نهاية الفصل السابع عشر : بأي حال عدت يا عيد ؟؟؟؟
خشبة ذات أذرع و غ ط اء ..
عتمة ليل في وضح النهار ودموع ترفض الانصياع ..
رائحة ك ا ف و ر شقت عنان السماء ..
.
.
.
ماذا أسمع ؟؟
قرع للطبول أم دوي مدافع !!
برودة غلفت حرارة جسد ي ذ و ب ..
و نحيب أغرق أنفاسا تسابق المجهول ..
.
.
.
لحظة !!
لماذا أهرب ؟؟
مم أحاول الاختباء ؟؟
.
.
.
القرع و الدوي بدأ يتخافت ... بل يتباطأ ..
يتباطأ حد الألم ..
لحظة صمت فـ هـ د و ء ..
.
.
.
لماذا لا نعرف قيمة من نحب إلا عندما يغادرنا ؟؟
يرحل عنا ..
يتركنا في هذه الدنيا نصارع وحدنا ..
.
.
.
لن نسمع همسه الحاني وهو يشجعنا ..
لن نرى بسمته الحلوة عندما يمازحنا ..
لن نستشعر دفأ يديه وهو يصافحنا ..
لن تلمع عينيه فرحا وهو يطالعنا ..
لن نضحك له اعتذارا عندما يعاتبنا ..
.
.
.
اقرعي يا طبول ..
غلفيني يا برودة ..
أغرقني يا نحيب ..
.
.
.
أ كـ رهـ ك يا جسدي عندما تذوب ألما ..
و يخفق قلبك شوقا ..
و فوق هذا ...
تأبى الدموع أن تجد لها من عينك هربا ..
.
.
.
و
ل
ك
ن
.
.
.
إلي يا كل خيوط الأمل ..
أربطيني , أوثقيني ..
أنسجيني بإبرة الإيمان على جدارن الصبر ..
اصنعي مني وشاحا حتى غ ط ا ء اصنعيني لو أردت للألم ..
.
.
.
أقنعي جسدي الكريه أن روحي تحتويه ..
ذب ألما واجعل قلبك يخفق شوقا ..
اصنع ما بدا لك اصنع ..
جفف دمعي لا أبالي ..
يكفيني أن لقاءها في جنان ربي ......... روحي ت رت ج ي هـ ..
*****************************
في القاعة :
بياض القماش الفخم يلمع الكلين على سطحه الواسع المطرز أطرافه و الصدر المطعم ببعض الفصوص الخليط من الوردي و التركواز حول كريستلات لامعه براقه تزينه , طالعت نورة في فستان بنت أخوها قبل ما تسحب سحاب الغطاء ويتوارى عن نظرها ببطء وهي تتذكر البندري يوم قاسته و مشيت فيه وهم مشغلين لها شريط زفتها عشان يشوفون هل تقدر تمشي به بسبب ثقله أم لا , مسحت دموعها وناولته لسيتي اللي ضمته وهي تصيح , قالت نورة : سيتي الله يرحم أهلك ماني ناقصة صياحك , ترى أنا قلبي يوجعني ..
مسحت سيتي دموعها وقالت : ماما نورة , والله بندري سوا سوا بنتي أنا , والله ..
وانخرطت في البكاء مرة ثانية , زفرت نورة وهي تطالع في جناح العروسة اللي بدأوا الشغالات يلمون اللي فيه , سبتات الورد وبداخلها الورد اللي اتفقوا إنه سمية والخنساء هم اللي يرشونها عليها وقت زفتها , مسكتها اللي كانت وردها متفتحه برونق جميل لدرجة يبعث الألم , جلست على السرير وصاحت , الكل كان يشوف إنها أقواهم عشان كذا دقت الصدر وقالت إنها هي بتلم أشياء البندري لكنها كانت تنطحن بداخلها مليون مرة , اليد اللي لامست كتفها خلتها ترفع وجهها وهي تمسح دموعها بسرعة , ابتسمت لها خوله وقالت : يلا يا أمي , خلاص شلنا كل شي ..
قامت نورة وهي تستند على يد بنتها وتحركت خارجه , كانت القاعه شبه خاوية بعد ماكان الناس يملؤنها بصخبهم ..
******************************
طالع بذهول في أبوه ورجع طالع في عبد الإله يبغاه ينكر اللي انقال , نزل عبد الإله راسه بانكسار , حط حسان يده موضع قلبه وهو يحس بوجع يجتاحه وهو يقول : لا إله إلا الله , لا حول ولا قوة إلا بالله ..
كان عقله يدور في دوامة ~ خاله أحمد ومرته , عبد الرحمن , جاسم , جدته و ...~ رفع راسه بسرعة وهو يسأل بخوف : هنوف ؟؟
قال أبوه بهدوء : الحمد لله كويسة ..
بعد لحافه ونزل وهو يقول : لازم أروح لهم ..
مسكه علي بقوة وقال وهو يرجعه للسرير : الدكتور ما أعطاك فسح ..
لف على أبوه وقال : أبويه ما أقدر أقعد ..
قال علي بهدوء : حسان ترا وقوفك مع خالك وعياله واجب لكن صحتك أهم , ما نبغى يصير شي ونقول لو إنه سمع كلام الدكتور كان ماصار اللي صار , أنا عارف إنه كل شيء بقضاء وقدر بس لازم ناخذ الأسباب , الدكتور قال ممنوع خروجك يعني ممنوع ..
وفلت يده وهو يقول : وإنت كبير وتعرف مصلحتك ..
تدلت أكتافه باستسلام وغطى وجهه وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون , الله يصبرهم , الله يصبرهم ...
ومسك جواله , دق عليها كذا مرة لكنها ماردت , لمن شاف أبوه قلقه من عدم ردها نقل له بأبسط و ألطف طريقة ممكنه إن الهنوف ما تقدر ترد عليه حاليا لأنه أغمي عليها لمن دريت بالخبر بطريقة صاعقة ..
*********************************
الساعة 1,30 صباحا :
في فيلا حمده :
البيت رغم الزحام الموجود فيه إلا إنه كان هادئ , كل غرفة فيه فيها جماعة من الناس , العائلة كلها رجعت من القاعه ومعاهم أخت جدتهم حمده وبناتها ..
أول ما رن الجرس جريت العنود للباب , كانت تبغى أي شي يشغلها عن التفكير , و أول ماشافت عمها جلال داخل وهو شايل الهنوف دمعت عيونها , قال بهدوء ولطف : ماعليك , قالوا إنهيار بسيط , أعطيناها إبرة ومحلول , شوفيلي درب لغرفة أمي ..
طرقت له ودخلته لغرفة جدتها اللي كانت منسدحه على سريها وهي متلثمه بمسفعها و سفانة عند راسها تقرأ عليها , فزت سفانة لمن شافت الهنوف اللي مددها عمها على الكنبه قبل ما يفك غطاها ويزيح طرحتها وهو يقول : ها هنوفه , دحين أحسن ...
كانت تطالع فيه بعيون غريبة وهي تهز راسها بصمت يعني إيوه , مسح على شعرها وراح لأمه , جلس جنبها على السرير ودنق عليها وسلم على جبينها وهو يقول : يمه كيف ضغطك ؟؟
أشرت على فمها يعني ما تقدر تتكلم ودموع عيونها تنزل بصمت , زفر وبدأ يكبس راسها وهو يطالع في العنود اللي جلست على الأرض قدام أختها وهي تمسد شعرها بحنان , قالت سفانة الجالسة عند رجولها تمسحها بحنان : هنوف اش تحسين ؟؟
ماحركت الهنوف الصامته عيونها الثابته على اللامكان , ابتسمت العنود ومررت يدها على خد أختها بحنان وهي تقول : هنوفه حبيبي إن شاء الله دحين أحسن ..
غمضت الهنوف عيونها للحظة وهزت راسها بصمت , مسكت العنود يدينها وضغطتها بقوة وهي تطالع فيها بخوف , ولمن سابت يدينها انفجعت لمن لقيتها تطيح على الكنبه بلا مقاومه , همست برجاء : هنوفي , هنوف ..
كانت الهنوف تطالع فيهم وهي مهي حاسة بشي , ولا تفكر بشي , كانت الأفكار تجي في راسها ولمن تحاول تمسكها عشان تفكر فيها أو تحللها تهرب وتجي فكرة جديدة , كان ودها تقوم وتقول للعنود الخايفة إنها بخير لكن جسمها ولسانها صاروا بثقل الجبال , كانت تعاني حتى من رمشة عيونها وبالقوة تحرك راسها بإيوه ولا , كانت تحس نفسها جسد بلا روح ..
~ هنوف لا تخوفيني عليك , كافي فقدت وحده ما أبغى أفقد الثانية , فقدت وحده ؟؟ فقدت وحده !! ~ حست بالرعب والألم يجتاحها ففضلت تبعد هالفكرة عن راسها , وهي تمسح شعر الهنوف ولمن تذكرت أمها قامت بسرعة رايحة لأمها اللي تمددت في مجلس الحريم الصغير , دخلت عليها لقيت عندها أزهار و ريم , حطت أزهار سبابتها قدام فمها وهي تهمس : شششششش ..
همست ريم : ماحسبنا إنها تنام ..
جات العنود وجلست عندهم وهي تهمس : جات الهنوف , جابها عمي جلال ..
قامت ريم عشان تشوفها , كان المجلس مظلم إلا من الأبجورة الصغيرة اللي تضيء المكان بإضاءة صفراء خفيفة , طالعت أزهار في زولية المجلس وهي تلعب في أطرافها وحست بنظرات عليها فرفعت راسها و حست بالحزن يتجمع في قلبها لمن شافت العنود تطالع فيها بنظرات متسائلة , سألتها العنود بهمس : اش آخر شي قالته ؟؟
بلعت أزهار غصتها وهمست : ما أدري , آخر شي قلته لها توضي قبل ما تحطين المكياج و بس ..
دنقت العنود بتفكير ورجعت همست تسأل بصوت مخنوق : اللي يموتون بالسكتة القلبية يتوجعون ؟؟
حاربت أزهار دموعها وهي تهمس : علمي علمك ..
زفرت العنود ومسحت دموعها وهمست : تتوقعين إنها نازعت طويل ومحد عندها , يمكن لو كان أحد عندها كان ..
قاطعتها أزهار بهمس وهي تزحف لجنبها قبل ما تضمها : حبيبتي هذا قضاء الله وقدره ..
همست بوجع وهي تغطي وجهها : ماتت لوحدها يا أزهار , أكيد كانت تدور على أحد يكون معاها أكيد ..
همست أزهار وهي تضمها أكثر : انت توجعين نفسك أكثر بهالكلام , حطي دايم في بالك إنه كللللللللللله بقضاء وقدر , مكتوب لها من كانت في بطن أمها ...
: الله يرحمها ..
