المنتدى :
الخواطر والكلام العذب
حمى الغربة
حمى الغربة
شاءت الغربة ان نلتقي، التقينا في منتصف الطريق، نحمل معاني الغربة، تلك الغربة التي جاهدنا للتخلص منها ، من اثقالها بلفظها من داخل قلوبنا المفعمة بالحب والامل والاصرار.. لكنها تعلقت بشباكنا وتمسكت بنا متشبثة بكل رموز ومعطيات واقعنا الاليم ، كي تجعلنا ننسى ما بذلنا كثيرا من اجل تذكره .. حتمية ان نعود .. ان لا نبقى حيث نحن .. ان نسابق الريح .. ان ندور مع الشمس كي نصل الى مشارف الوطن .. الى ربوعه .. الى اعماقه .. الى جذور اشجاره ونباته .. الى صخور السفوح وحجارة التلال..
ان نصل الى دود الارض .. الى مرابط خيولنا الشهباء
شاءت الغربة ان نلتقي على وجيب قلوب عامرة بالضياء ، لا يدميها حاجة لكسرة خبز ولا ينزفها جرح غائر حتى تصل الى فلسطين .. الى قلب الهدف .. الى ساحة الوغى التي ما كفت ان تكون مهبطا لمفاوز الشجعان التي سحقت وتسحق كل الغزاة والغرباء .
شاءت الغربة ان تتحدانا وتكسر شوكتنا ، ولكننا عاهدنا الارض ان لا ننثني .. وعاهدنا دماء شهدائنا ان تبقى حمراء .. عاهدنا الليل ان نبقى شموعا تضئ الدرب . سنبقى احرار . سنبقى الما في وجه الغربة والاغتراب
شاءت الاقدار ان نغترب .. ان نكون على خط النار نصطلي بوهج الفرقة والحنين ونوزع ارواحنا في كل بقاع المعمورة .
شاءت الاقدار ان تسرقنا من انفسنا وشاء الوقت ان يمضي سريعا محموما يمتطي صهوة حصان بري غير مروض .
شاءت الغربة ان تكون القرار ؛ قرار سيد على عبده ، ولكن عصر العبودية انتهى وتلاشى زمن الاقنان ، فلا قرار على احد ، ولا لونا يسبق بقية الالوان .
شاءت الغربة وشاءت وشاءت .. لكننا ابينا ان نكون غرباء ، رفضنا ان نغطي الشمس بثقوب الغربال ، ولم نجّن حين جنّ بقية ربعنا ولم ندر ظهورنا لحدود ارضنا ، فعيوننا تشخص اليها وتحدق في مفاتنها حتى اليوم الذي نزّف فيه اليها .
شاءت امي ان تبقى من النساء ، وشاءت الارض ان تبقى عربية تقاوم محاولات الطمس والتغييب .. تمددت حتى وصلت كل مكان .. وتقلصت لتكون قارب نجاة ودرعا يقينا حمى الغربة والانسلاخ .. لنعد اليها .. لنرجع اليها بقلوبنا .. لنقترب منها بسيوفنا .. لننتفض فرحا بقرب نجاتها .
انها تدعونا الى حضنها وتصرخ بصوت هادر :-
انني المحبة..انني الالفة.. انني التسامح.. انني الملتقى .
سمير الاسعد / فلسطين
|