-4-
وفي الصباح الباكر لم تستطع النهوض من الصداع والجفاف في حلقها , واعترتها رعشة , وتذكرت السنة الماضية التي لا تزال حية في ذاكرتها , وتمنت الموت , لكن ماذا سيحصل لجان إذا لم يكن هناك شخص يسهر عليها , وأخيرا نجحت ونزلت من السرير و وكان جوني قد أشعل الموقد , ابتسمت جان لأختها بحماس.منتديات ليلاس
( لو تدرين ليز, السيد دونف لديه مشاريع كبيرة ...ولكن ... أنت شاحبة , أجلسي , سأحضر لكي الفطور )).
(( أن أختك أظهرت أن أعمال المطبخ هي من اختصاص النساء , كم كنت أتمني لو كانت معي منذ وصولي إلي هنا)).
وبعد قليل اعتذرت ليزي وخرجت , فتبعتها جان ووجدتها محمومة وكانت قد أصيبت بمثل هذه الحمى في السنة الماضية في المأوي وهاهي الآن مريضة من جديد وبدون وجود طبيب في الجوار.
(( اتكئي علي , يجب أن تنامي )).
(( ماذا يجب أن افعل ؟)). سألت جان جوني دونف الذي كان أمام المنزل .
(( لا تقلقي , اجعليها تنام وغطيها جيدا )).
ساعدت جان أختها وعادت إلي جوني .
(( أنها بحاجة لطبيب , جان , و لكن لا يوجد أطباء سوى في سيدني , ولا يمكننا أن نأتي بأحدهم ألا لقاء مبلغ كبير , لا نملكه لا أنا ولا أنتما ...)).
(( يا الهي , ماذا سنفعل ؟)).
(( سأطلب من الصيدلي أن يصف لها دواء)).
(( أنك رجل عظيم , جوني )) ووضعت يدها علي ذراعه فنظر إليها قليلا ثم طبع قبلة علي شفتيها وعندما ابتعد فكرت جان بلطفه واستقامته وأدركت أنها أخيرا وقعت في الحب الحقيقي .
ثم عادت إلي أختها وحاولت أن تسقيها فوجدتها قد ازدادت حرارتها وأنها تتنفس بصعوبة فقلقت جدا وبعد قليل سمعت وقع حوافر خيل تقترب من الفندق فخرجت واعتقدت أن جوني قد عاد وبسرعة لاحظت أن الحصان ليس حصان جوني .
(( سيد غراي !)) قالت جان بدهشة وقلبها يدق بسرعة .
(( جان بانيستر !ماذا تفعلين هنا ؟)).
(( أنا... أنا ... أوه لو تدري ! أن أختي مريضة جدا أنها ...)) وسالت الدموع علي خديها .(( يا الهي أنها نائمة وأعتقد أنها ستموت )).
(( إهدائي كنت ذاهبا إلي بيسورست وتوقفت هنا لكي أشرب شيئا أحضري لي كوبا من البيرة ريثما ألقي نظرة علي أختك الكبيرة)).
وضع غراي يده علي جبين ليزا وهو يتأملها بانتباه .
(( يبدو أنك بحالة سيئة جدا آنسة بانيستر )).
عند سماع اسمها فتحت ليزي عينيها وأرادت أن تتكلم لكنها لم تستطيع فتناول غراي كوب ماء بالقرب من سريرها ورفع رأسها ليسقيها .
(( ليزي بانيستر هل تسمعيني؟)). وبدأ يضع علي جبينها فوطة رطبة ورغم الغشاوة التي تعمي بصرها شعرت ليزي بلمسة يده وسمعت صوته الذي أحيا لديها الأمل والقوة للمقاومة ونجحت أخيرا في الكلام .
(( أنا لا أريد أن أموت)).
(( من تكلم عن الموت ؟)).
تأملته ليزي قليلا.
(( يجب علينا أولا أن نخفض حرارتك , وبعد ذلك سنعمل علي شفاءك )) وبهذا الوقت ناولته جان كأس بيرة فشكرها ولاحظ الدموع في عينيها.
(( لا تبكي هيا ساعديني)).
لاحظت ليزي أنهما يخلعان عنها ثيابها فحاولت منعهما لكن جهودها ضاعت سدى لأن غراي كان يمسكها بقوة.
