كاتب الموضوع :
زونار
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثاني عشر
لم تتحدث * شارلوت* إلى *مارك* إلا بعد أن اختفت خطوات * باريك* في الخارج.
- حسنا ماذا تخطط لإخراجنا من هنا ؟
- ليس لدي أية خطة.قد أكون موظفا لمراقبتك و لكن ما يدفع لي ليس بكاف كي أغامر بحياتي و لو كانت كل أموال الدنيا.
- أيها الخنزير الحقير!
- يؤسفني أنك لا تحبين الحقيقة.
كان و هو يتحدث يشير إليها بالصمت و يشير إلى الباب يريد أن يفهمها أن هناك من يتصنت بالخارج.ثم قال بصوت عال:
-خذي الأمور ببساطة و حافظي على أدبك.و كما قال لك *باريك* إنه إذا كان أبوك عاقلا فسيطلق سراحك خلال أيام قليلة.
سمعا صوت طقطقة خشب الأرضية بالخارج و سار *مارك* على أطراف أصابعه إلى الباب و ألصق أذنه به.مرت عدة دقائق قبل أن ينتصب و يومئ برأسه ثم همس :
- لقد ذهبوا ، ولكن أقترح أن نخفض أصواتنا همست بدورها :
- كيف علمت بأنهم ذهبوا.لماذا لم تنظر من خلال ثقب الباب؟
- لأجد نفسي أحملق في عين في الجهة الأخرى ثم ابتسم و أكمل :
- قد أختلف معك في الأمور الاجتماعية و لكن عليك ان تأخذي بنصيحتي عندما تتعاملين مع *باريك* و أمثاله.
- كم تبدو واسع المعرفة! و لكنك تصبح ذا وجهين إذا اقتضى الأمور أليس كذلك؟ و بالمناسبة كيف تسنى ل*باريك* أن يعرف اسمك ؟
- لقد كان يراقبنا من أسابيع عدة و سمعته يقول هذا و من المحتمل أن يعرف عني مثل ما يعرف عنك.
واصلت هجومها:
-أراهن انه يعلم عنك أكثر مما يعرفه عني ، تجاهل * مارك* ملاحظتها و ذهب إلى النافذة فألقت * شارلوت* نفسها منهارة على المقعد.لقد كانت مغامرتها الشجاعة من ساعات قليلة قد هدت من قواها.
فكرت بصوت مسموع :
- لو تركت الفيلا معه لما حدث لي ما حدث
- لسوء الحظ لا أتفق معك في هذا حتى لو كنت معك من البداية لكانت النتيجة في النهاية واحدة ، إنني مخطئ لعدم فحص كل شخص اتفقت معه على اللقاء.ومن المحتمل أن يكون *لوبران*-الرسام- مشتركا في المؤامرة.من أعطاك اسمه؟
- - ليلا.
- آه ، لا أعتقد أنها تساعد المتمردين ، و أعتقد أن *باريك* كان يقول الحقيقة عن متابعة *بورا* و * لوكا* لك إلى أستوديو *لوبران* و أنهما نقلا إليه المعلومات المطلوبة.
- ما هي فرصتك للهروب؟
- ليست جيدة.
- ألا تستطيع الصعود إلى السقف؟
- علينا أن نخرج من النافذة أولا،و عندها سيشاهدوننا.
- إذن علينا أن نظل هنا كالبط المشوي في الشمس!
- هذا أفضل من أن نصبح موتى.إن أفضل شيء تفعلينه هو أن ترتاحي لمادا لا ترقدين؟
- إنني جوعانة جدا لدرجة لا أستطيع معها ان أستريح ، لقد مضت ساعات طويلة منذ أن أكلت.
- ليس في مصلحتهم أن يجعلونا نموت من الجوع وهو ما يذكرني ان أشكرك لمنع *باريك* من إطلاق النار علي.
صدته قائلة:
- لم أفعل هذا من أجلك.كنت آمل أن تكون أكثر فائدة لي حيا من ان تكون ميتا.كانت إجابته جافة :
- مهما كانت دوافعك ، فإنني مدين لك بحياتي.
هزت كتفيها و نظرت إلى نفسها في المرآة الكالحة المعلقة على الحائط أمامها كانت في ثوبها الليموني اللون مثل النرجس بينما لمع شعرها المشتعل و ظهر أكثر ثراء حتى في هذه الغرفة المعتمة الخالية من الإضاءة.
اقترب صوت أقدام و دار مفتاح في الباب ثم دخل *بورا* يحمل صينية ،وضعها على المائدة الخشبية بجوار النافذة ثم انسحب خارجا حيث أغلق الباب بالرتاج خلفه.
حملقت * شارلوت* في الطباق و صاحت-حساء- ،وخبز هل تظن أننا سنحصل على شيء آخر؟
- أشك في هذا ،هيا تناولي طعامك و هو ساخن إن رائحته طيبة.
هذه كذبة لم أسمع بحياتي مثلها من قبل ، ولكني جائعة لدرجة تجعلني لا أهتم.