همست أزهار : إيوه ابغاك كل ما جيتي تصيحين تقولين هالكلمة عارفه ليه , لأنها دحين ماتبغانا نتذكرها ونبكيها , ماتحتاج لهذا كله , اللي تحتاجه هو الدعاء , هي بحاجة للدعاء والصدقة , لكن البكاء ما بيفيدها في قبرها ..
وصلهم نشيج صامت , التفتوا وشافوا أكتاف هدى المتلحفة والمغمضة عيونها تهتز من بكاها , تفجرت الدموع من عيون العنود اللي قامت بسرعة وراحت حضنتها وهي تقول : اصبري يا أمي ..
: بنتي راحت , بنتي الصغيرة ماتت يا عنود , تعرفين اش معنى بنتي ؟؟ يوم بتجيبين عيال بتحسين بغلاتهم ..
وشهقت قبل ما تكمل بصوت متقطع يختلط بأنين : ماعاد بأسمع صوتها وهي تناديني ماما , ماعاد بأدخل غرفتها وأصحيها , انحرمت من شوفتها عروس , 21 سنة عمرها , ماشفتها زين , ما عشت معاها ..
ضمتها أكثر وهي تقول من بين دموعها : إدعيلها بالرحمة , إدعيلها بالرحمة , كلامك هذا اعتراض , مايجوز , ربي خلاك تشوفينها 21 سنة , ربي أعطاك إياها وهو أخذها , بتعترضين دحين ليش استرجع أمانته , بعدين هو أرحم منك بها , والله هو أرحم ..
حست أزهار بألمها يزيد , العنود اللي توها تشتكي تحولت للمصبر عند أمها المكلومة ..
قامت وخرجت من الغرفة في اللحظة اللي دخلت فيها الجوهرة , اصطدموا ببعض رغما عنهم , زفرت الجوهرة وقالت بخشونه : عميا ماتشوفين ..
تجاهلتها أزهار وتحركت وهي تقول لنفسها إنها لازم تسكت عنها لأنه مو وقته الرد على بعض , وصلها صوتها الحاد وهي تقول : ولا تدورين في البيت براحتك ترى أعمامي رايحين جايين ..
~ تجاهليها , تجاهليها ~ وكملت طريقها وهي تدعي البروده ومن داخلها مجروحة من تعاملها معاها ومقهورة في نفس الوقت ..
سألت سمية إذا في احد في غرفة حمده ولمن قالت لها إنه جلال خرج دخلت عشان تتطمن على الهنوف لقيت الخنساء عندها واللي قالت برجاء : هنوف حرام عليك , لازم تزورينه , تراه من زمان يطلبك ..
دقتها سفانة وهي تقول : اش تزوره في هالوقت ؟؟ صدق سخيفه ..
قالت الخنساء : هو يبغى يشوفهااااا , والمستشفى مانعته و ...
قرصتها من تحت عشان تسكتها من دون ماتشوفها الهنوف اللي قالت لها سفانة وهي تمد لها الجوال : خذي على الأقل كلميه , تراه على الخط من فوق العشر دقايق ..
ولمن ما شافت أي رد فعل من الهنوف رجعت الجوال على إذنها وقالت وهي تزفر : ما ترد علي وما تبغى تسوي أي شي ..
قال بحزم : حطي الجوال على إذنها بأكلمها حتى لو ماردت ..
حطت سفانة الجوال على إذنها وهي تهمس : هو يبغى يكلمك مو لازم تردين ..
وصلها صوته الحنون الخائف وهو يقول : هنوف , سامعتني , هنوف ردي علي بكلمة على الأقل ..
طالعت الهنوف فيهم بجمود , كانت منسدحة بدون مخدة على الكنبة وهي متكورة على نفسها , قالت حمده : يا حسرتي إن كان هالبنت بتلحق أختها ....
همس : هنوف عمري , يااااااا حبيبتي قولي لو حرف واحد تراك أقلقتيني , هنوفه , لاتخليني أخرج من المستشفى وأجيك , تراهم مانعيني من الخروج هنا , هنوفو , أجيك دحين , إذا تبغيني أجيك أجي ..
هزت راسها بلا , سحبت سفانة الجوال وقالت : تراها تهز راسها بلا ..
زفر وقال : كنت أبغى تنطق , هي اش فيها ؟؟ ليش ماتنطق ؟؟
بعدت سفانة عن الهنوف اللي جلست أزهار جنبها تقرأ عليها وقالت : هذي وحده من الحريم الله يهديها قالت لها عظم الله أجرك في أختك وطاحت الهنوف من طولها فجأة , ويوم شلناها قال الطبيب انهيار عصبي , أعطوها إبرة مهدئة ومحلول وجات ..
: لاحول ولا قوة إلا بالله , إسمعي , خلي الجوال في حلقك بأتصل عليك بعد شويه يمكن هي تعبانه شوي لأنها توها رجعت من المستشفى ..
: إن شاء الله ..
: مع السلامه ..
: مع السلامه ..
وقبل ما تصك سمعته يناديها رجعت الجوال فقال برجاء : سفانه لا تبعدين عيونك عنها أخاف تتعب ولا شي ومحد عندها ..
ابتسمت وقالت : لا تشيل هم , كلنا حولها , المهم انتبه لنفسك ولا تشغل بالك ..
وتوادعوا وقفلت الجوال وراحت للمجلس الكبير وهي في الطريق شافت عهود جالسه
بصمت غريييييييب عند أمها اللي جالسة تتكلم في الجوال ..
**************************
طالعت العنود برهبة وخوف في الطاولة الكبيرة الخشب المفرغة بأشكال مستطيلة تسمح للمويه بالخروج , كانت عمتها نورة واقفة عند الطاولة وهي تحط سطول موية كبيرة ومعاها مغارف حسب تعليمات جارتهم أن محمد اللي تغسل الموتى , كانت تطالع في ظهر أم محمد اللي كانت تسبح وتهلل وتكبر وهي تحط زبادي الكافور والسدر و ترتب أقمشة الكفن , رصت بقبضتها على الباب والتفتت لسمية والخنساء اللي وقفوا جنبها وهم يطالعون بذهول في المطبخ اللي شالوا عنه طاولة الطعام والكراسي عشان يلقون مساحة لطاولة الغسيل , أول ما انتبهت لهم نورة تحركت بسرعة وخرجتهم وهي تقول بلطف : روحوا شوفوا أمي وهدى , يمكن يحتاجون شي ولا غيره ..
وصكت الباب , تبادلت العنود نظرات غريبة مع البنتين الواقفات وعيونهم زايغة , همست الخنساء : من جد ماتت ..
جلست سمية على الأرض وهي تغطي وجهها وتصييح , تجاهلتهم العنود وهي تتحرك باضطراب , دخلت المجلس الكبير ودارت ببصرها بيت بنات خالة أبوها و الجوهرة اللي نايمة ريناد على رجولها وتحركت خارجة , غرفة جدتها كانت سفانة وهدى جالسات عند
راس الهنوف اللي مازالت مشخصه بصرها وتطالع بذهول في اللامكان , وجدتها مغيرة وضعية سدحتها على السرير للمرة الخامسة , خرجت ودورت إلين لقيتها , كانت تنشج نشيج موجع وهي تقول : يااااارب أحسن نزلها , يارب ثبتها عند السؤال , يارب وسع مدخلها , اللهم اغسلها بماء الثلج والبرد ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم صبرهم على فقدها , اللهم اربط على قلوبهم , اللهم ....
وانخرطت في نوبة بكاء جديدة , جلست العنود على سرير سفانة وهي تطالع في أزهار اللي تلحفت بشرشف الصلاة ووقفت بين يدين ربها تدعيه بتذلل ويدينها المتعبه من الرفع تتراخى وترجع ترتفع وهي تهمس : يااااااااااااااارب ثبتها عند السؤااااااااااااااااال , يارب نزلت بك ضيفة وأنت خير المكرمين , يارب أكرم نزلها , يارب وسع مدخلها , يااااااااااااااارب إنك تنزل إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلااااااال وجهك وعظيم سلطانك , اللهم إنك تقول هل من داع فأستجيب له , اللهم إني سؤالي أن تقيها عذاب القبر , اللهم بدل سيئاتها حسنااااااااااات , يا حي يا قيوم , ارحمها , اللهم ارحمها , اللهم ارحمها ..
غطت العنود وجهها وصاحت من قلبها , ليش ما كانت زيها , ليش بدل ما تبكي ماقامت تدعي في آخر الليل والدعاء مستجاب في هذا الوقت , ليش إنشغلت بالبكاء والتفكير , غطى بكى أزهار على بكى العنود وهي تقول برجاء : يااااااااااااااااااارب ارحمهاااااااااا , يارب اغفر لها ذنوبهاااااااااااااااا ..
قامت العنود وراحت للحمام وقفلته واستندت على بابه وهي تصيح من قلبها , توضت وراحت لبست شرشفها وحذت حذو أزهار ..
بعد فترة رن جرس الباب يخترق سكون المكان الكل قام بترقب وهم متوقعين إنه جثة البندري هي اللي وصلت عشان يغسلونها و يكفنونها قبل الفجر ..
هدى وسفانة تحركوا بسرعة خارجين من غرفة حمده اللي انحنت تطالع رغم معرفتها إنها ما حتشوف أحد تحاول تلمح أي شي ورى بابها , دقايق وطل عليها , حست بالدموع تتجمع في مآقيها وهي تطالع في طوله المهيب , اشتاقت له , لكل شي فيه , طالع حسان في الغرفة وشاف جدته على السرير والهنوف على الكنبه , تجاوز الهنوف اللي كانت معطيته ظهرها وتقدم من جدته وهو يسحب الكمام الأبيض عن فمه وأنفه ويخليه متدلي حولين رقبته , مد ذراعينه واحتوى جسدها بصمت , شهقت حمده وصاحت بصوت عالي وهي تضمه وتشده لصدرها كإنها تبغى تدخله داخل صدرها , همس بحب : أنا هنا , أنا هنا ...
شهقت مرة ثانية وهي تقول بصوت مخنوق : آآآآآآآآآآآآآآه ياربي , ياحبيبي إنت , ياربي لك الحمد , يارب لك الحمد اللي خليتني أشوفه ..
دفن وجهه في حضنها وهو يقول : أنا هنا ياجده , خلاص لاتبكين , دموعك غاليه ..
تأوهت وهي تشده لصدرها أكثر وهي تسلم على راسه وتحضنه وهي تقبض على شعره بشوق , قالت بوجع : والله إني أبغى أجيك بس رجولي , رجولي ماعاد تشيلني , ماقدرت , والله ماقدرت ..
همس وهو يشد يدينه حولينها : عارف , عارف , يكفيني صوتك كل يوم يا جده ..
ضمته أكثر وهي تسلم مرة ثانية وهي تقول بشوق : أبويه إنته ..
جا أحمد ومسد على يد أمه بحنان وهو يقول : يمه تراك بتخنقينه , ما حسبنا بالقوة أعطاه الدكتور فسح ..