وبعد قليل اجبرها علي شرب كوب من الماء فنظرت إليه بكره ولاحظت أنه يبدو عليه التعب وأن شعره منفوشا ودون أن تدري اعترتها رعشة قوية وسالت دموعها.
( أرجوك لا تدعني أموت )) وفجأة أنحني جوناثان غراي وقبلها بلطف علي شفتيها .
(( لن تموتي , اطمئني فالقديسون فقط يموتون بسن الشباب )).
(( وكيف عرفت أنني لست قديسة ؟)).
((أنت قديسة؟ أوه ليزي!)) و غطاها بشرشف رقيق.
(( كيف استطعت أن تجدنا؟)) سألته بصوت ضعيف.
(( مجرد صدفة كنت متوجها إلي مزارعتي في بتسورست وتوقفت لكي أشرب بعض البيرة)).
وظل بجانبها إلي أن غفت .
(( لقد سخنت لك الماء إذا أردت الاستحمام لقد عاد جوني بدون طبيب طبعا لكنه أحضر معه دواء)).
(( لا ضرورة لهذا الدواء لقد خفت حرارتها وهي تنام بهدوء أما أنا فأني أموت من الجوع )).
فابتسمت جان لأنها رأت غراي يقبل ليزي وهي تهم بالدخول إلي الغرفة.
وظلت جان بجانب أختها إلي أن فتحت عينيها فوضعت يدها علي جبينها.
(( أنا سعيدة لأنك تحسنت )).
(( هل عاد جوني ؟)).
(( نعم وهو آسف لأنه لم يجد طبيبا , هل أنت جائعة ؟)).
((أشعر فقط بالعطش)).
(( ينصحك السيد غراي بشرب الكونياك)).
((حقا)) سألتها ليزي بجفاف .
(( اسمعي أنسي اتهاماتك له لقد أثبت حسن نيته وأنقد حياتك ))ثم تركتها وذهبت لتحضر لها الكونياك.
تنهدت ليزي وكانت بالطبع تشعر بالامتنان نحو جوناثان ولكن هذا لا يدعوها لتغيير رأيها به, فهي لم تنس أنه قبلها كيف تجرأ علي استغلال ضعفها ثم فتح الباب فجأة.
(( كيف حالك آنسة بانيستر ؟)).
(( أنا بخير)) ردت بانزعاج (( لقد عدت إلي طبيعتك)) قال غراي لها ضاحكا (( أنتي مستعدة لإهانة كل الرجال الذين يتجرؤون علي الاقتراب منك وكفى لماذا أنت عاقدة الحاجبين ليزي ؟ يبدو أنه من الصعب تغييرك)) قال وهو يهز كتفيه ((حسنا لقد أضعت ما يكفي من الوقت معك , يجب علي أن أعود الآن )) و اتجه إلي الباب فنادته ليزي وأدركت أنه يجب عليها شكره .
(( سيد غراي )).
فالتفت نحوها.
((أنا ... أنا ... سامحني أنا ممتنة لك لأنك ...)).
وفجأة لاحظت أن جان ألبستها قميص نوم شفاف عاري الصدر والكتفين وبسرعة رفعت الشرشف حتى ذقنها وأحمر وجهها فابتسم غراي وقال لها :
(( أتشعرين بالخجل , ولكن ردة فعلك جاءت متأخرة ,آلا تدري أنني رأيتك مساء أمس بملابس أرق من هذا القميص )).
((ماذا؟ ماذا تقول ؟)).
(( إذا من الذي عراك من قميصك ؟ من الذي رطب جسدك بالماء من رأسك حتى أخمص قدميك ؟أهو جني نزل من السماء؟)).
(( أوه , لا ليس أنت ...)).
(( بلي ...بلي ليزي...)).
فاحمر وجهها وتذكرت الآن ...
(( وأضيف أنك كنت رائعة هكذا من كان يعرف ماذا تخفي هذه الملابس البالية
التي كنت ترتديها ؟)).
((كيف تجرؤ؟)) سألته غاضبة عندما لاحظت أن اضطرابها يسليه.
((أكنت تفضلين أن أدعك تموتين يا لكي من محتشمة .والآن إلي اللقاء ليزي)).