6- أنت لست المستقبل" يا عمي غريغ , هل ستأخذ قصبة صيد لكوري أيضا؟".
سأل بوبي من أسفل السلالم في البيت الكبير , غريغ ألتفت الى الخلف وأجاب وهو ينظر الى كوري الخارجة للتو من المطبخ وفي يدها سلة مأكولات.
" اذا كانت ترغب في ذلك , طبعا نأخذ قصبة ثالثة".
ابتسمت كوري محافظة على روحية العطلة التي تصاعدت منذ الصباح في يوم سبت , قالت:
"لم أذهب في رحلة صيد سمك من قبل ولكن أحب أن أجرب".
ايلين, العاملة في البيت, ذهبت في أجازة يومين الى بيت والدها المسن في قرية تبعد خمسة أميال, شعرت كوري بفرح وهي تعد طعام الفطور في الصباح للثلاثة معا, ثم في تحضير سلة المأكولات لرحلة الصيد , أنزلت من الثلاجة قطع دجاج مجلدة للرحلة , وقطعتي لحم مجلدة أيضا من أجل طعام العشاء لدى عودتهما في المساء.
"تحتاجين الى قبعة".
قال لها غريغ وهو يعود من الجهة الخلفية من البيت حاملا قصبة سمك ثالثة , وملاحظا شعرها العاري المعقوص الى الخلف , وأضاف:
" أن الشمس تصبح حادة جدا وسط البحيرة".
أرتدى غريغ قبعة خفيفة حمراء اللون, وبدا مرتاحا في قميص بيضاء وسروال قطني رياضي.
أجابته:
" لا يوجد عندي قبعة , ولكنني مؤخرا أعتدت على الشمس , ولا أظن أنها ستزعجني".
" يجب أن تضعي شيئا على رأسك , وأظن أن أي قبعة من عندي ستكون واسعة جدا على رأسك ... يا بوبي , هل عندك قبعة يمكن أن تعيرها لكوري؟".
قفز بوبي من مكانه موافقا ودخل الى البيت مسرعا , أفرحه أن يكون ذا فائدة للمرأة التي لم يرحب بها عندما حضرت الى المزرعة ولكنها ما لبثت أن أصبحت أكثر الموجودين في المزرعة شعبية لكونها أحب معلمة مرت على المدرسة منذ زمن بعيد, وهو أمر جعل رفاق بوبي يحسدونه على أمرأة عمه الجديدة, عاد بوبي من غرفته راكضا وناول كوري قبعة بيضاء لاءمت رأسها جيدا , سيارة اللاندروفر أمتلأت بالأغراض المنوعة.
وأخيرا تحركت السيارة بهم, ولم تشعر كوري بالأنزعاج من الطريق الوعرة, مثل ذلك الذي عرفته في أول يوم من وصولها الى المزرعة, ومع كل دقيقة , كانت الحبيرة تقترب منهم وتتسع, يزداد فرح الثلاثة لأمتداد النهار.
فور وصولهم , أنهمك غريغ وبوبي في سحب زورق من كوخ جانب البحيرة , في حين قامت كوري باكتشاف الشاطىء الصغير حولها , الأشجار ظللت الشاطىء الرملي ومنعت تسرب أشعة الشمس من السماء الزرقاء الصافية , وفكرت كوري أن المكان جنة صغيرة.
" هل تأتين لصيد السمك معنا؟ أم ترغبين في البقاء حيث أنت مع الأحلام؟".
جاءها صوت غريغ قاطعا الصمت.
" طبعا سآتي للصيد".
ركضت على الرمال نحو الزورق لتنضم الى غريغ وبوبي , أفرحها غياب محرك في الزورق , لا شيء يقطع سكون المكان وهدوءه غير خرير الماء تحت المجذافين اللذين بهما حرك غريغ الزورق الى عرض البحيرة وأوقفه هناك.
بوبي أعدَ صنارته ورماها في البحيرة , في حين غريغ أعد صنارة كوري وأراها كيف تقذفها الى الماء ثم سلَمها أياها ليعد هو صنارته, وتبدأ مرحلة الأنتظار لسمك يعلق في الطعم.
الصمت خيَم على الثلاثة , ولا حتى بوبي تحدَث بشيء, كوري استرخت وما كادت تعلق بين النوم واليقظة حتى كادت تسقط القصبة من يدها نتيجة ثقل في الصنارة , صرخت للمفاجأة , أسرع غريغ بالتعليمات:
" حافظي على القصبة وأديري الحلقة بثبات".
نظرت اليه كوري بعينين حائرتين محاولة تلبية التعليمات من دون أن تفلح, فقام غريغ وثبَت قصبته على طرف الزروق , ثم قال لبوبي أن يأخذ مكانه ليجلس هو قرب كوري ويساعدها وأحاط غريغ بكوري ومد ذراعه حول عنقها ليمسك هو أيضا بالقصبة يساعدها في أدارة الحلقة .
