12- مواجهة ....... مواجهتان" هل تشعرين بتحسن يا أختي؟".
سألت دورين شقيقتها كوري , عندما دخلت أليها في غرفة النوم حاملة طبقا فيه طعام الفطور.
كوري نصف مغمضة, سألت عن الوقت:
" الساعة الحادية عشرة, جئت اليك قبل الآن ووجدت أنك غارقة في النوم , كيف حالك؟".
" أنا في خير".
مجيئها الى البيت , اليوم الفائت , بعد طيران مرهق من مزرعة مايسون , لم تواجه بأسئلة من شقيقتها وصهرها اللذين رحبا بها بحرارة , وأضافت كوري :
"شكرا لأنكما لم تسألاني عن سبب مجيئي , الليلة الفائتة".
" هل ترغبين في التحدث الآن ؟ لا تفعلي أن كنت غير مستعدة , أنا أتفهم".
" لا أستطيع أن أتحدث... الآن , ربما في وقت لاحق".
ربتت دورين على كتف شقيقتها ثم سكبت القهوة لكليهما , وقالت:
" أنت تحيبينه كثيرا يا كوري, أليس كذلك؟".
أغرورقت عينا كوري بالدموع وهي تهز رأسها بالأيجاب.
" أنا يجب أن أعترف أنني استغربت من تسرعك في الزواج , ولكن شعرت أنك أنت واثقة جدا مما تفعلين".
" كنت واثقة , ولكن الآن ... لم ينجح زواجنا".
" ما عاد يهتم بك؟".
" أرجوك يا دورين لنتحدث عن أي شيء آخر".
" حسنا ولكن بعد أن تبدأي بتناول الطعام".
وبدأت كوري تأكل وقالت دورين:
" في الحقيقة أنا عندي شيء آخر أريد التحدث عنه, كنت سأكتب لك عنه , أنا حامل يا عزيزتي".
" صحيح ؟ هذا خبر مفرح, لا بد أن هاورد سعيد جدا".
" نعم , هو كذلك , أنا كنت دائما غير متحمسة لفكرة أنجاب أطفال , كما تعلمين, ولكن أعتقد أن حماس هاورد جعلني أرضخ وأفرح للفكرة".
" ستكونين أما رائعة يا عزيزتي".
واقتربت من شقيقتها وقبلتها, وشعرت أن مشاكلها الشخصية أنزاحت قليلا من تفكيرها المباشر.
وقامت دورين قائلة:
" لا تستعجلي في القيام , خذي وقتك , أنا خارجة في عمل... وأعتقد أن بضعة أيام نوم لك ستفيدك".
وفيما دورين تغادر الغرفة, شعرت كورين بالفرح الممزوج ببعض الحسد لأمومة دورين المقبلة, لو هي وغريغ كانا زوجين طبيعيين لكانت الآن هي تبلغ دورين الخبر السعيد , وتساءلت: هل يمكن أن تثمر العلاقة الوحيدة مع غريغ؟
واذ بضجيج في الخارج ينهي الهدوء وصوت غريغ يتصاعد في غضب:
" في أي غرفة هي؟ أخبريني أو أكسر كل باب أمامي بحثا عنها".
" لا حاجة للخراب , تستطيع أن تفتح قبضات الأبواب".
ولا بد أنها دلته على باب كوري , اذ في لحظة واحدة فتح الباب بعنف ودخل مغلقا الباب بعنف أيضا , هجم نحو كوري وأزاح طبق الطعام من أمامها واضعا اياه جانبا".
" أنهضي".
أمرها غريغ وهو ينتزع عنها الغطاء وأمام تردد كوري ردد قائلا:
" أنهضي وقولي لي في وجهي أنك مغرمة بروجر".
ولكن من قبل أن يعطيها الوقت الكافي , رفعها من ذراعيها بيديه قائلا:
" أخبريني كم أنت مجنونة بحب روجر , دعيني أصدق".
وأضاف من دون أن تجد مجالا للرد:
"" هل تعتقدين أنني أبله لآخذ بحججك الواهية؟".
بعدما أرخى يديه عنها وجعلها تتمكن من الجلوس في سريرها , قال:
" الآن أخبريني الحقيقة وراء تركك للمزرعة".
شعرت بأن لا مجال أمامها الا البوح بالحقيقة أمام رجل شديد الثقة بنفسه , قالت وهي ترتعش:
" تركت لأنني ما عدت أحتمل العيش في بيت رجل كاذب".
" ومتى كذبت عليك؟".
