المنتدى :
الارشيف
حكاية من الواقع........
قرأت هذه القصة من أحد المنتديات ....
اعجبتني كثيرا ...فأحببت نقلها لكم لأعرف رأيكم بها ..
كانت فتاة صغيرة في مرحلة المراهقة، وكان قلبها قلب طفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها
ويبدو أنه استقر عند هذه المرحلة البريئة الطاهرة بسبب عطل ما،
كانت رقيقة مرحة ذكية ودودة تحب كل الناس وتتوقع الخير من كل البشر، كانت تعتقد أن الأشرار لا يوجدون إلا في أفلام الكرتون والمسلسلات لم تكن تتوقع الخداع من أحد فمن يبتسم تكون ابتسامته صادقة وهو إنسان رائع ومن يبرز أنيابه هو أيضا إنسان طيب لكن شيئا ما يزعجه ويعكر صفو حياته، كانت رائعة فرأت كل ما حولها ومن حولها رائعا وغمرتها السعادة لفترة طويلة جدا...
أحبت كل من عرفتهم كما أن الكثير منهم أحبوها...
وطبعا كان هناك بين الناس المميزون الذين لم يكن لها غنى عنهم كجدها، مثلها الأعلى ومعلمها وأغلى من كان لديها، كانت تحبه كثيرا وتعشق طيبته،كتبت معه بالحبر على اللوح سورا من القرآن الكريم وكانت أول سورة كتبتها هي سورة "الإنسان"، كان يحكي لها قصصا من رائعة "كليلة ودمنة" كما أنه كان يحميها من صراخ جدتها ووالدتها الدائم ويصرخ بهما أن تدعاها وشأنها، كل ما يمكن أن نصف به الجد أنه كان أروع إنسان قابلته وقد أقسمت أنها لم تقابل مثله أبدا...كان لها عدد من الأصدقاء، عدد كبير من الأصدقاء، المميزين منهم اثنتان...
جمعتها بهما صداقة قوية استمرت ست سنوات، صداقة رائعة تحولت إلى ذكريات جميلة بعد ذلك...مجرد ذكريات
مرت الأيام والسنوات، مرض الجد وقست الظروف وبدأت الشمس الدافئة في الغروب، حاصر الفتاة ضغط شديد، أتت الامتحانات النهائية وازدادت حالة الجد سوءا، وصل إلى مرحلة لم يستطع فيها النهوض من الفراش، وبعد مدة لم يعد يستطيع التحدث والكلام، وفقد القدرة أيضا على كثرة التفكير فكان يفقد ذاكرته أحيانا وكان يعي ما حوله أحيانا، كما أنه كان لا يرى، كثيرا ما حزنت لعدم قدرته على رؤيتها
انتهت الامتحانات ونجحت، فاتتها فرصة أن تبشر جدها بارتداء الحجاب فقد سبقها وذهب ليلقى ربه وخالقه...رحل بعيدا تاركا إياها وحيدة غريبة في هذه الحياة...بكته طويلا ولازالت تبكيه لحد الساعة كيف لا وهو من تعلقت به أكثر من أي شخص آخر...كانت صدمة رحيله قوية جدا وكان تأثيرها سيئا جدا، كان الأمر بمثابة جرح عميق أصاب قلبها الذي نزف كثيرا وظل في النزيف إلى أجل غير مسمى...انتهى ذلك الصيف الأسود وحان وقت الدراسة مجددا لكن الأمر هذه المرة مختلف فهي لن تقابل أحدا من أصدقائها القدامى ولن تدرس مع صديقتيها المقربتين ولن يترافقن حتى في طريق العودة، ستذهب وحيدة وتعود وحيدة...أخيرا بعد فترة من بداية الدراسة التقت أحدا من زملائها القدامى فرحت ورأت فيه كل الأصدقاء الذين فقدتهم سألته عن العديدين منهم ونسيت واحدا كثيرا ما كانت تتذكره وتنوي أن تسأل زميلها عنه لكنها نسيت ذلك في كل مرة التقته فيها، قابلته يوما فوجدته مشتت الذهن حائرا سألته عن الأمر وكان الجواب طعنة جديدة فقد مات من كانت تنوي الاطمئنان عليه، بكته وصمتت لا شيء بيدها لفعله سوى تعزية أقرب أصدقائه وأقرب الناس إليها، لم يتركها طيف الفقيد أبدا وكانت تتذكره بين الفينة والأخرى وتقرأ له سورة "يس" وتدعو له بالرحمة والمغفرة في صلواتها، رغم أنه لم يكن بينهما علاقة صداقة قوية إلا أنها كانت تحترمه جدا وتعزه جدا بسبب حسن أخلاقه وجمال روحه