تابع بوبي عملية سحب السمكة بعينين محدقتين وغريغ تابع يساعد كوري على الرغم من حيرتها:
" أستمري في السحب, هل تشعرين بالسمكة تشد الى الأسفل؟".
هزت برأسها موافقة فتابع:
" ها هي , ظهرت أخيرا, كم هي جميلة".
"نعم, نعم وكبيرة أيضا".
ردت كوري بحماس شديد, ثم ألتصقت بصدر غريغ قائلة:
"أرجوك يا غريغ تابع أنت العملية , أنها تقفز في شكل يخيفني".
"كلا, تابعي أنت, ها هي تصل الينا... وأخيرا... أنها هنا في الزورق".
ضحكت كوري وهي تنظر الى السمكة تلمع في عينيها , ونظرت الى وجه غريغ على بعد سنتيمترات منها يتجاوب معها في ضحكة مزغردة وعلق بوبي:
" أنها كبيرة جدا, أنت صائدة ماهرة يا كوري".
رد غريغ:
" أنه الحظ لدى كل مبتدىء".
ولف السمكة بالورق الفضي ووضعها على كرسيه وعاد يجلس حيث كان في البداية , وأعاد بوبي الى مقعده بينه وبين كوري وعاد الهدوء يخيم على الثلاثة, تقطعه ملاحظات بوبي السعيد بالسمكة الكبيرة وبطعمها تحت أضراسه عندما يحين موعد أكلها.
اصطاد بوبي سمكة صغيرة , وغريغ أصطاد سمكتين الواحدة في حجم أصغر قليلا من سمكو كوري , وحان موعد الغداء , أنتقل الثلاثة بزورقهم الى الشاطىء , غريغ تولى تنظيف السمك , وكوري تولت تحضير الطعام تحت ظل شجرة.
" ليتنا لم نحضر طعاما معنا".
قال غريغ بعدما التحق بكوري وبوبي على البساط المفروش على الرمل " كنا شوينا السمك هنا وأكلنا".
ردت كوري:
" بل أفضل الدجاج الذي أحضرناه".
فقال غريغ:
" لا شيء ألذ من سمك البحيرة الطازج , سوف أعده غدا".
وبعدما أنتهوا من طعام الغداء ووضعوا في السلة ما تبقى , واسترخى غريغ على البساط , سأل بوبي:
" هل نذهب نصطاد أيضا؟".
"كلا," أجابه غريغ " الآن موعد أستراحة القيلولة".
وشد غريغ بوبي الى جانبه وتمددا معا, وأنزل غريغ القبعة على وجهه وبعد لحظات استغرق في النوم, راقبتهما كوري وأدركت أن الرجل والصبي استسلما للرقاد, لاحظت ذبابة تحوم فوقهما فأبعدتها , ووجدت لنفسها مكانا على البساط, وتمددت محدقة في السماء الزرقاء فوق , وأخذتها الأفكار بعيدا.
في المساء على طريق العودة , وعلى الرغم من كون بوبي نان وقتا طويلا , بقيت عيناه ثقيلتين حتى وصولهما الى البيت في السادسة مساء.
قالت كوري:
" كنت أخطط أن نتناول طعام العشاء ثلاثتنا , ولكن لا يبدو بوبي قادرا على السهر أكثر".
فرد غريغ:
" أعطه عشاء خفيفا , غداؤه كان كافيا , ولا أظن أن القليل من الطعام في المساء سيؤذيه".
فأعدت كوري لبوبي صحن شورباء راح يشربه مع خبز محمص , في حين أشترك كوري وغريغ في قلي قطعتي لحم وشي القليل من رؤوس البطاطا في الفرن, وما أن أنتهى بوبي من الشورباء حتى قامت كوري تقوده الى غرفة نومه في الطبقة الثانية لأول مرة.
في السابق كانت تجولت في غرف البيت في سرعة ولاحظت غرفة بوبي المرتبة والملأى بالأشياء الطفولية والمطلة على النهر والسهل , الآن وجدت الغرفة فوضوية لغياب ايلين عن البيت.
" آه يا بوبي, كيف أستطعت أن تترك غرفتك من دون ترتيب هكذا ؟".
ثم خففت من أستهجانها للتعب البادي على وجه الصغير, اذهب الى الحمام للأغتسال وأنا سأرتب سريرك , هل تريدني أن أفتح لك حنفية الماء وأجعلها فاترة؟".
" نعم يا كوري, أرجوك".
" أحضر بيجاما نظيفة واتبعني".
