سار غريغ في البيت وهو يمسك ذراع كوري في أتجاه غرفة الجلوس, قاعة كبرى ناعمة الزخرفة , وأشار الى غرفة طعام كبيرة مرا بجانبها , فيها طاولة مستديرة مزينة بالنقوش نظرت اليها كوري باعجاب , وكذلك الى جدرانيات زجاجية وواجهة تطل على بركة سباحة كبيرة تلمع تحت شمس الغروب.
"بركة سباحة؟ " قالت كوري بفرح وهي تنظر الى غريغ ثم تعود بنظرها الى زرقة البركة المغرية.
" هل تحبين السباحة ؟" سألها وقد سره أعجابها بالبركة.
" أنا مغرمة بالسباحة ".
أجابت بحماس لم تعرفه منذ وقت بعيد.
" نحن لسنا شعبا غير متمدن مثلما يعتقد بعضكم من أبناء المدينة ".
وتابع وهو يقترب منها حيث تقدمت تنظر الى البركة عن قرب:
" البحيرة بعيدة جدا من هنا, والنهر بارد جدا ولا يلائم للسباحة, لذلك جعلت بركة خاصة بنا".
" أنا سعيدة لأنك فعلت, هذا شيء واحد سأتمتع به هنا".
ورأته ممتعضا , سألها:
" هل هذا كل شيء يتتمتعين به هنا؟ هل أنت نادمة على مجيئك معي؟".
استغربت سؤاله وكانت أعتقدت أنه لا يبالي بما يمكن أن يدور في فكرها , بل أن ينفذ رغباته , فقالت:
" أعتقد أن الندم لا يفيد لأنني تأخرت عليه". وضحكت وهي تقول:
" أقصد أنني هنا الآن , ولا مهرب لي الا عندما تأخذني أنت".
" هل تعتقدين أنك قد ترغبين في الهروب؟".
هزت كتفيها بلا مبالاة وقالت:
" أنا لا أعرف كيف ستسير عليه الأمور يا غريغ , هؤلاء الناس يعرفونك , سيلاحظون بسهولة أننا لسنا مغرمين ببعضنا".
مت قليلا وكأنه يفكر بحل , وأخيرا قال:
" يمكنك أن تتصرفي معي وكأنني حبيبك , ما أسمه ؟ روجر".
وأجابته بذكاء:
"ومن هي التي ستكون في ذهنك عندما تغازلني بين الناس؟ هل المرأة التي بنيت البيت من أجلها؟".
سحب نفسا طويلا وقال بتثاقل:
" نعم , وسأفعل ذلك".
ثم أضاف:
" سأريك غرفة نومك الآن , ستتجولين في البيت في وقت لاحق".
لاحظت كوري أنه لم يمسك ذراعها ليقودها, بل سار أمامها حتى القاعة الكبرى, وشعرت بارتياح وهي تفكر أنه سيكون لها غرفتها الخاصة حيث ستكون حرة من دون الحاجة الى تمثيل دور يصير أصعب كلما مر الوقت, وكانت أعتقدت خطأ , مع أن الزواج هو في الأسم فقط, أنها قد تشارك غريغ في غرفة نومه, على الأقل من أجل المظاهر التي يحرص عليها هو كثيرا.
سار في الطبقة الأرضية حتى آخر ممر حيث باب كبير بدا أن به يبتدىء جناح جديد متميز عن باقي البيت , فتح الباب ومنه الى قاعة صغيرة حيث ثلاثة أبواب موزعة , فتح غريغ أحدها ودعا كوري للدخول قبله.
واذ بكوري تفاجأ بالغرفة الكبيرة , ولا تجد كلمات الأعجاب تعبر عنها, لا بد أنها سيدة الغرف في البيت الكبير, السجاد الأبيض يغطي الأرض,والأثاث أبيض اللون أيضا, على أطرافه خطوط ذهبية , ويعاكس اللون الأبيض في الغرفة أغطية حمراء على السرير الكبير والمقاعد , أحد الجدران كان أكثره من الزجاج , وعندما أقتربت منه فهمت لماذا , اذ أمامها أمتد السهل الأخضر وخليط من المناظر الخلابة للنهر وبيوت المزرعة , وكأن المسافات لا تعني شيئا غير الجمال الطبيعي.
" آه يا غريغ, جميلة جدا هذه المناظر , والغرفة رائعة".