أشر له حسان من ورى جدته إنه يخليها براحتها ورجع ضمها بصمت , ولمن سابته بنفسها بعد عنها وسلم على راسها ويدها وقام وعيونه متعلقه بجسدها المستلقي بلا حراك , تجاهل نظرات أخواته وبنات أخته الواقفات بصدمة من حضوره المفاجئ عند الباب وتحرك لها , قالت سفانة : نايمه , دوبها اللي نامت ..
جلس على الأرض وسحب الكمام وحطه على الكنبه وهو يحط يده الثانية على كتفها , هزها بلطف وهو يقول : هنوف , نوفه , الهنوف ..
فتحت الهنوف عيونها بتعب وفي جزء من الثانية استعادت ذكرى موت أختها , فزت من سدحتها وطالعت بعيون زايغة في اللي حولها , ولمن شافت الكل يطالع فيها وإنه في شخص جنبها التفتت له , طالع فيها بحنان وهو يهمس : هنوف ..
ومد يده وبعد خصلات شعرها الطايحه على وجهها , طالعت فيه بصمت غريب , همس برجاء : هنوف ما بتكلميني ..
كان يحس قلبه يخفق وجع عليها , من عرف بحالتها أصر يخرج حتى لو ما أعطاه الدكتور الموافقه , التزمت الصمت وهي تطالع فيه بجمود , حط راحة يده اليمين على خدها اليسار وهمس : إذا ما تبغين تتكلمين هزي راسك عادي , إنت بخير ؟؟
هزت راسها بإيوه , كانت بداخلها تصرخ من أعماقها ~ لاااااااااااااااااااا أنا ماني بخير , أختي ماتت , ماني بخييييييييييييييييييييييييييير , لااااااااااااااااااااااااااا , ماني بخير ~ لكن في شي يمنعها من البكاء , في شي ساد حلقها , طالعت في أبوها الواقف وراه ولمحت نظرة الخوف في عيونه , رمقته بنظرات غريبة ورجعت طالعت في حسان اللي حس بالخوف يخنقه , بعد راحته عن خدها و رجع مسد عليه بقفا يده وهو يهمس : هنوفه ماتبغين تقولين شي ..
طالعت بجمود في عيونه اللي تجول على وجهها بخوف , ليه مهي قادرة تعبر عن اللي جوتها ليه , حط أحمد يده على كتف حسان وهو يقول : الدكتور قال إنها مصدومة ..
جات نورة وجلست جنب الهنوف وقالت بحنان : هنوف حبيبتي اش تحسين ؟؟
طالعت في عمتها بفتور ولفت وجهها ورجعت انسدحت على الكنبه بتعب , من بين الأجساد المحيطة بها شافت البندري جالسة بنفس البنطلون اللي تحبه وبلوزتها المفضلة الحمراء وهي ملتهية بمحمولها وحاطة السماعات على إذنها , فزت فجأة ومدت يدها وهي تقول : بندري , البندري هناك ..
طالعت سفانة جنبها على المكان اللي تأشر عليه الهنوف بصدمة , قالت نورة بخوف : مافي أحد ..
أشر حسان لأمه يقاطعها وهو يسأل بحنان وهو يمسد شعرها : اش تسوي ؟؟
قالت بوجع : جالسة ..
قال بهدوء : بس جالسه ..
همست وهي تطالع في الفراغ الغريب وهي تهز راسها : كانت هنا ..
مد يده وحطها موضع قلبها وقال بهدوء يؤكد لها : كانت هنا ..
لفت عليه وهزت راسها بإيوه بحركة بطئة دلته على وهنها , ضغط يده أكثر لمن حس بخفقات قلبها تخفق بسرعة غير طبيعية وقال بألم : هي ماتت , راحت عن الدنيا لكنها بتظل هنا يا هنوف , صدقيني بتظل هنا على طول ..
وهمس وهو يضمها : بتظل هنا يا قلبي , والله بتظل هنا ..
غمضت الهنوف عيونها وتسللت دمعتين منها وهي تهمس : صح , بتظل هنا ..
وبعدته وضغطت موضع قلبها وهي تهمس بتوهان : بتظل هنا , صح ؟؟
قبض على يدها الثانية وهز راسه وهو يبلع غصة خنقت حنجرته , كان كل شي فيها يدل إنها مهي واعية للي يصير , مهي واعية أبدا , هنوف اللي يعشقها لو فكر يقرب منها تموت من شدة الخجل , يحمر وجهها وترتفع حرارتها , وجهها أصفر شاحب وجسدها بارد بدرجة مخيفة , قالت نورة : حسان قوم عن الأرض تعب عليك هالجلسة ..
كان ثاني رجوله تحته وجالس قدام الهنوف اللي بدأت تطالع في اللي حولينها بنظرات غريبة ~ الله يسامح اللي كان السبب , الله يسامح اللي كان السبب , ليه ما نقلوه لها بشكل تدريجي , هم يعرفون إنها ~ انقطعت أفكاره لمن وصله صوت جلال اللي سابوه يتعاون مع جاسم و أخوه صالح على نقل جثمان البندري للمطبخ يقول بعصبية : محد يخش عليها قبل ماتتغسل , أم محمد و نورة وخوله هم اللي يدخلون بسسسسسسسسسسس ..
ووصله صوت بكاء الحريم اللي بدأ يتعالى , فتحت الهنوف عيونها على اتساعها وقامت بسرعة عجيبة وهي تقول : أبغى أشوفها ..
شهقت نورة وقال حسان يناديها : هنوووووووووف ..
وقام بسرعة لحقها مع أحمد اللي كان يقول : درب , طريييييييييييق ..
تعدت الهنوف كل الواقفين وبعدتهم وهي تجري للمطبخ , أول ماشافها جلال قال بفجعة : هنوف , لسه ما غسلناها و ..
صرخت وهي تبعده : أبغى أشوفهااااااااااااااااااااااا ...
مسكها بقوة وهو خايف إنها تشوفها وهي لسه مغلفه بأكياس الثلاجة وقال بحزم : مو دحييييييييييييين ..
صرخت بشكل هستيري وهي تضرب صدر عمها : أبغى أشوفها , أبغى أشوفها , أبغى أشوفهااااااااااااااااا ..
جات أزهار جري مع العنود لمن سمعوا صريخها الحاد وتراجعوا لمن شافوا حسان وأحمد يقبضون عليها كل من ذراع وهم يبعدونها عن جلال المذهول , صرخت وهي تحاربهم : سيبونييييييييييييييييييييييييييي , أبغى أشوفهاااااااااااااااااااااااا ..
انذهل حسان من القوة الغريبة اللي حسها فيها , كان بالقوة يمسك ذراعها , غمض عيونه بألم لمن حس بيدها المقاومة تضرب في صدره , قال صالح بحدة : خلوها تشوفها الله أكبر عليكم ..
قال جلال : ماجهزت يا صالح ..
قال صالح بوجع : غطيتها بشرشف , ووجهها باين , خليها تدخل تشوفها ..
لمن حست بتراخي يدينهم عنها بعدتهم ودخلت المطبخ , كانت مسجاة على الخشبة ومغطية بشرشف أخضر فاتح , باين إنه شرشف المستشفى , خطواتها المستعجلة تباطأت لمن شافت المنظر وازداد تباطأها كل ما قربت من الطاولة , ولمن شافت وجه أختها تفجرت الدموع من عيونها وهي تهمس : بندري , بندري ..
حطت يدها على كتفها ورغم وجود الغطاء استشعرت برودة جسم أختها اللي كانت تنام في حضنها الدافي قبل أيام , لفت يدينها حولين راس البندري وضمتها وهي تقول بهمس متوجع : ودعتك الله يا بندري , ودعتك الله يا قلبي , ودعتك الله , ودعتك الله ..
وتفلتت يدينها وهي تنهار على الأرض وهي تصيح بكل الألم والفقد والوجع اللي حسته , صياحها صيح الكل حتى أعمامها اللي تلثموا بغترهم اللي لابسينها من دون عُقل , تحرك جاسم من مكانه في طرف المطبخ وسندها وخرجها , حسان اللي حس بوجعها يذبحه ذبح واللي ماقدر يدخل عشان البندري , سحبها منه بعد ما خرجت وضمها بقوة , صرخت من أعماقها وهي تتشبث بأكتافه : مااااااااااااتت ياحساااااااااااااااااان , البندري مااااااااااااااااااتت , مااااااااااااااتت , ماعاد بأشوفها مرة ثانية , بتدفنونها وماعاد بأشوفهااااااااااااا , ماتت يا حساااااااااااااااااااان , البندري ماااااااااااااااااتت ..
ضمها أكثر وهو يبلع غصته اللي تزايدت , لازم يكون أقوى عشانها , قال بثبات بعد ما تمالك نفسه : الصبر يا هنوف , الصبر , وين إيمانك ؟؟ من قال ماعاد بتشوفينها , كلنا إن شاء الله بنشوفها وهي حورية وسط الجنة , قولي يارب ارحمها , يارب اغفر لها , ادعيلها , الدنيا فانية , كلللللللللنا بنموت , يمكن اليوم , بكره , بعده , محد يدري متى يومه صح , إدعيلها بالرحمة , ما تجوز على الميت إلا الرحمة , وين إيمانك وصبرك وكلامك اللي تقولينه لي دايم , الواحد لازم يؤمن بالقضاء والقدر , قولي يارب ارحمها , قولييييي ..
هدأت صرخاتها وهي تقول من بين شهقاتها : يارب ارحمها , يارب ارحمها , يارب ارحمها ..
ضمها أكثر وهي تردد العبارة وهو يهمس : خلاص , اقري المعوذات واستعيذي بالله , المؤمن عند الصدمة الأولى وانت دايم أقول عنك صابرة لا تخليني أغير كلامي ..
ولمن حس بثقلها عرف إنه أغمي عليها , أشر لجاسم إنه يجي يشيلها لأنه مستحيل يقدر يشيلها قدامهم لسببين , إحراج و ... ممنوع عنه لفترة طويلة إنه يشيل أي شي حتى لو كان خفيف ...
شالها جاسم ودخل مع أعمامه وحسان لغرفة جدته , سدحها على السرير ورى جدتها اللي جلست وهي تمسد شعرها ووجهها بحنان ..
سحب حسان الكمامة وحطها على وجهه وسند ظهره على المخدات اللي جابتها له أمه وحطتها ورى ظهره عشان يريح , غمض عيونه بتعب ورجع فتحها وهو يطالع في جدته والهنوف ..
