لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-06-09, 04:09 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


في المساء على طاولة العشاء قال لها غريغ:
" يبدو أنك قدرت على ضبط الأولاد اليوم , كنت أفكر أن كنت ترغبين في تعليمهم حتى باقي السنة الدراسية".
ولم تصدق كوري ما تسمع, قفز الفرح من عينيها وهي تقول :
" طبعا أرغب في ذلك, أن هذا أقصى ما أتمناه هنا".
فنظر اليها متعمدا الحيرة:
" يبدو أن أقصى ما تتمنين , سهل تحقيقه, هل السبب في ذلك أنك تشعرين بالوحدة؟".
اعترفت كوري صادقة:
" أنا لست معتادة على جعل أوقاتي خالية من أي أنتاج , انتظر ساعات فارغة الى أن يأتي سيدي الى البيت, وعندما يأتي يغلق على نفسه في مكتبه يعمل ويتركني وحيدة".
توقفت عن الأسترسال في الكلام وهي تشعر أنها بالغت في الشكوى , فاجأها بجوابه:
" هل تفضلين أن أمضي معك وقتا أطول؟".
ارتبكت من سؤاله , التقت أعينهما وشعرت أنهما مهما حاولا التقارب فأن مسافات روحية شاسعة تفصل بينهما, أجابت:
" كلا, بل سأكون سعيدة أن أمضيت طيلة النهار مع الأولاد , وأعتقد أنهم بحاجة الى ساعات درس مكثفة بسبب ما أضاعوه من وقت, هل تعتقد أن أمهاتهم يمانعن؟".
هز كتفيه منسحبا وقال:
" أنت المعلمة, أنت التي تقرر".
ووقف حاملا فنجان القهوة يهم بالخروج به الى غرفة المكتبة وقال:
" في كل حال ستعرفين رأي الأمهات غدا مساء . أعدوا لك حفلة, رغبن في اللقاء السبت الماضي ولنني أقترحت أن يؤجلن ذلك الى أن تعتادي على المزرعة".
قاطعته قائلة:
" أو حتى أستطيع أن ألعب دور زوجة السيد في أتقان؟".
وشعرت أنها منزعجة لأنه لم يخبرها عن رغبة زوجات المزارعين في لقائها وهي اعتقدت أنهن يتجنبنها ".
فقال لها:
" ربما هذا صحيح , في كل حال الأمر ليس سهلا بالنسبة الي".
وخرج من الغرفة مسرعا وهي راحت تختبر كلماته , لم تفكر قبل الآن بصعوبة علاقتهما من زاويته هو, هو يختلط بأناس المزرعة ويسمع تعليقات عن العريس الجديد ويتصرف طبقا لذلك, هي لم يكن عليها أن تواجه غير ايلين, وهذه الأخيرة أقتنعت فورا بصدق زواج معلمها وكوري , ولم يكن على كوري التصرف بصعوبة في مواجهتها.
ليلة السبت كان على كليهما مواجهة عمال المزرعة وزوجاتهم وأتقان دور الزوجين السعيدين , في قاعة المدرسة أقيمت الحفلة, رفعت الطاولات والكراسي جانبا وزينت الجدران بالأوراق الملونة , أحاط غريغ بكوري بذراعيه وقدمها الى الجموع قائلا:
" أقدم لكم زوجتي".
وتوقف قليلا وكأنه توقع سلفا تصفيقا وتعليقات الشبان.
ثم تابع:
" كوري رغبت في لقائكم قبل الآن , ولكنني كنت أنانيا لأنني رغبت في ابقائها معي".
وجاءت التعليقات الضاحكة من هنا وهناك تضفي على اللقاء طابعا حميما.
وعندما هدأ المزاح أضاف غريغ:
" أن كوري معلمة متخرجة حديثا , ومع أنني لم أكن أرغب أن تبتعد عني خلال النهار من أجل الأولاد , الا أنها قلقة على سنتهم الدراسية وترغب في أن تتولى تدرسيهم خلال المدة الباقية من السنة".
كلام غريغ أثار التصفيق من الرجال والنساء الذين أظهروا تقديرهم لكوري لأهتمامها بمستقبل أولادهم, وفرحت كوري في رد فعل الحاضرين خصوصا من جين ريبرن التي صفقت بحماس شديد.
هانك أنتظر حتى هدأ التصفيق وكلام الأعجاب ثم أدار أسطوانة موسيقية تستدعي الرقص من الجميع , وجاء أحد الحاضرين يستأذن غريغ ويطلب من كوري أن ترقص معه , فسحب ذراعه من خاصرة كوري وابتسم لها مشجعا اياها , ارتبكت في البداية الا أنها ما لبثت أن تجاوبت في الرقص وهي ترى غريغ يراقبها من بعيد, وتذكرت لحظة زواجها وعينيه السوداوين تشجعانها على أتمام ما اتفقا عليه , وشعرت أنه لولا ثقته بنفسه لما تمكنت من الأستمرار معه.
رجل خلف آخر راحوا يراقصون كوري, وعندما شعرت بالتعب أدركت أنها رقصت مع كل الرجال الحاضرين , وأخيرا دعي الجميع للأستراحة وللأنتقال الى الطعام, ووجدت كوري فرصتها للتحدث مع النساء اللواتي أعددن الطعام.
قالت لهن وهن يتحلَقن حول طاولة ملأى بالطعام:
" لا بد أنكن عملتن بجد وتعب , غريغ وأنا نشكر لكن أهتمامكن بنا ".
وجاء الجواب من أحداهن اذ قالت مبتسمة:
" أنه ليشرفنا ذلك يا كوري ". وأضافت وهي تنظر الى تفاصيل وجه كوري وثيابها الأنيقة:
" الآن نحن نفهم لماذا خطفك غريغ من فانكوفر وأراد أخفاءك في البيت الكبير, علينا الآن أن نربط رجالنا على عتبة البيت لمنعهن من اللحاق بك".
فضحكت كوري خجلا ولكن جين ريبرن أنقذتها عندما قالت بسخرية:
" ولماذا تهتم كوري بزوجك طوم في حين هي منزوجة من غريغ مايسون ؟ أنه شخص كلنا كنا نتمنى أن نحظى به".
ومع أن النكات استمرت من هنا وهناك , التفتت جين الى كوري وقالت:
"أنا ارتحت جدا عندما علمت أنك ستتولين التدريس الآن في المدرسة, غريغ لم يخبرنا أنك معلمة".
ابتسمت كوري وقالت:
" بالحقيقة, هو لم يرغب في أن أعمل هكذا بسرعة بعد زواجنا".
جاءها تعليق المرأة الأولى:
" أنهم كلهم هكذا في البداية يا عزيزتي , ولكن أنتظري سنة حتى يحضر الأولاد من بعدها سيفضل السهر مع رفاقه الشباب ولعب الورق على البقاء في البيت".
علقت أخرى:
" أصمتي يا شيري, اذا كنت أنت لا تستطيعين أبقاء زوجك في البيت ليلا هذا لا يعني أن غريغ...".
وجاء صوت غريغ يقاطعهن :
" أريد أن أسرق زوجتي منكن قليلا, وأرقص معها لأول مرة... هذه الليلة".
وسحبها بنعومة الى حلبة الرقص, وفكرت كوري أن النسوة لم يلاحظن توقفه قليلا قبل أن يضيف كلمة هذه الليلة, أنهما لم يرقصا معا أبدا وهذه أول رقصة لهما منذ حفلة زفافهما.
ارتبكت كوري بين ذراعي غريغ في اللحظات الأولى ألا أنها ما لبثت أن شعرت بارتياح بين ذراعيه وخطواته الواثقة, قربها منه كثيرا فتمكنت من شم رائحة رائحة العطر الذي وضعه بعد الحلاقة ورائحة السيكار الذي دخنه قبل أن يحضرا الى الحفلة, ومع أنه وضع خده على خدها الا أنها أعتبرت ذلك ليس أكثر من مظاهر تجعل الآخرين يراقبونهما يرقصان معا بحميمية , ومع ذلك سألته:
" هل ستفعل مثلما قالوا؟".
رفع رأسه ونظر اليها وهما يتابعان الرقص , وقال:
" أفعل ماذا؟".
" ستفضل السهر مع رفاقك الشباب ولعب الورق على البقاء في البيت عندما تنجب زوجتك".
ابتسم وقال:
" أن الأمر يعود للزوجة وتصرفاته".
ثم تابع:
" أن كنت تتكلمين عما قالته شيري , فهي وزوجها بوب يواجهان مشاكل منذ تزوجا, مشاكل لا أعتقد أنني سأدعها تدخل في حياتي الزوجية".
" ولكن كيف يمكن لأثنين يتزوجان أن يكونا واثقين من نجاح زواجهما؟".
" عبر عدم النظر الى بعضهما في منظار رومانسي".
قال ذلك وبدا أنه ارتاح لصوت الموسيقى يتوقف ويعلن أنتهاء الرقصة.
وفيما هما يعودان من السهرة التي أقيمت على شرفهما , وفي الجناح الذي يشتركان في النوم فيه من دون أن يلتقيا , كانت كوري شاردة , حتى وهي تخلع ثيابها في غرفة النوم الوثيرة راحت تفكر أيضا وتتساءل : ترى ما الذي جعل غريغ ينفر من الحب الرومانسي؟
منتديات ليلاس

أسابيع ثلاثة مرت على كوري أسرع من أي وقت سابق , أسبوعان في أنتهاء السنة الدراسية وأسبوع ثالث لتصفية الحسابات والتفاهم مع أهالي التلاميذ عن نتائج أولادهم.
تعليم صف من أربعة عشر تلميذا من النظرة الأولى هو حلم كل معلمة, ولكن كوري ما لبثت أن اكتشفت أن اختلاف الأعمار بين التلاميذ يشكل عائقا كبيرا أمامها . اذ كيف يمكن تعليم صف فيه كل تلميذين أو ثلاثة من مستوى دراسي مختلف.
جيسون, الولد الهندي المهذب المؤهل للأنتقال الى الصفوف الثانوية في مدرسة داخلية في أيلول المقبل, عمل على أنفراد بالفروض التي كانت تطلبها منه,ولكن الأولاد الأصغر سنا كانوا مشكلة اذ أي أهتمام تصبه على مجموعة من مستوى واحد دون الآخرين تجعل هؤلاء سريعي اللهو.
بعد ثلاثة أيام من التعليم, وعلى طاولة الغداء , لاحظ غريغ التفكير بين حاجبي كوري سألها:
" هل ثمة شيء يزعجك؟".
" ماذا؟ آه, كلا... بل نعم , يوجد شيء يزعجني".
وشرحت له المشكلة التي تواجهها في صف متعدد المستويات , فأبدى اهتماما شديدا فاجأها , خصوصا وأنها خافت أن يعتبر مشكلتها سخفا منها أو عدم كفاءة, قال لها:
" يمكنك أن تفصلي التلاميذ حسب مستوياتهم , لماذا لا تستعملي بيت المعلمة الفارغ الملاصق للمدرسة للأولاد الأكبر نسبيا ليعملوا وحدهم بعدما تحددي لهم ماذا عليهم تحضيره؟ وأعتقد أن الصغار يحتاجون الى تركيز منك من أجل ضبطهم أكثر من الآخرين".
" هل أستطيع فعلا أن أستعمل بيت المعلمة؟".
" طبعا ولم لا؟ جربي ذلك ليوم أو يومين فتري النتيجة".
" غريغ أنت عبقري لماذا لم يخطر ذلك في بالي؟".
"كان سيخطر ذلك في بالك".
ووقف وفي يده فنجان القهوة يشرب آخر قطراته مثلما يعمل عادة قبل أن يختفي في مكتبه , ولكنه تلك الليلة فاجأها اذ قال:
" هل تحبين أن تستمعي الى بعض الموسيقى في غرفة الجلوس؟ عندي بعض أسطوانات ماريزا أن كنت ترغبين فيها".
" طبعا , أحب ذلك , أنا أعشق طريقتها في العزف".
" نعم... أنها موهوبة".
جلست كوري على طرف المقعد الطويل في غرفة الجلوس وفي يدها كأس فيه سائل مهضم, وأدار غريغ أسطوانة, وارتفع عزف البيانو, مقطوعة لشوبان تملأ الغرفة, كوري انتقلت فورا بأفكارها الى قاعة الموسيقى الضخمة في فانكوفر حيث رأت واستمعت الى ماريزا مايسون تعزف على بيانو ضخم, تكاد تراها الآن بشعرها الأسود الطويل جالسة الى البيانو في غرفة الجلوس تمرر أصابعها على البيانو, لا عجب أن كان غريغ... وارتفعت بعينيها نحو غريغ تراقب ملامحه تحت ضوء خفيف منعكس على وجهه , وفوجئت بأن ظهرت فيه قساوة أكثر مما كان عليه قبل ادارة الأسطوانة , فكه مشدود وفمه مضغوط , وعيناه السوداوان خاليتان من أي بريق عاطفي , وشعرت كوري بمشاعرها تبرد عندما أكد لها حدسها أن ماريزا مايسون هي في جذور نفور غريغ من الحب الرومانسي.
شعرت بشفقة غير متوقعة تسري فيها مثل موجة قوية جعلتها تسحب نظرها منه نحو سواد النافذة الكبيرة في آخر الغرفة, أولا لأنه علق بحب أمرأة شقيقه , وثانيا , وبعد وفاة شقيقه , لا يستطيع أن يأخذها الى جانبه لأنه لا يستطيع أن يدفن مواهبها في المزرعة النائية, وتساءلت : هل دعوى الحضانة التي يريد غريغ أن يرفعها هي طريقة لتأكيد مجيء ماريزا الى المزرعة على الأقل للزيارة؟
" غريغ , من بعد أذنك , أريد أن أذهب الى سريري وأنام".
قالت بسرعة, ووقفت فيما موسيقى بيتهوفن تعلو في مقاطع ناعمة, وتابعت:
" لا, لا تقف من أجلي , سأرك غدا, تصبح على خير".
لم تنتظر أن تسمع تعليقا منه , بل غادرت الغرفة بسرعة وهي تشعر أن عيني غريغ تتابعانها من الخلف.

أقتراح غريغ في توزيع التلاميذ حسب الأعمار أعطى نتيجة جيدة جدا, مع العلم أن الصغار أنزعجوا في البداية من أشرافها المركز عليهم,الا أنهم ما لبثوا أن اعتادوا الطريقة الجديدة وصاروا أكثر أهتماما بما يدرسون.