أثرت هذه الحادثة فيها كثيرا، ونقلبت سعادتها حزنا، فكان ذلك موعدها مع الشقاء، بفضل صديقة قديمة انضمت إلى منتدى على شبكة الانترنت، وجدت في أعضائه إخوة وأصدقاءا مميزين جدا أحبتهم وتمنت البقاء بينهم للأبد، حلمت بأن تضم أولادها إلى أسرة الشباب الضخمة حيث الاخوة الصادقون، كان معظم الأعضاء مصريين وهذا ما زاد حبها لهم فهي تعشق مصر وتتمنى زيارتها وزاد شوقها للذهاب إليها بعد تعرفها على أشخاص مصريين وتصادقها مع عدد مهم منهم، هناك وجدت جوا آخر لا تعب فيه ولا حزن، وظنت أن الأمر سيبقى كذلك للأبد وصدقت حلمها ثانية، فكانت الطعنة الثالثة والأقسى طعنة من أخ وصديق طعنة غدر وخداع وتزييف، كان ذلك الإنسان (إذا اعتبرناه إنسانا فعلا) سببا في نفورها من منتداها، لكنها استمرت في حب الناس رغم كل ذلك
قال البعض عنها هناك أنها مميزة وكاتبة موهوبة، كما قالوا أنها بلهاء وطيبة وأخبروها بأنها ستعاني كثيرا إن لم ترتد أقنعة كما يفعل الآخرون...استمرت في الحياة والحزن البكاء، ازدادت جراحها مع مرور الوقت انقلبت مقدار مئة وثمانين درجة، تحولت سعادتها حزنا وانقلب لمعان عينيها دموعا وأصبحت ابتسامتها بلا معنى
على أرض الواقع اختفى الأصدقاء وانشغل كل منهم بحاله إلا القليل القليل منهم، وعلى الشبكة العنكبوتية تقلص عدد المقربين وأصبحوا يعدون على رؤوس الأصابع بعدما كانوا عشرات، أربعة منهم هم الأهم بالنسبة لها، صديقتها "إيمان" رغم أنها تقضي فترات طويلة لا تعرف عنها شيئا إلا أنها تكن لها حبا شديدا، إلى جانب ثلاثة آخرين يتذكرونها وتتذكرهم على الدوام
أصبحت حياتها بائسة تعيسة، أحيانا ترغب في البكاء بشدة وأحيانا تتمنى لو أنها ترفع صوتها بالصراخ عاليا جدا...تصادف بعض المواقف فتتذكر أصدقاءها وتفكر ماذا كان سيكون رأيهم في الموقف، تتخيل حوارات معهم وتحكي لهم نكتا في خيالها فقط، أطيافهم معها دائما، أحيانا كانت تتذكر أحدهم وترغب في الاطمئنان علي لكنها لا تفعل ولا تتصل به أو تسأل عنه، تسبب ذلك في الغضب عليها أكثر من مرة ولم يكن لديها ما تدافع به عن نفسها فهي نفسها لا تعرف لماذا لم تسأل مع أن الأمر لا يتطلب أكثر من ضغطة زر هي لم تنساهم فلماذا لا تعلمهم إذا بأنها تتذكرهم؟غضب الأصدقاء منها وجرحوها فبكت...بكت بشدة وكرهت نفسها وغضبت عليها وعلى كل من حولها...
الآن أصبحت تائهة حائرة، لا تعرف الجيد من السيئ، الشرير من الطيب، الأبيض من الأسود، الخير من الشر، لا تملك سوى قلب جريح تحمله بين يديها برفق وتبكيه ترجوه ألا يتوقف ذبلت الوردة فيها فنرف قلبها محاولا إحياءها...لكنه لم ينجح بشكل كامل فقد أصبحت الفتاة الرقيقة المرحة مجرد .....
.....بقايا إنسان
.... ودمتم سالمين ....
|