***************************
الكل كان جالس في المجلس الكبير , وبسبب قربهم من المطبخ وصلتهم رائحة الكافور والسدر اللي فاحت من أثر طرطشة المويه , حست خوله باختناق فخرجت وسابت أم محمد وأمها جوة , سحبت نفس عميق ومسحت دموعها ورجعت تساعدهم , قلموا أظافر يدينها ورجولها , فرخوا جوفها من أي شي بداخله , غسلوا شعرها الطويل وجدلوه ثلاث جدائل وبعد ما انتهوا من الغسيل بدأوا يكفونها , شهقت نورة لمن غطى الشرشف الأبيض يد البندري المحناة وبلا تفكير بعدت الشرشف ورفعت يدها وقبلت راحتها الباردة وهي تصيح , قال أم محمد بحنان وهي تمسد ظهرها : يزفونها للجنة يارب , يزفونها للجنة ..
رجعت يد البندري وبعدت عن الطاولة وهي تمسح دموعها , ربطت خوله خيط القماش حولين رجول البندري وثبتتها و دموعها تتقاطر غصب عنها على الكفن ..
ولمن انتهوا مابقي إلا غطاء الرأس قالت أم محمد : نغطيها بعد مايسلمون عليها , شهقت خوله لمن شافتها مكفنه ومو باين إلا وجهها الصغير وتفجرت دموعها وهي تقول : بندريييييييييييي ..
وضمتها بقوة وهي تصيح من قلبها , وبعد ما تمالكوا نفسهم فتحوا الباب وراحوا للمجلس عشان يدخلون الرجال عندها , خرج حسان للمجلس الخارجي عشان وراح عند الشباب اللي جالسين هناك بصمت , و أعمامها دخلوا وسلموا على جبينها بالتناوب وضمها أحمد بقوة من دون أي همسة وبعد عنها , سلم جاسم على جبينها وبعد بسرعة وهو يقاوم دموعه , خرجوا من باب المطبخ وتركوا المجال للحريم بعد ما نقلوها على الخشبة اللي بتحمل عليها ..
راحوا الحريم يسلمون وبعدها قالوا للبنات إنهم ممكن يشوفونها راحوا لها , وأول ما شافوها فتحوا مناحة جديدة و ما قدروا يقربون من الطاولة الغريبة اللي كانت لها أربعة أذرع عشان تحمل بها فوق الأكتاف , خاصة لمن رمت العنود نفسها على البندري وضمتها وهي تقول بهدوء : بنات تعالوا ضموها والله تحسون براحة إذا ضميتوها ..
وهي تصرخ بداخلها ~ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يابندري , رحتي وسبتيني لييييييييييييييه ؟؟ لييييييييييه سبتيني ؟؟ استغفرك يارب , لازم أكون أصبر , لازم أكون أقوى ~ مسحت أزهار دموعها الصامته وتقدمت منها وسحبتها وضمتها عشان تعطي مجال لهدى اللي تقدمت مع نورة وهم ساندين حمده اللي كانت تمشي بخطوات متثاقلة وهي تسبح وتدعي ولمن وصلت لها قالت بصوت متحشرج : وااااو يا بنيتي والله إنك صغيرة , أنا قاعدة وانتي رحتي يا البندري ..
ودنقت عليها بالقوة وسلمت على راسها وهي تقول ببكاء : تراني ودعتك الله اللي ما تضيع عنده الودايع , تراني ودعتك الله , تروحين تقابلين جدك في الجنة إن شاء الله , تراك ارتحتي والشقا لنا إحنا اللي لساعنا عايشين , ودعتك الله ..
وسندتها نورة تبعدها وهي تكرر : ودعتك الله , ودعتك الله ..
وقفت هدى تطااااالع فيها بصمت ودموعها تتساكب ولمن انحنت وحضنتها انفجرت بعويل زاد دموعهم , مسكتها العنود وقالت من بين دموعها وهي تسحبها : أمي خلااااااص , خلاص ارحمي نفسك , خلاااااااااص ...
وتساعدت هي وأزهار والجوهرة وبعدوها عن البندري , عهود طالعت فيها من البعيد ومارضيت تسلم زي باقي البنات اللي سلموا عليها , ولمن قالولهم إنهم يخرجون عشان ياخذونها زاد نحيب البنات وتشبثت ريم بالبندري وهي تصيح من قلبها , دق جاسم باب المطبخ بقوة وقال : يلااااااااااا , يادوب نتحرك عشان نصلي الفجر ..
تحركوا الحريم وسحبوا البنات تسحيب عن البندري وهم يحاولون يصبرونهم , تفلتت سمية ورجعت ضمت البندري , سحبتها أمها وهي تقول بوجع : خلااااااص , سيبوها ..
قال جاسم بحزم : أنا داخل ..
غطت نورة وجهها ولفته برباط محكم ومسكت آخر قماش وغطتها بالكامل , قال جلال بعصبية لجاسم : خش عليهم عشان يخرجون ..
ولمن تردد جاسم دخل جلال وهو يصرخ : خلاااااااص , قلنا خلااااااااااص , أدخل يا جاسم ..
دخل جاسم و أشر للشباب اللي تجمعوا برا عشان يشيلون الجنازة إنهم يدخلون , ولمن دخلوا كانت رؤوسهم للأرض وهم يمسكون أطراف الخشبة ..
أول ماشافتهم العنود يخرجونها صرخت وهي تندفع بلا تفكير : لاااااااااااااااااااا , أبغى أسلم عليها , أبغى أسلم عليهااااااااااااا ...
لف جاسم وغطاها بغترته وهو يرجعها ويقول بحزم : خلاص ..
صرخت وهي تتشبث به : الله يخليك , والله بوسه بس , آآآآآآآآآخر مرة , الله يخليييييييييييييييييييك , جااااااااااااااااااااااااســـــم , الله يخليييييييييييييييييييييييييك ..
قالت أزهار من ورى الباب : خليها تسلم عليها , جاسم الله يخليك خليها تسلم عليها , تراها ماعاد بتشوفها ..
واختنق صوتها وهي تتذكر أمها اللي ما قدر لها ربي وشافتها , نزلوا الرجال الخشبة وسحب جاسم العباية من عمته نورة وغطى فيها العنود اللي راحت وضمتها بقوووووة وهي تقول بصوت حنون : سامحيني , سامحيني إذا زعلتك في يوم , ترا كل عنادي لك والله من حبي , سامحيني , بندري , ماعاد بشوفك ..
وسلمت عليها من فوق غطاها وسلمت ودموعها تتسكاب على وجهها كانت تحس ملامح وجهها من فوق الغطى , سلمت على خدودها وعيونها حتى فمها سلمت عليه وهي تصيح , مسح جاسم عيونه وسحبها وهي تطالع في جسد أختها المسجى , تلقتها أمها في صدرها وضمتها وهي تصيح معاها ...
وفي دقائق صار المطبخ خالي إلا من همهمات البكاء و رائحة الكافور والسدر ...
********************************
العصر :
رفع راسه عن الأرض وطالع في المعزي الجديد القادم , ولمن شاف واحد قدامه وهو لابس ثوبه ولاف شماغه حولين وجهه عرفه , قال بحنين : عبد الرزاق ..
وقبل ما يقوم جري عبد الرزاق وطاح عند رجوله وهو يصيح من قلبه وهو يصرخ : ليش دفنتوها قبل ما أشوفهاااااااااااااااااا , ليش دفنتوهااااااااااااااااااااااا ..
ضمه أبوه وهو يقول : ما قدرنا نأخرها يا ولدي إلى بعد رحلتك , إكرام الميت دفنه ..
صاح عبد الرزاق وهو دافن وجهه على فخوذ أبوه وهو ماهمه اش يقولون الرجال عليه , من المطار اللي استقبله فيه جاسم وعمر وهو كاتم بكاه ومو قادر يسألهم دفنتوها ولا لا كله خوف يقولون له إنها خلاص اندفنت , ولمن وصل وشاف المعزين عرف إنها خلاص اندفنت , ضم أبوه وهو يصرخ من قلبه : كنت أبغى أشوفهااااااااااااااااااا , كنت أبغى أودعهااااااااااااااااااااا , ليشد دفنوتها ليييييييييييييييييييييييييش , ليش تحرقون لي قلبييييييييي , قلتلكم لا تدفنونها , قلتلكم لا تدفنونهاااااااااااااااااااااا والله قلتكلم ...
مسح أحمد عيونه بطرف غترته ومسد ظهر ولده بصمت , لمن جا جلال يبعده عشان الرجال اللي جوا يسلمون أشر له صالح بعيون مبلله إنه يسيبه براحته , كان الرجال ينحنون من فوق عبد الرزاق ويسلمون على أحمد اللي يبادلهم السلام بيمنه ويسراه على تمسد باستمرار على ظهر ولد ..
صاح وصاح وصاح وكل ما فكر إنه يوقف عن صياحه ويقوم يزيد وجعه ويزيد صياحه ..
****************************
المكان كان مزدحم بسواد عظيم , دخلت سمية للمطبخ وهي شايلة ثلاجة القهوة , حطتها على الطاولة و حطت يدينها على آخر ظهرها وهي ترجع أكتافها لورى بتوجع , من الصباح والمعزيات موجودات وهم على حزنهم ووجعهم تكسرت رجولهم من كثر ما يباشرون بالقوة , جات سفانة وقالت بضيق وهي شايلة صينية كلها فنجاين مستخدمه ومناديل مستعملة : السنة إنك تعزي وتروح , مهم شايفين إننا تعبانين , وياليتهم جالسين باحترام , قاعدين يهرجون كإنهم في جلسة ..
عدلت طرحتها اللي لابستها وقالت : سماسم قلبي روحي ارتاحي أنا أباشر ..
قالت سمية وهي تشيل الثلاجة : لا ما عليك يا خاله ..
دخلت أزهار المطبخ وهي تزفر بضيق , ابتسمت سفانة وقالت : خير ..
قالت أزهار وهي تحس بالضيق يخنقها : جماعة مسكوني يحققون معايا اش صار وكيف ومتى وليش , مااحترموا مشاعري , لا وجماعة ثانية جالسة تحدق فيه وأنا رايحة وأنا جاية ولمن صبيت لهم القهوة تسألني وحده منهم أنا زوجة جاسم و اش اسم أبويه وأمي وغيره ..
دخلت العنود وجلست بتعب على واحد من الكراسي وربعت فوقه وهي تقول بهدوء : ترا عشان الكل كان يستنى طلتك , جواز الـ ..بندري كان أول طلة لك والكل كان متحمس ..
غمضت أزهار عيونها ومسحت وجهها وهي تقول بطفش : ما أبغى أخرج ..
سألت العنود : عشا اليوم على مين ؟؟
قالت سفانة وهي تشيل فناجين جديده : على أبويه , عمي عبد الكريم تكفل بالغدا ..
قالت العنود : الله يسعدهم ويرزقهم , جزاهم الله خير ..
قالت أزهار : عنود قلبي روحي نامي تراك مانمتى من أمس ..
هزت العنود راسها وقالت : ما أقدر المكان رججججججه , وأصلا ماتلقين مكان تنسدحين فيه ولا تريحين , حتى غرفة نوم جدتي كلها حريم حتى فوق السرير ..