أكلت بسرعة دون أن تتمتع بمذاق الطعام ثم وضعت طبقها الفارغ على الصينية.
- أتمنى لو أن معي فرشاة أسنان ،قال لها *مارك*ك
- إن الملح على إصبعك هو أحسن بديل.تنهدت :
- هل بصراحة- يتوقعون أن يسلم أبي كل شيء يملكه في ^تيليجواي^؟
- نعم ، وسيطلبون منه أيضا أن يصدر إعلانا يقول فيه إنه ي}يد النظام الجديد إنهم يؤمنون أنه إذا فعل هذا فستتبعه المؤسسات الكبرى الأخرى التي ستجبر قوى الغرب على الإعتراف بالجنرال* فارجار*
- لن يستسلم أبي أبدا للمتمردين.
- ليس أمامه اختيار آخر إذا أراد عودتك سالمة.
أخذت *شارلوت* تفحص *مارك* من أسفل رموشها.يا للأمر المضحك!لم تعد تفكر فيه باعتباره * راينر* كان من الواضح أن هذا التغيير متعلق بإعلانه عن حبه.الحب.فكرت بمرارة أو بالتعقل إذا أردنا الدقة. وقبل كل شيء حتى لو كان متفقا مع *باريك* فإن ملايين * آل بوفيل* قد تكون حافزا قويا له للتجاوز عن معتقداته السياسية.
حسنا ها هي ذي فرصتها واتتها كي تختبره.قالت له :
- لا أعتقد أن والدي سيستسلم بالسهولة التي تتصورها و قد ينتظر ليرى إن كان في إمكانك إنقاذي.
- أرجو ألا ينتظر طويلا فليس أمامنا فرصة كبيرة للهرب ف *لوكا* مرابط في الخارج و *بورا* يحضر له الطعام و هو ما يعني أنهم يحافظون على مراقبتنا باستمرار.
- أنت تعرف الكثير عن نواياهم ، ربما أنت متورط معهم
كان رد فعله هو التهكم.
- آسف أن أخيب أملك و لكني رجل عادي يؤدي وظيفة أحبها كثيرا و هي العناية بالأغنياء.و أن يعيش عيشتهم.
أخذت* شارلوت* تغلي غضبا:
- وه سبب إعلانك الحب لي على ما أعتقد.
قال بلطف:
- اوه..!لا كنت أعني ذلك.
- و ماذا يدعوني لتصديقك ؟
- و ماذا يدعوني لتصديقك؟
- و ما الداعي أن أضع نفسي تحت سيطرتك ؟
تجهمت و قالت :
- سيطرتي ؟
إن الاعتراف بما أشعر به جعلني خاذعا لك ويمكن أن تضري بي كثيرا إن أردت.
- أستطيع أن افعل ذلك إن كنت تحبني حقا؟
و مع ذلك استطاعت حتى أن تفعل فهي تعلم جيدا أنها لن ترغب في إيذائه أخذت عيناها تتجولان في تقاطيعه النظيفة الجميلة ، وعلى شعره البني الحريري المتموج دوما مهما حاول تمشيطه بقوة ، وبقوة عينيه الرماديتين بلون الدخان اللتين كانتا تحملقان في عينيها و مع ذلك لا تفصحان عن خبيثة نفس الرجل ^آه يا ربي لو استطاعت فقط أن تعرف إن كان صادقا أو كاذبا^
أخذت ترتعد فأدارت رأسها بعيدا.
- ألا يوجد بصيص من الأمل في إمكان هروبنا؟
أجاب:
- كان من الممكن أن نحاول لو كنا قريبين من مدينة ، ولكن حتى لو استطعنا الخروج من هنا دون أن نضبط-و هو م لا يحدث- فعلينا أن نذهب بعيدا قبل أن نصل إلى الحضارة.
- ربما يكون هناك مزرعة أخرى بالقرب منا.
- لم أشاهد واحدة.
- يا لك من خنوع !
إذا كانت طمعت بقواها أن تشعل حماسته فقد فشلت لأنه لم يزد على أن ابتسم.
- أفضل أن أسمي نفسي واقعيا، لسنا نمثل فيلما ل *جيمس بوند* فالرصاصات هنا حقيقية فعندما تموتين فليس هناكنهوض من الأرض عندما تتوقف الكاميرات عن التصوير.إذا عرضتك للخطر فسيصبح والدك ثائرا و له الحق، ورهاننا المضمون للنجاح هو أن نجلس في هدوء وما عن يتأكد والدك من أنك سليمة حتى..
- هل تعتقد أنهم قد يقتلونني حتى لو أن والدي فعل ما يطلبونه ؟
قال *مارك* :منتديات ليلاس
لن يحدث طالما تولى المسؤولية *باريك* أما الآخرون فلا أطمئن إليهم.
- إنك ترعبني عن عمد.
- إنني فقط أحذرك ألا تحاولي تجربة مدى صبرهم.
صمت عندما عاد *بوران* لأخذ الأطباق، فسأله في أدب:
-أعتقد أنك لا تريد أن نتجمد حتى الموت ،خرج *بورا*بسرعة و عاد في الحال و معه بطانية خفيفة لونها رمادي.