وأضافت وهي تنظر عبر الزجاج:
" لا بد أنك أحببتها كثيرا, تلك المرأة التي بنيت البيت من أجلها ".
وشعرت أن الصمت طال حتى كادت تظن أنه غادر الغرفة , فاستدارت لتراه واقفا بالتعابير القاسية ذاتها في وجهه, ولكن لم يقل شيئا عن الموضوع بل :
"سأحضر لك حقائبك لتتمكني من توضيبها".
"شكرا لك".
أذن هو لا يرغب في الحديث عن تلك المرأة في حياته , فكرت كوري أن الأمر لا يهمها , سارت في الغرفة وسألت غريغ وهو يتجه نحو القاعة الصغيرة:
" أين ستقيم أنت؟ أقصد , أكره أن أخرجك من غرفتك".
ظهرت على وجهه أبتسامة باهتة وقال:
" أنا أنام في الغرفة الثانية".
ودل على الباب المواجه ." أما هذه الغرفة فلم أستعملها أبدا".
"أه" قالت وهي تفكر أنه لم يستعمل الغرفة لأنه يحتفظ بها للعروس الخاصة التي رغم كل شيء لم يتزوجها, وتساءلت لماذا اهتم كثيرا بهندسة الغرفة وزينتها وجعلها غرفة رومانسية حالمة ومن ثم لم يتزوج من تلك المرأة , هل غيرت الفتاة رأيها ؟ هل ثمة حادث قضى عليها ؟ نظرت الى وجهه القاسي وتوقفت عن الذهاب بعيدا في تفكيرها ولكنه بدا وكأنه يخرق تفكيرها , اذ قال بجفاء:
"أن أتفاقنا لا يتضمن تبادل مشاعرنا وحياتنا الخاصة". وأضاف:
" سأذهب لأحضر حقائبك".
وغادر غريغ القاعة الصغيرة في اتجاه الجناح الأساسي من البيت الكبير وهي عادت تسير في الغرفة تتأملها ويعود الى رأسها وخز وجع الرأس الذي عرفته خلال الرحلة في الطائرة , أن الأشهر المقبلة كزوجة لغريغ مايسون لا بد ستكون أشهرا صعبة وقاسية, كان عليها أن تفكر بعمق أكبر عندما وافقت على الأرتباط معه , حتى بوبي , أبن شقيق غريغ عنده تحفظات على زواجها من عمه.
عاد غريغ الى الغرفة وفي يده حقائب كوري ووضعها الى جانب السرير وقال:
" العشاء موعده في الساعة السابعة".
"هل بوبي......؟".
" كلا , هو لا يكون معنا , يتناول العشاء في السادسة مع ايلين, ولكن الليلة....".
" تريده أن يتناول العشاء معنا؟".
" كلا , بل أرغب أن تأتي الى غرفة الجلوس عندما تصبحين مستعدة , فتتعرفان الى بعضكما رسميا".
"حسنا".
وتوقفت قليلا عن الكلام ثم أضافت:
" ماذا عليَ أن ألبس ؟ أقصد هل ترتدون ثيابا خاصة للعشاء؟".
نظر الى السروال الذي ترتديه وقال:
" ربما تشعرين بحرية أكثر في الفستان , السروال جيد لنشاطات مختلفة, ولكنني عادة أفضل الفستان لطاولة العشاء".
ونظرت كوري الى المناظر الطبيعية من الواجهة الزجاجية , وهل يهم ماذا ترتدي على العشاء في مكان منعزل كهذا ؟ وشعرت أن غريغ يرغب أن تظهر نساؤه في مظهر أنثوي حتى لو كان وحده يرى ذلك.
بعد ساعة تقريبا غادرت كوري غرفتها بعدما أستعدت تماما للسهرة الممتدة أمامها , كانت فتحت حقائبها ووضبت ثيابها في الخزائن , ثم أغتسلت في الحمام الفخم الذي بدا أنها ستشترك فيه مع غريغ لأنه يقع بين الغرفتين.
ترددت أي فستان تختار , واستقر رأيها على فستان بني غامق بعدما فكرت أن بوبي قد يفضل خالة وقورة على فتاة في فستان زاهي اللون.
وجدت طريقها بسهولة من الجناح الخاص الى الجناح الرئيسي من البيت, وراحت تتأمل الأثاث الوثير بأعجاب خصوصا أن كل ما فيه متلائم ودخلت الى غرفة الجلوس الكبيرة ووجدت في أحدى زواياها بيانو .