وذهبت الى الحمام تفتح الماء لتجعله فاترا , وعادت لترى بوبي يرتب سريره كيفما كان ليرضي كوري , ابتسمت كوري "يا للمسكين" قالت لنفسها, كم يحتاج الى أم ترعاه , وتعجبت كيف يمكن لأم أن تترك ولدا طيبا مثل بوبي تحت رعاية عمه العازب. تولت ترتيب السرير والغرفة في حين بوبي ذهب يغتسل, وقعت عيناها على صورة فوتوغرافية الى جانب السرير , فرفعتها لتنظر اليها عن قرب, المرأة الجميلة في الصورة , لا بد أنها ماريزا مايسون . أما الرجل الى جانبها فلا يبدو أنه يشبه غريغ , هو أشقر الشعر وأزرق العينين ولكن مع ذلك لاحظت بعض التشابه في الملامح , وعاد بوبي من الحمام, ساعدته في أرتداء بيجامته , وسألته:
" من في الصورة يا بوبي؟".
" أمي و... أبي"و أجاب والنعاس في عينيه , وما لبث أن قال " ظننت أنك شاهدت أمي سابقا تعزف".
" نعم , نعم, شاهدتها , ولكنني لم أر صورة لوالدك من قبل".
" مات وكان عمري سنتين , أتذكره فقط عندما أنظر الى الصورة ", ثم تابع" هل تقرأين لي قصة حتى أنام؟".
" أحب ذلك يا بوبي , ولكن عليَ أن أذهب الى عمك غريغ لأعداد العشاء, يسرني أن أفعل ذلك في ليلة ثانية".
" لا بأس, عمي غريغ كان يقرأ لي في الماضي, الآن ما عاد عنده وقت لي".
وأدخلت كوري بوبي في السرير وغطته , وممرت بيدها على شعره الأسود وجبينه وقالت:
" مجيئي الى هنا غيَر أشياء كثيرة كانت تسرك , أليس كذلك يا بوبي؟".
أجاب:
" آه , كلا يا كوري , أنا سعيد لأن عمي غريغ تزوجك ... أنت طيبة ... وحلوة...".
واذ بغريغ يقاطعه بحضوره الفارع على باب الغرفة :
" آن الأوان لتغرق في النوم يا ولد".
فاستسلم بوبي لمطلب عمه.
وعندما خرجت كوري من الغرفة برفقة غريغ أخبرته:
" طلب مني أن أقرأ له قصة".
ونظرت اليه تقرأ تعابير مريحة على وجهه وأضافت:
" هل تمانع أن قرأت له قصصا في المستقبل ؟".
" كلا, أطلاقا , أنت يمكن أن تقومي بالمهمة أحسن مني".
" أنا أشك في ذلك , أظن أن بوبي يحتاج الى رعاية أكثر حنانا".
ولمحاولة أبعاد أي فكرة خاطئة قد تطرأ له في أنه لا يعطيه الحنان الكافي , قالت:
" أقصد حنان الأم أن أمه بعيدة , وعلى الرغم من أن ايلين جيَدة الا أنها لا تستطيع أن تتفرَغ له, أنها مشغولة بأشياء كثيرة".
وافقها قائلا:
" هذا صحيح ". ونظر اليها وهو يضيف:
" أنا أكون سعيدا جدا لأي رعاية يمكن أن تقدميها له".
في المطبخ وفيما كوري تتابع أعداد العشاء , أخذها التفكير بعيدا , بوبي يحتاج الى أمه وليس الى زوجة عمه التي هي زوجة غير حقيقية.
وعندما حملت الشرائح المقلية جيدا , الى طاولة الطعام حيث كان غريغ جالسا قال لها:
" لم أكن أعرف أنك تحسنين الطبخ".
" وما أن جلست هي قبالته واستعدت لتسكب في الصحون قالت له:
" ثمة أشياء كثيرة تجهلها عني, أنا لم أعش طيلة عمري عند صهري الغني".
" هذا صحيح, هل تقولين لي أين عشت؟".
ابتسمت ودعته الى تناول الطعام لتروي له قصتها:
" والدي كان يعمل في المحاسبة... كان ناجحا ولكنه لم يكن يطمح للمال والسلطة , اشتغل في حسابات مصرف صهري هاورد , هكذا تم التعارف بين هاورد وشقيقتي , هي كانت تساعد والدي في المحاسبة أيضا , بعد زواجهما بفترة قصيرة , مرض والدي واحتاج الى رعاية شديدة.كانت أني تهتم به في حين أنا أتولى شؤون المنزل , وطهي الطعام".
" ألم تذهبي الى الجامعة؟".
" في تلك الفترة تركت الجامعة مدة سنة, ولكن ألح صهري على مساعدة أهلي ماليا وتمكينهما من التقاعد في بلدتهما في ولاية أريزونا , وهو ساعد أيضا في تكملة دراستي في الجامعة والسكن في غرفة مرفَهة في الجامعة, بالمقابل, ساعدت هاورد في العلاقات العامة مع زبائنه , أي في تسلية رواد حفلاته " وابتسمت وهي تضيف," بما فيهم أنت , أن دورين كانت تأمل دائما أن ألتقي بزبون غني من زبائن البنك ونتزوج"
غريغ بقي صامتا لفترة قصيرة , راح يمضغ بهدوء , ثم قال:
" وأين موقع روجر من هذا كله؟".