وزفرت وطالعت في يدينها اللي مدخلتها في حضنها وسرحت للحظة قبل ماترجع تنفض كل أفكارها وتقوم بنشاط وهي تقول : بأروح أشوف أمي ..
****************************
بعد المغرب :
طالع عدنان في جواله طويل قبل ما يتصل عليها , أول ما سمع صوتها الهادي وهي تسلم ابتسم وقال بعد رد السلام : كيف أهل العزا ؟؟
همست سحر : إن شاء الله بخير , أحسن من أول ما جيت ..
قال بهدوء : طيب يلا أخرجي , خلود وعلا يستنونك في الفندق ..
قالت بخيبة أمل : بس أبغى أجلس معاهم شويه , أبغى أحس إني قدمت لهم شي ..
زفر وقال : طيب أعطيني العنود عشان أعزيها , خلاص عزيت أم جاسم ..
قالت سحر : طيب لحظة ..
كانت العنود خارجة من المجلس الصغير لمن لقيتها , مسكتها من يدها وجرتها وهي تقول : عنود , عدنان بيعزيك ..
حست بشعور غريب لمن حطت سحر الجوال في يدها قبل ماتروح , غمضت عيونها وحطت الجوال على إذنها وهي تقول : نعم ..
كان صوتها متحشرج فتنحنحت عشان تسلكه .
أول ما وصله صوتها قال بهدوء : كيف حالك ؟؟
كان صوتها بارد وهي تهمس : الحمد لله ..
كان مقدر برودها فقال بهدوء : عظم الله أجرك في مصيبتك وأخلفك خيرا منها ..
همست بذات الصوت : جزاك الله خير ..
قال ينهي المكالمة : هذا واجب , مع السلامة ..
صك الجوال ورجع للرجال , وهي صكت الجوال وطالعت فيه بألم , ما تخيلت ولا في أبشع أحلامها إنه أول مكالمة لها معاه بتكون عشان يعزيها في أختها الصغيرة , استغفرت وتحركت , استغربت لمن شافت الحريم يخرجون بسرعة من الممر المؤدي لغرفة جدتها , حست بخوف غريب , يكون الهنوف صار لها شي ولا أمها انهارت ولا ... تحركت بسرعة وهي تسمع صوت أبوها يقول : طريق , طريق ...
اضطرت تستنى إلين خلصوا الحريم ودخلت الممر وراحت لغرفة جدتها وهناك شافته واقف بصمت و أمه متشبثه فيه وهي تصيح , صرخت : عبد الرزاااااااااااااق ..
وجريت وضمته مع أمها وهي تصيح من صياحها , كان عبد الرزاق يطالع فيهم بانكسار غريب ما يناسب شخصيته , سلم عليهم وعلى جدته , الهنوف اللي فاقت من نومها على صوته تشبثت فيه وصاحت من قلبها على صدره وهو يهمس لها : على الأقل شفتيها , قولي الحمد لله اللي شفتيها ...
جاته عمته وسلمت عليه , ولمن انتهى السلام جلس جنب أمه وانسدح وحط راسه على فخوذها وغطى وجهه بشماغه ولف جسمه ودفن وجهه في جنبها وهو يصيح و زاد معاه صياح هدى من حال ولدها ..
***************************
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
يوم الاثنين 10 / 9 / 1427 هـ :
بعد الفطور في سيارة جاسم :
: يا حيا الله النشبة ..
دقته أزهار وهي تطالع فيه باستنكار من ورى غطاها اللي رفعته عشان السيارة مضللة , وابتسمت العنود وقالت : عادي يا أزهار , لاتخزينه ولا شي أعرف ثقالة دمه , أخويه , خابزته وعاجنته ..
قال وهو يحرك حواجبه ويطالع لها من المراية الأمامية : عاجنتني بعسل مو ..
ضحكت أزهار وقالت : ترا يا شينك يوم تخفف دمك ..
ولفت على العنود وكملت : مو عنيدي ؟؟
قالت العنود تأيدها : مومو , مو مو واحد بس ..
قال بمرح : اللي يسمكعم يقول بقر يهرجون , اش مو مو !!
قالت أزهار : مو يعني إي ولا لا , مو يا عنيدي ..
ضحكت العنود وقالت : موين وعشر موات , تصدقين حاولت أشرح لوحده من صحباتي ما عرفت , يبغالي أرسلها لها في رسالة ..
قال جاسم : سؤال اليوم , كم مو نطقتها العنود ؟؟
وضحك للحظة وسكت لمن انتبه إن الثنتين يطالعون فيه ببرود والعنود تقول : ويييييييي الله يعينك عليه يا أزهار , يا حبيبتي متزوجه واحد دمه كاتشب ..
ضحك وقال : حللللللللللللللوة , حلللللللللللللللللوة كاتشب ..
وساب الدركسون ولف على ورى وضربها وهو يقول : تتريقين إنتي ووجهك على أخوك الكبير ..
قالت أزهار وهي تمد جسمها وتثبت الدركسون بيدينها : بسم الله , تعااااااااال إمسك الدركسون ..
وصرخت العنود : بنمووووووووووووووووووت ..
قال : قولي آسف ..
قالت بسرعة : آآآآآآآآآآآآآآآآآآسفه بس لف وامسك الطارة بسرعة ..
لف جاسم وعدل إحرامه وهو يقول لأزهار : ثبتي يدك زين عشان أعرف أصلح إحرامي ..
صرخت أزهار : بسسسسسسسسسسرعة , ظهري يعورني ..
مسك الدركسون وقال : شكرا ..
ضربته أزهار على كتفه وهي تصرخ : لا عاد تسويها مرة ثانية , خلعت قلبي , ولدي أحسه طار لحلقي من الفجعة ...
قال بحزم : طيب انتبهي لا يطلع مع خشمك , بعدين تقعدين تعاطسين , بعدين ما عندنا نلبس نلبسه به ..
ثانية وقهقهوا الثنتين , ابتسم وقال بفخر : إعترفوا إنه دمي خفيف ..
وبعد لحظات طالعت العنود في أزهار وهي تصب كوب شاهي لجاسم وتناوله له مع كروسان وهم يناقشون موعد الكتورة الجاي , لفت على القزاز وهمست بداخلها ~ بندور ما حسينا برمضان وفرحة دخوله من وجعنا برحيلك , يوم قطع عزاك كان ليلة رمضان اللي طلع ناقص , أول رمضان يمر من دون ما أتحارب أنا واياك من يخبر إنه رمضان كامل ولا ناقص , عارفه أنا رايحة أعتمر عنك ~ مدت يدها ونزعت قفازها وحطت راحة يدها على قزاز السيارة , كان بارد من أثر المكيف ~ الجو بدأ يعتدل , يمكن على شوال يكون بارد زي ما تحبينه دايما , شوال اللي حيكون أول عيد من دونك يا بندري , أول عيد من بعد 21 سنة حاربتيني فيها على التسريحة كل صباح عيد ~ سحبت يدها ورجعتها في القفاز وهي ترص شفايفها عشان ماتصيح , هي عزمت تكون أقوى عشان أمها و أبوها اللي مهم قادرين يتجاوزون محنتهم وعشان الهنوف اللي صارت تنام معاها كل ليلة في نفس السرير وهي تقولها إنها معاها , بلعت ريقها مرة ومرتين وثلاث عشان تضيع الغصة اللي اجتاحتها وهي تصرخ ~ محد بيعوضني فقدها , محد ~ سحبت نفس عميق ودخلت راسها بين المقعدين وقالت : شوف لا رجعنا أبغى أتسحر في البيك ..
أشر على عيونه وقال : تامرين أمر ..
ورفع نفسه يخرج جواله من حزامه وهو يقول بتريقة : بس استني خليني أستأذن من عدنان ....
ضربته على كتفه ورجعت لمقعدها وهي تقول : يا نذل ..
قال بعد لحظة : هلااااااااااااا بو رحم , كيف حالك يالدب ؟؟
قالت العنود بتريقة : ماتمشي عليه هالحركات ..
أشر لها إنه يكلم وهو يقول : أنا رايح مكة ومعايا المدام ومدامتك ..
عقدت يدينها قدام صدرها وقالت : هاهاها إلعب علي غيرها ..
مد لها الجوال وقال : خذي بيكلمك ..
سحبت الجوال وقالت بدلع : يا هلاااااااااا ..
قهقة جاسم العالية ما منعتها من سماع صوته العميق وهو يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شهقت لمن سمعت صوته و انشرقت من قوة شهقتها , لفت عليها أزهار برعب ولفت تدور على موية الصحة وجاسم يقول : اش فييييييييييييييك ؟؟ هذا كله عشان سمعتي صوته ..
سحب الجوال منها وقال لعدنان وهو يطالع في أزهار اللي تمد لها الموية وهي تقولها : تنفسي من خشمك , من خشمك ..
: معليش , تحسبني أمزح معاها عشان كذا كانت منطلقه ..
من وسط كحاتها مدت يدها وضربته , لف عليها قال : هااااااااا , تبغيني أكذب عليه , أنا مِحرم ..
وصله صوت عدنان وهو يقول بتريقة : وإنت ماتكون صادق إلا وإنت محرم سيد جاسم , يا خي كل شي منك يتعكنن لأنك مو سافطه , البنت بغت تموت من مزحتك ...
رفع حواجبه وقال : عجييييييييييييييييييييييييب , دحين صار كل شي معكنن , ما أقول غير أ .... اللهم إني صائم , يلا مع السلامة ..
وصله عتاب عدنان وهو يقول : ياخي حرام عليك تقول مع السلامة , أتطمن عليها على الأقل , إنت مسمعني صوتها حسرة يعني , ورانا عبادة وصلاة ...
قهقه جاسم وقال : الله يـ ..... يا خي لا تخليني أسب وأنا في هالأيام الفضيلة , ما أقول إلا الله يخلف على صاحبي ..
ولف على العنود وقال : راحت الشرقه ؟؟
هزت راسها بإيوه وأشرت على حلقها وهي تهمس بصوت مبحوح من قوة الشرقه : ما أقدر اتكلم ..
كانت تقدر تحمحم وتجلي صوتها لكنها ما تخيلت إنها تكلمه قدام أخوها و أزهار فحطته عذر وهي تشوف إنها جات من ربها , رجع الجوال لورى وهو يقول : مو لازم تتكلمين هو يبغى يقولك كلام ...
مسكت الجوال بيد مرتجفه وحطتها في إذنها وهي تتذكر محادثته السابقة والوحيدة , قالت بصوت مخنوق : نعم ..
وصلها صوته الهادئ وهو يقول : كيف حالك دحين ؟؟؟
حست بالمغصة ترجع لها فبلعت ريقها والتزمت الصمت , فكمل بذات الهدوء المريح : حبيت أتطمن عليك وأقولك إني .............. أبغاك قوية , أقوى من أي وقت ..
وسكت للحظة قبل ما يكمل : لا تنسينا من دعائك , في آمان الله ..
