كاتب الموضوع :
ام دموع
المنتدى :
الارشيف
أمضت ماغي نهاية أسبوع كاملة في توضيب ثياب الشتاء في حقائب خاصة ثم عمدت إلى تنظيف خزانتها لتضع ملابس الربيع .
بينما كانت توضب ملابسها التي لا لون لها على ضوء نور الشمس المتسلل من النافذة إلى غرفة نومها وعلى أنغام العصافير المغردة فوق الشجرة الملاصقة للمنزل , فكرت فجأة بحفلة الميلاد .
ماذا دهاه ليلة الحفلة لينظر إليها كما ينظر الرجل لامرأة تعجبه ؟ إنها بكل أكيد لم تغره . لكن الغريب أنه منذ تلك الحادثة والعمل على حاله يسير وئيداً دون أن يشير أي منهما إلى ما حدث إطلاقاً وكأنما نسي كل شيء .
نظرت في المرآة إلى طيفها الذي أراها امرأة ترتدي سروالاً ضيقاً , تعلوه بلوزة قطنية بيضاء وهي صورة ليست جذابة كثيراً لكنها أفضل بكثير من صورتها في المكتب .
ماذا يحدث يا ترى لو ظهرت يوماً في المكتب , والشعر منسدل والفستان يظهر جمالها ؟ ضحكت ... مسكين , أندرو , إما أ تصيبه نوبة قلبية أو أن يطردها في الحال ! هي ليست بالنسبة له أكثر من قطعة أثاث , أو أكثر من إنسان آلي , لا صفة ادعاء له ولا شخصية , يطيع أوامره دون جدال . ولا تعتقد أنه سيلاحظها يوماً .
لماذا تفكر في كل هذا الآن , خاصة بمظهرها ؟ وهل عنت تلك اللحظات القصيرة شيئاً له يا ترى ؟
بالطبع لا ... لا تكوني سخيفة ! تنهدت ثم عادت إلى عملها تتمتم لنفسها بشيء عن حمى الربيع.
تخرج ماغي عادة عند الظهيرة من المكتب للتريض ثم تأكل سندويشاتها في غرفة القهوة في المؤسسة في الواحدة إلا ربعاً . معظم الفتيات يتناولن فطورهن بسرعة ويخرجن للتسوق أو لحاجات شخصية , ولقد كانت ماغي تحب جميع الموظفين , وتحاول ألا تتعالى عليهم كونها سكرتيرة رئيس المؤسسة الخاصة . ومع ذلك فقد كانت تسرها الخلوة التي كانت تكسبها وقت الغداء بعد صباح تقضيه عادة مع أندرو وعمله المرهق .
أحست يوم الأربعاء التالي , أنها لا تريد الخروج من المكتب ساعة الغداء . فتأسيس شركة الدكتور هايكنز سلب معظم وقت أندرو , وترك بهذا حمل ما تبقى من معاملات وقضايا على كاهل ماغي للتعامل معها بأفضل طريقة تستطيعها . كانت قد أمضت الصباح كله في محاولة لتهدئة روع الزبائن خاصة السيدة ديكسون :
ـ أجل سيدة ديكسون . لقد راجع السيد كروس حسابك في المصرف بدقة .. لا .. في الواقع لا داعي للحديث معه في الموضوع .. كل شيء على ما يرام ..
وهكذا .. وهكذا , تكراراً , وعند الظهر , أحست أنها لن تحسن صنيع شيء سوى تناول سندويشاتها بهدوء وحدها في مقعد مريح على طاولة في المقهى المطل على المحلات الأخرى من الشارع .
عندما دخلت المطعم كانت الطاولات الست كلها مشغولة , فذهب بذلك أملها القاضي بالجلوس على طاولة واحدة , لكن الآخرين سيذهبون بعد قليل على كل الأحوال .
وجدت ثلاث فتيات يجلسن على الطاولة التي اختارتها , إحداهن موظفة الاستعلامات , والأخرى عاملة الكومبيوتر والثالثة سكرتيرة مات ماكلاود . كانت رؤوسهن متقاربة فوق الطاولة وهن يتناولن أحاديث سرية , وما إن اقتربت ماغي حتى سمعت إحداهن تلفظ اسم رئيسها . وعندما جلست , نظرن إليها جميعاً , وتوقفت أليسون سكرتيرة مات عن الكلام قبل أن تتم جملة كانت قد شرعت بها . أليسون فتاة صهباء الشعر تبدو عليها سمات المشاكسة غير المسؤولة . ضحكت الفتاة بقلق , وقالت بلهجة دفاعية :
ـ كنا نتحدث عن رئيسك .
فتنهدت ماغي :
ـ لا تأبهن لي . لا كلام قد تقلنه لم أقله قبلكن مراراً .
من الوقائع المعروفة في المكتب أن سكرتيرة أندرو كروس تحمل أعباءً فريدة من نوعها , وكانت الفتيات اللاتي يحللن مكانها أثناء إجازاتها يهددن بالإستقالة ولهذا السبب كانت تلقى الاحترام والعطف , لكن الذي لفت انتباهها أنها لم تجد بين العاملات من ترغب في الحلول مكانها بأي ثمن .
تبادلت الفتيات نظرات تآمرية , ثم انحنت إحداهن لتقول :
ـ هل سمعت يا ماغي عن آخر غزواته ؟
ازدردت ماغي قضمة السندويش , وشربت بعضاً من اللبن . إنها تكره الأقاويل التي تنتشر في المكتب , ولكن من المهم أن تبقى على وفاق جيد مع الفتيات الأخريات . فابتسمت وقالت :
ـ لا ... لم أسمع .
فقالت الفتاة هامسة :
إنها إيفا بانديث .
نظرت إليها ماغي ببرود :
ـ ومن هي إيفا بانديث ؟
فتنهدت الفتاة :
ـ يا إلهي , أنتي بعيدة كل البعد عن الأجواء ! إيفا بانديث هي أشهر عارضة أزياء في المدينة . ألا تطالعك صورها في الجرائد ؟
ـ كيف عرفتن تورطها مع رئيسي ؟
ـ لقد دعاني جون إلى مطعم فاخر بمناسبة يوم مولدي في عطلة نهاية الأسبوع . وهناك شاهدناهما .
انزعجت ماغي انزعاجاً شديداً ... لماذا على أندرو إظهار علاقاته ؟ ألا يفكر بسمعته وصورته المهينة ؟
تكلمت لودي , عاملة الاستعلامات بلهجة جافة :
ـ أراهن أنها هي من تودد إليه .
فقالت الفتاة :
ـ حسناً , لقد كانت عدائية بما فيه الكفاية .
أردفت لودي :
ـ إنها تتصل به هاتفياً طوال الوقت حتى ضج منها فأمرني بألا أصلها به , أو بك يا ماغي . لقد قال لي إن لديك أشياء أهم تشغلين بها وقتك .
أنهت ماغي غداءها فراعت تلملم ما بقي من فتات ولما رفعت بصرها إليهن رأتهن ينظرن إليها بريبة , وتابعت لودي :
ـ أتعلمين با ماغي , تساءلت مراراً عنك وعن أندرو ... أعني .. أنني أعرف أنك تحبين الظهور بمظهر متواضع في المكتب , لكنني رأيتك في حفلة الميلاد ترقصين مع مات ماكلاود , وأعتقد أنك بقليل من الجهد ستبدين جذابة جداً .
انفجرت ماغي ضاحكة :
ـ شكراً لك لودي , لكن لا ... شكراً , لا تنسي أن أندرو يحب السمراوات فقط .
|