" كذبت عندما لم تخبرني السبب الحقيقي وراء رغبتك الشديدة في حضانة بوبي".
" وما هو السبب الحقيقي في رأيك؟".
" أنه أبنك... أبنك أنت وماريزا".
وخيم الصمت على الأثنين وهما ينظران الى بعضهما بجمود , ولاحظت كوري أنحسار اللون من وجه غريغ , وأخيرا قال:
"ماريزا أخبرتك ذلك؟".
" نعم, هي أخبرتني, وكذلك أنك أردت شقيقك أن يرحل لأنك تريد بوبي".
قامت من السرير لتقف أمام طاولة الزينة محاولة عدم النظر الى غريغ وهي تقول:
" لا حدود لما يمكن أن تفعله من أجل الحصول على بوبي , حتى في الأدعاء بأنك تحبني , حتى في ذلك الكوخ معا فعلت كل شيء من أجل أن أبقى الى جانبك حتى دعوى الحضانة".
اقترب منها في سرعة , ولاحظت أنه كان يرفع يده عندما التفتت اليه وفي عينين يملؤهما الحقد قالت له:
" لماذا لا تنفي ذلك يا غريغ؟ ماريزا قالت أنك بالطبع ستنفي هذه الحقيقة".
" أذن بحث الموضوع لن يغير شيئا في رأيك؟".
" لن يغير شيئا".
وعادت تنظر الى طاولة الزينة والزجاجات عليها , وصرخت في داخلها : لماذا لم يحاول أن ينفي الخبر؟ لماذا لا تذهب وتتزوجها الآن؟ أنتما تستحقان بعضكما".
تحرك في اتجاه باب الغرفة وقال:
" أشكرك , ربما أفعل".
وخرج مغلقا الباب خلفه بهدوء , وبعد دقائق وفيما كوري واقفة كالجماد , سمعت صوت محرك السيارة ينطلق ويبتعد .
فرمت بنفسها على السرير وهي تبكي وتردد : "آه يا غريغ".
دورين كانت تقرأ الجريدة عندما قالت لكوري:
" ماريزا مايسون ستعزف هذه الليلة في فانكوفر".
فأجابتها كوري التي مضى على وجودها نحو الشهرين:
" نعم , أعرف, سأذهب مع جويل الى الحفلة".
" وهل تعتقدين أنه من الملائم أن تذهبي ؟ أنها زوجة شقيق غريغ, أليست كذلك؟".
" نعم , أنها والدة بوبي, ألم أخبرك أنها حضرت الى المزرعة عندما كنت هناك؟ وكانت تعزف لنا في الأمسيات".
" هل حقا كانت تفعل ذلك؟ الخبر في الجريدة يقول: أنها بدأت جولة في شمال أميركا أنطلاقا من فانكوفر وأنها آخر جولة لها , سوف تتزوج مرة جديدة , ولكنها لا تقول أسم الرجل لأنه لم يتحرر بعد من زوجته , يا لهؤلاء الناس , يتزوجون ويطلقون ويتزوجون..".
ثم سألت " هل كنت تعلمين أن ماريزا مايسون ستتزوج؟".
" كلا , لم أعرف ذلك , مع أنني توقعت أن تفعل".
وقامت كوري منعا لمزيد من الحوار أضافة الى أنها بدأت عملا مؤقتا في التعليم في مدرسة خاصة للبنات وعليها أن تلتحق بعملها.
ولكن دورين عادت تسأل:
" هل غريغ هو الرجل الذي سوف تتزوجه؟".
" لا أعرف يا دورين , ربما , يجب أن أذهب".
وشعرت بالغصات تتلاحق في حلقها , وبدموعها تنهمر على وجهها , ولاحظت توقف أحدهم ناظرا بشفقة واهتمام, ولكنها لم تترك مجالا للشرح, بل أسرعت في اتجاه المدرسة , فقط تمنت لو غريغ عثر على حل لمشاكله منذ البداية , لما كان في حاجة لكوري... ولما كانت وقعت في حبه ولما كانت هي بائسة الآن.
منتديات ليلاس
منذ اللحظة التي جلست فيها ماريزا أمام البيانو في القاعة الضخمة شعرت كوري أنها تحلق بعيدا, المرأة هي ذاتها , حضورها القوي ذاته , القليل من السواد تحت العينين نتيجة التعب والسهر , ولكنها تبدو مرتاحة مطمئنة, هل السبب: المشروع الجديد في حياتها؟ جويل هندريكس أستاذ الرسم في مدرسة البنات حيث تعلم, اشترى بطاقتين في مقاعد أمامية له ولكوري , منها بدت معالم ماريزا واضحة تماما لهما, لم يعلَق جويل على شخصية العازفة , وكوري لم تقل شيئا عنها , وما جمع الأثنين هو حبهما للموسيقى الكلاسيكية.