فرشها *مارك* على السرير.كان الليل قد أرخى سدوله فأضاء مصباح النور و لكن الضوء الصادر منه كان ضعيفا مما أضفى على الأشياء شكلا كئيبا و أصرت *شارلوت* على إطفائه.تحولت السماء الأرجوانية إلى اللون الأزرق الداكن غير ان ضوء القمر أنقذهم من الظلام تنهدت :
-لست أدري ما يحدث ، غير أنني منهكة للغاية.
- إنه الشعور بالضغط و عليك الاستلقاء و محاولة النوم.
خلعت حذاءها باستسلام و رقدت على السرير.قال مقترحا:
- نامي تحت البطانية و هي نظيفة إل حد ما.
طاوعته مرة ثانية و غطت نفسها حتى ذقنها.توترت و انتظرت ما ينوي فعله و لكنه جلس على مقعد ووضع أقدامه على الثاني.قالت له و ضايقها أن جاء صوتها مهزوزا :
- لا يمكنك أن تنام هكذا ،و من الأفضل أن نكون متحضرين في هذا الشأن.
نهض في صمت واستلقى بجانبها و لكن فوق البطانية و كان حريصا عل ألا يلمسها واستقرت ضربات قلبها على وتيرة ثابتة ،همست بعد فترة قصيرة :
- ستصاب بالبرد.غط نفسك بالبطانية فعل ذلك و هو لا يزال صامتا و حريصا ، ومع ذلك بدأت *شارلوت* تحس تدريجيا بحرارته.كم كان متحجرا و ساكنا.أحست بقوته دون ان تدري سببا من الممكن أن يكون عدوا خطرا ، ودت لو تعرف أنه يمكن أن يكون صديقا مخلصا ، أحست فجأة بالرعب مما يحدث لها فالتصقت به.
- لا أريد أن أموت .ليس هنا و ليس بهذه الطريقة.
- لن تموتي يا آنسة*بوفيل* وسنخرج من هنا أحياء.
- كيف لك أن تكون واثقا إلى هذا الحد؟
- لأن الجنرال* فارجار* لا يريد ان يتهم بأنه السبب في موتك.
- فهمت.
أغلقت عينيها ثم فتحتهما في الحال^إنه لأمر مضحك أن يستمر في مناداتي بالآنسة *بوفيل* حتى ونحن ملتصقان ببعض في هذه الحجرة هكذا^
- حسنا كوني هادئة و نامي.
- إنني خائفة للغاية و من المرعب أن أعرف ان الناس يمكن أن يكرهوني بسبب مركز أبي.
قال *مارك* بصوت ثقيل و هو يقترب منها :
- لا أحد يكرهك.
استكانت بين ذراعيه و أحست بأنها في مأمن ، ولم تعد تعتقد أنه يمكن أن يؤذيها.
- إنني سعيدة لأنك معي يا *مارك*
- وأنا كذلك.
كانت أنفاسه دافئة فوق شعرها ، ومع أنها كانت تعلم أنها تواجه الخطر،اشتاقت يائسة أن يقبلها ، رفعت رأسها حتى كادت شفتاها ان تلامسا شفتيه.
قال لها في صوت مخنوق:
- لا تحاولي هناك حد لسيطرتي على نفسي.
توسلت إليه :
- مجرد قبلة.
تنهد و هو يخفض رأسه كانت قبلة صلبة و باردة.وعلمت أنه ليس لديه النية في تغيير مسلكه.ولكنها لم تكن لتقبل هذا.لقد كانت تحارب انجذابها إليه من البداية و ها هي الآن في وضع تهديد، لم تعد تقاوم أكثر من ذلك كان كل ما يهمها هو انه أحبها ، وفي ذراعيه أحست بانها امرأة كاملة. ظل فمه مغلقا،فقرصته قرصة خفيفة،و أخذ تنفسا و لمست جسده بخفة و هي تقول:
- قبلني قبلة صحيحة.
- لا ،جاءت صرخته من أعماقه و دفعها بعنف بعيدا ثم انقلب على جانبه.
- لا يا *شارلوت* لا تفعلي،إنك لا تفكرين تفكيرا سليما،لا أستطيع أن أستغل الموقف.
همست و هي تلتصق به:
- أريدك...
- أعرف و أنا أريدك أيضا ، ولكن ليس بهذه الطرقة و عندما تهبين نفسك لي أريد ذلك و أنت حرة ، وليس بسبب أنك خائفة و أنني الوحيد الذي تعتمدين عليه.
كان على حق دون شك و قد أحبته لأنه مهتم بها كثيرا حتى يجعلها تفهم أن عليها أن تكبح عواطفها ، انزلقت و كورت نفسها في ظهره.
- يا عزيزي *مارك* إنني أثق بك أغلقت عينيها و تنفست في ظهره و هي تستعجب أنها في هذه الغرفة الكئيبة وهي جائعة و غير مغتسلة أصبحت أقرب من البهجة الكاملة عنها في أي وقت من حياتها.
|