كاتب الموضوع :
زونار
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الخامس عشر
سرق البؤس كل قوى * شارلوت* و سقطت منهكة على السرير ودفنت وجهها في يديها،كانت تحتقر *مارك* و الأكثر من ذلك فإنها تؤنب نفسها للغاية لحبها له.منتديات ليلاس
فاجئها عودته السريعة و نظرت إليه باحتقار و انفجرت فيه :
- اخرج!
تجاهلها و اقترب منها و قال في صوت منخفض و هو يكاد يهددها :
- لا تحكمي علي يا* شارلوت* فأنت لا تعرفين الحقائق.
- أعرف ما يكفي لكرهك
تصلبت كتفاها كالمخالب الوحشية و لكنه أمسكهما و شدهما إلى جانبيها.
- تمالكي نفسك لقد حضرت فقط لأخبرك أن *باريك* ذهب ليحدث والدك هاتفيا.
- شكرا..والآن اخرج..توقفت عندما سمعت سيارة تجري مسرعة في البراري فحملقت خلال النافذة لترى سيارة فيات متربة قد بدأت في التوقف.
قال *مارك* من خلفها :
- إنها سيارة *جيزر*..و هو أمر سيء من المفروض أن يكون هو الذي يقود السيارة و بجواره *باريك* لمراقبته في أثناء حديثه مع والدك.
جاء صوت انة ألم شديدة من الدور الأرضي و كأنها صادرة من حيوان جريح فارتعدت و صاحت:
- ما هذا؟
- سأذهب لأكتشف الأمر.
عندما انغلق الباب خلفه جاءت صرخة أخرى من الأسفل و اكتشفت *شارلوت* أن أمرا بشعا يحدث هناك.
عاد *مارك* ووجهه شاحب مما يؤكد ظنها ، خطت دون وعي نحوه.
- ماذا حدث؟
- لقد أصيب *باريك* و كسرت ساقه و حدث له ارتجاج بالمخ و قد أحضره * جيزر* ثانية
- أتعني أن والدي...
- لا، لا شيء له صلة بوالدك.لم يتمكن * باريك* من الاتصال به.لقد اصطدمت السيارة بعربة يجرها ثور على بعد نصف ميل من الطريق ، لم يستطع *جيزر* أن يصحبه إلى المستشفى خشية أن يكون والدك قد أخبر الشرطة بأنك رهينة ، لقد أعاده ثانية إلى هنا.
- هذا يعني أن *جيزر* هو المسيطر الآن.
اقترب حاجبا *مارك* من بعضهما :
- أخشى ذلك فما إن يوقع والدك تنازله عن امتيازاته في ^تلجواي^ حتى يقتلك *جيزر*.
- لماذا؟
- للتسلية! لأنك تمثلين كل ما يكرهه .نظر *مارك* عبر النافذة :
- لا يوجد أحد على مرمى البصر بالحديقة و يبدو أن فرصتنا حانت كي نهرب.
ابتلعت ريقها بصعوبة.
- هل ستساعدني على الهرب؟
- و سأهرب أنا كذلك علينا ان نلجأ إلى نافذة الحمام ثانية فلن أجرأ على استخدام الدرج
- لن اذهب.إنك تحاول أن تقتلني.وستحاول أن تجعل الأمر و كأنك اضطررت لقتلي عندما كنت أحاول الهرب.
- هل أنت مخبولة؟لماذا أريد أن أقتلك؟
- لأنني ما إن أصبح حرة حتى أبلغ عنك و عمن تكون.
أنبها قائلا:
- اخفضي صوتك و إلا تعرضنا كلانا للقتل.
لا ليس أنت؟
- أوه! نعم أنا بالذات ف *جيزر*ليس صديقا لي.
- هل يخشى أن تستولي على السلطة منه؟
زمجرت.كان سبب رغبتك*مارك*في الهروب واضحا: لم يكن بسبب خوفه على سلامتها و إنما على سلامته هو.
و دون أن يرد عليها ،جرها إلى الباب و فتحه بهدوء ، ثم وضع إصبعه على فمه محذرا و توجه على أطراف أصابعه إلى نافذة الحمام.بعد دقائق رعب استطاعا تسلق شجرة الزيتون السوداء والنزول عن طريقها إلى الأرض ، همس:
- اخفضي نفسك فقد يكون أحد الرجال ينظر من نافذة المطبخ.