جايسون , كلف مراقبة مجموعة من الأولاد أصغر منه في البيت المنفرد, ذكاؤه وسرعة استيعابه المواد التي يدرسها وتقدمه فيها , جعلت كوري تتمنى أن تمضي وقتا أطول معه, ولكن تانهار طويل ومكثف وعليها أن تأخذ الدفاتر لتصححها في البيت خلال المساء.


في أحدى تلك الأمسيات , بينما كانت كوري تجلس على مقعد بات مفضلا لديها في غرفة الجلوس, منكبة على تصحيح واجبات الأولاد في دفاتر على ركبتيها,دخل غريغ لأستراحة قصيرة من عمله في أوراقه الخاصة في مكتبه , قال لها:


"ثمة مكتب ثان في غرفة المكتب تستطيعين أن تجلسي أليه لتصححي الدفاتر أن شئت".


"الا يزعجك أن أكون معك في غرفة المكتب؟".


قالت وهي ترفع رأسها تنظر اليه, وفوجئت لأبتسامة في وجهه المرتاح قائلا:


"اذا أنزعجت سوف أبلغك ذلك".


طبعا, فكرت كوري , أنه لا يسكت عن شيء يزعجه , تبعته عبر الممرات نحو غرفة المكتب , تلك الغرفة التي لم تدخلها الا مرات قليلة منذ أن حضرت الى المزرعة, الغرفة دافئة وحميمة , مضاءة جيدا , ولكن بفن وهندسة , جعلت الغرفة تميل الى لون زهري بما فيها الكتب التي تملأ الحائط.


وفوجئت كوري بكمية الكتب الموجودة على رفوف الجدران وكذلك نوعينها اذ تتراوح بين أحدث المؤلفات وتلك التي تتعلق بأنماء المزارع.


ساعدها غريغ بحمل دفاترها ثم أعدَ لها المكتب قرب النافذة , الذي بدا أصغر من مكتبه قليلا.


" هل يزعجك السيكار الذي أدخنه؟".


" كلا, أبدا, بل تعجبني رائحته".


قالت ذلك بصدق وهي تعلم جيدا أنها عندما ستغادر مزرعة مايسون نهائيا, ستبقى رائحة السيكار كلما هبَت في أي مكان مكان تذكرها بغريغ دائما وأبدا.


حيث كانت تجلس , يستطيع غريغ أن يراقبها مباشرة في حين هي عليها أن تدير رأسها لتراقبه, هذا الوضع أزعجها بحيث جعلت شعر رأسها ينسدل على وجهها مثل ستار, ولكن بعدما استغرقت في عملها رفعت شعرها بيديها وأزاحته خلف أذنيها, ولم تلاحظ الخاتم الذهبي ذا حبة الماس الذي وضعه غريغ في بنصرها علامة الزواج, وبه كانت دائما تتذكر زواجها الباطل, نسيته تماما فيأصبعها وما عاد يذكرها بشيء, أعتادت الجلوس معه في غرفة المكتب ونما بينهما شعور بالألفة خلال ساعات العمل المنفرد في الغرفة خلال المساء, مع العلم أن كوري كانت تحذر من ازعاجه بالمزاح عندما ترى حاجبيه منعقدين أثناء انكبابه عل بعض الأوراق والملفات.


في احدى الليالي , كانت تقرأ موضوع أنشاء كتبه جايسون ولم تتمكن من أخفاء شهقة اعجاب , سألها غريغ:


"ماذا هناك؟".


"آه , أنه موضوع أنشاء كتبه جايسون".


" هل الموضوع سيء".


"كلا, بل جيد جدا, هذا الصبي موهوب جدا يا غريغ, يستطيع أن يبحر بعيدا في العلم".


"هل أخالف القوانين أن أطلعت عليه؟".


ابتسمت وادعت التردد قليلا, ثم قامت من مكانها وبيدها الدفتر وقالت:


" أعتقد أن جايسون يسر جدا أن علم أنك قرأت موضوعه".


ولمح الحماس في وجهها وانحنت تضع الدفتر أمام غريغ على المكتب وشعرها يلمس بنعومة احدى وجنتي غريغ , ابتعدت لتراقب رد فعله وهو يقرأ ما كتب الصبي , وأخيرا عندما أنتهى من القراءة سألت بعد نفاذ صبرها من صمته:


" حسنا , ما رأيك؟".


" جيد, بل جيد جدا, ولكن يا كوري...".


ورفع رأسه ينظر اليها في تعبير قلق وتابع:


" لا تذهبي بعيدا في أنفعالاتك أنَ موهبة جايسون قد تكون عائقا أمامه".



ولم تفهم ماذا يقصد , فقالت:



" هل تعني بالعائق أنه هندي؟".




"تماما".



وشعرت بغضب جعل وجهها يمتقع فأسرع يقول:



" لا تقفزي الى أستنتاج خاطىء , أنا لست عنصريا أو أحاسب جايسون على أنه هندي , أنا حاولت جاهدا مع أهل جايسون أن يتابع دراسته خارج المزرعة, ولكن أنظري الى الموضوع من وجهة نظر أهل جايسون وحتى جايسون".



ووقف غريغ وتابع:



" يذهب الى المدرسة ثم الى الجامعة ثم ماذا عندما يعود يا كوري؟ ماذا يفعل لأناس ما عاد يجمعه بهم أي عامل مشترك؟ تستطيعين أن تعرفي مما كتبه هنا أنه يحب قريته ويحب طريقة عيش أهله, هنا هو المكان الذي يحب أن يعيش وليس المدينة القاسية تحت قدميه".



شعرت كوري بثقل كلامه ووقفته الماردة قربها , قالت تدافع عن وجهة نظرها:



" ولكن يستطيع أن يساعد أهله عبر الكتابة... مثل هذه... عن الأشياء المهمة لديهم".



" يستطيع أن يفعل ذلك من هنا من هذه الأمكنة عوضا عن الذهاب بعيدا".



وبتصرف غير متوقع رفع كلتا يديه وأحاط بهما وجهها ورفع رأسها نحوه بحيث تلاقت أعينهما عن قرب ,وقال:



" أنا آسف جدا لأنك لن تكوني هنا عندما يتقدم جايسون, تستطيعين أن تساعديه كثيرا في أنماء مواهبه".



ثم سحب يديه وصمت قليلا ثم قال:



" الوقت أصبح متأخرا يا كوري, لنذهب للنوم".



الطريقة التي دعاها بها الى النوم جعلتها تشعر وكأنهما زوجان يعيشان حياة زوجية طبيعية , وهذا ما جعل علاقتهما تبدو أكثر حميمية من السابق وهو أمر أفرحها , وعندما أبعدت عينيها وراحت تجمع الدفاتر عن مكتبها شعرت أن وجهها ممتقع خجلا.



أن قناعة غريغ بالعلاقة بين الرجل والرجل والمرأة تعاكس تماما أقتناعها هي, أذن لماذا تشعر بنبضاتها تخفق وهي تتبعه عبر الممرات خارج المكتب ؟ هل نبضاتها تثبت لها وجهة نظره في أن الجاذب الجسمي وحده كاف بين أثنين؟

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 19-06-09, 04:13 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


6- أنت لست المستقبل" يا عمي غريغ , هل ستأخذ قصبة صيد لكوري أيضا؟".
سأل بوبي من أسفل السلالم في البيت الكبير , غريغ ألتفت الى الخلف وأجاب وهو ينظر الى كوري الخارجة للتو من المطبخ وفي يدها سلة مأكولات.
" اذا كانت ترغب في ذلك , طبعا نأخذ قصبة ثالثة".
ابتسمت كوري محافظة على روحية العطلة التي تصاعدت منذ الصباح في يوم سبت , قالت:
"لم أذهب في رحلة صيد سمك من قبل ولكن أحب أن أجرب".
ايلين, العاملة في البيت, ذهبت في أجازة يومين الى بيت والدها المسن في قرية تبعد خمسة أميال, شعرت كوري بفرح وهي تعد طعام الفطور في الصباح للثلاثة معا, ثم في تحضير سلة المأكولات لرحلة الصيد , أنزلت من الثلاجة قطع دجاج مجلدة للرحلة , وقطعتي لحم مجلدة أيضا من أجل طعام العشاء لدى عودتهما في المساء.
"تحتاجين الى قبعة".
قال لها غريغ وهو يعود من الجهة الخلفية من البيت حاملا قصبة سمك ثالثة , وملاحظا شعرها العاري المعقوص الى الخلف , وأضاف:
" أن الشمس تصبح حادة جدا وسط البحيرة".
أرتدى غريغ قبعة خفيفة حمراء اللون, وبدا مرتاحا في قميص بيضاء وسروال قطني رياضي.
أجابته:
" لا يوجد عندي قبعة , ولكنني مؤخرا أعتدت على الشمس , ولا أظن أنها ستزعجني".
" يجب أن تضعي شيئا على رأسك , وأظن أن أي قبعة من عندي ستكون واسعة جدا على رأسك ... يا بوبي , هل عندك قبعة يمكن أن تعيرها لكوري؟".
قفز بوبي من مكانه موافقا ودخل الى البيت مسرعا , أفرحه أن يكون ذا فائدة للمرأة التي لم يرحب بها عندما حضرت الى المزرعة ولكنها ما لبثت أن أصبحت أكثر الموجودين في المزرعة شعبية لكونها أحب معلمة مرت على المدرسة منذ زمن بعيد, وهو أمر جعل رفاق بوبي يحسدونه على أمرأة عمه الجديدة, عاد بوبي من غرفته راكضا وناول كوري قبعة بيضاء لاءمت رأسها جيدا , سيارة اللاندروفر أمتلأت بالأغراض المنوعة.
وأخيرا تحركت السيارة بهم, ولم تشعر كوري بالأنزعاج من الطريق الوعرة, مثل ذلك الذي عرفته في أول يوم من وصولها الى المزرعة, ومع كل دقيقة , كانت الحبيرة تقترب منهم وتتسع, يزداد فرح الثلاثة لأمتداد النهار.
فور وصولهم , أنهمك غريغ وبوبي في سحب زورق من كوخ جانب البحيرة , في حين قامت كوري باكتشاف الشاطىء الصغير حولها , الأشجار ظللت الشاطىء الرملي ومنعت تسرب أشعة الشمس من السماء الزرقاء الصافية , وفكرت كوري أن المكان جنة صغيرة.
" هل تأتين لصيد السمك معنا؟ أم ترغبين في البقاء حيث أنت مع الأحلام؟".
جاءها صوت غريغ قاطعا الصمت.
" طبعا سآتي للصيد".
ركضت على الرمال نحو الزورق لتنضم الى غريغ وبوبي , أفرحها غياب محرك في الزورق , لا شيء يقطع سكون المكان وهدوءه غير خرير الماء تحت المجذافين اللذين بهما حرك غريغ الزورق الى عرض البحيرة وأوقفه هناك.
بوبي أعدَ صنارته ورماها في البحيرة , في حين غريغ أعد صنارة كوري وأراها كيف تقذفها الى الماء ثم سلَمها أياها ليعد هو صنارته, وتبدأ مرحلة الأنتظار لسمك يعلق في الطعم.
الصمت خيَم على الثلاثة , ولا حتى بوبي تحدَث بشيء, كوري استرخت وما كادت تعلق بين النوم واليقظة حتى كادت تسقط القصبة من يدها نتيجة ثقل في الصنارة , صرخت للمفاجأة , أسرع غريغ بالتعليمات:
" حافظي على القصبة وأديري الحلقة بثبات".
نظرت اليه كوري بعينين حائرتين محاولة تلبية التعليمات من دون أن تفلح, فقام غريغ وثبَت قصبته على طرف الزروق , ثم قال لبوبي أن يأخذ مكانه ليجلس هو قرب كوري ويساعدها وأحاط غريغ بكوري ومد ذراعه حول عنقها ليمسك هو أيضا بالقصبة يساعدها في أدارة الحلقة .
تابع بوبي عملية سحب السمكة بعينين محدقتين وغريغ تابع يساعد كوري على الرغم من حيرتها:
" أستمري في السحب, هل تشعرين بالسمكة تشد الى الأسفل؟".
هزت برأسها موافقة فتابع:
" ها هي , ظهرت أخيرا, كم هي جميلة".
"نعم, نعم وكبيرة أيضا".
ردت كوري بحماس شديد, ثم ألتصقت بصدر غريغ قائلة:
"أرجوك يا غريغ تابع أنت العملية , أنها تقفز في شكل يخيفني".
"كلا, تابعي أنت, ها هي تصل الينا... وأخيرا... أنها هنا في الزورق".
ضحكت كوري وهي تنظر الى السمكة تلمع في عينيها , ونظرت الى وجه غريغ على بعد سنتيمترات منها يتجاوب معها في ضحكة مزغردة وعلق بوبي:
" أنها كبيرة جدا, أنت صائدة ماهرة يا كوري".
رد غريغ:
" أنه الحظ لدى كل مبتدىء".
ولف السمكة بالورق الفضي ووضعها على كرسيه وعاد يجلس حيث كان في البداية , وأعاد بوبي الى مقعده بينه وبين كوري وعاد الهدوء يخيم على الثلاثة, تقطعه ملاحظات بوبي السعيد بالسمكة الكبيرة وبطعمها تحت أضراسه عندما يحين موعد أكلها.