وقبل ما تبعد الجوال سمعته يقول : إي صح ..
رجعت الجوال لإذنها فقال بحزم : امسكي جاسم زين , ترى سحر تقول لك سوابق ضياع كثيرة ..
~ سحــــــــــر والله لا أذبحك ضرب على الفضايح ~ كمل : انتبهي لنفسك , في آمان الله ..
صكت الجوال ومدته من بين الكنبتين تناوله جاسم بصمت استغربته العنود ~ غرييييييييييييييييبه ما علق , يمكن تأدب وقال أرحم أختي شويه ~ مامرت دقايق إلا وهو يتنهد ويقول : تصدقين يا أزهار , صوت عدنان حلوووووو , ولا اش رايك يا عنود ..
~ وااااااااااااااااا , بدأ , بدأ ~ غاصت العنود في المقعد بصمت وهي تحس بالعرق يتجمع بين أصابيع يدينها رغم القفاز , كانت مقهورة من أزهار اللي بالقوة ماسكه ضحكها وهو يكمل : لااااااااااااااا مو بس الصوت , حتى الشكل ماشاء الله ..
وطالع في المراية اللي ورى وقال : انتي شفتيه في النظرة الشرعية مو حلو ؟؟
دقته أزهار وقالت : خلااااااااااص , ذبحت البنت دحين تقول ليتني ما جيت معاهم , بتطلع العمرة من خشمها ..
سأل بشكل مباشر كإنه اتهام : تكلمينه يا بنت ..
ردت بسرعة : لاءا ..
ضحك من قلبه وقال : حلللللللللوة لاءا , أقول تراني أمزح معاك , زوجك بتكلمينه كلميه ..
قالت أزهار بتريقه : اللي يسمعك يقول إن عدم موافقتك هي اللي كانت مانعه المكالمات
, هي ودددددددددها بس هو ثقيل ما اتصل عليـ ..
نطت العنود وضربتها بطرف يدها على كتفها تسكتها , ضحك جاسم من قلبه على أزهار اللي بدأت تشتكي إن النونو تأزم نفسيا و العنود اللي قالت بطفش : تراك ذليتينا بالنونو لاتخليني أبطل وما أدعي له ..
قال جاسم : بسك إنتي وإياها , عنود إنوي , لبيك عمرة ...
همست العنود بابتسامة : لبيك عمرة عن البندري ..
**************************
في الدمام _الشرقية :
في شقة العزابية :
طالع في جواله بابتسامه وهو مقهور على إيش يبتسم وهو ما أخذ منها حرف , لكن مجرد تذكره لترحيبها و شرقتها يدفعه للابتسام ..
: لاااااااااااااا إله إلا الله , عدنان يبتسم للجوال , يا خي لا تكلم البنات على الأقل في رمضان , خله ليلة العيد ..
لف عدنان على رفقينه اللي قعدوا معاه من بعد ماراح جاسم وقال بطفش وضيق من حالهم : أموت وأعرف ماعندكم إلا أنا تراقبوني , قوموا نظفوا غرفكم اللي يرحم الأم المسكينة اللي جابتكم ونظفوا الفوضى اللي سويتوها ..
وأشر على الصالة اللي كعادتها تبدو كأن إعصار هادر مر بها , قال هاني بلا اهتمام : لا إحنا بنخليها كمان كم يوم إلين تطفش وتبدأ تنظفها ..
رماه بنظرة نارية وقال بصوت قوي : لا تخليني أحطك في راسي , قوم بسرعة ونظف الصالة , غرفتك مالي دخل فيها , ويلا تجهزوا للصلاة ..
وتحرك لغرفته عشان يستعد لصلاة العشاء والتراويح ..
قال هاني وهو يدقه : قلتلك لا عاد تطري المغازل عنده تراه بيذبحك , إنت تعرف كيف هو شديد في هالموضوع ..
ابتسم أيمن وقال : تصدق قابلت بنية حلووووة طلعت أخت ليلى رفيقة جاسم ..
الاسم وقع في إذن عدنان وهو رايح لغرفته , التفت لهم وقال بصدمة : ليلـــى ..
قال هاني من بين أسنانه : جاك الموت ياتارك الصلاة .
رجع عدنان لهم وهو يقول بتساؤل يحمل الغضب بين طياته : ليلى ليلى ما غيرها ؟؟ إنت لساعك تكلمها وترد عليها ؟؟ أنا ما حذرتك منها ..
قال أيمن باعتراض : ياخي اش فيك إنت على هالبنية الضعيفة و ..
قاطعه عدنان : ياخي ما أواطنها , كيفي , قلت لك مليون مرة إبعد عنها وإني ما أبغى أسمع سيرتها ..
زفر وقال يفهمه : ياخي يوم نطري البنات ما تعصب بهالشكل اش معنى ليلى ؟؟..
صرخ بعصبية : ليلى بالذات ما أبغى أسمع سيرتها على لسانك ..
ولمن شاف إنهم مهم فاهمين سبب عصبيته سحب نفس عشان يهدي نفسه بعدها قال : ما أبغى أسمع سيرتها لأنك ما تعرف إن البنت الضعيفة اللي تقول عليها متزوجة وعندها ولدين ..
انصعقوا من اللي قاله , وقال هاني : مستحيييييييييييييييل , شكلها بنية ..
قال عدنان وهو مقهور إنه ما قدر يحافظ على هالسر اللي احتفظ فيه لنفسه من خبرته به أريام : شكلها ولا مو شكلها , إبعدوا عنها وبس , ترانا ماحسبنا نفتك من ملاحقتها ..
قال أيمن بهمس : بس أنا لمن قابلت أختها أعطيتها رقم جاسم ..
هتف بصدمة هو وهاني : إييييييييييييييييييييش ؟؟
وقبض عدنان يدينه بقوة لمن صرخ هاني بعصبية : ياخي من متى وهي تلاحقنا عشان جوال جاسم وإحنا متفقين ما نعطيها إياه , الرجال تزوج وراح في حال سبيله اش يبغى بها دحين , بعدين هو ناقص , توه اللي فاق من موت أخته ...
قال يفهمهم : أختها قالت إن ليلى من حزنها بلعت أدوية منومة وحاولت تنتحر وبالقوة لحقوا عليها وإنها في حالة صعبة وتبغى تكلم جاسم ضروري وكلمة منها وكلمة مني و أعطيتها الرقم ..
قال هاني بضيق : ياخي ليه ماشاورتنا , اتصل على واحد فينا واسأل ..
زفر عدنان وقال بهدوء : خلاص الشي صار وانتهى , اش بيفيد العتاب ..
وفكر يدق على جاسم يخبر لكنه تراجع وهو يقول : إن شاء الله هو بيتصرف ..
ولمن حس بعدم راحة اتصل على جاسم , ثواني ورد عليه وهو يقول بمرح بعد السلام : تراك اشغلتنا ...
قال بعد مارد السلام : ترى هاني أعطاها رقمك ..
وصله صوت جاسم الهادئ وهو يقول : مشكووووووور على الإهتمام , خلاص خلصت هالموضوع ..
هتف بفرح : والله ..
وصله صوته الواثق وهو يقول : الحمد لله ..
قال : الحمد لله , ريحتني , هيا مع السلامة ..
ولف على هاني وأيمن وبدأ يلقي محاضرته الدائمة عن الأعراض و اللي متأكد مليون إنهم حفظوها من كثر ما يرددها على مسامعهم ..
*************************
جدة بعد التراويح :
زفرت حمده وقالت وهي تدفه : وخر عنيييييييييييي , تراك ذبحتني ..
مسك حسان المنسدح على سريرها صدره وغمض عيونه وهو يتأوه , شهقت حمده و حطت يدها على جبينه تزحفه عشان تشوف وجهه وهو تقول : ولد , تعورت , صار لك شي ..
فتح عيونه وابتسم لها , ضربته على كتفه وهي تقول : قوم , قوم يعللللللللك العافية قوم ..
قام عن سريرها اللي يحب ينسدح عليه بعد كل فرض وقال بضحكه : جده هذي عاشر مرة أسويها فيك وكللللل مرة تصدقين ..
زفرت وقالت : من خوفي عليك , لكن إن شااااء الله يجي اليوم اللي تتزوج فيه وأفتك منك وتخلي لعبك الزايد لحرمتك ..
حط يده موضع قلبه وقال : آآآآآآآمين ..
ضحكت نورة اللي توها داخله في اللحظة اللي لف فيها على جدته وهو يشلم على راس جدته اللي تدفه وهي تقول : خلااااااص ياللصقة , خلاااااص , إطلع من غرفتي لا أشوفك , يلا إطلع ..
رفع حواجبه وقال : أفاااااااااااااا يا أم عبد الكريم تطردين حبيبك ولد بنتك الغاليه ..
قالت بعصبية : وأطرد عشرة زيك , قوم عني حشرتني وجبت لي الصداع ..
مثل إنه يبلع حاجة وقال بابتسامة : كل شي حلو منك يا جميل ..
قالت نورة : روح صحي أخواتك عشان يصلون العشاء والتراويح وفك جدتك من لصقتك شويه تراك رفعت لها الضغط ..
قام وهمس ببراءة وهو يمسك يد جدته : أنا رفعت لك الضغط يا شيخة الحريم ..
ضحكت حمده وهشته بيدها عشان يروح عنها , ابتسم وتحرك عشان يصحي أخواته ..
************************
الرياض :
فيلا عبد الكريم :
زفرت وهي تشوفها متنصبة قدام التفزيون تتابع المسلسل الرمضاني , قالت بغيض : انتي ما تتوبين , من أذن المغرب و انتي طاش ما طاش واللي بعده وتقلبين في القنوات , مسلسل على الإم بي سي و مسبقات في القناة الفلانية , حرام عليك اللي تسوينه ترانا في شهر فضييييييييييييل , الصحابة كانوا يتركون قراءة كتب العلم عشان يتفرعون للقرآن وانتي قاعدة على الخرابيط و ..
سدت أذانيها وقالت : كلها موسيقى , رخيييييييييييي الصوت ..
زفرت سلافة وصكت التلفزيون وقالت : أتفرج في غرفتي أحسن ..
طالعت فيها سحر بصدمة وقالت باستنكار : كلامي ما حرك فيك شعره , أقولك البنت ماتت وهي تتمكيج لفرحها فجأة يعني ممكن يجيك ملك الموت وياخذ روحك وانتي قدام التلفزيون ..
ولمن انقفل باب غرفتها نزلت للمطبخ وهي تتمتم بغيض , جاها سامر وقبل ما يفتح فمه قالت بعصبية : عارفه جيعاااااااااااان , حفظنا الموال ..
وراحت للمطبخ وخطواتها تضرب الأرض بقوة , هز أكتافه وقال : جيبيه للمجلس أوكييييييييييييييي ..