انحنت *شارلوت* و استندت على كفيها و زحفت وراء *مارك*-
كان النجيل ممتلئا بالحشرات الزاحفة و أكثر من مرة منعت نفسها من الصراخ، وصلا بعد وقت-بدا لهما الأبد- إلى سور الحديقة، نصحها قائلا:
- الأسرع أن نقفز من أعلى السور و لكن الأسلم أن نلتصق بالأرض و نزحف من خلال السور،دعينا نجد فتحة...
أخذا يتحركان بوصة بوصة بجوار السور حتى وصلا إلى مجموعة شجيرات أوراقها متفرقة أكثر من غيرها مرا منها بصعوبة فوجدا نفسيهما في طريق ريفي ضيق.قال *مارك*:
- يمكن أن تنهضي الآن، ولكن علينا أن نجري من هذا الطريق، ففي أي لحظة قد يذهب أحدهم للتفتيش في الحجرة عنا.سألته *شارلوت*:
- هل من الحكمة أن نجري في هذا الطريق،إنه أول مكان سيبحثون عنا فيه.
- أعرف ، ولكنه أسرع طريق للخروج من هنا أمسك بيدها وبدأ يجري ، بدا الممر غير الممهد و كأنه بلا نهاية ، وأحست بألم حاد في جانبها عندما وصلا إلى طريق ثانوي ، تألمت و هي تقول:
- ماذا سنفعل الآن؟
- لنر هل يمكننا الحصول على وسيلة توصلنا إلى *جراس*، فهي أقرب مدينة.
- وما العيب بالنسبة للقرية؟
- إنها أول مكان سيتجه إليه *جيزر*.
ارتعدت و نظرت حولها و لكن الطريق كان مهجورا .فجأة سحبها *مارك* سحبة قوية كادت أن تخلع ذراعها من موضعه و جرها للخلف عبر العشب المرتفع الذي يحد جانبي الطريق.وعندما كادت أن تعترض سمعت ضوت سيارة منخفض، لم تجرؤ على التنفس إلا بصعوبة واستلقيا على الأرض بينما أخذ قلبها يدق دقا قويا كانت تسمعه في أذنيها حتى غطا على صوت موتور السيارة، وكل ما كانت تعيه هو خوف يكاد يشلها.علق *مارك*
- هذه سيارة ^الفيات^ و لحسن الحظ أنني تعرفت على صوتها
أجابت و قد انكمشت من الخوف:
- لن يذهبوا بعيدا قبل أن يعودوا ثانية إلى طريقهم.
- أتفق معك،و عليه يجب أن نغير اتجاهنا وأن نتخذ طريق الجبال بدلا من الساحل لأنهم لن يتوقعوا هذا.
- بل سيفعلون، عندما يتقدم *جيزر* ميلا آخر دون أن يرانا ، سيخمن أننا اتخذنا اتجاها غير متوقع أنت ذكي و بارع يا *مارك* و هو يعلم ذلك كما اعلمه.قطب *مارك* جبينه و قال:
- أنت على حق و لن أكون بارعا و لن نذهب لا هنا و لا هناك و لكن خلال اتجاه متقاطع.هذه لغة الحرب يا *شارلوت*: إما النصر و إما الهزيمة.
أعطاها خوفها من الهزيمة القوة كي تحافظ على سرعتها معه حيث أخذا يتسابقان من حقل إلى آخر و هما قريبان قدر الإمكان من خطوط الجسور بعد فترة بدت و كأنها ساعات أحست بألم آخر في جانبها و سحابة حمراء أمام عينيها ، مما جعل من الصعب عليها الرؤية.
صاحت و قد انهارت على الأرض اللينة.
- لا أستطيع التنفس،..استمر أنت بدوني.سأختفي تحت السياج و....
رفعها على قدميها :
- لا يمكنك الاستسلام الآن سنذهب معا أو نظل معا.
صرخت و قدماها ترتعدان:
-لن أستطيع أن أتحرك خطوة واحدة رفعها *مارك* بهدوء بين ذراعيه و استمر في الجري.