اصطاد بوبي سمكة صغيرة , وغريغ أصطاد سمكتين الواحدة في حجم أصغر قليلا من سمكو كوري , وحان موعد الغداء , أنتقل الثلاثة بزورقهم الى الشاطىء , غريغ تولى تنظيف السمك , وكوري تولت تحضير الطعام تحت ظل شجرة.
" ليتنا لم نحضر طعاما معنا".
قال غريغ بعدما التحق بكوري وبوبي على البساط المفروش على الرمل " كنا شوينا السمك هنا وأكلنا".
ردت كوري:
" بل أفضل الدجاج الذي أحضرناه".
فقال غريغ:
" لا شيء ألذ من سمك البحيرة الطازج , سوف أعده غدا".
وبعدما أنتهوا من طعام الغداء ووضعوا في السلة ما تبقى , واسترخى غريغ على البساط , سأل بوبي:
" هل نذهب نصطاد أيضا؟".
"كلا," أجابه غريغ " الآن موعد أستراحة القيلولة".
وشد غريغ بوبي الى جانبه وتمددا معا, وأنزل غريغ القبعة على وجهه وبعد لحظات استغرق في النوم, راقبتهما كوري وأدركت أن الرجل والصبي استسلما للرقاد, لاحظت ذبابة تحوم فوقهما فأبعدتها , ووجدت لنفسها مكانا على البساط, وتمددت محدقة في السماء الزرقاء فوق , وأخذتها الأفكار بعيدا.
في المساء على طريق العودة , وعلى الرغم من كون بوبي نان وقتا طويلا , بقيت عيناه ثقيلتين حتى وصولهما الى البيت في السادسة مساء.
قالت كوري:
" كنت أخطط أن نتناول طعام العشاء ثلاثتنا , ولكن لا يبدو بوبي قادرا على السهر أكثر".
فرد غريغ:
" أعطه عشاء خفيفا , غداؤه كان كافيا , ولا أظن أن القليل من الطعام في المساء سيؤذيه".
فأعدت كوري لبوبي صحن شورباء راح يشربه مع خبز محمص , في حين أشترك كوري وغريغ في قلي قطعتي لحم وشي القليل من رؤوس البطاطا في الفرن, وما أن أنتهى بوبي من الشورباء حتى قامت كوري تقوده الى غرفة نومه في الطبقة الثانية لأول مرة.
في السابق كانت تجولت في غرف البيت في سرعة ولاحظت غرفة بوبي المرتبة والملأى بالأشياء الطفولية والمطلة على النهر والسهل , الآن وجدت الغرفة فوضوية لغياب ايلين عن البيت.
" آه يا بوبي, كيف أستطعت أن تترك غرفتك من دون ترتيب هكذا ؟".
ثم خففت من أستهجانها للتعب البادي على وجه الصغير, اذهب الى الحمام للأغتسال وأنا سأرتب سريرك , هل تريدني أن أفتح لك حنفية الماء وأجعلها فاترة؟".
" نعم يا كوري, أرجوك".
" أحضر بيجاما نظيفة واتبعني".
وذهبت الى الحمام تفتح الماء لتجعله فاترا , وعادت لترى بوبي يرتب سريره كيفما كان ليرضي كوري , ابتسمت كوري "يا للمسكين" قالت لنفسها, كم يحتاج الى أم ترعاه , وتعجبت كيف يمكن لأم أن تترك ولدا طيبا مثل بوبي تحت رعاية عمه العازب. تولت ترتيب السرير والغرفة في حين بوبي ذهب يغتسل, وقعت عيناها على صورة فوتوغرافية الى جانب السرير , فرفعتها لتنظر اليها عن قرب, المرأة الجميلة في الصورة , لا بد أنها ماريزا مايسون . أما الرجل الى جانبها فلا يبدو أنه يشبه غريغ , هو أشقر الشعر وأزرق العينين ولكن مع ذلك لاحظت بعض التشابه في الملامح , وعاد بوبي من الحمام, ساعدته في أرتداء بيجامته , وسألته:
" من في الصورة يا بوبي؟".
" أمي و... أبي"و أجاب والنعاس في عينيه , وما لبث أن قال " ظننت أنك شاهدت أمي سابقا تعزف".
" نعم , نعم, شاهدتها , ولكنني لم أر صورة لوالدك من قبل".
" مات وكان عمري سنتين , أتذكره فقط عندما أنظر الى الصورة ", ثم تابع" هل تقرأين لي قصة حتى أنام؟".
" أحب ذلك يا بوبي , ولكن عليَ أن أذهب الى عمك غريغ لأعداد العشاء, يسرني أن أفعل ذلك في ليلة ثانية".
" لا بأس, عمي غريغ كان يقرأ لي في الماضي, الآن ما عاد عنده وقت لي".
وأدخلت كوري بوبي في السرير وغطته , وممرت بيدها على شعره الأسود وجبينه وقالت:
" مجيئي الى هنا غيَر أشياء كثيرة كانت تسرك , أليس كذلك يا بوبي؟".
أجاب:
" آه , كلا يا كوري , أنا سعيد لأن عمي غريغ تزوجك ... أنت طيبة ... وحلوة...".
واذ بغريغ يقاطعه بحضوره الفارع على باب الغرفة :
" آن الأوان لتغرق في النوم يا ولد".
فاستسلم بوبي لمطلب عمه.
وعندما خرجت كوري من الغرفة برفقة غريغ أخبرته:
" طلب مني أن أقرأ له قصة".
ونظرت اليه تقرأ تعابير مريحة على وجهه وأضافت:
" هل تمانع أن قرأت له قصصا في المستقبل ؟".
" كلا, أطلاقا , أنت يمكن أن تقومي بالمهمة أحسن مني".
" أنا أشك في ذلك , أظن أن بوبي يحتاج الى رعاية أكثر حنانا".
ولمحاولة أبعاد أي فكرة خاطئة قد تطرأ له في أنه لا يعطيه الحنان الكافي , قالت:
" أقصد حنان الأم أن أمه بعيدة , وعلى الرغم من أن ايلين جيَدة الا أنها لا تستطيع أن تتفرَغ له, أنها مشغولة بأشياء كثيرة".
وافقها قائلا:
" هذا صحيح ". ونظر اليها وهو يضيف:
" أنا أكون سعيدا جدا لأي رعاية يمكن أن تقدميها له".
في المطبخ وفيما كوري تتابع أعداد العشاء , أخذها التفكير بعيدا , بوبي يحتاج الى أمه وليس الى زوجة عمه التي هي زوجة غير حقيقية.
وعندما حملت الشرائح المقلية جيدا , الى طاولة الطعام حيث كان غريغ جالسا قال لها:
" لم أكن أعرف أنك تحسنين الطبخ".
" وما أن جلست هي قبالته واستعدت لتسكب في الصحون قالت له:
" ثمة أشياء كثيرة تجهلها عني, أنا لم أعش طيلة عمري عند صهري الغني".
" هذا صحيح, هل تقولين لي أين عشت؟".
ابتسمت ودعته الى تناول الطعام لتروي له قصتها:
" والدي كان يعمل في المحاسبة... كان ناجحا ولكنه لم يكن يطمح للمال والسلطة , اشتغل في حسابات مصرف صهري هاورد , هكذا تم التعارف بين هاورد وشقيقتي , هي كانت تساعد والدي في المحاسبة أيضا , بعد زواجهما بفترة قصيرة , مرض والدي واحتاج الى رعاية شديدة.كانت أني تهتم به في حين أنا أتولى شؤون المنزل , وطهي الطعام".
" ألم تذهبي الى الجامعة؟".
" في تلك الفترة تركت الجامعة مدة سنة, ولكن ألح صهري على مساعدة أهلي ماليا وتمكينهما من التقاعد في بلدتهما في ولاية أريزونا , وهو ساعد أيضا في تكملة دراستي في الجامعة والسكن في غرفة مرفَهة في الجامعة, بالمقابل, ساعدت هاورد في العلاقات العامة مع زبائنه , أي في تسلية رواد حفلاته " وابتسمت وهي تضيف," بما فيهم أنت , أن دورين كانت تأمل دائما أن ألتقي بزبون غني من زبائن البنك ونتزوج"
غريغ بقي صامتا لفترة قصيرة , راح يمضغ بهدوء , ثم قال:
" وأين موقع روجر من هذا كله؟".
" روجر؟".
سألت مستغربة وهي تحدق في الصحن أمامها , وأضافت:
" لا موقع له في محيط هاورد , دورين كانت أسعد أنسانة في العالم عندما أنفصمت الخطوبة , كانت تريد رجلا أغنى وأهم لي".
" ولكنك أنت أردت أن تثبتي أن أي شخص عادي , مثل والدك , يلائمك تماما".
" ربما ... لا أعرف".
كان جوابها بطيئا ومترددا , قال :
" حسنا, لنأكل الطعام الشهي أمامنا , هو جيج جدا وألذ أن يؤكل ساخنا".
وساد الصمت وهما ينهيان الطعام أمامهما , ورن الهاتف في القاعة المجاورة فقام غريغ يرد على المخابرة في حين كوري قامت تعد القهوة , عندما عادت مع القهوة الى غرفة الجلوس سمعته يقول على الهاتف:
" سأسأل كوري , لحظة من فضلك يا بيل".
وحضر غريغ الى غرفة الجلوس يسأل كوري :
" أصدقاء لي , بيل وجوديت أندرسون يحتفلان بعيد زواجهما السادس في عطلة نهاية الأسبوع المقبل , وهما يدعوانا لنذهب اليهم, هل ترغبين في ذلك؟".
" أين هو المكان؟".
" لا يبعد كثيرا عن بلدة وليمس ليك نستطيع أن ندمج الزيارة مع رحلة شراء حاجيات أن كنت ترغبين في أي شيء".
" نعم , أحب ذلك, وأحب أن ألتقي بأصدقائك أيضا".
وقبل أن يعود الى الهاتف قال لها مترددا:
"أن الموضوع يعني أننا سنقضي يومي نهاية الأسبوع هناك".
" هل يستطيع بوبي أن يحضر؟".
" طبعا, عندهم ولد في الخامسة من العمر, وهم يتوقعون أن يحضر بوبي أيضا".
" حسنا , أعتقد أن ايلين تستطيع أن تذهب في عطلة نهاية الأسبوع عند والدها أيضا".
على الهاتف سمعته يقول:
" يا بيل , تعم أن كوري تحب أن تلتقي بكما , أنها تعلَم في المدرسة هنا , وتنتهي من السنة الدراسية قبل نهاية الأسبوع المقبل , وهكذا...".
لم تستمع الى باقي المحادثة وهي تسكب القهوة في الفناجين , أخذتها الأفكار بعيدا , لم تصدق أنها في المزرعة منذ خمسة أسابيع , وأن الأسبوع المقبل سيكون آخر أسبوع لها في التعليم , هي بدأت تتعلَق عاطفيا بأطفال المزرعة , ومع أنها ستكون ما تزال في المزرعة عندما تبدأ السنة الدراسية المقبلة , الا أن غريغ أتفق مع معلمة ستأتي مع زوجها الذي سيعمل في المزرعة أيضا, وسيقيمان في البيت الصغير الجميل قرب المدرسة , وربما يجلسان معا في باحته الخارجية يراقبان هبوط المساء وفي الوقت الذي سيأتي الثلج تكون كوري عادت الى فانكوفر تأتيها ذكريات المزرعة وكأنها حلم وليست واقعا.
" أعتقد أنك ستعجبين بعائلة أندرسون".
جاءها كلام غريغ من الخلف يقاطع حبل أفكارها ويتناول فنجان القهوة .
" هل تعرفهم منذ زمن بعيد؟".
" كنا رفاق الصف الواحد في المدرسة ثم الجامعة , أنا كنت عرَاب زواجهما وعرَاب أبنهما البكر".
" يبدو أنهما زوجان ناجحان".
" نعم , جدا".
وأرادت أن تعلق على الموضوع من زاوية جديدة , قالت:
" اذا هما يثبتان نظريتي في الحب الرومانسي".
نظر اليها باستغراب وبرود وقال:
" أنهما الشواذ الذي يثبت القاعدة".
نهاية الأسبوع أقتربت , وقاد غريغ الطائرة بكوري وبوبي الى بلدة وليمس ليك , حيث أستأجروا سيارة وأمضوا النهار في التنزه , وقامت كوري بشراء بعض الحاجيات الخاصة وكذلك هدية لمضيفتهم, طاقما من أكواب زجاج الكريستال.
.
منزل عائلة أندرسون يقع على طرف بحيرة صغيرة, مبني على الطراز القديم ومفعم بالحب العائلي , وفوجئت كوري عندما رأت جوديت حاملا بالولد الثالث.
علَقت جوديت على الموضوع ضاحكة:
" أليس مضحكا أن ندعو الى حفلة وأنا في هذا الوضع؟ أن بيل قال انه سيطلقني أن لم أنجب له ابنة, ففكرت أن أفعل شيئا قبل فوات الآوان ".
فأجابت كوري ضاحكة أيضا:
" ظننت أن رجال المزارع يرغبون في صبيان أكثر من البنات ".
" هذا صحيح ولكن بيل يقول أن صبيين يكفيان لمكان ضيق مثل بيتنا".
والتفتت الى غريغ وأضافت:
" الآن جاء دورك يا غريغ, أنت تحتاج الى ستة صبيان على الأقل حتى تملأ بيتك الكبير, انتبهي للموضوع يا كوري".
شعرت كوري أن غريغ لاحظ خجلها فعلق منقذا:
"أعتقد أن أربعة صبيان يكفي".
وأحاط ذراعه بكتفي كوري وقال:
" لا أحب أن ينافسني أولادي في أخذ أهتمام زوجتي".
ضحك بيل وقال:
" هذه حكمة جيدة , أنا حتى مع ولدين لا أستطيع أن أحصل على وقت من جوديت تلتفت فيه اليَ".
وأخيرا قالت جوديت:
" أن الموضوع تعقد كثيرا هكذا ودخل في التفاصيل".
والتفتت الى كوري قائلة:
" تعالي معي الى الطبقة العليا لأريك غرفتك, أن غريغ يعرفها منذ زمن بعيد, ولا أظنه يحتاج الى أن يصعد ليراها".
شعور بالأرتباك بدأ ينتابها وهي تتبع جوديت نحو الغرفة , شعرت أنها بلهاء لأنها أعتقدت أنه سيكون لها غرفة مستقلة , الا عندما رأت سريرا منفردا أدركت أن عليها أن تشارك غريغ فيه لأنهما في نظر الآخرين زوجان سعيدان.
واعتذرت جوديت على حجم السرير.
" ليس كبيرا جدا, ولكن أهلى أخذوا الغرفة المجاورة مع سريرين منفصلين, على كل حال لا أظن أن عريسين متزوجين حديثا سيتضايقان من سرير ضيق".
" كلا, طبعا".
أجابت كوري محاولة أن ترسم الأبتسام على وجهها , وكم تمنت لو كان من نصيبها الغرفة المجاورة حيث السريران منفصلان, ثم سألت:
" وأين سينام بوبي؟".
" في الغرفة المواجهة مع أبني تيم".
وتابعت جوديت بابتسام :
" جميل منك أن تهتمي ببوبي, أن أمه لا يبدو أنها مهتمة به".
" بل أعتقد أنها تهتم , الا أنها... لموهبتها الموسيقية ... عليها أن تكون بعيدة وتسافر كثيرا".
" أنا بالحقيقة كنت أفضل أن تكون في مصلحة رعاية ابنها ".
وتابعت مترددة:
"أخبريني , هل ماريزا تعرف عن زواجكما أنت وغرغ؟".
" لا أعتقد ذلك , غريغ قال أنها مسافرة حول أوروبا , كل يوم أو يومين في مدينة".
وشعرت كوري بانزعاج بسيط لذكر ماريزا , فكرت أن كان أحد يعرف عن العلاقة الحقيقية بين غريغ وماريزا فسيكون بيل وجوديت , طرحت سؤاى محاولة أن لا تبدو أنها مهتمة كثيرا بالجواب:
" لماذا تسألين؟ هل تعتقدين أن ماريزا قد تعترض على زواجنا؟".
بدا الأمتعاض على وجه جوديت وقالت:
" من يعرف ماريزا مثلي يعرف أنها ستعترض في شدة على خروجها من أهتمامات غريغ, ولكن لا تهتمي بالموضوع يا عزيزتي , أن غريغ يعرف جيدا كيف يتصرف ويعرف أنه أختار الزوجة الملائمة له , هل يمكن أن تتصوري ماريزا مايسون زوجة مزارع؟".
ولوجود ضوضاء في الخارج همت جوديت بمغادرة الغرفة تاركة كوري وحدها, وقبل أن تفعل قالت لكوري:
"أنا سأنزل الى الضيوف, لا بد أن جميعهم حضروا , اذا كنت تحتاجين الى أي شيء أرجو أن تخبريني , أن الجميع متعطش لمقابلة زوجة غريغ . كلنا أعتقدنا أنه لن يتزوج أبدا, رغم محاولات العديد من الفتيات , الا أنه لا يبدو أنه كان مهتما بالموضوع قبل أن يلتقي بك".
وبقيت كوري في الغرفة مع حيرتها , وشعرت بغضب لمرأى السرير المنفرد, لا بد أن غريغ كان يعلم أو يتوقع أنهما سينامان معا في غرفة واحدة, كان يمكن أن ينبهها الى الموضوع فيكون أختيارها للمجيء واضحا , لكنها تذكرت تردده عندما قال لها أنهما سيقيضان يومي نهاية الأسبوع هناك, وكم شعرت أنها بلهاء لأنها لم تستوعب توقفه عند هذه النقطة.

