الفصل الاول
دموع
يوم شتوى قارص البرودة وضباب كثيف غلف هواء الاسكندرية لم يمنع تلك الاسرة الصغيرة من قضاء عطلة الاسبوع باحدى حدائق الاطفال التى تتوسط الطريق السريع وتفصل بين اتجاهيه المختلفين
فافترشت سيدة بيضاء البشرة تبدو باواخر العشرينات من عمرها جلستها على العشب الاخضر ترقب ابنتها الصغيرة هزيلة الجسد ذات الملامح الطفولية البريئة والشعر الكستنائى الطويل الذى يطير ورائها وهى تجرى ضاحكة هربا من اباها المبتسم الذى استطاع ان يمسك بها ويرفعها عاليا ويدور بها فى دوائر واسعة جعلتها تقهقه وتصرخ بضحك:
-توقف يا ابى توقف.
توقف حسن وانزلها ارضا وهو يشاور بيديه قائلا:
-هل ترغبين يا غادة ان ابتاع لكى غزل البنات من ذلك الرجل .
برقت عينا غادة الخضراوان وهى تبتسم بتلذذ:
-نعم يا ابى .. بالتأكيد ارغب فى غزل البنات.. اننى احب مذاقه كثيرا.
ابتسم الاب وهو يحمل غادة بين يديه ليجلسها على العشب بجوار والدتها وهو يقول:
-حسنا اجلسى هنا ريثما اذهب لاحضاره يا حبيبتى.
صفقت غادة بيديها فى جذل وهى تقول بصوتها الطفولى :
-اسرع يا ابى اسرع.
لوح الاب لها وهو يسير بخطوات سريعة عابرا الطريق الذى يفصل بين الحديقة وبائع غزل البنات الذى اعطاه غزل بنات وردية كبيرة خطفت ابصار غادة فقامت مسرعة نحو اباها الذى اتسعت عيناه فى ذعر وهو يلمح تلك المقطورة القادمة من بعيد فاسرع نحو ابنته وهو يصرخ:
-ابتعدى يا غادة ابتعدى.. منال الحقى بغادة ..ابتعدى يا غادة
هبت منال مسرعة الا انها لم تلحق بغادة التى كانت تعبر الطريق فاندفع حسن نحوها وحملها وقذف بها الى يدى منال التى تلقفتها ووقعت بها ارضا ورفعت عينيها بسرعة لترى زوجها حسن وقد اطاحت به المقطورة امتارا بعيدة الى الامام وتناثرت دماؤه على الطريق فصرخت صرخة ملتهبة جرحت عنقها من شدتها بينما صاحت غادة فى ذعر من وسط دموعها:
-ابى ابى ابى ابىىىىىىىىىىى