" روجر؟".
سألت مستغربة وهي تحدق في الصحن أمامها , وأضافت:
" لا موقع له في محيط هاورد , دورين كانت أسعد أنسانة في العالم عندما أنفصمت الخطوبة , كانت تريد رجلا أغنى وأهم لي".
" ولكنك أنت أردت أن تثبتي أن أي شخص عادي , مثل والدك , يلائمك تماما".
" ربما ... لا أعرف".
كان جوابها بطيئا ومترددا , قال :
" حسنا, لنأكل الطعام الشهي أمامنا , هو جيج جدا وألذ أن يؤكل ساخنا".
وساد الصمت وهما ينهيان الطعام أمامهما , ورن الهاتف في القاعة المجاورة فقام غريغ يرد على المخابرة في حين كوري قامت تعد القهوة , عندما عادت مع القهوة الى غرفة الجلوس سمعته يقول على الهاتف:
" سأسأل كوري , لحظة من فضلك يا بيل".
وحضر غريغ الى غرفة الجلوس يسأل كوري :
" أصدقاء لي , بيل وجوديت أندرسون يحتفلان بعيد زواجهما السادس في عطلة نهاية الأسبوع المقبل , وهما يدعوانا لنذهب اليهم, هل ترغبين في ذلك؟".
" أين هو المكان؟".
" لا يبعد كثيرا عن بلدة وليمس ليك نستطيع أن ندمج الزيارة مع رحلة شراء حاجيات أن كنت ترغبين في أي شيء".
" نعم , أحب ذلك, وأحب أن ألتقي بأصدقائك أيضا".
وقبل أن يعود الى الهاتف قال لها مترددا:
"أن الموضوع يعني أننا سنقضي يومي نهاية الأسبوع هناك".
" هل يستطيع بوبي أن يحضر؟".
" طبعا, عندهم ولد في الخامسة من العمر, وهم يتوقعون أن يحضر بوبي أيضا".
" حسنا , أعتقد أن ايلين تستطيع أن تذهب في عطلة نهاية الأسبوع عند والدها أيضا".
على الهاتف سمعته يقول:
" يا بيل , تعم أن كوري تحب أن تلتقي بكما , أنها تعلَم في المدرسة هنا , وتنتهي من السنة الدراسية قبل نهاية الأسبوع المقبل , وهكذا...".
لم تستمع الى باقي المحادثة وهي تسكب القهوة في الفناجين , أخذتها الأفكار بعيدا , لم تصدق أنها في المزرعة منذ خمسة أسابيع , وأن الأسبوع المقبل سيكون آخر أسبوع لها في التعليم , هي بدأت تتعلَق عاطفيا بأطفال المزرعة , ومع أنها ستكون ما تزال في المزرعة عندما تبدأ السنة الدراسية المقبلة , الا أن غريغ أتفق مع معلمة ستأتي مع زوجها الذي سيعمل في المزرعة أيضا, وسيقيمان في البيت الصغير الجميل قرب المدرسة , وربما يجلسان معا في باحته الخارجية يراقبان هبوط المساء وفي الوقت الذي سيأتي الثلج تكون كوري عادت الى فانكوفر تأتيها ذكريات المزرعة وكأنها حلم وليست واقعا.
" أعتقد أنك ستعجبين بعائلة أندرسون".
جاءها كلام غريغ من الخلف يقاطع حبل أفكارها ويتناول فنجان القهوة .
" هل تعرفهم منذ زمن بعيد؟".
" كنا رفاق الصف الواحد في المدرسة ثم الجامعة , أنا كنت عرَاب زواجهما وعرَاب أبنهما البكر".
" يبدو أنهما زوجان ناجحان".
" نعم , جدا".
وأرادت أن تعلق على الموضوع من زاوية جديدة , قالت:
" اذا هما يثبتان نظريتي في الحب الرومانسي".
نظر اليها باستغراب وبرود وقال:
" أنهما الشواذ الذي يثبت القاعدة".
نهاية الأسبوع أقتربت , وقاد غريغ الطائرة بكوري وبوبي الى بلدة وليمس ليك , حيث أستأجروا سيارة وأمضوا النهار في التنزه , وقامت كوري بشراء بعض الحاجيات الخاصة وكذلك هدية لمضيفتهم, طاقما من أكواب زجاج الكريستال.
.
منزل عائلة أندرسون يقع على طرف بحيرة صغيرة, مبني على الطراز القديم ومفعم بالحب العائلي , وفوجئت كوري عندما رأت جوديت حاملا بالولد الثالث.
علَقت جوديت على الموضوع ضاحكة:
" أليس مضحكا أن ندعو الى حفلة وأنا في هذا الوضع؟ أن بيل قال انه سيطلقني أن لم أنجب له ابنة, ففكرت أن أفعل شيئا قبل فوات الآوان ".
فأجابت كوري ضاحكة أيضا:
" ظننت أن رجال المزارع يرغبون في صبيان أكثر من البنات ".
" هذا صحيح ولكن بيل يقول أن صبيين يكفيان لمكان ضيق مثل بيتنا".
والتفتت الى غريغ وأضافت:
" الآن جاء دورك يا غريغ, أنت تحتاج الى ستة صبيان على الأقل حتى تملأ بيتك الكبير, انتبهي للموضوع يا كوري".
شعرت كوري أن غريغ لاحظ خجلها فعلق منقذا:
"أعتقد أن أربعة صبيان يكفي".
وأحاط ذراعه بكتفي كوري وقال:
" لا أحب أن ينافسني أولادي في أخذ أهتمام زوجتي".
ضحك بيل وقال:
" هذه حكمة جيدة , أنا حتى مع ولدين لا أستطيع أن أحصل على وقت من جوديت تلتفت فيه اليَ".
وأخيرا قالت جوديت:
" أن الموضوع تعقد كثيرا هكذا ودخل في التفاصيل".
والتفتت الى كوري قائلة:
" تعالي معي الى الطبقة العليا لأريك غرفتك, أن غريغ يعرفها منذ زمن بعيد, ولا أظنه يحتاج الى أن يصعد ليراها".
شعور بالأرتباك بدأ ينتابها وهي تتبع جوديت نحو الغرفة , شعرت أنها بلهاء لأنها أعتقدت أنه سيكون لها غرفة مستقلة , الا عندما رأت سريرا منفردا أدركت أن عليها أن تشارك غريغ فيه لأنهما في نظر الآخرين زوجان سعيدان.
واعتذرت جوديت على حجم السرير.
" ليس كبيرا جدا, ولكن أهلى أخذوا الغرفة المجاورة مع سريرين منفصلين, على كل حال لا أظن أن عريسين متزوجين حديثا سيتضايقان من سرير ضيق".
" كلا, طبعا".
أجابت كوري محاولة أن ترسم الأبتسام على وجهها , وكم تمنت لو كان من نصيبها الغرفة المجاورة حيث السريران منفصلان, ثم سألت:
" وأين سينام بوبي؟".
" في الغرفة المواجهة مع أبني تيم".
وتابعت جوديت بابتسام :
" جميل منك أن تهتمي ببوبي, أن أمه لا يبدو أنها مهتمة به".
" بل أعتقد أنها تهتم , الا أنها... لموهبتها الموسيقية ... عليها أن تكون بعيدة وتسافر كثيرا".
" أنا بالحقيقة كنت أفضل أن تكون في مصلحة رعاية ابنها ".
وتابعت مترددة:
"أخبريني , هل ماريزا تعرف عن زواجكما أنت وغرغ؟".
" لا أعتقد ذلك , غريغ قال أنها مسافرة حول أوروبا , كل يوم أو يومين في مدينة".
وشعرت كوري بانزعاج بسيط لذكر ماريزا , فكرت أن كان أحد يعرف عن العلاقة الحقيقية بين غريغ وماريزا فسيكون بيل وجوديت , طرحت سؤاى محاولة أن لا تبدو أنها مهتمة كثيرا بالجواب:
" لماذا تسألين؟ هل تعتقدين أن ماريزا قد تعترض على زواجنا؟".
بدا الأمتعاض على وجه جوديت وقالت:
" من يعرف ماريزا مثلي يعرف أنها ستعترض في شدة على خروجها من أهتمامات غريغ, ولكن لا تهتمي بالموضوع يا عزيزتي , أن غريغ يعرف جيدا كيف يتصرف ويعرف أنه أختار الزوجة الملائمة له , هل يمكن أن تتصوري ماريزا مايسون زوجة مزارع؟".
ولوجود ضوضاء في الخارج همت جوديت بمغادرة الغرفة تاركة كوري وحدها, وقبل أن تفعل قالت لكوري:
"أنا سأنزل الى الضيوف, لا بد أن جميعهم حضروا , اذا كنت تحتاجين الى أي شيء أرجو أن تخبريني , أن الجميع متعطش لمقابلة زوجة غريغ . كلنا أعتقدنا أنه لن يتزوج أبدا, رغم محاولات العديد من الفتيات , الا أنه لا يبدو أنه كان مهتما بالموضوع قبل أن يلتقي بك".
وبقيت كوري في الغرفة مع حيرتها , وشعرت بغضب لمرأى السرير المنفرد, لا بد أن غريغ كان يعلم أو يتوقع أنهما سينامان معا في غرفة واحدة, كان يمكن أن ينبهها الى الموضوع فيكون أختيارها للمجيء واضحا , لكنها تذكرت تردده عندما قال لها أنهما سيقيضان يومي نهاية الأسبوع هناك, وكم شعرت أنها بلهاء لأنها لم تستوعب توقفه عند هذه النقطة.
وقفت أمام النافذة تراقب المناظر الطبيعية في الخارج, بحيرة محاطة بالخضرة, بيوت متفرقة هنا وهناك , وأناش يمشون في اتجاه البي , لا بد أنهم المدعوون الى الحفلة, وبدا غريغ وبيل في الخارج يرحبان بالضيوف , وبدا غريغ أنه يعرفهم جيدا ويبتسم ويرحب بهم بحرارة, لاحظته يسأل جوديت عن شيء, ثم التفت الى النافذة حيث وقفت كوري , ابتعدت عن النافذة فورا متجنبة نظراته, وبعد دقيقة وجدته على باب الغرفة عندها يقول:
" لماذا تختبئين هنا؟ الجميع يريد مقابلتك والتعرف اليك".
" يريدون التعرف اليَ أو التعرف الى زوجة غريغ مايسون؟".
بدا مستغربا كلامها, دخل الغرفة وأغلق الباب خلفه وقال:
" أليس الأمر نفسه؟".
" أنت تعرف أن الأمر ليس نفسه".
قالت ذلك وهي تكاد تنفجر غضبا, توجهت الى النافذة وأشارت الى الناس في الخارج وقالت:
" هؤلاء سيعرفون الحقيقة عندما سأنزل الى جوديت وأسألها عن غرفتين منفصلتين لي ولك, لأننا ... لأننا...".
" لأننا لا ننام معا, أليس كذلك؟".
وتابع من دون أنفعال " اذا كان السرير الواحد يزعجك , لا تخافي فأنا أنام على الأرض".
ونظرت الى الأرض الخالية من السجاد وقالت:
" لا تستطيع أن تنام على الأرض الخالية".
" أنا نمت في أماكن أسوأ من هذه , لا تشغلي بالك في الموضوع , هل أنتهى غضبك؟ هل تنزلين معي الى تحت؟".
نظرت اليه في صمت قليلا ثم قالت:
" علي أن أكتب بضع كلمات مجاملة على البطاقة المرفقة مع الهدية التي جلبناها لأصحابك, هل تريد أن تكتب أنت الكلمات؟".
" أفضل أن تفعلي أنت ذلك. ومهما كانت ترتيبات النوم بيننا , فأنت ما تزالين زوجتي".
وبينما هي أنحنت على الطاولة الصغيرة في الغرفة تكتب بضع كلمات على البطاقة , غادر غريغ الغرفة ليحضر حقائبهماا من الطبقة السفلى , سرحت كوري شعرها , ووضعت أحمر الشفاه الذي يلائم ثيابها, وعاد غريغ حاملا حقائبهما ووضعهما في اتجاهين مختلفين من الغرفة ليتجنب تقاربهما , وسلمها الهدية التي أحضراها معا.
ونزلا معا الى الطبقة السفلى وسلمت كوري جوديت الهدية, فقالت الأخيرة شاكرة:
" نحن توقفنا عن أبلاغ أصدقائنا عن الأمتناع عن جلب الهدايا , لأن لا أحد يرضخ لرغباتنا , وأنا في كل حال أرفض أن أكون مخادعة , أنا أحب الهدايا".
طوأنا كذلك".
أجابتها كوري مبتسمة , والتفتت الى غريغ لترى على وجهه تفكيرا عميقا, وقالت جوديت:
" أنا وعرستك يا غريغ سنكون صديقتين , أشكركما كثيرا على الهدية, ولن أفتحها الا في حضور بيل , الآن أرجو أن تنتقلا الى الباحة الخارجية حيث الضيوف مجتمعون, وأنا سأدخل المطبخ لأستعد للضيافة".
ورفضت عرض كوري في مساعدتها في المطبخ بل قادتهما الى الخارج وتركتهما ناك حيث يتحلق بعض المدعوين ويتحدثون ويتبادلون النكات , الحديث توقف لحظة ظهرت كوري وغريغ, ومن أجل أن تعطي نفسها دفعا من الثقة بالنفس وضعت يدها تحت ذراع غريغ وشعرت بتشجيعه المباشر لها عندما ضغط على يدها بيده الثانية.
مخاوفها ما لبثت أن تلاشت وشعرت بارتياح وانسجام مع المحيطين بها , ولكن بين وقت وآخر كانت تشعر بالذنب لأنها كانت تخدع أصدقاء غريغ بصدق زواجها , هم قبلوها وأحبوها لأنها زوجة رجل أحبوه وأحترموه , وقد يكرهونها في المستقبل عندما سيعرفون بالخدعة.
أحدهم قال مشيدا بكوري:
" الآن فهمنا لماذا أقفلت عليها في المزرعة من دون أن تدع أحدا يراها, أنها رائعة الجمال".
فعلَق بيل على الموضوع:
" ليس هذا هو السبب الذي جعله يتزوجها , لقد علمت منذ فترة قصيرة الهدف الحقيقي لزواجه منها".
فوجئت كوري بالملاحظة , التفتت الى غريغ لتلحظ الأطمئنان في عينيه فارتاحت وعادت تنظر الى بيل وتقول:
" يبدو أنك تعرف شيئا لا أعرفه أنا, لماذا لا تخبرني ما هو هدفه من الزواج مني؟".
" أراد معلمة في الألحاح ذاته الذي أراد فيه زوجة, فاصطاد عصفورين بحجر واحد".
"أليس ذلك؟".
ابتسمت كوري وقالت:
"ليس في الموضوع مديح أطلاقا ".
فتدخل الرجل الذي أعطى الملاحظة الأولى عن جمال كوري وقال:
" أعجب بك كزوجة , أن المعلمات يمكن أن يعثر عليهن بالعشرات , أما الزوجات مثلك فهن نادرات جدا".
كور لم تزعجها ملاحظات الأطراء , ولاحظت أن الزوجات كنَ أكثر تحمسا لأطراء أزواجهن مما كانت تتوقع, وبدا أن الجميع كانوا مسرورين أن آخر العزاب في الشلة تزوج واستقر أخيرا.
وعندما أعد الطعام على الطاولات تحت الأشجار وبدأ الجميع يتناوله,شعرت كوري وكأنها تعرف الجميع منذ وقت طويل , ولكن شيئا في داخلها كان دائما يذكرها أنها بعد شهرين أو ثلاثة تنتهي علاقتها مع غريغ وتنتهي معرفتها بهذه المجموعة الصديقة , وحتى ظهور بوبي بين وقت وآخر مع الولد تيم , كان يذكرها بزواجها غير الحقيقي مع غريغ.
وفي آخر السهرة نحو منتصف الليل وجدت كوري نفسها متجاوبة بحماس مع دعوة مقترحة بحفلة مقبلة في مزرعة مايسون.
وغادر المدعوون المكان مجموعة خلف أخرى , والدا جوديت صعدا الى غرفتهما للنوم , وبقي الأربعة أصحاب البيت وكوري وغريغ يتبادلان الحديث على مقاعد في الباحة , بيل أحاط زوجته وكذلك فعل غريغ , لم يزعج كوري التصاق غريغ بها, ولكن غريغ تمادى في تصرفه ربما ليقنع الآخرين بحميمية علاقته مع كوري , همس في أذنها بعدما شدَ رأسه الى كتفه:
" لا ترتعدي مني ... بعد لحظات ينتهي التصاقنا".
تركت رأسها يسترخي على كتفه ومن هناك راحت تنظر الى البحيرة الممتدة والأشجار الوارقة , والصمت يخيم على المنطقة ولا يقطعه الا نعيق غراب من بعيد, ووجدت كوري نفسها تقول:
" ليت قرب بيتنا توجد بحيرة مثل هذه".
" أستطيع أن أفعل واحدة, أستطيع أن أحول مجرى النهر وأنشىء بحيرة صغيرة".
" هل حقا تستطيع ذلك؟".
قالت وهي ترفع رأسها وتنظر اليه برجاء , وجدته يفكر جديا في الموضوع , وتذكرت فورا أنها قد تكون تركت المزرعة عندما يبدأ العمل الجدي في البحيرة , ولاحظت أنه هو لم يبد منتبها الى هذه النقطة.
وفي تلك اللحظة صعد صوت بكاء ولد من النافذة العليا, فحاولت جوديت أن تقوم قائلة:
"لا بد أنه تيم, مؤخرا صار يحلم أحلاما مزعجة".\فقالت كوري:
" بل أعتقد أنه بوبي , سأصعد أنا الى فوق وابقي أنت نا يا جوديت".
وصعدت كوري بسرعة الى غرفة بوبي وتيم من دون أن تلاحظ أن غريغ يتبعها الا عندما سمعته يهدىء من روع تيم الذي انزعج من بكاء بوبي , احتضنت كوري بوبي بين ذراعيها وجعلت رأسه على كتفها وراحت تقول له كلمات مهدئة , أبلغها عن حلمه وهو يبكي ويشد عنقها , قالت له مهدئة:
" أنه حلم يا حبيبي وانتهى , الآن اذهب الى النوم من جديد وعندما ستستيقظ سيكون الصباح مشمسا وجميلا , وسنذهب نستحم في البحيرة , ثم نعود الى بيتنا في المزرعة , أنا وعمك غريغ في الغرفة المجاورة اذا أحتجت الينا".
وبحثت عن منديل تمسح دموع بوبي وأنفه فناولها غريغ منديله , وبعدما أرتاح بوبي واطمأن عاد الى النوم , فقامت كوري وناولت غريغ منديله , فمسك يدها وقادها الى خارج الغرفة وأراد أن يقول لها شيئا عندما بدأ :
" كوري, أنا....".
ثم توقف عن المتابعة وبدأ جملة ديدة:
" أشكرك لأنك تهتمين ببوبي, ما كنت سأقوم بالمهمة مثلك".
وسحبت يدها من يده تاركة المنديل معه, ولم تتعب نفسها في التفكير بماذا كان يريد أن يقول.
عادت كوري وغريغ الى الخارج , وبعد وقت قليل أنتقل كل زوجين الى غرفتهما, وشعرت كوري أن الأنزعاج عاد يلفها لحظة أدركت أن الليلة ستقضيها مع غريغ في غرفة واحدة , المشكلة هذه المرة لم تكن في أنها غير معجبة به, بل على العكس , شعرت أن شيئا ما يشدها الى الرجل, وأن تلامسهما طيلة السهرة أيقظ في داخلها أحساسا بالرغبة, وهذا ما أزعجها وجعلها تهرب الى الحمام لترتدي قميص النوم وتستجمع الأمان بعض الوقت.
وعندما خرجت من الحمام مرتدية قميص النوم ورداء أحاطت به جسمها حتى عنقها وجدت غريغ جالسا على الكرسي يقرأ والى جانبه ثياب النوم سحبها من حقيبته , وعندما رآها قام من مكانه قائلا:
" هل غطاء واحد يكفيك أن أخذت تلآخر؟".
" نعم... ولكن...".
وأخذت نفسا عميقا وأضافت:
" ولكن لا أظن أنه من المستحسن أن تنام على الأرض , أولا لأن الأرض غير مريحة ... وثانيا أنا قلت لبوبي أن يأتي الينا اذا احتاج الى أي شيء , وأذا فعل , فأن جوديت وبيل قد يستيقظان أيضا, ويأتيان الينا أعتقد أن شكلنا منفصلين واحد على السرير وآخر على الأرض سيكون مثيرا للأستغراب".
نظر اليها مستمعا بهدوء حتى النهاية ثم قال موافقا:
" حسنا, اذا كنت أنت لا تعترضين أن ننام معا على السرير فأنا لا أعترض".
وأخذ ثياب نومه ودخل الى الحمام.
لا مبالاته بالموضوع أثارتها , تساءلت: تر ألا يثيره شيء ما فيها؟ لماذا بدا غير مكترث لا سلبا ولا ايجابا؟ ونظرت الى المرآة تحدق في مظهرها في ثياب النوم ولم تفهم لماذا لا يجدها جذابة , راحت تدقق بتفاصيل شكلها , في عينيها وأنفها وشفتيها وجسمها , وتذكرت روجر كان دائما يقول لها أن تسمن قليلا , أن تضيف كيلوغرامين أو ثلاثة الى جسمها النحيل .
روجر ... واستغربت كيف أتى الى تفكيرها من دون أي ألم , شعرت أنها تكاد تنساه , هو الذي كان سبب جرح قلبها قبل بضعة أسابيع , نزعته من رأسها مثلما دخل تفكيرها, وعادت تفكر بغريغ , ذهبت الى زجاجة عطور ووضعت بضع نقاط هنا وهناك , وفكرت أن غريغ مهما وجدها غير جذابة , فأنها غير مستعدة أن تمضي أول ليلة لها في سرير مع رجل من دون أن تكون معطرة.
كانت في السرير تقرأ كتابا جلبته معها من المزرعة , عندما خرج غريغ من الحمام , بدا أنه حلق ذقنه, وتساءلت هل هو يحلق ذقنه عادة قبل النوم؟ استغربت كيف يمكن أن تكون متزوجة من رجل منذ ستة أسابيع وتجهل شيئا بدائيا كهذا!
قال لها وهو يقترب من السرير:
" مررت على بوبي ووجدته غارقا في النوم, ويبدو مطمئنا".
ودخل في السرير من الجهة المقابلة مما جعلها تنكمش الى طرف السرير, وتركز على الكتاب في يدها.
" ماذا تقرأين؟".
سألها بلا شديد مبالاة .
"كتابا سحبته من مكتبتك".
وأرته اياه فقرأ العنوان( أدارة المزارع).
وضحك قائلا:
" هل تفكرين في الدخول في منافسة؟".
" كلا, فأنا لا أفهم كلمة منه, ظننت أن الكتاب شيء آخر".
" هل توقعت أن تعثري على رواية غرامية؟ في مكتبي لا وجود لمثل هذه الكتب".
" أنا أعرف ذلك تماما".
قالت ذلك واستدارت قاصدة أن تنهي الحوار بينهما ومصممة أن لا تنام قبل أن يغرق هو في النوم, ولكن عينيها بدأتا تثقلان من هذا الكتاب الذي اختارته ببلاهة معتقدة أنها ستفهم شيئا من أشغال غريغ , ولماذا يهمها الموضوع؟ بعد أسابيع قليلة , سيكون غريغ مايسون جزأ من الماضي.