كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وتنهد ليلاس بفروغ صبر و كأنه ندم على تقديمه هذا العرض ثم أجاب:" لا تظني أنني أقدم لك أحساناً، ياجين سميث، إن عندي مراسلات قد تأخرت الأجوبة عليها نحو ثلاثة أشهر، ذلك أنني من الانهماك في العمل في المزرعة أثناء الأشهر الأخيرة، بحيث لم أجد الوقت الكافي للرد عليها".
فقطبت جبينها وهي تسأله:" هل من عادتك الطبع على الآلة الكاتبة بنفسك؟".
ولم تكن هي تعني بسؤالها هذا أن الكفاءة تنقصه لحل المشكلات التي تعترضه ولكنها فقط تعتبر أن ذلك ليس شيئاً معتاداً من رجل في مثل مركزه، فهي لا يمكن أن تتصور أبداً جوردان وهو يقوم بطبع رسائله بنفسه مهما كانت الظروف.
وهز راف كتفيه قائلاً:" إن عندي عمة تأتي أحياناً من المدينة فتقوم بهذا العمل، أما السبب فهو لكي تبقي على علم بما يدور في هذا المكان".
وبانت السخرية على ملامحه وهو يقول:" ولكنها حالياً لا تجد وقتاً كافياً لذلك".
لم تكن جين طابعة ماهرة كما ثبت لها أثناء بحثها عن عمل طوال الأسبوع منذ قامت بالطبع لآخر مرة ولكن ، إذا لم يمانع راف بالنسبة إلى طباعتها البطيئة فهو على الأقل خالً من الأخطاء ولكن، هل أفكارها هذه تعني أنها حقاً تفكر في قبول عرضه هذا؟
ما الذي تعرفه عن هذا الرجل، عدا أنه يبدو قانونياً قائماً بذاته؟ فهي لا تعلم بالضبط أين هي الآن .
إن كل ما تحتاجه هو العمل لثلاثة أشهر فقط حتى الواحد الثلاثين من شهر آب ( أغسطس )، وهناك السيدة هوارد و يبدو أنها محترمة بمافيه الكافية.
وقف راف فجأة وهو يقول :" فكري في الأمر".
قالت مترددة:" آه ولكن..".
فقاطعها:" لقد أضعت من الوقت ما يكفي هذا الصباح، فإذا قررت ما تريدين أرجو أن تعلميني بذلك".
ومشى يجتاز الغرفة إلى الباب وقوة شخصيته تطغي على المكان، ثم وقف ملتفتاً إليها ليقول:" ولكنني أنصحك بالتفكير جيداً قبل أن تفضلي العودة إلى ذلك الوضع الذي ألجأك إلى التخلي عنه".
ومع تلك النصيحة ترك راف الغرفة وعادت جين تستلقي على الوسائد وقد أدار هذا الرجل رأسها فهو متقلب بين الخشونة و الغلطة وبين الرقة و العناية ، وهو لا يهمه من أمرها سوى ما يشعر به نحوها من مسؤولية إثر ما حدث الليلة الماضية، ولكن هل ياترى يهمها هذا الأمر؟.
إنها إذا هي قبلت العمل عنده ستؤدي واجبها نحوه تماماً دون أي خداع و ستجتهد في ذلك قدر إمكانها فيستفيد الاثنان من هذا الوضع هو بالخلاص من تلك المراسلات المتراكمة وهي ساتستفيد مادياً .
ولكن أليس راف اكثر غموضاً لدى التعامل معه من جوردان؟
ولكن ذلك سيكون لمدة ثلاثة أشهر فقط فهل ثمة عرض غير هذا؟ لا يوجد عرض آخر ، إن وضعها سيختلف تماماً إذا هي اشتغلت عند راف كوينلان.
وسألت نفسها هل هذا ثمن غال لتدفعه لكي تثبت خطأ جوردان، لقد فارقته و هي ملئية بالثقة بالنفس متأكدة أن بإمكانها إعالة نفسها، وسيكون هذا صحيحاً إذا هي قبلت عرض راف للعمل عنده.
لقد شب صراع في نفسها بين الكبرياء و الحاجة فانتصرت الحاجة ملقية جانباً بفكرة أنه ما عرض عليها هذا العمل إلا لشعوره بأنه التقطها من الشارع حيث كانت شريدة دون مأوى ، إنها ستقوم بالعمل وعندما يحين وقت ذهابها ستتركه دون أسف.
وكل ما عليها القيام به الآن هو أن يعلم جوردان بنجاحها، فهي تعلم أنه ينتظر الآن عودتها و قد تجلت الخيبة في وجهها وكانت على وشك أن تفعل ذلك الليلة الماضية شاعرة بالتعاسة كما لم تشعر به من قبل.
والآن ها قد استقر الأمر عند راف كوينلان.
كاننت عملية ارتدائها ثيابها مهمة شاقة، كما كانت تخشى،وعندما انتهت من ارتداء قميصها الصوفي الرقيق و تنورتها الواسعة كان العرق يسيل من جبينها و شعرت مرة أخرى بالغثيان ولكن لم يكن ثمة هاتف في غرفتها وعليها أن تجد واحداً، هذا إلى أنها كانت تشعر بفضول بالغ لمعرفة المكان الذي يحيط بها وكذلك رؤية المزرعة التي تحدث عنها راف وتركت غرفتها لتسير في ممر طويل علقت على جدرانه لوحات تمثل اجداده كما قال.
تابعت قمــر الليل سيرها بين لوحات و النوافذ فكل نافذة تمر بها تريها مناظر الريف من حقول واسعة و أشجار باسقة ، ولكن الأرض كان يبدو عليها نوع من الإهمال، فقد كانت الأعشاب تنمو في الحدائق بطريقة عشوائية نوعا ما، وكان العشب ينمو بين الحصى التي ترصف طريق السيارات واستطاعت أن ترى الاسطبلات إلى اليمين بعيداً عن المنزل، ولكنها كانت خالية من الخيول و يبدو أن راف كان صادقاً في قوله إن المال ينقصه لينفقه على هذه المزرعة الواسعة.
كانت دلائل نقص المال تبدو في المنزل نفسه إذ كان ثمة مساحات على الجدران تبدو جلياً أنها كانت أماكن للوحات هي غير تلك التي تمثل أجداده كانت معلقة ولعلها بيعت على مدى السنين لتسيير أمور المزرعة وكانت السجادات قديمة مهترئة كذلك رغم أن المكان كان في غاية النظافة بجهود السيدة هوارد.
كان من المؤسف أن هذا المنزل الرائع الجمال لا يمكن إصلاحه كما يجب لقد كان كل شيء هنا بعكس تلك الرفاهية الباذخة التي تحيط بجوردان، إنه السبب في هذه الآلام التي تعانيها أثناء نزولها السلالم بسبب تورم كاحلها و تصلب وركها وذلك لكي تعثر على الهاتف في الردهة الرئيسية و أنصتت برهة إلى راف و السيدة هوراد لكي تطمئن إلى عدم سماعها لها ومن ثم تناولت السماعة ثم أدارت الرقم.
..Continue
|