وقفت أمام النافذة تراقب المناظر الطبيعية في الخارج, بحيرة محاطة بالخضرة, بيوت متفرقة هنا وهناك , وأناش يمشون في اتجاه البي , لا بد أنهم المدعوون الى الحفلة, وبدا غريغ وبيل في الخارج يرحبان بالضيوف , وبدا غريغ أنه يعرفهم جيدا ويبتسم ويرحب بهم بحرارة, لاحظته يسأل جوديت عن شيء, ثم التفت الى النافذة حيث وقفت كوري , ابتعدت عن النافذة فورا متجنبة نظراته, وبعد دقيقة وجدته على باب الغرفة عندها يقول:
" لماذا تختبئين هنا؟ الجميع يريد مقابلتك والتعرف اليك".
" يريدون التعرف اليَ أو التعرف الى زوجة غريغ مايسون؟".
بدا مستغربا كلامها, دخل الغرفة وأغلق الباب خلفه وقال:
" أليس الأمر نفسه؟".
" أنت تعرف أن الأمر ليس نفسه".
قالت ذلك وهي تكاد تنفجر غضبا, توجهت الى النافذة وأشارت الى الناس في الخارج وقالت:
" هؤلاء سيعرفون الحقيقة عندما سأنزل الى جوديت وأسألها عن غرفتين منفصلتين لي ولك, لأننا ... لأننا...".
" لأننا لا ننام معا, أليس كذلك؟".
وتابع من دون أنفعال " اذا كان السرير الواحد يزعجك , لا تخافي فأنا أنام على الأرض".
ونظرت الى الأرض الخالية من السجاد وقالت:
" لا تستطيع أن تنام على الأرض الخالية".
" أنا نمت في أماكن أسوأ من هذه , لا تشغلي بالك في الموضوع , هل أنتهى غضبك؟ هل تنزلين معي الى تحت؟".
نظرت اليه في صمت قليلا ثم قالت:
" علي أن أكتب بضع كلمات مجاملة على البطاقة المرفقة مع الهدية التي جلبناها لأصحابك, هل تريد أن تكتب أنت الكلمات؟".
" أفضل أن تفعلي أنت ذلك. ومهما كانت ترتيبات النوم بيننا , فأنت ما تزالين زوجتي".
وبينما هي أنحنت على الطاولة الصغيرة في الغرفة تكتب بضع كلمات على البطاقة , غادر غريغ الغرفة ليحضر حقائبهماا من الطبقة السفلى , سرحت كوري شعرها , ووضعت أحمر الشفاه الذي يلائم ثيابها, وعاد غريغ حاملا حقائبهما ووضعهما في اتجاهين مختلفين من الغرفة ليتجنب تقاربهما , وسلمها الهدية التي أحضراها معا.
ونزلا معا الى الطبقة السفلى وسلمت كوري جوديت الهدية, فقالت الأخيرة شاكرة:
" نحن توقفنا عن أبلاغ أصدقائنا عن الأمتناع عن جلب الهدايا , لأن لا أحد يرضخ لرغباتنا , وأنا في كل حال أرفض أن أكون مخادعة , أنا أحب الهدايا".
طوأنا كذلك".
أجابتها كوري مبتسمة , والتفتت الى غريغ لترى على وجهه تفكيرا عميقا, وقالت جوديت:
" أنا وعرستك يا غريغ سنكون صديقتين , أشكركما كثيرا على الهدية, ولن أفتحها الا في حضور بيل , الآن أرجو أن تنتقلا الى الباحة الخارجية حيث الضيوف مجتمعون, وأنا سأدخل المطبخ لأستعد للضيافة".
ورفضت عرض كوري في مساعدتها في المطبخ بل قادتهما الى الخارج وتركتهما ناك حيث يتحلق بعض المدعوين ويتحدثون ويتبادلون النكات , الحديث توقف لحظة ظهرت كوري وغريغ, ومن أجل أن تعطي نفسها دفعا من الثقة بالنفس وضعت يدها تحت ذراع غريغ وشعرت بتشجيعه المباشر لها عندما ضغط على يدها بيده الثانية.
مخاوفها ما لبثت أن تلاشت وشعرت بارتياح وانسجام مع المحيطين بها , ولكن بين وقت وآخر كانت تشعر بالذنب لأنها كانت تخدع أصدقاء غريغ بصدق زواجها , هم قبلوها وأحبوها لأنها زوجة رجل أحبوه وأحترموه , وقد يكرهونها في المستقبل عندما سيعرفون بالخدعة.

أحدهم قال مشيدا بكوري:
" الآن فهمنا لماذا أقفلت عليها في المزرعة من دون أن تدع أحدا يراها, أنها رائعة الجمال".
فعلَق بيل على الموضوع:
" ليس هذا هو السبب الذي جعله يتزوجها , لقد علمت منذ فترة قصيرة الهدف الحقيقي لزواجه منها".
فوجئت كوري بالملاحظة , التفتت الى غريغ لتلحظ الأطمئنان في عينيه فارتاحت وعادت تنظر الى بيل وتقول:
" يبدو أنك تعرف شيئا لا أعرفه أنا, لماذا لا تخبرني ما هو هدفه من الزواج مني؟".
" أراد معلمة في الألحاح ذاته الذي أراد فيه زوجة, فاصطاد عصفورين بحجر واحد".
"أليس ذلك؟".
ابتسمت كوري وقالت:
"ليس في الموضوع مديح أطلاقا ".
فتدخل الرجل الذي أعطى الملاحظة الأولى عن جمال كوري وقال:
" أعجب بك كزوجة , أن المعلمات يمكن أن يعثر عليهن بالعشرات , أما الزوجات مثلك فهن نادرات جدا".
كور لم تزعجها ملاحظات الأطراء , ولاحظت أن الزوجات كنَ أكثر تحمسا لأطراء أزواجهن مما كانت تتوقع, وبدا أن الجميع كانوا مسرورين أن آخر العزاب في الشلة تزوج واستقر أخيرا.
وعندما أعد الطعام على الطاولات تحت الأشجار وبدأ الجميع يتناوله,شعرت كوري وكأنها تعرف الجميع منذ وقت طويل , ولكن شيئا في داخلها كان دائما يذكرها أنها بعد شهرين أو ثلاثة تنتهي علاقتها مع غريغ وتنتهي معرفتها بهذه المجموعة الصديقة , وحتى ظهور بوبي بين وقت وآخر مع الولد تيم , كان يذكرها بزواجها غير الحقيقي مع غريغ.
وفي آخر السهرة نحو منتصف الليل وجدت كوري نفسها متجاوبة بحماس مع دعوة مقترحة بحفلة مقبلة في مزرعة مايسون.
وغادر المدعوون المكان مجموعة خلف أخرى , والدا جوديت صعدا الى غرفتهما للنوم , وبقي الأربعة أصحاب البيت وكوري وغريغ يتبادلان الحديث على مقاعد في الباحة , بيل أحاط زوجته وكذلك فعل غريغ , لم يزعج كوري التصاق غريغ بها, ولكن غريغ تمادى في تصرفه ربما ليقنع الآخرين بحميمية علاقته مع كوري , همس في أذنها بعدما شدَ رأسه الى كتفه:
" لا ترتعدي مني ... بعد لحظات ينتهي التصاقنا".
تركت رأسها يسترخي على كتفه ومن هناك راحت تنظر الى البحيرة الممتدة والأشجار الوارقة , والصمت يخيم على المنطقة ولا يقطعه الا نعيق غراب من بعيد, ووجدت كوري نفسها تقول:
" ليت قرب بيتنا توجد بحيرة مثل هذه".
" أستطيع أن أفعل واحدة, أستطيع أن أحول مجرى النهر وأنشىء بحيرة صغيرة".
" هل حقا تستطيع ذلك؟".
قالت وهي ترفع رأسها وتنظر اليه برجاء , وجدته يفكر جديا في الموضوع , وتذكرت فورا أنها قد تكون تركت المزرعة عندما يبدأ العمل الجدي في البحيرة , ولاحظت أنه هو لم يبد منتبها الى هذه النقطة.
وفي تلك اللحظة صعد صوت بكاء ولد من النافذة العليا, فحاولت جوديت أن تقوم قائلة:
"لا بد أنه تيم, مؤخرا صار يحلم أحلاما مزعجة".\فقالت كوري:
" بل أعتقد أنه بوبي , سأصعد أنا الى فوق وابقي أنت نا يا جوديت".
وصعدت كوري بسرعة الى غرفة بوبي وتيم من دون أن تلاحظ أن غريغ يتبعها الا عندما سمعته يهدىء من روع تيم الذي انزعج من بكاء بوبي , احتضنت كوري بوبي بين ذراعيها وجعلت رأسه على كتفها وراحت تقول له كلمات مهدئة , أبلغها عن حلمه وهو يبكي ويشد عنقها , قالت له مهدئة:
" أنه حلم يا حبيبي وانتهى , الآن اذهب الى النوم من جديد وعندما ستستيقظ سيكون الصباح مشمسا وجميلا , وسنذهب نستحم في البحيرة , ثم نعود الى بيتنا في المزرعة , أنا وعمك غريغ في الغرفة المجاورة اذا أحتجت الينا".
وبحثت عن منديل تمسح دموع بوبي وأنفه فناولها غريغ منديله , وبعدما أرتاح بوبي واطمأن عاد الى النوم , فقامت كوري وناولت غريغ منديله , فمسك يدها وقادها الى خارج الغرفة وأراد أن يقول لها شيئا عندما بدأ :
" كوري, أنا....".
ثم توقف عن المتابعة وبدأ جملة ديدة:
" أشكرك لأنك تهتمين ببوبي, ما كنت سأقوم بالمهمة مثلك".
وسحبت يدها من يده تاركة المنديل معه, ولم تتعب نفسها في التفكير بماذا كان يريد أن يقول.
عادت كوري وغريغ الى الخارج , وبعد وقت قليل أنتقل كل زوجين الى غرفتهما, وشعرت كوري أن الأنزعاج عاد يلفها لحظة أدركت أن الليلة ستقضيها مع غريغ في غرفة واحدة , المشكلة هذه المرة لم تكن في أنها غير معجبة به, بل على العكس , شعرت أن شيئا ما يشدها الى الرجل, وأن تلامسهما طيلة السهرة أيقظ في داخلها أحساسا بالرغبة, وهذا ما أزعجها وجعلها تهرب الى الحمام لترتدي قميص النوم وتستجمع الأمان بعض الوقت.
وعندما خرجت من الحمام مرتدية قميص النوم ورداء أحاطت به جسمها حتى عنقها وجدت غريغ جالسا على الكرسي يقرأ والى جانبه ثياب النوم سحبها من حقيبته , وعندما رآها قام من مكانه قائلا:
" هل غطاء واحد يكفيك أن أخذت تلآخر؟".
" نعم... ولكن...".
وأخذت نفسا عميقا وأضافت:
" ولكن لا أظن أنه من المستحسن أن تنام على الأرض , أولا لأن الأرض غير مريحة ... وثانيا أنا قلت لبوبي أن يأتي الينا اذا احتاج الى أي شيء , وأذا فعل , فأن جوديت وبيل قد يستيقظان أيضا, ويأتيان الينا أعتقد أن شكلنا منفصلين واحد على السرير وآخر على الأرض سيكون مثيرا للأستغراب".
نظر اليها مستمعا بهدوء حتى النهاية ثم قال موافقا:
" حسنا, اذا كنت أنت لا تعترضين أن ننام معا على السرير فأنا لا أعترض".
وأخذ ثياب نومه ودخل الى الحمام.
لا مبالاته بالموضوع أثارتها , تساءلت: تر ألا يثيره شيء ما فيها؟ لماذا بدا غير مكترث لا سلبا ولا ايجابا؟ ونظرت الى المرآة تحدق في مظهرها في ثياب النوم ولم تفهم لماذا لا يجدها جذابة , راحت تدقق بتفاصيل شكلها , في عينيها وأنفها وشفتيها وجسمها , وتذكرت روجر كان دائما يقول لها أن تسمن قليلا , أن تضيف كيلوغرامين أو ثلاثة الى جسمها النحيل .
روجر ... واستغربت كيف أتى الى تفكيرها من دون أي ألم , شعرت أنها تكاد تنساه , هو الذي كان سبب جرح قلبها قبل بضعة أسابيع , نزعته من رأسها مثلما دخل تفكيرها, وعادت تفكر بغريغ , ذهبت الى زجاجة عطور ووضعت بضع نقاط هنا وهناك , وفكرت أن غريغ مهما وجدها غير جذابة , فأنها غير مستعدة أن تمضي أول ليلة لها في سرير مع رجل من دون أن تكون معطرة.
كانت في السرير تقرأ كتابا جلبته معها من المزرعة , عندما خرج غريغ من الحمام , بدا أنه حلق ذقنه, وتساءلت هل هو يحلق ذقنه عادة قبل النوم؟ استغربت كيف يمكن أن تكون متزوجة من رجل منذ ستة أسابيع وتجهل شيئا بدائيا كهذا!
قال لها وهو يقترب من السرير:
" مررت على بوبي ووجدته غارقا في النوم, ويبدو مطمئنا".
ودخل في السرير من الجهة المقابلة مما جعلها تنكمش الى طرف السرير, وتركز على الكتاب في يدها.
" ماذا تقرأين؟".
سألها بلا شديد مبالاة .
"كتابا سحبته من مكتبتك".
وأرته اياه فقرأ العنوان( أدارة المزارع).
وضحك قائلا:
" هل تفكرين في الدخول في منافسة؟".
" كلا, فأنا لا أفهم كلمة منه, ظننت أن الكتاب شيء آخر".
" هل توقعت أن تعثري على رواية غرامية؟ في مكتبي لا وجود لمثل هذه الكتب".
" أنا أعرف ذلك تماما".
قالت ذلك واستدارت قاصدة أن تنهي الحوار بينهما ومصممة أن لا تنام قبل أن يغرق هو في النوم, ولكن عينيها بدأتا تثقلان من هذا الكتاب الذي اختارته ببلاهة معتقدة أنها ستفهم شيئا من أشغال غريغ , ولماذا يهمها الموضوع؟ بعد أسابيع قليلة , سيكون غريغ مايسون جزأ من الماضي.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 19-06-09, 04:16 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

