل أن يجذبها إليه ويعانق تلك الكتفين المرتجفتين.
ـ تهاني على الترقية
قال هذا وتناول محفظته ليسحب منها بعض المال بالإضافة إلى بطاقة الموقف ويعطيها إياها.
ـ استعملي السيارة.. عزيزتي، أنا سأستقل سيارة أجرة. استمتعي بالعشاء، فقد عملت جاهدة لتصلي إلى هنا
احتضنت جين نفسها وكأنها شعرت فجأة بالبرد، حدقت إلى الفضاء مرتجفة وكأنها تبحث عن شيء يلهيها. ثم ملأت الدموع عينيها وانهمرت ساخنة على وجهها الشاحب
لان قلبه لكنه ما لبث أن قاوم تلك الأحاسيس، فهي تستحق أن تتعذب بسبب ما كانت تخطط له لتخدع " النذل العجوز" بزوج مزيف، إلا أنه لم يحتمل رؤيتها تتألم وتتحول من جنيفر ساننكروفت القوية الايجابية والحازمة إلى هذه الفتاة الضعيفة. وكره نفسه للتغيير الذي سببه فيها لكنه قال في سره. اللعنة! ليس لديك ما تعتذر لأجله. لقد توسلتك أن تساعدها!
لماذا يشعر إذا بالرغبة في مواساتها؟ كان ينوي أن يدع محاميه يفسر لها كل شيء ولكنه لم يستطع أن يتركها بهذا الشكل، فقال لها وهو غاضب من نفسه لضعفه تجاهها" تمالكي نفسك. ليس لديك ما تخسرينه. على العكس، ستربحين أكثر بكثير مما تظنين"
رمقته بنظرة حزينة ولمع خدها بالدموع، فمزق منظرها قلبه
ـ بالنسبة إلى الاسم المزيف، تكساس لا تزال غير خاضعة للقانون.
قال هذا وهو ينظر إلى عينيها المثيرتين للاضطراب. لم يكن واثقا من أنها تفهم أي شيء ولكنه شعر بأن عليه أن يتابع الشرح
ـ حاولي أن تفهمي ذلك، جنيفر، صحيح أنني تزوجتك باسم كول ولكن بحسب قانون ولاية تكساس، هذا لا يغير واقع أننا قانونيا السيد والسيدة ج.س بارينجر وبالتالي فإن نصف ما أملك هو لك من الآن فصاعدا
كان صوته غريبا حتى بالنسبة إليه. بدت كلماته مسطحة وآلية وهو يشرح لها الوضع، محاولا الحفاظ على برودته
ـ بما أنني أنا من استعمل اسما مستعارا وأنت تزوجتني عن حسن نية.. أقله بقدر ما سمحت به دوافعك، فلديك ملء الحق بأن تبقي زوجتي أو... لا.
بعد أن قال ذلك، وضع يديه على صدغيه اللذين بدآ يؤلمانه. فمن الصعب إدعاء اللامبالاة وهو ينظر إلى وجهها الجميل الذاهل.
ـ الكرة في ملعبك
بدا صوته غريبا وقد بدأت لمحة الإدعاء تبدو فيه
ـ لديك ملء الحرية. إما أن تلغي هذا الشيء وإما أن تبقي زوجتي. هذا وقف على مدى جشعك.
نظرته الأخيرة إلى مظهرها الحزين وتعابيرها الضائعة اعتصرت قلبه. فابتعد عنها كرجل جرد من كل شيء، خلا الألم والشك بالنفس. http://www.liilas.com/vb3
***
|