عندما التصقت به سمعت دقات قلبه الوحشية في أذنها مباشرة و كانت تتألم لإدراكها قوة تمسكه بالحياة و هي حياة يمكن لرصاصة من *جيزر* أن تنهيها.
ملأت الدموع عينيها و أخذت تطرف بسرعة، و رغم غدر *مارك* أحبته و لن تستطيع أبدا ان تسامحه.
غامرت بالقول:
- أعتقد أن باستطاعتي السير الآن لأنني أحس بأنني أفضل.
- وضعها على الأرض ثم توقف كي يلتقط أنفاسه:
- هذه الحقول لا بد أنها ملك لفلاح و إذا ساعدنا الحظ فسنصل إلى بيته حالا
- - لا تراهن على ذلك ففي هذه المنطقة قد يعيش الفلاح في أقرب قرية.
- دعينا نأمل أن تكوني على خطأ، قالها *مارك* ثم بدأ يجري بقوة بعد فترة توقف و هو يشير إلى مجموعة من الأشجار حول بيت حجري رمادي اللون تقف خارجه سيارة *رينو*عتيقة.
- ها هي ذي وسيلة مواصلات
ثم قال بألم:
- و لكن لا يوجد هاتف و لا كهرباء.
- كيف عرفت؟
- لا أرى الأسلاك التي غالبا ما تكون معلقة في الهواء في المقاطعة الريفية.
- أنت تعرف الكثير عن كل شيء و أعتقد أن هذا يأتي من رجل ليس له نظير بين الرجال.
تجاهل ملاحظتها و قال :
- انتظري هنا و استلقي منخفضة فقد يكون *جيزر* على علم بهذه المزرعة ووضع أحد رجاله عينا له، فهو بارع جدا ليفكر في كل الاحتمالات.
- - وكذلك أنت.
قال و هو مقطب الوجه:
- من الفضل أن تدعي الله أن أكون كذلك ، لأن حياتك تعتمد على ذلك.
- وحياتك أيضا لأنك لو أخرجتني من هنا حية فستصبح بطلا.
أحزنها انه ضحك :
- لم أفكر في هذا من قبل.والآن أجد الفكرة تبدو جيدة.
صاحت :
- ألا تخجل من نفسك؟
- لا مطلقا.
أشار إليها كي تظل مكانها.تحرك بحذر نحو المنزل.استلقت *شارلوت* على الأرض ذات الرائحة الزكية وحاولت ألا تفكر فيما يمكن أن يحدث لو أن أحد الإرهابيين رأى أحدهما.كان خيالها لا يزال يخرب تفكيرها عندما عاد *مارك* وهو يلهث من مجهود الجري.قال:
- كل شيء آمن هناك حيث يعيش زوجان عجوزان وقد وافق الرجل على أن ينقلنا إلى *جراس*.لقد شرحت له أن سيارتنا تعطلت و أننا اختصرنا الطريق وضللناه.
- لمادا لم تخبره بالحقيقة؟
- قد يخاف أن ينقلنا.
ثم أمرها:
- أسرعي!يجب ان نتحرك.كان الفلاح ثرثارا في الثمانين من عمره كان يسعل مثل سيارته* الرينو* و هي تعبر الطرق الريفية.
قال *مارك* عندما هدأت السيارة من سرعتها عند تقاطع:
- كان من الواجب أن نكون مستلقيين في الخلف.
- إذن لماذا لم نفعل؟
- كيف يمكن أن نشرح ذلك قد يظن صديقنا الفلاح لأننا هاربان أو أن أحد الناس طردنا و تخلص منا، وعليه راقبي سيارة ^الستر وين^ إذا رأيتها فقولي.
- ركزت عينيها بعصبية على الطريق و رغم ذلك لم تر سوى طريقا لا نهاية له لا توجد أي سيارات فاستراحت و جعلت نظرها ينتقل إلى *مارك*.لم يسبق لها أن رأته بهذه الوسامة.لقد أدى إسراعهما عبر الريف إلى إضافة لون إلى وجهه بينما كان شعره المتناثر و قميصه الممزق قد زاد من حيويته الرجولية و يداه اللتان أمسكتهما و داعبتهما كانتا مملوءتين بخدوش طويلة و بالدماء الجافة دليلا على قيامه بتمهيد الطريق أمامها عندما كانا يزحفان عبر السور، اشتاقت لأن تمسكهما و تشدهما إلى صدرها و ان تلعق الدم...