7- أمرأتان بينهما رصاصة!
أستيقظت كوري في انزعاج وهي تقاوم ثقلا فوقها, لا تستطيع أن ترفع رأسها ولا تفهم الوضع الذي هي فيه الى أن تذكرت الحفلة , ونومها ببيت جوديت وبيل, و... غريغ الى جانبها , رأسه ملقى على شعرها الممتد على الوسادة وذراعه عليها , ومع اعتياد نظرها على الظلام وظهور الخيوط الأولى من الفجر وجدت أن غريغ غارق في نوم ثقيل , وأن شيئا ما يزعجه فيقول كلمات غير مفهومة , ثم بدأت تتضح كلماته:
" ماريزا! أرجوك ماريزا!...".
شدَت كوري شعرها من تحت رأسه , وشعرت بانكماش في قلبها وهي تسمعه يردد اسم ماريزا , حدَقت فيه محاولة أن تفهم شعورها نحو الرجل , ولم تشعر بما شعرت نحو بوبي عندما استيقظ خائفا من كابوسه, نحو بوبي شعرت بالشفقة , هنا بدأت تشعر بالحب نحو الرجل, حب لم تعرف مثله من قبل, عميق, وقوي وثابت, حب بدأ ينكسر قبل أن يتفتَح , أن غريغ مايسون أظهر لكوري عبر اللاوعي أن ماريزا مايسون هي أمرأة أحلامه, وهي المرأة التي يحب, عاد يصدر أصواتا تظهر انزعاجه وسقوطه تحت ضغط وكابوس , فحاولت أن توقظه:
" غريغ... غريغ... استيقظ أن الأمر مجرد حلم".
فتح عينيه ونظر اليها مباشرة.
عادت تقول:
" أنك تحلم يا غريغ".
فأجاب بصوت متعب:
" نعم, كنت أحلم".
حدق فيها , في وجهها , في عنقها , وأكمل نحو ما ظهر من ملابس نومها, ثم عاد ينظر الى عينيها , فرأت في عينيه رغبة فيها, أقترب منها وعانقها, أرادت أن تتجاوب معه , شعرت أنها تحبه كثيرا , وأنها ترغب في أن تكون بين ذراعي رجل عمرها , ولكن شيئا في داخلها منعها, شيئا جعلها تصرخ عندما التصق بها:
" لا, لا يا غريغ".
وهطلت الدموع في عينيها , أنها ليست المرأة التي يحب , أن رغبته فيها هي آنية, أن المرأة التي يرغب فيها فعلا هي تلك التي كان يحلم فيها.
فقام غريغ غاضبا , ولم يفه بكلمة, حمل ثيابه , وخرج من الغرفة وأقفل الباب وراءه, ولم تشعر في حياتها بالتعاسة والوحدة مثلما شعرت في تلك اللحظة حتى الصباح.
الرحلة في طريق العودة الى المزرعة في الطائرة تم أكثرها في صمت, حتى بوبي بدأ يسترجع أحداث عطلة نهاية الأسبوع في رأسه, وعندما كان غريغ يضطر أن يقول شيئا كانت جمله قصيرة تظهر مزاجه المنزعج منذ الصباح

منتديات ليلاس
كوري جعلت نظراتها بعيدة نحو المناظر الظاهرة من الطائرة, تصرف غريغ حيَرها , هي أمضت النهار مع الأولاد في البحيرة , مع بوبي وتيم تلعب معهم وتسبح, وشعرت في حواراتها القصيرة مع غريغ أنه مصدوم من تصرفها, وتساءلت لماذا؟ كان يمكن أن تفهم انزعاجه لو كان زواجهما طبيعيا وحقيقيا, ولكن هي تعرف وهو يعرف أن زواجهما للمظاهر ومحدود الأهداف وقصير, وغريغ سبق أن أوضح لها مرارا أن الجاذب الحسي هو الوحيد الذي يفسر العلاقة بين الرجل والمرأة , ولهذا لا يجب أن يصدم من تصرفها لأنها ترفض أن تقبل بمنطقه للعلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة, خصوصا من تصرفه وأنجذابه لها جاءا نتيجة حلم بأمرأة أخرى هي المرأة التي يحب.
وقطع بوبي الصمت بعد وقت طويل قائلا:
" أقتربنا من البيت, أليس كذلك يا عمي؟".
" خمس دقائق ونصل".
وبدأت تظهر بيوت المزرعة المصنوعة من جذوع الأشجار, علَقتكوري على الموضوع:
" من المهم أن تقطع الأشجار".
فالتفت اليها غريغ فأسرعت في سحب نظرها منه , قال:
" نحن نختار الأشجار التي نقطعها بحيث تنوع الأمكنة , فلا نجعل مكانا واحدا عاريا من الأشجار".
وفكرت كوري أن غريغ لا يسمح أن يشوه الطبيعة لأنها حبه الأساسي , وهي له أهم من أي أمرأة حتى ولو كانت تلك المرأة .... ماريزا مايسون".
بعد دقيقتين لاحظ الجميع أن طائرة ثانية تحط على أرض المزرعة, فصرخ بوبي:
" هل جاء أحد يزورنا؟ ربما تكون أمي؟".
فأجاب غريغ:
" لا أستطيع أن أفكر بأحد غيرها يمكن أن يأتي الينا".
وبدأ غريغ يهبط بالطائرة , وكان الهبوط غير مريح لأن الطائرة أهتزت كثيرا , وفكرت كوري أن غريغ ربما يكون مضطربا لأن ماريزا مايسون قد تكون في أنتظاره.
وحطت الطائرة في مكان ليس بعيدا عن الطائرة الأولى, وبوبي لم يتمكن أن يضبط نفسه , فأسرع يساعد عمه نحو الأرض , وبدأ يركض في اتجاه المرأة التي نزلت من الطائرة الأخرى ويصرخ:
" ماما... ماما...".
حتى لو لم تسمع كوري نداءات بوبي, كانت ستعلم أن المرأة الأخرى هي ماريزا , شعرت كورير باضطراب وبرغبة في التوقف وعدم السير في اتجاه المرأة التي تعني كثيرا لغريغ.
ولكن غريغ وضع يده تحت ذراعها وشدَ عليها قائلا:
"تذكري أنك زوجتي".
وفيما غريغ يشدها الى الأمام , كانت أفكارها مشتتة , أنَ سبب وجودها في المزرعة وهدف زواجها من غريغ هو لمواجهة المرأة التي تهدد أن تأخذ الصبي, ذلك الصبي الذي بدأ يعني لكوري الكثير مثلما يعني لغريغ تماما.
وما أن أقتربا من المرأة التي بدت حادة الجمال , لاحظت كوري أن ماريزا لم تنظر اليها بل الى غريغ وعانقته مدة بدت لكوري أطول من أي عناق يمكن أن يتم بين رجل وزوجة أخيه, وما لبث أن ابتعد غريغ عنها وقال:
"ماريزا , أريدك أن تتعرفي الى كوري.... زوجتي".
وبعينيها الكستنائيتين وبوجهها الذي لم تتحرك فيه عضلة قالت للمفاجأة:
" هي , ماذا؟".
فأكد غريغ:
" هي زوجتي".
وشعرت كوري في تصرف غريغ أنتصارا على المرأة الأخرى خصوصا عندما التفت الى كوري قائلا:
" كوري, أنها زوجة شقيقي , ماريزا, والدة بوبي".
فقالت كوري مجبرة:
" كيف.... حالك؟".
ولم تعرف كوري ماذا تفعل , هل تمد يدها تسلم؟ ولكن المرأة الأخرى تابعت بصوت بدا فولاذيا وهي تضحك:
" " الآن فهمت لعبتك يا غريغ , ولكنك لن تنجح".
" حتى الآن كل شيء ناجح, والتفت الى كوري قائلا:
" أليس كذلك يا حبيبتي؟".
ابتسمت كوري وهي تهز رأسها , وهو يحيط بخاصرتها بذراعه , هذه المقابلة مع ماريزا هي الأصعب في كل محاولات أظهار نجاح زواجهما, هي أيضا أحاطت بخاصرة غريغ وأحنت رأسها على كتفه وهي تبتسم بأغراء وصدق وتقول:
"ناجح جدا يا حبيبي".
وظهرت من بعيد سيارة اللاندروفر وهانك يقودها لينقلهم الى البيت , وقال بوبي:
" هذا هانك والسيارة... هل أستطيع أن أجلس الى جانبك يا أمي؟".
فأجابته:
" ليس الآن , تستطيع أن تجلس في المقعد الخلفي مع ما أسمها".
ولم تضف شيئا يرفع من تحقيرها لكوري ... وعندما وصل هانك بالسيارة وملأ المكان بالغبار , نزل ورحب بماريزا بحماس بدا مصطنعا لكوري, ومشت كوري لتجلس في المقعد الخلفي, الا أن شخصا رفعا وأجلسها في المقعد الأمامي هو غريغ الذي قال :
" أنا الذي أنظم الأمور هنا , ومكانك الى جانبي".
وذهب غريغ يتحدث قليلا مع قائد الطائرة الأخرى ثم عاد الى السيارة ووجد ماريزا في المقعد الخلفي مع بوبي صامتة وباردة كالصقيع, علائم عدم أمتنانها ظاهرة علنا , حتى أمام أبنها المشتاق , لم تتجاوب مع حديثه الأمر الذي جعله يخفف من حماسه ويصمت مقدرا أن في الأجواء توترا.
وقاد غريغ اللاندروفر في صمت, وشعرت كوري أن عيني ماريزا تخرقانها من الخلف, وحاولت أن تعتبر أنها تتصور الأشياء عدائية, ربما لأن علاقتها مع المرأة بدت غير ما توقعت.
في البيت حمل غريغ حقائب الجميع بما في ذلك حقائب ماريزا , وهذه الأخيرة سألت في صوت عال أول دخولها القاعة:
" أين ايلين؟".
فأجابت كوري:
" ذهبت عند والدها المريض في قريتها, نحن كنا خارج المزرعة في عطلة نهاية الأسبوع, ووجدنا أن من الملائم أعطاءها فرصة هي أيضا...".
فعلقت ماريزا منزعجة:
" صحيح أن طبخها ليس مغريا , الا أنه على الأقل يملأ المهدة , أنا جائعة جدا".
فأجابت كوري:
" أستطيع أن أحضر لك شيئا".
فقالت ماريزا باستهجان:
" أذن أنت زوجة طباخة؟".
ولم تجب كوري , بل صعدت السلالم الى الطبقة الثانية مارة بالقرب من غرفة الضيوف حيث وجدت غريغ يضع حقائب ماريزا, راقبته منفعلا , احدى عضلات وجهه تتحرك في عصبية , أذن وجود ماريزا يؤثر فيه في العمق, وشعرت كوري أنها مجروحة في الصميم , وعندما استدار ولاحظ وجودها قالت:
"أنا سأعد الغرفة , أذهب أنت عند زوجة أخيك".
وتوقفت قليلا ثم قالت:
" هل تتوقع ماريزا أن يقوم أحد بفتح حقائبها وتعليق ثيابها؟".
" تستطيع أن تفعل ذلك بنفسها".
قال ذلك في حدة , وصمت قليلا ثم قال:
" كوري , أنا.... أعرف أن الأمر لن يكون سهلا مع وجود ماريزا في البيت, ثمة أشياء كثيرة... لم أخبرك أياها , أشياء ربما يجب أن تعرفيها".
لاحظت أنفعاله , وعقدة جبينه الحادة , فقالت مدَعية اللامبالاة :
" لا بأس, أن أتفاقنا لم يتضمن أن يفرغ الواحد منا أسراره أمام الآخر".
بدا وكأنه لم يتوقع أجابتها اللامبالية , فشد فمه وقال:
" نعم, صحيح ... هل يمكنك أن تعدي طعام العشاء بسهولة مثلما تعدين أي شيء آخر؟".
" أنا واجهت معك كل الظروف , ولا أظن أن هذه ستكون أصعبها".
وتوجهت الى الخزانة وسحبت شراشف نظيفة وبدأت تعد السرير عندما لاحظت أن غريغ غادر الغرفة, بعد ذلك أنشغلت كوري في أعداد طعام العشاء الذي رغبت في أن يكون ممتازا , ماريزا أسكتت جوعها بعض الوقت بقطعة خبز مع جبنة, وأمضت هي وغريغ المساء يتحدثان في صوت منخفض في غرفة الجلوس.
بوبي بدا غير سعيد عندما دعته كوري لتناول طعام العشاء من أجل أن ينام باكرا , قال لها:
" أمي لا تريد أن ترى لعبتي الجديدة التي صنعتها وبركة السمك".
فقالت له كوري:
" بالطبع أنها تريد أن ترى كل شيء , ولكنها فقط متعبة الآن بعد سفر طويل, غدا سترى كل شيء".
نظر اليها بوبي بعتاب وأبعد صحن الطعام من أمامه وقال:
" لو كان عندك ولد صغير ولم تشاهديه منذ زمن بعيد , هل تكونين متعبة عندما تلتقيان فلا تعطيه وقتا لمشاهدة أغراضه الحميمة؟".
شعرت كوري بالجرح الذي يتألم منه بوبي, لو كان عندها ولد صغير من غريغ, سيكون يشبه بوبي تماما بعينيه السوداوين وشعره الأسود ووجنتيه المستديرتين , أجابته:
" أنا سأتوقع من أبني أن يفهم لماذا أريده أن ينتظر حتى أرتاح , من بعدها أرى أشياءه الحميمة".
وتناولت الشوكة وأرادت أن تطعمه فقال:
" وهل أبنك سيفهم ذلك؟".
واذ بغريغ يدخل غرفة الطعام ويجلس الى جانب بوبي ويأخذ الشوكة من يد كوري ليطعم بوبي ويقول:
" نعم يا بوبي, أن ابن كوري سيفهم أن أمه تحبه كثيرا , تحبه الى حد يسمح لها أن تنتظر قبل أن ترى أشياءه الثمينة".
وراح بوبي يمضغ الطعام الذي وضعه غريغ في فمه ويبلعه ثم يقول:
"اذا كان عند كوري ولد صغير , فسوف يكون أبنك أنت أيضا , أليس كذلك يا عمي؟".
وللحظة ألتقت أعين الكبار , ثم قال غريغ:
" نعم , أعتقد ذلك, مثلما أنت أبني يا بوبي".
فهز بوبي رأسه بالنفي وقال:
" كلا, أنت لست والدي ولكنك ستكون والده هو... أليس كذلك؟".
فاستمر غريغ يطعم بوبي وهو يقول:
" هذا صحيح , ولكن والدك كان شقيقي , وهكذا أنت لي مثلما كنت أنت لوالدك".
ابتسم بوبي وقال:
"أذن كوري يمكن أن تكون مكان أمي , أليس كذلك؟".
وقف غريغ فجأة , من دون أن تجرؤ على النظر الى غريغ قالت كوري لبوبي:
" أنت عندك أم يا بوبي , لذلك أنت لا تحتاج اليَ كأم , أنا خالتك , ويجب أن لا تنسى ذلك".
هز رأسه موافقا , وأمسك بالشوكة محاولا أن يأكل بقية الطعام.