وعندما سلطت الأضواء بعدما انتهت ماريزا من العزف في الوصلة الأولى لاحظت كوري أن جويل قال شيئا:
" عفوا , ماذا قلت؟ كنت مأخوذة بالموسيقى".
" قلت اذا كنت تحبين تناول القهوة معي في مقهى المسرح؟".
وقبل أن تجيب جاء موظف من المسرح حاملا في يده ورقة صغيرة مطوية وقال:
" سيدة مايسون؟ هذا لك"؟
أخذت كوري الورقة وقرأت:
" تعالي الى خلف الكواليس , من دون رفيقك.م".
وبقي الرجل الموظف ينتظر , ولما لاحظ تردد كوري قال:
" ليس عند السيدة وقت طويل , لأنها ستعزف الوصلة الثانية بعد استراحة قصيرة".
استغرب جويل الكلام الدائر وقال:
" تقصد ماريزا مايسون؟".
وتناول الورقة من يد كوري وقرأها حتى النهاية , بدا منزعجا , وسأل كوري:
" لم أعلم أنك تعرفينها , هل ثمة قرابة بينكما؟".
" نعم, انها زوجة شقيق زوجي".
وقامت تتبع الموظف قائلة:
" أعتذر يا جويل , ولكن عليَ أن أذهب".
كان وجه كوري عابسا وهي تتقدم نحو العالم الساحر خلف الكواليس , دخلت غرفة وثيرة حيث ماريزا تنتظرها ".
" شكرا لأنك حضرت الى الكواليس يا كوري , أنا أردت أن أراك الآن مخافة أن لا أتمكن من ذلك بعدما تنتهي الحفلة , وحتى الآن الوقت ضيق".
قالت ذلك وهي تنظر الى الباب كأنها تتوقع أحدا, هل ترا يكون غريغ مايسون؟
" وما الأمر الملح الذي جعلك تطلبين رؤيتي في منتصف الحفلة ؟".
سألت وهي تخاف أن يكون استدعاء ماريزا هو الأمعان في التشاوف واظهار أنتصارها ألأخير , ولكن ماريزا بدت حزينة ومنقبضة, فسألت كوري:
" أرجو أن لا يكون عندك خبر سيء , هل بوبي في خير؟".
" بوبي في خير , ولكن يفتقدك كثيرا , أرجوك أجلسي , أنا سعيدة لأنك حضرت الليلة, لم تكن عندي وسيلة أتصل فيها بك".
" كان بأمكانك أن تسألي غريغ".
" هذا صحيح , ولكنني فضلت أن لا يعرف غريغ عن رغبتي في مقابلتك, أنا أردت أن أابلك من أجل بوبي, أنا, كما تعرفين, لم أكن يوما أما ناجحة, ولأكن صادقة معك, بوبي لم يكن يعني لي أكثر من سبب لأرى غريغ من وقت لآخر".
"أنا لاحظت ذلك".
"أنا لا أملك هدوءك مع الأطفال , طريقتك في التصرف...".
" أنا معلمة, وقد تدربت على...".
" أنا لا أتحدث عن التدريب ... أنت عندك ملكة طبيعيىة في التعامل مع الأولاد".
وقامت من مكانها وهي تضيف:
" بوبي كان حزينا جدا, عندما غادرت البيت, ولم يتمكن لا غريغ ولا أنا من تعويض ذلك".
وكادت كوري تضحك من قهرها وهي تتساءل: ترى هل تعرض عليها ماريزا وظيفة العناية ببوبي أثناء غيابها مع غريغ في رحلة شهر العسل؟ وكأن ماريزا قرأت أفكارها , فقالت:
" لا بد أنك سمعت أن هذه آخر جولة موسيقية لي , وعن زواجي القريب, أن زواجي الأول لم يكن ناجحا , جون لم يكن قوي الشخصية, لم يكن يشبه غريغ , كنا نكون أسعد لو أظهر قليلا من السيطرة, الآن أعلم أنني كنت أحتاج الى رجل له أرادة صلبة".
ولماذا تخبرها كل ذلك؟ وهل اكتشفت في قلب غريغ حنانا جديدا؟ وتابعت ماريزا:
" الآن أنا تغيرت , فجأة شعرت أنني أريد أن أكون كل ما يمكن أن تكونه الزوجة , أريد أن أطبخ طعامه, أجعل بيته جميلا وهادئا في أنتظار عودته, حتى أريد أن أغسل جواربه... مع أن ذلك لن يكون ضروريا".