- ساءها الحنان الذي أحست به نحوه فنزعت عيناها بعيدا عنه و ركزت على الطريق.وصلا*جراس* دون أية حادثة و طلب *مارك* من العجوز أن يقف عند سفح التل الذي يؤدي إلى المدينة، وناوله حفنة من الفرنكات و قصاصة ورق، ثم تحدث إليه بلغة الريف التي لم تفهمها *شارلوت* سألته بلهجة متوجسة عندما رحلت ^الرينو^:
- ماذا قلت له؟
- لقد أخبرته أنك ابنة مليونير و ان عليه أن يتصل بوالدك، ويخبره أننا في *جراس* ونحتاج إلى مساعدة.
اخترقها الخوف كالسكين، هل يقول الحقيقة أم أنه مخطئ في مساعدتها و أنه يتحول إلى الجانب المعادي ثانية؟ ربما طلب من الرجل أن يتصل ب *جيزر*.
أعلن مؤكدا و كأنه يقرأ أفكارها:
- إنني لا أكذب.
ورغم ذلك فإن نظرة عينيه الفارغة لم تقض على شكوكها، فسألت:
- ماذا سنفعل الآن؟
-سنذهب إلى الشرطة إنها في أعلى التل. زادت شكوك*شارلوت*
- لماذا لم نطلب من الفلاح أن ينقلنا إلى هناك؟ -لأنه لم يكن يستطيع أن يصعد بالسرعة الكافية إذا ما كان رجال *جيزر* متخذين مواقعهم على مداخل الطرق القريبة و من السهل تقييم الموقف إذا اقتربنا على أقدامنا.
- كيف عرفت أن هناك مركز شرطة؟
- عندي خريطة توضح لي كل مواقع الشرطة في المنطقة.
قالت بمرارة:
- أعتقد أنك تستطيع تجنبهم، لولا حادثة *باريك* لما حاولت مساعدتي على الهرب.
لم يعتن بالرد عليها و سار فجأة إلى أعلى التل مقتربا من الحائط الحجري الذي كان يحد أحد جانبي التل و كانت *شارلوت* في أعقابه.كانت مدركة للننظر الذي كانت تنظر إليه،وكانت ترى ثوبها الملطخ بالقذارة و شعرها كان غير مرتب.أخذ عديد من المارة يحملقون فيها و أخذت تتنازعها فكرة أن تتوقف و تطلب من أحدهم أن يساعدها عندما تحركت ناحية سيدة تدفع عربة طفل استدار *مارك* حوله و قبض على يدها و سحبها بالقرب منه.صاحت:
- اتركني.
- ليس قبل أن نصل إلى مركز الشرطة .عندما اقتنعت أنه أحس بما تنوي فعله
اشتعل غضبها، قد يعني أنه يريد إعادتها إلى والدها ، ولكنخ مرات عديدة بدا عليه أنه ينوي مصرعها.
سال العرق على وجهها و لكن *مارك* كان يسحبها إلى أعلى التل بسرعة لم تمكنها من مسحه، صرخت و رأسها يدور:
- خفف السرعة.
وقف تماما و لكن لكي يلصقها بالحائط صارخا:
- ارجعي إلى الخلف.*لوكا* واقف على عتبة مركز الشرطة.
تملطها الرعب...
- أليس هناك واحد آخر نذهب إليه؟
-من المفروض أن *جيزر*و *بورا* يكونان هناك، و أفضل ما نفعله هو أن نتصل هاتفيا بالشرطة من أقرب مقهى و أتذكر من خلال لآخر زيارة لي هنا أنه يوجد واحد عند الركن.
تحرك إلى المام خطوتين بحذر كي تزداد ؤيته وضوحا.
- اللعنة، إن *جيزر* جالس على المائدة خارج المقهى، علينا أن نجد هاتفا آخر.سألته بصوت مهزوز :
- هل تعتقد أن لديه رجالا ىخرين منتشرين في المدينة.
- أشك في هذا ، يبدو أن عددهم أربعة و إذا استبعدنا *باريك* المصاب يصبحون ثلاثة.