جاوبه الصمت فعرف إنها أكيد مقهورة من شي , راح بسرعة للمجلس وفرك يدينه وهو يطالع في ماهر المبتسم عند الباب قبل ما يأشر له بإبهامينه إنه كل شي تمام , دخل ماهر للمحلس وقال : يا حيا الله صقرنا ..
ابتسم صقر وقال : الله يحيك , ترا هاتها من الآخر وقول اش عندك و لك ساعة تهلي فيني , مو من عادتك إنت والـ ...
طالع في سامر المبتسم وكمل : تيت اللي واقف ..
قال سامر بضحكه : تكفى لا تعلم طلابي هالإختصار الرهيب لكلمة teacher لأني بأروح فيها من كثر تقطيعهم لله هم حشاشاين درجة أولى ..
كان صقر يسأله عن المدرسة وهو يجاوب بأجوبه ركيكه من كثر ما عقله مشغول بدخلة سحر , قال صقر : ياخي منت معاي , جسمك هنا وعقلك في مكان ثاني , يعني لو ماهر قلت عند أريج , إنت عقلك عند مين ؟؟
خاف إنها تسمع صوته فتشرد , عشان كذا قال : والعقل ما يروح وينشغل إلا بحرمه , أنا أفكر في المنتدى وفي الحصص وفي حياتي وفي مستقبلي وفي اللي بأسويه بكره واللي بعده ..
ضحك ماهر وقال : هي قمت تحشش زي طلابك ..
لو كان سمع هالكلمة قبل شهر كان حطمته وجرحت قلبه حتى لو كانت من توأمه لكنه تغير وهو سعيد بهالتغير , لف عليه وقال من بين أسنانه : أخاف تسمع صوته النشاز وتشرد ..
أول ما سمع ماهر صوت خطواتها العالية وهي تسحب صندلها قال بسرعة : جات , جات , حط نفسك مشغول ..
استغرب صقر من حركته خاصة لمن ناوله سامر الجريدة وهو يقول : إقرأ هالخبر ..
مسك الجريده وطالع فيها بحيرة قبل ما يرفعها عنها لحظة دخول سحر وهي تقول بعصبية : تقولون بارد أذبحكم ووالله لو تموتون ما أحميه عشان المرة الجاية تتعلمون تجون في الوقت اللي تحددونه ..
وحطت الصينية وسطهم وهي تكمل بتريقة : سحر الساعة 10 والأكل محمى بنمووووووووووووت جوع , طالعوا الساعة كـ....
لمن رفعت راسها وهي تأشر على ساعتها انتبهت إنه أخوانها الإثنين صاروا أكثر , في ثوب ثالث في المكان , لفت بكل قوتها على الثوب الثالث وجات عينها في عينه وهو يطالع فيها بصدمة والجريدة في يده , عرفها من دخلت بسبب طولها ~ الله يخس عدوكم يالشياطين , كان قلتكم على الأقل ~ , ~ يامااااااااااااااااااااااااامااااااااااااااا , رجااااااااااااااااااااال , ياويلي منهم ~ فزت من مكانها وهي مستغربة إنهم ماغطوها ولا وقفوها ولا .... , مسكها ماهر وهو يقول : وين رايحة ؟؟ ماعليك هذا خالك العتيد صقور ..
التفتت برعب له وطالعت فيه بعيون متسعة ~ هذا صقــــــــر !!!!!! ~ فتح صقر فمه بالقوة وقال : هلا سحر , اش أخبارك ؟؟
ثواني وماشاف إلا غبارها , فرطوا الإثنين ضحك وقال ماهر : شفت سرعتها ..
قال سامر : وقسما بالله غلبت على النعامة اللي مع الذيب ..
مسك صقر الجريدة ونط عليهم و ضربهم بها بكل قوته , ضربة لسامر وضربه لسامر وهو يقول : يالمتخلفين , طيب أعطوني خبر , نبهوني , نبهوا الضعيفة , انقطع خلفها من الفجعة ..
وصلتهم حمحمه عند الباب التفتوا وانصدموا لمن شافوا سحر واقفه تطالع فيهم ببرود , تقدمت منهم وشالت الصينية وقالت : موتوا جوع عشان تعرفون إنتم تتعاملون مع مين ..
وقبل ما تتحرك خارجه قالت : وصح ..
رمتهم بنظرات جليدية وهي تقول : بلا بزرنه استحوا على وجيهكم طاقين الـ 27 وهذي تصرفاتكم ..
وخرجت , لحظة صمت سادت المكان وصقر ساد ركبته على بطن ماهر وماسك سامر من ياقة ثوبه , طالع فيهم وهمس : يمه تخوف ..
انفجروا بالضحك وماهر يقول : لسه ماشفت شي منها , تمشيك على الصراط المستقيم ..
قال سامر بحب عميق وهي طالع للباب اللي خرجت منه وهي رافعة خشمها بكبرياء كإنها تأكد لهم إنه حركتهم ماهزت شي فيها : بس حنونه , عصبية , قيادية , حنونه ..
ولمن انتبه للصمت طالع وراه وقال بتساؤل : خير , اش فيكم تطالعون فيني كذا ؟.
قال صقر بهدوء : عيدها عيدها , تكفى عيدها ..
وقال ماهر بشكل حالم : بس حنونه , عصبية , ... إيش الوصف الثاني ..
قال صقر وهو مقطب حواجبه بقوة ويقبض يده : قيادية ..
: آآآآآه صح قيادية ..
ورجع يقلده وهو يقول : بس حنونه , عصبية قيادية , حنونه ..
قال الكلمة الأخيرة بتأكيد وهو يطالع في صقر بشموخ , صفق له صقر بحماس وهو يحني راسه شاكر له قبل ما يرفعه وهو يقول بعصبية وهو يأشر بيده : أموت وأعرف من أي معجم جاب هالمصطلح الغريب أدفع نصصصصصصصصصصص عمري إذا مو كله وأعرف من ..
قام سامر وضربه على راسه وهو يقاطعه بعصبية : ما عندكم سالفة , أروح أرتاح شويه وأطقطق في المنتدى وبعدها أحضر دروسي أصرف لي من القعده معاكم ..
وخرج وهو يسمع ضحكهم وراه , وتوجه للمطبخ اللي أكيد سحر موجوده فيه ..
سحر اللي انصدمت بالموقف وكرهت في لحظة أخوانها اللي سووا فيها هذا المقلب لكنها لمن تمالكت نفسها خارج المجلس وحست بالرهبة اللي كانت تفكر فيها كل ليلة وكيف حيكون شعورها لمن تقابله و خوفها من هاللقاء تزول شكرتهم بداخلها , أخيرا حتنام براحة بعد ليالي طوال من التفكير , سبحان الله , توقعت إنها حتموت خجل ومستحييييييييييل تدخل عليه لو بعد سنين لكن شي دفعها إنها تدخل مرة ثانية لهم , يمكن عشان توريهم قوتها وإنها ماتهزها الريح , ضحكت على نفسها وعلى حركتها خاصة لمن تذكرت عيونهم الستة وهي تراقبها بصدمة وذهول ..
ابتسم سامر لمن شافها تضحك وقال : بس خرعتي خالك ..
لفت عليه وانفرطت بالضحك وهي تقول : خليه عشان يعرف من بدايتها من هي سحر ..
ضحك من ضحكها وقال : يلا واحد واتخلصتي منه بقي البقية ..
قالت بحرج : الأربعاء الجاي بأروح أفطر عند عمتي نجلاء وهناك بأقابل ماجد زوج وفاء وعيالها ..
ابتسم وقال وهو يضرب كتفها بطريقة خشنة : قدها وقدود ..
مسكت كتفها ومالت وهي تقول : عورتنييييييييييييييييييي ..
حك شعره وهو يقول : طيب انت أحيانا تحسسيني إنك واحد من الشباب عشان كذا ..
فرصعت عيونها وقالت بعصبية : اش قصددددددددددك ؟؟
قال بتوتر : قصدت إنك قوية و ...
لمن شافها تشمر عن أكمامها قال بهدوء وهو يأشر لراسه : مع السلامة ..
وخرج من المطبخ , كانت عارفه إنه جاي يتطمن عليها , تعرف يشيل همها كثير ..
******************************
....................... يتبع ..
قالت للعنود وهي تفك غطاها وتناوله لها : خذي ما يجوز النقاب أثناء الطواف وقت العمرة ..
تناولت منها العنود الغطى وهي تقول : لكن فوقه غطى ..
قالت أزهار : حتى ولو , وكمان ما تجوز القفازات ..
وسحبتها منها وكملت : حطيها في شنطتك لا خلصتي البسيها ..
شكرتها العنود وراحت لجاسم اللي لوح لأزهار مودع وهو قابض على يد العنود , جلست بحسرة , كله من دكتورتها , منعتها من العمرة بسبب حملها , جلست في مكانها وسط قسم النساء وقرأت القرآن عشان تبغى تختمه اليوم كأول ختمة ..
زفرت لمن تذكرت ختم القرآن وفتحت شنطتها وخرجت من جيب محفظتها ورقتين مطبقة بعناية ..
أول ما شافت خطها دمعت عيونها وهي تترحم عليها , كانت الورقة كلها أسهم وأرقام وحسابات هذا كله لأنها نوت تختم القرآن ثلاث مرات زي أزهار هالسنة , كانت متحمسة جدا وهي تقولها إنها تقدر تختمه ثلاث مرات , لكن أزهار أصرت عليها إنها تختمه مرتين عشان تدبره خاصة وهي بتكون أول مرة تختم فيها القرآن مرتين وهي اللي في حياتها كلها ما ختمته مرة , شافتها كاتبة (( جزئين في اليوم = 40 صفحة قسمة 5 فروض يعنــــــي 8 صفحات بعد كل فرض )) ..
ابتسمت لمن تذكرت شهقتها وهي تقول بصدمة : ثمانية صفحاااااااااااااااات مو أربعة بعد كل فرض أحسن عشان أختمه مره ..
وتراجعت بسرعة وهي تقول : اش عندي ثمانية يعني ثمانية ..
غمضت عيونها ومسحت دموعها وهي تهمس بوجع : ليش أصريتي تاخذيني يا بندري ليه ؟؟ والله كنت حاسه إنه عندك كلام كثير تبغين تقولينه لكن .... الحمد لله , صار اللي صار وما كان في وقت تقولين لي ..
شالت ورقة الحسابات المشخمطة والمرسمة عليها رسومات تدل على طفولية صاحبتها وطالعت في الورقة الثانية المعنونة بـالبسملة ولقب (( صغيرتي الحالمه .... بندوري ))
استغربت لمن لقيتها في شنطة البندري وهم راجعين من المشغل للمستشفى , هالورقة هي رسالة أزهار للبندري بعد ما استعادت ذاكرتها ..
(( بسم الله الرحمن الرحيم
صغيرتي الحالمة ............ بندوري
أعلم أني كنت ضيفة ثقيلة عليك ..
أعلم أنني احتللت جزءا من حياتك ليس لي الحق فيه ..