السهرة صارت تضم غريغ وكوري وماريزا في غرفة الجلوس , ماريزا على البيانو تعزف أشهر المقطوعات الموسيقية , وكوري في ركنها المفضل تشرب الشاي وغريغ على كرسي الى جانبها.
أسبوع مرَ منذ حضرت ماريزا الى المزرعة, وأصبحت شبه عادة أن يلتقي الثلاثة الكبار في غرفة الجلوس في الليل , أثنان يستمعان الى عزف الثالثة, وفي كل ليلة كانت كوري تؤخذ بالعزف المتفوق للعازفة المشهورة, وكانت تلاحظ شيئا في قسمات ماريزا تتغيَر كلما جلست على البيانو, شيئا فيه سعادة ولذة يختفيان لحظة تتوقف فيها عن العزف, وحتى غريغ كانت تلاحظه مأخوذا بالعزف , ولكن قسماته تعود حادة لحظة تتوقف الموسيقى.
تلك الليلة , بعد أسبوع من مجيء ماريزا , تركت كوري الموسيقى تتغلغل فيها لتمنع أفكارها من التشتت والأنزعاج , كانت تعرف أن هدنة بينها وبين ماريزا قامت رغم عدم ثقة الواحدة بالأخرى , وأنهما مجبرتان على تبادل الأحترام والجلوس معا, كانت ماريزا خلال أوقات النهار تجلس الى جانب بركة السباحة تتشمس, معطية القليل جدا من أهتمامها لبوبي الذي يحاول جاهدا أن يلفت أمه اليه والى أنجازاته.
في الليل فقط كانت تتألق ماريزا في أناقتها المكتملة من رأسها الى أخمص قدميها, لوجود غريغ في البيت , ولاحظت كوري أن حتى ايلين أضطرت أن تحسن في طريقة طبخها بسبب ملاحظات ماريزا, وأنَ الجميع كان اقريبا مستمعا الى قصص ماريزا الطويلة عن رحلاتها الفنية ونجاحاتها, وماريزا كانت تجنبت الخوض مع كوري في موضوع زواجها المفاجىء والسريع من غريغ حتى جاءت تلك الأمسية, كانت ماريزا نزلت باكرا الى غرفة الجلوس قبل موعد العشاء.
وبعد وقت قصير دخلت كوري الى غرفة الجلوس , واذا بماريزا تقول لها:
" ها هي العروس تظهر . عروس .... وليست بعروس , كيف تشعرين يا عزيزتي في كونك زوجة لرجل لا يهتم بها أطلاقا؟ لرجل يستعملك لأهدافه الخاصة؟".
" لا أفهم ماذا تقصدين بكلامك".
كم تمنت كوري أن يظهر غريغ ويحميها من هذا الحوار , ولكن غريغ حضر الى البيت متأخرا بعد نهار متعب ودخل غرفته , وبالطبع يحتاج الى بعض الوقت ليستحم ويستعد لموعد العشاء , فأجابتها ماريزا:
" أنت تفهمين تماما ماذا أقصد , كل هذا التقارب والتلامس بينك وبين غريغ لا يخدعني أطلاقا, أنا أفهم تماما هدف غريغ من الزواج منك, ولكن ما يفوتني هو الهدف من زواجك أنت منه؟ أنت تأتين من عائلة غنية كما فهمت , ولا أعتقد أنك علقت بأول عريس غني تقدم لك".
" هل من الصعب أن أكون وقعت في حب غريغ؟ أنه رجل جذاب".
" آه, طبعا , أستطيع أن أفهم أن تكوني الآن مغرمة به, ولكن لا أعتقد أنك أحببته عندما تزوجته".
ثم قامت ماريزا من مكانها وتابعت بعصبية:
" أن الأمر لن يفيدك بشيء يا عزيزتي , غريغ لا يحبك ولن يحبك أبدا , أنت تعرفين السبب , أليس كذلك؟".
حافظت كوري على هدوئها وهي تكاد تتمزَق من الداخل , ولكن قالت:
" أخبريني أنت السبب".
فأجابتها ماريزا بعصبية أيضا وهي تحدق بها:
"لأنه يحبني أنا" وتابعت :" هو دائما يرغب بي , منذ اليوم الأول الذي أحضرني شقيقه الى هنا , جون كان يعلم ذلك, وكان يعلم أيضا أنني أرغب في غريغ أيضا".
فأجابتها كوري بجفاء:
" ألم تكن الظروف ملائمة لكما عندما مات جون؟ لماذا لم تتزوجا؟".
فعادت ماريزا الى مقعدها وأجابت:
" أنه الضمير, عندما مات جون , كان غريغ يعلم أنه هو المذنب , وأن الدب الذي هاجم جون جاء أوى الى غريغ قبل أن يلفته جون اليه , ألم يخبرك غريغ عن أثر الجرح في وجهه؟".
وشعرت كوري أن حلقها جاف وأنها تكاد تختنق , فقالت:
" هوجم الأثنان من دب , لم أكن أعلم أن شقيقه ... قتل ... في حادث هجوم الدب".
وظهرت على ماريزا مظاهر أنتصار , فابتسمت وهي تقول :
" هذا يثبت رأيي عن أزمة الضمير , كان بالطبع سيخبرك عن تفاصيل الموضوع لو لم يكن يرغب في أخفائه".
" ولماذا يخفي شيئا؟ كان حادثا وكاد غريغ يكون الضحية لو لم يكن الحظ السيء من نصيب جون".
فوسعت عينا ماريزا وقالت:
" بالطبع لم يخبرك أيضا كامل القصة, لم يخبرك أن جون مات ليس بسبب الدب... بل من رصاصة قاتلة!".

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 19-06-09, 04:17 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

8-خطة فاشلة
ما عادت كوري تستطيع أن تتحمل الحوار مع ماريزا , خرجت من الغرفة وتوجهت عبر الممرات الى الباب الخارجي الكبير واستقرت في الباحة الخارجية تستند الى أحد الأعمدة تراقب السماء والنجوم والتلال الممتدة.
غريغ يملك كل البقعة الممتدة , هو زوجها الذي يزداد غموضا لها , يحب الزراعة كثيرا , هل حبه هذا يكفي ليقتل شقيقه الأكبر ويرث الأرض كلها؟ هو قاسي العواطف , وهذا ما لمسته منذ تعرفت اليه , أم هل حبه لماريزا وحده يكفي ليقتل شقيقه من أجلها؟ وجاءها صوت غريغ من الخلف يجعلها تقفز من مكانها:
" كوري؟ هل ثمة شيء يزعجك؟".
" آه , كلا , لا شيء".
اقترب منها وأدارها نحوه وحدَق في عينيها , وتحت ضوء القمر المنعكس عليها فكرت وهي تنظر اليه , نعم, هو يفعل أي شيء للوصول الى أهدافه , وعدم زواجه من ماريزا لأسباب ضميرية لا يكفي ليثبت أنه أنساني.
أصرَ على أن شيئا ما يزعجها , مد يده وأراحها على كتفيها قائلا:
" ثمة شيء يزعجك , ما هو هذا الشيء ؟ هل قالت ماريزا شيئا أزعجك؟".
"كلا... فقط هي لا تصدق أننا .... حقيقة زوج وزوجة".
وضع يده الثانية على كتفها وأقترب منها وقال لها:
"أذن علاقتنا يجب أن تكون أكثر أقناعا".
وعانقها في حنان وشعرت أنها بحاجة ألى أن يكون هذا الحنان حقيقيا .
واذا بماريزا تظهر وتقول:
"أن تمثيلكما يكاد يكون مقنعا ".
رفع غريغ رأسه وقال وهو يعيد النظر الى كوري:
" أن الأمر ليس تمثيلا يا ماريزا , أنت عندك الخبرة الكافية لتعرفي الفرق بين الأدعاء والحقيقة".
واذا بماريزا تطلق ضحكة أستهزاء وتقول:
" أنا عندي الخبرة الكافية لأعرفك يا غريغ وأعرف أساليبك في أنك تفعل أي شيء لتحتفظ ببوبي هنا , هل تنفي ذلك؟".
ابتعد عن كوري قليلا وحدق أكثر بماريزا قائلا:
" كلا, لا أنفي أنني أريد بوبي في المزرعة معي , وأنت تعرفين السبب".
أجابته متحدية:
" حقا أنا أعرف السبب, هل عروستك الصغيرة تعرف السبب؟".
فأجابها:
" كوري تعرف بالقدر الذي تحتاجه".
" وهل تعتقد أنه من العدل أن لا تخبر زوجتك كل شيء عندك؟".
وشعرت كوري بألم في رأسها نتيجة الحوار اللئيم الدائر بين الأثنين , وكأن لا قيمة لوجودها, فمشت باتجاه الباب لتدخل الى البيت منسحبة.
ومع أن غريغ ناداها أن تبقى ألا أنها تجاهلت أمره ودخلت البيت وسارت مسرعة حتى غرفتها وتمددت على السرير تدفن رأسها المتألم تحت الوسادة, كثيرة هي الأشياء التي علمتها اليوم, أولا, ماريزا جعلتها تعتقد أن غريغ قتل شقيقه لأنه يريدها , وثانيا عناق غريغ لها ليوهم ماريزا أن زواجهما طبيعي , وأخيرا رغبته في أن لا يخبرها كل الحقائق كما هي.
في اليوم التالي سارت في المزرعة تسأل عن هانك , وعندما وجدته سألته:
" هل تأخذني في الطائرة الى بلدة وليمس ليك؟".
هي كانت تعلم أن غريغ ذهب الى سهل بعيد ليكشف على المزروعات الجديدة وأن هانك لم يذهب معه, ولما طلبت من هانك أن ينقلها في الطائرة خارج المزرعة , وقف أمامها محتارا , رفع قبعته الى الوراء وقال:
" أن غريغ ذاهب غدا الى هناك ليحضر البريد وحاجات أخرى ... ألا تستطيعين الأنتظا حتى الغد؟".
" كلا, لا أستطيع أن أنتظر , أن المسألة هي... أنني أريد أن أفاجىء غريغ بهدية على عيد ميلاده , ولن تكون مفاجأة أن أخذني هو غدا الى هناك ؟ أنا أعرف تماما ماذا أريد , ونحن نستطيع أن نذهب ونعود قبل المساء , وهو أخبرني في الصباح أنه سيتأخر في العودة الى البيت مساء بسبب ذهابه الى السهل البعيد, هل تأخذني يا هانك؟".