فشلت *شارلوت* في أن تستعيد هدوءها.
- أعتقد أننا معرضون للإكتشاف فيما لو تجولنا في الشارع.
تلصص * مارك* بحذر حول الحائط مرة ثانية.
- يوجد مخبز عبر الشارع و سننتظر ^لوري^ يمر حتى يحجبنا عن عيون *جيزر* ثم نندفع إليه.
و في أثناء كلامه مرت عربة خضراوات ضخمة من أمامهم و استخدمها *مارك* كغطاء واندفع معها عبر الطريق.سمعا صوتا عاليا خلفهما، لقد رآهما *جيزر* اندفع *مارك* ناحية الممر مباشرة و فتح الباب نصف فتحة كي تمر منه، وجدت *شارلوت نفسها خلف متجر و أشارت إليه أن يغلق الباب.
همس:
- من الأفضل أن نتركه مفتوحا، دفعها خلف كومة من الصناديق و بدا انه على وشك أن يجري بعيدا عنها.
كان توقعه صحيحا ، إذ بدأ صوت أقدامقادمة يقترب ثم توقف،سار *مارك* على أطراف أصابعه كي يتأكد من أن الممر خال ثم قال:
- سأحاول أن أصل إلى المخبز.
- لا تتركني بمفردي.
ستكونين هنا أكثر أمانا ، عليك أن تمكثي خلف الصناديق ، وسأتصل بالشرطة و أخبرهم عن مكانك، ذهلت و نهضت قليلا:
- ألن تعود إذن مرة أخرى؟
- إن هذا مخاطرة شديدة ، فقد يرصدني الثلاثي الرهبيب و ما إن أجري المكالمة فسأظل أراقب حتى يتم إنقاذك.
سخرت منه :
* ألا تعني أنك ستظل مختبئا؟
- وعندها عندما يجدني *جيزر* قبل الشرطة يمكن لك أن تجد لك مهربا و لكن إذا وجدتني الشرطة أولا يمكنك ان تظهر كبطل.
قال بصوت جاف:
- كم أنت ذكية في تخمينك!
ثم أشاح بيده و رحل...
أخذت *شارلوت* تعد الثواني و هي يائسة،هل ينوي *مارك* أن يتصل بالشرطة كما قال؟ أم أنه يبحث عن *جيزر*؟ ومع ذلك فلا معنى لما تفكر فيه.لماذا تحمل مشقة محاولة إنقاذها مادام-كما تظن- خطط كي يعيدها ل ^التلجوانيين^؟ ما لم يحس الان بانه ليس أمامهم بأية فرصة للهرب و قرر أن يستغلها كورقة للمساومة! ^سأسلم لكم *شارلوت بوفيل* إذا حافظتم على حياتي^كانت الكلمات واضحة في عقلها تماما حتى أنها غرقت في بحر اليأس
و لكن ليس إلى الدرجة التي تجعلها تنتظر في مكانها و تقع في قبضة *جيزر*.من الأفضل أن تضع مصيرها في يدها و تحاول أن تصل إلى الساحل بنفسها.
و من الناحية الخرى ربما تكون قد حكمت على *مارك* بقسوة شديدة.
قد يكون حقيقة قلقا و شغوفا ان ينقذها حتى لو أنقذ نفسه فقط ، وتقديمها سالمة إلى والدها سيجعله يحصل على عرفانه القلبي بالجميل ، بالإضافة إلى مكافأة مجزية بشرط ألا تكشف كيف كان ذا وجهين.و لكن لماذا يجب عليها أن تحميه في الوقت الذي يستحق فيه أن يذهب إلى السجن؟
كانت الإجابة واضحة فأخرجت تنهيدة ثم غيرت وضعها بهدوء أصيبت إحدى ساقيها بالتنميل فأخذت تدعكها بيديهاوهي تئن حيث كان الأبم كالإبر.