سارت على السجاد الوثير وأقتربت من البيانو ووضعت يدها على الغطاء , هل غريغ يعزف على البيانو؟ أو هو لزوجة أخيه ماريزا مايسون عندما تزور البيت لرؤية أبنها ؟ وأزعجتها فكرة أن تأتي العازفة المشهورة الى المزرعة أثناء وجود كوري كزوجة لغريغ, قطع تفكيرها صوت يقول:
" كوري, أريد أن أعرفك على أبن شقيقي بوبي".
ألتفتت كوري الى الوراء لتنظر أولا الى قامة غريغ الطويلة ثم الى الصبي الذي يصل الى أسفل ذراع عمه الذي أحاطه.
أخذت نفسا عميقا وأقتربت منهما في حين رفع بوبي رأسه الى كوري ثم أعاده الى الأرض , وجدته يشبه عمه كثيرا في شعره الأسود وعينيه السوداوين حتى ليكاد يكون أبنه, لا بد أن الشقيقين يشبهان بعضهما كثيرا , نظرت الى بوبي وقالت:
" مرحبا بوبي , أخبرني عمك كثيرا عنك".
بقي بوبي ينظر الى الأرض , أصابع غريغ شدت على كتف بوبي وقال:
" قل أهلا لخالتك الجديدة كوري".
فرفع بوبي رأسه وقال:
" " أهلا" بسرعة وأعاد رأسه الى موضعه الأول , فقال له عمه:
" قل أهلا يا خالتي كوري".
كوري تمنت أن لا يلح على الصبي , بدا يستدعي العطف في سروال الجينز الأزرق والقميص المقلمة القصيرة الأكمام , ذراعاه نحيفتان , وفكرت كوري أن غريغ لا بد كان يشبهه عندما كان صغيرا.
تجاوب بوبي مع كلام عمه وقال طائعا:
" أهلا يا خالتي كوري".
فابتسمت كوري وقالت:
"يا عزيزي بوبي, لا بد أن كلمة خالتي كبيرة عليك هل تناديني كوري فقط؟".
قالت ذلك وهي تعرف أن غريغ سيعترض لكن لا يهمها الأمر ثم دعت بوبي :
" تعال الى هنا نجلس وحدثني عن المزرعة".
وجلست الى المقعد الكبير نصف المستدير , في اتجاه المدفأة الحجرية الكبيرة في الجهة المقابلة من الغرفة:
" أنا أجهل تماما شؤون المزرعة وأريد أن أعتمد عليك في تعريفي على الأشياء هنا".
وساد الصمت قليلا, وبقيت أبتسامتها على شفتيها وهي تنظر الى العم والصبي, نظر بوبي الى عمه فشجعته أبتسامته أن يتبع كوري ويجلس الى جانبها, بدا مترددا ولكن ما لبث أن سار في الغرفة وجلس في طرف المقعد الكبير, نظرت كوري الى غريغ وقالت:
" هل يمكن يا غريغ أن تحضر لنا شيئا مثلجا نشربه؟ أنا عطشانة جدا بعد الرحلة الطويلة".
التقت نظراتهما وبدا أن تصرفها أرضى غريغ وخرج من القاعة وعاد بأكواب عصير وفيها ثلج , ناول الأثنين ثم قال:
" أنا سأترككما تتعارفان لأذهب وأغير ثيابي , أرجو يا بني أن تلبي حاجات كوري أن احتاجت الى أي شيء".
هز بوبي رأسه موافقا , وما أن غادر غريغ الغرفة حتى سأل بوبي :
" هل تريدين بعض الفستق .... أو المكسرات ... أو أي شيء؟".
" كلا, أفضل أن أنتظر حتى العشاء, شكرا, ونظرت الى البيانو وقالت:
" سمعت والدتك تعزف في حفلة فانكوفر".
ولأول مرة ظهر البريق في عيني الصبي الصغير وسأل بحماس:
" صحيح؟ وأضاف مترددا " لم أسمعها تعزف في حفلة".
" ولكنها بالتأكيد تعزف لك وحدك هنا عندما تحضر لتراك؟".
" نعم, ولكنني أحب أن أسمعها تعزف في حفل حقيقي".