وافق ولم تعرف لماذا وافق , هل لأنها نظرت اليه بعينين واسعتين وصوت ناعم يرجوه , أم أنه رغب في أن يبتعد بضع ساعات عن المزرعة والعمل الشاق فيها؟
قال لها:
" أن استطعت أن تكوني جاهزة خلال نصف ساعة, فباستطاعتنا أن نعود في وقت أقرب بكثير من موعد عودة غريغ , سآتي الى البيت وأنقلك في اللاندروفر بعد قليل".
شكرته مبتسمة , وشعرت ببعض الذنب لأنها ستستعمل أقرب الأشخاص الى غريغ في الخدعة والفرار , ولكن ما لبثت أن تخلت عن هذا الشعور عندما تذكرت الحوار الذي دار ليلا بين غريغ وماريزا عندما غادت غرفتها ليلا في طريقها الى المطبخ , لم تستطع منع نفسها من الأستماع الى الحوار.
ماريزا كانت تقول:
" الفتاة التي لا خبرة لها لا تعني لك شيئا. خصوصا بعدما كنا نحن لبعضنا".
" وماذا كنا نحن؟ شخصين يشدنا أهتمام مشترك هو بوبي".
" أنت تعرف أن أشياء كثيرة تجمعنا غير بوبي, أو... يمكن أن تكون أشياء كثيرة تجمعنا أن أردنا ذلك ... غريغ , كنت أفكر مؤخرا أنني تعبت من السفر والتجوال حول العالم, أعزف ليلة في مكان وليلة ثانية أكون في مكان ثان وبلد مختلف, الآن قد يكون الوقت المناسب لأتقاعد ... ولكي أكون زوجة مالك مقاطعة زراعية مثلك يساعدني على الأستقرار , ما رأيك؟".
" أنا عندي زوجة".
" لا تكن سخيفا يا حبيبي , كلنا نعلم لماذا أنت تزوجتها , وهذا السبب لا يعود له أهمية أن ... أنا وأنت...".
ولم تعد كوري قادرة على متابعة الحوار خصوصا عندما لاحظت ماريزا تقترب بجسمها صوب غريغ , فانسحبت من الممر في جوار غرفة الجلوس في أتجاه غرفتها, هذه الغرفة التي أصبحي مهربها الوحيد, والمكان الذي تدفن فيه أحزانها خلف باب لا يفتحه أحد غيرها.
والآن وهي تنظر الى السهل الممتد وتنتظر هانك ليأخذها , فكرت أن لا أحد سيفتقدها في المزرعة... ربما باستثناء بوبي , وفكرت أن ابتعادها عنه سيفيده من أجل أن يعود في اعتماده على أمه, وهي في كل حال كانت ستتركه عندما تنتهي دعوى الحضانة وينتهي أتفاقها مع غريغ.
ولم تستطع أن تودع بوبي , فهو يمضي نهاره مع بعض الأصدقاء في بيتهم. ولم تشعر بوجود ماريزا في البيت, فقط كانت تسمع دندنة ايلين من المطبخ تصدر ألحانا متوازية, وفكرت كوري أن من الأفضل أن لا تقول شيئا لأيلين وتنسحب من البيت بانتظام.
منتديات ليلاس
هانك بدا سعيدا عندما جاء يأخذ كوري باللاندروفر , وفكرت كوري أنه ربما يأمل في ملاقاة صديقة على غير موعد في وليمس ليك.
لم تتجرأ كوري على أخذ أغراضها وثيابها لأن ذلك سيثير شكوك هانك وكل ما رغبت فيه في تلك اللحظة أن يكون بينها وبين المزرعة مسافة , وغريغ لن يأتي خلفها يعيدها الى المزرعة لأن كبرياءه لن تسمح له أن يسعى من أجل زوجة تخلت عنه,ثم هو لن يرضى بأن يبدو صغيرا أمام هاورد ودورين.
وفيما هي تنتظر هانك ليأتي بالطائرة من مرآبها,لاحظت غيوما من الغبار تتعالى من السهل وتقترب, ولك تكترث الا للطائرة الصغيرة تقترب من المدرج وتصعد داخلها لتجلس الى جانب هانك, وقبل أن يتمكن هانك من أدارة المحرك كان باب الطائرة يفتح وغريغ يصرخ قائلا:
" أين تعتقدين أنك ذاهبة؟".
ومد يده محاولا أن يحمل كوري من مقعدها وينزلها الى الأرض , فقال هانك:
" تبا لك يا غريغ, كنا نعد لك مفاجأة لعيد ميلادك".
فأجابه غريغ غاضبا:
" كانت ستكون مفاجأة فعلا , ارجع الطائرة الى المرآب يا هانك واركب حصاني لتعود فيه الى المزرعة, وهناك يكون لي شأن معك".
فقالت كوري لغريغ وهو يقودها داخل اللاندروفر:
" أنها ليست غلطة هانك , أنا سألته أن يأخذني من أجل أن... أشتري لك هدية... لعيد ميلادك".
فأجابها:
" أنت غير ناضجة بعد, أن عيد ميلادي ليس قبل شباط من السنة المقبلة".
واذ بها تنفجر من البكاء وتقول:
" وكيف تريدني أن أعرف , أنت لا تخبرني شيئا أبدا".
ولم يقل شيئا بل ضغط على فكه وقاد اللاندوفر في خشونة رغم المطبات والحفر في الأرض , وبعد صمت طويل قال:
" أنت كنت هاربة, أنت هربت من أتفاقنا , لماذا؟".
ونظر اليها بعينين جعلتا كوري تفاجأ بحدة غضبه , فقالت هامسة:
" أنا أعتقد أنه ما عاد هناك مبرر لزواجنا الآن".
" وما الذي يجعلك تعتقدين ذلك؟".
" أنني ... سمعت بالصدفة ما كانت تقوله ماريزا ليلة البارحة".
"وماذا سمعت من الحوار؟".
" ما يكفي لأن أعرف رغبة ماريزا في أن تتخلى عن عملها كعازفة وتتزوجك , وهذا ما يجعل زواجنا فارغا ولا معنى له".
" وماذا تخططين أن تفعلي؟ تعودي الى خطيبك السابق؟".
" ربما".
قالت ذلك وهي تعرف جيدا أنه لا يعلم محتويات رسالة تلقتها مؤخرا من دورين تخبرها فيها أن روجر مشغول الآن بالفتاة التي ظبطتها معه , واستغربت كيف ما عاد يعني لها شيئا , وكيف خلال أسابيع قليلة, تحولت عواطفها وأفكارها في اتجاه رجل ومزرعة صارا أكبر من الحياة كلها , ومع ذلك كذبت على عواطفها وعلى الرجل الى جانبها وقالت له:
" أن ما كنت أريد أن أفعله هو شأني أنا... ولا أعتقد أن الموضوع يهمك".
ولم يرضى بجوابها بل قال ملتفتا اليها:
" هنا أنت مخطئة جدا, أن الموضوع يعنيني جدا... على الأقل للمرحلة الحاضرة, أنت وافقت على أتفاق عقدناه معا وأنا أريدك أن تلتزمي به , وعندما تنتهي مسألة حضانة بوبي , يمكن أن تذهبي الى أي مكان ترغبين فيه , حتى ذلك الوقت , أريدك أن تبقي الى جانبي ولا تجبريني على تقييدك".
" لا أظن أنك ستجرني على ذلك, لأن لا مجال بعد اليوم لهروبي , اذ بأي وسيلة سأذهب , وكيف يمكن أن أخدع هانك بعد الذي حصل اليوم , ليتني أعرف أي تفسير يدور بذهن هانك الآن لما حصل بيني وبينك ".
أجابها بصلابة:
" أن هانك يعمل عندي ليفسر مشاكل المزرعة لا مشاكلي الزوجية".
وبعد صمت قليل شعرت أن غضبها بدأ يخف تدريجيا, التفتت اليه وقالت ما يربض في صدرها:
" لماذا لا تتزوج ماريزا وتنتهي من كل مشاكلك يا غريغ؟".
" هذه المسألة أنا أقررها وأنا الذي أختار الزوجة التي تناسبني وفي الوقت الذي يناسبني , أن بيني وبين ماريزا روابط تعود الى ماض بعيد".
" الى ماض يرتبط بمقتل شقيقك؟".
فوجىء بكلامها فاتفت اليها سائلا:
" ومن أخبرك عن مقتل شقيقي؟ ماريزا؟ وماذا قالت لك؟".
" قالت أن شقيقك ... قتل... في الحادثة نفسها... التي حصل فيها هجوم دب عليك".
" هل هذا كل ما أخبرتك أياه؟".
فهزت رأسها بالأيجاب :
" أنا آسفة يا غريغ ... أنا لم أعلم...".
" لا شيء يهم أن تعلميه , أن الذي حصل ذلك النهار يعنيني أنا وماريزا و...بوبي فقط".
وبعد قليل وصلا الى البيت , فنزلت كوري وتابع غريغ طريقه الى السهل , راقبته يقود اللاندروفر في سرعة جنونية , وراحت تفكر : ترى هل يواجه أزمة ضمير؟ هذا ما قالته ماريزا. أن عدم رغبته في الخوض في ظروف الحادث الذي أدى الى مقتل شقيقه قد يكون لسببين , أو لأنه كان يحب شقيقه كثيرا ومجرد الخوض في الموضوع يؤلمه, أو لأنه يؤلمه أن يكون رضخ للشيطان وتخلص من العقبة الوحيدة التي كانت تقف أمام حبه لماريزا , والألم يولد شعورا بالذنب جعله يتطرف في رغبته في حماية أبن شقيقه اليتيم.
دخلت كوري البيت وصعدت الى غرفتها وهي تشعر بدوار في رأسها , عاطفتها أرادتها أن تصدق السبب الأول , ولكن عقلها قادها نحو السبب الثاني , فهي لا تقبل أن تصدق أن غريغ, الذي يعرف كيف يضبط عواطفه وأنفعالاته , أن يكون ما يزال متأثرا لمقتل شقيقه.
مر أسبوع بعد المحاولة الفاشلة للهرب , وكوري تحاول أن تقبل الوضع الذي وجدت فيه, أمضت أيامها في السباحة والتمدد تحت الشمس , وماريزا كذلك, كانت تزداد أسمرارا نتيجة للمواد التي تدهنها على جسمها في حماماتها الشمسية , تصرفاتها نحو كوري توقفت عن منحاها المتعالي , ولكن بقيت غير ودودة .
بدت وكأنها أدركت خطأها في حجم تأثير كوري على غريغ , وهذا الأخير بدا كأنه يدعم هذا الأكتشاف لدى ماريزا في الأقتراب أكثر وأكثر من كوري .
يتمدد الى جانبها تحت الشمس يجلس الى جانبها في المساء ويحيط كتفيها بذراعه, كوري حاولت أن تنسى أن في الأمر تمثيلا وكانت بين وقت وآخر تجد متعة في ألقاء رأسها على كتفه.
أما بوبي فبدا وكأنه رضي بعدم أكتراث والدته بالسباحة معه في البركة, فوجد في كوري ملاذه, ووجد متعة في تعلم فنون الأنقاذ داخل الماء مع كوري.
في أحدى المرات جرح أصبع رجله في طرف البركة, فألتجأ الى كوري لمساعدته في حين أمه ممددة تقرأ مجلة , في تلك اللحظة وصل غريغ وسأل ماريزا:
" ماذا أصاب بوبي؟".
ومن دون أن تلتفت اليه أو تزيل نظرها عن المجلة قالت:
" أسأل كوري , هي أخذته أيضا".
هذا ال أيضا , بقيت عالقة في الهواء مع أنها مفهومة تماما لدى غريغ, أقترب من كوري وبوبي وسأل عن المشكلة , فقالت كوري:
" بوبي جرح أصبع رجله , لكنه الآن صار أحسن, أليس كذلك يا بوبي؟".
أراد أن يثبت ما قالته , وقف ومشى يمنة ويسرى ثم قال لغريغ:
" أن كوري تعلمني أساليب أنقاذ الغرقى, يا عمي نريد شخصا نتمرن عليه, هل تنزل معنا الى البركة؟".
لوهلة ظنت كوري أن غريغ سيرفض . ولكنه وافق وطلب دقيقة واحدة ليغير ثيابه ويعود, وخلال أقل من دقيقة عاد وسار الى أقصى البركة ثم قفز داخلها, ولمحت كوري نظرات ماريزا تنصب على الرجل الذي تتمناه , شعرت كوري بالقليل من الأنزعاج فخرجت من البركة محاولة الأبتعاد ولكن صوت بوبي أوقفها.
" يا كوري, أن عمي غريغ يغرق , يجب أن نساعده".
وأدركت كوري أن غريغ أدعى فورا الغرق وعدم القدرة على السباحة , ولم تستطع أن تتجاهل مناداة بوبي , فنزلت الى البركة وتعاونت هي وبوبي على سحبه الى خارج البركة.
وبقي غريغ ممددا يدَعي الغياب عن الوعي , وأدركت كم هو يتقن التمثيل , وأنه لم يكن في حاجة الى هذا الدور ليقنعها, سألها بوبي:
" هل علينا أن ننفخ في فمه؟".
" كلا, أولا يجب أن نتأكد من أسنانه أن كانت أصطناعية لسحبها".
ضحك بوبي للنكتة , وحتى غريغ لم يتمكن من أخفاء ابتسامة.
عندما أنتهى اللعب قامت كوري ومشت في اتجاه البيت وهي تشعر أن غريغ وماريزا يراقبانها, الأول ربما ينظر باعجاب , أما الثانية فلا بد أنها تنظر بحقد, ولكنها لم تعد تهتم , أنها لن تسأل حتى اذا أحتضن غريغ ماريزا, أن حب كوري لغريغ تفسره بأنه حاجة الى حنان تفتقده من رجل , وأنها لن تدع نفسها تقع في الغرام لأنها لن تلقى من غريغ الا رفضا للحب الرومنطيقيورابطا مع أمرأة شقيقه لا يريد أن يحوله الى زواج وفكرت أن في الأمر سببا يتعلق بغريغ ورغبته في أظهار سلطته على المرأة القوية, متسلط الطبع, لن يقبل الا بأمرأة لينة بين أصابعه.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 19-06-09, 04:19 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

9-أحب شعرك الطويل
"كم ستمضي جلالتها من الوقت هذه المرة؟".
سألت شيري في صباح اليوم التالي خلال تجمع بعض السيدات في منزل جين ريبون حول القهوة وفي حضور كوري.
" هل تعنين ماريز؟".
سألت كوري وهي تستغرب استهزاء شيري من عازفة البيانو التي حتى كوري ما تزال تنظر اليها بتقدير.
" ومن غيرها؟ لا بد أنها واجهت صدمة عنيفة عندما واجهت وجودك كزوجة لغريغ , كم كنت أتمنى أن أشاهد أنفعال وجهها في تلك الحظة".
جين قاطعت شيري وبدت أنها تقول شيئا لطمأنة كوري أكثر من الرد على شيري , أذ قالت:
"توقفي عن هذا الكلام يا شيري, لم يكن غريغ يوما معجبا بماريزا مايسون".
فردت شيري راغبة في الأستمرار:
" أذن , ماذا تفسرين تلك الأوقات الطويلة التي كانا يمضيانها معا في رحلات على حصانين في الغابات ؟ بوب قال....".
قاطعتها جين غير مكترثة لرد فعل شيري:
" بوب لا بد تخيل غريغ يفعل الشيء نفسه الذي يمكن أن يفعله بوب أن وجد مع أمرأة وحدهما في فترة زمنية محددة".
فوجدت كوري من الأفضل أن تتدخل لمنع استمرار الحوار في اتجاه شخصي , فقالت:
" لا فكرة لديَ كم ستبقى من الوقت".
وأسرعت في تغيير الموضوع كي لا يتدخل أحد في التعليق فقالت:
" أفكر في قص شعري وجعله قصيرا , هل تقصيه لي يا جين؟".
وجين كانت تعمل حلاقة قبل زواجها, وفي المزرعة أصبحت الحلاقة الرسمية لزوجات المزارعين , وأحيانا تقص شعر الرجال أن دعت الحاجة, فحدقت في شعر كوري وسط أستهجان باقي النساء لأي محاولة قص , ثم قالت:
" يا كوري لا يجب أن تقصي شعرك, أن غريغ لا بد أن يعترض".
أجابت كوري:
" لا أعتقد أنه يعترض , هو يهنه أن أفعل ما يسعدني".
وجددت جين أعتراضها قائلة:
" أنا أعتقد أن غريغ مثل أكثر الرجال يحب شعر أمرأته طويلا, ربما يعود ذلك الى مبدأ توارثه الرجال منذ أقدم العصور عندما كانوا يشدون شعور نسائهم وهن ممددات على ظهورهن في عملية شدهن الى الكهوف".
وراحت كوري تتخيل غريغ يشدها من شعرها وهي أمرأة من العصر الحجري , وابتسمت في سرها , وحان موعد مغادرتها بيت جين, على الباب قالت لها جين:
"تذكري أنني لن أقص شعرك الا بكتاب خطي من غريغ , وحتى لو جاء الكتاب فأنا متأكدة أنه سيقاطعني فترة طويلة".
هل غريغ فعلا يهتم بالموضوع ؟ سألت نفسها: ربما يهتم من ناحية شكلية ولكن بالطبع لا يهتم من ناحية شخصية, وفي طريقها الى البيت سيرا على الأقدام التقت بغريغ يخرج من حديقة زجاجية للنباتات , أقترب منها وسار الى جانبها في اتجاه البيت قائلا:
" هل كنت في صحبة حول القهوة مع النساء؟".
هزت رأسها من دون أن تتكلم فقال:
" لا بد أنك صرت على علاقة جيدة معهن , أليس كذلك؟".
" علاقتي بهن أبقيها في حدود المعقول , فأنا لا أستطيع أن أبني صداقة مع أشخاص أعرف أنني سأفترق عنهن في وقت قصير".
" ربما معك حق".
وفيما هو يسير قربها كان ينظر الى السماء والأفق وقال:
" أن عاصفة كبيرة مقبلة ألينا".
" كيف تعرف ذلك؟".
سألت وهي تلاحظ قميصه لاصقة على جسمه مبللة من العرق بسبب الحر , فقال:
"" الحلقة التي تحيط بالشمس, الجمود في كل مكان .... الهدوء".
في جملة قصيرة والواضحة أدركت كم الرجل يعرف الطبيعة, وكم هو خبير في الحياة الزراعية والقروية , ونظرت اليه تدرس قوته البدنية وكتفيه وتذكرت ملاحظة جين عن أرث الرجال الذي حملوه من العصور الحجرية وتذكرت شعرها , فقالت:
" سألت جين أن تقص لي شعري ولكنها....".
" سألتها ماذا؟".
ووقف أمامها يحدق فيها في غضب ويمنعها من متابعة السير قبل أن ينهي هذه المسألة.
" سألتها أن...".
" سمعت ما قلته, وأنا أمنعك من ذلك, أنا سأبلغ جين بنفسي أن لا تفعل أبدا".
" وماذا يهمك من شعري أكان طويلا أم قصيرا؟".
" لا شيء سوى أنني أعتقد أن شعرك هو واحد من الأشياء التي تساهم في أبراز جمالك, وأنا أتحدث مثل أي رجل يمكن أن تلفتيه بشكلك الخارجي".
وشعرت بأنها غير منزعجة أطلاقا من ملاحظته.
العاصفة التي كان يتحدث عنها غريغ وصلت, وراحت تمطر في غزارة عندما كانت كوري تساعد ايلين في أعداد فطيرة.
ماريزا أنقلب مزاجها مع الطقس وبدت عصبية في شكل أجفلت حتى أبنها الذي هرب الى المطبخ يتسلى مع كوري , وبعد قليل أنتقل الى غرفته يبحث بين ألعابه عن شيء يسليه كان نسيها طيلة الأيام التي كان الطقس فيها مشمسا.