" طبعا لا , هو يدفع للناس ليقوموا بهذه الأعمال".
" ماذا قلت؟".
" لا شيء يا ماريزا , ما زلت لا أفهم لماذا طلبت مقابلتي , أن كنت تريدين تهنئتي لك بمشروع زواجك , فمبروك".
وقامت تريد أن تذهب , واذ بيد ماريزا تضغط على ذراع كوري .
" أنا لم أطلب منك أن تأتي الى هنا من أجل هذا السبب , أنا ....".
" أن الوقت ضيق ويجب أن أذهب".
" أنا لم أكن حسنة التعامل معك , وفي الحقيقة أنا كنت سيئة, أسأت اليك, وأريد أن أضع الأشياء في موضعها السليم أن أستطعت, لا أستطيع أن أتمتع بسعادتي الجديدة التي وجدتها , اذا لم أحاول أن...".
واذ بكلامها يقطعه نقر على الباب وحضور شخص قابلته ماريزا بالقول:
" يا حبيبي بكرت في الحضور, لم ننه كلامنا".
وهوى قلب كوري وهي تعتقد أن غريغ دخل الغرفة وعندما التفتت رأت رجلا أشقر في حوالي الأربعين من العمر , سمين , ولكن فيه ملامح نعومة خصوصا في نظراته لماريزا, قال:
" حان الوقت للوصلة الموسيقية الثانية يا حبيبتي".
" لا بأس , ولكن الآن تعال أعرفك الى كوري".
وضعت يدها تحت ذراعه وقالت:
" كوري, هذا فنسنت تارين الرجل الذي سوف أتزوجه , وهذه كوري, زوجة غريغ".
مدت يدها تسلم على الرجل , وهي تكاد لا تفهم ما يدور حولها.
" تصوري يا كوري , أنا وفنسنت نعرف بعضنا منذ سنوات , ولكن يبدو كأننا أكتشفنا عواطفنا اتجاه بعضنا مؤخرا".
نظر فنسنت الى ساعته , فتحركت كوري الى الخارج وتبعتها ماريزا وبقي الرجل بعيدا قليلا , فقالت كوري في صوت خافت:
" أنا أعتقدت ... أنك ستتزوجين.... غريغ".
وأجابتها ماريزا في صوت خافت أيضا :
" وماذا تعتقدين أنني أحاول أن أقول لك؟ غريغ يحبك أنت وليس أنا , هو جعل ذلك واضحا عندما عاد الى المزرعة من فانكوفر بعد مقابلتك".
" هل هو قال ذلك؟".
" ليس بالكلمات , ولكنني أعرف غريغ جيدا, كان غاضبا جدا لما قلته لك الى درج أنه طلب مني أن أحمل أغ**** وأرحل".
" وما الذي يجعلك تعتقدين أنه يحبني الآن".
" لأنه كان كالمجنون , ألا ترين أنه لو لم يكن يهتم بأمرك لما كان أهتم لما قلته لك".
وتابعت ماريزا بصوت هامس:
" جنونه , ثم فنسنت ساعداني على الشفاء من جنوني أنا , في كل حال لا تأخذي كلامي كما هو بل أذهبي وأعرفي بنفسك , على الأقل بوبي سيستقبلك بترحاب شديد".
" هل ربح غريغ دعوى الحضانة؟".
" أي دعوى هذه , أنا لم أكن أنوي اطلاقا التقدم بدعوى , كنت أعلم دائما أن بوبي موجود حيث يجب أن يكون ... مع غريغ...".
ثم ترددت قليلا قبل أن تقول:
" كوري, لم يكن صحيحا ما قلته لك عن أن ...".
واذ بفنسنت يقاطعها من بعيد بصوت حاسم لعودتها الى المسرح , وقبل أن تواجه الجمهور , قالت لكوري:
" أذهبي , حظا سعيدا ".
كوري بقيت جامدة في مكانها عندما جاء الموظف يريد أن يأخذها الى مكانها بين الجمهور , الا أنها لم ترغب في العودة , بل ناولته ورقة ليوصلها الى جويل كتبت فيها أعتذارها لأنها مضطرة أن تترك المكان.
وفي الهواء الطلق في الخارج, سحبت كوري نفسا عميقا , وأدركت أنه مهما كان صادقا أو كاذبا ما قالته ماريزا , فأن عليها هي أن تذهب لترى غريغ , وتخبره أنها تتفهمه.