أحست بحفيف ناعم فتجمدت ، عاد الصوت ثانية فتراخت، كان مجرد حفيف فأر بين الأوراق ، حاولت أن تتغلب عل رعبها منه ،ذلك المخلوق الضئيل ذي الذيل الحلزوني، ولكنها تستطيع أن تفكر-فقط- في فأر آخر ضخم رمادي له عينان ثاقبتان و أسنان حادة.أخذت الضجة تقترب منها أكثر ، وأخذت تدعو ان تظل محتفظة بقوتها في مكانها كما امر *مارك* قبضت كفيها و أخذت أظافرها تنغرس بعمق في راحة الكف بألم شديد حتى أنها لم تحس بشيء بارد و صلب ينغرس في عنقها إلا بعد قليل.انتصب شعر رأسها فوق جمجمتها و توترت أعصابها.
أمرها *جيزر* بصوت لا تعبير فيه:
- لا تتحركي و إلا سأطيح برأسك؟
تصلبت بسبب رعبها الفظيع ، لقد وشى بها *مارك* لقد غير جلده مرة ثانية و راهن بكل ماله على المتمردين.
أمرها الرجل بالوقوف:
- قفي لأن *بورا* في الإنتظار في السيارة^الفيات^ عند منتصف طريق التل ، أطاعته*شارلوت* و عندما ظهرا في الممر وضع *جيزر* ذراعه في ذراعها قائلا:
- نحنصديقان أليس كذلك؟
كانا كشابين يتمشيان في ضوء الشمس ، سارا فجأة في الطريق و بدا كل شيء تماما كما كان من خمس عشرة ساعة مضت،كانت السماء لا تزال زرقاء ساطعة بينما أتخم الطريق بالسيارات في حين امتلأ المقهى المقابل بالناس.
سار *جيزر* و *شارلوت* بيم سيارة لوري و دراجة وكان تقدمهما ببطء.كان أحد رجال البوليس ينظم المرور أسفل التل، وكانت السيارات و اللواري ملتصقة ببعضها ، كانت ساعة الذروة.
تعطل سيرهما حيث كان *جيزر* دائم الحملقة من خلف كتفه و كأنه يخشى أن يقبض عليه، هل أساءت الحكم على *مارك* بعد كل ما حدث؟ ربما لا يكون قد خانها وهرب.
ضايقها لوري ضخم انحرف نحوها متجاهلا الخط الأبيض خارج الصف، كان الرجل الجالس بجوار السائق يرتدي نظارة سوداء و كلبا من القماش.كان هو*مارك*.كان يحاول أن يقترب منهما و يفاجئ * جيزر* على حين غرة.
لوح الشرطي بذراعه و بدأ المرور يتحرك ثانية.كان اللوري يتقدم بينما توقف *جيزر* وسط الطريق كي يدع اللوري يمر أمامه،هدأ السائق من سرعته و لوح لهما كي يمرا من أمامه.توترت*شارلوت* إذا ظلا في مكانهما فلن يستطيع *مارك* أن يفاجئ *جيزر* و يستطيع ان يفعل ذلك فقط إذا عبر التليجواني الطريق و ظهره للوري،صاحت و قفزت للامام:
- أكره أن اقف في منتصف المرور.اضطر *جيزر* أن يتبعها و تقدم اللوري للأمام أيضا و فتح الباب بهدوءو سرعة كي يتيح ل *مارك* فرصة القفز فوق كتفي*جيزر* ترنح و تخلصت *شارلوت* من قبضته و عدت للامام و كأن الشيطان في أعقابها ناحية رجل الشرطة.
فجأو امتلأ المكان برجال الشرطة يندفعون من جميع الإتجاهات و اتجه البعض ناحية ^الستروين^ التي كانت منتظرة بعيدا عند أسفلالتل بينما ذهب البعض لمعاونة *مارك* في حين احاط بها البعض لحمايتها.
-أنت في مأمن الآن يا *شارلوت* اخترق *مارك* الدائرة الزرقاء و لم تتحقق من الأمان إلا عندما وجدت نفسها و قد رفعها بين ذراعيه، سألته و أسنانها تصطك:
-آمنة؟
- نعم و ستكونين في البيت خلال ساعة.
لم يسبق من قبل أن كانت هذه الكلمة بهذه الروعة.حاولت أن تتكلم و لكن لم تخرج من فمها كلمة واحدة.أخذ وجه *مارك * يبتعد أكثر ثم اختفى ، ودارت السماء حولها و ارتفعت الأرض لتقابلها ، ولأول مرة في حياتها أغمي عليها.
|