ماريزا جلست الى البيانو تعزف مقطوعة قطعتها في منتصفها بضرب أصابعها على المفاتيح , وبعد قليل حضرت الى المطبخ تقول:
"آه, يبدو أنني نسيت أن هذا البيت يتحول الى مكان ممل , ماذا تفعلين يا أيتها الزوجة؟ اللازوجة؟".
كوري أمتقعت للملاحظة, وايلين احتارت ونظرت الى ماريزا بانزعاج , ومع ذلك قالت كوري ببرود:
" أعد فطيرة , لماذا لا تذهبين الى غرفة الجلوس فأحضر مع فنجاني قهوة؟".
واذا بماريزا تتابع الأسلوب ذاته:
" يبدو أنك ناعمة جدا , ولكن لا تعتقدي أنك ستحصلين على غريغ بهذه الطريقة يا ناعمة, أن غريغ يدفع مالا للناس... من أجل خدمات مماثلة".
" نعم أعرف ذلك".
واستمرت كوري ببرودها , أحاطت بماريزا وقادتها الى خارج المطبخ في اتجاه غرفة الجلوس طالبة من ايلين أن تصنع هي القهوة , فقالت ماريزا:
" كم دفع لك حتى تلعبي دور الزوجة الطيبة؟".
سألت ماريزا مستمرة في محاولة أذلال كوري , ولكن هذه الأخيرة استمرت في هدوئها وهما تجلسان على مقاعد منفصلة في غرفة الجلوس وقالت:
"يدفع لي مبلغا كبيرا جدا".
وعادت كوري الى المطبخ لتجلب القهوة واذا ايلين تقول لها:
" ماذا قصدت عندما قالت لك: لا تعتقدي أنك ستحصلين على غريغ بنعومتك , أنت حصلت عليه هو رجلك وأنت زوجته , وأنا لم أشاهد غريغ أسعد مما هو عليه منذ الزواج منك".
لوهلة, نسيت كوري أنتظار ماريزا لها مع القهوة , وسألت ايلين:
" هل صحيح أنك تجدين غريغ سعيدا؟".
" طبعا هو كذلك , أنا لست متزوجة , ولكنني أعرف متى يكون الرجل مفتونا بأمرأته , في الليلة الأولى التي حضرتما فيها عروسين أخبرني أنكما ستنجبان الكثير من الأولاد... هل من جديد تخبرينني اياه؟".
أجابت كوري بالنفي في سرعة مخفية أنزعاجها بسكب القهوة في الفناجين, والأنتقال الى غرفة الجلوس , وبعدما شربا القهوة معا , غادرت كوري المكان الى غرفتها , وهناك راحت تفكر وهي تنظر من النافذة الى السهل الممتد , أن ماريزا مايسون هي أسوأ أمرأة يمكن أن تكون زوجة لغريغ, ولا يمكنها أن تتصور ماريزا العازفة المشهورة زوجة لغريغ المزارع مقفلة على نفسها في مزرعة كهذه, ولكن الحب أحيانا يحسب الظروف وحب ماريزا لغريغ واضح ومعلن, وان كان كلام ماريزا أهلا للثقة , فذلك يعني أنه حتى جون كان يعلم بغرامها , واغرورقت عينا كوري بالدموع من أجل حبها التاعس, وشعرت أنها تبكي أيضا جون الراحل وحبه البائس , وانهمرت الدموع على وجنتيها وشعرت أنها تريد أن تلعن ماريزا وتلعن غريغ لأفتتانه بأمرأة ستعطيه القليل القليل مما يمكن أن تعطيه كوري.
منتديات ليلاس
ومع صوت خرير المياه في الحمام, أدركت أن غريغ وصل ويستحم, بعد فترى قصيرة دخلت هي الحمام وكان بخار المياه الساخنة ما يزال يعبق في المكان, أستحمت هي أيضا وعادت ألى غرفتها ترتدي ثيابا بسيطة, ختارت سروالا وقميصا مدركة أن هذا اللباس لا يعجب غريغ في سهرات العشاء, وأن ماريزا ستكون في أفضل أناقتها.
وهوى قلبها لحظة وصلت الى الممر قبل غرفة الجلوس , حيث يدور حوار بين غريغ وماريزا, جمدت في مكانها وهي تسمع ماريزا تقول:
" لست بلهاء الى لحد الذي يمكن أن أعتقد أن ... تلك الفتاة ... يمكن أن تكون زوجتك المقنعة".
توقفت عن الكلام قليلا ثم قالت:
" أجعلها تغادر المزرعة ... ونبقى أنا وأنت مثلما كنا دائما...".
" أرجوك يا ماريزا أليس من أمر آخر يشغل تفكيرك غير هذا الموضوع , فكري ببوبي مثلا".
" أنا لا يهمني بوبي".
وتابعت بصوت عال يظهر فقدان صبرها وعصبيتها الشديدة:
" أنا لا يهمني بوبي حتى لو لم أعد أراه في حياتي , الا أنني...".
وفجأة تجد كوري أن بوبي في أسفل السلم جامدا في مكان , ثم يركض الى الباب الكبير ويخرج منه مسرعا , بوبي وصوت أمه الهستيري , لا بد أنه سمع العبارات الجارحة.
لوهلة فكرت كوري أن تبلغ غريغ وماريزا عن هروب الصبي , ولكن خوفا من ضياع الوقت , ركضت هي الى الخارج لتجد بوبي مختفيا تماما,فكرت أن تعود الى الداخل تبلغهم ماذا حصل , ولكنها توقعت أن يكون بوبي ذهب الى منزل أحد أصدقائه, ولكن ما لبثت أن سارت قليلا حتى رأت بوبي على ظهر حصان صغير يقوده مسرعا في اتجاه مباني المزرعة.
دخلت الأسطبل وهي نادمة لأنها لم تفكر في أن تتمرن على ركوب الخيل , ولأنها رفضت ترغيب غريغ لها, المطر بلل شعرها وانهمر على وجهها قبل أن تستقر على رأي أن تأخذ اللاندروفر من دون أن تقفل باب المرآب الكبير , سارت بين بيوت المزرعة وتساؤلت: هل تقف تسأل بعض المزارعين للمساعدة؟ ولكن أن فعلت فأن بوبي يكون أمعن في البعد وزاد ضلالا, حركة في منحنى تلة ومجرى نهر, أنه بوبي على الحصان , ولكن قلبها هوى عندما وجدت أنها لن تستطيع باللاندروفر أن تأخذ الطريق ذاتها التي لا تصلح الا لحصان لعبور النهر, فوقفت في مكانها لا تعرف أي سبيل تختار, هل تعود وتخبر ما حصل معها , أم تستمر؟ وكيف تستمر؟ التفتت يمنة ويسرة واذا بها تجد جسرا خشبيا يصلح لمرور اللاندروفر, وأسرعت تقود اللاندروفر عليه وتسير في الأتجاه التي لاحظت أن حصانا واقفا هناك, وماأن وصلت حتى هوى قلبها من جديد, فالحصان من دون راكب, فنزلت تصرخ:
" بوبي! بوبي!".
شعرت بخوف ورهبة ونبضات قلبها جامدة, وما عاد صوتها يخرج من حنجرتها عندما لاحظت شيئا أبيض عالقا بين الصخور على طرف النهر , وصرخت (يا الله أنه قميص بوبي!).
ومن دون أن تعبأ بسلامتها نزلت ال ضفة النهر والى الماء , وراحت تمشي غير مكترثة بالصخور والأعشاب التي تعلق بركبتيها ورجليها , وفجأة دخلت بقعة مجوفة في النهر كادت أن تسقط داخلها لو لم تتشبث بصخرة قريبة, ثم من صخرة الى أخرى , راحت تشد نفسها , الخوف على مصير بوبي تجاوز المصاعب التي تواجهها , واستمرت تدخل النهر في اتجاه الطرف الآخر حيث عارضة خشبية تتحرك وعليها بوبي ممددا , ولكن لا حركة تبدو فيه.
الخطر أعطاها دفعا جديدا, وقوة في عضلاتها ساعدتها على اقتحام الماء وصولا الى بوبي , وما أن وصلت اليه حتى أسرعت تستكشف حالته , وجدت جرحا يسيل دما على جبينه جعله يغيب عن الوعي , لا بد أنه سقط عن ظهر الحصان وضرب رأسه بالصخرة صعدت الى العارضة وراحت تجري له تنفسا أصطناعيا محاولة أعادة الحياة اليه.
مرت خمس دقائق ... وعشر دقائق ... وهي تستمر في محاولة نفخ الحياة في فم بوبي , تسرب البرد الى عظمها , وشعرت أنها تغيب هي الأخرى عن الوعي , ولا تعود الى الواقع الا وغريغ يصرخ:
" كوري؟ يا ألهي , كوري , هل أنت بخير؟".
أعتقدت أنه حضر في الحلم ولكن حشرجة في صوت بوبي أعطتها القوة لتقوم وتحتضنه في حين تولى غريغ عن ظهر حصانه المارد جر العارضة الى ضفة النهر , ونزل غريغ وخلع معطفه المضاد للمطر وناوله لكوري قائلا:
" ضعي هذا على كتفيك , سآخذ بوبي وأعود بعد دقائق لأخذك".
شعرت بالخوف لأنه سيتركها وحدها وصرخت:
" لا تتركني وحدي هنا؟".
فأجابها مهدئا من روعها:
"بضع دقائق وأعود, أريد أن آخذ بوبي أولا الى الكوخ الذي يبعد قليلا من هنا, سأعود فورا يا حبيبتي".
هزت رأسها وأحاطت جسدها بالمعطف الذي أعطاها أياه وجلست الى جانب صخرة تنتظر , فكرت أنه كان يجب أن تترك له المعطف يغطي بوبي به, هو تبلل كثرا , نسيت الوقت الذي تنتظر فيه واسترجعت ما قاله لها غريغ , هل قال حقا ( يا حبيبتي؟( وفكرت هل سيحبها غريغ يوما؟ وكيف ستعرف بهذا الحب؟.
وهي مأخوذة بهذه الأفكار وصل غريغ , وحملها بين ذراعيه , قميصه كان ملتصقا بجسده لشدة بلله وكذلك شعر رأسه , أحاطت عنقه بيديها وقالت وهي تعانقه:
" آه يا غريغ, كم أنا سعيدة لأنك عدت , أعتقدت أنني لن أراك بعد اليوم".
وفيما هو يحملها عانقها مرددا : ( كوري, كوري ...).
وأضاف " أريد أن أطمئن اليك والى بوبي ... وأن أشعل نارا تدفئكما".
وعلى ذكر بوبي سألت كوري عن حاله خائفة من الجواب ولكن جوابه جاء مطمئنا.
" سيكون بخير , كان رطبا جدا , ولكنني لففته بغطاء صوفي".
وبعدما سار بها بضعة أمتار أنزلها الى الأرض قائلا:
" يبدو أنك فقدت حذاءك؟".
"لا يهم , لا شيء يهم بعد اليوم".
ووضعها على ظهر حصانه وانطلق بها الى الكوخ الذي بدا مضيئا عندما وصلاه , على الباب مد غريغ يديه ليحملها ولكنها قالت:
" بوبي قد يخاف أن رأك تحملني , سيعتقد أنني مجروحة بسبب...".
ولكنه لم يأبه بما كانت تقوله , بل حملها بين ذراعيه ودخل بها الكوخ المؤلف من غرفة واحدة , واذ ببوبي يرتعش من الخوف والبرد تحت الغطاء الصوفي ويقول:
" قلت أنك لن تغيب أكثر من دقيقة يا عمي غريغ, وقد تأخرت أكثر مما قلت".
أقترب من عمه وطمأنه ثم توجه الى المدفأة يحاول أن يعثر على طريقة يشعل الحطب فيها قال لكوري:
" أبحثي لنفسط عن غطاء صوفي والتفي به, وأنا سأحاول أن أشعل النار هنا".
.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اليزابيث غراهام, انين الساقية, elizabeth graham, mason's ridge, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, عبير القديمة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:11 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية