كاتب الموضوع :
زونار
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لو كانت امرأة مجربة لأحست بما يعتل في داخله من غيرة وراء سؤاله ولاستغلت ذلك سلاحا ضده . ولو كانت امرأة واعية لما حسبت أباها و زوج أختها ضمن الرجال في حياتها . وهي بذلك تعترف أنه لم يكن هناك سوى حبيب واحد لها .
أثرت فيه تلك الصراحة .
قال لها :
- لقد أخبرتني " نانسي " بكل شئ عن " شارلي " و أنا مدرك لمسلكي النذل و لكن بالنسبة لأبيك يا " شارون " ....أنت لم تحدثيني عنه ؟
- ليس هناك ما يقال عنه . إنه رجل آخر يقول شيئا و يفكر في شئ آخر . لقد كان ينادينا بالأميرات . ثم فجأة رحل . كانت " نانسي " في سن ثلاثة أشهر و أنا كنت في الثامنة من عمري و أتذكر في إحدى الأمسيات عندما لم يعد في المساء . لقد أصيبت أمي بالهستيريا ووجدت التلغراف الذي أرسله و قرأته . لقد قال إنه ترك البلاد لأنه لا يريد أن يعطينا نقودا . أخبرنا أنه راحل إلى " أيرلندا " و أنه لا يريد أن يصبح أبا أو زوجا . وفيما بعد بوقت طويل أخبرتني أمي أنه ترك البلاد لأنه لا يريد أن يتحمل أي أعباء مالية . و لم نره بعدها .
زفر " سليد " في حسرة . لقد هجرها والدها ثم حبيبها . لقد أحس أنه يشبه أباها .
ابتسمت ابتسلمة خفيفة و حاولت أن تمزح :
- إن نساء " برادي " ليس لهن حظ كبير مع الرجال . لابد أن ذلك موجود في دمائنا .
- عندما رحلت من سنتين يا " شارون " لم يكن ذلك بسببك . ولا أريد منك أن تعتقدي أنك مذنبة في أي شئ . لقد كنت رائعة و ممتازة و محبوبة وكل الخطأ يرجع إلي .
- إذن لم يكن الخطأ مني لأنك لم تحبني يا " سليد " ؟ أنا لست على أية حال ساذجة تماما فلا تجعلني أعتقد في أمور كانت مزيفة تماما و غير حقيقة .
نظرت في عينية مباشرة ثم تابعت :
- من سنتين أخبرتني ما كنت تعلم أنني أريد سماعه و قلت لي : إنك تحبني و انت تعلم جيدا أنني بغير حبك لن أقيم علاقة معك , و الآن لنتمسك بالحقيقة .
خفض " سليد " رأسه ثم قال :
- هذا صحيح . إنه لم يكن لديك حظ . لقد عرفتني في أسوا لحظات حياتي . لقد كنت في سن الحادية و الثلاثين و قد هجرتني خطيبتي قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المحدد للزواج . لم أكن بالنسبة لها الرجل القاسي و الجذاب الذي تحلم به وأقسمت وقتها أن أتغير و أن أصبح وقحا ومستغلا حتى و إن لم يناسب ذلك طبيعتي , وهكذا حضرت هنا – حيث قابلتني ......و استغللتني كفأر تجارب لشخصيتك الجديدة .
أحست " شارون " بأنها عاجزة عن الاستمرار . لقد أفهمها " سليد " أنه حتى لم يرغب فيها عندما تركها . و الآن ؟ قفز قلبها في صدرها . أن هذة الرؤية الجديدة لعلاقتهما نزعت عنها آخر أوهامها .
وهي أنها لم تكن أبدا جذابة في عيني الرجل . لقد كانت لسؤء الحظ أول فتاة اعترضت طريقه عندما قرر أن يعدل طريقة معاملته للنساء . استطرد :
- لقد قضيت عامين و شهرين يا " شارون " و أنا نادم على ما سببته لك من سوء معاملة .
أحس " سليد " بأنه أفضل بعد هذا الاعتراف و إذا كان لا يستطيع أن يغير الماضي فهو يستطيع أن يعوض المستقبل .
حدق في الشابة بعمق ... لقد كانت شديدة الجمال و لقد أحبته بعمق شديد لقد كان حبيبها الأول و الوحيد ... إذن كل شئ ممكن أن يعود بينهما .
.
لقد ساده شعور بأن كل شئ سيصبح رائعا بينهما و سيمنح حياته معنى .
قال لها :
- كل شئ تغير يا " شارون " هذة المرة .....
قاطعته بلهجة متعالية :
- هذة المرة ؟ إنك تمزح . لقد حدث لي ذلك مرة و هي كافية !
- أعلم أن ذلك يبدو غباء . لقد كنت أنانيا و قاسيا يا حبيبتي " شارون " أرجوك اسمعيني .... هل تسامحيني ؟
استشفت الشابة نبرة الأمل في صوته ولم تكن غير مدركة ولا غير حساسة للتضرع الظاهر في نظراته . فكرت أنه ينتظر علامة إيجاب منها ولكن ماذا بعد ؟ أن يستغلها فقط لإرضاء رغباته .
ردت في غضب :
- لا أعتقد أن لدي رغبة في العفو عنك . لقد أخبرتني في التو أنني لم أكن بالنسبة لك سوى بديل للخطيبة التي حكمت عليك بأنك غير جدير بها . لا يهمني الأمر فقد دفعت ثمن الخسائر . لقد كنت الرجل الذي أحببته . أول حب لي و مع ذلك لم تعتبرني مخلوقا بشريا .
احتج :
- هذا ليس صحيحا يا " شارون "
قالت وقد بلغ بها الشعور بالمهانة مبلغه :
- لقد قلت لي بنفسك . ماذا تدعي ؟ تغيير التاريخ و الشخصية ؟ ماذا تريد أن تفعل هذة المرة ؟
كان ينتظر أي شئ غير هذا النقد اللاذع من الشابة ولا ألا تسامحه . ليس من عادة آل " رامزي " الاعتذار , ولا واحد منهم – بما فيهم " سليد " الساحر – على استعداد لتقبل الفشل . لقد تنازل لدرجة أن طلب منها العفو .... وقرر أنها ضرورية بالنسبة لحياته لا يستطيع الاستغناء عنها وها هي تعاملة باحتقار . إن رد فعله لابد أن يكون جديرا بآل " رامزي " .
- إنني متفهم , أنا هنا أمامك لأثبت لك أنني قمت في التمثيلية بدور الفتى الشريرو أنا نادم على ذلك ... إنني رجل طيب ... إنني أتساءل هل عجزت النساء عن التفرقة بين الرجل الطيب و الشرير ؟
ردت عليه بحدة :
- لا أعتقد أنك رجل طيب ,أنت أناني و فاسد و تعتقد أن كل شئ يمكن تسويته بمجرد أن تقول آسف . أنت مخطئي يا "| سليد " إنها مجرد كلمات .
- ولكن لا......اللعنة !
أحس أنه على وشك الانفجار . كان الأسف يختلط مع الشعور بالعار و الغضب داخل نفسه . إنه عاجز عن إقناعها بالمنطق و لابد أن يتصرف كرجل . قبل أن تستطيع التراجع للخلف هجم عليها و أمسك بيدها بقوة لم تستطع معها المقاومة وظل ينظر إليها بإمعان . بدأت " شارون " تستسلم لنظراته شيئا فشيئا . لقد اشتاقت إليه كثيرا و هي الآن في حاجة ماسة إليه و إلى حبه .
انقطعت لحظة الاستسلام أمام شهقة تقول :
- ماذا تفعلان ؟
ابتعد كل منهما عن الآخر في ذهول ,كانت الصغيرة " كورتني " تنظر إليهما باهتمام .
كان " سليد " هو أول من استرد جأشه و أجاب :
- لقد تشاجرنا قليلا و الآن نحن نتصالح .
احمر وجه " شارون " بشدة و دفعت رفيقها بقوة ثم عاد إليها مرة ثانية و طبع قبلة صلح على شعرها ثم أعلن و " شارون " غير مقتنعة :
.
- و الآن سنذهب جميعا لتناول الغداء . أليس كذلك يا " شارون " ؟ أمسك بيدها مرة ثانية و حاولت هي أن تخلص نفسها و هي تغمغم من بين أسنانها :
- أنت تذهب لتتغدى . و نحن سنبقى هنا . دعني !
- ليس قبل أن تقولي إنك ستتناولين الغداء معي !
- هذا لن يحدث يا " سليد " إنك لن تنجح في التغلب على إرادتي ...
- ماذا لو طلبت منك ذلك ببساطة ؟ أرجوك يا " شارون " تعالي معي .
كان من المستحيل أن ترفض هذا الطلب بالعنف و إنما قالت بكل هدوء :
- إننا لا تستطيع الخروج , إن أمامي أشياء كثيرة لابد من أدائها وفي الساعة الرابعة أنا أنتظر الأصدقاء الصغار " لكورتني " و لابد أن أعد أنا و " إيلين " الحلويات و الالعاب . ليس من المعقول أن نضيع الوقت في الغداء بالمدينة .
قال لها في ثقة :
- أمامنا الوقت الكافي على أية حال لابد أن نأكل . أعدك أن كل شئ سيكون معدا بعد ساعه . قولي إنك ستأتين معي يا " شارون "
كان يعلم أنه رغم غضب الشابة إلا أن هناك شيئا ما بينهما . لمس خدها بطرف أصبعه و بدأت " شارون " ترتجف رغم إرادتها . لابد أن تبتعد عنه .
- حسنا ... هيا بنا و الآن دعني
- كما تريدين يا حياتي .
هل سنذهي ؟ هل ستأتي " شارون " معنا ؟ و أمي ؟
أكد لها " سليد "
- كل الناس سيأتون . أمك و" شارون " و " كاري " و " نانسي " و " تارا " و " كولين " .
ردت " شارون " باستسلام :
- إنهما تعملان . إن لديهما وظيفة نصف الوقت في محل , ولكن أخبرني منذ متى تعرف أسماء شقيقاتي ؟
- حالا . لقد تعلمت من ألبوم الصور أمورا كثيرة عنك و عن أسرتك . أريد أن أعرف كل شئ عنك .
- هيا بنا .... لابد أن نرحل و ننتهي من كل شئ في أسرع وقت ممكن .
|