فقالت كوري بمرح:
" أنا أعتقد أن كل الناس الذين يدفعون مالا من أجل أن يسمعوها تعزف يكونون سعداء لو عزفت لهم وحدهم مثلما تفعل لك". توقفت قليلا عن الكلام ثم قالت:" هل تأتي والدتك الى هنا مرارا؟".
" ليس كثيرا , أنها تعزف في حفلات في أنحاء العالم , ليس عندها الوقت لتأتي الى هنا, ولكنها عندما هي وعمي غريغ سيتزو...".
وتوقف عن الكلام فجأة وكأنه تذكر أن كوري هي زوجة عمه الآن وظهرت على وجهه علامات أرتياح عندما دخلت ايلين الى الغرفة :
" العشاء جاهز يا بوبي".
قالت مدبرة المنزل وأضافت وهي تنظر الى كوري :
" المعلم لن يتأخر ويمكنكما أيضا أن تتناولا الطعام باكرا".
بقيت كوري وحدها في الغرفة بعدما غادرت ايلين مع الصبي , أذن بوبي توقع أن تتزوج والدته من غريغ , وراح ذهنها يسترجع المرأة الجميلة عازفة البيانو المشهورة وذات الشخصية القوية المرتاحة, أمرأة لا بد تلائم كثيرا شخصية غريغ , أنثى ناعمة , ومع ذلك واثقة من ذاتها وقادرة , أذن لماذا لم يتزوجها ويحل مشاكله كلها بضربة واحدة؟ يتزوج والدة ابن شقيقه فلا دعوى حضانة ولا زوجة مثلها لا تعني له شيئا.
" لماذا أنت عابسة؟".
جاءها صوت غريغ متسائلا, ألتفتت اليه ورأته بقميص وسروال أسودين , وبدا مسرح الشعر , معطرا وبيده كأس شراب , قررت أن تسأله:
" كنت أفكر , لماذا لم تتزوج والدة بوبي؟".
لم يعلق على الفور , بل جلس حيث كان بوبي قبل قليل , فأضافت كوري:
" لو تزوجتها كنت أنهيت الكثير من المشاكل".
"كان يمكن ذلك. ولكن ربما أيضا كانت ظهرت مشاكل جديدة , ماريزا ليست من النوع الذي يسجن نفسه في مزرعة بعيدة عن جمهورها".
"أنها عازفة عظيمة . ليس من العدل أبعادها عن جمهورها".
" هكذا فكر أخي".
ولم يتابع كلامه أذ دخلت ايلين وقالت:
" العشاء جاهز , هل أضعه على الطاولة".
فأجابها غريغ :
" نعم, وشكرا. سنكون معك على الفور".
قام من مكانه ومد يده لكوري كي تقف وأحاطها بذراعه , وأدركت كوري أن الرجل يمارس دور لعريس أمام مدبرة المنزل, وفيما هما يسيران معا الى غرفة الطعام شعرت كوري أن ألم رأسها عاودها, فكرت كم يكون لمسه لماريزا صادقا أكثر من لمسه اياها لو تزوجها, هو لم ينف رغبته في الزواج من ماريزا , لو لم يكن أرتباطها بجمهورها أقوى من أرتباطها به.
العشاء الذي أعتدته ايلين كان مقبولا على الرغم من أنه لم يكن أستثنائيا , قطع من لحم البقر مع مرقة وبطاطا مقلية وبازيللا خضراء , وفطيرة الكرز وفوقها البوظة , ومن ثم فنجان قهوة.
كان أهدأ عشاء عرفته كوري منذ زمن بعيد, وفوجئت عندما قطع غريغ الصمت قائلا:
" هل يزعجك؟".
" ماذا؟".
" أثر الجرح على خدي".
" آه".
شعرت بأرتباك عندما لاحظت أنها تحدق في أثر الجرح على خده , فقالت:
" بالطبع لا, ولماذا يزعجني؟ بالحقيقة أنه..." وهنا أضافت القليل من المرح على ما تقول :
" يضفي عليك طابع الغموض , وكأنك دخلت في مبارزة من أجل أمرأة جميلة".
ابتسم قليلا ثم قال:
" لا شيء رومانسي , الجرح سببه عراك مع دب قبل بضع سنوات ".
فوجئت كوري بكلامه وقالت بخوف:
" دببة وذئاب وأسود ".
ولم يبدو أنه يمزح وأضاف:
" ولكن لا مجال للقلق أن بقيت قريبة من مباني المزرعة , أن هذه الحيوانات تظهر عندما يكون الشتاء قاسيا بشكل أستثنائي فقط وتقترب لتبحث عن طعام".
ونظرت الى أثر الجرح وقالت:
" هل هذا هو السبب ...؟ أقصد هل الدب....؟".
"كلا , كنت في رحلة صيد عندما واجهت دبا ".
ولم يتابع القصة بل أن وجه كوري متعب كفاية فقال:
" لماذا لا تذهبين الى سريرك؟ أستطيع أن أحضر لك دواء لوجع الرأس".
" لا بأس , لن أبقى هنا أطول مما أستطيع".
" ألاحظ أن هذا النهار كان متعبا بالنسبة اليك, ولكن أعتقد أن الأسوأ مر وأنتهى , يبدو أنك أذبت الثلج بينك وبين بوبي , أنه يحتاج الى أمرأة في البيت".
ولاحظت أن وجهها أزداد صفرة, فقام من كرسيه نحوها.
" قومي الى سريرك , وانا سأكون هناك خلال دقائق".
عندما دخلت ايلين الى غرفة الطعام ووجدت غريغ يحيط بكوري لا بد أنها أعتبرت الأثنين في لحظة حميمة طبيعية لزوجين متزوجين حديثا , وأنهما ينتظران الفرصة ليصبحا وحدهما في غرفة النوم , مدبرة البيت قالت شيئا لغريغ في لغتها الأصلية ضاحكة , فأجابها غريغ باللغة ذاتها, فشعرت كوري بالخجل أذ لم يكن من الصعب فهم ما دار بين الأثنين , وعندما وصلا الى جناحهما الخاص أسرعت الى غرفتها وهي تفكر بقدرة غريغ على التمثيل في شكل فاق قدرتها هي.
بعد نحو عشرين دقيقة عاد غريغ الى الغرفة ليجد كوري جالسة على المقعد الوثير الهزاز قرب النافذة , مرتدية ثياب النوم , قميصا من الحرير الأبيض وعليه مشاح من القماش ذاته والتطريز الملائم للأثنين , كانت دورين أقترحته على أنه مناسب تماما للعروس في ليلة عرسها , كوري كانت غارقة في ألم رأسها , أرتدتهما دون شديد تركيز , وفكرت أن تجلس على المقعد بعيدا عن السرير كي لا يأتي ويجدها هناك , ربما من أجل أن لا ينزعج لوجود أمرأة غير التي يحب , في سرير الزوجية.
طرق على الباب , فدعته للدخول , بدا مستغربا وفي يده كوب من الحليب الساخن وفي الأخرى حبتان لوجع الرأس .
" أنت لست في السرير".
" كلا , فكرت... أن أجلس قليلا هنا".
" هل ألم الرأس أسوأ؟".
هزت رأسها.
" خذي . سيساعدانك على ألم الرأس ويجعلانك تنامين أفضل".
أخذت الحبتين من يديه وبلعتهما مع الحليب الساخن ولم تلاحظ أنه وقف خلفها الا عندما مد يديه وأزاح شعرها وأحاط عنقها يدلكها ليخفف عنها الألم.
: أسترخي".
قال وأستمر في التدليك وكأنه معلم شاطر , أسترخت للتو وهو يكاد يدرك تماما نقاط الألم حيث يدلك.
وضعت كوب الحليب جانبا وشعرت أن النعاس يتغلب عليها , هل الحبوب أم تأثير يديه على عنقها جعلها ترتاح؟ لم يكن مهما وفكرت للحظة أن المرأة التي رفضت هذا الرجل لا بد أنها حمقاء , أنه يمكن أن يكون كل شيء للمرأة التي يحب.
فتحت عينيها مندهشة عندما شعرت بيديه تنزعان عنها المشلح.
" لا تخافي" قال وهو يرفعها بين ذراعيه ويحملها نحو السرير .
" سأغادر الغرفة فور أن أطمئن أنك داخل الفراش ".
أنزلها بنعومة تحت الغطاء ثم جعل الغطاء عليها, فقالت مع نعاس شديد :
" لم أشأ ... أن تراني... داخل السرير ... أنا لست المرأة التي تحب....؟".
ولم تتمكن أن تحارب النعاس أكثر وأغمضت عينيها وغرقت في النوم.