ولكن هذا قضاء ربنا ..
صغيرتي لكم أحبك ..
رغم كل ما فيك أحبك ..
رغم كلماتك الباردة , نظراتك المستهزئة ورغم صدودك أحبك ..
أتعلمين لماذا ؟؟
لأنني رغم قسوتك السابقة معي كنت أرى جانبا خفيا منك ..
أراك تقفين بعيدا عنا , ترمقيننا وأنت ترغبين بمشاركتنا ولكنك تتراجعين ..
وحقيقة لا أعلم حتى الآن سبب ابتعادك عنا ..
سأشتاقك صغيرتي ..
سأشتاق الأيام الأخيرة التي بدأت فيها التقرب مني ومحاولة التعرف علي ..
سأشتاقك ولكني لن أكون بعيدة ..
لاتظني لوهلة أن بعدي عن المنزل الذي أعتبره منزلي حتى الآن يعني ابتعادي عنك أو عن العائلة ..
ولا تحاولي التقليل من شأن نفسك لأن أكرمنا عند الله أتقانا يا بندور ..
لا تقولي فات الأوان فأبواب التوبة لن تغلق حتى الممات ..
لا تدعيني أتألم لأنك عدت لأمور سابقة بعد رحيلي ..
لست أنا الرقيب عليك , الله هو الرقيب ..
كوني أنقى , كوني أصفى , خالطي أخواتك واشكي لهم بعض همومك ..
لا تبتعدي عنهم لتلجئي لغريب لا تهمه مصلحتك ..
وحتى ألقاك ......................................... كوني بخير ..
أحبـــــــــــــك يا صغيرتي ))
قلبت الورقة وشافت الكتابات المسطرة بقلم أزرق وبخط منمق صغير عشان تكفي الورقة ..
(( لم أكن أعلم يوما أن غرق سفينة سيخرجني من لجة الظلام التي كنت أتخبط فيها ..
كرهتك منذ أول مرة عرفت فيها أنك ستحلين ضيفة ثقيلة علينا وفوق هذا يجيب علينا أن نداريك , نحبك ونعاملك كأخت لنا ..
عنود مغامرة لذا عاشت الحدث بسرعة واندمجت فيه ..
هنوف مسالمة (( معاكم معاكم )) لذا تقبلت الوضع ..
لكن أنا .... المنحطة السافلة الـ ##### على قول عبد الرزاق لم أستطع لأنك كنت تمثلين كل يوم أمامي الجانب المعاكس لي ..
كنت أراك مدعية البراءة والصلاح التي حضرت بعينين غريبتين لتسرق بيتي ومكانتي وفوق هذا ........... لتشعرني بحقارتي ...
لم أكن أصلي يا أزهار ....... والله منذ بلغت لم أركع ركعة لله , لم أصم , لم أتصدق ..
وكنت أراك تصلين قبل فراغ المسجد من الصلاة أو بعده بعدة دقائق ..
متلهفة غير متثاقلة ..
وكنت حينها أكرهك أكثر فأكثر ..
رفضت الخروج من أجل عباءة وصممت على رأيك وخرجت بالعباءة التي تريدين ..
كرهتك أكثر ......... أنت نقيضي بلا منازع ..
وأصوات أخرى كانت تزيدني كرها لك , شخص ما خبيث مثلي وكره طهرك ..
لم أصلي إلا بعد أن وقعت علي وأمسكتني بجرمي ..
ياااااااااااه يا أزهاري العطرة لكم أنا شاكرة لك أن أخرجتني من غفلتي ..
ولكن عندما بدأت أصلي , تفاجأت بعدها بحملي و بإسلابي ..
علمت حينها أن الله يخبرني أني سأعاقب على جرمي وأنه لن يغفر لي ..
لاتخافي هذا مارددته حينها قبل أن أراك أمامي كما وعدتني ..
قلت أنك ستكونين بجواري وفعلت ..
أزهار أنا سعيدة الآن ..
البندري التي تلقت رسالتك ليست هي نفسها من تكتب هذه الكلمات ..
البندري الآن تصلي وتبكي رجاء لغفران ..
البندري الآن تبتسم وتبر والديها لتكسب نفسها بعض الحسنات ..
البندري الآن ليست حزينة كئيبة لأنها فوضت أمرها كله لله ..
سأتزوج منه رغم كرهي له وسأعيش معه رغما عن أنفي ..
سأعيش بوجع ولكن بقلب راض أني لن آخذ من الدنيا إلا ما قسمه الله ..
البندري الآن تقول لك شكرا و كتب الله لك أجر ما صنعته معي ..
و ................................. أحبك زهرتي , تمنيت قولها كثيرا من قبل ..
وأحب لقبي الذي أطلقته علي ...... صغيرتك ......... البندري ))
ضمت أزهار الورقة وهي تصيح كإنها تقرؤها لأول مرة وهي قرأتها من قبل مئات المرات وهمست : خلاص يا بندري ارتاحي , ماعشتي معاه , ربي رحمك وأخذك منه , والله رحمك منه ...
وتذكرت جاسم وهو يبكي عندها بحرقة بعد ما سافر عبد الرحمن في نفس الليلة لأمريكا بلا أدنى اهتمام بعزا عروسته اللي مافكر حتى يدخل عليها ويشوفها قبل ما تتكفن , كان يبكي بكاء مقهور وهو يدعي عليه من قلبه ,أكثر ماكان قاهره إنه كان مصر إن البندري تاخذه , صاحت وصاحت وصاحت لدرجة جاتها وحده من الحريم تسألها عن الموضوع وتصبرها وهي مهي عارفه شي , تمنت أزهار من أعماق قلبها لو تعرف السبب اللي خلى البندري تصر إنها تروح معاها ومحد يرافقهم ~ في شي , والله في شي كانت بتقوله , شي غريب , بس كيييييييييييف أعرفه ~ ...
****************************
في الرياض :
في شقة نجلاء :
غمضت عيونها ومسحت دموعها الغزيرة و رفعت يدها القابضة على السكين ..
: هذا كله من البصل ..
فتحت عين وحده وهي تمسح بقفا يدها عينها الثانية وهي تقول : قلتلك يا مجرمة ما أحب تقطيع البصل ما سمعتي , عيوني حساسة و ...
طنشتها وسام اللي راحت وفتحت الثلاجة وخرجت منها صحن جلي أحمر , جلست على طرف الطاولة بعد ما سحبت ملعقة من المجلى وبدأت تاكل بتلذذ , قالت هيام وهي تكمل تقطيع البصل : لازم نجيب شغاله و ..
قاطعتها وسام بحزم : شغالة لمين , انتي وماما ماعندكم شغل , فاضين طول النهار وكمان كبار يعني ما بتجرون وتخربون المكان وتحوسونه , نجيبها عشان كم لبس وكم صحن , أصلا كل وحده فينا قايمه بشغلها , هو الطبخ بس اللي نتناوب عليه والأهم من هذا كله نجيبها بفلوس مين , عندك 5000 التقديم , يلا هاتيها ..
سكتت هيام ولفت بوزها بدلع , قالت وسام بهدوء : كلها كم يوم وتجي الإجازة وأروح معاك السوق عشان نقضي للعيد و أتفضى لدلعك هيومه ..
لفت عليها هيام وقالت بفرح : والله , من تأجزين تتفضين لكلللللللللل اللي أبغاه ..
هزت راسها بإيوه وهي تقول : قولي إن شاء الله ..
رجعت تقطع البصل بحماس , كانت عارفه إنها طفشانه ومحبوسة بين أربع جدارن مالها إلا التلفون , من بعد ما تخرجت من الثانوي جلست في البيت يعني لها فوق الخمس سنين وهي في البيت ..
طالعت في الدفتر اللي شايلته معاها , كانت كاتبة معلومات عن طالبة تصرفاتها غريبة مريبة , لازم تناقش معلماتها وتسألهم عنها وبعدين تطلب رأي المديرة , كانت تعععععشق وظيفتها كمشرفة اجتماعية , ولطالما سألها الكثير ليش اختارت هذه الوظيفة بالذات لكنها تلتزم الصمت , صمت مؤلم يذكرها بمشرفتها أيام المتوسط , اليوم اللي استجمعت فيه كل شجاعة طفلة الـ12 عام اللي بداخلها عشان تشكي همها للمشرفة اللي توسمت على وجهها الخير وأملت إنها تلقى صدر حاني يشاركها همها ومصيبتها اللي سكتت عنها في صغرها طويلا تبخر لمن قابلتها المرشدة الطلابية بفتور , ولأنها تلعثمت وقالت عدة كلمات غير مترابطة طردتها وهي تتهمها إنها جات عشان تتهرب من حصصها في ذات اللحظة اللي استقبلت فيها طالبة بارعة الجمال من الصف الثالث بابتسامة ملتوية ودخلتها قبل ما تصك الباب ..... بالمفتاح ..
ضحكت على قدرها اللي يسوقها دوما لأكثر الناس انحطاطا لكنها اتخذته معول تشق به طريقها , أقسمت بالله على نفسها إنها تصير مشرفة حقيقة تستمع للأصوات الملجمة بصدر رحب , أقسمت إنها ما تخلي عمها و المشرفة اللي أخرستها بتصرفها إلى أن بلغت الـ 33 من عمرها يقفون في طريقها أو يثنونها عن اللي عزمته , وهاهي الآن بعون الله مشرفة والكل يشهد لها إنها مخلصة حد الجنون في عملها ..
شبه لمسة على كتفها خرجتها من ذكرياتها وهي تشهق وتفز من مكانها , لفت على هيام وصرخت بعصبية : قلتلك لا تلمسيني كذا ..
قالت هيام باستغراب : حطيت يدي على كتفك , اش صار ؟؟ هو كمان من الممنوعات زي ظهرك ..
تمالك أعصابها ورجعت نبضات قلبها اللي تخافقت بجنون لوضعها الطبيعي وهي تقول بهدوء : تعرفيني ما أحب أحد يلمسني وأنا مسرحة ..
ضحكت وقالت ببراءة : لمن أصحيك من النوم تقومين وانتي تشهقين , لمن تخرجين من الحمام وتلقيني قدامك تشهقين , لمن ألمس ظهرك تشهقين , لمن أقرب منك وانتي سرحانه تشهقين , أمووووووووووووت وأعرف متى أقدر أمسكك بدون ماتشهقين ..
ضحكت وسام وقالت : لمن تحج البقرة على قرونها ..
دخلت نجلاء وحطت يدها ظهر وسام وهي تقول : صليتوا الـ ..
تصلب ظهر وسام اللي بعدت بسرعة وهي تقوسه للأمام وهي تقول بقشعريرة : ياناااااااااااس اش فيكم علي اليوم ؟؟ إنتم مستقصديني ولا إيييييييييييييييييه ....
ضحكوا على طباعها اللي يشوفونها غريبة وبادلتهم هي ابتسامة لطيفة ...
أكمل البااااقي بكرررررة